اتصلت بمحل الورد ، وأعطتهم وصفاً لعنوان البيت . بانتظار وصول الهدية ، أخذت تستعرض في ذهنها من قد يكون المرسل . اليوم الخميس ، لا تتذكر مناسبة توافق هذا التاريخ . رجحت أن تكون إحدى صديقاتها .. في الكلية أو المستشفى ، أو ربما أحدٌ من عائلتها ، مهتم بها ، وهي لا تعلم .. أو قد يكون شخصاً قدر موقفها ، في موضوع عورات المرضى النائمين . وصل مندوب الفصول الأربعة ، واستلمت الباقة . كانت جميلة جداً ، فتلهفت لمعرفة المرسل . التقطت البطاقة المرفقة ، التي كانت كبيرة ، خلاف البطاقات ، التي ترفق عادة مع باقات الورود .. وشرعت تقرأ :
" سيدتي الجميلة ، أنت لا تعرفينني ، ولستِ بحاجة لأن تعرفينني . جئتُ مرّة .. قبل عام إلى الطوارئ ، ومعي طفلتي المريضة ، وهي في حال يرثى لها ، من المرض وعدم النظافة . كان اهتمامك بها ، ورعايتك لها ، ولمستك الحانية ، ومتابعتك لحالتها ، شيء لا يفعله .. إلا إنسان يمارس فعله عن إيمان . ثم كان خطابك المطَمْئِن ، اللطيف ، المؤدب لنا .. الــــذي غمرنا بشعور من الأمان والسكينة .
أعتقد أن وجود مثلك ، ليس في هذه الأماكن فقط ، بل في حياة الناس ، ضرورة كونية ، لكي لا يختل ميزان القيم ، وليكون للحياة معنى .. كذلك .
لقد سألت عنك وقتها ، وأُخْبِرتُ باسمك ، وعلمت أنك طبيبة تحت التدريب ، ولم تتخرجي . بقيت أسأل عن موعد تخرجك ، فعلمت أنه يوم السبت ، فأردت أن تكون لي مشاركة بالفرحة ، بإنجاز إنسان رائع خَـلاّق مثلك .
حين أردت أن أشاركك فرحتك ، فكرت بروحك الجميلة ، التي لا يهمها ما يلمع وما يبرق . أعلم أنه يستهويك ما يستهوي النساء ، لكن قيمتك لدي .. لا أستطيع أن أصل إليها . ليس لأن حالتي المادية لا تسمح ، بل لأني أؤمن .. وأحلف بالله العظيم ، أنك أسمى من جواهر الأرض كلها .
أؤمن بأن إنساناً ، بمثل أدبك ، وأخلاقك ، وجمال روحك .. لابد أن يكون هو نفسه مصدراً للجمال ، ومُستَقْبِلاً للجمال . أؤمن أيضاً ، أن الورد ، من حيث هو ، تعبير عن قيمة جمالية سامية ، ورمز لأسمى معاني التواصل الإنساني .. يمثل مشتركاً ثقافياً إنسانياً . أما أعلى درجات إيماني ، فهي أن كينونتك ، أصدق معنى للحضور الإنساني ، وحضورك الفاعل في حياتنا .. أبهى صورة للجمال ، لذلك أهديتك ورداً ..
ســـــــــــــــــلامي ، ومودتـــــــــــــي .. ودعــــــــــــــــــــــائي " .
محمد ..
كانت الدموع تترقرق من عينيها ، وهي توالي قراءة البطاقة .. تنتقل من كلمة لأخرى ، لتعود لقراءة الجملة مرّة ثانية . لا تدري .. هل تفرح للورد ، أو للّغة العذبة السامقة ، أم للّفتة الجميلة .. بالاحتفاء بتخرجها ، من إنسان غريب . هي نفسها ، رغم أهمية المناسبة لها ، لم يرتقِ اهتمامها بها ، إلى هذا المستوى . لا تدري هل هو بسبب خيبات القلب ، أو لأن الحدث ، بعد سنوات الدراسة الطويلة ، صار تحصِيلُ حَاصِل . في الأشهر الأخيرة ، صارت تمر بحالات هبوط نفسي ، تحس بها.. تؤزّمها ، وتغمسها في مستنقع يأس ، ثم تهوي بروحها إلى أعماق . لولا زحمة العمل ، التي أصبحت تتعمد أن تغرق نفسها في بحرها .. لتهرب من واقعها ، لاختنقت في جُبِّ أزمتها .
تتأمل الورد وتتلمسه ، ثم تعـــــــود تقرأ البطاقة . أحست بـروحها تصعد . تغادر رويداً .. رويداً ، حضيض بؤس ، هوت في أعماقه ، وحين وصلت إلى الكلمة الأخيرة ، شعرت كأنها على رأس قمة .. حولها فضاء مفتوح .. ومدى لا نهائي . تنـــهدت بعــــمق : " كم هو مبهج ، وباعث على الأمل ، أن تمتد لك يد غريبة .. لم تنتظرها ، لتنتشلك من قاع ، لم يدرك من حولك ، كم صار لك ، تتردّ!ى في قراره " .
