موكب الإباء من بني هاشم (عليهم السلام)
أجزم بأن كل قلم حر ومما نستمده جميعا من مدرسة الإمام الحسين (ع) بأن تعبير " السبايا " لا يتناسب وإطلاقه على أحرار أهل البيت (ع) وإن كان كل ما جرى في الواقع مريرا وتتفطر له القلوب مما تعرضت له القلة المتبقية ممن بقي على قيد الحياة بعد واقعة كربلاء والتي تمثلت أعدادها في نساء ثكلى وأطفال يتامى من وحشية ومعاملة قاسية خلافا لفعل رسول الأنام (ص) حينما دخل مكة المكرمة في السنة الـثامنةمن الهجرة النبوية الشريفة فاتحا أبوابها لجميع من كان معه حينها قال للمشركين : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " !!!
كلمة قالها الإمام الحسين (ع) لأخيه محمد ابن الحنفية عند خروجه من مكة متوجها إلى كربلاء : " شاء الله أن يراهن سبايا " . وها هو يوم الحادي عشر من محرم الحرام لسنة 61 هجرية وقد بدء مسير موكب الإباء من بني هاشم (ع) وأعني فقط بني هاشم لأن جميع المصادر التاريخية المتواترة تقول بأن كل قبيلة قد استرجعت نساءها من أيدي بني أمية وهم على مشارف الخروج من كربلاء إلا بنو هاشم الذين اقتادتهم الأقدار (ليس باختيارهم ... وإنما تم فرضها عليهم بالقوة) وهم في حال يرثى لها من ذل وتعب نفسي قبل أن تضعف أجسامهم بأن يواصلوا المسير إلى الكوفة حتى يأتي الكتاب من الشام (عاصمة الخلافة الأموية آنذاك) وينظرون في أمرهم .
وها هي الأحقاد الدفينة في القلوب لآل البيت (ع) قبل قضية العرش والتاج حينما أرادت بنو أمية أن تظهرها لمواليها بأن هؤلاء خوارج قد خرجوا على ولاة الأمر .. ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون .
فيقف الإمام السجاد (ع) شامخا في قصر الإمارة بالكوفة ليقول :-
يا أمة السوء لا سقيا لربعكميا أمة لم تراع جدّنا فينالو أنّنا ورسول الله يجمعنايوم القيامة ما كنتم تقولوناتسيرونا على الأقتاب عاريةكأنّنا لم نشيّد فيكم دينا
وقد وقفت السيدة الجليلة بطلة كربلاء زينب بنت علي ابن أبي طالب (ع) في وجه يزيد بن معاوية (لع) لتظهر الحق في الجامع الأموي بالشام حينما تكلمت وأبكت كل من حضر من ذوي النفوس الصافية المستمعة لقولها البيّن وفي ردها على طاغية العصر يزيد (لع) عندما خاطبها بلسان قبيح قائلا : كيف رأيتِ صنع الله بأخيكِ الحسين ؟ قالت ما رأيت إلا جميلا .. إلى جانب خطبة الإمام السجاد (ع) الذي أدار دفة الحديث وبيّن مظلومية أهل البيت في كل ما جرى عليهم من انتهاك وسلب للحقوق من دون وجه حق ، وعندها تفرقت الجموع بين باكٍ ونادم .
فأيقن يزيد بأن الحشود قد فرقّت بين قول الحق على لسان أهل البيت (ع) وقول الباطل على لسان أعدائهم ، فبدأ بتقديم عروضه الدنيوية من ذهب وفضة عوضًا عن قتله وسبيه لآل البيت (ع) فرفض الإمام السجاد (ع) ذلك بشدة .
وفي أثناء عودتهم إلى مدينة جدهم المصطفى (ص) مرّوا على أرض كربلاء ليقيموا أول مأتم للعزاء عند الأجساد الطاهرة التي ُتركت ثلاثا من دون أن تُقبر في التراب ... ليتجدد الحزن في يوم الأربعين من صفر لسنة 61 هجرية .
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
كتبته الأخت أم سيد يوسف
كتبته الأخت أم سيد يوسف