من هو البهلول
مرسل: الثلاثاء أكتوبر 24, 2006 12:53 am
العالم العارف الكامل الكاشف عن لطائف أسرار الفنون
بهلول بن عمرو العاقل العادل
الكوفي الصوفي المشتهر
بالمجنون
اسمه وهب، وكان من خواص تلامذة مولانا الصادق (ع) كاملاً في فنون الحكم والمعارف والآداب، بل ومن جملة المفتين على طريقة أهل الحق في زمانه مقبولاً عند العامة أيضاً، ويقال: إن أباه عمرواً كان عم الرشيد كما في "تاريخ المستوفي" وفي "المجالس" أن الرشيد لما أجمع أمره على قمع أثر مولانا الكاظم (ع) وجعل يحتال في ذلك، أرسل إلى حملة الفتيا يستفتيهم عن إباحة دمه المعصوم (ع) متهماً إياه بداعية الخروج، فأفتوا - قاتلهم الله جميعاً - بالإباحة سوى البهلول، وكان منهم، فإنه لقى في سره الإمام (ع) وأخبره بالواقعة، وطلب منه الهداية إلى طريق النجاة، فأشار (ع) إليه بالتجنن في أعينهم وإظهاره السفه والهذيان صيانة لنفسه ودينه، واقداراً له على إحقاق الحق، وإبطال الباطل كما يريد.
قلت: ويؤيد ذلك ما نقله السيد نعمت الله التستري - رحمه الله - في حق الرجل في كتابه الموسوم بـ"غرائب الأخبار" قال: روى أن هارون الرشيد أراد أن يولي أحداً قضاء بغداد فشاور أصحابه فقالوا: لا يصلح لذلك إلا بهلول.
فاستدعاه وقال: يا أيها الشيخ الفقيه!.. أعنا على عملنا هذا.
قال: بأي شيء أعينك؟..
قال: بعمل القضاء.
قال: أنا لا أصلح لذلك.
قال: أطبق أهل بغداد على أنك صالح لهذا العمل.
فقال: يا سبحان الله!.. إني أعرف بنفسي منهم.. ثم إني في إخباري عن نفسي بأني لا أصلح للقضاء، لا يخلو أمري من وجهين: إما أن أكون صادقاً، فهو ما أقول، وإن كنت كاذباً.. فالكاذب لا يصلح لهذا العمل.
فألحوا عليه وشددوا، وقالوا: لا ندعك أو تقبل هذا العمل، قال: إن كان ولا بد فأمهلوني الليلة حتى أفكر في أمري، فأمهلوه.. فخرج من عندهم فلما أصبح في اليوم الثاني تجانن، وركب قصبة، ودخل السوق، وكان يقول: طرّقوا خلّوا الطريق لا يطأكم فرسي.. فقال الناس: جنّ بهلول فقيل ذلك لهارون، فقال: ما جن ولكن فرّ بدينه منا، وبقي على ذلك إلى أن مات، وكان من عقلاء المجانين - رحمه الله -.
وله مناظرات طريفة ومباهات لطيفة مع أبي حنيفة، وغيره أيضاً منقولة في "المجالس" وغيره.
منها أنه سمع يوماً إلى أبي حنيفة يذكر لأصحابه أن من مقالة جعفر الصادق (ع) ثلاثة لا أقبلها منه يقول: إن الشيطان يُعذب بالنار، مع أن خلقته منها، ولا يتأذى الشيء بما هو من سنخه.. ويقول: بنفي الرؤية عن الله، مع أنه شيء موجود لا بد فيه من الرؤية.. ويقول:باستناد أفعال العباد إلى أنفسهم، والنصوص على خلافه.
فألهم بهلول في جوابه عن كل ذلك، بأن أخذ مدرة من الأرض وضرب بها وجه أبي حنيفة، بحيث قد شجه وأدماه، فتبعه القوم إلى أن وقعوا عليه وأتوا به إلى دار الخليفة رعاية لنسبته منه، ومعهم أبو حنيفة، فالتفت بهلول إليه في محضر الرشيد، قال: ما أشهدك في هذا المقام للشكاية مني، فقال أبو حنيفة: ألم أصابني من رميتك إليَّ، فقال:
وأين هذا الألم الذي تدعيه، وليس بمبصر فيك؟.. ثم كيف أنت تأذيت من مدرة وأصلك تراب؟.. ثم كيف نسبتها إليَّ، وكان الأمر بيد غيري؟.. فبهت أبو حنيفة، وعرف أنه لم يرد بذلك إلا جواب تشكيكاته، وقام من المجلس منكوباً.
بهلول بن عمرو العاقل العادل
الكوفي الصوفي المشتهر
بالمجنون
اسمه وهب، وكان من خواص تلامذة مولانا الصادق (ع) كاملاً في فنون الحكم والمعارف والآداب، بل ومن جملة المفتين على طريقة أهل الحق في زمانه مقبولاً عند العامة أيضاً، ويقال: إن أباه عمرواً كان عم الرشيد كما في "تاريخ المستوفي" وفي "المجالس" أن الرشيد لما أجمع أمره على قمع أثر مولانا الكاظم (ع) وجعل يحتال في ذلك، أرسل إلى حملة الفتيا يستفتيهم عن إباحة دمه المعصوم (ع) متهماً إياه بداعية الخروج، فأفتوا - قاتلهم الله جميعاً - بالإباحة سوى البهلول، وكان منهم، فإنه لقى في سره الإمام (ع) وأخبره بالواقعة، وطلب منه الهداية إلى طريق النجاة، فأشار (ع) إليه بالتجنن في أعينهم وإظهاره السفه والهذيان صيانة لنفسه ودينه، واقداراً له على إحقاق الحق، وإبطال الباطل كما يريد.
قلت: ويؤيد ذلك ما نقله السيد نعمت الله التستري - رحمه الله - في حق الرجل في كتابه الموسوم بـ"غرائب الأخبار" قال: روى أن هارون الرشيد أراد أن يولي أحداً قضاء بغداد فشاور أصحابه فقالوا: لا يصلح لذلك إلا بهلول.
فاستدعاه وقال: يا أيها الشيخ الفقيه!.. أعنا على عملنا هذا.
قال: بأي شيء أعينك؟..
قال: بعمل القضاء.
قال: أنا لا أصلح لذلك.
قال: أطبق أهل بغداد على أنك صالح لهذا العمل.
فقال: يا سبحان الله!.. إني أعرف بنفسي منهم.. ثم إني في إخباري عن نفسي بأني لا أصلح للقضاء، لا يخلو أمري من وجهين: إما أن أكون صادقاً، فهو ما أقول، وإن كنت كاذباً.. فالكاذب لا يصلح لهذا العمل.
فألحوا عليه وشددوا، وقالوا: لا ندعك أو تقبل هذا العمل، قال: إن كان ولا بد فأمهلوني الليلة حتى أفكر في أمري، فأمهلوه.. فخرج من عندهم فلما أصبح في اليوم الثاني تجانن، وركب قصبة، ودخل السوق، وكان يقول: طرّقوا خلّوا الطريق لا يطأكم فرسي.. فقال الناس: جنّ بهلول فقيل ذلك لهارون، فقال: ما جن ولكن فرّ بدينه منا، وبقي على ذلك إلى أن مات، وكان من عقلاء المجانين - رحمه الله -.
وله مناظرات طريفة ومباهات لطيفة مع أبي حنيفة، وغيره أيضاً منقولة في "المجالس" وغيره.
منها أنه سمع يوماً إلى أبي حنيفة يذكر لأصحابه أن من مقالة جعفر الصادق (ع) ثلاثة لا أقبلها منه يقول: إن الشيطان يُعذب بالنار، مع أن خلقته منها، ولا يتأذى الشيء بما هو من سنخه.. ويقول: بنفي الرؤية عن الله، مع أنه شيء موجود لا بد فيه من الرؤية.. ويقول:باستناد أفعال العباد إلى أنفسهم، والنصوص على خلافه.
فألهم بهلول في جوابه عن كل ذلك، بأن أخذ مدرة من الأرض وضرب بها وجه أبي حنيفة، بحيث قد شجه وأدماه، فتبعه القوم إلى أن وقعوا عليه وأتوا به إلى دار الخليفة رعاية لنسبته منه، ومعهم أبو حنيفة، فالتفت بهلول إليه في محضر الرشيد، قال: ما أشهدك في هذا المقام للشكاية مني، فقال أبو حنيفة: ألم أصابني من رميتك إليَّ، فقال:
وأين هذا الألم الذي تدعيه، وليس بمبصر فيك؟.. ثم كيف أنت تأذيت من مدرة وأصلك تراب؟.. ثم كيف نسبتها إليَّ، وكان الأمر بيد غيري؟.. فبهت أبو حنيفة، وعرف أنه لم يرد بذلك إلا جواب تشكيكاته، وقام من المجلس منكوباً.