هل يؤمن فقهاء النجف بالإمام المهدي (ع) ؟
مرسل: الأحد أكتوبر 05, 2008 5:05 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي عل محمد وال محمد الائمة و المهديين و سلم تسليما
و اللعنة الدائمة على مخربي شرائعهم الى يوم الدين
هل يؤمن فقهاء النجف بالإمام المهدي (ع) ؟
ورد في الروايات إن الناس وعلى رأسهم فقهاء السوء يخرجون في آخر الزمان عن ولاية أهل البيت (ع) ويظهر من سلوكهم العملي عدم إيمانهم بوجود الإمام المهدي (ع) ، ولسان حالهم كما تصرح هذه الروايات هو القول : ( مات أو هلك في أي واد سلك ) .
والحقيقة إنه لا شئ في سلوك هؤلاء الفقهاء يشي بأنهم يؤمنون بالإمام المهدي (ع) على الرغم من أنهم يلهجون على مستوى اللسان المنافق بمثل هذا الإيمان المزعوم ، فإذا كان جوهر الإيمان بالإمام المهدي وآبائه (ع) منبني على أساس الإيمان بحاكمية الله ، أي بأن الحاكم ينصبه الله تعالى وليس للناس في هذا الأمر شئ أبداً وهذا ما كان عليه الشيعة طيلة العصور التي عاشوها ومن أجله قدموا أكبر وأنفس التضحيات ، ولم يكونوا يبالون بدفع أغلى الأثمان ، فإنهم اليوم يعتقدون أنهم كانوا مخطئين - على حد زعم فقهائهم - حين تركوا الحكم لغيرهم ولم يشاركوا الناس في الدنيا الفانية فانساقوا بدفع من فقهائهم الى مهرجانات الإنتخابات ليعلنوا جهاراً نهاراً أن الحاكم ينصبه الناس وليس لله في هذا الأمر من شئ ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم ) .
ومثل هذا التنصل عن الولاية والإيمان بالإمام المهدي (ع) يظهر في دعواهم المزيفة بأنهم نواب للإمام المهدي (ع) وباسم هذه النيابة المدعاة زوراً وبهتاناً سولوا لأنفسهم المريضة أكل كل التراث المتعلق بالإمام المهدي (ع) فجمعوا الثروات الطائلة باسم الخمس ، الذي أباحه الإمام لشيعته كما ورد في الروايات الواضحة الصريحة ، وصرفوها على ملذاتهم الرخيصة وعلى حواشيهم وأتباعهم والمطبلين لهم ليلاً ونهاراً ، ولو أنهم كانوا يؤمنون بحياة الإمام المهدي (ع) وأنه غائب لا ميت لسألوا أنفسهم على الأقل هل من الممكن أن يكون كل هذا العدد من الفقهاء المختلفين في الفتوى وفي التوجه السياسي وغيرها من الأمور ، هل من الممكن أن يكون جميع هذا العدد نواباً للإمام ؟ ولماذا لم يختر الإمام (ع) واحداً من بينهم ، يعينه نائباً له وهو أمر لا يسع أحد القول بتعذره أبداً ، وعلى الأقل دلت بعض الشواهد ليس فقط على إمكانه بل على تحققه الفعلي ، وهو ما تدل عليه رسالة الإمام المهدي للشيخ المفيد رحمه الله ، ولكنهم يعلمون من حالهم إنهم لا يستأهلون هذا المنصب ( أي النائب الخاص ) فقرروا اغتصابه بغياً وعدواً ولأنهم لا يؤمنون أصلاً بالإمام المهدي (ع) .
والحق إن الكثير من الإنحرافات العقائدية التي تبدو اليوم وكأنها حقائق دينية تدل بلاشك على شك بوجود الإمام المهدي - وإن بنسبة معينة - ومنها على سبيل المثال فكرة ولاية الفقيه المزعومة في الغيبة الكبرى ، هذه الفكرة التي أسسوا لها بضرب من التنظير المعقد الذي يستجمع ما يحسبونه إشارات أو إيحاءات بعيدة يلملمونها ويختلقون أكثرها بدفع من مقدمات عقلية مزيفة ليخرجوا بنتيجة يعلمون جيداً مخالفتها لكثير من النصوص الشرعية الواضحة ، بل إنهم يختلفون فيما بينهم أشد الإختلاف في تقريرها ، فما يعده أحدهم دليلاً على ولاية الفقيه لا يراه غيره دليلاً ، حتى إن بعضهم لا يأنف من القول إن الفقيه له الولاية في الغيبة الكبرى بدليل الضرورة القاضية بحتمية وجود حاكم وحكومة تصرف شؤون الناس ، وعلى الرغم من أن الضرورة التي يتحدثون عنها هنا هي ضرورة تكوينية لا تشريعية وهي بالتالي لا تعني أبداً أن الناس يمكنهم أن يختاروا الحاكم وينصبوه ، بل هي تقرر كما سلفت الإشارة أن الحاكم والقائد أمر لا غنى للبشرية عنه وهذا المقدمة ينبغي أن توصلهم الى نتيجة هي ضرورة وجود من ينصبه الله أو من ينصبه من نصبه الله تعالى ، ولكنهم يلتفون على هذه النتيجة ، بل العجيب إن البعض الذي نتحدث عنه - وهو على وجه التحديد الشيخ المنتظري الذي يعدونه أفضل من كتب في ولاية الفقيه - بعد أن يفند كل آرائهم وأدلتهم المزعومة حول ولاية الفقيه وكيف يتم اختياره يصير بدفع من المقدمة العقلية المذكور أعلاه وبدفع في الحقيقة من عدم فهمه لحقيقة الضرورة القاضية بوجود حجة على الناس أو قائد لهم ، يصير الى فكرة عجيبة غريبة تتمثل بقوله إن الفقيه الولي كما يزعمون يتم اختياره من خلال آلية الإنتخاب !
ولقد كان يمكنهم - لو كانوا مؤمنين - أن يجنبوا أنفسهم كل هذا العناء - بل كل هذا الغثاء - الفكري والتنظير والتمحل فقط بأن يلتفتوا الى أن وجود الإمام المهدي المفروغ منه - ليس لديهم - يقضي بالضرورة أن الإمام ، وهو أكثر منهم حرصاً على الناس والدين ، سينصب بالتأكيد من يقوم بالمهمة التي يريدها الفقهاء لأنفسهم .
الحديث في الحقيقة عن استغلال الفقهاء لغياب الإمام (ع) ، وهو بالمناسبة غائب لأنهم هم والناس من ورائهم لا يريدونه بل لا يؤمنون به وليس لشئ آخر ، أقول الحديث عن هذا الإستغلال ذو شجون ، ولا تسعه هذه الورقة بالتأكيد ، ولا بأس من الختم بالتذكير بحقيقة تعلن عن نفسها يومياً ولكن الناس غافلون عنها مع الأسف الشديد وهي استغلال المرجعية ( مرجعية الدجل والنفاق ) للمناسبات المتعلقة بالإمام المهدي مثل مناسبة مولده التي تطل علينا في الترويج لرموز المرجعية ولمشاريعها السياسية والفكرية المنحرفة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .