غزوة خيبر
مرسل: الاثنين أغسطس 25, 2008 9:36 am
قال الطبرسي رحمه الله : لما قدم رسول الله صلى الله عليه واله المدينة من الحديبية مكث بها عشرين ليلة ، ثم خرج منها غاديا إلى خيبر ، وذكرابن إسحاق باسناده عن أبي مروان الاسلمي ، عن أبيه ، عن جده قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه واله إلى خيبر حتى إذا كنا قريبا منها وأشرفنا عليها قال رسول الله صلى الله عليه واله : " قفوا " فوقف الناس فقال : " اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، ورب الارضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أظللن إنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها و خير ما فيها ، ونعوذبك من شر هذه القرية وشر أهلها وشر ما فيه ا ، قدموا
وعن سلمة بن الاكوع قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه واله إلى خيبر فسرنا ليلا ، فقال رجل من القوم أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتنينا * وثبت الاقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا * إنا إذا صيح بنا أنينا
لعامر بن الاكوع : ألا تسمعنا من هنيهاتك ؟ وكان عامر رجلا شاعرا ، فجعل يقول :
لاهم لولا وبالصياح عولوا علينا .
فقال رسول الله صلى الله عليه واله : " من هذا السائق ؟ " قالوا : عامر ، قال : " يرحمه الله " قال عمر وهو على جمل : وجبت يا رسول الله لولا أمتعتنا به ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه واله ما استغفر لرجل قط يخصه إلا استشهد ، قالوا : فلما جد الحرب وتصاف القوم خرج يهودي وهو يقول :
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فبرز إليه عامر وهو يقول :
قد علمت خيبر أني عامر * شاكي السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين فوقع سيف اليهودي في ترس عامر ، وكان سيف عامر فيه قصر ، فتناول به ساق اليهودي ليضر به فرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر فمات منه ، قال سلمة : فاذا نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله يقولون : بطل عمل عامر قتل نفسه ، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه واله وأنا أبكي ، فقلت : قالوا : إن عامرا بطل عمله ، فقال : " من قال ذلك ؟ " قلت : نفر من أصحابك ، فقال : كذب اولئك بل أوتي من الاجر مرتين ، قال : فحاصرناهم حتى إذا أصابتنا مخمصة شديدة ، ثم إن الله فتحها علينا ، وذلك أن النبي صلى الله عليه واله أعطى اللوإ عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر ، فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه واله يجبنه أصحابه ويجبنهم .
وكان رسول الله أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس ، فقال حين أفاق من وجعه : " ما فعل الناس بخيبر ؟ " فأخبر فقال : " لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه " .
وروى البخاري ومسلم عن قتيبة بن سعيد ، عن يعقوب بن عبدالرحمن الاسكندراني ، عن أبي حازم ، عن سعيد بن سهل أن رسول الله صلى الله عليه واله قال يوم .
خيبر : " لاعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ، و يحبه الله ورسوله " قال : فبات الناس يدوكون بجملتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه واله كلهم يرجون أن يعطاها ، فقال : " أين علي ابن أبي طالب ؟ " فقالوا : يا رسول الله هو يشتكي عينيهقال : " فأرسلوا إليه " فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه واله في عينيه ودعاله ، فبرأ كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال علي : يا رسول الله ! أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ قال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فوالله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم.
قال سلمة : فبرز مرحب وهو يقول : قد علمت خيبر أني مرحب الابيات .
فبرز له علي عليه السلام وهو يقول : أنا الذي سمتني امي حيدرة * كليث غابات كريه المنظرة أو فيهم بالصاع كيل السندرة فضرب مرحبا ففلق رأسه فقتله وكان الفتح على يده أورده مسلم في الصحيح .
وروى أبوعبدالله الحافظ بإسناده عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه واله قال : خرجنا مع علي عليه السلام حين بعثه رسول الله صلى الله عليه واله ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده ، فتناول علي عليه السلام باب الحصن فتترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم ألقاه من يده ، فلقد رأيتني في سبعة نفر أنا منهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما استطعنا أن نقلبه .
وبإسناده عن ليث بن أبي سليم ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال : حدثني جابر بن عبدالله أن عليا عليه السلام حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه فاقتحموها ففتحوها ، وإنه حرك بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلا .
قال : وروي من وجه آخر عن جابر : ثم اجتمع عليه سبعون رجلا فكان جهدهم أن أعادوا الباب .
وبإسناده ، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : كان علي عليه السلام يلبس في الحر والشتاء القباء المحشو الثخين ، وما يبالي الحر ، فأتاني أصحابي فقالوا : إنا رأينا من أميرالمؤمنين شيئا ، فهل رأيت ؟ قلت : وما هو ؟ قالوا : رأيناه يخرج علينا في الحر الشديد في القباء المحشو الثخين وما يبالي الحر ، ويخرج علينا في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين وما يبالي البرد ، فهل سمعت في ذلك شيئا ؟ فقلت : لا ، فقالوا : فسل لنا أباك عن ذلك ، فإنه يسمر معه ، فسألته فقال ما سمعت في ذلك شيئا ، فدخل على علي عليه السلام فسمر معه فسأله عن ذلك ، فقال : أو ما شهدت معنا خيبر ؟ قلت : بلى ، قال : أو ما رأيت رسول الله صلى الله عليه واله حين دعا أبابكر فعقد له ثم بعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم ثم جاء بالناس وقد هزموا ؟ فقال : بلى ، قال : ثم بعث إلى عمر فعقد له ثم بعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم فقاتلهم ثم رجع وقد هزم ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : " لاعطين الرأية اليوم رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، كرارا غير فرار " فدعاني فأعطاني الراية ، ثم قال : " اللهم اكفه الحر والبرد " فما وجدت بعد ذلك حرا ولا بردا .
وهذا كله منقول من كتاب دلائل النبوة للامام أبي بكر البيهقي .
ثم لم يزل رسول الله صلى الله عليه واله يفتح الحصون حصنا فحصنا ويحوز الاموال حتى انتهواإلى حصن الوطيح والسلالم ، وكان آخر حصون خيبر افتتح ، وحاصرهم رسول الله بضع عشر ليلة .
عن حذيفة بن اليمان قال : لما خرج جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى النبي صلى الله عليه واله قدم جعفر رحمه الله والنبي صلى الله عليه واله بأرض خيبر فأتاه بالفرع من الغالية والقطيفة فقال النبي صلى الله عليه واله : " لا دفعن هذه القطيفة إلى رجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " فمد أصحاب النبي صلى الله عليه واله أعناقهم إليها ، فقال النبي صلى الله عليه واله : " أين علي ؟ " فوثب عمار بن ياسر رضي الله عنه فدعا عليا عليه السلام ، فلما جاء قال له النبي صلى الله عليه واله : " يا علي خذ هذه القطيفة إليك " فأخذها علي عليه السلام وأمهل حتى قدم المدينة فانطلق إلى البقيع وهو سوق المدينة فأمر صائغا ففصل القطيفة سلكا سلكا فباع الذهب وكان ألف مثقال ، ففرقه علي عليه السلام في فقراء المهاجرين والانصار ، ثم رجع إلى منزله ولم يترك من الذهب قليلا ولا كثيرا ، فلقيه النبي صلى الله عليه واله من غد في نفر من أصحابه فيهم حذيفة وعمار فقال : " يا على إنك أخذت بالامس ألف مثقال فاجعل غدائي اليوم وأصحابي هؤلاء عندك " ولم يكن علي عليه السلام يرجع يومئذ إلى شئ من العروض : ذهب أوفضة ، فقال حياء منه وتكرما : نعم يا رسول الله وفي الرحب والسعة ادخل يا نبي الله أنت ومن معك ، قال : فدخل النبي صلى الله عليه واله ثم قال لنا : ادخلوا ، قال حذيفة : وكنا خمسة نفر : أنا ، وعمار ، وسلمان ، وأبوذر ، والمقداد رضي الله عنهم ، فدخلنا و دخل علي على فاطمة عليهما السلام يبتغي عندها شيئا من زاد ، فوجد في وسط البيت جفنة من ثريد تفور ، وعليها عراق كثير ، وكأن رائحتها المسك ، فحملها علي عليه السلام حتى وضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله ومن حضر معه ، فأكلنا منها حتى تملانا ولا ينقص منها قليل ولا كثير ، وقام النبي صلى الله عليه واله حتى دخل على فاطمة عليها السلام ، وقال : " أنى لك هذا الطعام يا فاطمة ؟ " فردت عليه ونحن نسمع قولهما فقالت : هو من عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فخرج النبي صلى الله عليه واله إلينا مستعبرا وهو يقول : الحمدلله الذي لم يمتني حتى رأيت لابنتي ما رأى زكريا لمريم ، كان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا ، فيقول لها : يا مريم أنى لك هذا ؟ فتقول : هو من عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب (2) .
-----------
(1) البحار ج 21 ص 1
(2) البحار ج 21 ص 19
وعن سلمة بن الاكوع قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه واله إلى خيبر فسرنا ليلا ، فقال رجل من القوم أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتنينا * وثبت الاقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا * إنا إذا صيح بنا أنينا
لعامر بن الاكوع : ألا تسمعنا من هنيهاتك ؟ وكان عامر رجلا شاعرا ، فجعل يقول :
لاهم لولا وبالصياح عولوا علينا .
فقال رسول الله صلى الله عليه واله : " من هذا السائق ؟ " قالوا : عامر ، قال : " يرحمه الله " قال عمر وهو على جمل : وجبت يا رسول الله لولا أمتعتنا به ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه واله ما استغفر لرجل قط يخصه إلا استشهد ، قالوا : فلما جد الحرب وتصاف القوم خرج يهودي وهو يقول :
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فبرز إليه عامر وهو يقول :
قد علمت خيبر أني عامر * شاكي السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين فوقع سيف اليهودي في ترس عامر ، وكان سيف عامر فيه قصر ، فتناول به ساق اليهودي ليضر به فرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر فمات منه ، قال سلمة : فاذا نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله يقولون : بطل عمل عامر قتل نفسه ، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه واله وأنا أبكي ، فقلت : قالوا : إن عامرا بطل عمله ، فقال : " من قال ذلك ؟ " قلت : نفر من أصحابك ، فقال : كذب اولئك بل أوتي من الاجر مرتين ، قال : فحاصرناهم حتى إذا أصابتنا مخمصة شديدة ، ثم إن الله فتحها علينا ، وذلك أن النبي صلى الله عليه واله أعطى اللوإ عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر ، فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه واله يجبنه أصحابه ويجبنهم .
وكان رسول الله أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس ، فقال حين أفاق من وجعه : " ما فعل الناس بخيبر ؟ " فأخبر فقال : " لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه " .
وروى البخاري ومسلم عن قتيبة بن سعيد ، عن يعقوب بن عبدالرحمن الاسكندراني ، عن أبي حازم ، عن سعيد بن سهل أن رسول الله صلى الله عليه واله قال يوم .
خيبر : " لاعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ، و يحبه الله ورسوله " قال : فبات الناس يدوكون بجملتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه واله كلهم يرجون أن يعطاها ، فقال : " أين علي ابن أبي طالب ؟ " فقالوا : يا رسول الله هو يشتكي عينيهقال : " فأرسلوا إليه " فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه واله في عينيه ودعاله ، فبرأ كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال علي : يا رسول الله ! أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ قال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فوالله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم.
قال سلمة : فبرز مرحب وهو يقول : قد علمت خيبر أني مرحب الابيات .
فبرز له علي عليه السلام وهو يقول : أنا الذي سمتني امي حيدرة * كليث غابات كريه المنظرة أو فيهم بالصاع كيل السندرة فضرب مرحبا ففلق رأسه فقتله وكان الفتح على يده أورده مسلم في الصحيح .
وروى أبوعبدالله الحافظ بإسناده عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه واله قال : خرجنا مع علي عليه السلام حين بعثه رسول الله صلى الله عليه واله ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده ، فتناول علي عليه السلام باب الحصن فتترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم ألقاه من يده ، فلقد رأيتني في سبعة نفر أنا منهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما استطعنا أن نقلبه .
وبإسناده عن ليث بن أبي سليم ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال : حدثني جابر بن عبدالله أن عليا عليه السلام حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه فاقتحموها ففتحوها ، وإنه حرك بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلا .
قال : وروي من وجه آخر عن جابر : ثم اجتمع عليه سبعون رجلا فكان جهدهم أن أعادوا الباب .
وبإسناده ، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : كان علي عليه السلام يلبس في الحر والشتاء القباء المحشو الثخين ، وما يبالي الحر ، فأتاني أصحابي فقالوا : إنا رأينا من أميرالمؤمنين شيئا ، فهل رأيت ؟ قلت : وما هو ؟ قالوا : رأيناه يخرج علينا في الحر الشديد في القباء المحشو الثخين وما يبالي الحر ، ويخرج علينا في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين وما يبالي البرد ، فهل سمعت في ذلك شيئا ؟ فقلت : لا ، فقالوا : فسل لنا أباك عن ذلك ، فإنه يسمر معه ، فسألته فقال ما سمعت في ذلك شيئا ، فدخل على علي عليه السلام فسمر معه فسأله عن ذلك ، فقال : أو ما شهدت معنا خيبر ؟ قلت : بلى ، قال : أو ما رأيت رسول الله صلى الله عليه واله حين دعا أبابكر فعقد له ثم بعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم ثم جاء بالناس وقد هزموا ؟ فقال : بلى ، قال : ثم بعث إلى عمر فعقد له ثم بعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم فقاتلهم ثم رجع وقد هزم ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : " لاعطين الرأية اليوم رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، كرارا غير فرار " فدعاني فأعطاني الراية ، ثم قال : " اللهم اكفه الحر والبرد " فما وجدت بعد ذلك حرا ولا بردا .
وهذا كله منقول من كتاب دلائل النبوة للامام أبي بكر البيهقي .
ثم لم يزل رسول الله صلى الله عليه واله يفتح الحصون حصنا فحصنا ويحوز الاموال حتى انتهواإلى حصن الوطيح والسلالم ، وكان آخر حصون خيبر افتتح ، وحاصرهم رسول الله بضع عشر ليلة .
عن حذيفة بن اليمان قال : لما خرج جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى النبي صلى الله عليه واله قدم جعفر رحمه الله والنبي صلى الله عليه واله بأرض خيبر فأتاه بالفرع من الغالية والقطيفة فقال النبي صلى الله عليه واله : " لا دفعن هذه القطيفة إلى رجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " فمد أصحاب النبي صلى الله عليه واله أعناقهم إليها ، فقال النبي صلى الله عليه واله : " أين علي ؟ " فوثب عمار بن ياسر رضي الله عنه فدعا عليا عليه السلام ، فلما جاء قال له النبي صلى الله عليه واله : " يا علي خذ هذه القطيفة إليك " فأخذها علي عليه السلام وأمهل حتى قدم المدينة فانطلق إلى البقيع وهو سوق المدينة فأمر صائغا ففصل القطيفة سلكا سلكا فباع الذهب وكان ألف مثقال ، ففرقه علي عليه السلام في فقراء المهاجرين والانصار ، ثم رجع إلى منزله ولم يترك من الذهب قليلا ولا كثيرا ، فلقيه النبي صلى الله عليه واله من غد في نفر من أصحابه فيهم حذيفة وعمار فقال : " يا على إنك أخذت بالامس ألف مثقال فاجعل غدائي اليوم وأصحابي هؤلاء عندك " ولم يكن علي عليه السلام يرجع يومئذ إلى شئ من العروض : ذهب أوفضة ، فقال حياء منه وتكرما : نعم يا رسول الله وفي الرحب والسعة ادخل يا نبي الله أنت ومن معك ، قال : فدخل النبي صلى الله عليه واله ثم قال لنا : ادخلوا ، قال حذيفة : وكنا خمسة نفر : أنا ، وعمار ، وسلمان ، وأبوذر ، والمقداد رضي الله عنهم ، فدخلنا و دخل علي على فاطمة عليهما السلام يبتغي عندها شيئا من زاد ، فوجد في وسط البيت جفنة من ثريد تفور ، وعليها عراق كثير ، وكأن رائحتها المسك ، فحملها علي عليه السلام حتى وضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله ومن حضر معه ، فأكلنا منها حتى تملانا ولا ينقص منها قليل ولا كثير ، وقام النبي صلى الله عليه واله حتى دخل على فاطمة عليها السلام ، وقال : " أنى لك هذا الطعام يا فاطمة ؟ " فردت عليه ونحن نسمع قولهما فقالت : هو من عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فخرج النبي صلى الله عليه واله إلينا مستعبرا وهو يقول : الحمدلله الذي لم يمتني حتى رأيت لابنتي ما رأى زكريا لمريم ، كان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا ، فيقول لها : يا مريم أنى لك هذا ؟ فتقول : هو من عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب (2) .
-----------
(1) البحار ج 21 ص 1
(2) البحار ج 21 ص 19