المجنون العاقل

كل مايخص القصص والعبر
أضف رد جديد
بربغي
مشاركات: 4173
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 3:20 am

المجنون العاقل

مشاركة بواسطة بربغي »

:confused:المجنون العاقل:



مر أحد المجانين على عابد يناجي ربه وهو يبكي والدموع منهمرة على خديه ويقول: ربي لا تدخلني النار فارحمني وأرفق بي ، يا رحيم يا رحمان ولا تعذبني بالنار، فإني ضعيف ولا قوة لي على النار فارحمني ، وجلدي رقيق لا يستطيع تحمل حرارة النار ، وعظمي دقيق لا يقوى على شدة النار فارحمني.

ضحك المجنون بصوت مرتفع فالتفت إليه العابد قائلاً: ماذا يضحكك أيها المجنون؟.

قال أضحكني كلامك أيها العابد.

قال العابد وماذا يضحكك فيه؟.

قال المجنون: لأنك تبكي خوفا من النار.

قال العابد: وأنت ألا تخاف من النار؟.

قال المجون: لا وكيف أخاف من النار.

ضحك العابد وقال صحيح إنك لمجنون.

قال المجنون: كيف تخاف من النار أيها العابد وعندك رب رحيم رحمته وسعت كل شيء؟.

قال العابد: إن علي ذنوباً لو يؤاخذني الله بعدله لأدخلني النار ، وإني أبكي كي يرحمني ويغفر لي ولا يحاسبني بعدله بل بفضله ولطفه ورحمته حتى لا أدخل النار؟.

هنالك ضحك المجنون بصوت أعلى من المرة السابقة ، انزعج منها العابد وقال ما يضحكك؟.

قال المجنون: أيها العابد عندك رب عادل لا يجور فتخاف عدله؟ وعندك رب غفور رحيم تواب وتخاف ناره؟.

قال العابد: ألا تخاف من الله أيها المجنون؟.

قال المجنون بلى إني أخاف الله ولكن خوفي ليس من ناره ، فتعجب العابد ، وقال إذا لم يكن من ناره فمما خوفك إذاً؟.

قال المجنون إني أخاف من مواجهة ربي وسؤاله لي: لماذا يا عبدي عصيتني؟ فإن كنت من أهل النار فأتمنى أن يدخلني النار من غير أن يسألني فعذاب النار أهون عندي من سؤاله لي سبحانه ، فإني لا أستطيع أن أنظر إليه بعين خائنةٍ وأجيبه بلسان كاذب ، وإن كان دخولي النار يرضي حبيبي فلا بأس فذلك عدله.

فتعجب العابد واخذ يفكر في كلام هذا المجنون.

قال المجنون: أيها العابد سأقول لك سر فلا تذيعه لأحد.

وما هو هذا السر أيها المجنون العاقل؟.

فقال اعلم أيها العابد أن ربي لن يدخلني النار أتدري لماذا؟. لماذا يا مجنون؟. لأني عبدته حباً وشوقاً وأنت يا عابد عبدته خوفا وطمعاً ، وظني به أفضل من ظنك ورجائي منه أفضل من رجاءك فكن أيها العابد لما لا ترجو أفضل مما ترجو فنبي الله موسى (عليه السلام) ذهب لإحضار جذوة من النار ليتدفأ بها فرجع بالنبوة ، وأنا ذهبت لأرى جمال ربي فرجعت مجنونا ً، بعدها ذهب المجنون يضحك والعابد يبكي ويقول لا اصدق أن هذا مجنوناً بل هو أعقل العقلاء وأنا المجنون الحقيقي فسوف اكتب كلامه بالدموع .

كما يقول أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام): كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران (ع) لما خرج يقتبس لأهله ناراً كلّمه الله تعالى فرجع نبيّا ، وخرجت ملكة سبأ كافرة ، فأسلمت مع سليمان ، وكما خرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون رجعوا مؤمنين.

وصلي الله على الرسول الأمجد خير الخلق محمد ، وعلى خليفته ووصيه الأوحد ، الفاروق الأكبر ، وعلى أولاده الطاهرين الذين بهم مدح الله ومجد ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


خالص تحياتي
أضف رد جديد

العودة إلى ”القصص والحكايات“

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين فقط