مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

خاصه بأهل البيت عليهم السلام وسيرتهم ومعجزاتهم وكراماتهم وأقوالهم وأحاديثهم ..
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة مراقب »

[bor=FFFF33]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه المنتجبين


السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى أبا الفضل العباس وعلى أصحاب الحسين

مجهود مثاب عليه اخي العزيز



شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...



لك مني أجمل تحية .
[/bor]
صورةصورةصورة
صورة
احمد امين
عضو جديد
مشاركات: 124
اشترك في: الاثنين نوفمبر 19, 2007 4:22 pm

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة احمد امين »

المقال الثالث عشر: حجية الرؤيا


قبل البدء في مناقشة حجية الرؤيا من عدمها أو حدود حجية الرؤيا( فيما إذا قلنا بحجيتها)لا بد أن ننتهي مسبقاً من مسألة في غاية الأهمية وهي أن من يدعي إثبات مسألة معينة من خلال الرؤيا لا بد أن نقف:
أولاً على أن ما يراد إثباته من هذا المدعي هل هو من أصول الدين أم من فروع الدين؟.
وحيث اننا بعد أن تتبعنا كلمات هؤلاء وجدنا أنهم يدعون حجية الرؤيا بقولٍ مطلق في أصول الدين (أما لو فرض وان قال انها من فروع الدين فإننا سوف نتحاكم معها إلى الأدلة القائمة في الفقه وأصول الفقه والمناط فيها حجية قول المتخصص وهم المجتهدون) فلا بد أن تكون حجية الرؤيا وحدود حجيتها ثابتة مسبقاً بما تثبت به مسائل أصول الدين، اذ لا معنى ان يقال أننا نثبّت حجية الرؤيا وإطلاق حدود حجيتها بأدلة فروع الدين أو بأدلة ومناهج معدّة سلفاً لإثبات مسائل تأريخية ومن ثم نحتج بها على مسائل من أصول الدين فلا نتصور أن يتفوه شخص يحترم عقله بمثل هذا الكلام
وخلاصته:
أن الرؤيا والمنامات حجة في إثبات مسائل من أصول الدين وأن ثبوت حجية الرؤيا والمنامات يثبت بأدلة ذات منهجية في أحسن أحوالها فقهيةً أو تاريخيةً.
ننتهي إلى هنا إلى أن حجية الرؤيا والمنامات وحدود حجيتها لا بد أن تثبت بأدلة من سنخ ما تثبت به أدلة أصول الدين، وحيث أن أدلة أصول الدين منحصرة بما هو قطعي ويقيني فتكون الأدلة على النحو التالي:
اولا_أدلة عقلية، والجدير بالأهمية أن يشار هنا إلى أن الأدلة العقلية لا بد أن تكون خاضعة لمنهجية البحث العقلي دون السفسطة، وإلا كان بإمكان أي متزندق أن يركب صغرى وكبرى ويستدل بها على إلوهيته ولزوم عبودية الخلق له، وحيث ان الأدلة العقلية لإثبات المسائل الأصولية العقائدية قد قررت في محلها وأُحكمت وفُصّلت منذ الصدر الأول إلى يومنا هذا فمع عدم وجود دليل يؤكد مضمون ما يراد أن يستدل عليه يُفهم من ذلك ان لا دليل عقلي على حجية الرؤيا والمنامات في أصول الدين وعلى من يدعي حجيتها فيها أن ينقل لنا أقوال جملة من العلماء يُعتد بقولهم على ذلك.
ومن اهم ما يرد على ما يدعيه البعض من حجية الاحلام في اصول الدين بالدليل العقلي هو:-
1- ان تقسيم الاحلام الى صادقة وكاذبة واضغاث احلام يخرم كلية تصديق الاحلام اذا تنزّلنا وقلنا أنها حجة في اصول الدين.
2- ان هذه الاحلام التي يدعيها البعض انها حجة تحتاج الى تفسير وحيث أن التفاسير للاحلام تختلف فما يدرينا أن التفسير الذي فسره هؤلاء هو فعلاً المراد(الواقعي) بالحلم والرؤيا هذا اذا سلمّنا مسبقاً بصدق ما يخبرنا به هذا المفسر.
اذ من يقول أن المعنى الذي ادعاه المدعي هو المعنى المرادومن يقول انه صادق في اخباره وهو يجر النار إلى قرصه.
3- ان الدليل العقلي حجة لأنه ينتهي الى القطع واليقين ولا يوجد في محتوى الدليل العقلي ما هو ظنٌ او ينتهي الى الظن لذلك فهو حجة لأنه لا يخالجه الاحتمال والظن والتشكيك فكل دليل يحتضن مقدّمة ظنية او أن فيها احتمال الترديد فهو لا يرقى الى صف الادلة العقلية اليقينية التي تكون نتائجها حجة لذاتها لأن القطع واليقين حجةٌ لذاته وحيث أن من يدعي أن الاحلام والمنامات حجة في اصول الدين ينقل لنا شخصياً مضمون ما رآه وحيث أن ما رآه لا يكون الا عبارة عن مضمونٍ منقولٍ الينا على شكل خبر الاحاد لأن الناقل له فرد واحد فيكون ما يعتقده هذا البعض دليلاً قطعياً هو في الحقيقة خبر آحاد ودليل ظني اذا سلّمنا صحة صدوره وعدم معارضته فهو حجة في الفروع وحيث أن الامرين الاخيرين متعسرين فيمن يدعي الاحلام والرؤى فهو لا يُثبت حكماً شرعياً فضلاً عن ان يُثبت حكماً اصولياً عقائدياً
ثانيا_الأدلة النقلية القطعية، وتنقسم بطبيعتها إلى قسمين:
الأدلة القرآنية فحيث انها قطعية الصدور إلا أنها ظنية الدلالة فلا بد أن يكون تفسيرها أو تطبيقها بأخبار متواترة.
الأخبار التي تواترت عن أهل البيت (ع) وأثبتت مضموناً حجية الرؤيا في أصول الدين بقول صريح.
وحيث انه لا يوجد من هذا النحو بشقيه ما يُثبت حجية الرؤيا في أصول الدين فيثبت عدمه، ومن يدعي ثبوته عليه أن يثبت الدليل.
ج- الإجماع المحصل كما قرر في إثبات بعض مسائل أصول الدين كحجية البحث وضرورته أو غيرها من مسائل النبوة أو الإمامة أو ما شاكل وحيث انه لا يوجد بيدنا إجماع محصل بل ولا منقول على حجية الرؤيا والمنامات في أصول الدين فيثبت عدم الحجية إلا أن يثبت من يدعي الحجية حجيتها بدليل الحجة.

الابحاث التي سنتناولها لاحقا إن شاء الله تعالى:
هل الرؤيا حجة؟ ما هو الدليل على حجيتها؟
هل الرؤيا حجة في العقائد؟ إذا قيل بحجيتها فلا بد أن تثبت حجية الرؤيا اما بالتواتر ان كانت أخباراً أو بالقطع إن كانت غيرها؟
ما هي حدود حجية الرؤيا إذا قيل بحجيتها؟
إذا كانت الرؤيا حجة فهل هي حجة مطلقاً بمعنى ان حجية الرؤيا ذاتية وغير متفرعة عن حجية المعصوم أو ان رؤيا المعصوم إذا قيل بحجيتها لغيره فهي ليست نابعة من حجية نفس الرؤيا بل هي نابعة من حجية ذات المعصوم فلأنه معصوم فكل ما يتلقاه أو يلقيه فهو حجة لخصوصية العصمة، أما غير المعصوم فحجية الرؤيا منه إلى غيره هي أول الكلام لأنه لم يثبت في مرحلة مسبقة ان له حجية ذاتية تجاه غيره.
لو كانت الرؤيا والأطياف والأحلام وما يراه الناس في المنام تشكل مفردةً ينقح بها الأحكام الشرعية ويُستنبط من خلالها الأحكام كاستنباطنا للأحكام من القرآن والسنة والإجماع والعقل لذكر العلماء أن مدارك الأحكام الشرعية خمسة وليست أربعة بل لو تنزلنا عن ذلك وقلنا ان لها نوعاً من الحجية في استنباط الأحكام الشرعية دون ان تصل إلى مستوى حجية القرآن او السنة لذكر الفقهاء ذلك في كتب الأصول.
إن عدم وصول أدلة من القرآن أو من روايات أهل البيت أو من كلام العلماء تثبت أن المنامات والأحلام حجة في استنباط الأحكام الشرعية او تأسيس القواعد الأصولية في العقائديات يعكس لنا عدم حجية الأحلام في ذلك وأنها لا تعدو -في حال صدقها- كونها مبشرات نفسية ذات حدود شخصية كما أشارت جملة من روايات أهل البيت إلى ذلك.







http://www.m-mahdi.com/temp/0013.htm



--- التوقيع ---



مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM

منقول..
احمد امين
عضو جديد
مشاركات: 124
اشترك في: الاثنين نوفمبر 19, 2007 4:22 pm

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة احمد امين »

المقال الرابع عشر: الرد على أكاذيب احمد الحسن اليماني
يتبع المقال الأول

ماذا يدعي أحمد الحسن من خلال ما كتبه في كتابه (العِجل) أو (المتشابهات) أو المقالات والكتابات التي كتبها بعض المدافعين عنه؟
إن النقطة المركزية في دعوى (أحمد الحسن) هي أنه وصي(1) الإمام صاحب العصر عليه السلام ورسوله وابنه وهو اليماني الموعود، وهو يعتبر نفسه مبعوثاً للناس من قبل صاحب الزمان، وهو الممهد له، لذا يسمي نفسه المهدي الأول الذي يخرج قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام.
ثم يرى (أحمد الحسن) أن ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، قد بدأ بظهور وصيه ورسوله وابنه، واننا الآن نعيش مرحلة الظهور، وهي مرحلة قبل مرحلة القيام التي يظهر فيها صاحب العصر بشخصه، فلدينا إذن مرحلتان ظهور وقيام.(2)
ما هو الدليل؟
يستدل(3) (أحمد الحسن) على دعواه بما يلي: كما ذكر ذلك في كتابه بيان الحق والسداد
1 ـ مئات الرؤى بالرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام والزهراء عليها السلام.
2 ـ معرفة محكم ومتشابه القرآن.
3 ـ الكشف باليقظة عند المؤمنين بالرسول والأئمة عليهم السلام.
4 ـ وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي ذكره فيها بالاسم والصفة.
5 ـ روايات أهل البيت عليهم السلام التي ذكروه فيها.
6 ـ استخارة الله عز وجل.
7 ـ الدعوة الى الحق والطريق المستقيم وإقرار حاكمية الله.
8 ـ الاخبارات الغيبية والمعجزات.
9 ـ دعوة العلماء إلى المناظرة وأهل كل كتاب بكتابهم فأهل القرآن بقرآنهم وأهل التوراة بتوراتهم وأهل الانجيل بانجيلهم.
10 ـ الدعوة الى المباهلة.
11 ـ الدعوة الى قسم البراءة.
12 ـ دعوة كبار علماء الشيعة إلى طلب المعجزة.
الآيات والروايات:
المهم هو أن نعرف ما هي الآيات والروايات التي دلَّت عليه؟
القرآن الكريم:
1 ـ يقول ضياء الزبيدي(4) في تقديمه لكتاب (العجل) تأليف أحمد الحسن:
(يستطيع القارئ أن يلتمس الأمر العظيم في الكتاب ـ أي السيد مرسل من الإمام المهدي عليه السلام ـ من خلال الآية التي ساقها السيد في ختام المقدمة.. ((وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ*قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَ لا يَتَّقُونَ * قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ * قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ)).(5)
ولم نعرف ما هو وجه دلالة هذه الآية على انه مرسل من عند الله تعالى، كما أن السيد أحمد الحسن نفسه حينما ذكر الآية في مقدمة كتابه (العجل) لم يذكر كيفية دلالتها عليه.
2 ـ وهناك آية ثانية يستدل بها (أحمد الحسن) على أطروحته ومدّعاه وهي قوله تعالى: ((أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ)).(6)
ويقول في كيفية دلالة الآية عليه ما يلي:
((من هو هذا الرسول الذي يرسل بين يدي العذاب، حيث إن العذاب ينزل بسبب تكذيب الناس لهذا الرسول، إذن سماه سبحانه وتعالى (رسول مبين) وكلمة رسول مبين لم تأت في القرآن إلاّ مرة واحدة هي في سورة الدخان.
والآن احسب:
أحمد الحسن ستجده هو رسول مبين
ا ح م د ال ح س ن
1+8+4+4+1+3+8+6+5=40 بالجمع الصغير
هـ و ر س و ل م ب ي ن
5+6+2+6+6+3+4+2+1+5=40 بالجمع الصغير
فتبين لك أن أحمد الحسن هو الرسول المبين المذكور في سورة الدخان)).(7)
3 ـ وهناك آية ثالثة يقول أحمد الحسن انها دالة عليه وهي قوله تعالى في سورة الصافات ((وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ)).(8)
حيث يقول: ((والآن احسب أحمد الحسن ستجده يساوي جندنا الغالبون وكلاهما يساوي 40.
اح م د ال ح س ن
1+8+4+4+1+3+8+6+5=40 بالجمع الصغير
جندنا الغالبون
ج ن د ن ا ال غ ا ل ب و ن
3+5+4+5+1+1+3+1+1+3+2+6+5=40 بالجمع الصغير
فتبين لك أن جندنا الغالبون تساوي أحمد الحسن أي أن نصر الله ونصر الإمام المهدي عليه السلام يتحقق بمجيء هذا الشخص الى هذا العالم الجسماني)).(9)
ما هي الروايات الدالة عليه:
من خلال مراجعتنا في عدد من كتابات أحمد الحسن وأنصاره لاحظنا أنهم يعتمدون على:
أولاً: وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة وفاته
ثانياً: رواية الأصبغ بن نباتة
ثالثاً: رواية أخرى عن الإمام علي عليه السلام.
وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: ((يا علي انه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً... وبعد أن يذكر الأئمة الاثني عشر عليهم السلام واحداً واحداً بأسمائهم يقول صلى الله عليه وآله وسلم: عن الإمام الثاني عشر عليه السلام: فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين)).(10)
يقول في كيفية الاستدلال بهذه الرواية:
وهي رواية صريحة وواضحة الدلالة بكون هذه الشخصية هو من ذرية الإمام المهدي عليه السلام وهو وصي الإمام المهدي عليه السلام.
رواية الأصبغ بن نباتة:
قال الأصبغ بن نباتة: ((أتيت أمير المؤمنين علياً عليه السلام ذات يوم فوجدته مفكراً ينكت في الأرض فقلت: يا أمير المؤمنين تنكت في الأرض، أرغبةً منك فيها؟ فقال عليه السلام: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا ساعة قط، ولكن فكري في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ويكون له غيبة وحيرة تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون. فقلت: يا أمير المؤمنين، وكم تكون الحيرة والغيبة؟
قال عليه السلام: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين
فقلت: وإن هذا لكائن
قال عليه السلام: نعم كما انه مخلوق، وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ، أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة)).
يقول ضياء الزبيدي في الاستدلال بهذا الحديث:
((وهذا الولد هو ابن الإمام المهدي عليه السلام لأن الإمام المهدي عليه السلام هو الحادي عشر من ولد علي عليه السلام والذي من صلبه هو من نتكلم عنه الممهد للإمام سلطانه)).(11)
حديث الإمام علي عليه السلام:
فقد ورد عن الإمام علي عليه السلام قوله: ((يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته من المشرق...)) يقول ضياء الزبيدي:
((وهي رواية صريحة في أن هذا الرجل من نسل الإمام المهدي عليه السلام ويكون خروجه قبل ظهور الإمام المهدي عليه السلام... ثم يقول: ولو لم يكن إلا هذه النقطة لكفت لاثبات رسالة السيد أحمد الحسن)).(12)
حساب أعداد الحروف:
هل هناك أدلة أخرى يستدلون بها؟
نعم يستدل أحمد الحسن نفسه على إمامته ووصايته ورسالته بحساب الحروف حيث ان لكل حرف من الحروف في اللغة العربية رقماً من الأرقام كما يعرفه أهل هذا الاختصاص.
اسمع واقرأ ما يقوله أحمد الحسن في الاستدلال:(13)
1 ـ من نجمة داود=40 وأحمد الحسن=40
اذن (من نجمة داود= احمد الحسن)
وهكذا:
من هو أحمد=37
هو رسول المهدي=37
ما هو كتاب الله=37
هو القرآن الكريم=37
النبأ العظيم=37
وفي هذا الزمان فإن وصي الإمام المهدي عليه السلام هو النبأ العظيم، لأن النبأ العظيم فيه خصومة وخلاف ((قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإَِ الأَْعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ)).(14)
ويستمر صباح الزيادي في هذه الحسابات في ختام كتاب بيان الحق والسداد فيقول: من هو قائم آل محمد=51
هو أحمد الحسن=51
هو نائب الإمام المهدي=51
هو ابن الإمام المهدي=51
هو نجمة الصبح=51
هو ابن ياسين والذاريات=51
هو حبل الله المتين=51
معالم الشخصية:
وفيما عدا هذه الاستدلالات فإن هناك نموذج آخر من الاستدلال يعتمد على القول إن معالم الشخصية التي حدّدتها النصوص الشريفة لليماني الذي يظهر قبل الإمام المهدي عليه السلام كلها تنطبق على شخصية أحمد الحسن، كما يؤكد أنه هو المقصود بتلك النصوص.
يقول ضياء الزيدي:(15)
((أشارت روايات أهل البيت عليهم السلام إلى أن هناك شخصية يسبق ظهورها ظهور الإمام المهدي عليه السلام والروايات ذكرت وحدّدت معالم هذه الشخصية وهويتها وحركتها بصفات محدّدة وعلامات واضحة، وتكون هذه الشخصية هي القائد لحركة الظهور، ومؤيده.. من قبل الإمام المهدي عليه السلام بصورة مباشرة)).
ويمكن اجمال علامات هذه الشخصية في رواياتهم في النقاط التالية:
أولاً: ان الشخصية الأساسية الممهدة منحصرة بذرية الإمام المهدي عليه السلام
ثانياً: ان الشخصية الأساسية تكون محددة ومنحصرة بمدينة البصرة.
ثالثاً: ان الشخصية الأساسية تأتي محاججة ومستندة بالقرآن الكريم.
رابعاً: ان الشخصية الأساسية هي التي يتوجب عليها حمل السلاح.
خامساً: ان الشخصية الأساسية يكون فيها الابتلاء والتمحيص للأمة.
وإلى هذه العلامات الخمس ودلالتها بالتحديد على شخصية أحمد الحسن باعتباره المهدي الأول، والممهد لقيام الإمام المهدي عليه السلام يقول:
((وهنا نقول حدّد أهل البيت صفاته فاقرأها في النقاط القادمة في صفات صاحب التمهيد أو المهدي الأول في النقاط الخمس التالية))(16)
ثم استعرض العلامات الخمس التي نقلناها عنه في السطور السابقة.
معتمداً على:
ان (أحمد الحسن) هو وحده من تتوفر فيه هذه العلامات الخمس، فهو من ذرية الإمام المهدي عليه السلام وهو من البصرة، وهو الذي يحاجج بالقرآن، وهو الذي يحمل السلاح، وهو الذي يبتلى به الناس.(17)
النقد العلمي للاستدلالات السابقة:
قاعدة العلم واليقين:
ما هي القيمة العلمية للاستدلالات السابقة؟
وما هي القيمة الشرعية لها حينما نتعامل معها على أساس منهج الشريعة الإسلامية في الاستدلال؟
من الناحية العلمية، وكما هو من الناحية الشرعية لا قيمة لأي دليل ما لم يبلغ مستوى اليقين، أمّا إذا كان بمستوى الظن والاحتمال فإنه يعتبر ساقطاً عن الحجية والاعتبار، ولا يحمل أية قيمة علمية، بل يكون منهياً عن أتباعه كما يقول القرآن الكريم:
((وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)) ((وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)).
وكما يقول المنهج العلمي في البحث ((إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال)) على ضوء هذه القاعدة وهي ((قاعدة العلم واليقين)) يجب أن نناقش الاستدلالات السابقة، حيث ستنهار بسرعة أمام هذه القاعدة ولا يبقى لها أية قيمة علمية، وتتحول إلى ظنون وأقاويل وادعاءات لا يجوز اعتمادها، بل يجب الحذر منها لأن ((بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)).(18)
قاعدة (اتباع المحكمات) والنهي عن اتباع المتشابهات:
ومن ناحية ثانية نجد ان القرآن الكريم وحذراً من التلاعب بأفكار الناس واستغلال بساطتهم ينهى عن اتباع المتشابهات القرآنية، والتي هي آيات قرآنية مقدسة لكنها تحمل مجموعة وجوه واحتمالات، ويعتبر أن منهج الاعتماد على المتشابهات في مقابل الواضحات المحكمات هو منهج المنافقين الذين في قلوبهم زيغ وانحراف، بغية إيقاع الفتنة في وسط الناس وتحريف القرآن عن مقاصده الحقيقية حيث يقول القرآن:
((آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)).(19)
ومن هنا فإن جميع المذاهب الإسلامية وبلا استثناء قديماً وحديثاً يعتمدون على قاعدة واضحة وبديهية وهي ضرورة ((اعتماد المحكمات والابتعاد عن المتشابهات)) لأن المتشابهات هي موضع الجدل والاحتمالات المتعددة التي يمكن أن يجرّها كل فريق الى مدعياته.
وفي ضوء هذه القاعدة الواضحة والتي لا يستطيع أن ينكرها أحد من المسلمين سوف تنهار مرة أخرى وبسرعة كل الاستدلالات الوهمية التي جاءت لجرّ بعض الآيات القرآنية الى مدعيات (أحمد الحسن) فإنها في كل الأحوال وبدون أي جدل من اعتماد المتشابه المنهي عنه، والذي هو من أساليب المنافقين ((الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ)) كما عبّر القرآن الكريم.
ادعاءات أحمد الحسن في ضوء المنهج العلمي:
كان هذا عرضاً اجمالياً في المنهج الاستدلالي، ولو دخلنا في التفصيل ـ ولا نجد أنفسنا مضطرين إليه الا بمستوى إلفات نظر القارئ الكريم ـ فإننا سنلاحظ ما يلي:
1 ـ لا يمكن الاعتماد والاستدلال بالرؤى والأحلام مهما كانت في تحديد الموقف الفكري العقيدي أو الموقف الشرعي التعبدي.
2 ـ لا يمكن الاعتماد والاستدلال بالاستخارة أيضاً، وفي كلا المجالين الفكري والتعبدي.
3 ـ لا يمكن الاعتماد على ادعاءات الكشف التي تحصل لدى بعض المؤمنين من خلال رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أهل بيته ـ في عالم اليقظة لا في عالم المنام: على صحة ادعاءات أحمد الحسن!! كما يقول الاستدلال الثالث من أدلة أحمد الحسن.
4 ـ كما لا يمكن اعتماد ادعاءات هي بنفسها تحتاج الى دليل مثل (الدعوة الى الحق والطريق المستقيم وإقرار حاكمية الله) فإن جميع المؤمنين ومن كل الاتجاهات والمذاهب يقولون بأنهم هم الدعاة إلى الحق والطريق المستقيم وإقرار حاكمية الله. فهذا ادعاء يقبل تفاسير متعددة، وكلٌ ينشر بطريقته فلا نستطيع ـ علمياً ـ أن نعتمد على مجرد الادعاء، كما جاء في الدليل السابع من أدلة أحمد الحسن.
5 ـ وهكذا أيضاً الدعوة الى المباهلة، وقَسَم البراءة، والمطالبة بالمعجزة.. كما جاء في الدليل 10 و11 و12 من أدلته. فإن مثل هذه الدعوات يمكن أن تنطلق من كل أحد، وكل مذهب، وكل حزب، كما يمكن أن يردّها الطرف الآخر على صاحب الادعاء نفسه فيطلبون منه المباهلة، وقسم البراءة، والمطالبة بالمعجزة.
وليبدأ هو أيضاً بقسم البراءة الذي يطلبه من خصومه، وإذا كان لديه معجزة فلماذا لا يظهرها؟ وهل يتوقف إظهار المعجزة على أن يطالبه الفقهاء بذلك!؟
لقد قال جحا مرة إن عدد النجوم في السماء عشرة ملايين وخمسمائة وعشرة آلاف ومن لم يصدق فليبدأ ويعدّ النجوم!!
ان هذه المطالبات هي مطالبات كاذبة ومخادعة، فلو قلتَ له تعال نتباهل، سيقول إن ظروفي الأمنية لا تسمح، وهكذا لو قلت له تعال أنت وأقسم قسم البراءة من الله تعالى إن كنتَ كاذباً... وهل يمكن إثبات قضية عقائدية بهذه الطريقة!!
ومثل ذلك حينما يوجه الدعوة للعلماء لمناظرته بالقرآن، والانجيل والتوراة، كما جاء في دليله التاسع، فهل هو مستعد لمناظرة واحد من طلاب العلوم الدينية في ندوة مفتوحة حتى يسمح له العلماء بمناظرته مباشرةً؟ وما معنى فرض هذه المطالب على الآخرين الذين ينتجبهم هو دون غيره، إن ذلك مثل ذلك اللاعب الرياضي الذي يقول أنا أفضل لاعب دولي في العالم ومن لم يصدق فليوفر لي لعبة دولية وسوف ألعب معه. أو مثال ذلك الذي يقول أنا أفضل مهندس معماري ومن لم يصدق فليسلمني أضخم عمارة لأبنيها له!!
وأما الادعاء بأن لديه إخبارات غيبية فليته كشفها للناس ليسمعوها ويعرفوا ما إذا كان صادقاً أم كاذباً، وأين معجزاته إن كانت لديه معجزات، كما جاء في دليله الثاني، فكم هو جميل أن يرى الناس معجزة من معجزاته ليقيم عليهم الحجة والبرهان، وتذعن له قلوب الناس بالقبول والتصديق.
ولعل من ألطف تلك الأدلة هو الدليل الثالث الذي يقول إنه يعرف المحكم والمتشابه من القرآن الكريم، فما قيمة هذا الادعاء من الناحية العلمية؟ وبامكان كل أحد أن يقول أنا أعرف تأويل القرآن وأعلم بذلك من غيري، ثم ينشر ويؤول كما يريد دون أي دليل على صحة ادعائه، ولو سألته عن الدليل قال أخبرني بذلك المهدي، أو هكذا قذف الله في قلبي!! وما شئت من أمثال هذه الألاعيب.
اسمعوا لما يقول:
((أدعو كل المسلمين وعلماء المسلمين للرد على مسألة واحدة فسرّتها وأحكمتها وأنا العبد الفقير الى رحمة ربه بكلمات قليلة وهي معنى اللهم صل على محمد وآل محمد، وعلة طلب (اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على ابراهيم وآل إبراهيم) وبعكسه فقد أعجزتكم علمياً وبمسألة ترددونها كل يوم في صلاتكم منذ ألف واربعمائة عام وأنتم لا تفهمون معناها وهي الصلاة على محمد وآل محمد، ويتبين غناي عنكم وفقركم واحتياجكم إليّ فثبت حجتي عليكم شئتم أم أبيتم وبنفس طريقة آبائي الأئمة عليهم السلام ولعنة الله على كل حاسد متكبر لا يؤمن بيوم الحساب)).(20)
أليس هذا الكلام يستحق السخرية بدل النقد!؟ ولنفترض أنه قدّم لنا تفسيراً معيناً لهذه الصلوات فكيف يبرهن على انه هو وحده التفسير الصحيح الذي غاب عن كل المسلمين!؟
الاستدلال باعداد الحروف:
ومن أغرب المخادعات التي استخدمها هو تطبيق الآيات القرآنية على اسمه مثل (رسول مبين) في سورة الدخان، و(جندنا الغالبون) في سورة الصافات. حيث يفترض ان عدد حروف (رسول مبين) هي نفس عدد (أحمد الحسن) وكذلك (جندنا الغالبون)!!
ولكننا لو اعتمدنا هذا الدليل لكشف لدينا عن غرائب وأعاجيب فربما تطابقت الأعداد مع (الشيطان الرجيم، ومع (عدواً من المجرمين) وهكذا حيث لا يوجد أي مقياس سوى أرقام كل حرف.
ومن اللطيف أن بعض الناس ردّ عليه فقال:
ان قولك (من هو احمد = هو رسول المهدي) من حيث عدد الحروف كما جاء في استدلالاته السابقة، ينقض عليه أن عدد حروف من هو سعد، ومن هو طاهر، ومن هو وعد يساوي أيضاً عدد حروف رسول المهدي حيث مجموع حروفها 17.
فأجابه قائلاً: (جميع هذه الأسماء لي فأنا سعد النجوم، ونجمة الصبح، ودرع داود، وأنا الطاهر، وأنا وعد غير مكذوب).(21)
لعل أمثال هذه المناقشات هي التي يشير إليها الإمام علي عليه السلام حين يقول:
((ما خاصمني جاهل إلا وغلبني)).
لأن الجاهل لا يستحي من أن يفتعل كل ادعاء، ويكذّب بكل حقيقةً، ويرد عليك حتى البديهة!!
علامات الشخصية عامة:
ونصل إلى علامات الشخصية التي طبقها على نفسه وثبت له بالتأكيد ـ طبعاً ـ انه هو وحده المقصود منها!!
هو ابن المهدي، ومن البصرة، ويجادل بالقرآن، ويجب عليه حمل السلاح، وسوف يبتلى الناس به ويمحّصون من خلاله.
لنفترض أن كل العلامات صحيحة وأكيدة في الروايات التي تبشر بشخص يظهر قبل المهدي عليه السلام لكن ألا يحتاج إلى أن يبرهن لنا كيف كان هو المقصود بها دون سواه!؟
على طول التاريخ هناك من يظهر باسم المهدي ويطبق على نفسه مجموعة علامات أخرى وهي كثيرة ومتناثرة هنا وهناك. ولنفترض جدلاً انها صحيحة، ولا نريد أن نثقل السامع ونجره إلى البحث عن أسانيد تلك الروايات ومدى صحتها من سقمها، ومدى تعارض بعضها مع البعض الآخر، وهي على كل الأحوال لا تستطيع أن تشكل أكثر من احتمالات لا قيمة علمية لها، ولا يمكن اعتمادها لتكوين المعتقد الشرعي.
إذا كان يدعي انه هو ابن المهدي فإن غيره قد ادعى انه هو المهدي نفسه، فماذا يصنع الناس بهذه الادعاءات بدون دليل إلا بجميع الشواهد العامة التي ليست فيها أية دلالة. فالجدل بالقرآن هو شأن الجميع الذين يدعون المهدوية، وكذلك حمل السلاح، وكذلك ابتلاء الناس بهم!!
ونفترض جدلاً أن المهدي عليه السلام له ابن، وان ابنه من البصرة، فمن قال إن أحمد اسماعيل هو ابنه، وربما يكون الدجال أيضاً من البصرة كما تقول بعض الروايات التي لا تحضى جميعها بقيمة علمية، فهل يسمح لنا أحمد الحسن أن نقول ربما يكون هو الدجال بهذا الدليل أو أمثاله!؟
العجيب طبعاً إن هؤلاء يقومون بتقطيع أوصال الروايات ليستشهدوا بصدر الرواية التي تفيد مدعاهم، ويحذفوا ذيلها الذي يكذّب مدعاهم.
ولنذكر مثلاً واحد لذلك وسائر مالديهم هو من هذا القبيل..
تذكروا الرواية عن الإمام علي عليه السلام التي قال فيها: ((يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته من المشرق))
فقد قال أنصار أحمد الحسن لدى استدلالهم بهذه الرواية ((لو لم يكن الا هذه النقطة كلفت لاثبات رسالة السيد أحمد الحسن)).(22)
لكنك لو راجعت النص الكامل للرواية لوجدته كالتالي:
((يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق، يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر، يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس، فلا يبلغه حتى يموت)).(23)
وحينئذ فلو كانت الرواية ثابتة وصحيحة وأردنا الاستدلال بها فإنها تؤكد بشكل واضح أن هذا الرجل سوف يموت قبل أن يصل بيت المقدس. في الوقت الذي يقول أحمد الحسن انه هو الذي يبقى بعد وفاة الإمام المهدي عليه السلام ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.(24)
لابد أن نؤكد مرة أخرى اننا لا نريد الاستدلال بهذه الرواية بمقدار ما نريد أن نؤكد على طريقة المخادعة والتقطيع للنصوص التي يستخدمها هؤلاء، وبالطريقة التي تحدث بها القرآن الكريم عن اسلوب المنافقين ((نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ)) وإذا عدنا إلى (وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم) والتي يقول فيها ـ ((فليسلمها إلى ابنه أول المهديين..)) وعلى تقدير التسليم بصحتها من الناحية السندية والابتعاد عن مناقشة هذه الروايات سندياً وهكذا الصمت على اختلاف المتن فانها في الاصل(اول المقرين) وليس المهديين.
فالسؤال الواضح والبسيط هو كيف يبرهن أحمد الحسن على انه هو ابن الإمام المهدي الذي يستلم الراية بعده!؟ على أن الوصية لا تتحدث عن ظهوره قبل أبيه، إذن فليسمح الآن أحمد الحسن أن ننتظره بعد قيام أبيه، وعندما يسلّمه أبوه الراية!! أمّا الآن فنحن لا نعرف أي دليل صحيح يسمح لنا بتصديقه قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام.
وتبقى رواية الأصبغ بن نباتة عن الإمام علي عليه السلام والتي اعتبروها أكبر الأدلة على إمامة أحمد الحسن!! حيث يقول فيها الإمام علي عليه السلام:
((ولكن فكري في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً...))
فهذه الرواية واردة بنسختين أحدهما تقول (ظهر الحادي عشر) والثانية تقول (ظهري الحادي عشر) والإمام المهدي عليه السلام هو الحادي عشر من ولد الإمام علي عليه السلام فيكون المعنى المقصود على النسخة الثانية ((مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي)) هو الإمام المهدي عليه السلام لا ابن الإمام المهدي عليه السلام.(25)
ومع هذا التعارض في النسخ كيف يمكن الاعتماد عليها لاثبات مطلب عظيم جداً يدخل بسبب الابتعاد عنه جميع الناس في جهنم!! كما يقول، هل يجوز التعامل مع القضايا العقائدية بهذه الطريقة.؟!!
على أن هذه الطريقة في فهم الرواية تجعل أحمد الحسن هو المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً وسيكون دوره هو الدور الأكبر لا دور الإمام الحجة المعصوم عليه السلام، وهذا ما يصطدم مع الرواية الثابتة باليقين ومئات النصوص ولدى جميع المسلمين، وهو تهميش واضح لدور الإمام المهدي عليه السلام وسرقة لجهوده.
نحن لا نجد أنفسنا بحاجة إلى مناقشة الرواية ومدى دلالتها، لأن منهج الاعتماد على روايات الآحاد غير اليقينية في إثبات العقائد الإسلامية، ثم استنتاج مواقف عملية كبرى مثل وجوب الطاعة على جميع الخلق وإلاّ دخلوا النار وضلوا عن الصراط، إن مثل ذلك المنهج أمر لا يقبله أحد في المسلمين وعلى كل المذاهب الإسلامية.
لا حجية بدون وضوح كامل:
هل يمكن من الناحية العقلية والعلمية أن يحاسب الله تعالى عباده على أساس الظنون والاحتمالات ودون أن يقيم عليهم الحجة وينصب لهم البينة الواضحة الكاملة؟
لاشك أن النظرية الإسلامية، والأدلة العقلية أيضاً لا تسمح بذلك، والقرآن يقول: ((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)) وهكذا كانت كل دعوة الأنبياء واضحة وضوح الشمس حتى لو كذّبها الأعداء ((وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ)).
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الصادق الأمين عند قومه قبل أن يبعث، فهو شخصية لا غبار عليها، وهكذا كان إبراهيم عليه السلام، وكان موسى، وكان عيسى الذي تكلم في المهد... وكذلك كان كل الأنبياء شخصيات واضحة، معروفة بالصدق والاستقامة، ودعوتهم أيضاً واضحة مكشوفة لا لبس فيها ولا التباس، رغم تكذيب الجاحدين، وهكذا نجد ظهور صاحب العصر والزمان الإمام المهدي عليه السلام فإن غيبته الطويلة ورغم ما يصاحبها من شكوك، لكن ظهوره سيكون صارخاً واضحاً كالشمس لا يدع لأحد مجالاً للشك.
إننا لا نريد أيضاً ان نستشهد بعشرات بل مئات الروايات اليقينية التي توجب القطع واليقين والتي تؤكد على فكرة واحدة هي وضوح الحقيقة عند ظهوره، ومن خلال مجموعة دلائل مثل النداء من السماء الذي يسمعه أهل المشرق والمغرب وغير ذلك.
وخاصة فيما ينفتح أمامه المجال للدجل والتدليس أن نتبع اليقين، وننتظر البراهين القاطعة مثل وضوح الشمس ولا نتحرك بدون ذلك.
وهكذا ستكون قضية ظهور صاحب الأمر والزمان عليه السلام.
وفي هذا الضوء كيف نقبل خروج مبعوث مرسل له لا يملك دليلاً ولا حجةً على مدعاه، ويطالب الناس بطاعته التامة ومخالفة جميع العلماء والفقهاء الباقين، ثم يحكم بدخول جميع من عصاه وخالفه نار جهنم، وربما كان أولئك الناس المساكين لم يثبت لديهم الدليل على رسالته ووصايته!!
هذا ما سنقف عنده أيضاً في الموضوع التالي:

الهوامش:
(1) قال أحمد الحسن (إني من ذرية الإمام المهدي عليه السلام واني وصيه، واني المهدي الأول من ولد الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري روحي فداه) بيان الحق والسداد/ ج2/ ص14.

(2) (فالفارق بين الظهور والقيام هو ان الظهور كائن ببروز الحركة التمهيدية الاعتقادية الحقة.. والقيام أمر مترتب على الظهور، ولا يمكن الوصول الى القيام إلا بعد أن تمر مرحلة الظهور). 10 ـ 11 من كتاب يحيى العصر، تأليف: ضياء الزبيدي إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام العدد 43.


(3) أنظر بيان الحق والسداد/ ج2/ ص12.

(4) كتاب (العِجل) المقدمة/ ضياء الزبيدي.

(5) الشعراء: 10 ـ 15.

(6)الدخان: 13 ـ 16.

(7) بيان الحق والسداد ج 2/ 22.

(8) الصافات: 171 ـ 173.

(9) بيان الحق والسداد/ ج2/ 22.

(10) يحيى العصر/ 25 نقلاً عن الغيبة للشيخ الطوسي ص 150.

(11)يحيى العصر: 27.

(12) يحيى العصر/ 24.

(13) بيان الحق والسداد ج2 ص 24.

(14)ص: 67ـ 69.

(15) أنظر يحيى العصر/ 23/ ضياء الزيدي.

(16) يحيى العصر/ 21.

(17) المصدر السابق/ 23 وما بعدها.

(18) الحجرات/ 12

(19) ال عمران/7

(20) بيان الحق والسداد/ 20.

(21) بيان الحق والسداد/ 16.

(22) يحيى العصر: 24.

(23) كتاب الفتن لابن نعيم/ ص 198 وشرح احقاق الحق ج 29 للمرعشي ص 572، كما نقله صاحب كتاب (يحيى العصر) في موضع آخر من الكتاب في الصفحة 38.

(24) انظر كتاب (سامري عصر الظهور) تأليف الشيخ ناظم العقيلي ص 86 حيث يؤكد ان احمد الحسن هو الذي يبقى بعد الإمام ويملؤها قسطاً وعدلاً.


(25) أنظر ذلك الاختلاف في النسخ/ أصول الكافي/ للكليني وكذلك كتاب الغيبة للشيخ الطوسي. كما جاء تأكيد هذا الاختلاف في النسخ في كتاب يحيى العصر/ 83.


http://www.m-mahdi.com/temp/0014.htm







--- التوقيع ---



مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM

منقول..
احمد امين
عضو جديد
مشاركات: 124
اشترك في: الاثنين نوفمبر 19, 2007 4:22 pm

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة احمد امين »

المقال الخامس عشر: الرؤية بين الصدق والدجل وحكمها

ظاهرة الغيبة: عاشت مرحلة الغيبة الصغرى (260هـ) إلى (329هـ) وهذه الحقبة الزمنية لها خصوصيتها فهي حقيقة واقعية خاضتها شريحة من الناس ورواد هذه الفترة هم:
1 _ جملة من أصحاب الإمام الجواد والهادي والعسكري عليهم السلام.
كعلي بن جعفر أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، وقد رأى خمسة من الأئمّة عليهم السلام، وداود بن أبي يزيد النيسابوري، محمّد بن علي بن بلال، عبد الله بن جعفر الحميري، إسحاق بن الربيع الكوفي، أبو القاسم جابر بن يزيد الفارسي، إبراهيم بن عبيد الله بن إبراهيم النيسابوري.
2 _ وجملة من وكلاء الإمام كمحمّد بن أحمد بن جعفر، وجعفر بن سهيل، ومحمّد بن الحسن الصفار، وعبدوس العطار، وسندي بن النيسابوري، وأبي طالب الحسن بن جعفر الفافاء، وأبي البختري.
3 _ نواب الإمام الأربعة: عثمان بن سعيد العمري، محمّد بن عثمان، الحسين بن روح، علي بن محمّد السمري.
4 _ مجموعة من العلماء الفقهاء كالكليني، والصدوق وأبيه.
5 _ مكاتباته عليه السلام ومراسلاته.
6 _ قاعدة جماهيرية تحمل ثقافة الارتباط بالإمام المنصوب والاعتقاد بالأئمّة السابقين ويحملون هوية معينة وانتماءً خاصاً واعتماداً في مجال العمل على طريقة فقهية معينة، فبعد الإمام العسكري إلى من رجعوا.
وسيأتي فيما بعد شيء متمم.
وهذه المجاميع تحمل خصوصيات فكرية وسلوكية تعكس لنا فوائد جمة.
واتفق الجميع أن طريق الاتصال بالإمام هو عن طريق النواب ولم ينعكس لنا من هؤلاء الرغبة في رؤيته عليه السلام بل كان مفروغاً عندهم ذلك، فإذا كانت مسألة الرؤية للإمام في ظرف الغيبة الصغرى كمال ومحبوب فلِمَ زهد الوكلاء والأصحاب والعلماء وأهل الإيمان عن ذلك مع شدة حرصهم على الإتيان بالنوافل، بل قد حفظ لنا التاريخ أنهم طلبوا منه عليه السلام أموراً أخرى، منها: سؤال والد الصدوق من الحسين بن روح أن يسأل مولانا الصاحب عليه السلام أن يدعو الله عز وجل أن يرزقه ولداً ذكراً، أو الأسئلة التي رفعت إليه عليه السلام فقد روى الطوسي في غيبته: (... إلى أن قال: حدّثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة... وهي سنة تناثر الكواكب بأن والدي رضي الله عنه كتب إلى الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه يستأذن في الخروج إلى الحج...)(1) الخبر.
وعن الكليني قال: كتب محمّد بن زياد الصيمري يسأل صاحب الزمان كفناً يتيمن بما يكون من عنده(2).
أو طلب الزراري إصلاح أمره مع زوجته أم عبّاس كما في الغيبة، وأما في ما ورد في الروايات من الدعاء: «اللهم أرني الطلعة الرشيدة، والغرة الحميدة، وأكحل ناظري بنظرة مني إليه...»(3) فهو كناية عن التمني في التشرف تحت لواءه والانضمام في مشروعه ولو على سبيل عصر الرجعة، بل لنا أن نقول في تتبعنا ارتباط الأمّة بالقيادة في حل مشاكلها في زمن الأئمّة المعصومين لاسيّما في زمن الجواد والهادي والعسكري عليهم السلام لم يظهر لدينا أنهم كانوا يحبذون اللقاءات المباشرة إنما أنشاؤا في زمانهم أو فعلوا فكرة النيابة والوكالات، وقد عمل الإمامان (الهادي والعسكري) خصوصاً حينما كانا في سامراء على تعميق نظام الوكالة وإن هرم النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي نصب على نظام الوكالة، بل هذا النظام كان معمولاً به أيضاً في زمن الأئمّة السابقين (بسبب الإرهاب السياسي والسجن وانتشار الشيعة في مناطق مختلفة تبتعد عن الأئمّة في الغالب) نعم تكثف وأخذ بعداً جديداً بعد الإعداد للغيبة واحتجاب الأئمّة المتأخرين، روى الطوسي: في رواية محمّد بن عيسى قال: كتب العسكري عليه السلام إلى الموالي ببغداد والمدائن والسواد وما يليها: «قد أقمتُ أبا علي بن راشد مقام علي بن الحسين بن عبد ربه، ومن قبله من وكلائي».
وفي حديث آخر قال: سألته وقلت: من اُعامل وعمّن آخذ وقول من أقبل؟ فقال: «العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع فإنه الثقة المأمون»، قال: وسألت أبا محمّد عن مثل ذلك فقال: «العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان».
وفي خبر عبد العزيز بن المهتدي والحسن بن علي بن يقطين جميعاً عن الرضا عليه السلام قال: قلت: لا أكاد أصل إليك أسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: «نعم».
وعن عبد العزيز بن المهتدي قال للرضا عليه السلام: إن شقتي بعيدة فلست أصِلُ إليك في كل وقت فآخذ معالم ديني عن يونس مولى آل يقطين؟ قال: «نعم».
وعن علي بن المسيب الهمداني قال: قلت للرضا عليه السلام: شقتي بعيدة فلست أصل إليك في كل وقت فممن آخذ معالم ديني؟ قال: «من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا».
وعن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مشاكل عليَّ، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان: «أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك...» إلى أن قال: «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا».
وعليه لا نسلم أن ظاهرة الرجوع إلى الفقهاء نشأت بعد الغيبة الصغرى بل حسب الرصد العلمي كانت هذه الظاهرة موجودة من الأزمنة السابقة، وكان هذا الأمر مركوزاً في الأذهان بسبب النصوص القرآنية كقوله تعالى: ((فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ(( وإنما السؤال عن كون الشخص ثقة وهذا إنما يؤكد أن الشيعة لم يرتضوا أصالة التسامح في متابعة الأشخاص، بل التحقيق هو الموجب للخروج عن عهدة التكليف والوصول إلى شاطئ التأمين وإبراء الذمة.
وكيفما كان، فأصل رؤية الإمام في حدّ نفسه كمال كرؤية العالم والكعبة والقرآن والمؤمن إلاّ أنه رؤية الأصل في عصر الغيبة الصغرى لم يعلم أنه كمال (على سبيل القضية الشرطية) وهكذا طلب الرؤية أيضاً لم يصدر من أهل العلم والفضل وأصحاب التقى والنهى والسيرة المتشرعة قائمة على الانضمام تحت لواءه، وما ورد في بعض الأدعية والأعمال الموجبة لرؤية الإمام، فالمقصود حسب الظاهر التشرف في لقاءه نعم قد تحققت الرؤية لبعض الأولياء لا لخصوص الكمال ولم يكن هناك تلازم بأن من تحققت له الرؤية فهو الأفضل، وفرق بين طلب الرؤية وحصول الرؤية، أجل على مبنى من يقول بعدالة الصحابة لمجرد الصحبة يمكن أن يدعي أن الرؤية كيفما كانت فهي كمال.
ثمّ إن المدعي للرؤية الأصل الأوّلي فيه عدم التصديق لاسيّما إذا كان يجر منفعة لصاحبه وذلك بأن يخلق لنفسه طريقة أو منهجاً أو مشروعاً خاصاً، فلا يمكن إثبات حقانية مذهبه بواسطة الرؤية واللقاء به عليه السلام فانكشف بذلك أمور:
1 _ طلب الرؤية في عصر الغيبة ليس كمالاً، وفرقٌ بين الطلب والتحقق الخارجي.
2 _ الأصل الأوّلي عدم قبول مدعي الرؤية إلاّ على سبيل القطع والاطمئنان.
3 _ تقبل الرؤية بعد إقامة الشواهد في حق من لا يقنع بهذه الدعوى ويكون خال عن الغرض، وإنما المهم عنده التأكيد على وجود الإمام.
4 _ مدعي الرؤية مدى دعواه لا تتجاوز القضايا الخارجية الشخصية دون القضايا المصيرية، بل سيرة السلف من الأصحاب على ذلك.
ولو كان أهل البيت عليهم السلام يرتضون هذه الطريقة لأمضوها سيّما أنها تعد قضية مركزية وجوهرية، بل الأمر بالعكس فقد تم تنشيط ظاهرة الوكالات العامة، وقد ورد التكذيب في مدعي الرؤية بهذا السنخ، فقد ورد: «سيأتي إلى شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر».
5 _ لا ريب أن المذهب له علة مبقية، وقد صمد هذا المذهب طوال هذه الفترة الطويلة من عصر الغيبة حتّى يومنا ولم يسجل الملف التاريخي أن سبب هذا البقاء هم دعاة الرؤية، بل المسجل أن المذهب تواصل على سواعد الكليني والطوسي والمرتضى والعلامة والشهيد وآخرين غيرهم.
6 _ هناك إطباق قولي وعملي على عدم الاعتناء لمدعي الرؤية، وهذا الاجماع يكشف أن الموقف العملي الدقيق هو ذلك.
7 _ لو تم هذا الأسلوب في تحديد المسائل المهمة للزم الهرج والمرج لأن المدعين كثيرون وهم متناقضون، ومن الملفت للانتباه أن جل هؤلاء هم أصحاب تاريخ نكرة بل بعضهم مظلم، والنظر في سلوكية هؤلاء مورد تأمل، بل الشعار الأوّل الذي رُفع عنهم عزل الأمّة عن الفقهاء الذين أكّدنا أنهم هم السبيل الذي اُمضي من قبل أهل البيت عليهم السلام قبل وبعد الغيبة.
8 _ بعد وضوح هذا الأمر خان متابعة الشواذ غير مغتفر ((وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ)) (4).
9 _ نشر الثقافة المغلوطة في بعض المجتمعات فهي سيل الهلوسة في نفوس السذج فيدعي ويتبع، أو صدور بعض التصرفات غير المدلول عليها شرعاً والموجبة للوهن بالمذهب والطعن في شموخه، وبعبارة الثقافة المنفردة تؤمن لصاحبها حظاً من المعرفة، وقد يحدث أن تؤثر هذه الثقافة بصاحبها إلى مستويات اجتماعية وتوسع من دائرة نفوذه على المستوى الجماهيري باعتبار أن الأمّة تخضع في تركيبتها إلى اعتبارات مختلفة من حيث الوعي والإدراك والمستوى الثقافي فهي تتأثر بكثير من المعطيات من دون الوقوف على خلفياتها وأهدافها وأبعادها، إنما تنساق بشكل عفوي باتجاه الأمور الجاهزة من دون مناقشة وتحليل، فالميزان هو الخضوع لاعتبارات عقلية وقواعد منطقية وأصول البحث العلمي وضوابط تميز الحق من الباطل وإلاّ يلزم غياب الحقيقة وهو منكر فطرة ومنطقاً وقانوناً ووجداناً، فلا بدَّ من (الفلتر) وصمام الأمان، فمقياسها صمودها أمام النقد العلمي وتملكها لمكوناتها العلمية ولا شفاعة للكثرة العددية ولا للواقع الاجتماعي والسياسي، فالعبرة بالكفاءة العلمية المتخصصة والمتمرسة وذات الباع الطويل في التنقيب والتحليل والتجرد عن الأهواء، فالكفاءة هي المحك العلمي والعملي في التمييز لا من يتناوشها عن بعيد بمنأى عن المراقبة والنقد.


الهوامش:
(1) الغيبة للطوسي: 322.

(2) أسندها الطوسي عن الكليني في الغيبة: 398.

(3) المزار للمشهدي: 665؛ المصباح للكفعمي: 551.

(4) الصافات: 24.







http://www.m-mahdi.com/temp/0015.htm



--- التوقيع ---



مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM


منقول..
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة مراقب »

اللهم صلي وزد وبارك على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

_ _ّ(احمد امين)ّ___


واصل جهودك اخي الكريم

مثاب ان شاء الله على ما تقدمه
صورةصورةصورة
صورة
احمد امين
عضو جديد
مشاركات: 124
اشترك في: الاثنين نوفمبر 19, 2007 4:22 pm

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة احمد امين »

المقال السادس عشر: نقد الافكار الهدامة لجماعة احمد الحسن
يتبع المقال الرابع عشر

أفكار خطرة:
هناك ثلاثة أفكار مهمة وخطرة جداً وحساسة للغاية في أطروحة هذه الجماعة وهي ما يلي:
الفكرة الأولى: تسقيط علماء الدين
انحراف جميع علماء الدين الفقهاء باعتبار أنهم غير عاملين، واعتبارهم شرّ خلق الله.
هذه الفكرة هدف جاء التأكيد عليه بشكل مكثف في كل كتابات أحمد الحسن وأنصاره حتى يبدو أنه ليس لديهم أية قضية سوى محاربة مراجع الدين وفقهاء الشريعة، أو كأنه لا خطر على الإسلام والتشيع أكبر من خطر هؤلاء، ولذا فلابد من فصل الأمة عنهم بحجة انحرافهم وبحجة انهم غير معصومين.
اسمع ماذا يقول:
(إن أهل البيت عليهم السلام وضحوا حقيقة لابد للإنسان أن يعترف بها لكثرة ورود أحاديثهم عليهم السلام حولها وهي إن علماء زمن الظهور شرار خلق الله، وبالتحديد علماء المذهب الجعفري).(1)
الفكرة الثانية:
انحراف جميع الشيعة ـ إلاّ أنصار أحمد الحسن ـ واستحقاقهم جميعاً للنار، وهو ما يسميه بالرسوب الجماعي عند الامتحان بظهور رسول ووصي الإمام المهدي عليه السلام.
(إن الشيعة سوف تخرج من حيث لا تعلم عن خط ولاية الأئمة الأطهار عليهم السلام ـ أي إن الناس بصورة عامة والشيعة بصورة خاصة استحقوا النار وفارقوا منهج أهل البيت عليهم السلام).
ثم يقول:
(ونعود بعد هذا نسأل ـ ما هو هذا الاختبار الذي يخرج الناس عن خط الولاية ومذهب آل البيت عليهم السلام ؟).
ويقول في الجواب: (يكون امتحان واختبار في الإمام المفترض الطاعة والمنصوص عليه من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتكون هذه الفتنة قبل قيام القائم).
ثم يقول:
(فمعشر الشيعة وهم معروفون بولاية أهل البيت عليهم السلام سوف يمحّصوا بإمام زمانهم إذا خرج القائم عليه السلام ويفارقوا المسير الذي ساروا عليه لمدة من الزمن ويستبدلهم الله بقوم آخرين بعيدين كل البعد عن مسيرة الخط الإلهي).(2)
الفكرة الثالثة: الانتخابات منهج باطل(3)
يقول أحمد الحسن:
(والمهم إن على عامة الناس أن يجتنبوا اتباع العلماء غير العاملين، لأنهم يقرون حاكمية الناس والانتخابات والديمقراطية التي جاءت بها أمريكا (الدجال الأكبر) وعلى الناس إقرار حاكمية الله واتباع الإمام المهدي عليه السلام ويقول: (فنحن الشيعة نعترض على عمر بن الخطاب انه قال شورى وانتخابات واليوم أنتم يا فقهاء آخر الزمان تقرون الشورى والانتخابات، فما عدا مما بدا).
نقد الأفكار الهدّامة:
لا نعتقد اننا بحاجة إلى نقد هذه الأفكار الهدامة والتي تتناغم تماماً مع الأفكار العدائية للدين، والمعادية لتجربة الشعب العراقي الجديدة، وهي أفكار كان يؤكدها النظام السابق وعلى رأسها معاداة علماء الدين، واتهام الشيعة، كما يكرر أتباع النظام السابق والمجموعات المعادية لتحرر الشعب العراقي ونظرية بطلان الانتخابات.
لعلنا لسنا بحاجة إلى التذكير بمدى تأكيدات أهل البيت عليهم السلام على الارتباط بالفقهاء، وأنهم هم الذين يمثلون النيابة العامة عن الإمام المعصوم عليه السلام ، طبعاً مع التأكيد على العدالة والنقاء (فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه) كما جاء عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
أو الأحاديث المكرّرة في (انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا فليرتضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا ردّ والراد علينا الراد على الله وهو على حدّ الشرك).
أو الأحاديث التي تقول (فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله).
كما اننا لسنا بحاجة للتأكيد على أن عدم عصمة الفقهاء لا يسوّغ اتهامهم بالفسق والفجور والخيانة ـ كما جاء في كتابات أحمد الحسن وأنصاره في مئات المواقع ـ كما ان عدم عصمتهم لا يدل على عدم وجوب طاعتهم، فإن الطاعة ليست مشروطة بالعصمة.
نعتقد أن هذه الأساليب هي مخادعة للناس، فالطاعة ثابتة في الشريعة الإسلامية في موارد عديدة (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ).
وعلى كل الأحوال نحن نعتقد أن الإتجاه نحو ضرب علماء الدين هو اتجاه يسعى له دائماً أعداء الدين والنظم المستبدة والجماعات المنحرفة، لأن العلماء يمثلون عصمة الأمة وحصنها، كما قال سيدنا الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره:
(إن المرجعية هي الحصن الواقي لكثير من أنواع الانحراف) ولا ندري كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم أن يجعلوا أنفسهم هم المقياس في معرفة العالم العامل من غير العامل، حتى لا يبقى سوى أحمد الحسن عاملاً فقط!!
ولننتقل للحديث عن الشيعة في زمن الظهور:
هل صحيح أنهم يستحقون النار؟
هل صحيح أنهم الذين سينحرفون عن طريق أهل البيتعليهم السلام؟
كيف ينظر أهل البيتعليهم السلام إلى شيعتهم؟
أيضاً لا نريد أن نتوسع في عرض هذا الموضوع، لكن ما نريد تأكيده هو الرؤية الإيجابية لدى أهل البيتعليهم السلام تجاه شيعتهم، فهم الفرقة الناجية، وهم الذين قال فيهم الإمام الصادق عليه السلام (والله ما بعدنا غيركم وإنكم معنا في السنام الأعلى، فتنافسوا في الدرجات) وهم الذين قال فيهم أيضاً: (لا والله لا يدخل النار منكم اثنان، لا والله ولا واحد).
وأمّا عن زمن الظهور(4)
فإن روايات أهل البيتعليهم السلام تؤكد أن قوم آخر الزمان هم أفضل الأقوام.(5)
كما تؤكد الروايات الشريفة أن أول من يجتمع إلى إمام العصرعليه السلام هم الشيعة.(6)
بل تؤكد الروايات أن أسعد الناس بظهور صاحب العصر هم شيعة العراق.(7)
وكما تؤكد روايات أخرى أن زمان ظهوره هو زمان البركة والخير لشيعته وأنهعليه السلام يمسح على رؤوسهم.(8)
إننا نفهم جيداً أن شيعة أهل البيتعليهم السلام هم أهل النجاة، والفائزون بظهورهعليه السلام وأول الأنصار والمؤيدين له، لكن كلمات جماعة (أحمد الحسن) نابعة من أحقاد على جمهور الشيعة والعراقيين خاصة، وأحقاد على علماء الدين وهي نفس الطريقة التي كان يتعامل بها صدام مع الشيعة ومع العلماء.
وتبقى قضية الانتخابات:
إن الشعب العراقي حينما تقدم في مشروع الانتخابات فإنه كان ينتخب أعضاء مجلس النواب، أو مجالس المحافظات، أو مجالس البلدية، وليس بصدد انتخاب الإمام حتى يقال إن الإمام ليس بالانتخاب بل هو بالتعيين من عند الله تعالى. والعجيب أن هؤلاء في الوقت الذي يستشهدون أحياناً بكلمات (الإمام الخميني قدس سره ينسون أن الإمام الخميني دعا إلى الانتخابات وأن الجمهورية الإسلامية شهدت أكثر من 20 انتخاباً، فهل يقول هؤلاء إنها جميعاً مخالفة لمنهج الشيعة!؟
نحن نعرف أن هذه محاولات لخداع البسطاء من الناس، واستغلال طيب نفوسهم، وهي في نفس الوقت محاولة لإسقاط تجربة العراقيين كما يفعل أعداء العراق وأعداء الشيعة بالخصوص.

الهوامش:
(1) انظر كتاب (يحيى العصر) ص 50 ـ 51.

(2) يحيى العصر/ 15 ـ 19.

(3) انظر مفصلاً/ حاكمية الله لا حاكمية الناس/ أحمد الحسن/ نقله عنه ناظم العقيلي في كتابه ملحمة الفكر الإسلامي والفكر الديمقراطي ص 22 ـ 28.

(4) ومن الطريف ان أحمد الحسن يفترض أن حركته هي التي تمثل الظهور.

(5) انظر الصفحة 275 من كتاب الغيبة للشيخ الطوسي.

(6) البحار/ ج52/ 291.

(7) انظر كتاب المهدي الموعود المنتظر/ للعلامة نجم الدين العسكري/ ص 352.

(8) أنظر البحار/ ج 53 336.

المقال السادس عشر: نقد الافكار الهدامة لجماعة احمد الحسن



--- التوقيع ---



مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام


منقول..
احمد امين
عضو جديد
مشاركات: 124
اشترك في: الاثنين نوفمبر 19, 2007 4:22 pm

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة احمد امين »

المقال السابع عشر: أحمد بن الحسن ورواية من ولده


يدعي احمد إسماعيل كاطع بأنه ابن الإمام المهدي مستنداً في ذلك إلى رواية رواها الشيخ النوري في النجم الثاقب في ج2 ص69 ونقل ناظم العقيلي وغيره هذه الرواية دون أن يرجع إلى مصادر الرواية الأولية، وفي الحقيقة ان ما وجدناه بعد أن رجعنا إلى المصادر الأولية التي أشار إليها الشيخ النوري وجدنا ان الرواية مروية في الغيبة للشيخ الطوسي بغير المتن الذي يرويه الشيخ النعماني في غيبته، وهذا يدل على أن هؤلاء لا يتمتعون بأدنى تورّع فضلاً عن أن يكون سيدهم وقائدهم إلى جهنم احمد بن الحسن معصوماً، إذ كان ينبغي لهم أن يراجعوا المصادر الأولية التي نُقلت منها الرواية حتى يتثبتوا في نقلهم، ولكن هيهات أن يصدر منهم ذلك لأنهم فئة اعتادت على التصيّد في الظلام الحالك كالخفافيش، فأمثال هؤلاء يخافون من النور بل لا يبصرون فيه، فإن مجرد الفحص والرجوع إلى المصادر الأولية يَكشف حقيقتهم وزيف دعواهم كما سنقف عليه مفصّلاً في وقفات ثلاث مع هذا الخبر.
الوقفة الأولى الوقفة السندية، الوقفة الثانية الوقفة الدلالية، الوقفة الثالثة تحت عنوان تنبيه.
وقبل الدخول في أبحاث المحاور الثلاثة ننقل هذا الخبر عن غيبة الطوسي وغيبة النعماني، ففي كتاب الغيبة للنعماني في الباب العاشر في الفصل الرابع ص176 الحديث الخامس قال النعماني (واخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم من كتابه قال حدثنا عبيس بن هاشم عن عبد الله بن جبلة عن إبراهيم بن المستنير عن المفضّل بن عمر الجعفي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات وبعضهم يقول قتل وبعضهم يقول ذهب، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطّلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره، إلا المولى الذي يلي أمره).
وروى الشيخ الطوسي في الغيبة ص61 في الحديث تحت الرقم 60 قال: (وروى إبراهيم بن المستنير عن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما أطول من الأخرى حتى يُقال مات وبعض يقول قُتل فلا يبقى على أمره إلا نفر يسير من أصحابه، ولا يطلع أحد على موضعه وأمره، ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره.
وروى الشيخ في نفس الكتاب ص 162 في الحديث تحت الرقم 120، احمد بن إدريس عن علي بن محمد عن الفضل بن شاذان عن عبد الله بن جبلة عن عبد الله بن المستنير عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (ان لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات ويقول بعضهم قتل ويقول بعضهم ذهب حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره).
الوقفة الأولى: السندية:
وهذه الرواية ضعيفة السند بعبد الله أو إبراهيم المستنير سواء كانت حسب ما روى الشيخ النعماني أو الشيخ الطوسي لأن الرواية بكِلا طريقيها تمر بعبد الله أو إبراهيم المستنير، وبذلك تكون هذه الرواية غير صالحة للاستدلال بأي شكل من الأشكال.
الوقفة الثانية: الدلالية:
1- ان متن الرواية مضطرب من جهات عديدة اذ لا تنسجم مع كثرة من هم باقون على أمره عليه السلام مع طول غيبته التي استمرت إلى الآن، بل وان الكثير من الروايات تؤكد على أن هناك الكثير من الشيعة الذين يؤمنون وباقون على أمر الإمام المهدي عليه السلام وهم بالملايين.
2- ان الرواية تتحدث عن عصر ما قبل الظهور للإمام المهدي عليه السلام فهي أجنبية عن دعوى هؤلاء بالمرة.
3- ان الرواية بحسب متن الشيخ الطوسي الثاني تنفي أن يكون ولد الإمام المهدي مطلعاً على موضعه، وهذا يُشكل قرينة قوية على أن الولد على فرضه ليس مؤهلاً لأن يطلع على مكان الإمام وهو ما يقصم ظهر هؤلاء المدعين من ارتباطهم المباشر بالإمام المهدي وأنهم رسله إلى الناس كافة.
4- ان الرواية تؤكد على أفضلية شخص آخر وهو وإن كان مجهول الهوية بالنسبة إلى الرواية إلا انه مطلعٌ على مكان الإمام لأنه هو الذي يلي أمره، وليس في الرواية ولا في غيرها ما يثبت حجيةً لهذا المولى من جهة اطلاعه على موضع الإمام المهدي وولايته لأمره، وبه يتضح أن اطلاع الشخص على موضع الإمام عليه السلام أو تحمله لأمره وخدمته له لا يعني حجية ذلك الشخص.
إذن يتبيّن من هذه الأمور أن ولد الإمام المهدي على فرض القول به ليس له خصوصية بل أنه معرّضٌ به ومنكّل به في هذه الرواية من جهة عدم اطلاعه على موضع الإمام، بل ويحتمل انه لا يبقى على أمر الإمام.
الوقفة الثالثة: تنبيه
ان الرواية وردت بأكثر من متن وهي بذلك تكون مجملة ولا يمكن اعتمادها، هذا إذا تنزّلنا عن ضعف سندها فالشيخ النعماني يرويها بلفظة من ولي بينما الشيخ الطوسي يرويها مرةً بغير ولي وولد، ومرةً بولد، وهذا التعدد في المتون يوجب سقوط الرواية عن الحجية، وهذا ما يؤكده هؤلاء من أن الرواية لا يجوز العمل بها إلا إذا كانت قطعية الدلالة أي ان لها وجهاً واحداً ولا تحتمل غيره، وحيث أن هذه الرواية لها أكثر من وجه من حيث الظهور، ولها أكثر من متن من حيث النقل، وهي علاوة على ذلك ضعيفة السند فتكون ساقطة عن الاعتبار والحجية.
وهكذا نرى ان دعاوى هؤلاء أو ما يسمونه بالأدلة بدأت تتهاوى وتسقط، بل هي لم تثبت حتى تسقط وليس ذلك إلا لأنهم يتشبثون بكل متشابه وكل سقيم ليزيغوا قلوب ضعفاء النفوس بعد أن زاغت قلوبهم وأصبحوا عبيداً للشيطان.




المقال السابع عشر: أحمد بن الحسن ورواية من ولده




--- التوقيع ---



مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام


منقول..
مواليه وافتخر
عضو جديد
مشاركات: 208
اشترك في: الثلاثاء مارس 11, 2008 12:20 pm

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة مواليه وافتخر »

[glow1=330099]
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد
[/glow1]
[read]
بارك الله لك هذا المجهود وجعله في ميزان أعمالك
[/read]
الجارح
عضو جديد
مشاركات: 1171
اشترك في: السبت ديسمبر 08, 2007 5:20 pm

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة الجارح »

بسم الله الرحمن الرحيم

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
احمد امين
عضو جديد
مشاركات: 124
اشترك في: الاثنين نوفمبر 19, 2007 4:22 pm

رد: مركز الدراسات ونقد افكار حركة احمد الحسن الضالة

مشاركة بواسطة احمد امين »

المقال الثامن عشر: ان الرؤيا ليست مصدراً للتشريع الا للمعصوم خاصة

إن الرؤيا ليست مصدراً للتشريع إلا للمعصوم خاصة.
قال تعالى يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ).(1)
وروى السيد البحراني في تفسيره عن الصدوق بسنده عن الحسن بن علي بن فضال ، قال(سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنا ابن الذبيحين؟ قال: يعني إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وعبد الله بن عبد المطلب، أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشّر الله تعالى به إبراهيم عليه السلامفلما بلغ معه السعي ((قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال: يا أبتِ افعل ما تؤمر)) ولم يقل له يا أبت افعل ما رأيت الحديث))(2).
وبهذا المضمون عدة روايات:_
روى المجلسي عن أمالي الشيخ الطوسي بسنده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ((رؤيا الأنبياء وحي))(3).
وروى الكليني بسنده عن ابن أذينة عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام قال: قال: ((ما تروي هذه الناصبة؟)) فقلت: ((جعلت فداك فيما ذا؟)) فقال: ((في أذانهم وركوعهم وسجودهم)) فقلت: ((إنهم يقولون: إن أبي بن كعب رآه في النوم)) فقال: ((كذبوا فإن دين الله عزوجل أعز من أن يرى في النوم))
وقال العلامة المجلسي قدس سره((قد ورد بأسانيد صحيحة عن الصادق عليه السلامفي حديث الآذان أن دين الله تبارك وتعالى أعز من أن يرى في النوم)) وقال: ((المراد أنه لا يثبت أصل شرعية الأحكام بالنوم بل انما هي بالوحي الجلي))(5).
وقد اتضح أن المقصود من أن الرؤيا ليست مصدراً للشريعة إلا للمعصوم خاصة،و أن الرؤيا المشتملة على الأمر والنهي هي أحد أقسام الوحي الإلهي.
أما الرؤيا الصادقة المشتملة على حكاية وقائع مستقبلية أي التي يكون مضمونها الأخبار_ بخلاف الرؤيا الأولى التي يكون مضمونها الإنشاء التشريعي الإلهي_فهذه أيضاً تحصل للأنبياء والرسل وهي تكون صادقة دائماً لديهم.
إذا تنبهت إلى ما سبق يتضح لك أن غير المعصوم من سائر الناس ليس له أي حظ من الرؤيا من النحو الأول وهي ما يكون فيها إنشاء أي أوامر ونواهي إلهية ونحوها من الأحكام الشرعية وإن توهم ذلك متوهم فليستيقن بأن ذلك من الشياطين، وقد أشار القرآن الكريم إلى عدة من أفعال الشياطين.
(فمنها) الهمز كما في قوله تعالى: (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ)(6).
(ومنها) النزول على الأفاك (أي الكذاب المفتري) الاثم، كما في قوله تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)(7).
(ومنها) الإستهواء كما في قوله تعالى: (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ)(8).
(ومنها) النزغ كما في قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ)(9).
(ومنها) المس كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ)(10).
(ومنها) الإز كما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)(11).
(ومنها) الإلقاء كما في قوله تعالى: (لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ)(12).
(ومنها) الإيحاء كما في قوله تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)(13). وغير ذلك من الآيات.
وعن الباقر عليه السلام قال: ((لما ترون من بعثه الله عزوجل للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأرواحهم أكثر مما ترون مع خليفة الله الذي بعثه للعدل والصواب للملائكة قيل: يا أبا جعفر وكيف يكون شيئ أكثر من الملائكة؟ قال: كما يشاء الله عزوجل. قال السائل: يا أبا جعفر إني لو حدّثت بعض أصحابنا الشيعة بهذا الحديث لأنكروه، قال: كيف ينكرونه؟ قال: يقولون إن الملائكة أكثر من الشياطين. قال: صدقت افهم عني ما أقول لك إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلالة وتزور أئمة الهدى عددهم من الملائكة حتى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الأمر قيض الله عزوجل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوا بالإفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول رأيت كذا وكذا فلو سئل ولي الأمر عن ذلك لقال رأيت شيطاناً أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيراً ويعلمه الضلالة التي هو عليها))(14).
والهمز كالعصر والنزغ الجذب للشيئ من مقره والمس كاللمس والأز كالهز وهذه الأفعال توردها الشياطين في القلوب بتوسط الخواطر والواردات والميول والتجاذب النفسي.
وعن كتاب مجالس الصدوق بسنده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: ((أن لإبليس شيطاناً يقال له ((هزع))يملأ المشرق والمغرب في كل ليلة يأتي الناس في المنام، ولهذا يرى الأضغاث))(15).
نعم الرؤيا من القسم الثاني وهي المتضمنة للأخبار والحكاية عن الوقائع المستقبلية فلغير المعصوم حظ يسير منها بحسب تقواه وصدق حديثه ولسانه وصفاء قلبه، فعن الصدوق(علي بن بابويه) بسند عن الكاظم عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرؤيا ثلاثة: ((بشرى من الله وتحزين من الشيطان والذي يحث به الإنسان نفسه فيراه في منامه)) وقال صلى الله عليه واله وسلم: ((الرؤيا من الله والحلم من الشيطان))(16).
ولاتخفى دلالة الرواية على أن الرؤيا الصادقة التي هي نصيب غير المعصوم هي ما تكون بشرى أي حاكية ومخبرة أي من القسم الثاني لا الأول وهي المتضمنة للإنشاء والتشريع.
ومثل ذلك مفاد الرواية عن الباقر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: ((أتى رجل من أهل البادية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني عن قول الله (الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أما قوله (لهم البشرى في الحياة الدنيا) فهي الرؤيا الحسنة ترى للمؤمنين فيبشر بها في دنياه، وأما قوله (وفي الآخرة فإنها بشارة المؤمن عند الموت إن الله غفر لك ولمن يحملك إلى قبرك)(17).
وروى الكليني بسنده عن أبي الحسن عليه السلامقال: ((إن الأحكام لم تكن في ما مضى في أول الخلق وإنما حدثت فقلت: وما العلة في ذلك؟ فقال: إن الله عزّ ذكره بعث رسولاً إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته فقالوا: ((إن فعلنا ذلك فما لنا؟ فوالله ما أنت بأكثرنا مالاً ولا بأعزنا عشيرة فقال: إن أطعتموني أدخلكم الله الجنة وإن عصيتموني أدخلكم الله النار. فقالوا: وما الجنة وما النار؟ فوصف لهم ذلك فقالوا: متى نصير إلى ذلك؟ فقال إذا متم. فقالوا: لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاماً ورفاتاً، فازدادوا له تكذيباً وبه استخفافاً فأحدث الله عزوجل فيهم الأحلام فأتوا فأخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك. فقال: إن الله عز ذكره أراد أن يحتج عليكم بهذا، هكذا تكون أرواحكم إذا متم وإن بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتى تبعث الأبدان))(18).
وإذا عرفت أن الرؤيا التي هي من نحو الأخبار على ثلاثة أقسام صادقة وكاذبة وتخيلات يتضح لك عدم دوام الصدق فيها ففي كتاب التوحيد للمفضل بن عمر الجعفي قال له الإمام الصادق عليه السلام: ((فكر يا مفضل في الأحلام كيف دبر الأمر فيها، فمزج صادقها بكاذبها فإنها لو كانت كلها تصدق لكان الناس كلهم أنبياء، ولو كانت كلها تكذب لم يكن فيها منفعة، بل كانت فضلاً لا معنى له، فصارت تصدق أحياناً فينتفع بها الناس في مصلحة يهتدي لها، أو مضرة يتحذر منها، وتكذب كثيراً لئلا يعتمد عليها كل الإعتماد))(19).
وعن كتاب ثواب الأعمال للصدوق قدس سره بسنده عن هشام بن أحمد وعبد الله ابن مسكان ومحمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلامقالوا: ((ثلاثة يعذبون يوم القيامة من صور صورة حيوان حتى ينفخ فيها وليس بنافخ فيها، والذي يكذب في منامه يعذب حتى يعقد بين شعيرتين وليس بعاقدهما، والمستمع من قوم وهم له كارهون يصب في أذنيه الإنك وهو الأسرب(الرصاص) ))(20).
وبعد هذا كله لعل قائل يقول: أليس قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة احد من أوصيائي ولا في صورة أحد من شيعتهم)) وحينئذ كانت رؤيا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد من أوصيائه صادقة لا محالة وهي لا يفرق فيها بين أن تكون من القسم الأول وهي ما كان فيها أمر ونهي، أو من القسم الثاني وهي الأخبار عن ما يستقبل من الأمور.
وهذه المقالة وَهْمٌ فاسد لجهات عدة:
(الأولى): أن أكثر ما روي عن الرسولصلى الله عليه وأله وسلم من رآني في منامه فقد رأني فهو بطرق العامة لا بطرق الخاصة الإمامية، وأما ما روي بطريق الخاصة فالمرحوم العلامة المجلسي على سعة باعه وتوغله في الرواية لم يذكر في كتاب البحار، في باب رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأوصياء عليهم السلام إلا رواية واحدة بهذا المضمون، ثم ذكر أنه روى المخالفون(أهل السنة) ذلك بأسانيد عندهم، ولذا قال السيد المرتضى رضي الله عنه عندما سئل عن هذا الخبر: ((وهذا خبر واحد ضعيف من أضعف أخبار الآحاد ولا معول على مثل ذلك))(21).
وهي ليست على درجة من الإعتبار وبعبارة أخرى أن حجية الرواية يشترط فيها أمور منها ما يتعلق بالسند والطريق وهو الأشخاص الذين ينقل كل منهم عن الآخر حتى يصل إلى المعصوم عليه السلامفإنهم لا بد أن يكونوا عدولاً أو ثقاتاً قد أطمئن إلى صدق لهجتهم فلا يقبل من غير العادل والثقة، قال تعالى: (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(22) وكذلك مجهول الحال فإنه لا يمكن الإعتماد عليه في النقل والحديث.
(الثانية): لو فرضنا اعتبار طريق الرواية، وفرضنا إمكان إثبات مثل هذه المسألة بخبر واحد ظني إذ لا بد فيها من اليقين والقطع، ولذلك قال العلامة المجلسي تغمده الله برحمته: ((أن الظاهر إن هذا من مسائل الأصول ولا بد فيه ن العلم ولا يثبت بأخبار الآحاد المفيدة للظن))(23).
(الثالثة): لو فرضنا اعتبار طريق الرواية وفرضنا إمكان إثبات مثل هذه المسألة بخبر واحد ظني، فإن ذلك يتم لو كنّا نحن والرواية على تقدير صحة هذه الإستفادة من معنى الرواية، وأما مع ما تقدم من الآيات القرآنية والسنة المستفيضة المتواترة معنى في أن الرؤيا المتضمنة للأمر والنهي من خصائص الأنبياء والمرسلين، فلا يمكن الإعتماد على هذه الإستفادة من الرواية ولا برفع اليد عن الدليل القطعي بخبر واحد، ولا يوسوس في ذلك إلا من ليس يتحرج في دينه ومن لا يركن إلى أوليات عقله وفطرته.
(الرابعة): توجد روايتان معتبرتان بل أكثر تدل بالخصوص على عدم صحة أن من رآهم في المنام مطلقاً ودوماً فقد رآهم عليهم السلام، فقد روى الشيخ الجليل الكشي رحمه الله في كتابه معرفة الرجال عن جبريل بن أحمد أنه حدثه محمد بن عيسى(العبيدي اليقطيني) عن علي بن الحكم عن حماد بن عثمان عن زرارة قال: قال أبو عبد الله (الصادق) عليه السلام ((أخبرني عن حمزة(24) أيزعم أن أبي آتيه؟ قلت: نعم. قال: كذب والله ما يأتيه إلا المتكون، إن إبليس سلط شيطاناً يقال له المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء، إن شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة ولا يستطيع أن يجيء في صورة أبي عليه السلام))(25).
وروي عن سعد بن عبد الله الأشعري قال: ((حدثني أحمد (بن عيسى الأشعري) عن أبيه والحسين بن سعيد(الأهوازي) عن أبي عمير عن محمد بن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي وبطرق آخر عن سعد بن عبد الله)) قال: ((حدثني محمد بن عيسى(العبيدي) عن يونس بن عبد الرحمن ومحمد بن أبي عمير عن محمد بن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي)) قال: ((كان حمزة بن عمارة الزبيدي (البربري) لعنه الله يقول لأصحابه أن أبا جعفر(الباقر) عليه السلاميأتيني في كل ليلة ولا يزال إنسان يزعم أنه قد رآه فقدر لي أني لقيت أبا جعفر عليه السلامفحدثته بما يقول حمزة))، فقال: ((كذب عليه لعنة الله ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ولا وصيي نبي))(26).
وهاتان الوايتان وإن كان يحتمل منهما الرؤية في اليقظة ولكن ذلك لا يخدش في المطلوب وهو عدم دوام المطابقة بين ما يعتقده الرائي سواء في المنام أو اليقظة أنه قد رأى الأئمة مع الواقع والحقيقة وذلك لتلبيس وخداع الشيطان للرائي وتشكل الشيطان(الذي يسمى المتكون) بصور مختلفة يغري الرائي أن تلك الصور هم الأئمة عليهم السلام مع أن تلك الصور ليست بصورهم عليهم السلام لأنه لا يستطيع التمثل والتشكل بصورهم عليهم السلام وستأتي في الفصل اللاحق نقل عدة روايات بهذا المضمون.
(الخامسة): لو رفعنا اليد فرضاً عن ما سبق، فإنما يتبع ما يرى في الشيء الذي علم من الشريعة المقدسة صحته أي كان المرئي موافقاً لظاهر الشريعة لا ما كان مخالفاً لها وذلك لكون منشأَ ودليل حجية الرؤية هي هذه الرواية التي هي واصل لنا من الشريعة، فكيف تعارض الشريعة وهل يمكن للفرع أن يستأصل ويبيد الأصل.
قال الكراجكي رحمه الله في كتابه كنز الفوائد: ((وجدت لشيخنا المفيدرضي الله عنه في بعض كتبه)).
((أن الكلام في باب رؤيا المنامات عزيز وتهاون أهل النظر به شديد والبلية بذلك عظيمة وصدق القول فيه أصل جليل))_إلى أن قال_((وأما رؤية الإنسان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو لأحد الأئمة عليهم السلام في المنام فإن ذلك عندي على ثلاثة أقسام:
قسم أقطع على صحته وقسم أقطع على بطلانه وقسم أجوز فيه الصحة والبطلان فلا أقطع فيه على حال.
فأما الذي أقطع على صحته فهو كل منام رأى فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأئمة عليهم السلام وهو الفاعل لطاعة أو آمر بها، وناه عن معصية أو مبين لقبحها وقائل لحق أو داع إليه، وزاجرعن الباطل أو ذام لمن هو عليه.
وأما الذي أقطع على بطلانه فهو كل ما كان ضد ذلك، لعلمنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإمام عليه السلام صاحبا حق، وصاحب الحق بعيد عن الباطل.
وأما الذي أجوز فيه الصحة والبطلان فهو المنام الذي يرى فيه النبي والإمام عليهما السلام وليس هو آمراً ولا ناهياً ولا على حال يختص بالديانات(27) مثل أن يراه راكباً أو ماشياً أو جالساً ونحو ذلك.
وأما الخبر الذي يروى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم من قوله: ((من رآني فقد رأني، فإن الشيطان لا يتشبه بي)) فإنه إذا كان المراد به المنام يحمل على التخصيص دون أن يكون في كل حال ويكون المراد به القسم الأول من الثلاثة الأقسام لأن الشيطان لا يتشبه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في شيء من الحق والطاعات.
(إلى أن قال) وجميع هذه الروايات أخبار آحاد، فإن سلمت فعلى هذا المنهاج وقد كان شيخي_رحمه الله_ يقول:
إذا جاز من بشر أن يدعي في اليقظة أنه كفرعون ومن جرى مجراه مع قلة حيلة البشر وزوال اللبس في اليقظة فما المانع من أن يدعي إبليس عند النائم بوسوسة له أنه نبي؟ مع تمكن إبليس مما لا يتمكن منه البشر وكثرة اللبس المتعرض في المنام.
ومما يوضح لك أن من المنامات التي يتخيل للإنسان أنه قد رأى فيها رسول الله والأئمة منها ما هو حق ومنها ما هو باطل إنك ترى الشيعي يقول:رأيت في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلاموهو يأمرني بالإقتداء به دون غيره، ويعلمني أنه خليفته من بعده وأن أبا بكر وعمر وعثمان ظالموه وأعداؤه وينهاني عن موالاتهم ويأمرني بالبراءة منهم ونحو ذلك مما يختص بمذهب الشيعة، ثم يرى الناصبي يقول: رأيت رسول الله في النوم ومعه أبو بكروعمر وعثمان وهو يأمرني بمحبتهم وينهاني عن بغضهم ويعلمني أنهم أصحابه في الدنيا والآخرة، وأنهم معه في الجنة ونحو ذلك مما يختص بمذهب الناصبية فنعلم لا محالة أن أحد المنامين حق والآخر باطل، فأولى الأشياء أن يكون الحق منهما ما ثبت الدليل في اليقظة على صحة ما تضمنه، والباطل ما أوضحت الحجة عن فساده وبطلانه وليس يمكن الشيعي أن يقول للناصبي إنك كذبت في قولك: إنك رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه يقدر أن يقول له مثل هذا بعينه.
وقد شاهدنا ناصبياً يتشيع وأخبرنا في حال تشيعه بأنه يرى منامات بالضد مما كان يراه حال نصبه بذلك أن أحد المنامين باطل وإنه من نتيجة حديث النفس أو من وسوسة إبليس ونحو ذلك، وأن المنام الصحيح هو لطف من الله تعالى بعبده، على المعنى المتقدم وصفه.
وقولنا في المنام الصحيح أن الإنسان رأى في نومه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما معناه أنه كأن قد رآه وليس المراد به التحقق في إتصال شعاع بصره بجسد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأي بصر يدرك به في حال نومه؟ وإنما هي معاني تصورت وفي نفسه تخيل له فيها أمر لطف الله تعالى له به قام مقام العلم، وليس هذا بمناف للخبر الذي روي من قوله((من رآني فقد رآني)) لأن معناه: فكأنما رآني وليس يغلط في هذا المكان إلا من ليس له من عقله إعتبار))(28).
ولهذا بحث الكثير في علم ما اصطلح عليه((بالعرفان)) عن الفارق بين الإلهام الرحماني والإلهام الشيطاني، وبين الكشف الحقيقي والكشف الكاذب غير الحقيقي، وبين الواردات الرحمانية والملكية والواردات القلبية الشيطانية والجنية.
فقد الشارح القيصري في شرحه على(فصول الحكم) لابن العربي في الفصل السادس والسابع من الفصول التي ذكرها في المقدمة.
قال((وكما أن النوم ينقسم بأضغاث أحلام وغيرها كذلك ما يرى في اليقظة ينقسم إلى أمور حقيقية محضة واقعة في نفس الأمر وإلى أمر خيالية صرفة لا حقيقة لها شيطانية، وقد يخلطها الشيطان بيسير من الأمور الحقيقية ليضل الرائي، لذلك يحتاج السالك إلى مرشد يرشده وينجيه من المهالك، والأول إما أن يتعلق بالحوادث أولا.
فإن كان متعلقاً بها فعند وقوعها كما شاهدها أو على سبيل التعبير وعدم وقوعها حصل التمييز بينهما وبين الخيالية الصرفة وعبور الحقيقة عن صورتها الأصلية إنما هو للمناسبات التي بين الصور الظاهرة هي فيها وبين الحقيقة ولظهورها فيها أسباب كلها راجعة إلى أحوال الرائي وتفصيله يؤدي إلى التطويل.
وأما إذا لم يكن كذلك(أي الرؤيا غير الإخبارية بالمستقبليات) فللفرق بينها وبين الخيالية الصرفة موازين يعرفها أرباب الذوق والشهود بحسب مكاشفاتهم، كما أن للحكماء ميزاناً يفرق بين الصواب والخطأ وهو المنطق.
(ومنها): ((ما هو ميزان عام وهو القرآن والحديث المنبئ كل منهما على الكشف التام المحمدي صلى الله عليه وآله وسلم )).
(ومنها): ((ما هو خاص وهو ما يتعلق بحال كل منهم القابض عليه من الإسم الحاكم والصفة العالية عليه وسنومي في الفصل التالي(أي السابع) بعض ما يعرف به إجمالاً))(29).
أقول: ((فترى أن الميزان عندهم لكون ما يرد على القلب وما ينكشف له_سواء بالرؤية في المنام أو في اليقظة أو بغير الرؤية من الإلهام القلبي وغيره_الميزان بين الحق والحقيقي منه والباطل والشيطاني والخيالي الذي لا واقعية له هو القرآن الكريم والسنة المطهرة)).
وقد برهن الشارح القيصري على ذلك بحسب مصطلح علم العرفان بقوله في الفصل السابع.
((ولما كان كل من الكشف الصوري والمعنوي على حسب استعداد السالك ومناسبات روحه وتوجه سره إلى كل من أنواع الكشف، وكانت الإستعدادات متفاوتة والمناسبات متكثرة صارت مقامات الكشف متفاوتة بحيث لا يكاد ينضبط، وأصح المكاشفات وأتمها إنما يحصل لمن يكون مزاجه الروحاني أقرب إلى الإعتدال التام كأرواح الأنبياء والكمل من الأولياء(صلوات الله عليهم) ))(30).
ولذا قرر عندهم أن كل كشف فهو يعرض على كشف الأنبياء والرسلعليهم السلام فإن وافقه فيعلم صحته وإلا فيعلم فساده، وأن الكشف المعصوم من الباطل هو كشف الأنبياء المتجلى في الكتب السماوية التي يبعثون بها وكذلك أقوالهم وأفعالهم.
وذكر أيضاً السيد حيدر بن علي الحسيني الأملي_ والذي وصفه القاضي التستري(في مجالس المؤمنين) بالعارف المحقق الأوحد من أصحابنا الإمامية المتألهين(31)_(في كتابه جامع الأسرار ومنبع الأنوار).
((وأما الإلهام العام فيكون بسبب وغير سبب ويكون حقيقياً وغير حقيقي، فالذي يكون بالسبب ويكون حقيقياً فهو بتسوية النفس وتحليلها وتهذيبها بالأخلاق المرضية والأوصاف الحميدة موافقاً للشرع ومطابقاً للإسلام لقوله تعالى: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) والذي يكون بغير السبب ويكون غير حقيقي فهو يكون لخواص النفوس وإقتضاء الولادة والبلدان كما يحصل للبراهمة والكشايش (القساوسة) والرهبان)).
والتمييز بين هذين الإلهامين محتاج إلى ميزان إلهي ومحك رباني، وهو نظر الكامل المحقق والإمام المعصوم والنبي المرسل المطلع على بواطن الأشياء على ما هي عليه واستعدادات الموجودات وحقائقها، ولهذا احتجنا بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام إلى الإمام والمرشد لقوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)لأن كل واحد ليس له قوة التمييز بين الإلهامين الحقيقي وغير الحقيقي وبين الخاطر الإلهي والخاطر الشيطاني وغير ذلك والذكر هو القرآن أو النبي وأهله هم أهل بيته من الأئمة المعصومين المطلعين على أسرار القرآن وحقائقه ودقائقه، ولقوله تعالى أيضاً تأكيداً لهذا المعنى:
( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) أي إلى أهل الله تعالى وأهل رسوله والآيات الدالة على متابعة الكامل والمرشد الذي هو الإمام المعصوم أو العلماء الورثة من خلفائهم كثيرة فارجع إليها لأن هذا ليس موضعها.
فنرجع ونقول: ((وإن تحققت عرفت أيضاً أن الخواطر التي قسموها إلى أربعة أقسام: إلهي وملكي وشيطاني ونفساني كان سببه ذلك أي عدم العلم بالإلهامين المذكورين أعني الحقيقي وغير الحقيقي لأنها كلها من أقسام الإلهام وتوابعه))(32) .
ونقل المتقي الهندي صاحب كنز العمال في كتابه( البرهان في علامات مهدي آخر الزمان)(33) عن الشيخ الحسن الشاذلي المالكي رئيس الطريقة الشاذلية(الصوفية) أنه قال: ((إن الله تعالى ضمن العصمة في جانب الكتاب والسنة ولم يضمنها في جانب الكشف والإلهام)).
ونقل عن أبي القاسم القشيري النيشابوري الأشعري الشافعي (الصوفي المفسر المحدث الفقيه العارف) أنه قال: ((لا ينبغي للمريد أن يعتقد في المشايخ العصمة من الخطأ والزلل)).
هذا وقد عقد الشيخ الكليني في أصوله تحت عنوان أن للقلب أذنين ينفث فيهما الملك والشيطان وروى الصادق عليه السلام:
((ما من قلب إلا وله أذنان على إحداهما ملك مرشد وعلى الأخرى شيطان مفتن هذا يأمره وهذا يزجره، الشيطان يأمره بالمعاصي والملك يزجره عنها، وهو قول الله عزوجل: (عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) )).
وقال عليه السلام: ((ما من مؤمن إلا ولقلبه أذنان في جوفه أذن ينفث فيهما الوسواس الخناس وأذن ينفث فيهما الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك، فذلك قوله: (وأيدهم بروح منه) ))(34).
و(سئل) السيد مهنابن سنان العلامة الحلي قدس سره عن مفاد هذه الرواية وأنه لو فرض أن الرؤية متضمنة للأمر بالشيء أو النهي عن شيء، فهل يتمثل ذلك الأمر ويتجنب المنهي أم لا، سيما إذا كان خلاف ظاهر الشريعة.
(فأجابه)_ نّور الله ضريحه_: ((أما ما يخالف الظاهر فلا ينبغي المصير إليه وأما ما يوافق الظاهر فالأولى المتابعة من غير وجوب، ورؤيته صلى الله عليه وآله وسلم لا يعطي وجوب الإتباع في المنام(35) .
(الخامسة):
ما هو مفاد الرواية ودلالتها؟ فقد تعددت الآراء في ذلك:
أ_ ما حكي عن الفيض الكاشاني أن معنى الرواة هو من رآني أي تحقق وتيقن من رؤية صورتي لأنه قد رآه في اليقظة. فقد رآه تحقيقاً وحقيقة لأن الشيطان لا يتمثل بصورته صلى الله عليه وآله وسلم .
وحينئذ يكون مفاد الحديث مخصوص بمن شهد زمانه صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأئمة في ظهورهم عليهم السلام أو من عرف أوصافهم (صلوات الله عليهم) وشمائلهم المنقولة في الكتب بدقة.
وهذا الإلحاق والتتمة من بعض المتأخرين، ويشهد له التعليل في الرواية لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي، فإن ذلك يعني حصر الرؤية بصورهم المختصة بهم (صلوات الله عليهم) وهي التي كانوا عليها في حياتهم من شمائلهم الخاصة بهم.
ب_ ما أفاده السيد المرتضى رحمه الله في كتاب الغرر والدرر وهو:
((من رآني في اليقظة فقد رآني على الحقيقة لأن الشيطان لا يتمثل بي لليقظان))
فقد قيل: ((إن الشياطين ربما تمثلت بصورة البشر وهذا التشبيه أشبه بظاهر ألفاظ الخبر)) لأنه قال : ((من رآني فقد رآني))، فأثبت غيره رائياً له ونفسه مرئية، وفي النوم لا رائي له في الحقيقة ولا مرئي، وإنما ذلك في اليقظة ولو حملنا على النوم لكان تقدير الكلام من اعتقد أنه يراني في منامه وإن كان غير راء له على الحقيقة فهو في الحكم كأنه قد رآني، وهذا عدول عن ظاهر لفظ الخبر وتبديل لصيغته(36))) إنتهى.
أقول: ((ما أفاده السيد يفهم من الكلام المتقدم للشيخ المفيد، ولكن هذا المفاد ينسجم مع بعض الروايات المنقولة بطرق العامة حيث لم يقيد فيها الرؤية بكونها في المنام)).
د_ أن المراد هو بيان فضيلة هذه الرؤية والتشرف بهم(صلوات الله عليهم) وصدق ما يخبرون به في المنام إذا رآهم النائم بصورهم الخاصة بهم ويشهد ذلك مورد الرواية التي بطرقنا والروايات التي بطرق العامة، فإن الإستشهاد بـ ((من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورة أحد من أوصيائي)) في الرواية وقع للإستدلال بصدق ما أخبر به النائم في الرؤيا من قبلهم عليه السلام.
ثم ليتنبه إلى أن الأمر والنهي في الرؤية(تارة) يكون كتشريع حكم كلي وأنه لا يختص بالنائم بل لسائر المكلفين فهذا ليس إلا وحي يختص به الأنبياء.
(وتارة) يكون أمر جزئي شخصي للنائم خاصة لمرة واحدة فقط، مثل ابن مسجداً أو تصدق بكذا من مالك ونحو ذلك، فهذا الذي تقدم أنه إن وافق الشريعة فلا حرج في المتابعة من دون وجوب شرعي كما أفاده العلامة الحلي قدس سره وجزم بصحة (الرؤية) الشيخ المفيد، وإن عارض وخالف الشريعة فلا ينبغي المصير إليه كما عبر بذلك العلامة الحلي وقطع ببطلانه الشيخ المفيد.
ولنختم هذا الأمر برواية الإمام الصادق عليه السلامأخرجها المجلسي رحمه الله عن كتاب مصباح الشريعة قال:
((إن الله عزوجل مكّن أنبياءه من خزائن لطفه وكرمه ورحمته وعلّمهم من مخزون علمه وأفردهم من جميع الخلائق لنفسه فلا يشبه أخلاقهم وأحوالهم أحد من الخلائق أجمعين، إذ جعلهم وسائل سائر الخلق إليه، وجعل حبهم وطاعتهم سبب رضاه وخلافهم وإنكارهم سب سخطه وأمر كل قوم باتباع ملة رسولهم، ثم أبى أن يقبل طاعة أحد إلا بطاعتهم ومعرفة حقهم وحرمتهم ووقارهم وتعظيمهم وجاههم عند الله، فعظم جميع أنبياء الله، ولا تنزلهم بمنزلة أحد من دونهم، ولا تتصرف بعقلك في مقاماتهم وأحوالهم وأخلاقهم إلا ببيان محكم من عند الله وإجماع أهل البصائر بدلائل تتحق بها فضائلهم مراتبهم وأنى بالوصول إلى حقيقة ما لهم عند الله؟ وإن قابلت أقوالهم وأفعالهم بمن دونهم من الناس أجمعين فقد أسأت صحبتهم وأنكرت معرفتهم وجهلت خصوصيتهم بالله، وسقطت عن درجة حقيقة الإيمان والمرعفة، فإياك، ثم وليعلم أن من خواص النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأوصياء أنهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ووردت بذلك الروايات المستفيضة.
كما وللسيد المرتضى_رفع الله درجته_ تحقيقاً في المقام يكون نهاية للمطاف قال في كتاب (الغرر والدرر).
((إعلم أن النائم غير كامل العقل لأن النوم ضرب من السهو والسهو ينفي العلوم ولهذا يعتقد النائم الإعتقادات الباطلة لنقصان عقله وفقد علومه، وجميع المنامات إنما هي إعتقادات يبتدئها النائم في نفسه، ولا يجوز أن تكون من فعل غيره فيه، لأن من عداه من المحدثين سواء كانوا بشراً أو ملائكة أو جنأ أجسام والجسم لا يقدر أن يفعل في غيره اعتقاداً ابتداء، بل ولا شيئاً من الأجناس على هذا الوجه، وإنما يفعل ذلك في نفسه على سبيل الإبتداء، وإنما قلنا أنه لا يفعل في غيره جنس الإعتقادات متولداً لأن الذي يعدي الفعل من محل القدرة إلى غيرها من الأسباب إنما هو الإعتماد وليس جنس الإعتمادات ما يولد الإعتقادات، ولهذا لو إعتمد أحدنا على قلب غيره الدهر الطويل ما تولد فيه شيء من الإعتقادات وقد بين ذلك وشرح في مواضع كثيرة، والقديم تعالى هو القادر أن يفعل في قلوبنا ابتداءا من غير سبب أجناس الإعتقادات)).
((ولا يجوز أن يفعل في قلب النائم اعتقاداً لأن أكثر اعتقادات النائم جهل، ويتأول الشيء على خلافه ما هو به، لأنه يعتقد أنه يرى ويمش وأنه راكب وعلى صفات كثيرة، وكل ذلك على خلاف ما هو به، وهو تعالى لا يفعل الجهل فلم يبق إلا أن الإعتقادات كلها من جهة النائم وقد ذكر في المقالات أن المعروف بصالح كان يذهب إلى ما يراه النائم في منامه على الحقيقة وهذا جهل منه يضاهي جهل السوفسطائية لأن النائم يرى أن رأسه مقطوع وأنه قد مات وأنه قد صعد إلى السماء، ونحن نعلم ضرورة خلاف ذلك كله، وإذا جاز عنده صالح هذا أن يعتقد اليقظان في السراب أنه ماء وفي المردي(خشبة يدفع بها الملاح السفينة) إذا كان في الماء أنه مكسور وهو على الحقيقة صحيح لضرب من الشبهة واللبس فألا جاز ذلك في النائم وهو من الكمال أبعد ومن النقص أقرب؟))(37) إنتهى كلامه.
وللحكماء والفلاسفة تحقيقات حول أقسام الرؤية بلحاظ عالم الخيال والعقل والقوة الواهمة وغير ذلك لا يسع المقام لها.
وفي الروايات المأثورة عن أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ما يهتدي به إلى كثير من أبحاث المقام.



الهوامش:

(1) - سورة الصافات ، الآية (102).

(2) - تفسير البرهان (ج4، ص31).

(3) - البحار(ج11،ص،64،ص181).

(4) - الكافي (ج3، ص482).

(5) -البحار(ج61، ص237).

(6) -سورة المؤمنون، الآية(97).

(7) - سورة الشعراء، الآية (211 و222).

(8) -سورة الأنعام، الآية(71).

(9) - سورة الأعراف، الآية (200).

(10) - سورة الأعراف، الآية (201).

(11) - سورة مريم، الآية (83).

(12) - سورة الحج، الآية (53).

(13) - سورة الأنعام، الآية (121).

(14) -تفسير البرهان (ج4، ص485).

(15) - البحار(ج61، ص191).

(16) -نفس المصدر.

(17) -

(18) -روضة الكافي (ص90).

(19) - البحار (ج61، ص183).

(20) -البحار (ج61، ص183).

(21) - البحار(ج61، ص216) نقلاً عن كتاب الغرر والدرر للسيد المرتضى قدس سره.

(22) -سورة الحجرات، الآية(6).

(23) - البحار (ج61، ص238).

(24) -هو حمزة بن عمار الزبيدي البربري وسيأتي حاله في الفصل الثالث.

(25) - رواهما الكشي في رجاله في ترجمة محمد بن أبي زينب أبي الخطاب(مقلاص).

(26) -نفس المصدر.

(27) - يريد بعبارته هذه أن الرؤيا ليس من القسم الأول وهو ما تضمن إنشاء أمر أو نهي أو حكماً شرعياً.

(28) -البحار (ج61، ص211) نقلاً عن كتاب كنز الفوائد للكراجي.

(29) - سرح الفصوص للقيصري (ص32).

(30) -شرح القيصري (ص36)، وهو يشير إلى ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام عندما سئله بعض اليهود عن تعلم الفلسفة. راجع الكلمات المكنونة للفيض(ص78).

(31) -وقد اجتمع في سفره من آمل إلى العراق بفخر المحققين ابن العلامة الحلي فأجاز له رواية المسائل المدنية(المهنائية) كما ذكر ذلك في أعيان الشيعة.

(32) - جامع الأسرار(ص455).

(33) - ص66.

(34) - الكافي (ج2، ص266) والمراد من القلب هنا المعنى المعنوي(الروح) لا الصنوبري.

(35) -أجوبة المسائل المهنائية، (مسألة 159، ص97).

(36) - البحار (ج61، ص216).

(37) - البحار (ج61، ص214).









المقال الثامن عشر: ان الرؤيا ليست مصدراً للتشريع الا للمعصوم خاصة



--- التوقيع ---



مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام


منقول..
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى اهل البيت عليهم السلام“

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين فقط