لماذا هذه الغيبة الطويلة ؟
مرسل: الجمعة إبريل 10, 2009 5:07 am
لماذا هذه الغيبة الطويلة ؟
قالوا : لماذا كلّ هذا الحرص على إطالة عمر المهدي إلى هذا الحدّ، فتعطّل القوانين لاَجله ، أو نضطر إلى المعجزة ؟! ولماذا لا نقبل الافتراض الآخر الذي يقول : إنَّ قيادة البشرية في اليوم الموعود يمكن أن تترك لشخصٍ آخر يُولد في ذلك الزمان ، ويعيش الظروف الموضوعية، لينهض بمهمّته التغييرية ؟!
والجواب عنه ـ بعد الاِحاطة بالمطالب المذكورة في البحث ـ واضح جداً، فإنّ الله عزّ وجل قد أبقى أشخاصاً في هذا العالم أو غيره أحياءً أطول بكثير مما انقضى من حياة المهدي ، وذلك لحِكَمٍ وأسرار لانهتدي إليها ، أو علمنا ببعضها ، وعلى كلِّ حالٍ نؤمن بها إيماناً قطعيّاً، فليكن الاَمر كذلك بالنسبة الى المهدي ؛ لاَنا ـ كما أشرنا من قبل ـ بصفتنا مسلمين نؤمن بأنّ الله تعالى لايفعل عبثاً، وأيضاً : نؤمن بمغيّبات كثيرةٍ عنّا قامت عليها البراهين المتينة من العقل والنقل ، فلا يضرنا اذا لم نعلم بالحكمة في معتَقدٍ من معتقداتنا ، وكذلك الحال في الاحكام الشرعيّة والاعمال العباديّة ، فقد لانهتدي إلى سرّ حكمٍ من الاحكام وفلسفة قانونٍ من القوانين الالهيّة ، لكن التعبد بالنصر أمر لا بد منه خصوص بعد ثبوته بنحو اليقين.
وعليه نقول : إن كانت الاَدلّة التي أقمناها في الفصول السابقة على ضرورة الايمان بالمهدي، مع تلك المواصفات الخاصة، وأنّه الحجة بن الحسن العسكري، وأنّه ولد وكان إماماً بعد أبيه ـ وفي الخامسة من عمره الشريف ـ وأنّه حي موجود على طول عمره المبارك... فإنّ النتيجة الحتميّة هي القول بهذه الغيبة الطويلة، سواء علمنا ـ مع ذلك ـ بسرٍّ من أسرارها أو لم نعلم... وإنْ كان بالاِمكان أن نتصوّر لها بعض الاسرار بقدر
أفهامنا القاصرة وعقولنا المحدودة. فأمّا من لايطيق من المسلمين الالتزام بالمعجزة في طول عمر الاِمام والفوائد المترتبة على وجوده ـ مع كونه غائباً ـ وجب عليه تصحيح اعتقاده من الاصل وفي ضوء الاَدلة من العقل والنقل.
وعلى هذا الاساس أيضاً لايمكننا قبول الافتراض الآخر، لاَنَّ المفروض أن الاَدلة قادتنا إلى استحالة ( خلو الاَرض من حجّةٍ لله ولو آناً واحداً )، وبعد الايمان بذلك ـ سواء علمنا بشيء من الحكم في ذلك، ممّا جاء في الكتب العلمية المفصّلة في الباب أو لم نعلم ـ فلا مناص من القول بوجود الاِمام منذ ولادته، وأنّه لامجال لفرض الافتراض الآخر أبداً.
السؤال الرابع : كيف الاستفادة من الاِمام الغائب ؟
وأخيراً هناك سؤال ربما يدور في الاَذهان ، وهو : إذا كان الاِمام المهدي كذلك ، فما هي الفائدة بالنسبة للاُمة، وهو غائبٌ مستور ، متوارٍ عن الاَنظار؟!
والجواب :
إنَّ الذي يحقق ويدقق في هذه المسألة، يجب أن يضع في حسابه أولاً الروايات والاَخبار الصحيحة التي تتحدث عن ظهوره الذي سيكون بصورةٍ مفاجئة وسريعة ، أو على حدِّ لسان بعض الروايات « بغتة » . أي دون تحديد زمن مخصوص أو وقتٍ معيّن، وهذا يترتّب عليه ترقب كل جيلٍ من أجيال المسلمين لظهوره المبارك . إنَّ المتأمل لهذه المسألة سوف لايصعب عليه أن يكتشف فوائد ومزايا جمةً تتعلق بالاُمّة المرحومة، منها:
1 ـ إنَّ ذلك يدعو كلّ مؤمن إلى أن يكون على حالةٍ من الاستقامة على الشريعة، والتقيّد بأوامرها ونواهيها، والابتعاد عن ظلم الآخرين ، أو غصب حقوقهم ، وذلك لاَنَّ ظهور الاِمام المهدي ـ الذي سيكون مفاجئاً ـ
يعني قيام دولته وهي التي يُنتصف فيها للمظلوم من الظالم، ويُبسَط فيها العدل ويُمحى الظلم من صفحة الوجود . ولايقولنَّ أحدٌ إنَّ الشريعة ودستورها القرآن منعت الظلم والتظالم وهذا يكفي.
فإنَّ جوابه : إنَّ الشعور والاعتقاد بوجود السلطة وبتمكنها وسلطنتها يعدُّ رادعاً قوياً ، وقد جاء في الاَثر الصحيح «إنَّ اللهَ ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن..».
2 ـ إنَّ ذلك يدعو كلّ مؤمن إلى أن يكون في حالةِ طوارئ مستمرة من حيث التهيؤ للانضمام إلى جيش الاِمام المهدي والاستعداد العالي للتضحية في سبيل فرض هيمنة الاِمام الكاملة وبسط سلطته على الارض لاِقامة شرع الله تعالى. وهذا الشعور يخلق عند المؤمنين حالةً من التآزر والتعاون ورصّ الصفوف والانسجام لاَنهم سيكونون جُنداً للاِمام .
3 ـ إنَّ هذه الغيبة تحفّز المؤمن بها للنهوض بمسؤوليته ، وخاصة في مجال الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فتكون الاَُمّة بذلك متحصّنة متحفّزة. إذ لايمكن تقيّد أنصار الاِمام المهدي بالانتظار فحسب ، دون الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر استعداداً لبناء دولة الاِسلام الكبرى وتهيئة قواعدها حتى ظهور الاِمام المهدي .
4 ـ إنَّ الاُمّة التي تعيش الاعتقاد بالمهدي الحي الموجود تبقى تعيش حالة الشعور بالعزة والكرامة، فلا تطأطئ رأسها لاَعداء الله تعالى ، ولاتذلُّ لجبروتهم وطغيانهم، إذ هي تترقب وتتطلع لظهوره المظفّر في كلِّ ساعة، ولذلك فهي تأنف من الذلِّ والهوان، وتستصغر قوى الاستكبار، وتستحقر كلّ مايملكون من عدةٍ وعدد.
إنَّ مثل هذا الشعور سيخلق دافعاً قويّاً للمقاومة والصمود والتضحية، وهذا هو الذي يخوّف أعداء الله وأعداء الاِسلام، بل هذا هو سرّ خوفهم ورعبهم الدائم، ولذلك حاولوا على مرّ التاريخ أن يُضعفوا العقيدة
بالمهدي، وأن يُسخّروا الاَقلام المأجورة للتشكيك بها، كما كان الشأن دائماً في خلق وإيجاد الفرق والتيارات الضالّة والهدّامة لاحتواء المسلمين، وصرفهم عن التمسّك بعقائدهم الصحيحة ، والترويج للاعتقادات الفاسدة مثلما حصل في نحلة البابية والبهائية والقاديانية والوهابية.
هذا ، ويمكن أن نضيف إلى هذه الثمرات والفوائد المهمة فوائد اُخرى يكتسبها المُعتقِد بظهور المهدي في آخرته، ويأتي في مقدمتها تصحيح اعتقاده بعدل الله تعالى ورأفته بهذه الاُمّة التي لم يتركها الله سدىً ينتهبها اليأس ويفتك بها القنوط لما تشاهده من انحراف عن الدين، دون أن يمدّ لها حبل الرجاء بظهور الدين على كلِّ الاَرض بقيادة المهدي .
ومنها : تحصيل الثواب والاَجر على الانتظار، فقد ورد في الاَثر الصحيح عن الصادق : «المنتظر لاَمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله».
ومنها : الالتزام بقوله تعالى حكايةً عن وصية إبراهيم لبنيه : ( يابَنِيَّ إنَّ الله اصْطَفى لَكُم الدّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاّ وأنتُم مُسْلِمُون )(1)، وقد مرّ بأن من مات ولم يعرف إمام زمانه ـ وفي عصرنا هو المهدي ـ مات ميتةً جاهلية. واستناداً إلى كلِّ ماذكرناه يظهر معنى : إنَّ الاَرض لاتخلو من حجةٍ لله تعالى.
