من فاز بلقاء الحجة عليه السلام تسعة وخمسون حكاية

خاص بكل مايتعلق بصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
بتار علي&
عضو جديد
مشاركات: 56
اشترك في: السبت أكتوبر 22, 2011 8:17 pm

من فاز بلقاء الحجة عليه السلام تسعة وخمسون حكاية

مشاركة بواسطة بتار علي& »

صورة







من فاز بلقاء الحجة عليه السلام

تسعة وخمسون حكاية

مقدمة المركز

الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.
الإعتقاد بالمهدي المنتظر عليه السلام من الأمور المجمع عليها بين المسلمين، بل من الضروريّات التي لا يشوبها شك.(1)
وقد جاءت الأخبار الصحيحة المتواترة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّ الله تعالى سيبعث في آخر الزمان رجلاً من أهل البيت عليهم السلام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، وجاء أنّ ظهوره من المحتوم الذي لا يتخلّف، حتّى لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله عز وجل ذلك اليوم حتّى يظهر.
وكيف وأنّى يتخلّف وعد الله عز وجل في إظهار دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون؟ وكيف لا يحقّق تعالى وعده للمستضعفين المؤمنين باستخلافهم في الأرض، وبتمكين دينهم الذي ارتضى لهم، وإبدالهم من بعد خوفهم أمناً، ليعبدوه تعالى لا يُشركون به شيئاً.
وقد أجمع المسلمون على أنّ المهديّ المنتظر عليه السلام من أهل البيت عليهم السلام، وأنّه من ولد فاطمة عليها السلام. وأجمع الإماميّة _ ومعهم عدد من علماء السنة _ أنّه عليه السلام من ولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، فأثبتوا اسمه ونعته وهويّته الكاملة.
هكذا فقد إعتقد الإمامية _ ومعهم بعض علماء السنّة _ أنّ المهدي المنتظر قد وُلد فعلاً، وأنّه حيّ يُرزق، لكنّه غائب مستور. وماذا تنكر هذه الأمّة أن يستر الله عز وجل حجّته في وقت من الأوقات؟ وماذا تنكر أن يفعل الله تعالى بحجّته كما فعل بيوسف عليه السلام: أن يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه، حتّى يأذن الله عز وجل له أن يعرّفهم بنفسه كما أذن ليوسف (قالُوا أَإِنَّكَ لأََنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وهذا أَخِي).(2)


تنبيه:

لما كانت بعض القصص والحكايات المذكورة في الكتاب لا تنسجم مع التحليل العلمي والسندي لذا قمنا بالتعليق عليها وتركنا البعض الآخر في بقعة الامكان إذ أن الهدف الأساس من كتابة مثل هذه الحكاياة هو ايجاد الارتباط الروحي والقلبي مع المولى صاحب العصر والزمان فليس من الضروري معاملة هذه الحكايات على أساس البحث السندي الدقيق المتبع في أروقة الحوزة العلمية والمناهج الدراسية إذ أن المتحصل الاجمالي من هذه الحكايات وغيرها العشرات بل المئات هو حصول العلم الاجمالي بوقوع أمثال هذه اللقاءات في عصر الغيبة الكبرى وهذا ما يفيدنا في هذا الباب وليس المهم تحقيق صحة كل قضية وواقعة.



السيد محمّد القبانجي
مركز الدراسات التخصّصية
في الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
النجف الأشرف



هذه المقدمة من الكتاب


وان شاء الله راح انزل هذه الحكايات على شكل سلسلة قصصية









الحكاية الأولى:

(قصة محمود الفارسي)


حدث السيد المعظم المبجل، بهاء الدين عليّ بن عبد الحميد الحسيني النجفي النيلي المعاصر للشهيد الأول في كتاب الغيبة عن الشيخ العالم الكامل القدوة المقرئ الحافظ، المحمود الحاج المعتمر شمس الحق والدين محمّد بن قارون قال: دعيت إلى امرأة فأتيتها وأنا أعلم أنها مؤمنة من أهل الخير والصلاح فزوّجها أهلها من محمود الفارسي المعروف بأخي بكر، ويقال له ولأقاربه بنو بكر، وأهل فارس مشهورون بشدة التسنن والنصب والعداوة لأهل الإيمان، وكان محمود هذا أشدهم في الباب، وقد وفقه الله تعالى للتشيع دون أصحابه.
فقلت لها: واعجباه كيف سمح أبوك بك؟ وجعلك مع هؤلاء النواصب؟ وكيف اتفق لزوجك مخالفة أهله حتّى يرفضهم؟(14)
فقالت: يا أيها المقرئ إن له حكاية عجيبة إذا سمعها أهل الأدب حكموا أنها من العجب.
قلت: وما هي؟
فقالت: سله عنها سيخبرك.
قال الشيخ: فلما حضرنا عنده قلت له: يا محمود، ما الذي أخرجك عن ملة أهلك، وأدخلك مع الشيعة؟
فقال: يا شيخ لما اتضح لي الحق تبعته، اعلم أنه قد جرت عادة أهل الفرس(15) أنهم إذا سمعوا بورود القوافل عليهم، خرجوا يتلقونهم، فاتفق أنّا سمعنا بورود قافلة كبيرة، فخرجت ومعي صبيان كثيرون وأنا إذ ذاك صبي مراهق، فاجتهدنا في طلب القافلة، بجهلنا، ولم نفكر في عاقبة الأمر، وصرنا كلما انقطع منا صبي من التعب خلوه إلى الضعف، فضللنا عن الطريق، ووقعنا في واد لم نكن نعرفه، وفيه شوك، وشجر ودغل، لم نر مثله قط فأخذنا في السير حتّى عجزنا وتدلت ألسنتنا على صدورنا من العطش، فأيقنا بالموت، وسقطنا لوجوهنا.
فبينما نحن كذلك إذا بفارس على فرس أبيض، قد نزل قريبا منا، وطرح مفرشاً لطيفاً لم نر مثله تفوح منه رائحة طيبة، فالتفتنا إليه وإذا بفارس آخر على فرس أحمر عليه ثياب بيض، وعلى رأسه عمامة لها ذؤابتان، فنزل على ذلك المفرش ثمّ قام فصلى بصاحبه، ثمّ جلس للتعقيب. فالتفت إلي وقال: يا محمود!
فقلت: بصوت ضعيف: لبيك يا سيدي.
قال: ادن مني.
فقلت: لا أستطيع(16) لما بي من العطش والتعب.
قال: لا بأس عليك.
فلما قالها حسبت كأن قد حدث في نفسي روح متجددة، فسعيت إليه حبوا فمر(17) يده على وجهي وصدري ورفعها إلى حنكي فرده حتّى لصق بالحنك الأعلى ودخل لساني في فمي، وذهب ما بي، وعدت كما كنت أولا.
فقال: قم وائتني بحنظلة من هذا الحنظل.
وكان في الوادي حنظل كثير فأتيته بحنظلة كبيرة فقسمها نصفين، وناولنيها وقال: كل منها فأخذتها منه.
ولم أقدم على مخالفته وعندي(18) أمرني(19) أن آكل الصبر لما أعهد من مرارة الحنظل فلما ذقتها فإذا هي أحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأطيب ريحا من المسك شبعت ورويت.
ثمّ قال لي: ادع صاحبك.
فدعوته، فقال بلسان مكسور ضعيف: لا أقدر على الحركة.
فقال له: قم لا بأس عليك.
فأقبل إليه حبوا وفعل معه كما فعل معي ثمّ نهض ليركب، فقلنا :بالله عليك يا سيدنا إلا ما أتممت علينا نعمتك، وأوصلتنا إلى أهلنا.
فقال: لا تعجلوا وخط حولنا برمحه خطة، وذهب هو وصاحبه.
فقلت لصاحبي: قم بنا حتّى نقف بازاء الجبل ونقع على الطريق، فقمنا وسرنا وإذا بحائط في وجوهنا فأخذنا في غير تلك الجهة فإذا بحائط آخر، وهكذا من أربع جوانبنا.
فجلسنا وجعلنا نبكي على أنفسنا ثمّ قلت لصاحبي: ائتنا من هذا الحنظل لنأكله، فأتى به فإذا هو أمرّ من كل شيء، وأقبح، فرمينا به، ثمّ لبثنا هنيئة وإذا قد استدار من الوحش ما لا يعلم إلا الله عدده، وكلما أرادوا القرب منا منعهم ذلك الحائط، فإذا ذهبوا زال الحائط، وإذا عادوا عاد.
قال: فبتنا تلك الليلة آمنين حتّى أصبحنا، وطلعت الشمس واشتد الحر وأخذنا العطش فجزعنا أشد الجزع، وإذا بالفارسين قد أقبلا وفعلا كما فعلا بالأمس، فلما أرادا مفارقتنا قلنا له: بالله عليك إلا أوصلتنا إلى أهلنا.
فقال: ابشرا فسيأتيكما من يوصلكما إلى أهليكما.
ثمّ غابا. فلما كان آخر النهار إذا برجل من فراسن(20)، ومعه ثلاث أحمرة، قد أقبل ليحتطب فلما رآنا ارتاع منا وانهزم، وترك حميره فصحنا إليه باسمه، وتسمينا له فرجع وقال: يا ويلكما إن أهاليكما قد أقاموا عزاءكما، قوما لا حاجة لي في الحطب.
فقمنا وركبنا تلك الأحمرة، فلما قربنا من البلد، دخل أمامنا، وأخبر أهلنا ففرحوا فرحا شديدا وأكرموه وخلعو(21) عليه.
فلما دخلنا إلى أهلنا سألونا عن حالنا، فحكينا لهم بما شاهدناه، فكذبونا وقالوا: هو تخييل لكم من العطش.
قال محمود: ثمّ أنساني الدهر حتّى كأن لم يكن، ولم يبق على خاطري شيء منه حتّى بلغت عشرين سنة، وتزوجت وصرت أخرج في المكاراة ولم يكن في أهلي أشد مني نصبا لأهل الإيمان، سيما زوار الأئمة عليهم السلام بسر من رأى فكنت أكريهم الدواب بالقصد لأذيتهم بكل ما أقدر عليه من السرقة وغيرها، وأعتقد أن ذلك مما يقربني إلى الله تعالى.
فاتفق أني كريت دوابي مرة لقوم من أهل الحلة، وكانوا قادمين إلى الزيارة منهم ابن السهيلي وابن عرفة وابن حارب، وابن الزهدري، وغيرهم من أهل الصلاح، ومضيت إلى بغداد، وهم يعرفون ما أنا عليه من العناد، فلما خلوا بي من الطريق وقد امتلاؤا عليّ غيظاً وحنقاً لم يتركوا شيئاً من القبيح إلا فعلوه بي وأنا ساكت لا أقدر عليهم لكثرتهم، فلما دخلنا بغداد ذهبوا إلى الجانب الغربي فنزلوا هناك، وقد امتلأ فؤادي حنقاً.
فلما جاء أصحابي قمت إليهم، ولطمت على وجهي وبكيت، فقالوا: مالك؟ وما دهاك؟ فحكيت لهم ما جرى عليّ من اولئك القوم، فأخذوا في سبّهم ولعنهم وقالوا: طب نفساً فانا نجتمع معهم في الطريق إذا خرجوا، ونصنع بهم أعظم مما صنعوا.
فلما جنّ الليل، أدركتني السعادة، فقلت في نفسي: إن هؤلاء الرفضة لا يرجعون عن دينهم، بل غيرهم إذا زهد يرجع إليهم، فما ذلك إلا لأن الحق معهم فبقيت مفكرا في ذلك، وسألت ربي بنبيه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أن يريني في ليلتي علامة أستدل بها على الحق الذي فرضه الله تعالى على عباده.
فأخذني النوم فإذا أنا بالجنة قد زخرفت، فإذا فيها أشجار عظيمة، مختلفة الألوان والثمار، ليست مثل أشجار الدنيا، لأن أغصانها مدلاة، وعروقها إلى فوق، ورأيت أربعة أنهار: من خمر، ولبن، وعسل، وماء، وهي تجري وليس لها جرف(22) بحيث لو أرادت النملة أن تشرب منها لشربت، ورأيت نساء حسنة الأشكال ورأيت قوماً يأكلون من تلك الثمار، ويشربون من تلك الأنهار، وأنا لا أقدر على ذلك، فكلما أردت أن أتناول من الثمار، تصعد إلى فوق، وكلما هممت أن أشرب من تلك الأنهار، تغور إلى تحت، فقلت للقوم: ما بالكم تأكلون وتشربون؟ وأنا لا أطيق ذلك؟
فقالوا: إنك لم تأتِ(23) إلينا بعد.
فبينا أنا كذلك وإذا بفوج عظيم.
فقلت: ما الخبر؟
فقالوا: سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام قد أقبلت، فنظرت فإذا بأفواج من الملائكة على أحسن هيئة، ينزلون من الهواء إلى الأرض، وهم حافون بها، فلما دنت وإذا بالفارس الذي قد خلصنا من العطش بإطعامه لنا الحنظل، قائما بين يدي فاطمة عليها السلام فلما رأيته عرفته، وذكرت تلك الحكاية، وسمعت القوم يقولون: هذا م ح م د بن الحسن القائم المنتظر، فقام الناس وسلموا على فاطمة عليها السلام.
فقمت أنا وقلت: السلام عليك يا بنت رسول الله.
فقالت: وعليك السلام يا محمود أنت الذي خلصك ولدي هذا من العطش؟
فقلت: نعم، يا سيدتي.
فقالت: إن دخلت مع شيعتنا أفلحت.
فقلت: أنا داخل في دينك ودين شيعتك، مقر بإمامة من مضى من بنيك، ومن بقي منهم.
فقالت: أبشر فقد فزت.
قال محمود: فانتبهت وأنا أبكي، وقد ذهل عقلي مما رأيت فانزعج أصحابي لبكائي، وظنوا أنه مما حكيت لهم، فقالوا: طب نفسا فوالله لننتقمنّ من الرفضة فسكت عنهم حتّى سكتوا، وسمعت المؤذن يعلن بالأذان، فقمت إلى الجانب الغربي ودخلت منزل اُولئك الزوار، فسلمت عليهم.
فقالوا: لا أهلاً ولا سهلاً اخرج عنّا لا بارك الله فيك.
فقلت: إني قد عدت معكم، ودخلت عليكم لتعلموني معالم ديني، فبهتوا من كلامي.
وقال بعضهم: كذب، وقال: آخرون جاز أن يصدق. فسألوني عن سبب ذلك، فحكيت لهم ما رأيت، فقالوا: إن صدقت فانا ذاهبون إلى مشهد الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام، فامض معنا حتّى نشيعك هناك.
فقلت: سمعا وطاعة.
وجعلت أقبل أيديهم وأقدامهم، وحملت أخراجهم وأنا أدعو لهم حتّى وصلنا إلى الحضرة الشريفة، فاستقبلنا الخدام، ومعهم رجل علوي كان أكبرهم، فسلموا على الزوار فقالوا له: افتح لنا الباب حتّى نزور سيدنا ومولانا، فقال: حبا وكرامة، ولكن معكم شخص يريد أن يتشيع، ورأيته في منامي واقفا بين يدي سيدتي فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، فقالت لي: يأتيك غدا رجل يريد أن يتشيع فافتح له الباب قبل كل أحد، ولو رأيته الآن لعرفته.
فنظر القوم بعضهم إلى بعض متعجبين، فقالوا: فشرع ينظر إلى واحد واحد فقال: الله أكبر هذا والله هو الرجل الذي رأيته.
ثمّ أخذ بيدي فقال القوم: صدقت يا سيد وبررت، وصدق هذا الرجل بما حكاه، واستبشروا بأجمعهم وحمدوا الله تعالى.
ثمّ إنه أدخلني الحضرة الشريفة، وشيعني وتوليت وتبريت.
فلما تم أمري قال العلوي: وسيدتك فاطمة تقول لك: سيلحقك بعض حطام الدنيا فلا تحفل به، وسيخلفه الله عليك، وستحصل في مضايق فاستغث بنا تنج.
فقلت: السمع، والطاعة، وكان لي فرس قيمتها مائتا دينار فماتت وخلف الله عليّ مثلها، وأضعافها، وأصابني مضايق فندبتهم ونجوت، وفرج الله عني بهم، وأنا اليوم اُوالي من والاهم، واُعادي من عاداهم، وأرجو بهم حسن العاقبة.
ثمّ إني سعيت إلى رجل من الشيعة، فزوجني هذه المرأة، وتركت أهلي فما قبلت أتزوج منهم، وهذا ما حكا لي في تاريخ شهر رجب (سنة) ثمان وثمانين وسبعمائة هجرية، والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمّد وآله.





هوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أُنزل على محمّد. انظر عقد الدرر: 230؛ عرف المهدي 2: 83؛ الفتاوى الحديثيّة: 27؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: 175، ف 12. (2) يوسف: 9، اشارة إلى ما روى عنه عليه السلام أنه قال يوما لابي موسى من أصحابه : اخرجت إلى سر من رأى كرها، ولو اخرجت عنها اخرجت كرها، قال : قلت : ولم يا سيدي ؟ فقال: لطيب هوائها، وعذوبة مائها وقلة دائها، ثمّ قال : تخرب سر من رأى حتّى يكون فيها خان وقفا للمارة، وعلامة خرابها تدارك العمارة في مشهدي بعدي. راجع مناقب آل أبي طالب 4: 417. (14) في النسخة ترفضهم. (15) الظاهر أنه بالفتح، موضع للهذيل أو بلد من بلدانهم كما في القاموس منه رحمه الله. أقول: بل هو بالضم لما سبق قبل أسطر من قوله: (وأهل فارس مشهورون بشدة التسنن والنصب والعداوة). (الظاهر انها بالفتح وتوجد حالياً منطقة بين بغداد وسامراء تعرف بهذا الاسم، والظاهر انها المقصودة). (16) هذا هو الظاهر، والنسخة (لم استطع). منه رحمه الله. (17) فأمرّ ظ. (18) أي وعندي من العقيدة والنظر أنه أمرني أن آكل الصبر. (19) هكذا في النسخة. (20) هكذا في النسخة. (21) في النسخة (وأخلعوا). (22) الجرف بالضم وبضمتين ما تجرفته السيول، وأكلته من الارض، ومنه المثل (فلان يبني على جرف هار، لا يدري ما ليل من نهار) وجمعه أجرف، ويقال للجانب الذي أكله الماء من حاشية النهر أيضا، أو هو بضمتين، فكأنه أراد أن تلك الانهار كان لها جداول مستوية وكانت المياه تجري فيها مملوءة، بحيث لو أرادت النملة أن تشرب منها لشربت، ولم تقع فيها. (23)


الى اللقاء مع حكاية جديدة

بربغي
مشاركات: 4173
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 3:20 am

مشاركة بواسطة بربغي »

شكرا لك اخي العزيز بتار علي

موضوع جميل جدا

خالص تحياتي
صورة العضو الرمزية
بتار علي&
عضو جديد
مشاركات: 56
اشترك في: السبت أكتوبر 22, 2011 8:17 pm

