فيما يلي نذكر بعضاً من مواقف الإمام ( ) مع سلطة معاوية ، التي كانت تهزُّ عرشه ، وتُلهم معارضيه أسلوب مقاومته :
الموقف الأول :
في الشام حيث رَكَّز معاوية سلطته خلال عشرات السنين ، ولفَّقَ أكاذيب على الإسلام حتى كاد يخلق للناس ديناً جديداً .
وقف المجتبى ( ) يعارض نظامه الفاسد ، ويبيِّن أنه ( ) وخَطُّه أولى بالقيادة .
ويقصُّ علينا التاريخ الحادثة التالية :
رُوي أنَّ عمرو بن العاص قال لمعاوية : إنَّ الحسن بن علي رجل عَيِيٌّ ، وإنه إذا صعد المنبر ورَمَقوه بأبصارهم خَجَل وانقطع ، لو أذنتَ له .
رُوي أنَّ عمرو بن العاص قال لمعاوية : إنَّ الحسن بن علي رجل عَيِيٌّ ، وإنه إذا صعد المنبر ورَمَقوه بأبصارهم خَجَل وانقطع ، لو أذنتَ له .
فقال معاوية : يا أبا محمَّد ، لو صعدت المنبر ووعظتنا .
فقام ( ) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمَّ قال : ( مَن عرفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليٍّ ، وابن سيدة النِّساء فاطمة ( ) ، بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
أنا ابن رسول الله ، أنا ابن نبيِّ الله ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن البشير النَّذير ، أنا ابن من بُعث رحمة للعالمين ، أنا ابن من بُعث إلى الجنِّ والإنس .
أنا ابن خير خلق الله بعد رسول الله ، أنا ابن صاحب الفضائل ، أنا ابن صاحب المعجزات والدَّلائل .
أنا ابن أمير المؤمنين ، أنا المدفوع عن حَقِّي ، أنا واحدُ سَيِّدَي شباب أهل الجنَّة ، أنا ابن الُّركن والمقام ، أنا ابن مَكَّة ومنى ، أنا ابن المشعر وعرفات ) .
فاغتاظ معاوية وقال : خُذْ في نعت الرُطب ودعْ ذا .
فقال ( ) : ( الرِّيح تنفخه ، والحرُّ يُنضجُه ، وبرد اللَّيل يطيِّبُه ) .
ثمَّ عاد ( ) فقال : ( أنَا ابنُ الشفيع المُطاع ، أنا ابن من قَاتَل معه الملائكة ، أنا ابن مَنْ خَضَعت له قريش ، أنا ابن إمام الخَلقِ ، وابن مُحمَّد رسول الله ) .
فخشي معاوية أن يفتتن به الناس ، فقال : يا أبا محمَّد انزل ، فقد كفى ما جرى .
فنزل فقال له معاوية : ظننتَ أن ستكون خليفة ، وما أنت وذاك ؟!
فقال الحسن ( ) : ( إنَّما الخليفة من سار بكتاب الله ، وسُنَّة رسول الله ، ليس الخليفة من سار بالجور ، وعطَّل السُنَّة ، واتَّخذ الدُّنيا أباً وأُمّاً ، ملك ملكاً مُتِّع به قليلاً ، ثمَّ تنقطع لذَّته ، وتبقى تَبِعَتُه ) .
وحضر المحفل رجل من بني أُمية ، وكان شاباً ، فأغلظ للحسن ( ) كلامه ، وتجاوز الحدَّ في السبِّ والشتم له ولأبيه ( عليهما السلام ) .
فقال الحسن ( ) : ( اللَّهمَّ غَيِّر ما به من النِّعمة ، واجعله أُنثى ليُعتبر به ) .
فنظر الأمويُّ في نفسه وقد صار امرأة ، قد بدَّل الله له فرجه بفرج النساء ، وسقطت لحيته .
فقال الحسن ( ) : ( أُعْزُبي ، مالكِ ومحفل الرِّجال ؟!! ، فإنّكِ امرأة ) .
ثمَّ إنَّ الحسن ( ) سكت ساعة ، ثمَّ نفض ثوبه ونهض ليخرج ، فقال ابن العاص : اجلس فانّي أسألك مسائل .
فقال ( ) : ( سَلْ عَمَّا بدا لك ) .
قال عمرو : أخبرني عن الكَرَم والنجدة والمُروءة .
فقال ( ) : ( أمَّا الكرم فالتبرُّع بالمعروف والإعطاء قبل السؤال .
وأما النجدة فالذَّبُّ عن المحارم ، والصَّبر في المواطن عند المكاره .
وأما المروءة فَحِفْظ الرجل دينه ، وإحرازه نفسه من الدَّنَس ، وقيامه بأداء الحقوق ، وإفشاء السَّلام ) .
فخرج ( ) ، فعذل معاوية عمرو ، فقال : أفسدت أهل الشام .
فقال عمرو : إليك عنِّي ، إن أهل الشام لم يُحبُّوك مَحبَّة إيمان ودين ، إنَّما أحبوك للدنيا ينالونها منك ، والسيف والمال بيدك ، فما يغني عن الحسن كلامه .
ثم شاع أمر الشاب الأموي ، وأتت زوجته إلى ( ) فجعلت تبكي وتتضرع ، فَرَقَّ ( ) لها ودعا ، فجعله الله كما كان .
لكم خالص تحياتي