قال الله تعالى في سورة يوسف:﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾(يوسف: 30) .
الســـؤال:
لماذا قال تعالى:﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ ﴾، لم يقل:( وقالت نسوة ) ؟ وما بيان وجهه في العربية ؟
الجــواب:
أولاً- النسوة: اسم جمع، لا واحد له من لفظه، ويقال في جمع: المرأة . كما يقال: القوم في جمع: المرء .. ومثله في ذلك: النساء، والنسوان . والفرق بينه، وبينهما: أن النسوة جمع قلَّة . والنساء جمع كثرة . والألف والنون في النسوان للمبالغة في الكثرة .
ثانيًا- يجوز في العربية تذكير الفعل وتأنيثه في الحالات الآتية:
1- إن يكون الفاعل المسند إليه ذلك الفعل جمع تكسير لمذكر، أو مؤنث ؛ كقولك: قام رجال، وقامت رجال . وجاءت الفواطم، وجاء الفواطم .. والأفضل التذكير مع المذكر، والتأنيث مع المؤنث، إلا أن يفصل بينهما بفاصل فحينئذ يكون التأنيث أفضل.
2- أن يكون الفاعل مؤنثًا حقيقيًا مفصولاً بينه، وبين فعله بفاصل، غير ( إلا ) ؛ كقولك: حضرت المجلس امرأة، وحضر المجلس امرأة .. والتأنيث أفصح . فإن كان الفاصل ( إلا)، وجب تذكير الفعل ؛ كقولك: ما قام إلا فاطمةُ .
3
- أن يكون الفاعل مؤنثًا مجازيًا ظاهرًا . أي: ليس بضمير ؛ كقولك: طلعت الشمس، وطلع الشمس .. والتأنيث أفصح .
4- أن يكون الفاعل مؤنثًا ظاهرًا، والفعل ( نعم )، أو ( بئس )، أو ( ساء ) التي للذَّمِّ ؛ كقولك: نعمت هند، ونعم هند . وبئست هند، وبئس هند . وساءت هند، وساء هند .. والتذكير في ذلك كله أجود .
5- أن يكون الفاعل ضميراً منفصلاً لمؤنث ؛ كقولك: إنما قامَ هي، وإنما قامت هي . والأحسن ترك التأنيث .
6- أن يكون الفاعل مذكرًا مجموعًا بالألف والتاء ؛ كقولك: قام الطلحات، وقامت الطلحات .. والتذكير أحسن .
7- أن يكون الفاعل ضميرًا يعود إلى جمع تكسير لمذكر عاقل ؛ كقولك: الرجال جاءوا، والرجال جاءت .. والتذكير بضمير الجمع العاقل أفصح .
8- أن يكون الفاعل ملحقًا بجمع المذكر السالم ؛ كقولك: قام بنو فلان، وقامت بنو فلان . ومن الثاني قوله تعالى:﴿ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾(يونس: 90) .
9- أن يكون الفاعل اسم جنس جمعيًّ، أو اسم جمع . فالأول كقولك: قال، وقالت العرب، أو الروم، أو الفُرْس، أو التُّرك . وأورق الشجر، وأورقت الشجر .. والثاني كقولك: جاء، وجاءت النسوة، أو النساء، أو القوم، أو الرهط، أو الإبل .
وعلى الثاني جاء قوله تعالى:﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ﴾(يوسف: 30) .. فإن تقدم الفاعل على الفعل، وجب تأنيث الفعل ؛ كما في قوله تعالى:﴿ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾(يوسف: 50) .
إعــداد الأسـتـاذ
محمد إسماعيل عتوك