اللهم صلي وسلم وزد وبارك على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ..
لقد تعددت الروايات واختلفت الأخبار في عدد أفراد الجيش الذي خرج إلى حرب الحسين (ع) بكربلاء ، والأشهر الأصح منها يتفاوت ويتراوح بين الثلاثين الف والسبعين ألف مقاتل وقد أجمع المؤرخون على أنهم جميعاً كانوا من أهل الكوفة خاصة ليس فيهم شامي و حجازي ولا بصري والمعروف عن أهل الكوفة أنهم شيعة أو يغلب عليهم التشيع لأهل البيت (ع) ومن هنا استنتج بعض الذين كتبوا في الحسين (ع) أن الشيعة هم الذين قتلوا الحسين (ع) بكربلاء ويفسرون أيضاً زيارة الشيعة لمرقد الحسين (ع) بكربلاء وبكاء الشيعة على الحسين (ع) أيام عاشوراء وغيرها من مظاهر الحداد التي يقيمونها اليوم على الحسين (ع) يفسر هؤلاء الكتاب ذلك منهم بأنه ندم وتكفير لما فعله سلفهم وآبائهم من قبل وتعبير منهم عن مدى احساسهم بقبح الجريمة التي ارتكبها الأجداد ... أقول هكذا قال بعض المعاصرين من الذين كتبوا عن الحسين (ع) فهل هذا صحيح ؟ ..
الجواب : كلا . لم يكن في ذلك الجيش الذي اجتمع على حرب الحسين (ع) بكربلاء يوم العاشر من المحرم ولا شيعي واحد . بل كان ذلك الجيش خليطاً مؤلفاً من الخوارج ومن الحزب الأموي ومن المنافقين الذين عانى منهم الإمام علي والإمام الحسن من المحن والأذى وأيضاً كان فيهم كثير من المرتزقة الذين كانوا يشكلون جيشاً نظامياً أقامه الولاة للإستعانة بهم على قمع الفتن والحركات الداخلية وكان أكثرهم من الحمر . أي غير العرب لم يعرف لهم نسب ولا حسب ولا مبدأ وبكلمة واحدة ماكان فيهم شيعي قط .
ودليلنا على ذلك هو : أولاً إن الكوفة كانت علوية النزعة ويغلب عليها التشيع في عهد الامام علي (ع) ولكنها لم تبق على ذلك بعده لأن معاوية وولاته عندما استولوا على الكوفة بعد مقتل الامام علي (ع) قتلوا الشيعة فيها وشردوهم حتى لم يبق فيها في عصر زياد ونجله ، شيعي بارز معروف إلا وهو مقتول أو مسجون أو مشرد .
وإن أردت تفصيل ما فعله معاوية بالشيعة في الكوفة وغيرها في عهد خلافته فاقرأ كتب التاريخ والسيرة لتعرف كيف قامت المجازر البشرية ونصبت المشانق وفتحت السجون لابادة الشيعة والتشيع في ذلك العصر المشئوم حتى بلغ الحال أن الرجل كان يتهم بالكفر والالحاد والزندقة فلا خوف عليه ولكن إذا اتهم بالتشيع لعلي (ع) سفك دمه ونهب ماله وهدمت داره .
كتب معاوية بن أبي سفيان بنسخة واحدة إلى جميع عماله وولاته في الأقطار أن انظروا إلى من يتهم بحب علي (ع) فامسحوا اسمه من الديوان (أي من كافة الحقوق المدنية والمالية) ومن قامت عليه البينة أنه من شيعة علي فاقتلوه وانهبوا ماله واهدموا داره .
ولقد حار الخبراء والمتتبعون للتأريخ كيف بقي في العالم شيعة مع تلك الحملات الابادية والاضطهادات والمطاردات التي قامت ضدهم طيلة مئة عام أو أكثر فترة الحكم الأموي وبعده في حين أن بعض الطوائف التي ظهرت في تلك الفترة قد أبيدت وزالت كلياً لما وجه اليها بعض ما وجه إلى الشيعة من الضغط والتنكيل ... أجل أن المقتضى الطبيعي لما لاقاه الشيعة من أعدائهم ابان الحكم الأموي هو أن لا يبقى لهم عين في العالم ولا أثر . ولكن بما أن التشيع هو دين الله الكامل ونوره المبين والحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وشريعة قرآنه المنزل على خاتم أنبيائه محمد (ص) وقد تعهد الله سبحانه وتعالى أن يحفظ دينه ويتم نوره ويحفظ قرآنه ويظهر الحق على الباطل ولو كره الكافرون «أما الزبد فيذهب جفاءاً واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» وها هو التشيع اليوم يعم أقطار الأرض ولا يكاد يخلو منه مكان في العالم . والذين ينتمون اليه اليوم يبلغون مئة مليون أو أكثر من المسلمين ؛ وهذا علي بن أبي طالب الذي كان يشتم ويسب على المنابر الاسلامية طيلة الحكم الأموي ها هو اسمه اليوم على المآذن مقروناً باسم الله وباسم رسوله . يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره المشركون .
والخلاصة : لم يبق في عصر الحسين (ع) في الكوفة من الشيعة سوى أقلية قليلة هم بقية حملات الاباده والسيف والتنكيل الأموي وكانوا لا يتجاوزون الأربعة أو الخمسة آلاف رجلاً وهم الذين كان ابن زياد لعنه الله قد ملأ بهم سجون الكوفة ومعتقلاتها قبل قدوم الحسين (ع) إلى العراق وهؤلاء هم كل الشيعة في الكوفة يومئذ وهم الذين كسروا السجون بعد أن ترك ابن زياد العراق والتحق بالشام كسروا السجون وخرجوا ثائرين بدم الحسين (ع) بعد قتله بما يقرب من أربع سنوات وقبل ثورة المختار وتوجهوا نحو الشام والتقوا بجيوش الأمويين على نهر الزاب في شمال العراق وقاتلوا حتى قتلوا . وعرفوا في التاريخ بالتوابين . وهي تسمية غير حقيقية حيث لم تصدر منهم خطيئة بالنسبة إلى الحسين (ع) حتى يكون قتلهم في الثأر له توبة عنها بل هم الآسفون على الأصح حيث أسفوا أن يقتل الحسين (ع) ولم يستطيعوا الدفاع عنه وقالوا : (لا خير في العيش بعده) فاذاً اتهام الشيعة بانهم قتلوا الحسين . لأن أهل الكوفة كانوا في وقت من الأوقات شيعة بمجموعهم أو بأكثريتهم . اتهام باطل لا أساس له وقد عرفت وجه البطلان فيه .
وأما ما نراه اليوم من الأكثرية الشيعية في العراق فانه حدث بعد ذلك وبعد زوال السلطان الأموي الجائر عن العراق والعالم الاسلامي وعلى أثر الحريات التي نالها الشيعة في اكثر فترات الدولة العباسية وببركة العتبات المقدسة ومراقد أهل البيت عليهم السلام المنتشرة في أنحاء كثيرة من العراق . ولا تنسى أن الجامعة العلمية التي أسسها شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي أعلا الله مقامه في النجف الشرف قبل اكثر من ألف عام كان لها الأثر الكبير في نشر التشيع في العراق وفي أنحاء أخرى من البلاد الاسلامية وذلك بما خرجته هذه الجامعة من فحول العلماء ورجال العلم وأعلام الدعوة وكبار الفلاسفة والمجتهدين ومراجع الدين حتى صارت النجف الأشرف مهوى أفئدة طلاب العلم والمعرفة وموطن العلماء العظام وعاصمة العالم الشيعي ولا تزال كذلك إلى اليوم وستبقى كذلك إلى الأبد إن شاء الله رغم كل المحاولات التي تبذل للقضاء على قدسية هذه المدينة العلمية المقدسة .
هذا كله بيان لبطلان هذا الاتهام من الناحية التاريخية وعلى صعيد الواقع القائم آنذاك . وأما إذا نظرنا إلى هذا التهمة من الناحية الفكرية وناقشناها على الصعيد العقائدي فإنا نجد التناقض الصريح في مؤداها . لأن التشيع وقتل الحسين (ع) ضدان لا يجتمعان فقولهم أن الشيعة قتلوا الحسين (ع) نظير القول مثلاً بان المسلمين قتلوا النبي محمد (ص) أو قولنا مثلاً بأن الشيوعيين قتلوا ماركس أو لينين . فهل هذا يمكن عادة ؟ طبعاً كلا . لأن معنى مسلم يعني من يقدس محمداً (ص) ويحترمه ويضحي بكل غالٍ وعزيز دفاعاًً عنه وان الشيوعي يعني ذلك الشخص الذي يقدس ماركس ولينين ويحترمهما الى أبعد الحدود وينقاد لأوامرهما وتعاليمهما فكيف يمكن أن يقدم على قتلهما مع الاحتفاظ بشيوعيته وهل يعقل أن يقدم انسان على قتل رسول الله (ص) وهو في نفس الوقت مسلم ويصدق عليه صفة الاسلام . هذا مستحيل وغير معقول . نعم شخص كان مسلماً ثم ارتد وكفر وقتل محمداًَ (ص) مثلاً هذا يجوز ويعقل .
وهكذا الحال بالنسبة إلى الشيعي لأن التشيع عبارة عن تقديس الحسين (ع) بشكل ليس فوقه تقديس إلا قدسية الله ورسوله والانسان الشيعي هو الذي يؤمن بإمامة الحسين ويعتقد بخلافته عن رسول الله نصاً وعقلاً ويرى الحسين (ع) حجة الله على خلقه ووليه في عباده وانه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وان مخالفته وعصيان أوامره كفر ومروق عن الدين فضلاً عن قتله وسفك دمه . فكيف يجتمع هذا المعنى في نفس انسان مع إقدامه على قتل الحسين (ع) متعمداً وأي تضاد وتهافت وتناقض أقبح من هذا . ولكن ويا للأسف إن الحقد على الشيعة والتعصب ضدهم أعمى البصائر وذهب بالعقول من هؤلاء حتى صاروا لا يتعقلون ما يقولون وأني لأتحدى أي أحد يثبت وجود شخص واحد شيعي بهذا المعنى في صفوف جيش عمر بن سعد الذي حارب الحسين بكربلاء . نعم كان فيهم أناس كانوا سابقاً من الشيعة . أي أنهم حضروا مع الإمام (ع) في معركة الجمل وفي معركة صفين مثل الشمر بن ذي الجوشن الضبابي وشبث بن ربعى وقيس بن الأشعث ومحمد بن الأشعث وغيرهم لعنهم الله ولكنهم ارتدوا بعد ذلك وصاروا خوارج وكفّروا علياً في فتنة رفع المصاحف التي أثارها ابن العاص حسب ما هو معروف وهؤلاء الخوارج هم الذين قاتلهم الإمام علي (ع) في معركة النهروان فقتل من قتل منهم وانهزم من انهزم وألف الخوارج طائفة من طوائف المسلمين بعد ذلك وتآمروا على قتل الإمام وقتلوه في الصلاة وهجموا على ابنه الحسن (ع) يوم ساباط وطعنوه ، وإلى غير ذلك من مظاهر عدائهم لعلي (ع) وأبنائه الطاهرين .
والحاصل : إن التشيع عقيدة وعمل وإن إطاعة الحسين (ع) واحترامه والدفاع عنه من صميم تلك العقيدة وقوام ذلك العمل كالذي فعله أولئك النفر من الشيعة أصحاب الحسين (ع) يوم كربلاء الذين بذلوا أنفسهم وضحوا بأبنائهم وعوائلهم وكل ما يملكون دفاعاً عن الحسين وآله (ع) .
لقد تعددت الروايات واختلفت الأخبار في عدد أفراد الجيش الذي خرج إلى حرب الحسين (ع) بكربلاء ، والأشهر الأصح منها يتفاوت ويتراوح بين الثلاثين الف والسبعين ألف مقاتل وقد أجمع المؤرخون على أنهم جميعاً كانوا من أهل الكوفة خاصة ليس فيهم شامي و حجازي ولا بصري والمعروف عن أهل الكوفة أنهم شيعة أو يغلب عليهم التشيع لأهل البيت (ع) ومن هنا استنتج بعض الذين كتبوا في الحسين (ع) أن الشيعة هم الذين قتلوا الحسين (ع) بكربلاء ويفسرون أيضاً زيارة الشيعة لمرقد الحسين (ع) بكربلاء وبكاء الشيعة على الحسين (ع) أيام عاشوراء وغيرها من مظاهر الحداد التي يقيمونها اليوم على الحسين (ع) يفسر هؤلاء الكتاب ذلك منهم بأنه ندم وتكفير لما فعله سلفهم وآبائهم من قبل وتعبير منهم عن مدى احساسهم بقبح الجريمة التي ارتكبها الأجداد ... أقول هكذا قال بعض المعاصرين من الذين كتبوا عن الحسين (ع) فهل هذا صحيح ؟ ..
الجواب : كلا . لم يكن في ذلك الجيش الذي اجتمع على حرب الحسين (ع) بكربلاء يوم العاشر من المحرم ولا شيعي واحد . بل كان ذلك الجيش خليطاً مؤلفاً من الخوارج ومن الحزب الأموي ومن المنافقين الذين عانى منهم الإمام علي والإمام الحسن من المحن والأذى وأيضاً كان فيهم كثير من المرتزقة الذين كانوا يشكلون جيشاً نظامياً أقامه الولاة للإستعانة بهم على قمع الفتن والحركات الداخلية وكان أكثرهم من الحمر . أي غير العرب لم يعرف لهم نسب ولا حسب ولا مبدأ وبكلمة واحدة ماكان فيهم شيعي قط .
ودليلنا على ذلك هو : أولاً إن الكوفة كانت علوية النزعة ويغلب عليها التشيع في عهد الامام علي (ع) ولكنها لم تبق على ذلك بعده لأن معاوية وولاته عندما استولوا على الكوفة بعد مقتل الامام علي (ع) قتلوا الشيعة فيها وشردوهم حتى لم يبق فيها في عصر زياد ونجله ، شيعي بارز معروف إلا وهو مقتول أو مسجون أو مشرد .
وإن أردت تفصيل ما فعله معاوية بالشيعة في الكوفة وغيرها في عهد خلافته فاقرأ كتب التاريخ والسيرة لتعرف كيف قامت المجازر البشرية ونصبت المشانق وفتحت السجون لابادة الشيعة والتشيع في ذلك العصر المشئوم حتى بلغ الحال أن الرجل كان يتهم بالكفر والالحاد والزندقة فلا خوف عليه ولكن إذا اتهم بالتشيع لعلي (ع) سفك دمه ونهب ماله وهدمت داره .
كتب معاوية بن أبي سفيان بنسخة واحدة إلى جميع عماله وولاته في الأقطار أن انظروا إلى من يتهم بحب علي (ع) فامسحوا اسمه من الديوان (أي من كافة الحقوق المدنية والمالية) ومن قامت عليه البينة أنه من شيعة علي فاقتلوه وانهبوا ماله واهدموا داره .
ولقد حار الخبراء والمتتبعون للتأريخ كيف بقي في العالم شيعة مع تلك الحملات الابادية والاضطهادات والمطاردات التي قامت ضدهم طيلة مئة عام أو أكثر فترة الحكم الأموي وبعده في حين أن بعض الطوائف التي ظهرت في تلك الفترة قد أبيدت وزالت كلياً لما وجه اليها بعض ما وجه إلى الشيعة من الضغط والتنكيل ... أجل أن المقتضى الطبيعي لما لاقاه الشيعة من أعدائهم ابان الحكم الأموي هو أن لا يبقى لهم عين في العالم ولا أثر . ولكن بما أن التشيع هو دين الله الكامل ونوره المبين والحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وشريعة قرآنه المنزل على خاتم أنبيائه محمد (ص) وقد تعهد الله سبحانه وتعالى أن يحفظ دينه ويتم نوره ويحفظ قرآنه ويظهر الحق على الباطل ولو كره الكافرون «أما الزبد فيذهب جفاءاً واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» وها هو التشيع اليوم يعم أقطار الأرض ولا يكاد يخلو منه مكان في العالم . والذين ينتمون اليه اليوم يبلغون مئة مليون أو أكثر من المسلمين ؛ وهذا علي بن أبي طالب الذي كان يشتم ويسب على المنابر الاسلامية طيلة الحكم الأموي ها هو اسمه اليوم على المآذن مقروناً باسم الله وباسم رسوله . يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره المشركون .
والخلاصة : لم يبق في عصر الحسين (ع) في الكوفة من الشيعة سوى أقلية قليلة هم بقية حملات الاباده والسيف والتنكيل الأموي وكانوا لا يتجاوزون الأربعة أو الخمسة آلاف رجلاً وهم الذين كان ابن زياد لعنه الله قد ملأ بهم سجون الكوفة ومعتقلاتها قبل قدوم الحسين (ع) إلى العراق وهؤلاء هم كل الشيعة في الكوفة يومئذ وهم الذين كسروا السجون بعد أن ترك ابن زياد العراق والتحق بالشام كسروا السجون وخرجوا ثائرين بدم الحسين (ع) بعد قتله بما يقرب من أربع سنوات وقبل ثورة المختار وتوجهوا نحو الشام والتقوا بجيوش الأمويين على نهر الزاب في شمال العراق وقاتلوا حتى قتلوا . وعرفوا في التاريخ بالتوابين . وهي تسمية غير حقيقية حيث لم تصدر منهم خطيئة بالنسبة إلى الحسين (ع) حتى يكون قتلهم في الثأر له توبة عنها بل هم الآسفون على الأصح حيث أسفوا أن يقتل الحسين (ع) ولم يستطيعوا الدفاع عنه وقالوا : (لا خير في العيش بعده) فاذاً اتهام الشيعة بانهم قتلوا الحسين . لأن أهل الكوفة كانوا في وقت من الأوقات شيعة بمجموعهم أو بأكثريتهم . اتهام باطل لا أساس له وقد عرفت وجه البطلان فيه .
وأما ما نراه اليوم من الأكثرية الشيعية في العراق فانه حدث بعد ذلك وبعد زوال السلطان الأموي الجائر عن العراق والعالم الاسلامي وعلى أثر الحريات التي نالها الشيعة في اكثر فترات الدولة العباسية وببركة العتبات المقدسة ومراقد أهل البيت عليهم السلام المنتشرة في أنحاء كثيرة من العراق . ولا تنسى أن الجامعة العلمية التي أسسها شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي أعلا الله مقامه في النجف الشرف قبل اكثر من ألف عام كان لها الأثر الكبير في نشر التشيع في العراق وفي أنحاء أخرى من البلاد الاسلامية وذلك بما خرجته هذه الجامعة من فحول العلماء ورجال العلم وأعلام الدعوة وكبار الفلاسفة والمجتهدين ومراجع الدين حتى صارت النجف الأشرف مهوى أفئدة طلاب العلم والمعرفة وموطن العلماء العظام وعاصمة العالم الشيعي ولا تزال كذلك إلى اليوم وستبقى كذلك إلى الأبد إن شاء الله رغم كل المحاولات التي تبذل للقضاء على قدسية هذه المدينة العلمية المقدسة .
هذا كله بيان لبطلان هذا الاتهام من الناحية التاريخية وعلى صعيد الواقع القائم آنذاك . وأما إذا نظرنا إلى هذا التهمة من الناحية الفكرية وناقشناها على الصعيد العقائدي فإنا نجد التناقض الصريح في مؤداها . لأن التشيع وقتل الحسين (ع) ضدان لا يجتمعان فقولهم أن الشيعة قتلوا الحسين (ع) نظير القول مثلاً بان المسلمين قتلوا النبي محمد (ص) أو قولنا مثلاً بأن الشيوعيين قتلوا ماركس أو لينين . فهل هذا يمكن عادة ؟ طبعاً كلا . لأن معنى مسلم يعني من يقدس محمداً (ص) ويحترمه ويضحي بكل غالٍ وعزيز دفاعاًً عنه وان الشيوعي يعني ذلك الشخص الذي يقدس ماركس ولينين ويحترمهما الى أبعد الحدود وينقاد لأوامرهما وتعاليمهما فكيف يمكن أن يقدم على قتلهما مع الاحتفاظ بشيوعيته وهل يعقل أن يقدم انسان على قتل رسول الله (ص) وهو في نفس الوقت مسلم ويصدق عليه صفة الاسلام . هذا مستحيل وغير معقول . نعم شخص كان مسلماً ثم ارتد وكفر وقتل محمداًَ (ص) مثلاً هذا يجوز ويعقل .
وهكذا الحال بالنسبة إلى الشيعي لأن التشيع عبارة عن تقديس الحسين (ع) بشكل ليس فوقه تقديس إلا قدسية الله ورسوله والانسان الشيعي هو الذي يؤمن بإمامة الحسين ويعتقد بخلافته عن رسول الله نصاً وعقلاً ويرى الحسين (ع) حجة الله على خلقه ووليه في عباده وانه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وان مخالفته وعصيان أوامره كفر ومروق عن الدين فضلاً عن قتله وسفك دمه . فكيف يجتمع هذا المعنى في نفس انسان مع إقدامه على قتل الحسين (ع) متعمداً وأي تضاد وتهافت وتناقض أقبح من هذا . ولكن ويا للأسف إن الحقد على الشيعة والتعصب ضدهم أعمى البصائر وذهب بالعقول من هؤلاء حتى صاروا لا يتعقلون ما يقولون وأني لأتحدى أي أحد يثبت وجود شخص واحد شيعي بهذا المعنى في صفوف جيش عمر بن سعد الذي حارب الحسين بكربلاء . نعم كان فيهم أناس كانوا سابقاً من الشيعة . أي أنهم حضروا مع الإمام (ع) في معركة الجمل وفي معركة صفين مثل الشمر بن ذي الجوشن الضبابي وشبث بن ربعى وقيس بن الأشعث ومحمد بن الأشعث وغيرهم لعنهم الله ولكنهم ارتدوا بعد ذلك وصاروا خوارج وكفّروا علياً في فتنة رفع المصاحف التي أثارها ابن العاص حسب ما هو معروف وهؤلاء الخوارج هم الذين قاتلهم الإمام علي (ع) في معركة النهروان فقتل من قتل منهم وانهزم من انهزم وألف الخوارج طائفة من طوائف المسلمين بعد ذلك وتآمروا على قتل الإمام وقتلوه في الصلاة وهجموا على ابنه الحسن (ع) يوم ساباط وطعنوه ، وإلى غير ذلك من مظاهر عدائهم لعلي (ع) وأبنائه الطاهرين .
والحاصل : إن التشيع عقيدة وعمل وإن إطاعة الحسين (ع) واحترامه والدفاع عنه من صميم تلك العقيدة وقوام ذلك العمل كالذي فعله أولئك النفر من الشيعة أصحاب الحسين (ع) يوم كربلاء الذين بذلوا أنفسهم وضحوا بأبنائهم وعوائلهم وكل ما يملكون دفاعاً عن الحسين وآله (ع) .