قصيدة احرم الحجاج
الشاعر البحريني \ الشيخ حسن الدمستاني
بسم الله الرحمن الرحيم
أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور
وانا المحرم عن لذاته كل الدهور
كيف لا احرم دأباً ناحراً هدي السرور
وانا في مشعر الحزن على رزء الحسين
حق للشارب من زمزم حب المصطفى
ان يرى حق بنيه حرماً معتكفا
ويواسيهم والا حاد عن باب الصفا
وهو من اكبر حوبٍ عند رب الحرمين
فمن الواجب عيناً لبس سربال الاسى
واتخاذ النوح ورداً كل صبح ومسا
واشتعال القلب احزاناً تذيب الانفسا
وقليل تتلف الارواح في رزء الحسين
لست انساه طريداً عن جوار المصطفى
لائذاً بالقبة النوراء يشكوا اسفا
قائلاً ياجد رسم الصبر من قلبي عفى
ببلاء انقض الظهر وأوهى المنكبين
صبت الدنيا علينا حاصباً من شرها
لم نذق فيها هنيئاً بلغةً من بُرها
ها أنا مطرود رجس هائم في بَرها
تاركاً بالرغم مني دار سكنى الوالدين
ضمني عندك يا جداه في هذا الضريح
علني ياجد من بلوى زماني استريح
ضاق بي ياجد من فرط الاسى كل فسيح
فعسى طود الاسى يندك بين الدكتين
جد صفو العيش من بعدك بالاكدار شيب
وأشاب الهم رأسي قبل اُبان المشيب
فعلا من داخل القبر بكاء ونحيب
ونداء بافتجاع يا حبيبي ياحسين
انت ياريحانة القلب حقيق بالبلاء
انما الدنيا اعدت لبلاء النبلاء
لكن الماضي قليل في الذي قد أقبلا
فاتخذ ذرعين من صبر وحسم سابغين
ستذوق الموت ظلماً ظامياً في كربلا
وستبقى في ثراها عافراً منجدلا
وكأني بلئيم الاصل شمراً قد علا
صدرك الطاهر بالسيف يحز الودجين
وكأني بالأيامى من بناتي تستغيث
سغباً تستعطف القوم وقد عزّ المغيث
قد برى اجسامهن الضرب والسير الحثيث
بينها السجاد في الاصفاد مغلول اليدين
فبكى قرة عين المصطفى والمرتضى
رحمةً للآل لا سخطاً لمحتوم القضا
بل هو القطب الذي لم يخطو عن سمت الرضا
مقتدى الأمة والي شرقها والمغربين
حين نبأ آله الغر بما قال النبي
اظلم الافق عليهم بقتام الكرب
فكأن لم يستبينوا مشرقاً من مغرب
غشيتهم ظلمات الحزن من اجل الحسين
وسرى بالأهل والصحب بملحوب الطريق
يقطع البيدا مجداً قاصد البيت العتيق
فأتته كتب الكوفة بالعهد الوثيق
نحن انصارك فاقدم سترى قرة عين
بينما السبط باهليه مجداً في المسير
فاذا الهاتف ينعاهم ويدعوا ويشير
ان قدام مطاياهم مناياهم تسير
ساعة اذ وقف المهر الذي تحت الحسين
فعلا صهوة ثان فأبى ان يرحلا
فدعى في صحبه يا قوم ما هذي الفلا
قيل هذي كربلاءٌ قال كربٌ وبلا
خيموا ان بهذي الارض ملقى العسكرين
ها هنا تُنتزع الارواح من اجسادها
بظبى تعتاض بالاجساد عن اغمادها
وبهذي تُحمل الامجاد في اصفادها
في وثاق الطلقاء الادعياء الوالدين
وبهذي تيأم الزوجات من ازواجها
وبهذي تشرب الابطال من اوداجها
وتهاوى انجم الابرار عن ابراجها
غائبات في ثرى البوغاء محجوبات بين
وأطلتهم جنود كالجراد المنتشر
مع شمر وابن سعد كل كذاب اشر
فاصطلى الجمعان نار الحرب في يوم عسر
واستدارت في رحى الهيجاء انصار الحسين
يحسبون البيض اذ تلبس فيض القلل
بيض انس يتمايلن بحمر الحلل
فيذوقون المنايا كمذاق العسل
شاهدوا الجنة كشفاً ورأوها رأي عين
بأبي انجم سعد في هبوط وصعود
طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود
سعدت بالذبح والذابح من بعض السعود
كيف لا تسعد في حال اقتران بالحسين
بأبي أقمار تُمٍ خسفت بين الصفاح
وشموساً من رؤوس في بروج من رماح
ونفوساً منعت ان ترد الماء المباح
جرعت كأسي اُوام وحمام قاتلين
عندها ظل حسين مفرداً بين الجموع
ينظر الآل فيذري من اماقيه الدموع
فانتظى للذب عنهم مرهف الحد لموع
غرمه يغريه للضرب نمار الصفحتين
فاتحاً من مجلس التوديع للأحباب باب
فاحتسو من ذلك التوديع للأوصاب صاب
موصي الاخت التي كانت لها الآداب دأب
زينب الطهر بأمر وبنهي نافذين
أخت يازينب أوصيك وصايا فاسمعي
انني في هذه الأرض ملاقٍ مصرعي
فاصبري فالصبر من خيم كرام المترع
كل حي سينحيه عن الأحياء حين
في جليل الخطب يا أخت اصبري الصبر الجميل
ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل
واتركي اللطم على الخد واعلان العويل
ثم لا اكره ان يسقي دمع العين ورد الوجنتين
اجمعي شمل اليتامى بعد فقدي وانظمي
اطعمي من جاع منهم ثم أروي من ظمي
واذكري اني في حفظهم طٌل دمي
ليتني بينهم كالانف بين الحاجبين
أخت آتيني بطفلي أره قبل الفراق
فأتت بالطفل لا يهدأ والدمع مراق
يتلوى ظمأ والقلب منه في احتراق
غائر العينين طاو البطن ذاو الشفتين
فبكى لما رآه يتلظى بالأوام
بدموع هاميات تخجل السحب السجام
ونحا القوم وفي كفيه ذياك الغلام
وهما من ظمإ قلباهما كالجمرتين
فدعا في القوم يا لله للخطب الفظيع
نبئوني أأنا المذنب ام هذا الرضيع
لاحظوه فعليه شبه الهادي الشفيع
لا يكن شافعكم خصماً لكم في النشأتين
عجلوا نحوي بماء اسقه هذا الغلام
فحشاه من أوام في اضطرام وكُلام
فاكتفى القوم عن القول بتكليم السهام
وإذا بالطفل قد خر صريعاً لليدين
فالتقى مما هما من منحر الطفل دما
ورماه صاعداً يشكوا الى رب السما
وينادي يا حكيم انت خير الحكما
فجع القوم بهذا الطفل قلب الوالدين
وأغار السبط للجلي بمأمون العثار
اذ اثار الضمر العثير بالركض فثار
يحسب الحرب عروساً ولها الروس نثار
ذكر القوم ببدر وبأحد وحنين
بطل فرد من الجمع على الابطال طال
أسد يفترس الاسد على الآجال جال
ماله غير اله العرش في الاهوال وال
ماسطى في فرقة الا تولت فرقتين
ماله في حومة الهيجاء في الكر شبيه
غير مولانا علي والفتى سر أبيه
غير ان القوم بالكثرة كانوا متعبيه
وهو ظام شفتاه اضحتا ناشفتين
علة الايجاد بالنفس على الامجاد جاد
ما ونى قط ولا عن عصبة الالحاد حاد
كم له فيهم سنان خارق الاكباد باد
وحسام يخسف العين ويبري الاخذ عين
دأبه الذب الى ان شب في القلب الأوام
وحكى جثمانه القنفذ من رشق السهام
وتوالى الضرب والطعن على الليث الهمام
وعراه من نزيف الدم ضعف الساعدين
فتدنى الغادر الباغي سنان بالسنان
طاعنا صدر امامي فهوى واهي الجنان
اشرقت تبكي عليه اسفاً حور الجنان
وبكى الكرسي والعرش عليه آسفين
ما دروا اذ خر عن ظهر الجواد الرامح
أ حسين خر ام برج السماك السابح
ام هو البدر وقد حل بسعد الذابح
ام هو الشمس وأين الشمس من نور الحسين
اي عينين بقان الدمع لا تنهرقان
وحبيب المصطفى بالترب مخضوباً بقان
دمه والطين في منحره مختلطان
وله قدر تعالى فوق هام الشرطين
لهف نفسي اذ نحا اهل الفساطيط الحصان
ذاهلاً منفجعاً يصهل مذعور الجنان
مائل السرج عثور الخطو في فضل العنان
خاضب المفرق والخدين من نحر الحسين
ايها المهر توقف لا تحم حول الخيام
واترك الاعوال كي لا يسمع الآل الكرام
كيف تستقبلهم تعثر في فضل اللجام
وهم ينتظرون الآن اقبال الحسين
مرق المهر وجيعاً عالياً منه العويل
يخبر النسوان ان السبط في البوغا جديل
ودم المنحر جار خاضب الجسم يسيل
نابعاً من ثغرة النحر كما تنبع عين
خرجت مذ سمعت زينب اعوال الجواد
تحسب السبط اتاها بالذي يهوى الفؤاد
ما درت ان اخاها عافراً في بطن واد
ودم الاوداج منه خاضباً للمنكبين
مذ وعت ما لاح من حال الجواد الصاهل
صرخت مازقة الجيب بلب ذاهل
وبدت من داخل الخيمات آل الفاضل
محرقات بسواد الحزن من فقد الحسين
وغدت كلٌ من الدهشة تهوي وتقوم
انجم تهوي ولكن ما تهاوت لرجوم
وحقيق بعد كسف الشمس ان تبدوا النجوم
يتسابقن الى موضع ما خر الحسين
وإذا بالشمر جاث فوق صدر الطاهر
يهبر الاوداج منه بالحسام الباتر
فتساقطن عليه بفؤاد طائر
بافتجاع قائلات خل ياشمر حسين
رأس من تقطع ياشمر بهذا الصارم
ليس من تفري وريديه بكبش جاثم
ان ذا سبط النبي القرشي الهاشمي
ابواه خير الله فذا ابن الخيرتين
ارفع الصارم عن نحر الامام الواهب
عصمة الراهب في الدهر وملفى الهارب
كيف تفري نحر سبط المصطفى بالقاضب
وهو دأباً يكثر التقبيل في نحر الحسين
كان يؤذيه بكاه وهو في المهد رضيع
بابنه قدماً فداه وهو ذو الشأن الرفيع
ليته الآن يراه وهو في الترب صريع
يتلظى بظماه حافصاً بالقدمين
كم به من مَلك في الملأ الاعلى عتيق
وبيمناه يسار لدم العسر يريق
وعلى الناس له عهداً من الله وثيق
انه الحجة في الارض ومولى الملوين
ما افاد الوعظ والتحذير في الرجز الرجيم
وانحنى يفري وريدي ذلك النحر الكريم
وبرى الرأس وعلاه على رمح قويم
زاهراً يشرق نوراً كاسفاً للقمرين
شمس أفق الدين اضحت في كسوف بالسيوف
وتوارت عن عيون الناس في ارض الطفوف
فأصاب الشمس والبدر كسوف وخسوف
لكن الافق مضيء بسنا راس الحسين
ذبح الشمر حسينا ليتني كنت وقاه
وغدا الاملاك تبكيه خصوصاً عتقاه
ما درى الملعون شمرٌ أي صدر قد رقاه
صدر من داس فخاراً فوق فرق الفرقدين
فتك العصفور بالصقر فيا للعجب
ذبح الشمر حسيناً غيرة الله اغضبي
حيدرٌ آجرك الله بعالي الرتب
ادرك الاعداء فيه ثأر بدر وحنين
أعين لم تجر في أيام عاشورا بما
كُحلت وحياً اماقيها بأميال العما
لأصبن اذا ما أعوز الدمع دما
لأجودن بدمع العين جود الاجودين
عجباً ممن رسا في قلبه حب الامام
كيف عاشوا يوم عاشورا وما ذاقوا الحِمام
بل ارى نوحهم يقصر عن نوح الحَمام
أ سواءٌ فقد فرخين وفقدان الحسين
كيف لا يبكي بشجو لابن بنت المصطفى
انه كان سراجاً للبرايا وانطفا
حق لو في فيض دمع العين انساني طفا
واغتدى الجاري من العين عقيق لا لجين
أ يزيدٌ فوق فرش من حرير في سرير
ثمل نشوان من خمر له الساقي يدير
وحسين في صخور وس*** من هجير
ساغباً ضمآن يسقى من نجيع الودجين
حطم الحزن فؤادي لحطيم بالصفا
ولهيف القلب صاد وذبيح من قفا
ولعار في وهاد فوقه السافي سفا
صدره والظهر منه اصبحا منخسفين
ولرأس ناضر الوجه برأس الذابل
ولقاني فيض نحر غاسل للعاسل
ولعان هالك الناصر واهي الكاهل
وبنات المصطفى لهفي على عجف سرين
بينما زينب قرحى الجفن ولهاء ثكول
تذرف الدمع وفي احشائها الحزن يجول
تندب الندب بقلب واجف وهي تقول
قد أصابتني بنور العين حسادي بعين
واذبيحا من قفاه بالحسام الباتر
واصريعا بعراه ما له من ساتر
واكسيرا صلواه بصليب الحافر
وارضيضا قدماه والقرى والمنكبين
واخطيباه جمالي وجمال المنبر
واقتيلاه ولكن ذنبه لم يُخبر
واطريحاه ثلاثا بالعرا لم يُقبر
واشهيداه ومن للمصطفى قرة عين
يا أخي قد كنت تاجا للمعالي والرؤوس
مقريا للضيف والسيف نفيسا ونفوس
كيف اضحى جسمك السامي له الخيل تدوس
بعدما دست على اوج السهى بالقدمين
يا أخي يا تاج عزي لاحظ البيض الحداد
بقيت بعدك شعثاً في كِلال وحداد
قطنت اجفانها فالقلب كالقالب صاد
اشبه الاشياء بالقرآن بين الدفتين
حزب حرب اين انتم من سجايا هاشم
اذ عفو عنكم وقد كنتم حصيد الصارم
ان في هذا لسر بين للفاهم
ان آثار القبيلين عصير العنصرين
جدنا عاملكم في الفتح بالصفح الجميل
مالكم صيرتمونا بين عان وجديل
وعلى جيل قفوتم اثرهم لعن الجليل
وعذاب مستطيل لن يزولا خالدين
سادتي حزني كحبي لكم باق مقيم
هبة من عند ربي وهو ذو الفضل العظيم
قد صفا الحب بقلبي فاجعلوا ذنبي حطيم
واكشفوا في الحشر كربي واشفعوا للوالدين
حسن ما حسن منه سوى حفظ الوداد
وولاء في براء وصفاء الاعتقاد
وهو كاف في اماني من مخاويف المعاد
انما الخوف لمن لم يعتقد فضل الحسين
والتحيات الوحيات وتسليم السلام
لسراة الخلق في الدنيا وفي دار السلام
ذائبات ابد الآباد ما تم كلام
او محا الله ظلاما بضياء النيرين
.. نسألكم الدعاء ..
الشاعر البحريني \ الشيخ حسن الدمستاني
بسم الله الرحمن الرحيم
أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور
وانا المحرم عن لذاته كل الدهور
كيف لا احرم دأباً ناحراً هدي السرور
وانا في مشعر الحزن على رزء الحسين
حق للشارب من زمزم حب المصطفى
ان يرى حق بنيه حرماً معتكفا
ويواسيهم والا حاد عن باب الصفا
وهو من اكبر حوبٍ عند رب الحرمين
فمن الواجب عيناً لبس سربال الاسى
واتخاذ النوح ورداً كل صبح ومسا
واشتعال القلب احزاناً تذيب الانفسا
وقليل تتلف الارواح في رزء الحسين
لست انساه طريداً عن جوار المصطفى
لائذاً بالقبة النوراء يشكوا اسفا
قائلاً ياجد رسم الصبر من قلبي عفى
ببلاء انقض الظهر وأوهى المنكبين
صبت الدنيا علينا حاصباً من شرها
لم نذق فيها هنيئاً بلغةً من بُرها
ها أنا مطرود رجس هائم في بَرها
تاركاً بالرغم مني دار سكنى الوالدين
ضمني عندك يا جداه في هذا الضريح
علني ياجد من بلوى زماني استريح
ضاق بي ياجد من فرط الاسى كل فسيح
فعسى طود الاسى يندك بين الدكتين
جد صفو العيش من بعدك بالاكدار شيب
وأشاب الهم رأسي قبل اُبان المشيب
فعلا من داخل القبر بكاء ونحيب
ونداء بافتجاع يا حبيبي ياحسين
انت ياريحانة القلب حقيق بالبلاء
انما الدنيا اعدت لبلاء النبلاء
لكن الماضي قليل في الذي قد أقبلا
فاتخذ ذرعين من صبر وحسم سابغين
ستذوق الموت ظلماً ظامياً في كربلا
وستبقى في ثراها عافراً منجدلا
وكأني بلئيم الاصل شمراً قد علا
صدرك الطاهر بالسيف يحز الودجين
وكأني بالأيامى من بناتي تستغيث
سغباً تستعطف القوم وقد عزّ المغيث
قد برى اجسامهن الضرب والسير الحثيث
بينها السجاد في الاصفاد مغلول اليدين
فبكى قرة عين المصطفى والمرتضى
رحمةً للآل لا سخطاً لمحتوم القضا
بل هو القطب الذي لم يخطو عن سمت الرضا
مقتدى الأمة والي شرقها والمغربين
حين نبأ آله الغر بما قال النبي
اظلم الافق عليهم بقتام الكرب
فكأن لم يستبينوا مشرقاً من مغرب
غشيتهم ظلمات الحزن من اجل الحسين
وسرى بالأهل والصحب بملحوب الطريق
يقطع البيدا مجداً قاصد البيت العتيق
فأتته كتب الكوفة بالعهد الوثيق
نحن انصارك فاقدم سترى قرة عين
بينما السبط باهليه مجداً في المسير
فاذا الهاتف ينعاهم ويدعوا ويشير
ان قدام مطاياهم مناياهم تسير
ساعة اذ وقف المهر الذي تحت الحسين
فعلا صهوة ثان فأبى ان يرحلا
فدعى في صحبه يا قوم ما هذي الفلا
قيل هذي كربلاءٌ قال كربٌ وبلا
خيموا ان بهذي الارض ملقى العسكرين
ها هنا تُنتزع الارواح من اجسادها
بظبى تعتاض بالاجساد عن اغمادها
وبهذي تُحمل الامجاد في اصفادها
في وثاق الطلقاء الادعياء الوالدين
وبهذي تيأم الزوجات من ازواجها
وبهذي تشرب الابطال من اوداجها
وتهاوى انجم الابرار عن ابراجها
غائبات في ثرى البوغاء محجوبات بين
وأطلتهم جنود كالجراد المنتشر
مع شمر وابن سعد كل كذاب اشر
فاصطلى الجمعان نار الحرب في يوم عسر
واستدارت في رحى الهيجاء انصار الحسين
يحسبون البيض اذ تلبس فيض القلل
بيض انس يتمايلن بحمر الحلل
فيذوقون المنايا كمذاق العسل
شاهدوا الجنة كشفاً ورأوها رأي عين
بأبي انجم سعد في هبوط وصعود
طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود
سعدت بالذبح والذابح من بعض السعود
كيف لا تسعد في حال اقتران بالحسين
بأبي أقمار تُمٍ خسفت بين الصفاح
وشموساً من رؤوس في بروج من رماح
ونفوساً منعت ان ترد الماء المباح
جرعت كأسي اُوام وحمام قاتلين
عندها ظل حسين مفرداً بين الجموع
ينظر الآل فيذري من اماقيه الدموع
فانتظى للذب عنهم مرهف الحد لموع
غرمه يغريه للضرب نمار الصفحتين
فاتحاً من مجلس التوديع للأحباب باب
فاحتسو من ذلك التوديع للأوصاب صاب
موصي الاخت التي كانت لها الآداب دأب
زينب الطهر بأمر وبنهي نافذين
أخت يازينب أوصيك وصايا فاسمعي
انني في هذه الأرض ملاقٍ مصرعي
فاصبري فالصبر من خيم كرام المترع
كل حي سينحيه عن الأحياء حين
في جليل الخطب يا أخت اصبري الصبر الجميل
ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل
واتركي اللطم على الخد واعلان العويل
ثم لا اكره ان يسقي دمع العين ورد الوجنتين
اجمعي شمل اليتامى بعد فقدي وانظمي
اطعمي من جاع منهم ثم أروي من ظمي
واذكري اني في حفظهم طٌل دمي
ليتني بينهم كالانف بين الحاجبين
أخت آتيني بطفلي أره قبل الفراق
فأتت بالطفل لا يهدأ والدمع مراق
يتلوى ظمأ والقلب منه في احتراق
غائر العينين طاو البطن ذاو الشفتين
فبكى لما رآه يتلظى بالأوام
بدموع هاميات تخجل السحب السجام
ونحا القوم وفي كفيه ذياك الغلام
وهما من ظمإ قلباهما كالجمرتين
فدعا في القوم يا لله للخطب الفظيع
نبئوني أأنا المذنب ام هذا الرضيع
لاحظوه فعليه شبه الهادي الشفيع
لا يكن شافعكم خصماً لكم في النشأتين
عجلوا نحوي بماء اسقه هذا الغلام
فحشاه من أوام في اضطرام وكُلام
فاكتفى القوم عن القول بتكليم السهام
وإذا بالطفل قد خر صريعاً لليدين
فالتقى مما هما من منحر الطفل دما
ورماه صاعداً يشكوا الى رب السما
وينادي يا حكيم انت خير الحكما
فجع القوم بهذا الطفل قلب الوالدين
وأغار السبط للجلي بمأمون العثار
اذ اثار الضمر العثير بالركض فثار
يحسب الحرب عروساً ولها الروس نثار
ذكر القوم ببدر وبأحد وحنين
بطل فرد من الجمع على الابطال طال
أسد يفترس الاسد على الآجال جال
ماله غير اله العرش في الاهوال وال
ماسطى في فرقة الا تولت فرقتين
ماله في حومة الهيجاء في الكر شبيه
غير مولانا علي والفتى سر أبيه
غير ان القوم بالكثرة كانوا متعبيه
وهو ظام شفتاه اضحتا ناشفتين
علة الايجاد بالنفس على الامجاد جاد
ما ونى قط ولا عن عصبة الالحاد حاد
كم له فيهم سنان خارق الاكباد باد
وحسام يخسف العين ويبري الاخذ عين
دأبه الذب الى ان شب في القلب الأوام
وحكى جثمانه القنفذ من رشق السهام
وتوالى الضرب والطعن على الليث الهمام
وعراه من نزيف الدم ضعف الساعدين
فتدنى الغادر الباغي سنان بالسنان
طاعنا صدر امامي فهوى واهي الجنان
اشرقت تبكي عليه اسفاً حور الجنان
وبكى الكرسي والعرش عليه آسفين
ما دروا اذ خر عن ظهر الجواد الرامح
أ حسين خر ام برج السماك السابح
ام هو البدر وقد حل بسعد الذابح
ام هو الشمس وأين الشمس من نور الحسين
اي عينين بقان الدمع لا تنهرقان
وحبيب المصطفى بالترب مخضوباً بقان
دمه والطين في منحره مختلطان
وله قدر تعالى فوق هام الشرطين
لهف نفسي اذ نحا اهل الفساطيط الحصان
ذاهلاً منفجعاً يصهل مذعور الجنان
مائل السرج عثور الخطو في فضل العنان
خاضب المفرق والخدين من نحر الحسين
ايها المهر توقف لا تحم حول الخيام
واترك الاعوال كي لا يسمع الآل الكرام
كيف تستقبلهم تعثر في فضل اللجام
وهم ينتظرون الآن اقبال الحسين
مرق المهر وجيعاً عالياً منه العويل
يخبر النسوان ان السبط في البوغا جديل
ودم المنحر جار خاضب الجسم يسيل
نابعاً من ثغرة النحر كما تنبع عين
خرجت مذ سمعت زينب اعوال الجواد
تحسب السبط اتاها بالذي يهوى الفؤاد
ما درت ان اخاها عافراً في بطن واد
ودم الاوداج منه خاضباً للمنكبين
مذ وعت ما لاح من حال الجواد الصاهل
صرخت مازقة الجيب بلب ذاهل
وبدت من داخل الخيمات آل الفاضل
محرقات بسواد الحزن من فقد الحسين
وغدت كلٌ من الدهشة تهوي وتقوم
انجم تهوي ولكن ما تهاوت لرجوم
وحقيق بعد كسف الشمس ان تبدوا النجوم
يتسابقن الى موضع ما خر الحسين
وإذا بالشمر جاث فوق صدر الطاهر
يهبر الاوداج منه بالحسام الباتر
فتساقطن عليه بفؤاد طائر
بافتجاع قائلات خل ياشمر حسين
رأس من تقطع ياشمر بهذا الصارم
ليس من تفري وريديه بكبش جاثم
ان ذا سبط النبي القرشي الهاشمي
ابواه خير الله فذا ابن الخيرتين
ارفع الصارم عن نحر الامام الواهب
عصمة الراهب في الدهر وملفى الهارب
كيف تفري نحر سبط المصطفى بالقاضب
وهو دأباً يكثر التقبيل في نحر الحسين
كان يؤذيه بكاه وهو في المهد رضيع
بابنه قدماً فداه وهو ذو الشأن الرفيع
ليته الآن يراه وهو في الترب صريع
يتلظى بظماه حافصاً بالقدمين
كم به من مَلك في الملأ الاعلى عتيق
وبيمناه يسار لدم العسر يريق
وعلى الناس له عهداً من الله وثيق
انه الحجة في الارض ومولى الملوين
ما افاد الوعظ والتحذير في الرجز الرجيم
وانحنى يفري وريدي ذلك النحر الكريم
وبرى الرأس وعلاه على رمح قويم
زاهراً يشرق نوراً كاسفاً للقمرين
شمس أفق الدين اضحت في كسوف بالسيوف
وتوارت عن عيون الناس في ارض الطفوف
فأصاب الشمس والبدر كسوف وخسوف
لكن الافق مضيء بسنا راس الحسين
ذبح الشمر حسينا ليتني كنت وقاه
وغدا الاملاك تبكيه خصوصاً عتقاه
ما درى الملعون شمرٌ أي صدر قد رقاه
صدر من داس فخاراً فوق فرق الفرقدين
فتك العصفور بالصقر فيا للعجب
ذبح الشمر حسيناً غيرة الله اغضبي
حيدرٌ آجرك الله بعالي الرتب
ادرك الاعداء فيه ثأر بدر وحنين
أعين لم تجر في أيام عاشورا بما
كُحلت وحياً اماقيها بأميال العما
لأصبن اذا ما أعوز الدمع دما
لأجودن بدمع العين جود الاجودين
عجباً ممن رسا في قلبه حب الامام
كيف عاشوا يوم عاشورا وما ذاقوا الحِمام
بل ارى نوحهم يقصر عن نوح الحَمام
أ سواءٌ فقد فرخين وفقدان الحسين
كيف لا يبكي بشجو لابن بنت المصطفى
انه كان سراجاً للبرايا وانطفا
حق لو في فيض دمع العين انساني طفا
واغتدى الجاري من العين عقيق لا لجين
أ يزيدٌ فوق فرش من حرير في سرير
ثمل نشوان من خمر له الساقي يدير
وحسين في صخور وس*** من هجير
ساغباً ضمآن يسقى من نجيع الودجين
حطم الحزن فؤادي لحطيم بالصفا
ولهيف القلب صاد وذبيح من قفا
ولعار في وهاد فوقه السافي سفا
صدره والظهر منه اصبحا منخسفين
ولرأس ناضر الوجه برأس الذابل
ولقاني فيض نحر غاسل للعاسل
ولعان هالك الناصر واهي الكاهل
وبنات المصطفى لهفي على عجف سرين
بينما زينب قرحى الجفن ولهاء ثكول
تذرف الدمع وفي احشائها الحزن يجول
تندب الندب بقلب واجف وهي تقول
قد أصابتني بنور العين حسادي بعين
واذبيحا من قفاه بالحسام الباتر
واصريعا بعراه ما له من ساتر
واكسيرا صلواه بصليب الحافر
وارضيضا قدماه والقرى والمنكبين
واخطيباه جمالي وجمال المنبر
واقتيلاه ولكن ذنبه لم يُخبر
واطريحاه ثلاثا بالعرا لم يُقبر
واشهيداه ومن للمصطفى قرة عين
يا أخي قد كنت تاجا للمعالي والرؤوس
مقريا للضيف والسيف نفيسا ونفوس
كيف اضحى جسمك السامي له الخيل تدوس
بعدما دست على اوج السهى بالقدمين
يا أخي يا تاج عزي لاحظ البيض الحداد
بقيت بعدك شعثاً في كِلال وحداد
قطنت اجفانها فالقلب كالقالب صاد
اشبه الاشياء بالقرآن بين الدفتين
حزب حرب اين انتم من سجايا هاشم
اذ عفو عنكم وقد كنتم حصيد الصارم
ان في هذا لسر بين للفاهم
ان آثار القبيلين عصير العنصرين
جدنا عاملكم في الفتح بالصفح الجميل
مالكم صيرتمونا بين عان وجديل
وعلى جيل قفوتم اثرهم لعن الجليل
وعذاب مستطيل لن يزولا خالدين
سادتي حزني كحبي لكم باق مقيم
هبة من عند ربي وهو ذو الفضل العظيم
قد صفا الحب بقلبي فاجعلوا ذنبي حطيم
واكشفوا في الحشر كربي واشفعوا للوالدين
حسن ما حسن منه سوى حفظ الوداد
وولاء في براء وصفاء الاعتقاد
وهو كاف في اماني من مخاويف المعاد
انما الخوف لمن لم يعتقد فضل الحسين
والتحيات الوحيات وتسليم السلام
لسراة الخلق في الدنيا وفي دار السلام
ذائبات ابد الآباد ما تم كلام
او محا الله ظلاما بضياء النيرين
.. نسألكم الدعاء ..