أهل البيت (عليهم السلام) سفن النجاة
تطرّقنا في بداية بحثنا حول يوم الغدير، وإلى أنّ عيد الغدير هو أعظم أعياد المسلمين؛ وذلك لأنّ في هذا اليوم نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) خليفة له، وأميراً للمؤمنين من قبل الله تعالى.
وسوف نركّز في بحثنا الآتي على بعض خصائص هذا الإمام العظيم وصفاته الكريمة، لتكون لنا درساً نقتدي بها في العمل والتطبيق؛ فهم (عليهم السلام) سفن النجاة لهذه الأمة، فمن تمسك بهم نجا، ومن تخلف عنهم هلك، وقد قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) فيهم: «... إنما مَثَلُ أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثل باب حطة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك»[1].
قطعات من سفينة نوح
وهنا ننقل كرامة من كرامات أمير المؤمنين وأهل بيته الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين) الكثيرة، خصّهم الله تعالى بها فجعلهم آية للعالمين، حيث قال تعالى: ((وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ))[2].
ففي تموز عام (1951م) حينما كان جماعة من العلماء السوفييت المختصين بالآثار القديمة ينقِّبون في إحدى المناطق، فعثروا على قطع متناثرة من أخشاب قديمة متسوسة وبالية، مما دعاهم إلى التنقيب والحفر أكثر وأعمق، فوقفوا على أخشاب أخرى متحجِّرة وكثيرة، كانت بعيدة في أعماق الأرض، ومن بين تلك الأخشاب التي توصلوا إليها خشبة على شكل مستطيل طولها (14) عقدة وعرضها (10) عقد سببت دهشتهم واستغرابهم، إذ أنها لم تتغير ولم تتسوَّس، ولم تتناثر كغيرها من الأخشاب الأخرى! وفي أواخر عام (1952م) أكمل التحقيق حول هذه الآثار، فظهر أنّ اللوحة المشار إليها كانت ضمن سفينة النبي نوح (عليه السلام)، وأنّ الأخشاب الأخرى هي حطام سفينة نوح، وشوهد أنّ هذه اللوحة قد نقشت عليها بعض الحروف التي تعود إلى أقدم لغة وبعد الانتهاء من الحفر عام (1953م)، شكلت الحكومة السوفييتية لجنة قوامها سبعة من علماء اللغات القديمة ومن أهم علماء الآثار، وبعد ثمانية أشهر من دراسة تلك اللوحة والحروف المنقوشة عليها اتفقوا على أنّ هذه اللوحة كانت مصنوعة من نفس الخشب الذي صنعت منه سفينة نوح (عليه السلام)، وأنّ النبي نوحاً (عليه السلام) كان قد وضع هذه اللوحة في سفينته للتبرك والحفظ.
وكانت حروف هذه اللوحة باللغة السامانية وقد ترجمها إلى اللغة الإنكليزية العالم البريطاني (آيف ماكس) أستاذ الألسن القديمة في جامعة مانشستر وهذا نص ترجمتها بالعربية: (يا إلهي ويا معيني، برحمتك وكرمك ساعدني، ولأجل هذه النفوس المقدّسة محمّد، إيليا، شبر، شبير[3]، فاطمة، الذين هم جميعهم عظماء، ومكرّمون، العالم قائم لأجلهم، ساعدني لأجل أسمائهم، أنت فقط تستطيع أن توجه نحو الطريق المستقيم).
وبقي هؤلاء العلماء في دهشة وحيرة كبرى أمام عظمة هذه الأسماء الخمسة المقدسة ومنزلة أصحابها عند الله تعالى، حيث توسل بها نوح (عليه السلام).
واللغز الذي لم يستطع تفسيره أي واحد منهم هو عدم تفسخ هذه اللوحة بالذات رغم مرور آلاف السنين عليها.
أما نحن الشيعة فلا يخالطنا شك أو ريبة في ذلك، لأنّ أهل البيت (عليهم السلام)، هم الذين خلق الله تعالى العالم من أجلهم، ولأجلهم أنزل شرائعه وكتبه، ولأجلهم وبيان فضلهم بقيت هذه اللوحة رغم مرور آلاف السنوات سالمة حتى تكون آية للعالمين، ودلالة على فضل محمد وآله الطيبين الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)[4].
[1] بحار الأنوار: ج23 ص105 ب7 ح3.
[2] سورة القمر: 15.
[3] هذه الأسماء (إيليا، شبر، شبير) باللغة السامانية ومعناها بالعربية: علي، الحسن، الحسين (عليهم السلام).
[4] اللوحة موجودة في متحف الآثار القديمة بموسكو.