أبعاد زيارة الأربعين
النفس البشرية غالبا ما تقف عاجزة عن تصديق أن حقيقة الموت قد وقعت على عزيز لديـها ، ومتى تستوعب الحقيقة ؟؟؟ عندما تستفيق شيئا فشيئا ... ويتجلى ذلك واضحا عند تجديد الذكرى لذلك الفقيد . ولكن الحال يختلف مع أهل البيت عليهم السلام فها هو الإمام زين العابدين (ع) ما قُدم له طعام في ليل أو نهار إلا وبلّه بدموعه قبل تذوقه لعظم الخطب الذي جرى على أهل ذلك البيت الطاهر في يوم العاشر من محرم الحرام سنة 61 هجرية وما صاحبه من سبي وذل لآل بيت النبوة من بعد استشهاد أبي الأحرار وأهل بيته وأصحابه على أيدي النفاق والجهل خلافا لما أوصانا به خاتم الأوصياء محمد (ص) عندما قال "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي" .
وبانتهاء ظرف السبي المؤلم والمفروض على آل البيت (ع) من لحظة خروجهم من كربلاء في يوم الحادي عشر من محرم الحرام سنة 61 هجرية عبروا خلاله الكثير من البلدان ولاقوا الأهوال من مشقة المسير مع نساء ثكلى وأطفال يتامى وحتى وصولهم إلى الشام وما صاحب تلك الفترة من أحداث جرت عليهم (لسنا بصدد ذكرها هاهنا ولكن من الممكن مراجعة الكثير من المصادر في ذلك المقام) ، أمر يزيد (لع) النعمان بن بشير الأنصاري أن يرافق الركب الطاهر في عودته إلى المدينة المنورة حاملين معهم رؤوس الشهداء التي تم فصلها عن الأجساد في يوم العاشر من محرم الحرام لسنة 61 هجرية بلا شفقة أو رحمة أو إنسانية . وفي مسير الرجوع مروا على كربلاء وقد التقوا بالصحابي الجليلجابر بن عبد الله بن عمر بن حزام الأنصاري (رض) والذي كان متهيئا لزيارة الإمام الحسين في أول زيارة له من بعد استشهاده ، عندها طلب أهل البيت النزول على الأجساد الطاهرة وإلحاق الرؤوس بالأجساد ومن ثم أقام أهل البيت (ع) مأتما للعزاء في ذلك اليوم الحزين والذي صادف مرور أربعين يوما خلت من صفر سنة 61 هجرية والذي يعتبر خلافًا للمتعارف عليه عند المسلمين بأن يقيموا مآتمهم مباشرة بعد دفن موتاهم !!!
وتعتبر زيارة الأربعين أصدق تعبير عن الحب والولاء لآل البيت (ع) ودربا مضيئا في المطالبة بالحرية والتي نادى بها سيد الشهداء في مقارعته للظلم ومصداقا لقول الإمام الحسن العسكري (ع) : بأن علامات المؤمن خمس : صلاة الإحدى والخمسين (وهي الفرائضاليوميّة مع النوافل) ، وزيارة الأربعين (وهي زيارة الحسين سلام الله عليه فيأربعينيّة شهادته ، والألف واللام في كلمة الأربعين تُسمّى للعهد ، فهي زيارة معهودة مشهورة) ، والتختّم باليمين (التزاماً بسُنّة النبيّ وأهل بيته صلوات الله عليهم) ،وتعفير الجبين (بالسجود على الأرض ؛ خضوعاً لله تعالى وتذلّلاً في محضره القدسيّ) ،والجهر بـ «بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم» (وذلك وجوباً في الصلاة الجهريّة) .
فلنعمل جميعا على تجديد العهد مع إمام زماننا الإمام الحجة بن الحسن (عج) ونصرخ عاليا بأن المسيرة الحسينية مستمرة حتى ندرك ظهوره المبارك وأخذ الثأر معه ممن ظلم حق محمد وآل محمد .. ونردد مطلع من قصيدة الأربعين للسيد هاشم الستري البحراني:-
قم جدد الحزن في العشرين من صفر ففيه ردت رؤوس الآلللحفر آل النبي التي حلت دماؤهم في دين قوم جميع الكفر منهبري يا مؤمنون احزنوا فالنار شاعلة ترمى على عـروة الإيمانبالشرر ضجوا لسفرتهم وابكوا لرجعتهم لا طبتِ من رجعةٍ كانت ومنسفر
بقلم الأخت أم سيد يوسف
بقلم الأخت أم سيد يوسف