آللهٍَمً صٍْل عًٍلى مًحٍّمًدًٍ وٍآل مًحٍّمًدًٍ وٍعًٍجًِْل فْرٌٍجًِْهٍَمً آلشًِْرٌٍيَفْ يَآآآآآكَرٌٍيَمً وٍآلعًٍن آعًٍدًٍآئهٍَمً آلى يَوٍمً آلدًٍيَن
بعض من كرامات باب الحوائج موسى ابن جعفر الكاظم ( عليه السلام)
معاجز عليه السلام
هناك فرق كبير بين فكرة الغلو المرفوضة عند المسلمين بشدة ، وبين الإعتقاد بكرامة أولياء اللـه ، واستجابة اللـه دعائهم ، ونظرهم بنور اللـه إلى الحقائق .
ذلك أن فكرة الغلو تسمو بالشخص إلى درجة الألوهية وترى أن الرب سبحانه وتعالى يحل في عباده ، حتى يصبح العبد هو الرب بروحه ، وتكون قدراته آنئذٍ ذاتية .
بينما الإعتقاد بالإعجاز لدى أولياء اللـه يعكس التوحيد الخالص حيث يرفض أي تحول ذاتي في شخص النبي أو الإمام أو الولي ، إنما يعني تفضيل اللـه لعباده المخلصين ، وإكرامهم بالعلم أو القدرة .
وفي الوقت الذي نجد الآيات القرآنية تقدس اللـه وتسبّحه وتذكرنا باستحالة حلوله في شيء أو شخص وتندد بعقائد الشرك ، في ذات الوقت تذْكر لنا معاجز الأنبياء (ع) التي دلّت على كرامتهم عند اللـه ، حيث أجرى اللـه على أيديهم تلك المعاجز فيقول اللـه سبحانه في شأن عيسى ابن مريم (ع) :
{ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِاَيَةٍ مِن رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَاَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللـه وَاُبْرِئُ اْلأَكْمَهَ وَاْلأبْرَصَ وَاُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللـه وَاُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (آل عمران/49)
إن تكرار كلمة ( بإذن اللـه ) يدلل على أن تلك المعاجز لا تعني حلولاً إلهياً في شخص عيسى ليجعله ابناً لله سبحانه وتعالى عما يقوله المشركون ، بل على أن اللـه يهب لعبده ما يشاء وكيف يشاء ومتى يشاء .
وهكذا كانت عقيدة المسلمين في الأئمة (ع) والأولياء بأن اللـه قد أكرمهم بالعلم والقدرة ، وهذا من صميم عقيدة التوحيد ، أوليس اللـه بقادر على أن يكفي عبده وينصره ويطلعه على غيبه إذا ارتضاه ؟ ولِمَ لا يفعل الرب بعبده المطيع له المخلص في العبادة مثل ذلك ؟ أوليس اللـه يحب التوّابين ويحب المتطّهرين ويحب المتوكّلين ، ويحب من يطيعه ، ويجزي من يعبده ، ويجزي المتصدقين ، ويجزي المحسنين ، ويكرم المتقين ، ويسلّم ويصلي على عباده الصابرين ؟ كما نقرأ في أكثر سور القرآن الكريم.
إن من لا يعتقد بالتأييد الإلهي لعباده الصالحين وفي طليعتهم الأئمة المعصومين (ع) ، ويثير الشكوك حول معاجزهم ، يكاد يكفر بروح القرآن وباطنه ومحتواه وأعظم معانيه .
إن لبّ رسالات اللـه هو الإعتقاد بأن اللـه مهيمن على عرش القدرة ، ويفعل ما يشاء وأنه لا يفعل إلاّ بحكمة بالغة ، وخلاصة الحكمة جزاء من أحسن وعقاب من أساء ، فإذا كـان سواء عنده من أحسن ومن أساء وكان لا ينصر عباده المؤمنين ولا يخذل الكفار والمنافقين ، فما هي فائدة الإيمان بقدرته وحكمته و. و ..
وهكذا كان الإمام موسى بن جعفر حليف القرآن ، وأعبد الناس للرب في عصره ، وأعظم المطيعين للخالق ، كان له من المعاجز والكرامات ما اعترف بها المسلمون جميعاً ، ولا يسعنا أن نذكر فيما يلي إلاّ قليلاً منها (1):
1 - لقد أنقذ اللـه سبحانه عبده الصالح موسى بن جعفر (ع) من طغاة عصره بفضل توكله عليه وتبتله إليه ، وكذلك ينجي اللـه المؤمنين .
جاء في الحديث عن عبيد اللـه بن صالح قال : حدثني حاجب الفضل بن الربيع عن الفضل بن ربيع قال : كنت ذات ليلة في فراشي مع بعض جواريّ فلما كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة فراعني ذلك فقالت الجارية : لعل هذا من الريح ، فلم يمض إلاّ يسير حتى رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح ، وإذا مسرور الكبير قد دخل عليّ فقال لي : أجب الأمير ، ولم يسلّم عليّ .
فيئست من نفسي وقلت : هذا مسرور ، دخل إليّ بلا إذن ولم يسلم ، ما هو إلاّ القتل ، وكنت جنباً فلم أجسر أن أسأله إنظاري حتى أغتسل ، فقالت لي الجارية : لما رأت تحيّري وتبلّدي : ثق باللـه عزّ وجلّ وانهض ، فنهضت ، ولبست ثيابي ، وخرجت معه حتى أتيت الدار ، فسلمت على أمير المؤمنين وهو في مرقده فرد عليَّ السلام فسقطت فقال : تداخلك رعب .؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، فتركني ساعة حتى سكنت ثم قال لي : صر إلى حبسنا فأخرج موسى بن جعفر بن محمد وادفع إليه ثلاثين ألف درهم ، واخلع عليه خمس خلع ، واحمله على ثلاث مراكب ، وخيره بين المقام معنا أو الرحيل عنا إلى أيّ بلد أراد وأحب .
فقلت : يا أمير المؤمنين تأمر بإطلاق موسى بن جعفر ؟ قال : نعم فكرّرت ذلك عليه ثلاث مرات ، فقال لي : نعم ويلك أتريد ان أنكث العهد ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين وما العهد ؟ قال : بينا أنا في مرقدي هذا إذ ساورني أسود ما رأيت من السودان أعظم منه فقعد على صدري وقبض
على حلقي وقال لي : حبست موسى بن جعفر ظالماً له ؟ فقلت : فأنا أطلقه وأهب له ، وأخلع عليه ، فأخذ عليّ عهد اللـه عزّ وجلّ وميثاقه ، وقام عن صدري ، وقد كادت نفسي تخرج .
فخرجت من عنده ووافيت موسى بن جعفر (ع) وهو في حبسه ، فرأيته قائماّ يصلي فجلست حتى سلم ، ثم أبلغته سلام أمير المؤمنين ، وأعلمته بالذي أمرني به في أمره ، وأني قد أحضرت ما وصله به ، قال : إن كنت أمرت بشيء غير هذا فافعله ؟ فقلت : لا وحق جدّك رسول اللـه ما أمرت إلاّ بهذا ، فقال : لا حاجة لي في الخلع والحملان والمال إذ كانت فيه حقوق الأمة فقلت : ناشدتك باللـه أن لا ترده فيغتاظ ، فقال : إعمل به ما أحببت ، وأخذت بيده (ع) وأخرجته من السجن .
ثم قلت له : يابن رسول اللـه أخبرني بالسبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل ، فقد وجب حقي عليك لبشارتي إياك ، ولما أجراه اللـه عزّ وجلّ علي يدي من هذا الأمر ، فقال (ع) : رأيت النبي (ص) ليلة الأربعاء في النوم فقال لي : يا موسى أنت محبوس مظلوم ؟ فقلت : نعم يا رسول اللـه محبوس مظلوم ، فكرر عليً ذلك ثلاثاً ثم قال :
{ وإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } (الانبياءِ/111)
أصبح غداً صائماً وأتبعه بصيام الخميس والجمعة ، فإذا كان وقت الإفطار فصلّ اثنتي عشر ركعة تقرأ في كلّ ركعة الحمد واثنتي عشرة مرة قل هو اللـه أحد ، فإذا صلّيت منها أربع ركعات فاسجد ثم قل : يا سابق الفوت يا سامع كلّ صوت يا محيي العظام وهي رميم بعد الموت ، أسألك باسمك العظيم الأعظم أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وأن تعجل لي الفرج مما أنا فيه " ففعلت فكان الذي رأيت
2
وربما اقتضى الأمر الإعجاز بهدف تأديب الشيعة على التواضع للحق ، والإبتعاد عن الكبر والتعالي للارتفاع بهم إلى مستوى ( حزب اللـه ) الذين لا يتمايزون عن بعضهم بما يملكون من مال أو علم أو منصب ، دعنا نقرأ معاً قصة علي بن يقطين ، وهو وزير في سلطان الطغاة ، وبحكم منصبه ربما أخذه الغرور وتعالى على سائر المؤمنين ، لننظر كيف يؤدبه الإمام ، ويستخدم قدرته الإلهية لتربية روح التقوى فيه .