نقلا من كتاب المهدي في الفكر الاسلامي
قالوا : لماذا كلّ هذا الحرص على إطالة عمر المهدي إلى هذا الحدّ، فتعطّل القوانين لاَجله ، أو نضطر إلى المعجزة ؟! ولماذا لا نقبل الافتراض الآخر الذي يقول : إنَّ قيادة البشرية في اليوم الموعود يمكن أن تترك لشخصٍ آخر يُولد في ذلك الزمان ، ويعيش الظروف الموضوعية، لينهض بمهمّته التغييرية ؟!
والجواب عنه ـ بعد الاِحاطة بالمطالب المذكورة في البحث ـ واضح جداً، فإنّ الله عزّ وجل قد أبقى أشخاصاً في هذا العالم أو غيره أحياءً أطول بكثير مما انقضى من حياة المهدي ، وذلك لحِكَمٍ وأسرار لانهتدي إليها ، أو علمنا ببعضها ، وعلى كلِّ حالٍ نؤمن بها إيماناً قطعيّاً، فليكن الاَمر كذلك بالنسبة الى المهدي ؛ لاَنا ـ كما أشرنا من قبل ـ بصفتنا مسلمين نؤمن بأنّ الله تعالى لايفعل عبثاً، وأيضاً : نؤمن بمغيّبات كثيرةٍ عنّا قامت عليها البراهين المتينة من العقل والنقل ، فلا يضرنا اذا لم نعلم بالحكمة في معتَقدٍ من معتقداتنا ، وكذلك الحال في الاحكام الشرعيّة والاعمال العباديّة ، فقد لانهتدي إلى سرّ حكمٍ من الاحكام وفلسفة قانونٍ من القوانين الالهيّة ، لكن التعبد بالنصر أمر لا بد منه خصوص بعد ثبوته بنحو اليقين.
وعليه نقول : إن كانت الاَدلّة التي أقمناها في الفصول السابقة على ضرورة الايمان بالمهدي، مع تلك المواصفات الخاصة، وأنّه الحجة بن الحسن العسكري، وأنّه ولد وكان إماماً بعد أبيه ـ وفي الخامسة من عمره الشريف ـ وأنّه حي موجود على طول عمره المبارك... فإنّ النتيجة الحتميّة هي القول بهذه الغيبة الطويلة، سواء علمنا ـ مع ذلك ـ بسرٍّ من أسرارها أو لم نعلم... وإنْ كان بالاِمكان أن نتصوّر لها بعض الاسرار بقدر
أفهامنا القاصرة وعقولنا المحدودة. فأمّا من لايطيق من المسلمين الالتزام بالمعجزة في طول عمر الاِمام والفوائد المترتبة على وجوده ـ مع كونه غائباً ـ وجب عليه تصحيح اعتقاده من الاصل وفي ضوء الاَدلة من العقل والنقل.
وعلى هذا الاساس أيضاً لايمكننا قبول الافتراض الآخر، لاَنَّ المفروض أن الاَدلة قادتنا إلى استحالة ( خلو الاَرض من حجّةٍ لله ولو آناً واحداً )، وبعد الايمان بذلك ـ سواء علمنا بشيء من الحكم في ذلك، ممّا جاء في الكتب العلمية المفصّلة في الباب أو لم نعلم ـ فلا مناص من القول بوجود الاِمام منذ ولادته، وأنّه لامجال لفرض الافتراض الآخر أبداً.
السؤال الرابع : كيف الاستفادة من الاِمام الغائب ؟
وأخيراً هناك سؤال ربما يدور في الاَذهان ، وهو : إذا كان الاِمام المهدي كذلك ، فما هي الفائدة بالنسبة للاُمة، وهو غائبٌ مستور ، متوارٍ عن الاَنظار؟!
والجواب :
إنَّ الذي يحقق ويدقق في هذه المسألة، يجب أن يضع في حسابه أولاً الروايات والاَخبار الصحيحة التي تتحدث عن ظهوره الذي سيكون بصورةٍ مفاجئة وسريعة ، أو على حدِّ لسان بعض الروايات « بغتة » . أي دون تحديد زمن مخصوص أو وقتٍ معيّن، وهذا يترتّب عليه ترقب كل جيلٍ من أجيال المسلمين لظهوره المبارك . إنَّ المتأمل لهذه المسألة سوف لايصعب عليه أن يكتشف فوائد ومزايا جمةً تتعلق بالاُمّة المرحومة، منها:
1 ـ إنَّ ذلك يدعو كلّ مؤمن إلى أن يكون على حالةٍ من الاستقامة على الشريعة، والتقيّد بأوامرها ونواهيها، والابتعاد عن ظلم الآخرين ، أو غصب حقوقهم ، وذلك لاَنَّ ظهور الاِمام المهدي ـ الذي سيكون مفاجئاً ـ
يعني قيام دولته وهي التي يُنتصف فيها للمظلوم من الظالم، ويُبسَط فيها العدل ويُمحى الظلم من صفحة الوجود . ولايقولنَّ أحدٌ إنَّ الشريعة ودستورها القرآن منعت الظلم والتظالم وهذا يكفي.