يتوغل الألم في داخـــلنا بقسوة ، حين يَنْفُضْ الذين نحبهم أيديهم منّا ، وينفَضّون عنا .. يتركوننا ، نغوص في لجة أحزاننا . نواجه عناءنا ، بقلوب أفرغها الفقد ، من أي رجاء .. ونزعت منها ، رياح الوحدة والوحشة .. كل الأشرعة .
عابرون كثيرون في حياتنا .. بذات الجمال ، والثراء الروحي ، ويملكون فيضاً من المشاعر والأحــــاسيس ، لا ندرجهم ضمن ( قائمتنا ) المهمة .. لأننا وضعنا لها معايير ، لا علاقة لها بالقيم الخَلاّقة للفرد .. من حيث هو إنسان ، يمكن أن يضيف لحياتنا الحقيقية شيئاً . كم من مثل صاحب الرسالة ، افتقدوا فقط .. آلية التواصل معنا ، ليسكبوا مثل هذا الفيض في أرواحنا . لم يكن .. لأنهم يحتاجــــون أن ( نحــسن ) إليهم ، لنستحثهم على فعل ذلك ، فتنثال مشاعرهم نحونا . بل لأننا .. خلقنا ( حدوداً ) ، تحدد جغرافيتنا ، ووضعنا نقطة عبور واحدة .. نحونا ، لأفراد منتخبين ، وفق معايير ، لا علاقة لها بما تحتاجه أرواحنا ، ويحتاجه الإنسان فينا . نخسر كثيراً ، مشاعر دفاقة بهذا الحجم .. نحتاجها ، من أناس بسطاء . لأن فرصتهم لكي يبــوحوا بها ، لا تَتَأتّى إلا مرّة واحدة .. لحظة نشرع أبواب قلوبنا لهم .إن لم نفعل ذلـــــك في ساعة ( صفر ) ، يفرضها قدر لقائنا بهم ، على ناصية لحظة من زمن حياتنا .. فلن يحــــدث ذلك مطلقاً . سيبتلعهم إيقاع الحياة ، الذي يسرق أعـمارهم ، في ساعات لهــاث خلف لقمة عيش .. فـــلا يعودوا ، وتخوننا معاييرنا ، التي لم تمنحهم الفرصة .. فتقصيهم ونخسر .
وضعت الورد في مستطيل زجاجي ملأته بالماء ، بعد أن استلّت منه وردة جوري ، وضعتها على وسادتها . ألصقت البطاقة بطريقة أنيقة ، في الزاوية العليا اليسرى لمرآة منضدة الزينة . في هذه الأثناء قرع باب غرفتها .. كان صوت أمها تستأذن . أسرعت وفتحت الباب ، وبهجة طافحة على وجهها .. بادرتها والدتها :
- منوّره .. أكيد هناك أخبار سارة . لم أرك من أمس يا عيوّ ... يا عائشة ، اشتقت لك ..!
انتبهت أنها كانت ستناديها يا عيوش ، وهو الاسم الذي كانت تدللها به ، منذ كانت صغيرة .. وإلى وقت قريب . قالت مُداعبة :
- لأنك لم تعودي تدلليني ..! حتى عيوش صرت تستكثرينه علي .
- لا والله .. لكـــــني أحس إنك صرت كبيرة ، وقلت يمكن أن يحرجك تصغيري لك .. خاصة وأنه بقي يومين وتصيرين دكتورة ..
قالتها وهي تبتسم . ضمتها عائشة وهي تقول :
- ما فيه أحلى من عيوش على لسانك .
انتبهت لإناء الورد ، ولوردة الجوري على وسادتها فقالت :
- عندك هدية ثمينة من النوع الذي تحبينه ، خسارة .. فيه أحد سبقني في تكريمك ..!
لم تعلق .. لكن والدتها لاحظت البطاقة الملصقة بعناية على المرآة ، فاقتربت وقرأت مقتطفات منها .. وتوقفت عند التوقيع ، الذي لم يعطها أي دلالة على صاحبه . التفتت إليها ، وفي عينيها علامة استفهام . ابتسمت عائشة ، وعرفت ما يدور في خلدها .. فقالت :
- هذه شهادة تخرجي الأولى ، وقعها ( إنسان ) لا أعرفه .. لكنه منحني وثيقة عبور ، لأكتشف كينونتي ، وقيمتي الحقيقية .. وأهداني ورداً . الجامعة .. يا أمي ستقدم لي يوم السبت ، وثيقة تخرجي الرسمية ، بوصفي طبيبة مجازة ، وستمنحني ورقة ، تسميها مرتبة شرف ، سأضيفهما لمجموعة الأوراق التي كدستها في خزانتي . هذا هو الفرق يا أمي .
ابتسمت ابتسامة خفيفة ، وهزت رأسها ، ثم ثَبّتت نظراتها على وردة الجوري ، الملقاة على الوسادة البيضاء ، المطعمة بتشجيرات صغيرة من الأحمر والأخضر .. تحاول أن تبحث عن علاقة ما ، بين مكانها على الوسادة ، وبين البطاقة المعلقة على المرآة بأناقة . علقت عائشة :
- آه .. وردة الجوري ..! انتزعتها من الباقة ، ووضعتها على الوسادة . كنت أستعد للنوم ، وأردت أن أحلم أحلاماً وردية .. مزيج من البياض الذي ملأتني به الرسالة ، ولون الوردة .
- الله يجعل أحلامك كلها وردية يا عيوش . غداؤك جاهز .. سأضعه في الثلاجة ، وإذا قمت سخنيه .. يا عيوني .
خرجت وسحبت الباب خلفها بهدوء .. وفي الوقت الذي كان صوتها ، يتناهى إلى داخل الغرفة ، طالبة من إخوانها الصغار عدم إزعاجها ، لتخلد إلى النوم ، كانت عائشة تضع رأسها على الوسادة ، ووردة الجوري تتمدد أمام عينيها ، على طرف الوسادة البيضاء المشجرة ، مثل حورية بحر ، استلقت بضجر ، على شاطيء رملي أبيض، تناثرت فوقه الأصداف، وأعشاب البحر .. بانتظار ( فارس ) ، أخلف موعده .
يوم السبت كان استثنائياً لدى أم أحمد . ما أن خرجت عائشة في الصباح ، إلى المستشفى ، حتى حولت البيت إلى ورشة عمل . عند العودة من المدارس .. كل فرد من العائلة أوكلت إليه مهمة :
- ستعود عائشة اليوم مبكرة من المستشفى .. لتستعد للذهاب إلى حفل التخرج الليلة . كل شيء يجب أن يكون قد انتهى قبل رجوعها .
كانت قد وضعت برنامجاً لحفلة مصغرة .. بين المغرب والعشاء ، قبل أن تذهب إلى الحفل في الجامعة . تقتصر الحفلة على الدائرة القريبة من الأقارب ، الأعمام والعمات والأخوال والخالات .. وبناتهم الكبيرات . بعد ساعات من العمل ، تحول البيت إلى لوحة جميلة من الزخرفة والزينات . صُفّت الهدايا بطريقة بديعة في الصالة الرئيسة . في غرفة الطعام ، تم تنظيم المائدة بذوق فنان . تقتضي الخطة أن يتم استقبال عائشة ، حين عودتها من العمل عند باب البيت ، ثم يتم عصب عينيها ، واقتيادها إلى غرفتها ، حتى لا ترى أياً من مظاهر الاحتفال ، ولا تخرج إلا حين يصل الضيوف بعد صلاة المغرب .
سارت الاستعدادات وفق الخطة المرسومة . بهجة عائشة لا توصف ، حين خرجت من غرفتها . أدهشها مستوى التنظيم ، وجمال مظاهر الاحتفاء . الحفاوة البالغة من أقاربها الرجال ، ضخ فيها روحاً غير عادية . عبارة عمها ، الذي يكبر والدها .. حملتها إلى سماوات :
- عائشة .. دعوت الله ألاّ أموت ، حتى أشهد هذه المناسبة .
مفاجأتها بكلام عمّها جاءت بسبب الإشاعات التي رُوّجت ، أنه كان ممن سعوا لدفع أقاربها للضغط على والدها ، لمنعها من دخول كلية الطب . كان في خاطرها شيء عليه ، فأسعدها أن تسمع هذا الكلام منه .. خاصة وأنه اشتهر في الأسرة بورعه وتقواه . أخذت رأسه وقبلته بشدة ، وصارت تلثم يمينه وشماله ، وتقول :
- هذا الكلام .. أغلى وسام ..
شكرت الجميع على حضورهم ودعمهم .. ثم قالت :
- ما كنت لأكـــــون شيئاً .. لولا هــــــذا الرجــــــــل .. إن كــانت عــــــــائشة أصبحت ( شيئاً ) .. فهو من جعلها كذلك ، وحال دون أن تكون رقماً ، ضمن ألاف الإناث .
ثم أشارت إلى والدها ، الذي امتلأت عيناه بالدموع .
كانت على وشك أن تنصرف إلى والدتها والمدعوات في الداخل .. حين تذكرت وصية والدتها لها ، بأن تشكر أعمامها وأخوالها على هداياهم .. فاستدركت :
- حضوركم أهلي .. واحتفاؤكم بتخرج ابنتكم أعظم هدية ، وهداياكم القيّمة ، يعجز العرفان بالجميل .. مهما بلغ ، أن يَفِيكم حقكم ، بما تكــلفتم به .
