دائرة معارف الغيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد:
الحلقة السادسة من دائرة معارف الغيبة
عودٌ على بدء
زيتون الشام:
راجع الأصهب.
دابة الأرض:
هي الدابة التي تحدث عنها القرآن الكريم بقوله تعالى: ]وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ[.[1]
والظاهر أنها من علامات الساعة. اختلف في ماهية هذه الدابة فقد ذهب بعضهم إلى أنها دابة لها مواصفاتها الخاصة تكلّم الناس وردوا هؤلاء أن هذه الدابة تحمل معها عصا موسى وخاتم سليمان وتوسم الكافر والمنافق إلى غير ذلك مما اتفق عليه الفريقان، والحقيقة ابهام هذا التفسير غير مبرر، فان ما يروونه من مواصفات هذه الدابة ثم الاصرار على انها دابة كيفية الداوب لا تتناسب واقع الأمر وذلك:
أولاً: ان الكلام لا يصدر الا من الآدميين وليس من صفات الدواب الحيوانية.
ثانياً: ان مهمة هذه الدابة _ كما في كثير من الروايات _ انها لمحاججة الناس، أي أن مهمتها حوارية فمن غير المقبول أن نقنع أنفسنا بأن هذه الدابة حيوان يتصدى لمحاججة المنحرفين ويحاول القاء الحجة عليهم.
ثالثاً: ان لهذه الدابة شأنٌ انساني وكما مقام رفيع بقرينة حملها لعصا موسى وخاتم سليمان وهي من مواريث الأنبياء ولا يتناسب لمثل هذه المواريث أن تكون لدى دابة حيوانية.
رابعاً: أن الدابة أعم من الحيوان والإنسان، فكل ما يدبى على وجه الأرض فهو دابة كما في قول الشاعر:
زعمتني شيحناً وليس بشيخ انما الشيخ من يدبُ دبيبا
أي يسير بطيء على الأرض بسبب ضعفه
إذن فلا مناص من القول بأن الدابة هي انسان يخرج لمحاججة الناس والقاء الحجة عليهم وقد اتفق اكثر المفسرين ورواة الحديث أن هذا الإنسان الذي سيقوم بهذه المهمة هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) .
قد روى الإمامية عن جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) أنه قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان، آية في كتاب الله (عليه السلام) أفسدت قلبي وشككتني.
قال عمار: وأية آية هي؟
قال قوله (عز وجل) : ]وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ...[ فأي دابة هذه؟
قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتّى أريكها، فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يأكل تمراً وزبداً فقال: يا أبا اليقظان اجلس فجلس عمار وجعل يأكل معه، فتعجب الرجل منه فلما قام عمار قال الرجل: سبحان الله يا أبا اليقظان حلفت أن لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها.
قال عمار قد أريتكها ان كنت تعقل.[2]
أما علماء السنة فقد رووا كما في ميزان الاعتدال للذهبي أن دابة الأرض عليّ بن أبي طالب.
فقد روى الذهبي عن جابر الجعفي أنه كان يقول: دابة الأرض عليّ بن أبي طالب.[3]
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل بعض علماء أهل السنة اعترفوا بأن دابة الأرض هي عليّ (عليه السلام) كما ورد في كلام الشيخ محمود شلتوت شيخ جامع الأزهر ما نصه:
والواقع أن هذه الدابة قد قيل في شأنها أكثر من ذلك، وعملت فيها الروايات والآثار عملها المعروف في كل أمرٍ غيبي أخبر به القرآن، ولم يتصل به بيان قاطع عن الرسول عليه الصلاة والسلام، قيل ذلك في حقيقتها وقيل في صفتها، ومن أغرب ما قيل في حقيقتها أنها انسان، وأنه عليّ(عليه السلام).[4]
والظاهر أن غرابته ليس من باب إيمانه بالخبر بل من باب تلقي المخاطب وتقبّله بأن الدابة هي انسان وهي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، إذ ما ارتكز من مفهوم لدى الناس أن اطلاق الدابة على الحيوان وليس على الإنسان وهو فهمٌ قاصر.
