صفحة 1 من 1

سلسلة دراسة في علامات الظهور ح5

مرسل: السبت ديسمبر 01, 2007 12:22 pm
بواسطة احمد امين
دراسة في علامات الظهور.
للعلامة: السيد جعفر مرتضى العاملي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الانبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد:
الحلقة الخامسة من سلسلة: (دراسة في علامات الظهور).
عودٌ على بدء:
الإمام، وإدارة شؤون الأمة:
وبعد ما تقدم نقول: إذا نظرنا إلى أمر الإمامة والإمام من زاوية أخرى.
فإننا نجد من جهة: أن من مهمات الإمام: تعليم وتربية الأمة، وله وحده حق الحاكمية عليها وإدارة شؤونها، والهيمنة على مسيرتها. والإمام هو ذلك الإنسان الحاضر، والناظر، والراصد لحركة الإسلام في الناس، والشاهد على الناس في مدى استجابتهم للإسلام، وتفاعلهم معه، ووفائهم أو عدم وفائهم، للحق وللدين، والمثل العليا.
وكلّ ذلك يؤكّد على أنّ وجود الإمام في كلّ عصر وزمان يصبح ضرورة لابُدّ منها، ولا غنى عنها، لتحقيق الأهداف الإلهيّة، بحصول الإنسان على السّعادة، ووصوله إلى درجات القرب والرضى منه سبحانه وتعالى.
ومن جهة ثانية:فإنّ الأئمة حين يمارسون دورهم، ويقومون بأعباء الإمامة ومهمّاتها، فإنّما يفعلون ذلك في دائرة السنن الإلهية الجارية، وبالطّرق الطبيعيّة، ولم يكونوا ليفرضوا سلطتهم، وهيمنتهم، وحاكميّتهم على الناس بأسلوب إعجازي قاهر. لأن هذا من شأنه أن يضيّع الكثير من الأهداف الإلهية المتوخاة في نطاق مسيرة الإنسان نحو الكمال بصورة طوعيّة، واختياريّة، متجاوزاً كلّ ما يعترض طريقه من أشواك وعوائق.
وإذا كان كذلك فإن من الطبيعي أن تعرض لهم (عليهم السلام) المحن والرزايا، والهموم، والبلايا، وأن تعترضهم المشكلات والمصائب، وتعتورهم النوائب والمتاعب، ثم أن يواجهوا ذلك بما توفّر لديهم من وسائل يمكن أن تساعدهم على تجاوز المحنة، وتذليل الصعاب، فينجحون في ذلك، وقد تحجب الظروف ذلك النجاح.
ومن جهة ثالثة:فإن مجرّد وجود الأئمة (عليهم السلام)، وحاكميّتهم المنصوصة، وطبيعة دعوتهم ورسالتهم كل ذلك يتناقض بصورة أساسية مع حاكمية الطّواغيت والجبابرة، وأصحاب الأهواء والمطامع، ولذا.. فقد كان من المألوف والطبيعي أن نجد هؤلاء القادة والطغاة والمنحرفين يبغون للأئمة والأنبياء الغوائل، ويحاولون إطفاء نور الله، بشتى الوسائل ومختلف الأساليب.
ولقد قتلوا بعضهم بالسيف، كما كان الحال بالنسبة لأمير المؤمنين علي، وولده الحسين (صلوات الله وسلامه عليهما)، ومن قبلهما يحيى بن ذكريّا، وغيره من الأنبياء، وأوصيائهم.
وقتلوا فريقاً آخر بالسم، كما كان الحال بالنسبة للإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وغيره من الأئمة المعصومين، (صلوات الله عليهم أجمعين). حتى إذا عجزوا عن ذلك لجأوا إلى زجهم بالسجون، وإلحاق أنواع الأذى بهم والتضييق عليهم وعلى شيعتهم ومحبّيهم، بكلّ قسوة وجفاء.
لماذا إثنا عشر إماماً فقط؟!
وإذ عرفنا ضرورة الإمامة، وضرورة وجود الإمام في كلّ عصر وزمان. وعرفنا أيضاً السنّة الإلهيّة في طبيعة عمل الإمام في الأمّة، فإننا نذكّر هنا بالشيء الذي تدخلت فيه الإرادة الإلهيّة واقتضته المشيئة الربانيّة وهو أن لا يزيد عدد الأئمّة الأطهار على الاثني عشر إماماً، ولا ينقص عن عدد نقباء بني إسرائيل.
ولم تُترك هذه القضيّة للزمن، بحيث كلّما مات إمام أو قتل، خَلَفَهُ إمامٌ آخر، لأن تركها إلى الزمن لسوف يزيد الأمر تعقيداً، ويجعل الأطروحة الإلهيّة الإسلامية في معرض الخطر الأكيد، وذلك حينما يكون ذلك سبباً في بلبلة أذهان الناس، وتحيّرهم، وفي ضياعهم وتمزّقهم، ثم في ظهور الكثير من الجهالات والأباطيل باسم الدين والإسلام، وعلى حساب الصواب والحق..
وحيث تصبح الفرصة في متناول أيدي أصحاب الأطماع، وطلاب اللبانات، لادّعاء الإمامة، وتضليل الناس، والتّلاعب بالدّين وأحكامه، وظهورالبدع، وضياع الحق، حتى ليصير الوصول إليه أمراً مستحيلاً أو يكاد.
ولا ننسى: أنّه إذا شعر الحكّام أنّه ليس ثمة ما يجبرهم على اتّخاذ جانب المرونة والحذر([1][18])، وأنّهم يمتلكون القوة الكافية للقضاء على مصدر الخطر عليهم، واستئصاله بصورة نهائية وقاطعة، فإنّهم سوف يبادرون إلى ذلك ـ حسبما ألمحنا إليهـ ولسوف تعصف رياح حقدهم لتقتلع كل المنجزات التي هي حصيلة جهد وجهاد الأنبياء والأوصياء، وكل الناس الذين أخلصوا لله سبحانه من جذورها حتى وكأن شيئاً لم يكن..
ولأجل هذا وذاك، ووفقاً لمقتضيات الحاجة، وانسجاماً مع الضّرورات التي يفرضها هذا الواقع وغير ذلك من حيثيات تربويّة وغيرها، فقد حدّد النص الوارد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) عدد الأئمة من بعده وبيّن أسماءهم. وخرجت السنّة الإلهيّة عما هو المألوف.
فاقتضت الحكمة أن يطول عمر الإمام الثاني عشر بانتظار أن تسنح الفرصة للقيام بالحركة الإصلاحيّة الشاملة، وعلى مستوى العالم بأسره.
وحتى مع هذا التّحديد، وذلك النص الصريح فإنّ الساحة الإسلامية لم تسلم من ادّعاءات كاذبة لمقام الإمامة، فقد ادّعيَ هذا المقام لزيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، ولمحمّد بن الحنفية، ولإسماعيل بن الإمام الصادق (عليه السلام)، وادّعاه أيضاً جعفر الموسوم «بالكذّاب»، بالإضافة إلى آخرين..
ولكن ذلك لم يكن من الخطورة بحيث يخشى منه على المسار العام.
وهو أمر قابل للتحمل في مقابل المفاسد الأكبر والأخطر، التي سوف تنشأ عن ترك الأمر مستمرّاً عبر المقاطع التاريخية المختلفة، من دونتحديده بعددٍ معيّن، وبأشخاص بأعيانهم وأسمائهم.
وباستطاعتنا أن ندرك: أنّ الحصر باثني عشر إماماً كان ضروريّاً من خلال تطابقه مع الحاجة التي كانت قائمة على صعيد الواقع، فإننا إذا درسنا بعمق طبيعة الفترة التي عاشها الأئمة في القرون الثلاثة التي تلت وفاة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فإننا سوف ندرك: أن الأمة قد استطاعت في هذه الفترة أن تستوعب عملياً جميع مناحي التشريع، ومختلف مراميه وأهدافه على مستوى الاتجاه العام، وأن تعيش التجربة في شتى المجالات، ومختلف الأبعاد، حيث مرورها بالأدوار المختلفة، وتشعّب مناحي الحياة التي تعيشها، ثم تشبُثها بأسباب المدنية، والحضارة، واتصالها بغيرها من الأمم المختلفة ونموّها وتكاملها في المجالات الفكريّة، والسياسية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية وغيرها ـ إن ذلك كلّه، كان عاملاً مساعداً إلى درجة كبيرة على فهم أعمق للإسلام ولمفاهيمه السياسية، والتربويّة والتشريعيّة، وغيرها.
المهدية في موقعها الطليعي والطبيعي:
وبملاحظة جميع ما تقدم: وبعد وصول الأمة إلى درجة النضج، وبلوغها مرحلة سن الرشد، فكريّاً واجتماعياً و.. و.. ولو بواسطة تربية شريحة من أبنائها، تكفي في تحقق إمكانية معرفة الناس للحق، والحقيقة، وعنطريق التفاعل مع هذه الشريحة، والمراودة الفكرية لها.
وكذلك بعد أن يستشعر الطغيان الخطر الذي يتهدده من قِبَل ذلك الذي يعرف أنه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فإن غيبة هذا الإمام، واتخاذه موقعاً آخر يمكنه فيه مواصلة الاتصال بالأمة، والتعامل معها، ولو من خلال سفرائه ووكلائه الخاصّين والعامّين، وغير ذلك من وسائل تقع تحت اختياره ـ إن هذه الغيبة ـ تصبح هي الأمر الواقع الذي لابد من قبوله، والتعامل معه بطريقة ليس فقط تجعل هذه الغيبة لا تؤثر سلباً على مسيرة الصلاح والإصلاح، وإنما تكون عاملاً لاستمرار هذه المسيرة بقوة أشد، وفاعلية وحيوية أكثر.
ولولا هذه الغيبة فإن فرص العمل، والحفاظ على المنجزات التي هي ثمرة جهاد وجهود الأنبياء والمخلصين عبر التاريخ البشري، لسوف تتقلص وتصل إلى درجة الصفر، ليس فقط من حيث وضع العراقيل والعوائق في وجه العمل والعاملين. من حيث أن الحكام والمستبدين سيواجهونهم بكل الوسائل المتاحة لهم لتدمير كل شيء ومحاولة القضاء على الأطروحة بأسرها من خلال القضاء على محورها ومصدرها الأول، وقلبها النابض، المتجسد في الإمام والرمز.
علامات الظهور في خدمة الهدف:
وأخيراً.. فإن مما يساعد على حفظ الهدف الكبير، وتحقيق النتائج المتوخاة وله دوره في الحفاظ على الروح والحيوية الفاعلة والمؤثرة، هو إبلاغ الناس بعلامات الظهور، حيث لابد أن ترهق المشكلات والمتاعبوالمصاعب روح كثير من العاملين، وتُمْنى بالإحباط عزائمهم وبالخور هِممهم، وتصاب بالأذى مشاعرهم، وتذبل شيئاً فشيئاً زهرة أملهم.
فرؤية بعض تلك العلامات يتحقق على صفحة الواقع ستشحذ العزائم، وتستنهض الهمم، وتثير المشاعر، وتكون بمثابة ماء الحياة، الذي يعيد لتلك الزهرة الذابلة نموها، ويسبغ عليها رواءها، ورونقها، ويزيد في بهجتها.
وهذا ما حصل بالفعل عبر التاريخ.. ودراسة حياة الأمة الإسلامية عبر عصورها المختلفة خير شاهد على ما نقول..
يتبع إن شاء الله
ملاحظة:ـ الآراء الواردة في هذه السلسلة (دراسة في علامات الظهور) هي تمثل رآي العلامة السيد العاملي وليس بالظرورة تمثل رآي مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي(عليه السلام) وإنما نشرت من قبل المركز ترسيخا في فهم الوعي المهدوي وتعميقا لأصل التعددية في القراءات التخصصية بأيدٍ تخصصية.






([1][18]) كما كان الحال في صدر الإسلام، حينما كانوا يحكمون الناس باسم الإسلام، وبعنوان الخلافة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).



--- التوقيع ---



مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM

موضوع منقول.....