حفل النساء كان مهرجاناً آخر من الحفاوة والفرح . احتفى بها الجميع ، وعبّروا عن فخرهم بها . روت لها البنات ، كيف كُنّ يتداولن أخبار تفوقها ، ومواقفها داخل الكلية ، بكثير من الاعتزاز .. بين زميلاتهن وصديقاتهن ، ويفتخرن بقرابتها لهن . هي بدورها عبّرت عن امتنانها وشكرها ، وكررت كثيراً ، شعورها العميق بالحب والعرفان للجميع ، وخصت والدتها بثناء خاص :
- لولا أمي ما كنت طبيبة .. والله لولاها ما كنت سأصبح طبيبة . ألمها هو الذي خلق الفكرة الأولى في عقلي ، وحبها ، ورعايتها ، وتشجيعها ، هو ما جعلني أصمد أمام طوفان الخذلان والتثبيط .
ذكرت كيف أنها في بعض الأحيان تأتي من الكلية تبكي ، من موقف مرّ بها ، أو ظلم وقع عليها .. فتأخذها في أحضانها ، حتى تسكن وتهدأ .
- من يملك حضناً يلوذ به ، وصدراً يسكن إليه ، ألا يستطيع أن يقاوم أعتى الأعاصير ..؟ بلى .. يقاوم والله .
يحمر وجه والدتها خجلاً ، وتتمتم : " عائشة تبالغ " . فتضمها إليها ، وتقول .. مؤكدة للحضور أثرها عليها :
- يا بعد عمر عيّوش أنتِ ، والله ثم والله ، ما أنسى نظرتها ، مع نافذة غرفتها ، إذا خرجت الصباح للكلية .. كأنما ترسل نظراتها معي ، تحفني وترعاني ، ولا وقفتها عند الباب ، إذا رجعت بعد العصر .. وابتسامتها تدعوني لأحضانها ، وهي تردد : " عقبال ما أفرح بك يا دكتورة " .
خالتها هَيَا ، أم عبد السلام الياسر ، ( شهاب الإسلام ) ، التي كانت حاضره .. عقبت على كلامها :
- تستاهلين يا عائشة . ما تلام الوالدة .. مثلك يرفع الرأس . عقبال ما نفرح بك الفرحة الكبيرة ..!
أدركت عائشة ، أنها بعبارتها الأخيرة ، كانت تلمح للزواج . انتفض قلبها ، مثل عصفور بللته غمامة . هل خالتها تريد أن توصل لها رسالة من شهاب الإسلام ؟ هل الشائعات التي تقول أنه لا يفكر فيها ، وأنه يبحث عن زوجة .. ليست صحيحة ، وأن خالتها أرادت بجملتها هذه ، أن تدحض هذه الشائعة ..؟ وجع الأيام السابقة ، أحست به ينسل من قلبها ، مثل شوكة تنزع من أخمص قدم . كمية هائلة من الهواء زفرتها .. فاتسع صدرها ، كأن ثقلاً أزيح عنه .. أو كأنها لم تتنفس منذ أيام .
تَعجْب من حالات القلب : كيف تغدو به وتروح ، كلمات ومواقف . كيف يتعلق بــ ( غائب ) ، يهيم النهار كـــله ساهياً .. لا يدري عنه ، وفي الليل يحضن وسادة .. ربما ، وينام ملء عينيه .. ساكناً ، لا يتحرك منه ، إلا بضع قطرات من ريقه ، تتهادى على وسادة من ريش . وهو .. القلب ، يضطرب داخل أضلاع ، تضيق وتحكم الحصار عليه .. مثل قضبان زنزانة ، ويضطرم مثل مرجل ، من شوق يشتعل في سويدائه .. لا يطفئه إلا ريق ، تراق قطراته عبثاً ، وضمّةٌ .. كان هو أولى بها من الوسادة ..!
أختها أروى ، التي استمعت لتعقيب خالتهما هيا .. هي الوحيدة ، التي التقطت المشاعر ، التي أورقـــــت في وجهها .. فانــــفرجت أساريره ، مثل ورد ناعس ، نبّهَه الربيع .. فأفاق وتفتح . أروى أختها وصديقتها الخــــاصة أيضاً . في لحظة صدق وألم ، حـدثتها بحقيقة شعورها ، تجاه شهاب الإسلام . لم تستطع أن تحتمل السر لوحدها ، وعجز قلبها ، الذي تهتك من الهم القلق ، أن يكون وحده وعاءً .. لوجع بهذا الحجم . أروى لا تتفق معها في شعورها .. وترى أنها متعلقة بوهم . قالت لها مرّة : " حب من طرف واحد " ، فمرضت بسبب ذلك لأيام . تحاشت بعدها أن تقول لها رأيها بصراحة .
أصرت أختها وقريباتها ، أن تلبس لحفل التخرج ، اللباس الذي اخترنه لها ، لهذه المناسبة . حين ترددت ، قالت خالتها نوره تشاكسها .. وهي عزيزة عليها ، أكثر من غيرها ، من بين خالاتها وعماتها :
- لا خيار لك .. إذا شئت أن نرافقك للحفل ، ونفرح معك .
- لكني سأبدو فيه وكأني عارضة أزياء ، ولست طبيبة .. ماركة مشهورة جداً وغالية ، وآخر موضة .
ابنة عمها جمانة ، وهي من صديقاتها المقربات .. أطلقت واحـــداً من تعليقاتها الساخرة :
- لا بأس يا عائشة .. هذه المرّة ، لا نريد أن نراك تبدين ، وكأنك تشي غيفارا ..
ضحكت .. وقالت :
- شفتوا يا بنات .. جمانة أرحم . فيه ناس في الكلية يسمونني " الملا عمر " ..!
ذهبت عائشة إلى حفل التخرج ، برفقة والدتها وأختها وقريباتها . كانت محل حفاوة الجميع . صفق الحضور طويلاً ، حين أعلن عن اسمها ضمن المكرّمات ، والحائزات على جوائز تقدير . والدتها التي كانت تصلها إشاعات ، أن ابنتها صاحبة مشاكل ، وعلى خلاف مع الجميع ، لم تجف دمعتها ، وهي ترى حجم الحفاوة الذي نالته . بين دقيقة وأخرى ، يأتي من يسلم على عائشة ، ويبارك لها ، ويغدق عليها عبارات الثناء . ترد هي بالشكر والامتنان ، ثم تشير إلى والدتها :
- هذه أمي .. الفضل لها ..
فتغرق الأم في بحر من الدموع .
كانا أسبوعا احتفال ، ازدحما بكل مظاهر الاحتفاء . حفلات عشاء ، وهدايا ، وباقات ورد .. وتبريكات . اتصالات هاتفية ، ورسائل جـــــوّال ، وفاكسات . وقت سمته : كرنفال حب . عادت بعد هذا ( الكرنفال ) لتغرق في دوامة العمل . اعتادت أن تضع هاتفها الجوّال على وضع الصامت ، حينما تدخل العيادة . حين توقفت عند صلاة الظهر عن استقبال المرضى ، نظــرت إلى الجوّال لترى ما قد يكون وصلها من رسائل ، أو فاتها من اتصالات . لاحظت أن هناك أكثر من 10 اتصالات فــــائتة . حين استعرضتها ، انتابها قلق . سبع من هذه الاتصالات جاءت من والدتها . بادرت بالاتصال ، وهي تـــظن أن أمراً سيئاً أصاب أهلها . دق جوّال أمها حتى انقطع الرنين .. فازداد قلقها . أعادت الاتصال ، فجاء صوت أمها عجلاً :
- هلا عيوّش .. أقلقتك يا عمري ..!
- سلامات يا أمي ، عسى ما شر ..؟
- أشغلتني أم نايف اللاوي ، من صباح رب العالمين وهي تتصل . تقول إن زوجة ولدها في المستشفى تنتظر الولادة .. تواجه مشكلة في تنويمها ، وزوجها مُصِّر على أن تُوَلّدها دكتورة ، واتصلت بي ، تبغى فزعتك ..!
- فهد اللاوي ..! ما تذكرين يا أمي أعمال فهد اللاوي ..؟ أنا مجروحة منه .. والله ..
- خليك أكبر منه يا عائشة ، ولو من أجل أمّه ..!
فهد اللاوي شخص سليط ، وهو أحد أقرباء عائشة من جهة والدتها . يتبنى موقفاً متشنجاً ونشازاً ، ضد دراسة الفتيات في كلية الطب ، من منظور التعصب القبلي . دراسة المرأة للطب وممارسته ، من الأمور ( الوضيعة ) ، التي لا تليق بامرأة تنتسب لأسرة تحترم نفسها .. كما يقول . لم يتورع في كل مناسبة ، عن الغمز واللمز بطالبات الطب ، ونال عائشة منه الشيء الكثير . كان يسميها ( المسترجلة ) ، ويقول عنها : " من سيـــــتزوج بنتاً ، تقضي من الوقت ، تخالط الرجال ، أكثر من الذي تقضيه في بيتها " .
بيّتتْ عائشة في نفسها أمراً . اتصلت بإحدى زميلاتها ، طبيبة نساء وولادة ، وشرحت لها موقف الرجل ، ورجتها أن تقبل المرأة لتكون مريضتها ، وتتولى توليدها . اتفقت معها كذلك ، أن تطلب من المرأة ، أهمية أن يتصل زوجها بعائشة ، ويطلب منها أن يتولى توليد زوجته طبيبة .. على اعتبار أنها هي المسؤولة ، دون أن يعلم أنه يتصل بعائشة . اتصلت زوجة نايف اللاوي بزوجها ، وأبلغته ضرورة أن يتصل بالمسؤولة ، لأنها صاحبة القرار ، بأن تكون هي ، تحت إشراف دكتورة تقوم بتوليدها .
اتصل نايف اللاوي بعائشة ، وعرّف بنفسه ، وسأل .. بصوت فيه الكثير من الخضوع ، أن تقوم طبيبة بتوليد زوجته . كانت مفاجأة كبيرة له ، أن يعلم أن من يتحدث معها هي عائشة ، التي لم تَبْقَ نقيصة لم يلصقها بها . حاول أن يبدو أكثر لطفاً ، وأكثر تقديراً وامتناناً . لكنها أشعرته أنها لن تعمل هذا من أجله ، وإنما من أجل والدته التي اتصلت بوالدتها ، ملمحة إلى مواقفه السابقة . زميلتها أيضاً ، أخبرت زوجته أن تَدَخّل الدكتورة عائشة الصالح ، هو الذي جعلها تقبل أن تكون مريضتها ، وتقوم بتوليدها ، بالرغم من أن جدولها مزدحم بمريضات أخريات ، وهي ليست من المراجعات المنتظمات للمستشفى .. ثم أضافت :
- هل تعرفين ماذا كان يقول زوجك عن الدكتورة عائشة والطبيبات ..؟
استحت ولم ترد ..! لا يخفاها ما اعتاد زوجها أن يقول عن الطبيبات ، والعاملات في القطاعات الصحية ، مقــــــولته التي دائــــــــــــماً يـــــرددها : " بــــــــــنات ( الحمايل ) لا يشتغلن هذه الشغله " . بعد أن انصرفت الدكتورة ، اتصلت زوجته بعائشة وشكرتها بشدة ، واعتذرت عن مواقفه وتصرفاته :
- أنا متأكدة أنه سيشــعر بالخجل من كلامه السابق .
في المساء حين عادت عائشة إلى البيت ، أخبرت أمها أن مشكلة زوجة فهد اللاوي ، تم حَلّها ، وأنها الآن .. ربما ، في غرفة الولادة ، تحت إشراف إحدى زميلاتها . سعادة والدتها كانت كبيرة ، ليس من أجل أم فهد اللاوي . لكن لأن تصرف عائشة ، يعبّر عن شهامة ، وسيخرس لسان ولدها ، الذي نال ابنتها منه الشيء الكثير . لم تفوّت الفرصة ، فسارعت للاتصال بأم فهد اللاوي :
- أبشرك يا أم فهد .. الدكتورة عائشة ، جزاها الله خيراً ، توسطت لــــزوجة ولدك ، عند واحدة من زميلاتها الدكتورات .
- جزاها الله ألف خير ، وجعل ما قامت به ، في ميزان أعمالها .
- هذه عائشة ، التي لم يبق شيء لم يقله فهد فيها ، وفي زميلاتها ..!
- لا عليك منه يا أم أحمد .. سفيه . عائشة تاج رأسه .
كانت قد تعمدّت ، أن تجعل جهاز الهاتف على وضع السماعة الخارجية ، لكي تسمع عائشة الحوار . حين قالت الأم عن ولدها أنه سفيه ، وأن عائشة تاج رأسه ، ابتسمت ابتسامة عريضة ، والتفتت نحو عائشة ، وغمزت لها بعينها . هزت عائشة رأسها ، وردت على ابتسامة أمها ، بابتسامة خفيفة . لم تكن تفضل أن تشمت أمها بالرجل أمام والدته . لكنها .. قدرت شعور والدتها تجاهها .. ودفاعها عنها .
أحياناً تبدو الأمور ، وكأن الأحداث تجري وفق مصادفات مرتبة . لم يمر عليها أسبوع .. من قبل ، بمثل هذه الصدف الغريبة . اليوم الأحد يوم عمل مزدحم . لديها عملية في بداية اليوم ، ثم جولة ميدانية على المرضى .. وبعد الظهر عيادة . في آخر النهار كانت منهكة جداً . قبل أن تعود إلى البيت ، مرّت على مكتب ، تشترك فيه مع بعض الزميلات ، وأخذت بعض الأوراق وجوّالها ، الذي تركته الصباح ، لأنها .. في هذا اليوم بالذات ، لا تحتاجه أبداً . في طريق العودة ، أجرت اتصالاً مع والدتها .. تطمئنها على نفسها ، كما اعتادت أن تفعل ، في نهاية كل يوم عـــــمل . فــــوجئت برد والـــــدتها .. الذي تأخر ، وكـــان مجرد ( نعم ) جافة ، بدلاً من : ( هلا بروحي وعــيوني ) ، التي اعتادت أن تسمعها منها ، كلما ردت على اتصالها . سلمت .. وقبل أن تستوعب المفاجأة من ردها البارد ، بادرتها أمها :
- عيوش .. أنت غيرت رقم جوّالك ..؟
- لا .. ليه يا أمي ..؟
- أيش الرقم الجديد هذا ..؟
أدركت أن ثمة خطأ ما .. وقع . تأملت الجهاز ، فاكتشفت أنه يشبه جهازها . شرحت لأمها ، أنها أخذت عن طريق الخطأ ، جوّال زميلة لها ، يشبه جهازها . لم يكن من وسيلة لمعرفة صاحبة الجوّال ، إلا انتظار اتصالها عليه .. للسؤال ، أو مراجعة الاتصالات والرسائل الصادرة والمرسلة . مر وقت .. بعد وصولها البيت ، ولم يرِدْ أي اتصال . دفعها الفضول ، لاستعراض الاتصالات الصادرة . لم تكن كثيرة ، وليس بينها مكرر ، إلا واحد تم الاتصال به مرتين . لاحظت أنه الرقم الرديف ، لجوّال إحدى الزميلات .شكّت أن يكون رقم زوجها . أرادت أن تتثبت أكثر قبل الاتصال ، ففتحت صندوق الرسائل المرسلة . كان فيها رسالة واحدة .. تحمل نفس الرقم المتصل به ، فتأكدت أنها هي .. رشا . قرأت الرسالة :
" وددت أن أقول شيئاً .. كنت هذا النهار ، فارسي النبيل والجميل " .