الدجال:
من علامات الظهور، وحسب بعض الروايات أن ظهوره يتزامن مع نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) أو قُبيلهُ بقليل، وقد عبّر البعض عنه بالمسيح الدجال ولعله تبعاً لبعض الروايات أو لكونه يُقابل المسيح في دعوته.
تُشير بعض الروايات إلى أنه ولد في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وهو ابن صياد، أو صائد بن صياد، ووردت روايات بأن النبي (صلى الله عليه وآله) أشار إليه بأنه هو الدجال وسيبقى إلى اليوم الموعود، حتّى أن الشيخ الصدوق استفاد من وجود الدجال على إثبات حياة الإمام المهدي (عليه السلام) بأن الله تعالى أبقى عدوه إلى اليوم الموعود حسبما وردت روايات أهل السنة بذلك فكيف لا يُطيل الله عمر وليه ليظهره على الدين كله؟ وهذا التساؤل حقيق بالتمعن فالاذعان بحياة الدجال يلازمه قبول وجود الإمام الحجّة (عليه السلام) وإذا كانت ارادة الله نافذة في عدوه فما بالنا تتوقف في حياة وليه إلى اليوم الموعود، وهو أمرٌ لا يمكن تغافلهُ فعلاً. يبدو أن الدجال سيمثل احدى مظاهر القهر والقتل ما أنه يُمثّل حالةً من حالات الكذب والتزوير والدجل ليُغري بالكثيرين من السذج وضعيفي الإيمان، وسيتبعهُ الكثير ممن يحملون في مطاوي نفوسهم حالات التشكيك لتنفذ بسهولة محاولات التضليل والدجل والتزوير. يُمثل الدجال غاية الانحراف والدجل وذلك من خلال ما يستخدمه من أساليب السحر والشعوذة التي توهم المغفلين التباعه، والظاهر أنه يستغل أزمةً اقتصاديةً خانقةً تودي بالكثير ممن يتهاوون بعقيدته ومبادئه أن يخضع أمام مغريات الدجال ووعوده الزائية لهم بتوفير حياة مادية لا تشوبها أية أزمة ولا تعتورها أية مشكلة فيتبع الدجال من قبل طلاّب الدنيا ومحبي الجاه، إلا أن الظاهر من الروايات أن شيئاً من هذه الوعود لم تتحقق، فان الدجال يبدأ مهمته بمحاولة جذبٍ وتعزير لعناصر خاصة تستهويهم مغرياته وذلك بفعل أعمال السحر التي يستخدمها كوسيلة اقناع ومن ثم فهو يوقع التدمير والقتل بمن خالفه أو بمن لم ينتمِ إليه أو يصدّقهُ.
إذن فمحاولات الدجال مظهرٌ من مظاهر الظلم وقلب الحقائق ومصادرتها، وإذا كان الأمر كذلك فان لحركة الإمام (عليه السلام) أثرها في تفعيل وعي الناس وبيان اكذوبة الدجال وفضح أضاليله وانحرافاته، وهو بالتأكيد عملٌ يستدعي تقديم جهدٍ عسكري ودعم محاولات التهدي للدجال واحباط محاولاته، وبهذا سينكشف زيفه وخداعه ويتهاوى أمام ارادة المؤمنين بقيادة الإمام (عليه السلام) الذي يسعى لقتله وتفريق جماعاته، ويبدون أن هذه المهمة توكل إلى السيد المسيح الذي يتولى أمر القضاء عليه واخماد تحركاته الباطلة.
ان إيكال مهمة القضاء على الدجال للسيد المسيح تبدو أن لها علاقة بجغرافية تحركاته العسكرية، والظاهر أن أكثر المؤيديون له هم من المسيحيين الذين تستهويهم دعاوى الدجال وشعاراته الاصلاحية الزائقة، ويمكن أن تكون ثقافة الغرب المسيحية بمنأى عن الثقافة المهدوية وعلامات الظهور التي تؤكد ظهور السيد المسيح، وهو الأمر الذي سيجعل الكثيرين منهم ينبهروا بدعوة الدجال فضلاً عن أن بعض الاتجاهات هناك تدعم أية محاولة من شأنها إرباك مهمة الإمام (عليه السلام) أو التصدي لها.
