ما الدليل على وجوب مسح الأرجل في الوضوء ؟؟

للمسائل العقائدية
أضف رد جديد
بربغي
مشاركات: 4173
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 3:20 am

ما الدليل على وجوب مسح الأرجل في الوضوء ؟؟

مشاركة بواسطة بربغي »

ما الدليل على وجوب مسح الأرجل في الوضوء ؟؟

: الجواب

من كتاب (التشيع) للسيد عبد الله الغريفي :

تتجه مدرسة الأئمة من أهل البيت إلى وجوب مسح الأرجل ، بينما يرى فقهاء المذاهب الأربعة وجوب غسل الأرجل في الوضوء ..

النص القرآني يؤكد المسح :

قوله تعالى في سورة (المائدة/الآية6) :

(( وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ))

يمكن الاستدلال بهذا النص على وجوب المسح ، وذلك على النحو التالي :

-1 في قوله تعالى : ((وأرجلكم)) وردت قراءتان مشهورتان :

القراءة الأولى :

((وأرجلكم)) بالجر .

وهي قراءة ابن كثير ، وحمزة ، وأبي عمرو ، وعاصم (في رواية أبي بكر عنه) كما ذكر ذلك الرازي في تفسيره الكبير (1) .

وبناء على هذه القراءة فالأرجل معطوفة على الرؤوس فوجب مسحها كما وجب ذلك في الرؤوس .

القراءة الثانية :

قراءة ((وأرجلكم)) بالنصب .

وهي قراءة نافع ، وابن عامر ، وعاصم في رواية حفص عنه كما ذكر ذلك الرازي في تفسيره الكبير (ج11/161) .

وبناء على هذه القراءة ، فحكم الأرجل المسح كذلك ، لأنها معطوفة على الرؤوس محلاً، المجرورة لفظاً ، فقوله تعالى : ((برؤوسكم)) لها حالتان :

-النصب محلاً لأنها مفعول به .

-الجر لفظاً لأنها مسبوقة بحرف الجر ..

فالأرجل المعطوفة على الرؤوس يجوز فيها حالتان :

-النصب عطفاً على (المحل) .

-الجر عطفاً على (اللفظ) .

والعطف على (المحل) وارد في لغة العرب ، فيقال : (( ليس فلان بعالم ولا عاملاً )) بنصب (عامل) عطفاً على (محل عالم) .

-2 لا يصح عطف الأرجل على الوجوه والأيدي حيث لا يجوز العطف على الأبعد مع إمكان العطف على الأقرب ، وكذلك لوجود الفاصل الأجنبي ، فلا يصح أن يقال : (( ضربت زيداً وممرت ببكر وخالداً )) بعطف (خالد) على (زيد) لوجود الفاصل وهو (مررت ببكر) .

وكذلك في آية الوضوء :

(( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )) .

لا يصح عطف (أرجلكم) على (وجوهكم وأيديكم) لإمكان العطف على الأقرب وهو (رؤوسكم) ولوجود الفاصل الأجنبي وهو جملة (وامسحوا برؤوسكم) .

-3 أكد كثير من أعلام السنة عطف (الأرجل) على (الرؤوس) منهم :

أ-الرازي في تفسيره الكبير (الجزء11/161) .

ب-الشيخ إبراهيم الحلبي في كتابه (غنية المتملي في شرح منية المصلي) على المذهب الحنفي .. ص16 حيث قال :

(( والصحيح أن الأرجل معطوفة على الرؤوس في القراءتين ونصبهما على المحل وجرها على اللفظ )) (2) .

ج-العلامة أبو الحسن السندي الحنفي في حاشيته على سنن ابن ماجة (ج1/88 ط1313) حيث قال :(( وظاهر القرآن يقتضي المسح كما جاء عن ابن عباس (ثم قال) : وإنما كان المسح هو ظاهر الكتاب لأن قراءة الجر ظاهرة فيه ، وحمل قراءة النصب عليها بجعل العطف على المحل أقرب من حمل قراءة الجر على قراءة النصب كما صرح به النحاة لشذوذ الجوار وإطراد العطف على المحل وأيضاً فيه خلوص عن الفصل بالأجنبي بين المعطوف والمعطوف عليه فصار ظاهر القرآن هو المسح )) (3) .

د-الطبري في تفسيره قال :

(( حدثنا ابن حميد وابن وكيع قال حدثنا جرير عن الأعمش عن يحيى بن وثاب عن علقمة أنه قرأ (وأرجلكم) مخفوضة اللام)) (4) .

هـ-الجصاص في (تفسير أحكام القرآن) قال :

(( قرأ ابن عباس والحسن وعكرمة وحمزة وابن كثير (وأرجلكم) بالخفض وتأولوها على المسح )) (5) .

الصيغة العملية لوضوء الرسول (ص) :

وقد أكدت هذه الصيغة وجوب المسح على الأرجل ولنا في إثبات هذه الصيغة طريقان :

الطريق الأول :

روايات الأئمة من أهل البيت عليهم السلام :

-1 عن بكير بن أعين عن الإمام الباقر عليه السلام قال : (( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ بكفه اليمنة كفاً من ماء فغسل به وجهه ثم أخذ بيده اليسرى كفاً فغسل به يده اليمنى ، ثم أخذ بيده اليمنى كفاً من ماء فغسل يده اليسرى ، ثم مسح بفضل يديه رأسه ورجليه )) (6) .

-2 عن زرارة قال : حكى أبو جعفر (الإمام الباقر) (( وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ، فدعا بقدح من ماء فأخذ كفاً من ماء فأسدله على وجهه ، ثم مسح وجهه من الجانبين جميعاً ، ثم أعاد يده اليسرى في الإناء فأسدلها على يده اليمنى ، ثم مسح جوانبها ، ثم أعاد اليمنى في الإناء فصبها على اليسرى ثم صنع بها كما صنع باليسرى ، ثم مسح بما بقي في يده رأسه ورجليه ولم يعدهما في الإناء )) (7) .

-3 عن محمد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال : (( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله قلت : بلى ، قال : فأدخل يده في الإناء ولم يغسل يده فأخذ كفاً من ماء فصبّه على وجهه ثم مسح جانبيه حتى مسحه كله ثم أخذ كفاً آخر بيمينه فصبّه على يساره ثم غسل به ذراعه الأيمن ، ثم أخذ كفاً آخر فغسل به ذراعه الأيسر ، ثم مسح رأسه ورجليه بما بقي في يديه )) (8) .

-4 عن أبان بن عثمان عن ميسر عن الإمام الباقر (ع) قال : (( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أخذ كفاً من ماء فصبها على وجهه ثم أخذ كفاً فصبها على ذراعه ثم أخذ كفاً فصبّها على ذراعه الأخرى ، ثم مسح رأسه وقدميه ثم وضع يده على ظهر القدم ثم قال : هذا هو الكعب )) (9) .

-5 عن أبي إسحاق الهمداني عن أمير المؤمنين عليه السلام في عهده إلى محمد بن أبي بكر لما ولاّه مصر قال :

(( وانظر إلى الوضوء فإنه من تمام الصلاة ، تمضمض ثلاث مرات ، واستنشق ثلاثاً ، واغسل وجهك ، ثم يدك اليمنى ، ثم اليسرى ، ثم امسح رأسك ورجليك ، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصنع ذلك )) (10)

الطريق الثاني

روايات مدوّنه في المصادر السّنية :

-1 أخرج ابن ماجة في (سننه) عن رفاعة بن رافع أنه كان جالساً عند النبي (ص) فقال :

(( إنها لا تتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين )) (11) .

-2 وأخرج ابن ماجة في (سننه) عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع قالت : أتاني ابن عباس عن هذا الحديث ، تعني حديثها الذي ذكرت أن رسول الله (ص) توضأ وغسل رجليه ، فقال ابن عباس :

(( إن الناس أبوا إلا الغسل ولا أجد في كتاب الله إلا المسح )) (12) .

-3 أخرج أحمد بن حنبل في (مسنده) عن علي عليه السلام قال : (( كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله (ص) يمسح ظاهرهما )) (13) .

-4 أخرج الحاكم في (المستدرك ج1/241) يسنده إلى رفاعة بن رافع عن رسول الله (ص) قال :

(( إنها لا تتم صلاة أحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل ، يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين )) . (وقال الحاكم) : هذه حديث صحيح على شرط الشيخين .

وأخرج الحاكم هذا الحديث بخمسة أسانيد صحيحة .

-5 أخرج أحمد بن حنبل في (مسنده ج1/116) عن علي (ع) قال : (( لولا أني رأيت رسول الله (ص) مسح على ظهر قدميه رأيت أن بطونهما أحق )) .

-6 أخرج ابن حجر العسقلاني في كتابه (الإصابة في تمييز الصحابة) في ترجمة تميم بن زيد الأنصاري بسنده عن عباد بن تميم عن أبيه أنه قال : (( رأيت رسول الله (ص) يتوضأ ويمسح الماء على رجله )) .

-7 أخرج أحمد بن حنبل في (مسنده ج5/342) بسنده عن أبي مالك الأشعري أنه قال لقومه :

اجتمعوا أصلي بكم صلاة رسول الله (ص) فلما اجتمعوا قال : هل فيكم أحد غيركم ، قال : إلا ابن أخت لنا ، قال : ابن أخت القوم منهم ، فدعا بجفنة فيها ماء فتوضأ ومضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثاً وذراعيه ثلاثاً . ومسح برأسه وظهر قدميه ثم صلى بهم ..)) (14) .

-8 قال الشوكاني في (نيل الأوطار ج1/164) أخرج الطبراني في (معجمه الكبير) عن عباد بن تميم عن أبيه قال : رأيت رسول الله (ص) يتوضأ ويمسح على رجليه )) (15) .

-9 أخرج الجصاص في (أحكام القرآن ج1/347) عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة : أن علياً صلى الظهر ثم قعد في الرحبة فلما حضرت العصر دعا بكوز من ماء فغسل يديه ووجهه وذراعيه ، ومسح برأسه ورجليه وقال : هكذا رسول الله (ص) فعل (16) .

انتهى كلام السيد الغريفي .



وننقل لكم من كتاب ( الاعتصام بالكتاب والسنة ) للشيخ جعفر السبحاني بعض الشبهات حول هذا

الموضوع ورد المؤلف عليها :



-1 إن الأخبار الكثيرة وردت بإيجاب الغسل ، والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس ، فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط فوجب المصير إليه ويكون غسل الأرجل يقوم مقام مسحها (17) .

يلاحظ عليه : أن أخبار الغسل معارضة بأخبار الغسل ، وليس شيء أوثق من كتاب الله فلو دلّ على لزوم المسح لا يبقى مجال لترجيحه على روايات المسح . والقرآن هو المهيمن على الكتب والمأثورات ، والمعارض منها للكتاب لا يقام له وزن .

وأعجب من ذلك قوله : إن الغسل مشتمل على المسح ، مع أنهما حقيقتان مختلفتان ، فالغسل إمرار الماء على المغسول ، والمسح إمرار اليد على الممسوح (18) وهما حقيقتان مختلفتان لغة وعرفاً وشرعاً ولو حاول الاحتياط لوجب الجمع بين المسح والغسل ، لا الاكتفاء بالغسل .

-2 ما روي عن علي - عليه السلام - أنه كان يقضي بين الناس فقال (وأرجلكم) هذا من المقدّم والمؤخّر في الكلام فكأنه سبحانه قال : (( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق واغسلوا أرجلكم وامسحوا برؤوسكم )) .

لكنه يرد : بأن أئمة أهل البيت كالباقر والصادق - عليهما السلام - أدرى بما في البيت ، وهما اتفقا على المسح ، وهل يمكن الاتفاق على المسح ، مع اعتقاد كبيرهم بالغسل ؟! إن المؤكد هو أن هذه الرواية موضوعة عن لسان الإمام ليثيروا الشك بين أتباعه وشيعته . ولا نعلّق على احتمال التقديم والتأخير شيئاً ، سوى أنه يجعل معنى الآية شيئاً مبهماً في المورد الذي يطلب فيه الوضوح ، إذ هي المرجع للقروي والبدوي ، وللحاضر عصر النزول ، والغائب عنه ، فيجب أن يكون على نسق ينتقل منه إلى المراد ، ثم إنه أي ضرورة اقتضت هذا التقديم والتأخير ، مع أنه كان من الممكن ذكر الأرجل بعد الأيدي من دون تأخير ؟ ولو كان الدافع إلى التأخير هو بيان الترتيب ، وأن غسل الأرجل بعد مسح الرأس ، فكان من الممكن أن يُذكر فعله ويقال (( فامسحوا برؤوسكم واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين )) كل ذلك يعرب عن أن هذه محاولات فاشلة لتصحيح الاجتهاد تجاه النص وما عليه أئمة أهل البيت من الاتفاق على المسح .

-3 ما روي عن ابن عمر في الصحيحين قال : تخلّف عنا رسول الله في سفره ، فأدركنا وقد أرهقنا العصر ، وجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا ، قال : فنادى بأعلى صوته : (( ويل للأعقاب من النار )) مرتين أو ثلاث (19)

ويرد هذا الاستدلال : أن هذه الرواية على تعيّن المسح أدل من دلالته على غسل الرجلين ، فإنها صريحة في أن الصحابة يمسحون ، وهذا دليل على أن المعروف عندهم هو المسح . وما ذكره البخاري من أن الإنكار عليهم كان بسبب المسح لا بسبب الاقتصار على بعض الأرجل ، اجتهاد منه ، وهو حجة عليه لا على غيره ، فكيف يمكن أن يخفى على ابن عمر حكم الرجلين حتى يمسح رجليه عدة سنين إلى أن ينكر عليه النبي المسح ؟!

على أن للرواية معنى آخر تؤيده بعض المأثورات ، فقد روي أن قوماً من أجلاف العرب ، كانوا يبولون وهم قيام ، فيتشرشر البول على أعقابهم وأرجلهم فلا يغسلونها ويدخلون المسجد للصلاة ، وكان ذلك سبباً لذلك الوعيد (20) ويؤيد ذلك ما يوصف به بعض الأعراب بقولهم : بوّال على عقبيه ، وعلى فرض كون المراد ما ذكره البخاري ، فلا تقاوم الرواية نص الكتاب .

-4 روى ابن ماجة القزويني عن أبي إسحاق عن أبي حية ، قال : رأيت علياً توضأ فغسل قدميه إلى الكعبين ثم قال : أردت أن أريكم طهور بنيكم (21) .

يلاحظ عليه : أن أبا حية مجهول لا يعرف ، ونقله عنه أبو إسحاق الذي شاخ ونسى واختلط وترك الناس روايته (22) أضف إليه أنه يعارض ما رواه عنه أهل بيته ، وأئمة أهل بيته ، خصوصاً من لازمه في حياته وهو ابن عباس كما مر .

-5 قال صاحب المنار : وأقوى الحجج اللفظية على الأمامية جعل الكعبين غاية طهور الرجلين وهذا لا يحصل إلا باستيعابهما بالماء ، لأن الكعبين هما العظمتان النائتان في جانبي الرجل .

وهذا القول يلاحظ عليه : أنّا نفترض أن المراد من الكعبين هو ما ذكره ، لكنا نسأله : لماذا لا تحصل تلك الغاية إلا باستيعابهما بالماء ؟ مع أنه يمكن تحصيل تلك الغاية بمسحهما بالنداوة المتبقية في اليد ، والاختبار سهل ، ونحن لا نرى في العمل إعضالاً وعسراً .

-6 الأمامية يمسحون ظاهر القدم إلى معقد الشراك عند المفصل بين الساق والقدم ، ويقولون هو الكعب ، ففي الرجل كعب واحد على رأيهم ، فلو صحّ هذا لقال : إلى الكعاب كما قال في اليدين :

(( إلى المرافق )) (23) .

أقول : إن المشهور بين الإمامية هو تفسير الكعب بقبّة القدم التي هي معقد الشراك ، وهناك من يذهب إلى أنّ المراد هو المفصل بين الساق والقدم ، وذهب قليل منهم إلى أن المراد هما العظمتان النائتان في جانبي الرجل . وعلى كل تقدير ، يصح إطلاق الكعبين ، وإن كان حد المسح هو معقد الشراك أو المفصل . فيكون المعنى : (( فامسحوا بأرجلكم إلى الكعبين منكم )) إذ لا شك أن كل مكلف يملك كعبين في رجليه .

أضف إلى ذلك : أنه لو صح التفسير بما ذكره فإنه يجب أن يوسع الممسوح ويحدد بالعظمتين النائتين لا أن يبدّل المسح بالغسل ، وكأنه تخيّل أن المسح بالنداوة المتبقية في اليد لا يتحقق بها ، وأنه تجف اليد قبل الوصول إليهما .

ولعمري أن هذه اجتهادات واهية ، وتخرّصات لا قيمة لها في مقابل الذكر الحكيم .

-7 آخر ما عند صاحب المنار في توجيه غسل الأرجل هو التمسك بالمصالح ، حيث قال : لا يعقل لإيجاب مسح ظاهر القدم باليد المبللة بالماء حكمة ، بل هو خلاف حكمة الوضوء ، لأن طروء الرطوبة القليلة على العضو الذي عليه غبار أو وسخ يزيده وساخة ، وينال اليد الماسحة حظ من هذه الوساخة .

يلاحظ عليه : أن ما ذكره استحسان لا يُعرّج عليه مع وجود النص ، فلا شك أن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح الواقعية ولا يجب علينا أن نقف عليها ، فأي مصلحة في المسح على الرأس ولو بمقدار إصبع أو إصبعين حتى قال الشافعي : إذا مسح الرجل بإصبع واحدة أو بعض إصبع أو باطن كفه ، أو أمر مَن يمسح له أجزأه ذلك ؟!

وهناك كلمة قيمة للإمام شرف الدين الموسوي نأتي بنصها ، فقال -رحمه الله- : نحن نؤمن بأن الشارع المقدّس لاحظ عباده في كل ما كلّفهم به من أحكامه الشرعية ، فلم يأمرهم إلا بما فيه مصلحتهم ، ولم ينههم إلا عما فيه مفسدة لهم ، لكنه مع ذلك لم يجعل شيئاً من مدارك تلك الأحكام منوطاً من حيث المصالح والمفاسد بآراء العباد ، بل تعبّدهم بأدلة قوية عيّنها لهم ، فلم يجعل لهم مندوحة عنها إلى ما سواها . وأول تلك الأدلة الحكيمة كتاب الله عز وجل ، وقد حكم بمسح الرؤوس والأرجل في الوضوء ، فلا مندوحة عن البخوع لحكمه ، أما نقاء الأرجل من الدنس فلا بد من إحرازه قبل المسح عليها عملاً بأدلة خاصة دلّت على اشتراط الطهارة في أعضاء الوضوء قبل الشروع فيه (24) . ولعل غسل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - رجليه -المدعى في أخبار الغسل - إنما كان من هذا الباب ولعله كان من باب التبرّد ، أو كان من باب المبالغة في النظافة بعد الفراغ من الوضوء . والله أعلم (25) .

انتهى كلام العلامة الشيخ جعفر السبحاني .

_________________________



(1)الرازي : التفسير الكبير ج11/161

(2)يقرأ : شرف الدين : مسائل فقهية ص93 .

نجم الدين العسكري : الوضوء في الكتاب والسنة ص15 .

(3)يقرأ : مسائل فقهية ص94 .

الوضوء في الكتاب والسنة ص15

(4)الوضوء في الكتاب والسنة ص91 .

(5)المصدر نفسه ص100 .

(6)،(7)وسائل الشيعة ج1/273 ، 274 .

(8)،(9)وسائل الشيعة ج1/274 ، 275 ، 279 .

(10)وسائل الشيعة ج1/279 .

(11)سنن ابن ماجة ج1/156 .

(12)المصدر نفسه ج1/156 .

(13)مسند أحمد بن حنبل ج1/95 .

(14)مسند أحمد بن حنبل ج5/342 .

(15)،(16)الوضوء في الكتاب والسنة ص24 ،44 .

(17)مفاتيح الغيب ج11/162 .

(18)قال سبحانه حاكياً عن سليمان : (( رُدّوها عليَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بالسّوق والأعناق ))

-ص/ 33-أي مسح بيده على سوق الصافنات الجياد وأعناقها .

(19)صحيح البخاري ج1 كتاب العلم ص18 باب من رفع صوته ، الحديث 1 .

(20)مجمع البيان ج2/167 .

(21)سنن ابن ماجة ج1/170 باب ما جاء في غسل القدمين الحديث الأول .

(22)لاحظ التعليقة لسنن ابن ماجة 170 وميزان الاعتدال للذهبي : ج4/519 ، برقم

10138 وص489 باب (أبو إسحاق) .

(23)المنار ج6/234 .

(24)ولذا ترى حفاة الشيعة والعمال منهم - كأهل الحرث وأمثالهم وسائر من لا يبالون بطهارة أرجلهم في غير أوقات العبادة المشروطة بالطهارة - إذا أرادوا الوضوء غسلوا أرجلهم ثم توضأوا فمسحوا عليها نقية جافة .

(25)مسائل فقهية : ص82 .
صورة العضو الرمزية
أبوعلي
مشاركات: 3698
اشترك في: الاثنين ديسمبر 18, 2006 7:36 pm

مشاركة بواسطة أبوعلي »

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
بارك الله بك شكراً جزيلا على الموضوع

تقبلوا خالص تحياتي
صورة
بربغي
مشاركات: 4173
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 3:20 am

مشاركة بواسطة بربغي »

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
شكرا لمروركم الكريم وردودكم الطيبة
تقبلوا خالص تحياتي
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

مشاركة بواسطة مراقب »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم


بارك الله بكم شكراً لكم على مجهودكم الطيب
صورةصورةصورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى المسائل العقائدية“

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين فقط