qaran

كل مايخص القرآن الكريم وعلومه
خادم الشيعة
عضو جديد
مشاركات: 332
اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am

مشاركة بواسطة خادم الشيعة »

الدرس الثالث والأربعون (طبقات المفسّرين لدى الجمهور - 1)
الطبقة الأولى من المفسرين: الصحابة

قال السيوطي في الإتقان: "اشتهر من الصحابة عشرة: الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وابي بن كعب وزيد بن ثابت وابو موسى الاشعري وعبدالله بن الزبير، اما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن ابي طالب كرّم الله وجهه، والرواية عن الثلاثة قليلة جداً.. انتهى. قيل: وقد كثرت الروايات ايضاً عن ابن مسعود(1).

اما الإمام علي (عليه السلام) فهو غني عن التعريف حتى عند غير شيعته، وقد رووا عنه قوله: "والله ما نزلت آية إلاّ وعلمت فيمَ أُنزلت وأين أُنزلت، انّ ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً"(2).

واما ابن عباس فهو تلميذ الامام علي فلا غرابة في ضلوعه في التفسير. وقد حكي عنه قوله: "ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب"(3).

إلاّ ان الروايات المروية في مصادر الجمهور عن ابن عباس وعن الإمام علي (عليه السلام) حيث كانت مرسلة أو ضعيفة الاسناد فلا يمكن الاعتماد عليها، وقد حكي عن الشافعي قوله: "لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلاّ شبيه بمائة حديث"(4).

فإذا كان ما وصل عن الإمام علي وتلميذه ابن عباس - على كثرة ما يروى عنهما - بهذه الدرجة من الضعف وعدم الاعتماد، فكيف بباقي الصحابة، لذلك لا يمكن الاعتماد على ما يروى عن الصحابة إلاّ القليل جدّاً الذي وصل بطريق معتبر السالم من الاضطراب، والخالي من شواهد الوضع.

وقد أشرنا الى ذلك عند التعرض للتفسير بالمأثور ونقاط الضعف فيه.

الطبقة الثانية من المفسّرين: التابعون

وقد قسّموهم الى ثلاث طبقات، طبقة أهل مكة، وطبقة أهل المدينة، وطبقة أهل العراق.

1 - طبقة أهل مكة

واشهرهم مجاهد (ت: 100 - 103) قيل: فقد كان اوثق من روى عن ابن عباس، ولذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من اقطاب العلم وائمة الدين(5).

وسعيد بن جبير (قتله الحجاج، عام: 94) وعكرمة مولى ابن عباس (ت: 105) وطاووس بن كيسان اليماني (ت: 106) وعطاء بن أبي رباح (ت: 114).

2 - طبقة أهل المدينة

ومنهم أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي (ت:90)، روى عن أبي بن كعب. وعطية بن سعيد العوفي (ت: 111). ومحمد بن كعب القرظي (ت: 117) كان من بني قريظة، و زيد بن أسلم (ت: 136) قيل أخذ عنه مالك بن أنس.

3 - طبقة أهل العراق

منهم.. مسروق بن الأجدع كان بالكوفة (قيل توفي سنة 63).والحسن البصري (قيل: توفي: 110) وقتادة بن دعامة (ت: 117) كان بالبصرة وعطاء بن أبي مسلم الخراساني (ت: 133) ومُرّة الهمذاني الكوفي.

وقد اختلفوا في طريقتهم في التفسير، قال السيوطي: وغالب أقوالهم تلقّوها عن الصحابة(6).

بينما خالف البعض في ذلك، قال الزرقاني: يلاحظ على ما روي عن التابعين اعتبارات مهمّة تثير الطعن فيه وتوجه النقد إليه:

منها: انّهم لم يشاهدوا عهد النبوة ولم يتشرفوا بأنوار الرسول، فيغلب على الظن أنّ ما يروى عنهم في تفسير القرآن، إنّما هو من قبيل الرأي فليس له قوّة المرفوع - أي المسند - الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم).

ومنها: انّه يندر فيه الإسناد الصحيح.

ومنها: اشتماله على إسرائيليات(7).

وقد تقدّم البحث عن مدى القيمة العلمية لما يُروى من التفسير عن الصحابة والتابعين عند الحديث عن التفسير بالمأثور.


1- مناهل العرفان: 2 18.

2- تاريخ مدينة
خادم الشيعة
عضو جديد
مشاركات: 332
اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am

مشاركة بواسطة خادم الشيعة »

الدرس الرابع والأربعون (طبقات المفسّرين لدى الجمهور - 2)
الطبقة الثالثة من المفسرين

وهم تلاميذ الطبقة الثانية، مثل ربيع بن أنس وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وأبي صالح الكلبي - النسّابة والمفسر في القرن الثاني - وأمثالهم.

وكانت طريقتهم في التفسير إمّا نسبة تفسير الآيات إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو الصحابة أو يذكرون معنى الآية من دون نسبته إلى أحد.

ونلاحظ أنّ المفسرين المتأخرين يعاملون هذه الأقوال معاملة الروايات النبوية، ويعتبرونها روايات موقوفة(1).

ويطلق على الطبقتين الثانية والثالثة من المفسّرين مصطلح قدماء المفسرين(2).

الطبقة الرابعة من المفسرين

وهم أول طبقة من المفسّرين الذين ألّفوا في التفسير.

مثل شعبة بن الحجاج البصري - ينتمي للطبقة الثانية من التابعين (ت: سنة 160هـ ) وسفيان بن عيينة المكّي - من الطبقة الثانية من التابعين (ت: سنة 197هـ ) ووكيع بن الجراح الكوفي (ت: 197هـ).

وعبد بن حميد - ينتمي للطبقة الثانية من التابعين عاش في القرن الثاني -.

ومن هذه الطبقة ابن جرير الطبري، وهو محمد بن جرير بن يزيد الطبري صاحب التفسير المعروف - المتوفى سنة 310هـ.

وطريقة هؤلاء في التفسير انّهم يوردون أقوال الصحابة والتابعين بصيغة روايات مسندة إليهم، ويتجنّبون الاستقلالية في التفسير، إلاّ انّ ابن جرير في تفسيره قد يرجح بين الآراء المختلفة.

وهذه الطبقة هي أولى طبقات المتأخرين من المفسرين(3).

الطبقة الخامسة من المفسرين

قيل: وهم الذين حذفو أسانيد الروايات، واكتفوا بنسبة الآراء للأشخاص من دون إسناد، وقد اعتبر السيوطي وغيره ان الالتباس بين الصحيح وغيره قد بدأ من هؤلاء بسبب حذف الأسانيد، ولذا تعّرضت رواياتهم للطعن والتجريح.

لكن الصحيح - كما قدّمنا - ان الاضطراب والدس والخرافات والإسرائيليات قد بدأت قبل هذه الطبقة، حيث نجد أن الروايات المسندة التي ذُكرت قبلهم مشتملة على هذه التناقضات والإسرائيليات والقصص الخرافية وغيرها.

وقد حكي(4) عن أحمد بن حنبل - الذي هو قبل هذه الطبقة - قوله: "ثلاثة ليس لها أصل: التفسير والملاحم والمغازي".

وأشار ابن خلدون الى ان العرب حيث لم يكونوا أهل كتاب ولا علم، وانّما غلبت عليهم البداوة والأمّية، فإذا رغبوا في معرفة ما ترغب فيه النفوس البشرية من أسباب التكوين وبدء الخليقة وأسرار الوجود كانوا يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدون منهم... وهؤلاء مثل كعب الأحبار ووهب بن منبِّه وعبدالله بن سلام فامتلأت التفاسير من المنقولات عنهم، وتُلقيّت بالقبول، لما كان لهم من المكانة السامية، ولكن الراسخين في العلم قد تحرّوا الصحة وزيّفوا ما لم يتوافر أدلة على صحته(5).

وهذا يؤكد أن اختلاط السقيم بالصحيح قد بدأ منذ عهد الصحابة.

الطبقة السادسة من المفسّرين ومن بعدهم

وهم المفسّرون الذين ظهروا بعد نضج العلوم المختلفة او انتشارها بين المسلمين، وتخصّص الكثير منهم فيها، فركّز كلُّ عالم متخصّص في فنّه على مجال اختصاصه في تفسيره.

فالنحوي ركّز على أبحاث علم النحو مثل الزجاج (ت: 310هـ) وأبي الحسن الواحدي (ت: 468) وأبي حيان التوحيدي - اندلسي نحوي وقارئ ومفسّر (ت: 745).

وعالم البلاغة ركّز على ابحاث الفصاحة والبلاغة مثل الزمخشري (ت: 538) في الكشاف.

والمتكلم توسّع في أبحاث علم الكلام مثل فخر الدين الرازي (ت: 606) في تفسيره الكبير.

والعارف ضمّن تفسيره مباحث العرفان مثل محيى الدين بن عربي - (ت: 638هـ).

والأخباري اقتصر على الأخبار مثل أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي (ت: 426 - 427).

والفقيه اهتمّ بالأبحاث الفقهية مثل محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي (ت: 668هـ ).

وجمع بعض المفسرين في تفسيره بين علوم مختلفة مثل نظام الدين حسن القمي النيسابوري (ت: 728هـ) في تفسيره المسمّى تفسير النيسابوري. والشيخ إسماعيل حقّي (ت: 1137هـ) في تفسيره روح البيان. وشهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي (ت: 1270) في تفسيره روح المعاني.


1- الرواية الموقوفة: هي الرواية التي لم يذكر فيها اسم المروي عنه، فالمتأخرون من مفسري الجمهور يعتبرون أقوال هؤلاء منسوبة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو الصحابة، وان لم يصرّحوا انفسهم بذلك.

2- راجع كتاب (قرآن در اسلام): 76.
خادم الشيعة
عضو جديد
مشاركات: 332
اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am

مشاركة بواسطة خادم الشيعة »

الدرس الخامس والأربعون (طبقات المفسرين من الشيعة الإمامية وطريقتهم)


يختلف الاتجاه التفسيري عند الشيعة عن المنحى الذي عليه التفسير لدى الجمهور، إذ انّ شيعة أهل البيت(عليهم السلام) لا يرون موضوعية لأقوال الصحابة والتابعين ما دامت غير مسندة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وبالمقابل يعتمدون آراء ائمة أهل البيت(عليهم السلام) وتفاسيرهم، باعتبارهم الحجة وأحد الثقلين اللذين خلفهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فى أُمته.

وعلى هذا الأساس يمكن أن نرتب طبقاتهم كما يلي..

الطبقة الأولى:

الذين رووا روايات التفسير عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والأئمة(عليهم السلام) فأوْدعوها في أصولهم التي ألّفوها مشتتة ومتفرقة مثل أبي حمزة الثمالي، و زرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم الثقفي، ومعروف بن خربوذ، وجرير، وفرات بن إبراهيم الكوفي.

وقد ألّف أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار كتاباً في التفسير، وذكر السيد الطباطبائي انّ طريقة ابي حمزة في التفسير هو النقل عمّن يروي عن المعصوم لا النقل مباشرة، ولذا عدّه من الطبقة الثانية(1)، وكذلك فرات الكوفي.

الطبقة الثانية:

وهم الذين لم يرووا عن المعصومين مباشرة، بل كانت رواياتهم عمّن روى عن المعصومين(عليهم السلام) مثل محمد بن مسعود الكوفي العياشي صاحب تفسير العياشي - عاش في النصف الثاني من القرن الثالث قيل توفي: 320 - ومن المؤسف ان أحد تلاميذه حذف أسانيد روايات استاذه الى المعصومين(عليهم السلام) لأجل الاختصار، وانتشرت هذه النسخة وتداولتها الأيدي حتى فقدت النسخة الأصلية المسندة، وبذلك فقد هذا الكتاب الكثير من قيمته العلمية.
خادم الشيعة
عضو جديد
مشاركات: 332
اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am

مشاركة بواسطة خادم الشيعة »

الدرس السادس والأربعون (استعراض خاطف لبعض التفاسير المعاصرة)

1: التفسير الكاشف تأليف محمد جواد مغنية (المتوفى 1399هـ) وهو سبعة أجزاء.

وقد كتب التفسير بلغة حديثة ميّسرة خالية من الغموض - كما دأب المؤلف في باقي كتبه أيضاً - ويتضمن الإشارة الى بعض الأبحاث اللغوية والاعرابية أحياناً، ثم يدخل الى تفسير الآيات مباشرة، ويتطرق أحياناً الى المعاني والأبحاث التي يستوحيها من الآية فيبحثها ضمن عناوين مستقلة، ورغم بعض الملاحظات حول بعض الآراء الواردة فيه إلاّ انّه مفيد و جيّد وقد لخّص الشيخ مغنية اتجاهه في تفسيره ضمن نقاط:

1 - "نظرت الى القرآن على انّه في حقيقته وطبيعته كتاب دين وهداية واصلاح وتشريع يهدف قبل كل شيء الى أن يحيا الناس جميعاً حياة تقوم على أسس سليمة يسودها الأمن والعدل ويغمرها الخصب والرفاهية... ولا يعني هذا اني اغفلت الجهات النافعة التي تعرّض لها المفسّرون الكبار... بخاصة المشكلات الفلسفية مثل الجبر والاختيار والهدى والضلال، والإمامة، وعصمة الأنبياء والشفاعة والاحباط، ومرتكب الكبيرة وحساب القبر... وما الى ذلك(1).

نظرت الى الإسرائيليات التي جاءت في بعض التفاسير على انّها خرافة وأساطير... وايضاً تجاهلت ما جاء من الروايات في أسباب التنزيل إلاّ قليلاً منها... وأيضاً لم أشغل نفسي والقارئ بذكر العلاقة والمناسبة بين الآيات واتصال بعضها ببعض"(2).

2 - اعتمدت - قبل كل شيء - في تفسير الآية وبيان المراد منها على حديث ثبت في سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)... فإذا لم يكن حديث من السنّة اعتمدت ظاهر الآية وسياقها... وإذا وردت آية ثانية في معنى الأولى وكان أبين وأوضح ذكرتهما معاً لغاية التوضيح، لأنّ مصدر القرآن واحد... وإذا تعارض ظاهر اللفظ مع حكم العقل وبداهته أوّلت اللفظ بما يتفق مع العقل... وإذا تعارض ظاهر اللفظ مع إجماع المسلمين في كل عصر ومصر على مسألة فقهية حملت الظاهر على الإجماع..."(3).

2: الميزان في تفسير القرآن تأليف: السيد محمد حسين الطباطبائي (المتوفى 1402هـ) وهو تفسير كبير يقع في عشرين جزءاً.

يمتاز هذا التفسير بالعمق والأبحاث الدقيقة ويأتي في مقدمة التفاسير الحديثة، وقد أشار المؤلف في مقدمة تفسيره الى منهجه وأهم ما يرتكز عليه تفسيره، وذلك:

1 - المعارف المتعلقة بأسماء الله سبحانه وصفاته.

2 - المعارف المتعلقة بأفعاله تعالى.

3 - المعارف المتعلقة بالوسائط الواقعة بينه وبين الإنسان كالحُجُب.

واللوح والقلم والعرش والكرسي والبيت المعمور والسماء والأرض... إلخ.

4 - المعارف المتعلقة بالإنسان قبل الدنيا.

5 - المعارف المتعلقة بالإنسان في الدنيا كمعرفة تأريخ نوعه ومعرفة نفسه ومعرفة أصول اجتماعه ومعرفة النبوة و... إلخ.

6 - المعارف المتعلقة بالإنسان بعد الدنيا، وهو البرزخ والمعاد.

7 - المعارف المتعلقة بالأخلاق الإنسانية، ومن هذا الباب ما يتعلق بمقامات الأولياء في صراط العبودية من الإسلام والإيمان والإحسان... ثم وضعنا في ذيل البيانات متفرقات من أبحاث روائية نورد فيها ما تيسّر لنا إيراده من الروايات المنقولة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأئمة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين... ثم وضعنا أبحاثاً مختلفة فلسفية وعلمية وتاريخية واجتماعية وأخلاقية... إلخ(4).

ويلاحظ القارئ للميزان ثلاث نقاط هامة..

أ: انّ المؤلف لا يتعامل - بشكل عام - مع النصوص الواردة في بيان معاني الآيات على انّها روايات تفسيرية تحدد المعنى القرآني، بل يحملها على بيان مصاديق بارزة لمعاني الآيات فحسب، لأنّ القرآن يجري كما تجري الشمس والقمر - كما جاء في الحديث - وهذا ما يسميه المؤلف بالجري والانطباق.

ب: النظرة الشاملة الى القرآن الكريم بكل آياته وسوره، ومحاولة إرجاع وربط بعضه ببعض، وهذا ما يسميه المؤلف بتفسير القرآن بالقرآن.

ج: اهتمام المؤلف بمعالجة شبهات أعداء الإسلام والمنحرفين، فيذكر البراهين والأدلة المبطلة لها.

هذا، ورغم عمق وأهمية الجهد المبذول في هذا التفسير من مؤلفه المعروف بدقّته وغزارة علمه إلاّ انّ الملاحظ تأثر المفسّر بقناعاته الفلسفية واتجاهه العرفاني، فتلوّن تفسيره بذلك، حتى انّ من الصعب فهم كثير من أبحاثه لمن لم يكن عنده اطلاع واسع بمدرسة صدر الدين الشيرازي الفلسفية - المعروفة بالحكمة المتعالية - والتي ينتمي إليها السيد الطباطبائي.

تبقى ملاحظة أخيرة حول ضعف الأسلوب والتواء التعبير الذي كتب به التفسير المذكور، لأنّ اللغة العربية هي اللغة الثانية للمفسّر، وليست لغة الأم بالنسبة إليه.

3: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل تأليف لجنة بإشراف الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.

وهو من التفاسير الجيدة النافعة للشباب المثقف، وقد كتب بلغة واضحة وميسّرة، واشير في مقدمته الى خصائصه ومزاياه والمنهجية التي اتبعها المؤلفون فيه، من خلال النقاط التالية:

1 - لما كان القرآن "كتاب حياة" فانّا لم نركز - في التفسير - على المسائل الأدبية والعرفانية، بل بدلاً من ذلك عالجنا المسائل الحياتية المادية والمعنوية وخاصة المسائل الاجتماعية، وسعينا الى اشباعها بحثاً وتحليلاً، وخاصة ما يرتبط من قريب بحياة الفرد والمجتمع.

2 - في ذيل كل آية تناولنا تحت عنوان (وقفات) المسائل المطروحة في الآية بشكل مستقل كالربا والرق وحقوق المرأة وفلسفة الحج و...

3 - عزفنا عن تناول البحوث ذات الفائدة القليلة، وأعطينا الأهمية لمعاني الكلمات وأسباب النزول ما له تأثير في الفهم الدقيق لمعنى الآية.

4 - عرضنا التساؤلات والشبهات والاعتراضات المطروحة باختصار، مثل شبهة الآكل والمأكول والمعراج وتعدد الزوجات... كي لا تبقى أية علامة استفهام عند مطالعة تفسير الآيات.

5 - أعرضنا عن استعمال المصطلحات المعقدة التي تجعل الكتاب خاصاً بفئة خاصة من القرّاء(5).

ورغم أهمية الجهد المبذول في هذا التفسير والعرض الجيد الواضح لمواضيعه، إلاّ انّه وبسبب كونه ترجمة لتفسير (نمونة) - المكتوب باللغة الفارسية - لم يخل من ضعف في لغته التي كتب بها، خاصة من خلال تسرّب كثير من المفردات غير الفصيحة فيه.

الأسئلة

1 - اذكر المعاني الأربعة للتأويل.
2 - اذكر الملاحظات الأربع على منهج التفسير بالمأثور لدى الجمهور.
3 - اذكر الملاحظات الأربع على منهج التفسير بالمأثور لدى الشيعة.
4 - اذكر ثلاثة من اشهر التفاسير بالمأثور الشيعية وثلاثة من اشهر التفاسير بالمأثور لدى العامة.
5 - ما هي الاتجاهات الرئيسية في التفسير؟
6 - ما هي المناهج الرئيسية في التفسير؟
7 - ما هو دور الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) في عملية تفسير القرآن؟


1- التفسير الكاشف: 1 13 - 14.

2- المصدر: 14 - 15.

3- المصدر السابق: 15 - 16.

4- الميزان: 1 13 - 14.

5- الأمثل: 1 12 - 13.
خادم الشيعة
عضو جديد
مشاركات: 332
اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am

مشاركة بواسطة خادم الشيعة »

الدرس السابع والأربعون (المكي والمدني)

من الأبحاث المرتبطة بعلوم القرآن والتي اهتمَّ بها المفسّرون والباحثون البحث عن الآيات المكيّة والمدنية وتمييز كل منهما عن الأخرى، ودراسة خصائص كل من القسمين.

معنى المكي والمدني:

وقبل أن ندخل في صلب الموضوع لابدّ أن نحدد المقصود من المكي والمدني، حيث ذكرت ثلاثة معان لهما.

أ: ان المقصود بالمكي ما نزل بمكة أو ضواحيها. وبالمدني ما نزل في المدينة أو ضواحيها.

ب: ان المكي ما وقع خطاباً لأهل مكة، والمدني ما وقع خطاباً لأهل المدينة، قيل: وعليه يحمل قول من قال: "انّ ما صدر في القرآن بلفظ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) فهو مكي، وما صدر فيه بلفظ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فهو مدني"(1).

ج: انّ المكي ما نزل قبل الهجرة، والمدني
خادم الشيعة
عضو جديد
مشاركات: 332
اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am

مشاركة بواسطة خادم الشيعة »

الدرس الثامن والأربعون (شبهات المستشرقين حول المكي والمدني)

لقد درس بعض المستشرقين ظاهرة المكي والمدني وفكرة وجود خصائص لكل منهما، فحاولوا استخلاص ميزات وخصائص لكل من المكي والمدني، ومن ثَمّ استنتجوا من ذلك انّ القرآن خضع لظروف بشرية متأثرة بالمحيط والمجتمع، وبالتالي فهو غير مرتبط بالله تعالى المنزّه عن التأثر بهذه المؤثرات.. فهو من تأليف (محمد) لا من وحي السماء.

هذه هي الفكرة التي تدور حولها شبهاتهم هنا، وقبل أن نتطرّق الى هذه الشبهات ومناقشتها بشكل تفصيلي، لا بدّ أن ننبّه الى نقطة هامّة.

وهي أنّا يجب أن نفرّق بين خضوع القرآن للظروف والحالة البشرية، وبين انسجامه مع الواقع الموضوعي وطبيعة التدرج الموضوعي للرسالة الاسلامية.

ويتجلّى الفرق بينهما من خلال آثار وسمات كل من الحالتين، فمن آثار الحالة الأولى:

أ: التذبذب في المستوى الفني.

ب: المناقضة وعدم انسجام المفاهيم والمواقف والتشريعات.

ج: التطوّر التدريجي سواء بالنسبة للأسلوب أم بالنسبة للمضمون بسبب تراكم الخبرات أو نحوها.

د: انعكاس الحالات الإنسانية،
خادم الشيعة
عضو جديد
مشاركات: 332
اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am

مشاركة بواسطة خادم الشيعة »

الدرس التاسع والأربعون (الشبهة الثانية والثالثة)

الشبهة الثانية:

إنّ القسم المكي يمتاز بقصر السور والآيات، وعرض المضمون بشكل موجز، بخلاف القسم المدني حيث نلاحظ السور الطوال فيه، مثل سور البقرة، والنساء، وآل عمران، وغيرها.

ويعود هذا التفاوت الى تأثره بالبيئة التي عاشها (محمد)، حيث كان المجتمع المكي اُمّياً لا يستوعب تفصيل المفاهيم، فجاءت الآيات والسور قصيرة موجزة، ثمّ لمّا عايش النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) المجتمع المدني المتحضّر نسبياً تأثّر بهم فجاءت الآيات والسور طويلة بمضامين مفصّلة.

والجواب:

أولاً: إنّا قد ذكرنا سابقاً إنّ قصر السور والآيات ليست خاصّةً بالقسم المكّي، بل نجد مثله في القسم المدني، كما انّ طوال السور والآيات لا يختصّ بالقسم المدني، بل هو كثير في القسم المكّي، فوجود كلا القسمين يؤكّد انّ اختيار نمط السورة أو الآية يتّبع متطلبات الموقف والظرف، وليس ناشئاً من محدودية في قدرات منزِّل القرآن الكريم.

وبهذا تفسَّر الكثرة النسبية للسور والآيات القصار في القسم المكّي والسور والآيات الطوال في القسم المدني، حيث انّ الدراسات اللغوية المتخصصة أكدت أنّ الإيجاز يعتبر مظهراً من مظاهر القدرة الفائقة على التعبير، وهو بالتالي من مظاهر الإعجاز القرآني(1).

وحيث نزل القرآن متحدّياً للعرب فكان قِصر الآيات والسور أقوى في الدلالة على الاعجاز البياني الذي يهزّ مشاعر المكيّين أكثر من غيره خصوصاً مع كثرة السور القصار وتنوّعها.

وربّما نضيف الى ذلك ظروف المسلمين الخاصة آنذاك وتخفّيهم وتشتتهم بحيث يسهل عليهم الحفظ والتفاعل مع السور القصار، بينما اختلفت الظروف في المدينة حيث صاروا أمّةً، لهم كيانهم الخاص بهم.

وثانياً: لو افترضنا انّ لطبيعة المجتمعين المكي والمدني وثقافتيهما دوراً في هذا التفاوت النسبي في أسلوبي القسمين، فهذا لا يقلّل من قيمة القرآن ولا ينفي ارتباطه بالسماء وعدم خضوعه للطبيعة البشرية، لأنّه لا يعني سوى انسجام القرآن مع الواقع الموضوعي من حوله، فهو يتحدّث بلغة المحيط والمجتمع الذي ينزل بينهم.

كما كان اختيار اللغة العربية له باعتباره قد نزل بين العرب وعلى رسول عربي. كل ذلك كي ينفذ الى أعماق نفوس أبناء هذا المجتمع والتأثير فيهم وإقامة الحجة عليهم، باعتبار أن أرضهم وبلادهم مهد القرآن، وقد نبّهنا سابقاً - قبل استعراض هذه الشبهات - على ضرورة التفريق بين خضوع القرآن للطبيعة البشرية وبين انسجامه مع الواقع والظروف والمجتمع المحيط به، والذي يفترض أن ينطلق الى الأمم الاُخرى من خلاله. وكما قلنا سابقاً يكون هذا الانسجام شاهداً إضافياً على انتسابه للسماء لا للبشر ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ﴾(2).

وقد ذكر علماء البلاغة انّ مميزات المتكلم البليغ مراعاته لمقتضى الحال، إذ لكل مقام مقال كما جاء في المثل المعروف، وهل هناك أولى من كلام الله الحكيم الخبير في مراعاة ذلك؟

ثالثاً: إنّ تفاعل الإنسان مع المجتمع والبيئة الجديدة لا يتم بسرعة بين ليلة وضحاها، خاصةً ما يرتبط بتطوّر قدراته الذاتية وتفاعله مع ثقافة المجتمع الجديد الذي يعيشه، ويكفينا لتأكيد هذه الحقيقة أن نلقي نظرةً على الجماعات المهاجرة الى البلدان الأخرى والمعاناة التي يعانونها بسبب عدم قدرتهم على التفاعل مع مجتمعات هذه البلدان، حتى أنّ هذه المعاناة قد تمتد الى أجيالهم اللاحقة.

بينما نلاحظ انّ نزول القرآن الكريم تلاحق بمجرد هجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) للمدينة المنوّرة ولم تمرّ فترة انقطاع طويلة ريثما يتفاعل (محمد) مع المجتمع الجديد، فهل يعقل مع هذا أن يكون هذا القرآن من (محمد) خاصةً إذا عرفنا أنّ أول سورة مدنية هي سورة البقرة - أكبر سورة في القرآن - وانّ السور الست الأولى النازلة في المدينة، هي البقرة، الأنفال، آل عمران، الأحزاب، الممتحنة، النساء، حيث تندرج فيها أكبر ثلاث سور في القرآن، وفيها القسم الكبير أو الأكبر من المفاهيم والتشريعات التفصيلية المتنوّعة فكيف استطاع (محمد) المكي المتأثر بالبيئة المكية الأُمية والساذجة - كما يزعمون - أن يغيّر خطابه بهذا المستوى من التباين خلال فترة وجيزة؟!

الشبهة الثالثة:

انّ القسم المكي لم يتناول التشريع في مجالات العلاقات والشؤون المرتبطة بالمجتمع، ويرجع هذا الى طبيعة بيئة مكة المتخلّفة، بينما نلاحظ اشتمال القسم المدني على ذلك بسبب تطور المجتمع المدني المتأثر بثقافة أهل الكتاب من اليهود والنصارى.

والجواب عن هذه الشبهة يتضح من خلال ما تقدم، فإنّ عدم تناول القسم المكي للتشريع يعود الى انعدام موضوعه آنذاك حيث كان المسلمون أقلية متناثرة مستضعفة، ولا توجد أرضية لتطبيق هذه التشريعات الإسلامية فكان بيانها - آنذاك - سابقاً
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى القرآن الكريم وعلومه“

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد