سيد فضل الله

مكتبة أسلامية لطرح القضايا والمسائل الدينية
أضف رد جديد
خادم الشيعة
عضو جديد
مشاركات: 332
اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am

سيد فضل الله

مشاركة بواسطة خادم الشيعة »

صاحب "العين الفارغة": حسد وضغينة

التاريخ:
٢٣/١١/٢٠١٣
/
19 محرّم 1435هـ

تحقيق..
صورةعلى الرّغم من خبرة الأربعينيّة، ربى علي، في كيفيّة التعامل مع غالبية أنواع الشخصيّات المحيطة بها، بحكم خبرتها التي كوَّنتها على مدى سني دراستها وعملها واحتكاكها بمن حولها، إلا أنَّ نمطاً واحداً من الشخصيّات لا تستطيع التعاطي معه، وفق قولها.
ربى تعجز، بحسب وصفها، عن التعامل مع صاحب "العين الفارغة"، كما أسمته، وهو نمط من الشخصيّات التي تعرّفت إليه، ولا يمكنها أن تتكيَّف معه.
ترجع ربى سبب ريبتها من هذه الشخصيَّة، إلى "قدرتها على إظهار عكس ما تبطنه"، كما أنَّ أصحاب هذه الشخصية "يحملون في نفوسهم حقداً وغلاً وحسداً، وينوون للشّخص الشرّ، بينما يدّعون أنهم يتمنّون له الخير".
تتحدّث ربى عن إحدى زميلاتها في العمل: "كانت من المقرّبات جدّاً مني، قبل أن أكتشف ضيق عينها، وما تحمله من غلّ في داخلها، إزاء أيّ أمر جيّد يحدث معي، أو مع أيّ أحد من زملاء العمل".
وتتابع: "تعشق هذه الفتاة، وبطريقة عجيبة، أن تعيش دور الضحيّة والمظلومة، وتقول إنّ حظّها ناقص في هذه الدّنيا، وعندما يحدث معها شيء جيّد، تتفّهه وكأنه لم يحدث، وتضخّمه إذا حدث مع الأخريات".
ربى قرّرت ذات يوم أن تقطع علاقتها بهذه الفتاة، بعد أن شاهدتها أكثر من مرّة تهنّئ زميلات لها، وتشعرهنّ بحبّها وسعادتها لما حدث معهنّ، بعكس ما في داخلها تماماً من "حسد وغيرة".
يعاني كثيرون وجود أشخاص حولهم يتّصفون بالحسد أو ضيق العين، وفق ما يتمّ تناقله شعبيّاً، حيث يحملون في داخلهم حسداً ونقصاً ورغبة في امتلاك كلّ ما لدى الآخرين من أمور حسنة.
ومن أبرز سمات هذه الشخصيّة، وفق الاستشاري النفسي الدّكتور موسى مطارنة، أنّها شخصية دائمة التذمّر، تتلذّذ في أن تعيش دور الضحيّة والمظلومة دائماً، فضلاً عن أنها انتهازيّة خالية من المبادئ، ردود فعلها عنيفة دائماً، ولا تتقن فنّ الحوار، إلى جانب أنها منافقة، تظهر عكس ما تبطن بشكل مستمرّ، وتسيطر الضّغينة على تفكيرها، كما أنها شخصيّة معرّضة للكثير من الأمراض الصحيّة.
ربى ليست الوحيدة الّتي تعرف أشخاصاً تتواجد فيهم هذه الصّفة، فبراء مسعود أيضاً باتت تخاف من صديقتها، الّتي وبمجرَّد سماعها أيّ خبر جيّد حدث مع أيّ شخص، تضع نفسها مكانه، وتبدأ بالتذمّر، متسائلةً: "لماذا لم يحدث معي الشّيء نفسه؟ لماذا حظّي ناقص دائماً؟ وبماذا هي أفضل منّي؟ ولم الأمور الجيّدة دائماً تحدث مع أناس معيّنين؟".
وتشير براء إلى أنّ هذه الفتاة تحسد غيرها على أتفه الأمور، وتريد كلّ شيء لنفسها، مرتديةً ثوب الظّلم وقلّة الحظّ، إلا أنها، وبحسب وصفها، "فارغة العين"، كونها تمتلك كلّ شيء، ولا ينقصها أيّ أمر، إلا أنّها لا تنظر أبداً إلى ما تمتلكه، وتبقى عينها على ما يملكه غيرها.
وعن توافر هذه الصّفة في بعض الأشخاص، يعزوها الاختصاصيّ الاجتماعي الدّكتور حسين الخزاعي، إلى "التنشئة الاجتماعيّة داخل الأسرة، الّتي لم تهتمّ، ولم تبذل أيّ مجهود لتربية هذا الفرد وتنشئته على حبّ الخير للآخرين، ونبذ الحسد والضّغينة".
إضافةً إلى أنّ بعض هذه السلوكيّات، وفق الخزاعي، "موجودة" عند الأهل أنفسهم، ومن هنا، فإنّ الأبناء يقلّدونهم بدون أيّ توجيه أو إرشاد، على اعتبار أنّ الأهل هم القدوة والنّموذج الّذي يحتذى به.
كما تلعب المغريات في هذا الوقت، بحسب الخزاعي، دوراً كبيراً في تفشّي هذه الصّفة، حيث يولد هذا الشّعور بسبب انعدام ثقافة "القناعة" في المجتمع.
من جهته، يرى مطارنة أنّ صفة "الحسد"، هي السّمة "الأكبر في مجتمعنا"، وهي ناتجة من "انعدام الثّقة في النّفس، والّذي ينتج منه محاولة إسقاط الضّعف والعجز باستمرار على الآخرين"، فيغدو الحسود "شخصاً متذمّراً، يعتبر أنّه لا يملك الحظّ".
ويدعو مطارنة هذا الشّخص إلى "أن لا يقيس الأمور بهذه الطّريقة على الإطلاق، كونه إنساناً يعيش في الظّلمة، ولا يحبّ الخروج منها، نتيجة لموروثات اجتماعيّة وثقافيّة وبيئيّة أسريّة، تجعله يشعر دائماً بأنّ الآخرين سرقوا حظّه، وهو دائم النّظر إلى الجانب المعتم من الحياة، ولا يلتفت إلى ما أعطاه إيّاه الله من نعم".
ويشير إلى أنّ هذا الشّخص لو فكّر بطريقة إيجابيّة، في كيفيّة الاستفادة من تجربة غيره ونجاحه، لانعكس حاله تماماً، بدلاً من إسقاط مشاكله النفسيّة وجوانب النقص في شخصيّته على النّاجحين.
ويعتبر مطارنة أنّ السبب وراء تفشّي هذه الصّفة، هو "المفاهيم البيئيّة والثقافيّة القائمة على الحسد والغيرة، وإحساس الشّخص بأنّ كلّ النّاس يحقدون عليه، فتكون محصّلة كلّ تلك الأمور شخصيّة يتملّكها الجحود والسلبيّة".
ويتابع: "إنّ هذه الحالة سبب رئيس في كثير من الأمراض النفسيّة، وحالات الإحباط، والفشل العاطفي الّذي يعيشه المجتمع".
ويتّفق الاستشاري الأسري سريوي، مع ما ذهب إليه الخزاعي، في أنّ الأمر يعود إلى التنشئة من البداية"، كون الطّفل "يخضع لأسلوب تنشئة خاطئ؛ حيث ينظر دائماً إلى ما في يد غيره، وهذا السلوك يكتسبه من أهله، من خلال سماعه لحديثهم عن النّاس، فتكبر هذه الصّفة مع الشّخص، وتصبح شيئاً موجوداً في طبعه وطبيعته".
ويشدّد سريوي على ضرورة تنشئة الطّفل على "القناعة"؛ لأنّ عدم القناعة "يتعب الإنسان كثيراً، ويجعله لا يعرف السّعادة على الإطلاق، وعلى العكس، إذا تربّى الطّفل منذ صغره على القناعة والرّضا، فسينشأ محبّاً وراضياً وسعيداً". وهو ما يؤكّده الخزاعي، الّذي يرى أن الخطورة المتشكّلة من صفة "الحسد وضيق العين"، "كبيرة"، ولا تقتصر على الشّخص نفسه، بل تتعدّاه إلى المجتمع ككلّ؛ حيث "تولد ثقافة الحقد والكراهية، وخصوصاً الأنانيّة عند النّاس، وتعزّز ثقافة عدم المحبّة والتّعاون والخير".
وتعليق..
إنَّ الحقد والحسد من ثمرات ضعف الإيمان، وعدم الرّضا والقناعة بقضاء الله وقدره، وبما قسمه تعالى لعباده بالحكمة. قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً}[النساء: 32].
وروي عن الإمام الحسن(ع) أنّه قال: "هلاك النّاس في ثلاث: الكبر، والحرص، والحسد. فالكبر هلاك الدّين، وبه لعن إبليس، والحرص عدوّ النّفس، وبه أخرج آدم من الجنّة، والحسد رائد السّوء، ومنه قتل قابيل هابيل".
وفي سؤال وجّهه أحدهم إلى سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، مفاده: "هل للحسد تأثير في الإنسان؟".
أجاب سماحته: "تأثير الحسد ليس تأثيراً خفيّاً، بل هو سعي الحاسد من خلال ما يتمنّاه من زوال النّعمة عن الآخر، وأن تكون له، ليضرّ الآخر، ويعرقل عليه مصالحه".[استفتاء].
[مصدر التّحقيق الأصليّ: جريدة الغد الإلكترونيّة، بتصرّف وتعليق من موقع بيّنات].
أضف رد جديد

العودة إلى ”المنتدى الإسلامي“

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين فقط