أمير المؤمنين (عليه السلام) على لسان الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله)
إن الفضائل والمناقب التي ذكرها خير خلق الله الرسول الحبيب (صلى الله عليه وآله) في حق وصيه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرة ومتعددة، نذكر منها الروايات التالية:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «علي في السماء السابعة كالشمس بالنهار في الأرض، وفي السماء الدنيا كالقمر بالليل في الأرض، أعطى الله علياً من الفضل جزءاً لو قُسِّم على أهل الأرض لوسعهم، وأعطاه الله من الفهم لو قسم على أهل الأرض لوسعهم، شُبّهت لينه بلين لوط، وخلقه بخلق يحيى، وزهده بزهد أيّوب، وسخاؤه بسخاء ابراهيم وبهجته ببهجة سليمان بن داود، وقوّته بقوّة داود. وله اسم مكتوب على كلّ حجاب في الجنّة، بشّرني به ربي وكانت له البشارة عندي، عليٌّ محمود عند الحقّ، مزكّى عند الملائكة، وخاصتي وخالصتي، وظاهرتي ومصباحي، وجُنَّتي ورفيقي، آنسني به ربي فسألت ربّي أن لا يقبضه قبلي، وسألته أن يقبضه شهيداً. أُدخلت الجنة فرأيت حور علي أكثر من ورق الشجر، وقصور علي كعدد البشر. عليّ مني وأنا من علي، من تولى علياً فقد تولاّني، حبّ علي نعمة واتباعه فضيلة، دانت به الملائكة وحفت به الجنّ الصالحون، لم يمش على الأرض ماشٍ بعدي إلاّ كان هو أكرم منه عزّاً وفخراً ومنهاجاً، لم يك فظّاً عجولاً، ولا مسترسلاً لفساد ولا متعنّداً، حملته الأرض فأكرمته، لم يخرج من بطن أنثى بعدي أحد كان أكرم خروجاً منه، ولم ينزل منزلاً إلاّ كان ميموناً، أنزل الله عليه الحكمة، وردّاه بالفهم، تجالسه الملائكة ولا يراها. ولو أوحي إلى أحد بعدي لأوحي إليه، فزيّن الله به المحافل، وأكرم به العساكر، وأخصب به البلاد، وأعزّ به الأجناد. مثله كمثل بيت الله الحرام يزار ولا يزور، ومثله كمثل القمر إذا طلع أضاء الظلمة، ومثله كمثل الشمس إذا طلعت أنارت الدنيا، وصفه الله في كتابه، ومدحه بآياته، ووصف فيه آثاره، وأجرى منازله، فهو الكريم حيّاً والشهيد ميتاً»[1].
وعن عبد الرحمان بن سمرة قال: قلت: يا رسول الله، أرشدني إلى النجاة، فقال (صلى الله عليه وآله): «يا ابن سمرة، إذا اختلفت الاهواء وتفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب؛ فإنه إمام أمتي، وخليفتي عليهم من بعدي، وهو الفاروق الذي يميز بين الحق والباطل، من سأله أجابه، ومن استرشده أرشده، ومن طلب الحق من عنده وجده، ومن التمس الهدى لديه صادفه، ومن لجأ إليه آمنه، ومن استمسك به نجاه، ومن اقتدى به هداه.
يا ابن سمرة، سلم من سلم له ووالاه، وهلك من رد عليه وعاداه.
يا ابن سمرة، إن عليا مني، روحه من روحي، وطينته من طينتي، وهو أخي وأنا أخوه، وهو زوج ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين، وإن منه إمامَي أمتي، وسيدَي شباب أهل الجنة: الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين، تاسعهم قائم أمتي، يملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا»[2].
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «أنه جاء إليه رجل فقال له: يا أبا الحسن، إنك تدّعى أمير المؤمنين، فمن أمرك عليهم؟
قال: الله عزوجل أمرني عليهم.
فجاء الرجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، أ يصدق علي فيما يقول إن الله أمّره على خلقه؟
فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: إن عليا أمير المؤمنين بولاية من الله عزوجل، عقدها له فوق عرشه، وأشهد على ذلك ملائكته، إن عليا خليفة الله، وحجة الله، وإنه لإمام المسلمين، طاعته مقرونة بطاعة الله، ومعصيته مقرونة بمعصية الله، فمن جهله فقد جهلني، ومن عرفه فقد عرفني، ومن أنكر إمامته فقد أنكر نبوتي، ومن جحد إمرته فقد جحد رسالتي، ومن دفع فضله فقد تنقصني، ومن قاتله فقد قاتلني، ومن سبه فقد سبني؛ لأنه مني خلق من طينتي، وهو زوج فاطمة ابنتي، وأبو ولدي الحسن والحسين ـ ثم قال (صلى الله عليه وآله): ـ أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين حجج الله على خلقه، أعداؤنا أعداء الله، وأولياؤنا أولياء الله»[3].
نعم، هذا هو أمير المؤمنين (عليه السلام) على لسان خير خلق الله تعالى الرسول الحبيب (صلى الله عليه وآله) الذي ((ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى))[4] كما قال الله عنه ذلك.
ولهذا يعتبر يوم الغدير هو اليوم الذي تمت به النعمة واكتمل به الدين، فهو يوم عظيم ذو أهمية خاصة وقدسية كبيرة عند المسلمين وخصوصاً الشيعة منهم، وذلك هو بمثابة إعلاناً رسمياً في تعيين الإمام علي (عليه السلام) في هذا اليوم أميراً للمؤمنين من قبل الله تعالى.
[1] بحار الأنوار: ج39 ص37 ب73 ح7.
[2] بحار الأنوار: ج36 ص226 ب41 ح2.
[3] بحار الأنوار: ج36 ص227 ب41 ح5.
[4] سورة النجم: 3-4.
من كتاب عيد الغدير اعظم الاعياد