فإنَّ جوابه : إنَّ الشعور والاعتقاد بوجود السلطة وبتمكنها وسلطنتها يعدُّ رادعاً قوياً ، وقد جاء في الاَثر الصحيح «إنَّ اللهَ ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن..».
2 ـ إنَّ ذلك يدعو كلّ مؤمن إلى أن يكون في حالةِ طوارئ مستمرة من حيث التهيؤ للانضمام إلى جيش الاِمام المهدي والاستعداد العالي للتضحية في سبيل فرض هيمنة الاِمام الكاملة وبسط سلطته على الارض لاِقامة شرع الله تعالى. وهذا الشعور يخلق عند المؤمنين حالةً من التآزر والتعاون ورصّ الصفوف والانسجام لاَنهم سيكونون جُنداً للاِمام .
3 ـ إنَّ هذه الغيبة تحفّز المؤمن بها للنهوض بمسؤوليته ، وخاصة في مجال الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فتكون الاَُمّة بذلك متحصّنة متحفّزة. إذ لايمكن تقيّد أنصار الاِمام المهدي بالانتظار فحسب ، دون الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر استعداداً لبناء دولة الاِسلام الكبرى وتهيئة قواعدها حتى ظهور الاِمام المهدي .
4 ـ إنَّ الاُمّة التي تعيش الاعتقاد بالمهدي الحي الموجود تبقى تعيش حالة الشعور بالعزة والكرامة، فلا تطأطئ رأسها لاَعداء الله تعالى ، ولاتذلُّ لجبروتهم وطغيانهم، إذ هي تترقب وتتطلع لظهوره المظفّر في كلِّ ساعة، ولذلك فهي تأنف من الذلِّ والهوان، وتستصغر قوى الاستكبار، وتستحقر كلّ مايملكون من عدةٍ وعدد.
إنَّ مثل هذا الشعور سيخلق دافعاً قويّاً للمقاومة والصمود والتضحية، وهذا هو الذي يخوّف أعداء الله وأعداء الاِسلام، بل هذا هو سرّ خوفهم ورعبهم الدائم، ولذلك حاولوا على مرّ التاريخ أن يُضعفوا العقيدة
بالمهدي، وأن يُسخّروا الاَقلام المأجورة للتشكيك بها، كما كان الشأن دائماً في خلق وإيجاد الفرق والتيارات الضالّة والهدّامة لاحتواء المسلمين، وصرفهم عن التمسّك بعقائدهم الصحيحة ، والترويج للاعتقادات الفاسدة مثلما حصل في نحلة البابية والبهائية والقاديانية والوهابية.
هذا ، ويمكن أن نضيف إلى هذه الثمرات والفوائد المهمة فوائد اُخرى يكتسبها المُعتقِد بظهور المهدي في آخرته، ويأتي في مقدمتها تصحيح اعتقاده بعدل الله تعالى ورأفته بهذه الاُمّة التي لم يتركها الله سدىً ينتهبها اليأس ويفتك بها القنوط لما تشاهده من انحراف عن الدين، دون أن يمدّ لها حبل الرجاء بظهور الدين على كلِّ الاَرض بقيادة المهدي .
ومنها : تحصيل الثواب والاَجر على الانتظار، فقد ورد في الاَثر الصحيح عن الصادق : «المنتظر لاَمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله».
ومنها : الالتزام بقوله تعالى حكايةً عن وصية إبراهيم لبنيه : ( يابَنِيَّ إنَّ الله اصْطَفى لَكُم الدّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاّ وأنتُم مُسْلِمُون )(1)، وقد مرّ بأن من مات ولم يعرف إمام زمانه ـ وفي عصرنا هو المهدي ـ مات ميتةً جاهلية. واستناداً إلى كلِّ ماذكرناه يظهر معنى : إنَّ الاَرض لاتخلو من حجةٍ لله تعالى.
نقلا من كتاب المهدي في الفكر الاسلامي