إلى ما تـُظلمُ الزهراءُ حقــًّـا أليسَ الظلمُ ياقومُ حـــراما!؟
مرسل: الاثنين إبريل 26, 2010 12:44 am
اللهم اللعن كل من اذى على وفاطمة وابنائهما لعنة يستغيث منها اهل النار

لم تكن حياة الزهراء هنية بعد انتقال أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ، ذلك انها فجعت بوفاة أبيها صلى الله عليه وسلم ، وفوجئت بمنع الصديق رضي الله عنه إياها حقها في فدك ، فتأثرت لذلك اشد الأثر وأعظمه فغدت شاكية لا ترى إلا هي معصوبة الرأس ، وطبقا لنبوءة النبي صلى الله عليه وسلم ، الصادقة فسرعان ما لحقت به ، فكانت أسرع أهله لحوقا به ، وقد اختلف العلماء في مدة بقائها بعد أبيها صلى الله عليه وسلم ، فقيل أربعون يوما ، وقيل خمسة وأربعون ، وربما كان ذلك اشتباها بمدة مرضها .
وروى الحاكم بسنده عن عائشة انها شهران ، وروى ابن عبد البر في الاستيعاب انها سبعون يوما ، وذهب أبو الفرج الأصفهاني إلى انها ثلاثة أشهر ، لكن المشهور ان الزهراء عليها السلام ، ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، وطبقا لرواية الإمام الباقر وعروة بن الزبير ، وان وفاتها كانت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة للهجرة ( 20 نوفمبر 632 م ) وبوليدها الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، حفظت العترة المحمدية .
وروي عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك الا الثقلين ، كتاب الله عزوجل ، وعترته أهل بيته ، وكان قد اسر إلى فاطمة رضي الله عنها ، إنها لاحقة به ، وإنها أول أهل بيته لحوقا به ، فقالت رضي الله عنها ( بينما أنا نائمة بعد وفاة أبي بأيام ، إذ رأيت كان أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشرف علي ، فلما رايته لم املك نفسي ان ناديت : يا أبتاه ، انقطع عنا خبر السماء فبينما أنا كذلك إذ أتتني الملائكة صفوفا يقدمها ملكان حتى أخذا بي فصعدا بي إلى السماء ، فرفعت راسي ، فإذا أنا بقصور مشيدة وبساتين وانهار ، تطرد قصرا بعد قصر وبستانا بعد بستان ، وإذا قد طلع علي من تلك القصور جوار كأنهن الدمى مستبشرات يضحكن إلي ويقلن : مرحبا بمن خلقت لها الجنة ، وخلقنا نحن من اجل أبيها ، ولم تزل الملائكة تصعد بي حتى أدخلوني إلى دار فيها قصور ، وفي كل قصر بيوت فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وفيها من السندس والإستبرق ، وعلى الأسرة الكثير منها ، وعليها الالحفة من الحرير والديباج بألوان شتى ، ومن أواني الذهب والفضة ما يأخذ بالأبصار ، وعليها ألوان الطعام ، وفي تلك الجنان نهرا شد بياضا من اللبن ، وأحلى مذاقا من العسل ، وأطيب رائحة من المسك ، فقلت لمن هذه الدار ، وما هذه الأنهار ، فقالوا هذه الدار هي الفردوس الأعلى الذي ليس بعده جنة ، وهي دار أبيك ومن معه من النبيين صلوات الله عليهم أجمعين ، ومن أحب الله عزوجل من الشهداء والصديقين ، وهذا هو نهر الكوثر الذي وعد الله تبارك وتعالى أباك صلى الله عليه وسلم ان يعطيه إياه ، قلت : فأين أبي ، قالوا : الساعة يدخل عليك ، فبينما أنا كذلك إذ برزت لي قصور اشد بياضا من تلك القصور ، وفرش هي أحسن من تلك الفرش ، وإذا أنا بفرش مرتفعة على أسرة ، وإذا أبي جالس على تلك الفرش ومعه جماعة ، فأخذني وضمني وقبل ما بين عيني ، وقال : مرحبا بابنتي ، وأقعدني في حجرة ، ثم قال : يا حبيبتي ، أما ترين ما اعد الله لك وما تقدمين عليه ، واراني قصورا مشرفات فيها ألوان الطرائف والحلي والحلل ، وقال : هذا مسكنك ومسكن زوجك وولديك ومن احبك وأحبهم ، فطيبي نفسا ، فانك قادمة علي بعد أيام ، قالت : فطار قلبي ، واشتد شوقي ، فانتبهت مرعوبة
واخرج ابن سعد في الطبقات والهيثمي في مجمع الزوائد والإمام احمد في المسند والفضائل عن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه عن أم سلمى قالت : اشتكت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرضتها فأصبحت يوما كأمثل ما كانت ، فخرج علي بن أبي طالب ، فقالت يا أمتاه ، اسكبي لي ماء غسلا ، فسكبت لها فقامت فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ، ثم قالت هاتي ثيابي الجدد فأعطيتها فلبستها ثم جاءت إلى البيت الذي كانت فيه فقالت : قدمي الفراش إلى وسط البيت ، فقدمته فاضطجعت واستقبلت القبلة فقالت : يا أمتاه : اني مقبوضة الآن ، واني قد اغتسلت فلا يكشفني احد وقبضت ، فجاء علي بن أبي طالب فأخبرته فقال : ( والله لا يكشفها احد ، ثم حملها بغسلها ذلك فدفنها )
وفي رواية الإمام احمد بن حنبل في المسند عن أم سلمى قالت : اشتكت فاطمة سلام الله عليها شكواها التي قبضت فيه فكنت أمرضها ، فأصبحت يوما كأمثل ما رايتها في شكواها تلك ، قالت : وخرج علي عليه السلام لبعض حاجته ، فقالت : يا امة اسكبي لي غسلا فسكبت لها غسلا فاغتسلت كأحسن ما رايتها تغسل ثم قالت : يا امة أعطني ثيابي الجدد فأعطيتها فلبستها ، ثم قالت : يا امة قدمي لي فراشي وسط البيت ، ففعلت واضطجعت واستقبلت القبلة ، وجعلت يدها تحت خدها ، ثم قالت : يا امة إني مقبوضة الآن ، وقد تطهرت ، فلا يكشفني احد ، فقبضت مكانها ، قالت : فجاء علي فأخبرته ) .
على ان هناك من يثير جدلا حول هذا الحديث ، فيقول الدار قطني بعد أخراجه : وكيف يكون صحيحا ، والغسل انما شرع لحدث الموت ، فكيف يقع مثله ولو قدرنا حقا هذا عن فاطمة ، أفكان يخفي على علي عليه السلام ، ثم ان احمد والشافعي يحتجان في غسل الزوج زوجته ان عليا غسل فاطمة عليها السلام .
فلقد روى ابن سعد في الطبقات عن محمد بن موسى ان علي بن أبي طالب غسل فاطمة كما ان هناك رواية عن أسماء بنت عميس قالت فيها : غسلت أنا وعلي ابن أبي طالب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية أخرى ان ذلك كان بوصية من الزهراء نفسها ان تغسلها أسماء وعلي ، فغسلاها .
وهناك رواية تذهب إلى ان أعرابيا جاء من الشام ، وابن عباس كان في المسجد الحرام يفتي الناس ، فسأله عن أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم وبناته ، فاخبره ان أبناءه كانوا خمسة : القاسم والطاهر والمطهر والطيب ، وهم من خديجة ، رضي الله عنها ، وإبراهيم من مارية ، وبناته كن أربعا : زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ، وكن أيضا من خديجة وكلهم مات في حياته صلوات الله عليه ، الا فاطمة فإنها بقيت أربعين يوما بعده ، ولما جاء اجل فاطمة لم تحم ولم تصدع ، ولكن أخذت بيد الحسن والحسين فذهب بهما إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فأجلستهما عنده ثم وقفت ، فصلت بين المنبر والقبر ركعتين ثم ضمتهما إلى صدرها والتزمتهما ، وقالت يا ولدي اجلسا عند أبيكما ساعته ، والإمام علي عليه السلام ، يصلي في المسجد ، ثم رجعت نحو المنزل فحملت ما فضل من حنوط النبي صلى الله عليه وسلم فاغتسلت به ولبست فضل كفنه ثم نادت يا أسماء فقالت لها : لبيك يا بنت رسول الله ، فقالت تعاهديني ، فاني ادخل هذا البيت فأضع جنبي ساعتة فإذا مضت ساعة ولم اخرج فناديني ثلاثا فان أجبتك ، وإلا فاعلمي إني لحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قامت مقام الرسول صلى الله عليه وسلم في بيتها ، فصلت ركعتين ، ثم جللت وجهه بطرف ردائها وقصت نجبها ، وقيل بل ماتت في سجدتها .
فلما مضت ساعة أقبلت اسماء فنادت يا فاطمة الزهراء ، يا أم الحسن والحسين ، يا بنت رسول الله ، يا سيدة نساء العالمين ، فلم تجب فدخلت فإذا هي ميتة ، فقال الأعرابي : كيف علمت وقت وفاتها يا ابن عباس ، قال : اعلمها أبوها ، ثم شقت أسماء جيبها ، وقالت كيف اجترئ فاخبر ابني رسول الله بوفاتك ، ثم خرجت فتلقاها الحسن والحسين فقالا : أين أمنا فسكتت فدخلا البيت فإذا هي ممتدة فحركها الحسين فإذا هي ميتة فقال : يا آخاه آجرك الله في أمنا ، وصاح أهل المدينة لاعلموا بخبر وفاتها واجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة تتزعزع منها وهن يقلن : يا سيدتاه ، يا حبيبتاه ، يا بنت رسول الله ، واقبل الناس إلى علي وهو جالس ، والحسن والحسين ، رضي الله عنهم أجمعين بين يديه يبكيان فبكى لبكائهما ، واجتمع الناس فجلسوا وهم يسترجعون وينتظرون ان تخرج الجنازة فيصلوا عليها ، فخرج أبو ذر الغفاري وقال : انصرفوا فان ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخر إخراجها هذه العشية فقام الناس وانصرفوا .