وجديرٌ ذكره أن الدجال يلقّب بالأعور لذا أشيع بالأعور الدجال كما ورد في صحيح مسلم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ان الله تبارك وتعالى ليس بأعور، ألا وان المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية.[5]
يتبع إن شاء الله.
[1] النمل: 27.
[2] خاتمة الدروع: 200.
[3] المسيخ الدجال وأسرار الساعة/ للعلامة السفاريني: 120.
[4] معرفة هرمجدون ونزول عيسى والمهدي المنتظر بين النفس والاثبات/ الدكتور أحمد حجازي القا: 145.
[5] الملاحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر (عليه السلام) : 93.
--- التوقيع ---
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM
موضوع منقول
فيه تتمة
الحلقة السادسة من دائرة معارف الغيبة
-
- عضو جديد
- مشاركات: 124
- اشترك في: الاثنين نوفمبر 19, 2007 4:22 pm
-
- عضو جديد
- مشاركات: 124
- اشترك في: الاثنين نوفمبر 19, 2007 4:22 pm
الحلقة السابعة من دائرة معارف الغيبة
دائرة معارف الغيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد:
الحلقة السابعة من دائرة معارف الغيبة
عودٌ على بدء
الدجالون:
يؤدي الانحطاط الفكري والانحراف العقائدي إلى امكانية مزاولة الدعاوى الكاذبة من لدن بعض طلاّب الدنيا ومحبي الجاه والمناصب، ويبدو أن الحس الديني بفطرته يثوقُ إلى التمسك بأية دعوة من شأنها مخاطبة الشعور الفطري الذي يمتلك الكثيرين ممن يصبون إلى النهوض بمستوى العقيدة الحقة، إلاّ أن ذلك يُعد خطيراً في كثير من الأحيان وذلك حين نضوب الفكر العام من أية أطروحةٍ تعين على إمكانية الفرز والتمييز، فإذا خلت الامة من هذه القدرات صارت عرضةً لأية محاولة من شأنها التقرير بالكثير والقائهم في خضم الابتزاز الفكري ومحاولات التوجيل وتزوير الحقائق. ولعل أهم ما سيكون من هذه الاتجاهات الخاطئة وممارسات الزييف ما يمكن لبعض الدجاليين من ادعاء النبوة الكاذبة وتحدي عقيدة المسلمين جميعاً من خاتمية نبينا محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وستكون من علامات الظهور ادعاء ثلاثين كذاباً يدعون النبوة. وقد أطلقت عليهم الروايات بالدجالين كما ورد: ان بين يدي الساعة ثلاثين جدالاً كذاباً. وفي حديث آخر: لا تقوم الساعة حتّى يبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله.[1]
نعم إمكانية هذا التحدي الخطير يظهر مع انجاز الوعي العام وتدني الثقافة وفي ظروف الانحطاط الديني والانحلال الخلقي من قبل البعض.
دعوى السفارة:
وهي ادعاء بعض الاشخاص بسفارتهم عن الإمام الحجة (عليه السلام) كذباً، ومحاولة التمويه على العامة بأنهم نصّبوا من قبل الإمام (عليه السلام) وبذلك يخدعون السذج والبسطاء ويتعاملون مع المغفلين على أساس هذه الدعوى الكاذبة، فيبتزون الأموال ويدفعونهم إلى ارتكاب المحرمات بحجة التشريع ولمجاراة أذواق بعض العامة ورغباتهم.
ولغرض معرفة دواعي هذه الادعاءات الباطلة والاجراءات التي اتخذها الإمام (عليه السلام) وسفرائه لقطع الطريق على هذه الدعاوى راجع أبو بكر البغدادي والشلمغاني.
سرداب الغيبة:
هو السرداب الموجود في بيت الإمامين العسكريين (عليهما السلام) .
وقصة السرداب هذا تحكي احدى حالات المطاردة التي اتبعها النظام للالقاء على الإمام المهدي (عليه السلام) .
كان دخول الإمام المهدي (عليه السلام) إلى السرداب حالة طارئة دفعته للاختفاء فيه عند مداهمة السلطة بيت أبيه بحثاً عنه، وكانت خطوة احترازية ذكية، أربك فيها السلطة وقت ذاك بعد أن كانت القوة المسلحة المرسلة من قبل الخليفة لم تتوقع دخوله سرداب بيته فان اخفاء نفسه في بيته المداهم لم يكن متوقعاً، فمن المستبعد _ في الحسابات الأمنية لدى السلطة _ أن يكون المهدي الملاحق من قبلها يختفي في مكان قريب منها أو مكان تحوم حوله شكوك السلطة المتوجهة من وجوده، إلاّ أنه عند عملية احدى المداهمات كان الإمام (عليه السلام) قد خرج من السرداب وهو يخرج من بين رجالات القوة المسلحة دون أن يتوقعوا هذا الفتى الخارج من السرداب هو بغيتهم التي يبحثون عنها.
أجل فان القوة المسلحة لم تستحضر مواصفات الإمام فان والده الإمام العسكري (عليه السلام) أخفاه عن أعين العامة فمتى يُتاح للآخرين التعرف عليه؟!
هذا ما كان من خبر السرداب الذي ترويه الشيعة وهو الموافق تماماً للخطوات الاحترازية الأمنية المتخذة من قبل أي شخص مطارد وقد دوهم بيته غيلة فضلاً عن المهدي الذي اتخذ اختفائه خطوات طبيعية، ثم هي مناورة سريعة غير مرتقبة لا من قبل النظام، ولا من قبل القوة المداهمة حيث أربكها تماماً واسقط ما في أيديها ورجعت خائبة لم تحقق مهمتها بعد ذلك.
إذن لم تُعد كلمة (السرداب) انتقاصاً لمسألة الغيبة حتى يعدها الآخرون عملية مستهجنة تدلل على سخف فكرة الغيبة، فأصل الغيبة ومستلزماتها لا علاقة لها أصلاً بقضية السرداب، إنما هو مقدمة تكتيكية كان الإمام قد عملها بعد مداهمة قوات الأمن لبيته ثم يعاجلهم بعد ذلك بالخروج فوراً دون أدنى تأخير، فلم تكن مسألة السرداب هي المعبرة عن الغيبة إذن.
ومن جهته فان مداهمة السلطة لبيت الإمام العسكري (عليه السلام) بحثاً عن الإمام المهدي (عليه السلام) دليل على إذعان السلطة واعترافها بولادته ووجوده.
فقضية السرداب إذن تُعدُ معلماً ايجابياً في اثبات وجود الإمام (عليه السلام) من خلال مجريات الأحداث التي رافقت غيبته (عليه السلام) .
أما اهتمام بعض الشيعة بالسرداب فهو يعكس الرغبة في التعبير عن استذكار واقعةٍ تاريخية تؤكد مظلومية الإمام (عليه السلام) وملاحقته من قبل الظالمين، وهي بذلك تترسخ لديها صحة غيبة الإمام (عليه السلام) من خلال مسلسل الأحداث التي رافقت وجوده الشريف.
السفارة:
الاسلوب الذي لا بدّ من اتباعه في هذه الفترة الخطيرة من الغيبة هو أسلوب السفارة التي مارسها الإمام المهدي (عليه السلام) أبّان غيبته وهؤلاء السفراء شكلوا قنوات الاتصال الدقيقة مع الإمام (عليه السلام) وشيعته، وهو الأسلوب الذي أثبت نجاحه على مدى سبعين عاماً من عمر الغيبة الصغرى، وكانت تشكيلة السفراء وبمواصفات خاصة تنم عن دقة العمل المتخذ في هذه الفترة والأسلوب الأمثل الذي اتبع في انسيابية المعلومات بين الإمام (عليه السلام) وبين قواعده.
بل لعل القواعد الشيعية لم تستشعر الفراغ أبان عهد الغيبة الصغرى بوجود السفراء، فكان أسلوباً مثيراً حقاً أثبت جدارة مهمة الإمام (عليه السلام) في غيبته.
يتبع إن شاء الله.
[1] معجم الملاحم والفتن 2: 238.
--- التوقيع ---
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM
موضوع منقول
فيه تتمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد:
الحلقة السابعة من دائرة معارف الغيبة
عودٌ على بدء
الدجالون:
يؤدي الانحطاط الفكري والانحراف العقائدي إلى امكانية مزاولة الدعاوى الكاذبة من لدن بعض طلاّب الدنيا ومحبي الجاه والمناصب، ويبدو أن الحس الديني بفطرته يثوقُ إلى التمسك بأية دعوة من شأنها مخاطبة الشعور الفطري الذي يمتلك الكثيرين ممن يصبون إلى النهوض بمستوى العقيدة الحقة، إلاّ أن ذلك يُعد خطيراً في كثير من الأحيان وذلك حين نضوب الفكر العام من أية أطروحةٍ تعين على إمكانية الفرز والتمييز، فإذا خلت الامة من هذه القدرات صارت عرضةً لأية محاولة من شأنها التقرير بالكثير والقائهم في خضم الابتزاز الفكري ومحاولات التوجيل وتزوير الحقائق. ولعل أهم ما سيكون من هذه الاتجاهات الخاطئة وممارسات الزييف ما يمكن لبعض الدجاليين من ادعاء النبوة الكاذبة وتحدي عقيدة المسلمين جميعاً من خاتمية نبينا محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وستكون من علامات الظهور ادعاء ثلاثين كذاباً يدعون النبوة. وقد أطلقت عليهم الروايات بالدجالين كما ورد: ان بين يدي الساعة ثلاثين جدالاً كذاباً. وفي حديث آخر: لا تقوم الساعة حتّى يبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله.[1]
نعم إمكانية هذا التحدي الخطير يظهر مع انجاز الوعي العام وتدني الثقافة وفي ظروف الانحطاط الديني والانحلال الخلقي من قبل البعض.
دعوى السفارة:
وهي ادعاء بعض الاشخاص بسفارتهم عن الإمام الحجة (عليه السلام) كذباً، ومحاولة التمويه على العامة بأنهم نصّبوا من قبل الإمام (عليه السلام) وبذلك يخدعون السذج والبسطاء ويتعاملون مع المغفلين على أساس هذه الدعوى الكاذبة، فيبتزون الأموال ويدفعونهم إلى ارتكاب المحرمات بحجة التشريع ولمجاراة أذواق بعض العامة ورغباتهم.
ولغرض معرفة دواعي هذه الادعاءات الباطلة والاجراءات التي اتخذها الإمام (عليه السلام) وسفرائه لقطع الطريق على هذه الدعاوى راجع أبو بكر البغدادي والشلمغاني.
سرداب الغيبة:
هو السرداب الموجود في بيت الإمامين العسكريين (عليهما السلام) .
وقصة السرداب هذا تحكي احدى حالات المطاردة التي اتبعها النظام للالقاء على الإمام المهدي (عليه السلام) .
كان دخول الإمام المهدي (عليه السلام) إلى السرداب حالة طارئة دفعته للاختفاء فيه عند مداهمة السلطة بيت أبيه بحثاً عنه، وكانت خطوة احترازية ذكية، أربك فيها السلطة وقت ذاك بعد أن كانت القوة المسلحة المرسلة من قبل الخليفة لم تتوقع دخوله سرداب بيته فان اخفاء نفسه في بيته المداهم لم يكن متوقعاً، فمن المستبعد _ في الحسابات الأمنية لدى السلطة _ أن يكون المهدي الملاحق من قبلها يختفي في مكان قريب منها أو مكان تحوم حوله شكوك السلطة المتوجهة من وجوده، إلاّ أنه عند عملية احدى المداهمات كان الإمام (عليه السلام) قد خرج من السرداب وهو يخرج من بين رجالات القوة المسلحة دون أن يتوقعوا هذا الفتى الخارج من السرداب هو بغيتهم التي يبحثون عنها.
أجل فان القوة المسلحة لم تستحضر مواصفات الإمام فان والده الإمام العسكري (عليه السلام) أخفاه عن أعين العامة فمتى يُتاح للآخرين التعرف عليه؟!
هذا ما كان من خبر السرداب الذي ترويه الشيعة وهو الموافق تماماً للخطوات الاحترازية الأمنية المتخذة من قبل أي شخص مطارد وقد دوهم بيته غيلة فضلاً عن المهدي الذي اتخذ اختفائه خطوات طبيعية، ثم هي مناورة سريعة غير مرتقبة لا من قبل النظام، ولا من قبل القوة المداهمة حيث أربكها تماماً واسقط ما في أيديها ورجعت خائبة لم تحقق مهمتها بعد ذلك.
إذن لم تُعد كلمة (السرداب) انتقاصاً لمسألة الغيبة حتى يعدها الآخرون عملية مستهجنة تدلل على سخف فكرة الغيبة، فأصل الغيبة ومستلزماتها لا علاقة لها أصلاً بقضية السرداب، إنما هو مقدمة تكتيكية كان الإمام قد عملها بعد مداهمة قوات الأمن لبيته ثم يعاجلهم بعد ذلك بالخروج فوراً دون أدنى تأخير، فلم تكن مسألة السرداب هي المعبرة عن الغيبة إذن.
ومن جهته فان مداهمة السلطة لبيت الإمام العسكري (عليه السلام) بحثاً عن الإمام المهدي (عليه السلام) دليل على إذعان السلطة واعترافها بولادته ووجوده.
فقضية السرداب إذن تُعدُ معلماً ايجابياً في اثبات وجود الإمام (عليه السلام) من خلال مجريات الأحداث التي رافقت غيبته (عليه السلام) .
أما اهتمام بعض الشيعة بالسرداب فهو يعكس الرغبة في التعبير عن استذكار واقعةٍ تاريخية تؤكد مظلومية الإمام (عليه السلام) وملاحقته من قبل الظالمين، وهي بذلك تترسخ لديها صحة غيبة الإمام (عليه السلام) من خلال مسلسل الأحداث التي رافقت وجوده الشريف.
السفارة:
الاسلوب الذي لا بدّ من اتباعه في هذه الفترة الخطيرة من الغيبة هو أسلوب السفارة التي مارسها الإمام المهدي (عليه السلام) أبّان غيبته وهؤلاء السفراء شكلوا قنوات الاتصال الدقيقة مع الإمام (عليه السلام) وشيعته، وهو الأسلوب الذي أثبت نجاحه على مدى سبعين عاماً من عمر الغيبة الصغرى، وكانت تشكيلة السفراء وبمواصفات خاصة تنم عن دقة العمل المتخذ في هذه الفترة والأسلوب الأمثل الذي اتبع في انسيابية المعلومات بين الإمام (عليه السلام) وبين قواعده.
بل لعل القواعد الشيعية لم تستشعر الفراغ أبان عهد الغيبة الصغرى بوجود السفراء، فكان أسلوباً مثيراً حقاً أثبت جدارة مهمة الإمام (عليه السلام) في غيبته.
يتبع إن شاء الله.
[1] معجم الملاحم والفتن 2: 238.
--- التوقيع ---
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
http://WWW.M-MAHDI.COM
موضوع منقول
فيه تتمة
-
- مشاركات: 731
- اشترك في: الاثنين مارس 31, 2008 5:42 pm
رد: الحلقة السادسة من دائرة معارف الغيبة
السلام عليك يا اخي العزيز
اللهم صلى على محمد وال محمد
تسلم يا العزيز على هذا الموضوع
واتمنى لك دوام التوفيق
اللهم صلى على محمد وال محمد
تسلم يا العزيز على هذا الموضوع
واتمنى لك دوام التوفيق
الموجودون الآن
المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد