الإمام المهدي وسنن الأنبياء
مرسل: الاثنين أغسطس 10, 2009 3:09 am
الإمام المهدي عليه السلام وسنن الأنبياء والمرسلين
ربما يجد المتتبع للتراث الروائي الخاص بالإمام المهدي (عليه السلام) نفسه أمام تساؤلات واستفهامات تأخذ عليه فكره ولا يمكنه تجاوزها وتجاهلها، فهو يرى كثيرا من الروايات تتحدث عن علامات كثيرة للظهور منها تغييرات غير طبيعية في نظام الكون وتحولات اجتماعية وكوارث طبيعية وبشرية وغير ذلك ، وكذا تتحدث عن تأييد السماء للإمام المهدي (عليه السلام) بالملائكة والجان والرعب وغيرها، وكذا تتحدث الروايات عن محاججات ومناظرات وإقامة أدلة وبراهين قاطعة من قبل الإمام (عليه السلام)على الناس ، ولكن مع هذا نجد الروايات نفسها تذكر أن الإمام (عليه السلام) سيخوض معارك شرسة مع الدجال والسفياني وغيرهما. فالسؤال هو لماذا لم ينتبه هؤلاء إلى تلك الحجج والبراهين ولماذا لم يتبعوا الحق ويرجعوا إلى الطريق القويم ؟؟
ربما لا يرى البعض في ذلك شيئا يدعو للتساؤل ، فمن يرجع إلى التأريخ يجد أن المسألة تكاد تكون طبيعية ، فمن يستقرأ حياة الأنبياء (عليهم السلام) مع أممهم يجد نفسه أمام الظاهرة نفسها ، فمع كثرة ما أتى به الأنبياء (عليهم السلام) من معاجز وحجج وبراهين قاطعة نجد أنهم جوبهوا بحملات من التكذيب والتشهير والإيذاء.
ولنسلط الضوء على سيرة أحد الأنبياء لنرى كيف تعامل الناس معه على الرغم من الحجج والبراهين المؤيدة لدعوته ، ولنأخذ سيرة الخليل إبراهيم (عليه السلام) مثلا على ذلك.
منذ أن أذن الله لنبيه إبراهيم (عليه السلام) بالتصدي لهداية الناس وإخراجهم من ضلالاتهم أخذ يحاول هدايتهم بكل السبل والوسائل ، كان منها أسلوب الإيهام والتشكيك والتساؤل ، يقول القرآن الكريم : فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ( الأنعام 79 ) .
ويواجهنا سؤال هام عن موقف إبراهيم (عليه السلام) هذا، كيف جاز لإبراهيم (عليه السلام ) أن يقول ذلك وهو إن لم يكن صادقا في قوله فهو كاذب ، وإن كان صادقا فقد وقع في الشرك بطبيعة الحال.
أما أن إبراهيم قال ذلك صادقا ومعتقدا به فمردود والشواهد كثيرة على نفيه فهل قال إبراهيم (عليه السلام )ذلك كاذبا والعياذ بالله.
نقول:أولا:إن الثابت في الشريعة أن الضرورات تبيح المحضورات، فلو توقفت حياة شخص مثلا على إعطائه شيئا محرما جاز ذلك ، ولا إثم على المعطي والآخذ.
ثانيا: إن الثابت في الشريعة أيضا أن الكذب قد يحسن في أمور ويكون مستحبا فيها، وقد يكون الصدق محرما أو مكروها، فالكذب من أجل إصلاح ذات البين مثلا مستحب والصدق في إثارة الفتن وإراقة الدماء المحترمة قد يكون حراما وهكذا .
ثالثا: إذا كانت الضرورات تبيح المحضورات ، فإذا انحصرت هداية الأمة بالإخبار خلاف الواقع ألا يكون ذلك مباحا.
رابعا: إذا كان الكذب في إصلاح بين شخصين مباحا بل مستحبا ، ألا يكون الكذب من أجل إصلاح أمة مباحا على أقل تقدير.
يقول السيد الطباطبائي في الميزان: وعلى هذا فقوله : ( هذا ربي ) جار مجرى التسليم والمجاراة بعد نفسه كأحدهم ومجاراتهم وتسليم ما سلموه ثم بيان ما يظهر به فساد رأيهم وبطلان قولهم ، وهذا الطريق من الاحتجاج أجلب لإنصاف الخصم ، وأمنع لثوران عصبيته وحميته ، وأصلح لإسماع الحجة . ( تفسير الميزان ج 7 ص 177).
واستمر إبراهيم (عليه السلام) في تشكيكه في ما يعبد قومه حتى تدرج إلى التصريح باستهجان عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ، ووصل الأمر به إلى حد تحطيم الأصنام في قصة رواها القرآن الكريم أيضا : فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون ، قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ، قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ، قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون ، قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ، قال بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون. الأنبياء/63 .
يقول السيد الطباطبائي في تفسيره: قوله تعالى : " قال بل فعله كبيرهم هذا فأسالوهم إن كانوا ينطقون ما أخبر عليه السلام به بقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " دعوى بداعي إلزام الخصم وفرض وتقدير قصد به إبطال ألوهيتها كما سيصرح به في قوله : " أفتعبدون ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم " الخ . وليس بخبر جدي البتة ، وهذا كثير الورود في المخاصمات والمناظرات . (الميزان ج 14 ص 300).
وقد روى الشيخ الكليني في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال :إن الله أحب اثنين وابغض اثنين أحب الخطو فيما بين الصفين وأحب الكذب في الإصلاح - وابغض الخطو في الطرقات وابغض الكذب في غير الإصلاح إن إبراهيم إنما قال بل فعله كبيرهم إرادة الإصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون .
ثم جاءت الحجة الإلهية بتأييده وحمايته والانتصار له وإخراجه من النار سليما معافى قال تعالى: قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين ( أنبياء 70)
ربما لا يرى البعض في ذلك شيئا يدعو للتساؤل ، فمن يرجع إلى التأريخ يجد أن المسألة تكاد تكون طبيعية ، فمن يستقرأ حياة الأنبياء (عليهم السلام) مع أممهم يجد نفسه أمام الظاهرة نفسها ، فمع كثرة ما أتى به الأنبياء (عليهم السلام) من معاجز وحجج وبراهين قاطعة نجد أنهم جوبهوا بحملات من التكذيب والتشهير والإيذاء.
ولنسلط الضوء على سيرة أحد الأنبياء لنرى كيف تعامل الناس معه على الرغم من الحجج والبراهين المؤيدة لدعوته ، ولنأخذ سيرة الخليل إبراهيم (عليه السلام) مثلا على ذلك.
منذ أن أذن الله لنبيه إبراهيم (عليه السلام) بالتصدي لهداية الناس وإخراجهم من ضلالاتهم أخذ يحاول هدايتهم بكل السبل والوسائل ، كان منها أسلوب الإيهام والتشكيك والتساؤل ، يقول القرآن الكريم : فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ( الأنعام 79 ) .
ويواجهنا سؤال هام عن موقف إبراهيم (عليه السلام) هذا، كيف جاز لإبراهيم (عليه السلام ) أن يقول ذلك وهو إن لم يكن صادقا في قوله فهو كاذب ، وإن كان صادقا فقد وقع في الشرك بطبيعة الحال.
أما أن إبراهيم قال ذلك صادقا ومعتقدا به فمردود والشواهد كثيرة على نفيه فهل قال إبراهيم (عليه السلام )ذلك كاذبا والعياذ بالله.
نقول:أولا:إن الثابت في الشريعة أن الضرورات تبيح المحضورات، فلو توقفت حياة شخص مثلا على إعطائه شيئا محرما جاز ذلك ، ولا إثم على المعطي والآخذ.
ثانيا: إن الثابت في الشريعة أيضا أن الكذب قد يحسن في أمور ويكون مستحبا فيها، وقد يكون الصدق محرما أو مكروها، فالكذب من أجل إصلاح ذات البين مثلا مستحب والصدق في إثارة الفتن وإراقة الدماء المحترمة قد يكون حراما وهكذا .
ثالثا: إذا كانت الضرورات تبيح المحضورات ، فإذا انحصرت هداية الأمة بالإخبار خلاف الواقع ألا يكون ذلك مباحا.
رابعا: إذا كان الكذب في إصلاح بين شخصين مباحا بل مستحبا ، ألا يكون الكذب من أجل إصلاح أمة مباحا على أقل تقدير.
يقول السيد الطباطبائي في الميزان: وعلى هذا فقوله : ( هذا ربي ) جار مجرى التسليم والمجاراة بعد نفسه كأحدهم ومجاراتهم وتسليم ما سلموه ثم بيان ما يظهر به فساد رأيهم وبطلان قولهم ، وهذا الطريق من الاحتجاج أجلب لإنصاف الخصم ، وأمنع لثوران عصبيته وحميته ، وأصلح لإسماع الحجة . ( تفسير الميزان ج 7 ص 177).
واستمر إبراهيم (عليه السلام) في تشكيكه في ما يعبد قومه حتى تدرج إلى التصريح باستهجان عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ، ووصل الأمر به إلى حد تحطيم الأصنام في قصة رواها القرآن الكريم أيضا : فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون ، قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ، قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ، قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون ، قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ، قال بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون. الأنبياء/63 .
يقول السيد الطباطبائي في تفسيره: قوله تعالى : " قال بل فعله كبيرهم هذا فأسالوهم إن كانوا ينطقون ما أخبر عليه السلام به بقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " دعوى بداعي إلزام الخصم وفرض وتقدير قصد به إبطال ألوهيتها كما سيصرح به في قوله : " أفتعبدون ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم " الخ . وليس بخبر جدي البتة ، وهذا كثير الورود في المخاصمات والمناظرات . (الميزان ج 14 ص 300).
وقد روى الشيخ الكليني في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال :إن الله أحب اثنين وابغض اثنين أحب الخطو فيما بين الصفين وأحب الكذب في الإصلاح - وابغض الخطو في الطرقات وابغض الكذب في غير الإصلاح إن إبراهيم إنما قال بل فعله كبيرهم إرادة الإصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون .
ثم جاءت الحجة الإلهية بتأييده وحمايته والانتصار له وإخراجه من النار سليما معافى قال تعالى: قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين ( أنبياء 70)
وبعد كل ما تقدم من إقامة للحجج والبراهين ووضوح صدق دعوته لكل ذي عقل نجد القرآن الكريم يروي لنا قصة محاججة إبراهيم للنمرود : ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ( البقرة 258 ) .
ألم يكتف النمرود بما تقدم من حجج وبراهين تثبت صدق نبوة إبراهيم (عليه السلام) فلماذا يطلب المزيد .
هذه عادة المستكبرين وهذا ديدن الطغاة المستبدين ، في كل زمان ومكان ،في زمن إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (عليهم السلام) وهكذا حتى زمن آخر آمال الأنبياء الإمام المهدي (عليه السلام) فليس هو بدعا من آبائه وهو في دعوته يجسد آمال جميع الأنبياء والمرسلين. نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه في جملة أوليائه إنه سميع مجيب.
ألم يكتف النمرود بما تقدم من حجج وبراهين تثبت صدق نبوة إبراهيم (عليه السلام) فلماذا يطلب المزيد .
هذه عادة المستكبرين وهذا ديدن الطغاة المستبدين ، في كل زمان ومكان ،في زمن إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (عليهم السلام) وهكذا حتى زمن آخر آمال الأنبياء الإمام المهدي (عليه السلام) فليس هو بدعا من آبائه وهو في دعوته يجسد آمال جميع الأنبياء والمرسلين. نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه في جملة أوليائه إنه سميع مجيب.