عن محمد بن علي الصوفي قال : ( استأذن إبراهيم الجمّال رضي اللـه عنه على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه ، فحج علي بن يقطين في تلك السَّنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر فحجبه ، فرآه ثاني يومه فقال علي بن يقطين : سيدي ما ذنبي ؟ فقال : حجبتك لأنك حجبت أخاك إبراهيم الجمال ، وقد أبى اللـه أن يشكر سعيك أو يغفر لك حجب إبراهيم الجمّال ، فقلت : يا سيدي ومولاي من لي بإبراهيم الجمّال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة ؟ فقال : إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك واركب نجيباً هناك مسرجاً ، قال : فوافى البقيع وركب النجيب ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمّال بالكوفة ، فقرع الباب وقال : أنا علي بن يقطين.
فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار : وما يعمل علي بن يقطين الوزير ببابي ؟! فقال علي بن يقطين : يا هذا إن أمري عظيم ، وآلى عليه أن يأذن له ، فلما دخل قال : يا إبراهيم إن المولى (ع) أبى أن يقبلني أو تغفر لي ، فقال : يغفر اللـه لك فآلى علي بن يقطين على إبراهيم الجمّال أن يطأ خده فامتنع ابراهيم من ذلك ، فآلى عليه ثانياً ففعل ، فلم يزل ابراهيم يطأ خده ، وعلي بن يقطين يقول : اللـهم اشهد ، ثم انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر (ع) بالمدينة ، فأذن له ودخل عليه فقبله
3
إنّ المفضّل بن عمر قال : لمّا مضى الصادق ( عليه السلام ) ، كانت وصيته في الإمامة إلى موسى الكاظم (عليه السلام ) ، فادعى أخوه عبد الله الإمامة ، وكان أكبر ولد جعفر ( عليه السلام ) في وقته ذلك ، وهو المعروف بالأفطح .
فأمر موسى ( عليه السلام ) بجمع حطب كثير في وسط داره ، فأرسل إلى أخيه عبد الله يسأله أن يصير إليه ، فلمّا صار عنده ، ومع موسى ( عليه السلام ) جماعة من وجوه الإمامية ، فلمّا جلس إليه أخوه عبد الله ، أمر موسى ( عليه السلام ) أن تضرم النار في ذلك الحطب فأضرمت ، ولا يعلم الناس السبب فيه حتّى صار الحطب كلّه جمراً .
ثمّ قام (عليه السلام ) وجلس بثيابه في وسط النار ، وأقبل يحدّث القوم ساعة ، ثمّ قام فنفض ثوبه ورجع إلى المجلس ، فقال لأخيه عبد الله : ( إن كنت تزعم أنّك الإمام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس ) ، قالوا : فرأينا عبد الله قد تغيّر لونه ، فقام يجر رداءه حتّى خرج من دار موسى ( عليه السلام )
4
باعتباره قائد المسلمين ، وخليفة رسول اللـه (ص) الذي تحلّى بمكارم الخلق المحمدي ، فإنه كان رحيماً بالمؤمنين عزيزاً عليه ما عندتم .
وكثيراً ما كان ينظر بنور اللـه فيرى الضر الّذي قد يلحق بهم فيبادر برفعه عنهم بطريقة أو باخرى حتى ولو كان من النوع الفردي أو الجزئي ، دعنا نقرأ معاً القصة التالية :
عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : ( كتب إليّ أبو الحسن (ع) - قال عثمان بن عيسى وكنت حاضراً بالمدينة - : تحوّل عن منزلك ، فاغتمَّ بذلك ، وكان منزله منزلاً وسطاً بين المسجد والسوق ، فلم يتحوّل ، فعاد إليه الرسول : تحوّل عن منزلك ، فبقي ، ثم عاد إليه الثالثة : تحوّل عن منزلك ، فذهب وطلب منزلاً وكنت في المسجد ، ولم يجيء إلى المسجد إلاّ عتمة فقلت له : ما خلّفك ؟ فقال : ما تدري ما أصابني اليوم ؟ قلت : لا ، قال : ذهبت أستقي الماء من البر لأتوضأ فخرج الدلو مملوءاً خرءاً وقد عجّنا خبزنا بذلك الماء ، فطرحنا خبزنا وغسلنا ثيابنا ، فشغلني عن المجيء ، ونقلت متاعي إلى البيت الذي أكتريته ، فليس بالمنزل إلاّ الجارية ، الساعة أنصرف وآخذ بيدها ، فقلت : بارك اللـه لك ، ثم افترقنا ، فلمّا كان سحراً خرجنا إلى المسجد فقال : ما ترون ما حدث في هذه الليلة ؟ قلت : لا " قال : سقط واللـه منزلي ، السفلى والعليا )
5
قال أبو بصير : قلت لأبي الحسن موسى ( عليه السلام ) : بما يعرف الإمام ؟ قال : ( بخصال : أمّا أوّلهن ، فإنّه خص بشيء قد تقدّم فيه من أبيه ، وإشارته إليه ليكون حجّة ، ويسأل فيجيب ، وإذا سكت عنه ابتدأ بما في غد ، ويكلّم الناس بكل لسان ) ، ثمّ قال : ( أعطيك علامة قبل أن تقوم ) .
فلم ألبث أن دخل عليه خراساني فكلّمه بالعربية ، فأجابه أبو الحسن ( عليه السلام ) بالفارسية ، فقال الخراساني : ما منعني أن أكلّمك بلساني إلاّ ظننت أنّك لا تحسنها ، فقال ( عليه السلام) : ( سبحان الله ، إذا كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك ؟ فبما أستحق به الإمامة ) ، ثمّ قال : ( إنّ الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ، ولا منطق الطير ، ولا كلام شيء فيه روح ) .
6
قال ( عليه السلام) : ( قال أبي موسى ( علية السلام ) للحسين بن أبي العلا : اشتر لي جارية نوبية ، فقال الحسين : أعرف والله جارية نوبية نفيسة ، أحسن ما رأيت من النوبة ، فلولا خصلة لكانت من شأنك ، قال ( عليه السلام ) : وما تلك الخصلة ؟ قال : لا تعرف كلامك ، وأنت لا تعرف كلامها ، فتبسم ( علية السلام ) ، ثمّ قال : اذهب حتّى تشتريها ، فلمّا دخلت بها إليه ، قال لها بلغتها : ما اسمك ؟ قالت : مؤنسة .
قال : أنت لعمري مؤنسة ، قد كان لك اسم غير هذا ، وقد كان اسمك قبل هذا حبيبة ، قالت : صدقت ، ثمّ قال : يا ابن أبي العلا إنّها ستلد لي غلاماً لا يكون في ولدي أسخى ولا أشجع ولا أعبد منه ، قلت : فما تسميه حتّى أعرفه ؟ قال : اسمه إبراهيم ) .
7
قال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة : ومن بديع كراماته ماحكاه ابن الجوزي والرامهرمزي وغيرهما ، عن شقيق البلخي : أنه خرج حاجاً سنة تسع وأربعين ومائة فرآه بالقادسية منفرداً عن الناس ، فقـال في نفسه : هذا فتى من الصوفية يريد أن يكون كلاً على الناس ، لأمضين إليه ولأوبخنه ، فمضى إليه فقال : يا شقيق ، ( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) ، - إلى أنْ قال - فغاب عن عينيه فما رآه إلا بواقصة يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تتحادر فجاء إليه ليعتذر فخفف في صلاته ، وقال : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ ) الآية فلما نزلوا زبالة رآه على بئر ، فسقطت ركوته فيها فدعا فطغى الماء له حتى أخذها فتوضأ وصلى أربع ركعات ، ثم مال إلى كثيب رمل فطرح منها فيها وشرب ، فقال له : أطعمني من فضل ما رزقـك الله تعالى ، فقـال : يا شقيق لم تزل نعم الله علينا ظاهرة ، و باطنة فأحسن ظنك بربك فناولنيها ، فشربت منها فإذا سويق وسكر ما شربت والله ألذ منه ولا أطيب ريحاً ، فشبعت ورويت وأقمت أياماً لا أشتهي شراباً ولا طعاماً ، ثم لم أره إلا بمكة وهو بغلمان وغاشية وأمور على خلاف ما كان عليه بالطريق
يتبع باذن الله ..
بعض من كرامات باب الحوائج موسى ابن جعفر الكاظم ( عليه السلام)
معاجز عليه السلام
هناك فرق كبير بين فكرة الغلو المرفوضة عند المسلمين بشدة ، وبين الإعتقاد بكرامة أولياء اللـه ، واستجابة اللـه دعائهم ، ونظرهم بنور اللـه إلى الحقائق .
ذلك أن فكرة الغلو تسمو بالشخص إلى درجة الألوهية وترى أن الرب سبحانه وتعالى يحل في عباده ، حتى يصبح العبد هو الرب بروحه ، وتكون قدراته آنئذٍ ذاتية .
بينما الإعتقاد بالإعجاز لدى أولياء اللـه يعكس التوحيد الخالص حيث يرفض أي تحول ذاتي في شخص النبي أو الإمام أو الولي ، إنما يعني تفضيل اللـه لعباده المخلصين ، وإكرامهم بالعلم أو القدرة .
وفي الوقت الذي نجد الآيات القرآنية تقدس اللـه وتسبّحه وتذكرنا باستحالة حلوله في شيء أو شخص وتندد بعقائد الشرك ، في ذات الوقت تذْكر لنا معاجز الأنبياء (ع) التي دلّت على كرامتهم عند اللـه ، حيث أجرى اللـه على أيديهم تلك المعاجز فيقول اللـه سبحانه في شأن عيسى ابن مريم (ع) :
{ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِاَيَةٍ مِن رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَاَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللـه وَاُبْرِئُ اْلأَكْمَهَ وَاْلأبْرَصَ وَاُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللـه وَاُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (آل عمران/49)
إن تكرار كلمة ( بإذن اللـه ) يدلل على أن تلك المعاجز لا تعني حلولاً إلهياً في شخص عيسى ليجعله ابناً لله سبحانه وتعالى عما يقوله المشركون ، بل على أن اللـه يهب لعبده ما يشاء وكيف يشاء ومتى يشاء .
وهكذا كانت عقيدة المسلمين في الأئمة (ع) والأولياء بأن اللـه قد أكرمهم بالعلم والقدرة ، وهذا من صميم عقيدة التوحيد ، أوليس اللـه بقادر على أن يكفي عبده وينصره ويطلعه على غيبه إذا ارتضاه ؟ ولِمَ لا يفعل الرب بعبده المطيع له المخلص في العبادة مثل ذلك ؟ أوليس اللـه يحب التوّابين ويحب المتطّهرين ويحب المتوكّلين ، ويحب من يطيعه ، ويجزي من يعبده ، ويجزي المتصدقين ، ويجزي المحسنين ، ويكرم المتقين ، ويسلّم ويصلي على عباده الصابرين ؟ كما نقرأ في أكثر سور القرآن الكريم.
إن من لا يعتقد بالتأييد الإلهي لعباده الصالحين وفي طليعتهم الأئمة المعصومين (ع) ، ويثير الشكوك حول معاجزهم ، يكاد يكفر بروح القرآن وباطنه ومحتواه وأعظم معانيه .
إن لبّ رسالات اللـه هو الإعتقاد بأن اللـه مهيمن على عرش القدرة ، ويفعل ما يشاء وأنه لا يفعل إلاّ بحكمة بالغة ، وخلاصة الحكمة جزاء من أحسن وعقاب من أساء ، فإذا كـان سواء عنده من أحسن ومن أساء وكان لا ينصر عباده المؤمنين ولا يخذل الكفار والمنافقين ، فما هي فائدة الإيمان بقدرته وحكمته و. و ..
وهكذا كان الإمام موسى بن جعفر حليف القرآن ، وأعبد الناس للرب في عصره ، وأعظم المطيعين للخالق ، كان له من المعاجز والكرامات ما اعترف بها المسلمون جميعاً ، ولا يسعنا أن نذكر فيما يلي إلاّ قليلاً منها (1):
1 - لقد أنقذ اللـه سبحانه عبده الصالح موسى بن جعفر (ع) من طغاة عصره بفضل توكله عليه وتبتله إليه ، وكذلك ينجي اللـه المؤمنين .
جاء في الحديث عن عبيد اللـه بن صالح قال : حدثني حاجب الفضل بن الربيع عن الفضل بن ربيع قال : كنت ذات ليلة في فراشي مع بعض جواريّ فلما كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة فراعني ذلك فقالت الجارية : لعل هذا من الريح ، فلم يمض إلاّ يسير حتى رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح ، وإذا مسرور الكبير قد دخل عليّ فقال لي : أجب الأمير ، ولم يسلّم عليّ .
فيئست من نفسي وقلت : هذا مسرور ، دخل إليّ بلا إذن ولم يسلم ، ما هو إلاّ القتل ، وكنت جنباً فلم أجسر أن أسأله إنظاري حتى أغتسل ، فقالت لي الجارية : لما رأت تحيّري وتبلّدي : ثق باللـه عزّ وجلّ وانهض ، فنهضت ، ولبست ثيابي ، وخرجت معه حتى أتيت الدار ، فسلمت على أمير المؤمنين وهو في مرقده فرد عليَّ السلام فسقطت فقال : تداخلك رعب .؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، فتركني ساعة حتى سكنت ثم قال لي : صر إلى حبسنا فأخرج موسى بن جعفر بن محمد وادفع إليه ثلاثين ألف درهم ، واخلع عليه خمس خلع ، واحمله على ثلاث مراكب ، وخيره بين المقام معنا أو الرحيل عنا إلى أيّ بلد أراد وأحب .
فقلت : يا أمير المؤمنين تأمر بإطلاق موسى بن جعفر ؟ قال : نعم فكرّرت ذلك عليه ثلاث مرات ، فقال لي : نعم ويلك أتريد ان أنكث العهد ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين وما العهد ؟ قال : بينا أنا في مرقدي هذا إذ ساورني أسود ما رأيت من السودان أعظم منه فقعد على صدري وقبض
على حلقي وقال لي : حبست موسى بن جعفر ظالماً له ؟ فقلت : فأنا أطلقه وأهب له ، وأخلع عليه ، فأخذ عليّ عهد اللـه عزّ وجلّ وميثاقه ، وقام عن صدري ، وقد كادت نفسي تخرج .
فخرجت من عنده ووافيت موسى بن جعفر (ع) وهو في حبسه ، فرأيته قائماّ يصلي فجلست حتى سلم ، ثم أبلغته سلام أمير المؤمنين ، وأعلمته بالذي أمرني به في أمره ، وأني قد أحضرت ما وصله به ، قال : إن كنت أمرت بشيء غير هذا فافعله ؟ فقلت : لا وحق جدّك رسول اللـه ما أمرت إلاّ بهذا ، فقال : لا حاجة لي في الخلع والحملان والمال إذ كانت فيه حقوق الأمة فقلت : ناشدتك باللـه أن لا ترده فيغتاظ ، فقال : إعمل به ما أحببت ، وأخذت بيده (ع) وأخرجته من السجن .
ثم قلت له : يابن رسول اللـه أخبرني بالسبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل ، فقد وجب حقي عليك لبشارتي إياك ، ولما أجراه اللـه عزّ وجلّ علي يدي من هذا الأمر ، فقال (ع) : رأيت النبي (ص) ليلة الأربعاء في النوم فقال لي : يا موسى أنت محبوس مظلوم ؟ فقلت : نعم يا رسول اللـه محبوس مظلوم ، فكرر عليً ذلك ثلاثاً ثم قال :
{ وإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } (الانبياءِ/111)
أصبح غداً صائماً وأتبعه بصيام الخميس والجمعة ، فإذا كان وقت الإفطار فصلّ اثنتي عشر ركعة تقرأ في كلّ ركعة الحمد واثنتي عشرة مرة قل هو اللـه أحد ، فإذا صلّيت منها أربع ركعات فاسجد ثم قل : يا سابق الفوت يا سامع كلّ صوت يا محيي العظام وهي رميم بعد الموت ، أسألك باسمك العظيم الأعظم أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وأن تعجل لي الفرج مما أنا فيه " ففعلت فكان الذي رأيت
2
وربما اقتضى الأمر الإعجاز بهدف تأديب الشيعة على التواضع للحق ، والإبتعاد عن الكبر والتعالي للارتفاع بهم إلى مستوى ( حزب اللـه ) الذين لا يتمايزون عن بعضهم بما يملكون من مال أو علم أو منصب ، دعنا نقرأ معاً قصة علي بن يقطين ، وهو وزير في سلطان الطغاة ، وبحكم منصبه ربما أخذه الغرور وتعالى على سائر المؤمنين ، لننظر كيف يؤدبه الإمام ، ويستخدم قدرته الإلهية لتربية روح التقوى فيه .
عن محمد بن علي الصوفي قال : ( استأذن إبراهيم الجمّال رضي اللـه عنه على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه ، فحج علي بن يقطين في تلك السَّنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر فحجبه ، فرآه ثاني يومه فقال علي بن يقطين : سيدي ما ذنبي ؟ فقال : حجبتك لأنك حجبت أخاك إبراهيم الجمال ، وقد أبى اللـه أن يشكر سعيك أو يغفر لك حجب إبراهيم الجمّال ، فقلت : يا سيدي ومولاي من لي بإبراهيم الجمّال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة ؟ فقال : إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك واركب نجيباً هناك مسرجاً ، قال : فوافى البقيع وركب النجيب ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمّال بالكوفة ، فقرع الباب وقال : أنا علي بن يقطين.
فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار : وما يعمل علي بن يقطين الوزير ببابي ؟! فقال علي بن يقطين : يا هذا إن أمري عظيم ، وآلى عليه أن يأذن له ، فلما دخل قال : يا إبراهيم إن المولى (ع) أبى أن يقبلني أو تغفر لي ، فقال : يغفر اللـه لك فآلى علي بن يقطين على إبراهيم الجمّال أن يطأ خده فامتنع ابراهيم من ذلك ، فآلى عليه ثانياً ففعل ، فلم يزل ابراهيم يطأ خده ، وعلي بن يقطين يقول : اللـهم اشهد ، ثم انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر (ع) بالمدينة ، فأذن له ودخل عليه فقبله
3
إنّ المفضّل بن عمر قال : لمّا مضى الصادق ( عليه السلام ) ، كانت وصيته في الإمامة إلى موسى الكاظم (عليه السلام ) ، فادعى أخوه عبد الله الإمامة ، وكان أكبر ولد جعفر ( عليه السلام ) في وقته ذلك ، وهو المعروف بالأفطح .
فأمر موسى ( عليه السلام ) بجمع حطب كثير في وسط داره ، فأرسل إلى أخيه عبد الله يسأله أن يصير إليه ، فلمّا صار عنده ، ومع موسى ( عليه السلام ) جماعة من وجوه الإمامية ، فلمّا جلس إليه أخوه عبد الله ، أمر موسى ( عليه السلام ) أن تضرم النار في ذلك الحطب فأضرمت ، ولا يعلم الناس السبب فيه حتّى صار الحطب كلّه جمراً .
ثمّ قام (عليه السلام ) وجلس بثيابه في وسط النار ، وأقبل يحدّث القوم ساعة ، ثمّ قام فنفض ثوبه ورجع إلى المجلس ، فقال لأخيه عبد الله : ( إن كنت تزعم أنّك الإمام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس ) ، قالوا : فرأينا عبد الله قد تغيّر لونه ، فقام يجر رداءه حتّى خرج من دار موسى ( عليه السلام )
4
باعتباره قائد المسلمين ، وخليفة رسول اللـه (ص) الذي تحلّى بمكارم الخلق المحمدي ، فإنه كان رحيماً بالمؤمنين عزيزاً عليه ما عندتم .
وكثيراً ما كان ينظر بنور اللـه فيرى الضر الّذي قد يلحق بهم فيبادر برفعه عنهم بطريقة أو باخرى حتى ولو كان من النوع الفردي أو الجزئي ، دعنا نقرأ معاً القصة التالية :
عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : ( كتب إليّ أبو الحسن (ع) - قال عثمان بن عيسى وكنت حاضراً بالمدينة - : تحوّل عن منزلك ، فاغتمَّ بذلك ، وكان منزله منزلاً وسطاً بين المسجد والسوق ، فلم يتحوّل ، فعاد إليه الرسول : تحوّل عن منزلك ، فبقي ، ثم عاد إليه الثالثة : تحوّل عن منزلك ، فذهب وطلب منزلاً وكنت في المسجد ، ولم يجيء إلى المسجد إلاّ عتمة فقلت له : ما خلّفك ؟ فقال : ما تدري ما أصابني اليوم ؟ قلت : لا ، قال : ذهبت أستقي الماء من البر لأتوضأ فخرج الدلو مملوءاً خرءاً وقد عجّنا خبزنا بذلك الماء ، فطرحنا خبزنا وغسلنا ثيابنا ، فشغلني عن المجيء ، ونقلت متاعي إلى البيت الذي أكتريته ، فليس بالمنزل إلاّ الجارية ، الساعة أنصرف وآخذ بيدها ، فقلت : بارك اللـه لك ، ثم افترقنا ، فلمّا كان سحراً خرجنا إلى المسجد فقال : ما ترون ما حدث في هذه الليلة ؟ قلت : لا " قال : سقط واللـه منزلي ، السفلى والعليا )
5
قال أبو بصير : قلت لأبي الحسن موسى ( عليه السلام ) : بما يعرف الإمام ؟ قال : ( بخصال : أمّا أوّلهن ، فإنّه خص بشيء قد تقدّم فيه من أبيه ، وإشارته إليه ليكون حجّة ، ويسأل فيجيب ، وإذا سكت عنه ابتدأ بما في غد ، ويكلّم الناس بكل لسان ) ، ثمّ قال : ( أعطيك علامة قبل أن تقوم ) .
فلم ألبث أن دخل عليه خراساني فكلّمه بالعربية ، فأجابه أبو الحسن ( عليه السلام ) بالفارسية ، فقال الخراساني : ما منعني أن أكلّمك بلساني إلاّ ظننت أنّك لا تحسنها ، فقال ( عليه السلام) : ( سبحان الله ، إذا كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك ؟ فبما أستحق به الإمامة ) ، ثمّ قال : ( إنّ الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ، ولا منطق الطير ، ولا كلام شيء فيه روح ) .
6
قال ( عليه السلام) : ( قال أبي موسى ( علية السلام ) للحسين بن أبي العلا : اشتر لي جارية نوبية ، فقال الحسين : أعرف والله جارية نوبية نفيسة ، أحسن ما رأيت من النوبة ، فلولا خصلة لكانت من شأنك ، قال ( عليه السلام ) : وما تلك الخصلة ؟ قال : لا تعرف كلامك ، وأنت لا تعرف كلامها ، فتبسم ( علية السلام ) ، ثمّ قال : اذهب حتّى تشتريها ، فلمّا دخلت بها إليه ، قال لها بلغتها : ما اسمك ؟ قالت : مؤنسة .
قال : أنت لعمري مؤنسة ، قد كان لك اسم غير هذا ، وقد كان اسمك قبل هذا حبيبة ، قالت : صدقت ، ثمّ قال : يا ابن أبي العلا إنّها ستلد لي غلاماً لا يكون في ولدي أسخى ولا أشجع ولا أعبد منه ، قلت : فما تسميه حتّى أعرفه ؟ قال : اسمه إبراهيم ) .
7
قال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة : ومن بديع كراماته ماحكاه ابن الجوزي والرامهرمزي وغيرهما ، عن شقيق البلخي : أنه خرج حاجاً سنة تسع وأربعين ومائة فرآه بالقادسية منفرداً عن الناس ، فقـال في نفسه : هذا فتى من الصوفية يريد أن يكون كلاً على الناس ، لأمضين إليه ولأوبخنه ، فمضى إليه فقال : يا شقيق ، ( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) ، - إلى أنْ قال - فغاب عن عينيه فما رآه إلا بواقصة يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تتحادر فجاء إليه ليعتذر فخفف في صلاته ، وقال : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ ) الآية فلما نزلوا زبالة رآه على بئر ، فسقطت ركوته فيها فدعا فطغى الماء له حتى أخذها فتوضأ وصلى أربع ركعات ، ثم مال إلى كثيب رمل فطرح منها فيها وشرب ، فقال له : أطعمني من فضل ما رزقـك الله تعالى ، فقـال : يا شقيق لم تزل نعم الله علينا ظاهرة ، و باطنة فأحسن ظنك بربك فناولنيها ، فشربت منها فإذا سويق وسكر ما شربت والله ألذ منه ولا أطيب ريحاً ، فشبعت ورويت وأقمت أياماً لا أشتهي شراباً ولا طعاماً ، ثم لم أره إلا بمكة وهو بغلمان وغاشية وأمور على خلاف ما كان عليه بالطريق
يتبع باذن الله ..