" كنت فارسي النبيل والجميل " . الرسالة جميلة .. ما أعذبها ، أرسلتها لزوجها .. همست لنفسها . ارتاحت أنها عرفت صاحبة الجوّال ، لكن الرسالة أثارت شجنها . منذ سنوات ، وهي تنتظر ( فارسها ) ، الذي لم يأتِ ..! لواعج حزنها ، التي صارت تتنامى ، جعلها تذكر الله . خشيت أن تحسد صاحبتها .. التي لها ( فارس ) تؤوب إليه ، وتلوذ به . يتمدد الحزن ، ويتناثر في أعماقنا ، مثل بقعة نفط ، تنتشر على سطح البحر .. لا نستطيع أن نحاصرها ، أو نسيطر عليها . تماماً .. حين تكون سعادة الآخرين ، تثير دواعي شقائنا . إذ كلما ظننّا أننا سلونا ، يفجؤنا وجودها .. مثيراً لذكرى ، أو محرضاً على ألم . نجده يترصد لنا .. فـــرحهم ، لينكأ جرح أحزاننا : في رسالة جوّال ، أو حديث باسم .. أو أماكن غفت فيها الذكريات .
أقفلت الجوّال ولم تشأ أن تتصل بزميلتها . خشيت أن تسألها ، كيف عرفت أنه جوّالها .. فتضطرّ أن تقول لها ، أنها اطلعت على الرسالة المرسلة . لا تريد أن تبدو فضولية ، تتجسس على خصوصيات الناس ، ولم تستحسن كذلك ، أن تعرف زميلتها أنها اطلعت على رسالة ، بينها وبين زوجها ، تحمل قدراً كبيراً وجميلاً ، من الحميمية ، والمشاعر الخاصة . لو حصل وتكدرت علاقتهما ، لاتّهمتها أنها هي السبب .. وعزت ذلك لعينها . هكذا يفكر كثير من الناس .
من الغد ، أخذت الجوّال معها إلى العمل . في فترة الاستراحة لصلاة الظهر ، وجدت بعض الزميلات مجتمعات في الكافتيريا . سلمت .. ونادت عليهن :
- يا بنات .. أنا أمس أخذت جوّالاً ، ليس لي .. بالخطأ ، وأبحث عن جوّالي . لم استطع أن أتصل بصاحبة الجوّال لأنه مغلق .
صاحت الزميلات عليها ، وأخبرنها أن زميلتهم رشا ، هي أيضاً معها جوّال لا تدري من صاحبته ، وقد تركته في المكتب ، ويمكن أن يكون هو جوّالها . ذهبت إلى المكتب وأخذت جوّالها ، ووضعت الجوال الذي معها ، في صندوق البريد الخاص برشا .
لم تمر الصدفة التي جعلتها تَطّلع على الرسالة ، في جوّال زميلتها .. بهدوء . الرسالة أيقظت مشاعر كامنة ، وبعثت آمالاً توارت ، أمام دوّامة العمل ، ورتابة روتينه اليومي . حين وصلت البيت ، صلت العصر ونامت ، لتستيقظ في المساء ، على الصدفة الثانية ، على حدث عائلي .. أثار جدلاً . أختها أروى خطبت اليوم .. للمرة الثالثة ، ووالدها ووالدتها يرفضان تزويجها قبلها . غضبت واحتجت .. ورفضت أن يربط مصير أروى بمصيرها :
- جاءها نصيبها .. لا تقفوا في طريقها ..! أنا إذا جاء نصيبي سأتزوج .
حديث خالتها أم شهاب الإسلام ، يوم حفلة تخرجها ، عن الفرحة الكبرى بها ، ما زال حياً في قلبها . رسالة الجوّال التي قرأتها في جوّال زميلتها ، عن ( الفارس النبيل الجميل ) .. أحيت الأمل .. بــ ( الفارس ) الذي لابد أن يأتي ، ولكنه تأخر . أي صــدفة جعلت أروى تُخطَب ، ويصر أهلها على أن تتزوج هي أولاً .. لحظة انبعث حلم الفارس من مرقده ، بعد طول سبُاَت .. تساءلت ..؟
تمت الموافقة على زواج أروى ، وبدأت الاستعدادات له . العطلة الصيفية على الأبواب ، لكن برنامجها المزدحم ، لا يسمح لها بمشاركة فاعلة في التجهيز . قالت لأروى :
- حين تبدأ الإجازة ، يسافر الناس ، ويخف الضغط ، وسأكون إلى جانبك . لو تدرين كم أنا سعيدة بك .. ولك .
- لو تدرين .. كم أتطلع إلى الليلة ، التي أراك فيها عروساً .. يا سندريلا ، دون أن تضطري ، أن تفقدي فردة حذائك .
ابتسمت عائشة . فهمت أن أختها تلمح لحكاية الفتاة ( سندريلا ) ، في الأسطورة الشهيرة .. التي لم يأتها فارس أحلامها ، إلا بعد معاناة وطول انتظار .
كانتا تتحدثان حين دخلت والدتهما ، فقالت مداعبة :
- هاه .. إن شاء الله فيه تبديل أدوار .. عائشة قررت أن تأخذ العريس .. هذا ..؟
نظرت عائشة لوالدتها بعتاب .. فأضافت والدتها :
- قلبي عليك يا حبيبتي ..
ثم غيرت مجرى الحديث ، موجهة الخطاب لأروى .. لتفادي جرح مشاعر عائشة :
- خالتك نورة أخبرتني ، أنها اتصلت على جوّالك ، أكثر من مرة .. تريد أن تبارك لك .. قالت أنه مغلق .
- أكلمها الآن ..
- أكدي عليها ، إن موعد اجتماعنا الأسبوعي .. الأربعاء ، صار في البيت ، وليس الاستراحة .
اتجهت أروى لغرفتها ، واتصلت بخالتها . كانت مرتبكة .. وبدا واضحاً ، أنه لم يكن هدف الاتصال الوحيد ، المباركة لها بالزواج . أسرّت لها بأمر :
- أتـــدرين يا أروى .. تحدثت مع عبد السلام .. شهاب الإسلام ، قبل أيام عن الزواج ، واقترحت عليه عائشة ، لأتأكد من شعوره تجاهها . قال لي : " عائشة والنعم .. لكن أنا ما يهمني نجاحـــها ، ودورها في المجتمع .. أنا لا يمكن أن أتزوج بنتاً ، تتفرج على عورات الرجال في غرفة التشريح
الجزء الخامس ولاخير
- ...|زمردة|...
- مشاركات: 2487
- اشترك في: الاثنين ديسمبر 18, 2006 7:16 pm
رد: الجزء الخامس ولاخير
دمتِ موفقه لكل خيــر
اجزاء وقصه جميله
ننتظرك بما هو جديد بإذن اللهـ
اختك: نور الهدى
اجزاء وقصه جميله
ننتظرك بما هو جديد بإذن اللهـ
اختك: نور الهدى
.....مخنوٍقة يمّـه، وٍ أحس الخنقة هدّتنـيْ . . !
....مكسوٍرٍقلبيْ . . وٍ ع'ـَينيّ مدرٍي وٍش فيهآ !
وٍ دموٍع'ـَيْ آلليْ غ'ـَصْب ع'ـَن ع'ـَينيْ بگتنيّ. .
....ملّيت أغ'ـَمّض جفوٍنيّ { . . لجل أدآرٍيهــآ !
....مكسوٍرٍقلبيْ . . وٍ ع'ـَينيّ مدرٍي وٍش فيهآ !
وٍ دموٍع'ـَيْ آلليْ غ'ـَصْب ع'ـَن ع'ـَينيْ بگتنيّ. .
....ملّيت أغ'ـَمّض جفوٍنيّ { . . لجل أدآرٍيهــآ !
-
- عضو جديد
- مشاركات: 45
- اشترك في: السبت فبراير 02, 2008 9:33 pm
رد: الجزء الخامس ولاخير
اشكرش اختي نور الهدى اسعدني
مروركي كثير
ودمتي موفقه
مروركي كثير
ودمتي موفقه
رد: الجزء الخامس ولاخير
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
بارك الله بكم شكراً لكم على مجهودكم الطيب
تقبلوا خالص تحياتي
بارك الله بكم شكراً لكم على مجهودكم الطيب
تقبلوا خالص تحياتي
الموجودون الآن
المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين فقط