مشاركة بواسطة بتار علي& »

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم

مولاي الكريم بربغي
تشرفت بمروك الكريم
جزاك الله خيرا

تحياتي الحسينيه
صورة العضو الرمزية
بتار علي&
عضو جديد
مشاركات: 56
اشترك في: السبت أكتوبر 22, 2011 8:17 pm

مشاركة بواسطة بتار علي& »

صورة



الحكاية الثانية:

(مكاشفات للسيد ابن طاووس قدس سره)

قال السيد الجليل صاحب المقامات الباهرة والكرامات الظاهرة رضي الدين عليّ بن طاووس في كتاب غياث سلطان الورى على ما نقله عنه المحدث الاسترابادي في الفوائد المدنية في نسختين كانت إحداهما بخط الفاضل الهندي ما لفظه: يقول عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس: كنت قد توجهت أنا وأخي الصالح محمّد بن محمّد بن محمّد القاضي الآوي ضاعف الله سعادته، وشرف خاتمته من الحلة إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، في يوم الثلاثاء سابع عشر شهر جمادي الاخرى سنة إحدى وأربعين وستمائة، فاختار الله لنا المبيت بالقرية التي تسمى دورة بن سنجار، وبات أصحابنا ودوابنا في القرية، وتوجهنا منها أوائل نهار يوم الأربعاء ثامن عشر الشهر المذكور. فوصلنا إلى مشهد مولانا عليّ صلوات الله وسلامه عليه قبل ظهر يوم الأربعاء المذكور، فزرنا وجاء الليل في ليلة الخميس تاسع عشر جمادي الاخرى المذكورة فوجدت من نفسي إقبالا على الله، وحضورا وخيرا كثيرا فشاهدت ما يدل على القبول والعناية والرأفة وبلوغ المأمول والضيافة، فحدثني أخي الصالح محمّد بن محمّد الآوي ضاعف الله سعادته أنه رأى في تلك الليلة في منامه كأن في يدي لقمة وأنا أقول له: هذه من فم مولانا المهدي عليه السلام وقد أعطيته بعضها.
فلما كان سحر تلك الليلة، كنت على ما تفضل الله به من نافلة الليل فلما أصبحنا به من نهار الخميس المذكور، دخلت الحضرة حضرة مولانا عليّ صلوات الله عليه على عادتي، فورد عليّ من فضل الله وإقباله والمكاشفة، ما كدت أسقط على الأرض، ورجفت أعضائي وأقدامي، وارتعدت رعدة هائلة، على عوائد فضله عندي وعنايته لي، وما أراني من بره لي ورفدي، وأشرفت على الفناء ومفارقة دار الفناء والإنتقال إلى دار البقاء، حتّى حضر الجمال محمّد بن كنيلة، وأنا في تلك الحال فسلم عليّ فعجزت عن مشاهدته، وعن النظر إليه، وإلى غيره، وما تحققته بل سألت عنه بعد ذلك، فعرفوني به تحقيقا وتجددت في تلك الزيارة مكاشفات جليلة، و بشارات جميلة.
وحدثني أخي الصالح محمّد بن محمّد بن محمّد الآوي ضاعف الله سعادته، بعدة بشارات رواها لي منها أنه رأى كأن شخصا يقص عليه في المنام مناما، ويقول له: قد رأيت كأن فلانا _ يعني عني _(24) وكأنني كنت حاضرا لما كان المنام يقص عليه _ راكب فرسا وأنت يعني الأخ الصالح الآوي، وفارسان آخران قد صعدتم جميعا إلى السماء.
قال: فقلت له: أنت تدري أحد الفارسين من هو؟
فقال صاحب المنام في حال النوم لا أدري، فقلت: أنت _ يعني عني _ ذلك مولانا المهدي صلوات الله وسلامه عليه.
وتوجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلة، فوصلنا ليلة الجمعة، سابع عشر جمادى الآخرة بحسب الاستخارة، فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكورة أن شخصا فيه صلاح يقال له: عبد المحسن، من أهل السواد قد حضر بالحلة وذكر أنه قد لقيه مولانا المهدي صلوات الله عليه ظاهرا في اليقظة، وقد أرسله إلى عندي برسالة، فنفذت قاصدا وهو محفوظ بن قرا فحضرا ليلة السبت ثامن عشر من جمادي الآخرة المقدم ذكرها.
فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن، فعرفته فهو رجل صالح، لا يشك النفس في حديثه، ومستغن عنا، وسألته فذكر أن أصله من حصن بشر وأنه انتقل إلى الدولاب الذي بازاء المحولة المعروفة بالمجاهدية، ويعرف الدولاب بابن أبي الحسن وأنه مقيم هناك، وليس له عمل بالدولاب ولا زرع ولكنه تاجر في شراء غليلات وغيرها، وأنه كان قد ابتاع غلة من ديوان السرائر وجاء ليقبضها، وبات عند المعيدية في المواضع المعروفة بالمحبر.
فلما كان وقت السحر كره استعمال ماء المعيدية، فخرج بقصد النهر، والنهر في جهة المشرق، فما أحس بنفسه إلا وهو في قل السلم، في طريق مشهد الحسين عليه السلام، في جهة المغرب، وكان ذلك ليلة الخميس تاسع عشر شهر جمادي الآخرة من سنة إحدى وأربعين وستمائة التي تقدم شرح بعض ما تفضل الله عليّ فيها وفي نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.
فجلست اريق ماء وإذا فارس عندي ما سمعت له حسا، ولا وجدت لفرسه حركة، ولا صوتا، وكان القمر طالعا، ولكن كان الضباب كثيراً (25).
فسألته عن الفارس وفرسه، فقال: كان لون فرسه صدءا وعليه ثياب بيض وهو متحنك بعمامة ومتقلد بسيف.
فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن: كيف وقت الناس؟
قال عبد المحسن: فظننت أنه يسأل عن ذلك الوقت، قال: فقلت الدنيا عليه ضباب وغبرة.
فقال: ما سألتك عن هذا أنا سألتك عن حال الناس.
قال: فقلت: الناس طيبين مرخصين آمنين في أوطانهم وعلى أموالهم.
فقال: تمضي إلى ابن طاووس، وتقول له كذا وكذا، وذكر لي ما قال صلوات الله عليه ثمّ قال عنه عليه السلام: فالوقت قد دنا، فالوقت قد دنا.
قال عبد المحسن فوقع في قلبي وعرفت نفسي أنه مولانا صاحب الزمان عليه السلام فوقعت على وجهي وبقيت كذلك مغشيا عليّ إلى أن طلع الصبح، قلت له: فمن أين عرفت أنه قصد ابن طاووس عني؟(26)
قال: ما أعرف من بني طاووس إلا أنت، وما في قلبي إلا انه قصد بالرسالة إليك.
قلت: أي شيء فهمت بقوله عليه السلام: (فالوقت قد دنا فالوقت قد دنا) هل قصد وفاتي قد دنا أم قد دنا وقت ظهوره صلوات الله وسلامه عليه؟
فقال: بل قد دنا وقت ظهوره صلوات الله عليه.
قال: فتوجهت ذلك الوقت(27) إلى مشهد الحسين عليه السلام وعزمت أنني ألزم بيتي مدة حياتي أعبد الله تعالى، وندمت كيف ما سألته صلوات الله عليه عن أشياء كنت أشتهي أسأله فيها.
قلت له: هل عرفت بذلك أحدا؟
قال: نعم، عرفت بعض من كان عرف بخروجي من المعيدية، وتوهموا أني قد ضللت وهلكت بتأخيري عنهم، واشتغالي بالغشية التي وجدتها، ولأنهم كانوا يروني طول ذلك النهار يوم الخميس في أثر الغشية التي لقيتها من خوفي منه عليه السلام فوصيته أن لا يقول ذلك لأحد أبدا، وعرضت عليه شيئا فقال: أنا مستغن عن الناس وبخير كثير.
فقمت أنا وهو فلما قام عني نفذت له غطاء وبات عندنا في المجلس على باب الدار التي هي مسكني الآن بالحلة، فقمت وكنت أنا وهو في الروشن(28) في خلوة، فنزلت لأنام فسألت الله زيادة كشف في المنام في تلك الليلة أراه أنا. فرأيت كأن مولانا الصادق عليه السلام قد جاءني بهدية عظيمة، وهي عندي وكأنني ما أعرف قدرها، فاستيقظت وحمدت الله، وصعدت الروشن لصلاة نافلة الليل، وهي ليلة السبت ثامن عشر جمادي الآخرة فأصعد فتح(29) الابريق إلى عندي فمددت يدي فلزمت عروته لأفرغ على كفي فأمسك ماسك فم الابريق وأداره عني ومنعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة، فقلت: لعل الماء نجس فأراد الله أن يصونني عنه فإن لله عز وجل عليّ عوائد كثيرة أحدها مثل هذا وأعرفها. فناديت إلى فتح، وقلت: من أين ملأت الابريق؟
فقال: من المصبة(30) فقلت: هذا لعله نجس فاقلبه وطهره(31)(32) واملأه من الشط فمضى وقلبه وأنا أسمع صوت الابريق وشطفه وملأه من الشط، وجاء به فلزمت عروته وشرعت اقلب منه على كفي فأمسك ماسك فم الابريق وأداره عني ومنعني منه.
فعدت وصبرت، ودعوت بدعوات، وعاودت الابريق وجرى مثل ذلك، فعرفت أن هذا منع لي من صلاة الليل تلك الليلة، وقلت في خاطري: لعل الله يريد أن يجري عليّ حكما وابتلاء غدا ولا يريد أن أدعو الليلة في السلامة من ذلك، وجلست لا يخطر بقلبي غير ذلك. فنمت وأنا جالس، وإذا برجل يقول لي: _ يعني عبد المحسن الذي جاء بالرسالة _ كأنه ينبغي أن تمشي بين يديه، فاستيقظت ووقع في خاطري أنني قد قصرت في احترامه وإكرامه، فتبت إلى الله جل جلاله، واعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك، وشرعت في الطهارة فلم يمسك أبدا (فم) الابريق وتركت على عادتي فتطهرت وصليت ركعتين فطلع الفجر فقضيت نافلة الليل، وفهمت أنني ما قمت بحق هذه الرسالة. فنزلت إلى الشيخ عبد المحسن، وتلقيته وأكرمته، وأخذت له من خاصتي ستانير(33) ومن غير خاصتي خمسة عشر دينارا مما كنت أحكم فيه كمالي(34) وخلوت به في الروشن، وعرضت ذلك عليه، واعتذرت إليه، فامتنع من قبول شيء أصلا.
وقال: إن معي نحو مائة دينار وما آخذ شيئا، أعطه لمن هو فقير، وامتنع غاية الامتناع.
فقلت: إن رسول مثله عليه الصلاة والسلام، يعطى لأجل الاكرام لمن أرسله لا لأجل فقره وغناه، فامتنع، فقلت له: (مبارك) أما الخمسة عشر، فهي من غير خاصتي، فلا اكرهك على قبولها، وأما هذه الستة دنانير فهي من خاصتي فلا بد أن تقبلها مني فكاد أن يؤيسني من قبولها، فألزمته فأخذها، وعاد تركها، فألزمته فأخذها، وتغديت أنا وهو، ومشيت بين يديه كما امرت في المنام إلى ظاهر الدار وأوصيته بالكتمان، والحمد لله وصلى الله على سيد المرسلين محمّد وآله الطاهرين.



هوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في النسخة (لا تأتي). (24) قد تكرر في الحكاية قوله: (يعنى عنى) وأمثاله، وهي من لغة أهل العراق: المولدين، وكانه يستعمل (يعني) بمعنى (يكنى) أي يكنى بفلان عني. (25) الضباب: ندى كالغبار يغشى الأرض وقيل سحاب رقيق كالدخان، يقال له بالفارسية: (مِه). (26) هكذا في النسخة والصحيح (قصدني عن ابن طاووس) منه رحمه الله ، أقول: قد عرفت أن ناقل الحكاية من أهل السواد، فإذا عدى (عنى) و(قصد) بعن الجارة يضمنه معنى الكناية كانه قال: (كنى بابن طاووس عنى) ومعناه على لغته ظاهر. (27) اليوم، خ. (28) الروشن: أصلها فارسية، قال الفيروزآبادي: (الروشن: الكوة) لكن المراد بقرينة ما بعده: الغرفة المشرفة. (29) فتح: اسم غلامه. (منه رحمه الله). (30) في الأصل المطبوع: المسببة، بالسين وهو تصحيف. (31) في نسخة الفاضل الهندي: (فاشطفه) وهو الأصح لغة، وبقرينة ما يأتي، (منه رحمه الله). أقول: الشطف: الغسل، وهي لغة سواد أهل العراق، ليست بأصيلة. (32) في النسخة (واطهره). (33) ستانير، كذا في النسخ والظاهر انه مخفف (ستة دنانير) كذا بخط المؤلف رحمه الله ، أقول: بل هو مقطوع لما يأتي بعده من التصريح بذلك، وهو مثل قولهم: (ستى) مخفف (سيدتي). (34) أي مثل مالي.

الى اللقاء مع حكاية جديدة

اختكم في الله بتارعلي

صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

مشاركة بواسطة مراقب »

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم

ياصاااااااااااااااااااحب الزمان

هنيأ هنيأً لكل من تشرف بهذا اللقاء المشرف وياله من شرف عظيـــــــم


اللهم كن لوليك الحجه ابن الحسن صلوتك عليه وعلى ابائه في هذه الساعه وفي كل ساعه ولياً وحافظا وقائداً وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا


يا ارحم الراحمين


جزاكم الله كل خير اخي الكريم وجعلنا الله واياكم من انصار امامنا والمستشهدين بين يديه
صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
بتار علي&
عضو جديد
مشاركات: 56
اشترك في: السبت أكتوبر 22, 2011 8:17 pm

مشاركة بواسطة بتار علي& »

صورة
صورة العضو الرمزية
بتار علي&
عضو جديد
مشاركات: 56
اشترك في: السبت أكتوبر 22, 2011 8:17 pm

مشاركة بواسطة بتار علي& »

صورة



الحكاية الثالثة:

(مدن يحكمها أبناء الحجة عليه السلام)

في آخر كتاب في التعازي عن آل محمّد عليهم السلام ووفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تأليف الشريف الزاهد أبي عبد الله محمّد بن عليّ بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسيني رضي الله عنه عن الأجل العالم الحافظ، حجة الاسلام، سعيد بن أحمد بن الرضي عن الشيخ الأجل المقرئ خطير الدين حمزة بن المسيب بن الحارث أنه حكى في داري بالظفرية بمدينة السلام في ثامن عشر شهر شعبان سنة أربع وأربعين وخمسمائة قال: حدثني شيخي العالم ابن أبي القاسم(1) عثمان بن عبد الباقي بن احمد الدمشقي في سابع عشر جمادى الآخرة من سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة قال: حدثني الأجل العالم الحجة كمال الدين أحمد بن محمّد بن يحيى الأنباري بداره بمدينة السلام ليلة عاشر شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
قال: كنا عند الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدم ذكرها، ونحن على طبقة، وعنده جماعة، فلما أفطر من كان حاضرا وتقوض(2) أكثر من حضر خاصرا،(3) أردنا الانصراف، فأمرنا بالتمسي عنده، فكان في مجلسه في تلك الليلة شخص لا أعرفه، ولم أكن رأيته من قبل، ورأيت الوزير يكثر إكرامه، ويقرب مجلسه، ويصغي إليه، ويسمع قوله، دون الحاضرين. فتجارينا الحديث والمذاكرة، حتّى أمسينا وأردنا الانصراف، فعرفنا بعض أصحاب الوزير أن الغيث ينزل، وأنه يمنع من يريد الخروج، فأشار الوزير أن نمسي عنده فأخذنا نتحادث، فأفضى الحديث حتّى تحادثنا في الأديان والمذاهب ورجعنا إلى دين الإسلام، وتفرق المذاهب فيه.
فقال الوزير: أقل طائفة مذهب الشيعة، وما يمكن أن يكون أكثر منهم في خطتنا هذه، وهم الأقل من أهلها، وأخذ يذم أحوالهم، ويحمد الله على قتلهم في أقاصي الأرض.
فالتفت الشخص الذي كان الوزير مقبلا عليه، مصغيا إليه، فقال له: أدام الله أيامك أحدث بما عندي فيما قد تفاوضتم فيه أو أعرض عنه، فصمت الوزير، ثمّ قال: قل ما عندك.
فقال: خرجت مع والدي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، من مدينتنا وهي المعروفة بالباهية، ولها الرستاق الذي يعرفه التجار، وعدة ضياعها ألف ومائتا ضيعة، في كل ضيعة من الخلق ما لا يحصي عددهم إلا الله، وهم قوم نصارى، وجميع الجزائر التي كانت حولهم، على دينهم ومذهبهم، ومسير بلادهم وجزائرهم مدة شهرين، وبينهم وبين البر مسير عشرين يوما وكل من في البر من الأعراب وغيرهم نصارى وتتصل بالحبشة والنوبة، وكلهم نصارى، ويتصل بالبربر، وهم على دينهم، فإن حد هذا كان بقدر كل من في الأرض، ولم نضف إليهم الافرنج والروم. وغير خفي عنكم من بالشام والعراق والحجاز من النصارى.
واتفق أننا سرنا في البحر، وأوغلنا، وتعدينا الجهات التي كنا نصل إليها، ورغبنا في المكاسب ولم نزل على ذلك حتّى صرنا إلى جزائر عظيمة كثيرة الأشجار، مليحة الجدران فيها المدن الملدودة(4) والرساتيق.
وأول مدينة وصلنا إليها واُرسي المراكب بها، وقد سألنا الناخداه أي شيء هذه الجزيرة؟
قال: والله إن هذه جزيرة لم أصل إليها ولا أعرفها، وأنا وأنتم في معرفتها سواء.
فلما أرسينا بها، وصعد التجار إلى مشرعة تلك المدينة، وسألنا ما اسمها؟ فقيل: هي المباركة.
فسألنا عن سلطانهم وما اسمه؟
فقالوا: اسمه الطاهر.
فقلنا وأين سرير مملكته؟
فقيل: بالزاهرة.
فقلنا: وأين الزاهرة؟
فقالوا: بينكم وبينها مسيرة عشر ليال في البحر، وخمس وعشرين ليلة في البر، وهم قوم مسلمون.
فقلنا: من يقبض زكاة ما في المركب لنشرع في البيع والابتياع؟
فقالوا: تحضرون عند نائب السلطان.
فقلنا: وأين أعوانه؟
فقالوا: لا أعوان له، بل هو في داره وكل من عليه حق يحضر عنده، فيسلمه إليه.
فتعجبنا من ذلك، وقلنا: ألا تدلونا عليه؟
فقالوا: بلى.
وجاء معنا من أدخلنا داره، فرأيناه رجلا صالحا عليه عباءة، وتحته عباءة وهو مفترشها، وبين يديه دواة يكتب منها من كتاب ينظر إليه، فسلمنا عليه فرد علينا السلام وحيانا و قال: من أين أقبلتم؟
فقلنا: من أرض كذا وكذا، فقال: كلكم؟
فقلنا: لا، بل فينا المسلم واليهودي والنصراني.
فقال: يزن اليهودي جزيته والنصراني جزيته. ويناظر المسلم عن مذهبه.
فوزن والدي عن خمس نفر نصارى: عنه وعني وعن ثلاثة نفر كانوا معنا ثمّ وزن تسعة نفر كانوا يهودا وقال للباقين: هاتوا مذاهبكم، فشرعوا معه في مذاهبهم.
فقال: لستم مسلمين وإنما أنتم خوارج وأموالكم محل للمسلم المؤمن، وليس بمسلم من لم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر وبالوصي والأوصياء من ذريته حتّى مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليهم.
فضاقت بهم الأرض ولم يبق إلا أخذ أموالهم. ثمّ قال لنا: يا أهل الكتاب لا معارضة لكم فيما معكم، حيث اخذت الجزية منكم، فلما عرف اُولئك أن أموالهم معرضة للنهب، سألوه أن يحتملهم إلى سلطانهم فأجاب سؤالهم، وتلا: (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ).
فقلنا للناخداه والربان(5) وهو الدليل: هؤلاء قوم قد عاشرناهم وصاروا رفقة، وما يحسن لنا أن نتخلف عنهم أينما يكونوا نكون معهم، حتّى نعلم ما يستقر حالهم عليه؟
فقال الربان: والله ما أعلم هذا البحر أين المسير فيه، فاستأجرنا ربانا ورجالا، وقلعنا القلع(6) وسرنا ثلاثة عشر يوما بلياليها حتّى كان قبل طلوع الفجر، فكبر الربان فقال: هذه والله أعلام الزاهرة ومنائرها وجدرها إنها قد بانت، فسرنا حتّى تضاحى النهار.
فقدمنا إلى مدينة لم تر العيون أحسن منها ولا أحق(7) على القلب، ولا أرق من نسيمها ولا أطيب من هوائها، ولا أعذب من مائها، وهي راكبة البحر، على جبل من صخر أبيض، كأنه لون الفضة وعليها سور إلى ما يلي البحر، والبحر يحوط الذي يليه منها، والأنهار منحرفة في وسطها يشرب منها أهل الدور والأسواق وتأخذ منها الحمامات وفواضل الأنهار ترمى في البحر، ومدى الأنهار فرسخ ونصف، وفي تحت ذلك الجبل بساتين المدينة وأشجارها، ومزارعها عند العيون وأثمار تلك الأشجار لا يرى أطيب منها ولا أعذب، ويرعى الذئب والنعجة عيانا ولو قصد قاصد لتخلية دابة في زرع غيره لمارعته، ولا قطعت قطعة حمله ولقد شاهدت السباع والهوام رابضة في غيض تلك المدينة، وبنو آدم يمرون عليها فلا تؤذيهم.
فلما قدمنا المدينة وأرسى المركب فيها، وما كان صحبنا من الشوابي و الذوابيح من المباركة بشريعة الزاهرة، صعدنا فرأينا مدينة عظيمة عيناء كثيرة الخلق، وسيعة الربقة، وفيها الأسواق الكثيرة، والمعاش العظيم، وترد إليها الخلق من البر والبحر، وأهلها على أحسن قاعدة، لا يكون على وجه الأرض من الامم والأديان مثلهم وأمانتهم، حتّى أن المتعيش بسوق يرده إليه من يبتاع منه حاجة إما بالوزن أو بالذراع فيبايعه عليها ثمّ يقول: أيا هذا زن لنفسك واذرع لنفسك.
فهذه صورة مبايعاتهم، ولا يسمع بينهم لغو المقال، ولا السفه ولا النميمة، ولا يسب بعضهم بعضا، وإذا نادى المؤذن الأذان، لا يتخلف منهم متخلف ذكرا كان أو انثى. إلا ويسعى إلى الصلاة، حتّى إذا قضيت الصلاة للوقت المفروض، رجع كل منهم إلى بيته حتّى يكون وقت الصلاة الاخرى فيكون الحال كما كانت.
فلما وصلنا المدينة، وأرسينا بمشرعتها، أمرونا بالحضور إلى عند السلطان فحضرنا داره، ودخلنا إليه إلى بستان صور في وسطه قبة من قصب، والسلطان في تلك القبة، وعنده جماعة وفي باب القبة ساقية تجري.
فوافينا القبة، وقد أقام المؤذن الصلاة، فلم يكن أسرع من أن امتلأ البستان بالناس، واُقيمت الصلاة، فصلى بهم جماعة، فلا والله لم تنظر عيني أخضع منه لله، ولا ألين جانبا لرعيته، فصلى من صلى مأموما.
فلما قضيت الصلاة التفت إلينا وقال: هؤلاء القادمون؟
قلنا: نعم، وكانت تحية الناس له أو مخاطبتهم له (يا ابن صاحب الأمر).
فقال: على خير مقدم.
ثمّ قال: أنتم تجار أو ضياف؟
فقلنا: تجار.
فقال: من منكم المسلم، ومن منكم أهل الكتاب؟
فعرفناه ذلك؟
فقال: إن الاسلام تفرق شعبا فمن أي قبيل أنتم؟
وكان معنا شخص يعرف بالمقري ابن دربهان بن أحمد(8) الأهوازي، يزعم أنه على مذهب الشافعي، فقال له: أنا رجل شافعي.
قال: فمن على مذهبك من الجماعة؟
قال: كلنا إلا هذا حسان بن غيث فانه رجل مالكي.
فقال: أنت تقول بالاجماع؟
قال: نعم.
قال: إذا تعمل بالقياس.
ثمّ قال: بالله يا شافعي تلوت ما أنزل الله يوم المباهلة؟
قال: نعم.
قال: ما هو؟
قال قوله تعالى: (قُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).(9)
فقال: بالله عليك من أبناء الرسول ومن نساؤه ومن نفسه يا بن دربهان؟
فأمسك.
فقال: بالله هل بلغك أن غير الرسول والوصي والبتول والسبطين دخل تحت الكساء؟
قال: لا.
فقال: والله لم تنزل هذه الآية إلا فيهم، ولا خص بها سواهم.
ثمّ قال: بالله عليك يا شافعي ما تقول فيمن طهره الله بالدليل القاطع، هل ينجسه المختلفون؟
قال: لا.
قال: بالله عليك هل تلوت (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).(10)
قال: نعم.
قال: بالله عليك من يعني بذلك؟
فأمسك، فقال: والله ما عنى بها إلا أهلها.
ثمّ بسط لسانه وتحدث بحديث أمضى من السهام، وأقطع من الحسام فقطع الشافعي ووافقه فقام عند ذلك فقال: عفوا يا ابن صاحب الأمر انسب إلي نسبك.
فقال: أنا طاهر بن محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ الذي أنزل الله فيه: (وَكُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ)(11) هو والله الإمام المبين، ونحن الذين أنزل الله في حقنا (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).(12)
يا شافعي نحن أهل البيت نحن ذرية الرسول، ونحن اُولو الأمر، فخر الشافعي مغشيا عليه، لما سمع منه، ثمّ أفاق من غشيته، وآمن به، وقال: الحمد لله الذي منحني بالاسلام، ونقلني من التقليد إلى اليقين.
ثمّ أمر لنا باقامة الضيافة، فبقينا على ذلك ثمانية أيام، ولم يبق في المدينة إلا من جاء إلينا، وحادثنا، فلما انقضت الأيام الثمانية سأله أهل المدينة أن يقوموا لنا بالضيافة، ففتح لهم في ذلك، فكثرت علينا الأطعمة والفواكه، وعملت لنا الولائم، ولبثنا في تلك المدينة سنة كاملة. فعلمنا وتحققنا أن تلك المدينة مسيرة شهرين كاملة برا وبحرا.
وبعدها مدينة اسمها الرائقة، سلطانها القاسم بن صاحب الأمر عليه السلام مسيرة ملكها شهرين وهي على تلك القاعدة ولها دخل عظيم.
وبعدها مدينة اسمها الصافية، سلطانها إبراهيم بن صاحب الأمر عليه السلام بالحكام.(13)
وبعدها مدينة أخرى اسمها ظلوم سلطانها عبد الرحمان بن صاحب الأمر عليه السلام ، مسيرة رستاقها وضياعها شهران.
وبعدها مدينة اخرى اسمها عناطيس، سلطانها هاشم بن صاحب الأمر عليه السلام وهي أعظم المدن كلها وأكبرها وأعظم دخلا، ومسيرة ملكها أربعة أشهر.
فيكون مسيرة المدن الخمس والمملكة مقدار سنة لا يوجد في أهل تلك الخطط والمدن والضياع والجزائر غير المؤمن الشيعي الموحد القائل بالبراءة والولاية الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، سلاطينهم أولاد إمامهم، يحكمون بالعدل وبه يأمرون، وليس على وجه الأرض مثلهم، ولو جمع أهل الدنيا، لكانوا أكثر عددا منهم على اختلاف الأديان والمذاهب.
ولقد أقمنا عندهم سنة كاملة نترقب ورود صاحب الأمر إليهم، لأنهم زعموا أنها سنة وروده، فلم يوفقنا الله تعالى للنظر إليه، فأما ابن دربهان وحسان فانهما أقاما بالزاهرة يرقبان رؤيته، وقد كنا لما استكثرنا هذه المدن وأهلها، سألنا عنها فقيل: إنها عمارة صاحب الأمر عليه السلام واستخراجه.
فلما سمع عون الدين ذلك، نهض ودخل حجرة لطيفة، وقد تقضى الليل فأمر باحضارنا واحدا واحدا، وقال: إياكم إعادة ما سمعتم أو إجراءه على ألفاظكم وشدده وتأكد علينا، فخرجنا من عنده ولم يعد أحد منا مما سمعه حرفا واحدا حتّى هلك.
وكنا إذا حضرنا موضعا واجتمع واحدنا بصاحبه، قال: أتذكر شهر رمضان فيقول: نعم، سترا لحال الشرط.
فهذا ما سمعته ورويته، والحمد لله وحده، وصلواته على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.
قلت: وروى هذه الحكاية مختصرا الشيخ زين الدين عليّ بن يونس العاملي البياضي في الفصل الخامس عشر من الباب الحادي عشر من كتاب (الصراط المستقيم) وهو أحسن كتاب صنف في الامامة عن كمال الدين الأنباري الخ وهو صاحب رسالة (الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح) التي نقلها العلامة المجلسي بتمامها في السماء والعالم.
وقال السيد الأجل عليّ بن طاووس، في أواخر كتاب جمال الاسبوع، وهو الجزء الرابع من السمات والمهمات بعد سوقه الصلوات المهدوية المعروفة التي أولها: اللهم صل على محمّد المنتجب في الميثاق، وفي آخرها: وصل على وليك وولاة عهدك والأئمة من ولده، وزد في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلغهم أقصى آمالهم دينا ودنيا وآخرة الخ.
والدعاء الآخر مروي عن الرضا عليه السلام يدعى به في الغيبة أوّله: (اللهم ادفع عن وليك) وفي آخره: (اللهم صل على ولاة عهدك في الأئمّة من بعده...) الخ.
قال بعد كلام له في شرح هذه الفقرة ما لفظه: ووجدت رواية متصلة الاسناد بأن للمهدي صلوات الله عليه أولاد جماعة ولاة في أطراف بلاد البحر، على غاية عظيمة من صفات الأبرار، والظاهر، بل المقطوع أنه إشارة إلى هذه الرواية. والله العالم.
ورواه أيضا السيد الجليل عليّ بن عبد الحميد النيلي في كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان، عن الشيخ الأجل الأمجد الحافظ حجة الإسلام سعيد الدين رضي البغدادي، عن الشيخ الأجل خطير الدين حمزة بن الحارث بمدينة السلام الخ.(14)
ورواه المحدث الجزائري في الأنوار عن المولى الفاضل الملقب بالرضا عليّ بن فتح الله الكاشاني قال: روى الشريف الزاهد.


هوامش
ــــــــــــــــــــــ

(1) كذا في نسخة كشكول المحدث البحراني، منه رحمه الله. (2) يقال: تقوض الحلق والصفوف: انتقضت وتفرقت. (3) في الأصل المطبوع: (من حضر حاضرا) وهو تصحيف، والصحيح ما في الصلب ومعناه أنه: قام أكثر أهل المجلس وكل منهم وضع يده على خاصرته، من طول الجلوس وكسالته. (4) الملدودة: معناها أن تلك المدن قد جعلت فيها لديدة كثيرة: وهي الروضة الخضراء الزهراء. (5) الناخدا، مأخوذ من الفارسية ومعناه معروف والربان كرمان: رئيس الملاحين. (6) القلع: شراع السفينة، وقلعنا: أي رفعنا وأصلحنا الشراع لتسير السفينة. (7) أخف، خ. (8) اسمه دربهان بن أحمد، كذا في كشكول الشيخ يوسف البحريني، (منه رحمه الله). (9) آل عمران: 61. (10) الأحزاب: 33. (11) يس: 12. (12) آل عمران: 34. (13) هكذا في النسخة. (14) أنظر المنتقى من السلطان المفرج لأهل الإيمان: الحكاية الخامسة عشرة.
تحقيق حول الحكاية:
تنبيه: حتّى لا يخلو كتابنا هذا من فوائد جمّة هي كالتتمة، لا بدّ أن ننبه القارئ اللبيب على عدة أمور تتعلق بالحكاية، فمنها:
أوّلاً: في أحوال راوي الحكاية:
قال السيد الشهيد محمّد عليّ القاضي الطباطبائي بعد هذهِ الحكاية ما نصه:
(ناقل هذه الحكاية لم يعرف شخصه ولم يعلم اسمه فهو عندنا مجهول الحال فلا يمكن الاعتماد عليه ولا على خبره والركون إليه، والعجب من هؤلاء الأخباريين كيف يعتمدون على تلك القصص والحكايات الغريبة وينقلونها في كتبهم من غير لفت نظر إلى أغلاطها ويشوهون بها وجه الحقيقة في كتب الشيعة كما أن أهل السنة شوهوا كتبهم بأخبار كعب الأحبار وأبي هريرة وأمثالهما ومن أقاصيص الوضاعين والدساسين بحيث لا تعد ولا تحصى ولو رمنا حصرها لأعيى القلم وأعقب السأم). انتهى. (الأنوار النعمانية 2: 64/ بالهامش).
وقال الشيخ محمّد تقي التستري صاحب (قاموس الرجال): (... وإن نقله النوري عن البياضي والنيلي والجزائري، ونقل إشارة عليّ بن طاووس إليه إلا أنها كلها ينتهي إلى الأنباري، وأنه كان عند ابن هبيرة الوزير وحدّثه (شخص) لم يعرفوه بذلك! فلو نقل ذلك عنه جميع بني آدم لما خرج عن كونه خبر رجل واحد شاذٍ بلا شاهد). انتهى. (الأخبار الدخيلة 1: 148).
ثانياً: تحقيق حول تواريخ الحكاية:
أ - روى الحكاية سعيد بن أحمد الرضي عن خطير الدين أحمد بن المسيب في 18 شعبان سنة 544 هـ عن أبي القاسم عثمان الدمشقي في 17 جمادى الآخرة سنة 543 هـ عن كمال الدين أحمد بن محمّد الأنباري في 10 شهر رمضان سنة 542 هـ ، والتأريخ الأخير أورده النيلي في كتابه (المفرّج...)، وهو الصحيح، وإلاّ أكثر الناقلين للحكاية كالسيد هاشم البحراني والسيد الجزائري والعلامة النوري وغيرهم صرحوا بأن الأنباري سمعها في 10 رمضان سنة 543 هـ وهذا إشتباه منهم، فإذا كان سمعها في رمضان سنة 543 هـ فكيف حدّث الدمشقي في جمادى الآخرة سنة 543 هـ ! والحال أن شهر رمضان بعد شهر جمادى الآخرة بثلاثة شهور، فهذا الاشتباه في النقل لا يستقيم مع تواريخ الحكاية ولعلّه تصحيف والصحيح ما أثبتهُ النيلي من تاريخ للحكاية أي في سنة (542 هـ).
ب - أن الوزير عون الدين ابن هبيرة استوزر للخليفة المقتفي لأمر الله سنة (544 هـ) وبعده استوزره الخليفة المستنجد إلى أن توفي الوزير في سنة (560 هـ) والحكاية واقعة في سنة (542 هـ) فإذن هذا التأريخ لا يستقيم مع تأريخ وزارة ابن هبيرة التي ابتدأها في سنة (544 هـ).
جـ - أن الأنباريّ حدّث بالحكاية بعد هلاك الوزير على ما نصه الأنباري في آخر الحكاية: (...فخرجنا من عنده ولم يعد أحد منا مما سمعهُ حرفاً واحداً حتّى هلك...) والمعلوم أن الوزير هلك في سنة (560 هـ) فينبغي أن يكون الأنباري نقل هذهِ الحكاية بعد سنة (560 هـ).
ثالثاً: الحكاية وصاحب كتاب (التعازي):
نسب عدة من علمائنا الأعلام هذهِ الحكاية إلى صاحب كتاب (التعازي) وهذهِ النسبة مردودة لأمرين وهما:
الأمر الأوّل: أن صاحب كتاب (التعازي) هو أبو عبد الله محمّد بن عليّ بن الحسين بن عبد الرحمن العلوي بن القاسم بن محمّد البطحائي بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، وهو من طبقة تلاميذ الصدوق المتوفّى (381 هـ)، له كتاب (التعازي) وكتاب (فضل الكوفة) وتوفّى في سنة (445 هـ). (طبقات أعلام الشيعة 5: 170).
فكيف يكون صاحب كتاب (التعازي) المتوفى في (445 هـ) نقل حكاية في كتابه واقعة في (542 هـ)؟!
فوقع في هذا الوهم عدة من الأعلام على ما صرحوا به في كتبهم فمنهم:
1 - المقدس الأردبيلي (ت 993 هـ) في كتابه (حديقة الشيعة: 765)/ انتشارات معارف إسلامي.
2 - الرضا عليّ بن فتح الله الكاشاني على ما نقله عنه السيد نعمة الله الجزائري (ت 1112 هـ) في كتابه (الأنوار النعمانية 2: 58).
3 - السيد هاشم البحراني (ت 1107 هـ) في كتابه (تبصرة الولي: 252)/ تحقيق مؤسسة المعارف الإسلامية.
4 - الميرزا حسين النوري (ت 1320 هـ) في كتابه (النجم الثاقب 2: 58) ترجمة وتحقيق السيد ياسين الموسوي (الحكاية الثانية)، وكتابه (جنة المأوى: 213) المطبوع مع البحار ج 53 (الحكاية الثالثة).
5 - الشيخ آقا بزرك الطهراني في كتابه (الذريعة 4: 205) ثمّ صرح في (5: 106) بعدم صحة هذهِ النسبة.
6 - الشيخ حُسين الشاكري في كتابه (موسوعة المصطفى والعترة 17: 203، 220)/ نشر الهادي/ قم.
وغيرهم من الأعلام، ولعل هذا الاشتباه حصل من أن أحد رواة كتاب (التعازي) دوّن الحكاية في آخر كتاب (التعازي) فنسبت بعده إلى صاحب كتاب (التعازي)، ونسخة العلامة النوري رحمه الله من كتاب (التعازي) على ما صرح به تلميذه آقا بزرك الطهراني في (الذريعة 4: 205) مستنسخة من الخزانة الرضوية، وطريق الرواية عن مؤلفه هكذا: (أخبرني الشيخ الجليل العفيف أبو العباس أحمد بن الحسين بن وجه المجاور قراءة عليه في داره بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في شهر الله سنة إحدى وسبعين وخمسمائة (لعل هذا هو كاتب الحكاية في نسخة كتاب التعازي)، قال: حدّثنا الشيخ الأجل الأمير أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن بالغري في ربيع الأوّل سنة ست عشرة وخمسمائة، قال: حدثنا الشريف النقيب أبو الحسين زيد بن ناصر الحسيني رحمه الله في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام، قال: حدّثنا الشريف أبو عبد الله محمّد بن عليّ بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي عن عليّ بن العباس البجليّ) إلى آخر السند. (أوردت سند الكتاب لفائدة ثانية أيضاً حتّى يعرف الفرق بين تأريخ رواية الكتاب عن المؤلف وتاريخ الحكاية).
الأمر الثاني: أن موضوع كتاب (التعازي) هو ما يتعلق بالتعزية والتسلية عند فقد الأحبة والأولاد مبتدئاً بذكر وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما جرى عليه عند موت أولاده... وليس للحكاية علاقة بموضوع الكتاب بتاتاً.
رابعاً: الخلط بين حكاية المدائن الخمس وحكاية الجزيرة الخضراء:
اشتبه على الكثير في الرد على حكاية الجزيرة الخضراء الواقعة في سنة (699 هـ) وبين هذه الحكاية الواقعة في سنة (542 هـ)، فمن أراد التفصيل فليراجع كتاب (الجزيرة الخضراء وقضية مثلث برمودا) للشيخ ناجي النجّار/ دار البلاغة.
خامساً: ناقلو الحكاية:
غير من ذكرنا في الفقرة الثالثة:
1 - السيد ابن طاووس (ت 664 هـ) في كتابه (جمال الأسبوع) على ما صرح به العلامة النوري في مستدرك الوسائل (3: 70) وذكرها السيد بالإشارة.
2 - زين الدين محمّد عليّ بن يونس البياضي (ت 877 هـ) في كتابه (الصراط المستقيم 2: 265/ فصل 15/ ط المكتبة الرضوية).
3 - السيد نعمة الله الجزائري (ت 1112 هـ) في كتابه (الأنوار النعمانية 2: 58).
وأخيراً: قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في (الذريعة 5: 106): (... لا يمكن أن يكون داعي العلماء من إدراجه في كتبهم المعتمدة بيان لزوم الاعتماد عليها أو الحكم بصحتها مثلاً أو جعل الاعتقاد بصدقها واجباً، حاشاهم عن ذلك بل إنما غرضهم من نقل هذه الحكايات مجرد الأستيناس بذكر الحبيب وذكر دياره والاستماع لآثاره مع ما فيها من رفع الاستبعاد عن حياته في دار الدنيا وبقائه متنعّماً فيها في أحسن عيش وأفره حال بل مع السلطنة والملك له ولأولاده واستقرارهم في ممالك واسعة هيأ الله لهم لا يصل إليها من لم يرد الله وصوله وقد احتفظ العلماء بتلك الحكايات في قبال المستهزئين بالدين بقولهم: (لم لا يخرج جليس السرداب بعد ألف سنة وكيف تمتعه بالدنيا وما أكله وشربه ولبسه وغيرها من لوازم حياته) وهم بذلك القول يبرهنون على ضعف عقولهم فمن كان عاقلاً مؤمناً بالله ورسوله وكتابه يكفيه في إثبات قدرة الله تعالى على تهيئة جميع الأسباب المعيشية في حياة الدنيا له عليه السلام).




الى اللقاء مع حكاية جديدة

صورة العضو الرمزية
بتار علي&
عضو جديد
مشاركات: 56
اشترك في: السبت أكتوبر 22, 2011 8:17 pm

مشاركة بواسطة بتار علي& »

صورة


الحكاية الرابعة:

(السيد رضي الدين الآوي ودعاء العبرات)

قال آية الله العلامة الحلي رحمه الله: في آخر منهاج الصلاح في دعاء العبرات: الدعاء المعروف وهو مروي عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام وله من جهة السيد السعيد رضي الدين محمّد بن محمّد بن محمّد الآوي قدس سره حكاية معروفة بخط بعض الفضلاء، في هامش ذلك الموضع، روى المولى السعيد فخر الدين محمّد بن الشيخ الأجل جمال الدين، عن والده، عن جده الفقيه يوسف، عن السيد الرضي المذكور أنه كان مأخوذا عند أمير من امراء السلطان جرماغون، مدة طويلة، مع شدة وضيق فرأى في نومه الخلف الصالح المنتظر، فبكى وقال: يا مولاي اشفع في خلاصي من هؤلاء الظلمة.
فقال عليه السلام: ادع بدعاء العبرات.
فقال: ما دعاء العبرات؟
فقال عليه السلام: إنه في مصباحك.
فقال: يا مولاي ما في مصباحي؟
فقال عليه السلام: أنظره تجده فانتبه من منامه وصلى الصبح، وفتح المصباح، فلقي ورقة مكتوبة فيها هذا الدعاء بين أوراق الكتاب، فدعا أربعين مرة.
وكان لهذا الأمير امرأتان إحداهما عاقلة مدبرة في اموره، وهو كثير الاعتماد عليها. فجاء الأمير في نوبتها، فقالت له: أخذت أحدا من أولاد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ؟
فقال لها: لم تسألين عن ذلك؟
فقالت: رأيت شخصا وكأن نور الشمس يتلألأ من وجهه، فأخذ بحلقي بين أصبعيه، ثمّ قال: أرى بعلك أخذ ولدي، ويضيق عليه من المطعم والمشرب.
فقلت له: يا سيدي من أنت؟
قال: أنا عليّ بن أبي طالب، قولي له: إن لم يخل عنه لأخربن بيته.
فشاع هذا النوم للسلطان فقال: ما أعلم ذلك.
وطلب نوابه، فقال: من عندكم مأخوذ؟
فقالوا: الشيخ العلوي أمرت بأخذه.
فقال: خلوا سبيله، وأعطوه فرسا يركبها ودلوه على الطريق فمضى إلى بيته انتهى.
وقال السيد الأجل عليّ بن طاووس في آخر مهج الدعوات: ومن ذلك ما حدثني به صديقي والمواخي لي محمّد بن محمّد القاضي الآوي ضاعف الله جل جلاله سعادته، وشرف خاتمته، وذكر له حديثا عجيبا وسببا غريبا، وهو أنه كان قد حدث له حادثة فوجد هذا الدعاء في أوراق لم يجعله فيها بين كتبه، فنسخ منه نسخة فلما نسخه فقد الأصل الذي كان قد وجده إلى أن ذكر الدعاء وذكر له نسخة اخرى من طريق آخر تخالفه.
ونحن نذكر النسخة الاولى تيمنا بلفظ السيد، فان بين ما ذكره ونقل العلامة أيضا اختلافا شديدا وهي:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أسألك يا راحم العبرات، ويا كاشف الكربات أنت الذي تقشع سحائب المحن، وقد أمست ثقالا، وتجلو ضباب الأحن وقد سحبت أذيالا، وتجعل زرعها هشيما، وعظامها رميما، وترد المغلوب غالبا والمطلوب طالبا، إلهي فكم من عبد ناداك (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) ففتحت له من نصرك أبواب السماء بماء منهمر، وفجرت له من عونك عيونا فالتقى ماء فرجه على أمر قد قدر، وحملته من كفايتك على ذات ألواح ودسر. يا رب إني مغلوب فانتصر، يا رب إني مغلوب فانتصر، يا رب إني مغلوب فانتصر، فصل على محمّد وآل محمّد وافتح لي من نصرك أبواب السماء بماء منهمر، وفجر لي من عونك عيونا ليلتقي ماء فرجي على أمر قد قدر، واحملني يا رب من كفايتك على ذات ألواح ودسر.
يا من إذا ولج العبد في ليل من حيرته يهيم، فلم يجد له صريخا يصرخه من ولي ولا حميم، صل على محمّد وآل محمّد، وجد يا رب من معونتك صريخا معينا ووليا يطلبه حثيثا، ينجيه من ضيق أمره وحرجه، ويظهر له المهم من أعلام فرجه. اللهم فيا من قدرته قاهرة، وآياته باهرة، ونقماته قاصمة، لكل جبار دامغة لكل كفور ختار، صل يا رب على محمّد وآل محمّد وانظر إلي يا رب نظرة من نظراتك رحيمة، تجلو بها عني ظلمة واقفة مقيمة، من عاهة جفت منها الضروع وقلفت(1) منها الزروع، واشتمل بها على القلوب اليأس، وجرت بسببها الأنفاس.
اللهم صل على محمّد وآل محمّد، وحفظا حفظا لغرائس غرستها يد الرحمان وشربها من ماء الحيوان، أن تكون بيد الشيطان تجز، وبفأسه تقطع وتحز.
إلهي من أولى منك أن يكون عن حماك حارسا ومانعا، إلهي إن الأمر قد هال فهونه، وخشن فألنه، وإن القلوب كاعت(2) فطنها والنفوس ارتاعت فسكنها، إلهي تدارك أقداما قد زلت، وأفهاما في مهامه(3) الحيرة ضلت، أجحف الضر بالمضرور، في داعية الويل والثبور، فهل يحسن من فضلك أن تجعله فريسة للبلاء وهو لك راج؟ أم هل يحمل من عدلك أن يخوض لجة الغماء، وهو إليك لاج.
مولاي لئن كنت لا أشق على نفسي في التقى، ولا أبلغ في حمل أعباء الطاعة مبلغ الرضا، ولا أنتظم في سلك قوم رفضوا الدنيا، فهم خمص البطون عمش العيون من البكاء، بل أتيتك يا رب بضعف من العمل، وظهر ثقيل بالخطاء والزلل، ونفس للراحة معتادة، ولدواعي التسويف منقادة، أما يكفيك يا رب وسيلة إليك وذريعة لديك أني لأوليائك موال، وفي محبتك مغال، أما يكفيني أن أروح فيهم مظلوما، وأغدو مكظوما، وأقضي بعد هموم هموما، وبعد رجوم رجوما؟
أما عندك يا رب بهذه حرمة لا تضيع، وذمة بأدناها يقتنع، فلم لا تمنعني(4) يا رب وها أنا ذا غريق، وتدعني بنار عدوك حريق، أتجعل أولياءك لأعدائك مصائد، وتقلدهم من خسفهم قلائد، وأنت مالك نفوسهم، لو قبضتها جمدوا، وفي قبضتك مواد أنفاسهم، لو قطعتها خمدوا.
وما يمنعك يا رب أن تكف بأسهم، وتنزع عنهم من حفظك لباسهم، وتعريهم من سلامة بها في أرضك يسرحون، وفي ميدان البغي على عبادك يمرحون.
اللهم صل على محمّد وآل محمّد، وأدركني ولما يدركني الغرق، وتداركني ولما غيب شمسي الشفق(5).
إلهي كم من خائف التجأ إلى سلطان فآب عنه محفوفا بأمن وأمان، أفأقصد يا رب بأعظم من سلطانك سلطانا؟ أم أوسع من إحسانك إحسانا؟ أم أكثر من اقتدارك اقتدارا؟ أم أكرم من انتصارك انتصارا.
اللهم أين كفايتك التي هي نصرة المستغيثين من الأنام، وأين عنايتك التي هي جنة المستهدفين لجور الأيام، إلي إلي بها، يا رب! نجني من القوم الظالمين إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
مولاي ترى تحيري في أمري، وتقلبي في ضري، وانطواي على حرقة قلبي وحرارة صدري، فصل يا رب على محمّد وآل محمّد، وجد لي يا رب بما أنت أهله فرجا ومخرجا، ويسر لي يا رب نحو اليسر(6) منهجا، واجعل لي يا رب من نصب حبالا لي ليصرعني بها صريع ما مكره، ومن حفر لي البئر ليوقعني فيها واقعا فيما حفره،(7) واصرف اللهم عني شره ومكره، وفساده وضره، ما تصرفه عمن قاد نفسه لدين الديان، ومناد ينادي للايمان.
إلهي عبدك عبدك، أجب دعوته، وضعيفك ضعيفك فرج غمته، فقد انقطع كل حبل إلا حبلك، وتقلص كل ظل إلا ظلك.
مولاي دعوتي هذه إن رددتها أين تصادف موضع الاجابة، ومخيلتي(8) إن كذبتها أين تلاقي موضع الاجابة، فلا ترد عن بابك من لا يعرف غيره بابا، ولا يمتنع دون جنابك من لا يعرف سواه جنابا.
ويسجد ويقول: إلهي إن وجها إليك برغبته توجه، فالراغب خليق بأن تجيبه، وإن جبينا لك بابتهاله سجد، حقيق أن يبلغ ما قصد، وإن خدا إليك(9) بمسألته يعفر(10)، جدير بأن يفوز بمراده ويظفر، وها أنا ذا يا إلهي قد ترى تعفير خدي،(11) وابتهالي واجتهادي في مسألتك وجدي، فتلق(12) يا رب رغباتي برأفتك(13) قبولا وسهل إلي طلباتي برأفتك وصولا، وذلل لي قطوف ثمرة إجابتك تذليلا.
إلهي لا ركن أشد منك فآوي إلى ركن شديد، وقد أويت إليك وعولت في قضاء حوائجي عليك، ولا قول أسد من دعائك، فأستظهر بقول سديد، وقد دعوتك كما أمرت، فاستجب لي بفضلك كما وعدت، فهل بقي يا رب إلا أن تجيب، وترحم مني البكاء والنحيب، يا من لا إله سواه، ويا من يجيب المضطر إذا دعاه.
رب انصرني على القوم الظالمين، وافتح لي وأنت خير الفاتحين، والطف بي يا رب وبجميع المؤمنين والمؤمنات برحمتك يا أرحم الراحمين.(14)
* * *

هوامش
ــــــــــــــــــــــــــ


(1) يريد أنها يبست حتّى تقشر لحاؤها وانتشر عنها. (2) رجل كع كاع، وهو الذي لا يمضي في عزم ولا حزم، وهو الناكص على عقبيه. لسان العرب 28: 312. (3) المهمه البلدة القفر، المغازة والبرية القفر. لسان العرب 13: 542. (4) في النسخة يمنعني والصحيح ما أثبتناه. (5) في النسخة (للشفق) والصحيح ما أثبتناه من المصادر. (6) في النسخة (اليسرى) والصحيح ما أثبتناه من المصادر. (7) في بعض المصادر (واجعل من ينصب الحبالة لي ليصرعني بها صريعا فيما مكر، ومن يحفر لي البئر ليوقعني فيما حفر). أنظر: صحيفة المهدي: 143. (8) في النسخة (ويجعلني) والصحيح ما أثبتناه من المصادر. (9) في الصحيفة المهدية ص 146: (عندك). (10) في الصحيفة المهدية ص 146: (تعفر). (11) في الصحيفة ص 146: (وهذا يا إلهي تعفير خدي وابتهالي). (12) في الصحيفة ص 146: (فلق). (13) في الصحيفة ص 146: (برحمتك). (14) هناك اختلاف في التعابير في روايات الدعاء.


















الى اللقاء مع حكاية جديدة

صورة العضو الرمزية
بتار علي&
عضو جديد
مشاركات: 56
اشترك في: السبت أكتوبر 22, 2011 8:17 pm

مشاركة بواسطة بتار علي& »

صورة






الحكاية الخامسة:






(قصة الحاج عليّ المكي)






في كتاب الكلم الطيب والغيث الصيب للسيد الأيد المتبحر السيد عليّ خان شارح الصحيفة ما لفظه: رأيت بخط بعض أصحابي من السادات الأجلاء الصلحاء الثقات ما صورته: سمعت في رجب سنة ثلاث وتسعين وألف، الأخ العالم العامل، جامع الكمالات الإنسية، والصفات القدسية، الأمير إسماعيل بن حسين بيك بن عليّ بن سليمان الحائري الأنصاري أنار الله تعالى برهانه يقول: سمعت الشيخ الصالح التقي المتورع الشيخ الحاج عليا المكي قال: إني ابتليت بضيق وشدة ومناقضة خصوم، حتّى خفت على نفسي القتل والهلاك، فوجدت الدعاء المسطور بعد في جيبي من غير أن يعطينيه أحد، فتعجبت من ذلك، وكنت متحيرا فرأيت في المنام أن قائلا في زي الصلحاء والزهاد يقول لي: إنا أعطيناك الدعاء الفلاني فادع به تنج من الضيق والشدة ولم يتبين لي من القائل؟ فزاد تعجبي فرأيت مرة اخرى الحجة المنتظر عليه السلام فقال: ادع بالدعاء الذي أعطيتكه، وعلم من أردت.



قال: وقد جربته مرارا عديدة، فرأيت فرجا قريبا، وبعد مدة ضاع مني الدعاء برهة من الزمان، وكنت متأسفا على فواته، مستغفرا من سوء العمل، فجاءني شخص وقال لي: إن هذا الدعاء قد سقط منك في المكان الفلاني وما كان في بالي أن رحت إلى ذلك المكان، ، فأخذت الدعاء، وسجدت لله شكرا وهو:



بسم الله الرحمن الرحيم



رب أسألك مددا روحانيا تقوي به قواي(15) الكلية والجزئية، حتّى أقهر بمبادئ(16)! نفسي كل نفس قاهرة، فتنقبض لي إشارة رقائقه(17) انقباضا تسقط به قواها حتّى لا يبقى في الكون ذو روح إلا ونار قهري قد أحرقت ظهوره، يا شديد يا شديد، يا ذا البطش الشديد، يا قهار، أسألك بما أودعته عزرائيل من أسمائك القهرية، فانفعلت له النفوس بالقهر، أن تودعني هذا السر في هذه الساعة حتّى اُلين به كل صعب، واُذلل به كل منيع، بقوتك يا ذا القوة المتين.



تقرأ ذلك سحرا ثلاثا إن أمكن، وفي الصبح ثلاثا وفي المساء ثلاثا، فإذا اشتدت الأمر على من يقرأه يقول بعد قراءته ثلاثين مرة: يا رحمن يا رحيم يا أرحم الراحمين، أسألك اللطف بما جرت به المقادير.



* * *





هوامش

ــــــــــــــــــــــــــ



(15) في النسخة (قوى) وما أثبتناه من المصادر.

(16) في النسخة (عبادي) وما أثبتناه من المصادر.

(17) في بعض المصادر: (دقائقها)







الى اللقاء مع حكاية جديدة
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الأمام الحجة عج“

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين فقط