كم كان صعباً عليه ان يسمع كلمات الغلام عند الباب وهو يقول له: عذراً يا ابا الحسن لم يأذن سيدي لك بالدخول عليه فارجع! كان لهذه الكلمات وقع شديد عليه باغتته كما تباغت الصاعقة النائم في الليل الساكن لم يكن يتوقعها اصلاً ولم يدر في خلده ان الامام(ع) سيواجهه بها وفي اللحظة التي كان يتصور انه سيفوز فيها بامنيته التي قطع لاجلها الطريق الطويل بين بغداد والمدينة المنورة، لم تقلل تلك الكلمات الصاعقة من شدة شوقه للقاء سيده لكنها اثارت في قلبه حيرة شديدة وتساؤلات كثيرة ترى ما الذي فعلته لكي يحجبني الامام عليه السلام انه بحر الجود لا يحجب احداً، فكيف يمنعني من زيارته وهو يعلم شدة حبي له اتراه علم بخطر احدق بي يسوقه الى هارون من حيث لا اعلم هل بعث هارون معي عيوناً له يتجسسون عليَّ؟ سرح ذهنه في هذه التساؤلات وجال معها ينقدها الواحد تلو الاخر، كلا لقد اخترت للرفقة في هذا السفر خيرة من اثق به ليس فيهم من احتمل ولو بمقدار ذرة ان يخونني ويشي بي عند هارون وحتى لو كان فيهم خائن فما يضرني من وجوده وقد جئت لزيارة الامام متخفياً فلم يعلم بخروجي اليه احد منهم لا لا ليس ثمة خطر فلماذا حجبني الامام؟!
تداعى في ذهنه ماسمعه من سيده من شهادات بحقه يندر ان شهد بها لغيره فزاد استذكارها من حيرته وتعجبه، الم يشهد لي باني من اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله حقاً وان لم ادركه؟! الم يشهد لي باني من اهل الجنة الم يخصني من بين اصحابه بصالح دعائه في موقف عرفه، الم يذكرني في دعائه وهو على الصفا حيث قال الهي في اعلى عليين اغفر لعلي بن يقطين؟!
ارقته في ليلته تلك التساؤلات الحائرة وهو لا يجد فيما صدر عن الأمام الكاظم موسى بن جعفر عليهما السلام ما يبرر المنع من زيارته للامام بعد طول الشوق وتواصل في ذهنه سيل الاسئلة، اتراه عليه السلام غضب عليَّ لعملي وزيراً في بلاط هارون؟ لقد انذر من يعين هؤلاء الظلمة ولو بعقد عقدة او حل اخرى، ولكني لم اعمل وزيراً لهارون من طوع نفسي لقد امرني عليه السلام هو بذلك واصر عليَّ في البقاء رغم تكرر طلباتي منه بان يعفيني من ذلك ويرضى عن اعتزالي الوزارة فكيف يغضب عليَّ لطاعتي امره؟ كلا هو امرني بذلك واخبرني بان كفارة العمل عند السلطان قضاء حوائج الاخوان.
ولكن قلب بن يقطين لم يقنع بكل ذلك وكان فيه ميل الى ان حجب الامام عليه السلام جاء عقاباً على ذنب صدر منه فلابد من ان يعرف الذنب ليستغفر منه ويتداركه، ليس في عمل الامام عليه السلام الا الرحمة وما اراه صدني عن زيارته الا تنبيها لي ورحمة بي فلابد لي من معرفة ذنبي الذي غفلت عنه.
ما ضمنه الكاظم عليه السلام لمن اكرم المؤمنين
-
- مشاركات: 4173
- اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 3:20 am
-
- مشاركات: 4173
- اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 3:20 am
رد: ما ضمنه الكاظم عليه السلام لمن اكرم المؤمنين
بات علي بن يقطين ليلته بقرار حازم اعرض للامام في طريقه غداً ولا اتركه حتى يخبرني بذنبي، ونفذ قراره في اليوم التالي فاعترض طريقه متنكراً واسر اليه سؤالاً عن ذنبه الذي حجبه الامام بسببه فاجابه عليه السلام: حجبتك لانك حجبت اخاك ابراهيم الجمال وقد ابى الله ان يشكر سعيك او يغفر لك ابراهيم الجمال.
عرف ابن يقطين ذنبه وما كان يتصور ان مافعله في ذلك اليوم الذي ازدحمت فيه المشاغل يعد ذنباً يحاسبه الامام عليه بهذه الشدة لقد جاء ابراهيم ذاك الجمال الكوفي البسيط والطيب في حاجة له من الكوفة الى بغداد فاعتذر عن لقائه بكثرة مشاغله في ذلك اليوم فعاد ابراهيم ادراجه وها هو الامام عليه السلام يحجب ابن يقطين رغم طيه تلك الشقة البعيدة بين بغداد والمدينة عرف ابن يقطين الان خطأ تصوره يومذاك بان عذره في حجب الجمال الكوفي مقبول ومعقول وتيقن من ان ما فعله ذنب عظيم لمن كان في منزلته من اصحاب ائمة الهدى عليهم السلام.
وعزم على تداركه واسترضاء ابراهيم الجمال واستحصال عفوه عنه فهذا شرط فوزه برضا الامام ولقائه ولكن كيف يمكنه القيام بذلك عرض مشكلته على الامام: سيدي ومولاي ومن لي بابراهيم الجمال في هذا الوقت وانا بالمدينة وهو بالكوفة!!
اجل مشكله ابن يقطين صعبة فالمسافة بين المدينة والكوفة بعيدة ولكن صدقه في الشعور بالندم وعزمه على التدارك شفعا له عند الامام فيسر عليه السلام له ما يصعب على غيره فهو عليه السلام خليفة من عرج الله به الى السماء.
امر الامام ابن يقطين ان يذهب الى البقيع ليلاً وحده ودون ان يعلم به احد ليجد هناك فرسا نجيباً مسرجاً يركبه فهو مامور بايصاله الى مقصده وارجاعه!
وقف ابن يقطين على باب دار ابراهيم الجمال في الكوفة متذللاً وطرقها قائلاً: انا علي بن يقطين فافتح الباب يااخي استغرب ابراهيم ماسمع ومايعمل علي بن يقطين الوزير ببابي؟
اجابه: يا هذا ان امري عظيم فلا تمنعني زيارتك! اذن له ابراهيم فدخل ابن يقطين الوزير متذللاً معتذراً لاخيه الجمال! يا ابراهيم ان سيدي وسيدك الامام الكاظم ابى ان يقبلني حتى تغفر لي رق ابراهيم لحال اخيه وسارع باخباره برضاه عنه ومغفرته لما صدر منه بحقه ولكن ابن يقطين لم يقنع بذلك والتمس من اخيه ان يطأ برجله خده! لا، لا، يا اخي لن افعل لقد اشترط الامام رضاي وقد رضيت عنك فلا حاجة لذلك ولكن ابن يقطين اصر عليه واصر حتى اضطر ابراهيم الى اجابة طلبه ففعل وعلي ابن يقطين يقول: اللهم اشهد اللهم اشهد واغفرلي.
عاد ابن يقطين الوزير الى المدينة بالوسيلة نفسها التي نقلته للكوفة واستأذن على الامام عليه السلام فاذن له مرحباً ودخل عليه فقبله.
طلب الامام عليه السلام من ابن يقطين الوزير في بلاط هارون أي حيث تحدق به الاخطار من كل جانب طلب منه ان يضمن للامام خصلة واحدة ويضمن الامام له ثلاث خصال تدفع عنه كل تلك الاخطار سأله عنها فقال عليه السلام الثلاث اللواتي اضمنهن لك ان لايصيبك حر الحديد ابداً بقتل ولا فاقة ولا سجن وحبس! فسأله عن الخصلة التي يضمنها هو للامام مقابل ذلك فقال تضمن ان لا يأتيك ولي ابداً الا اكرمته! فضمن عليّ الخصلة وضمن عليه السلام له الثلاث فلم تصبه كثرة الوشايات به لدى هارون العباسي باي سوء!
عرف ابن يقطين ذنبه وما كان يتصور ان مافعله في ذلك اليوم الذي ازدحمت فيه المشاغل يعد ذنباً يحاسبه الامام عليه بهذه الشدة لقد جاء ابراهيم ذاك الجمال الكوفي البسيط والطيب في حاجة له من الكوفة الى بغداد فاعتذر عن لقائه بكثرة مشاغله في ذلك اليوم فعاد ابراهيم ادراجه وها هو الامام عليه السلام يحجب ابن يقطين رغم طيه تلك الشقة البعيدة بين بغداد والمدينة عرف ابن يقطين الان خطأ تصوره يومذاك بان عذره في حجب الجمال الكوفي مقبول ومعقول وتيقن من ان ما فعله ذنب عظيم لمن كان في منزلته من اصحاب ائمة الهدى عليهم السلام.
وعزم على تداركه واسترضاء ابراهيم الجمال واستحصال عفوه عنه فهذا شرط فوزه برضا الامام ولقائه ولكن كيف يمكنه القيام بذلك عرض مشكلته على الامام: سيدي ومولاي ومن لي بابراهيم الجمال في هذا الوقت وانا بالمدينة وهو بالكوفة!!
اجل مشكله ابن يقطين صعبة فالمسافة بين المدينة والكوفة بعيدة ولكن صدقه في الشعور بالندم وعزمه على التدارك شفعا له عند الامام فيسر عليه السلام له ما يصعب على غيره فهو عليه السلام خليفة من عرج الله به الى السماء.
امر الامام ابن يقطين ان يذهب الى البقيع ليلاً وحده ودون ان يعلم به احد ليجد هناك فرسا نجيباً مسرجاً يركبه فهو مامور بايصاله الى مقصده وارجاعه!
وقف ابن يقطين على باب دار ابراهيم الجمال في الكوفة متذللاً وطرقها قائلاً: انا علي بن يقطين فافتح الباب يااخي استغرب ابراهيم ماسمع ومايعمل علي بن يقطين الوزير ببابي؟
اجابه: يا هذا ان امري عظيم فلا تمنعني زيارتك! اذن له ابراهيم فدخل ابن يقطين الوزير متذللاً معتذراً لاخيه الجمال! يا ابراهيم ان سيدي وسيدك الامام الكاظم ابى ان يقبلني حتى تغفر لي رق ابراهيم لحال اخيه وسارع باخباره برضاه عنه ومغفرته لما صدر منه بحقه ولكن ابن يقطين لم يقنع بذلك والتمس من اخيه ان يطأ برجله خده! لا، لا، يا اخي لن افعل لقد اشترط الامام رضاي وقد رضيت عنك فلا حاجة لذلك ولكن ابن يقطين اصر عليه واصر حتى اضطر ابراهيم الى اجابة طلبه ففعل وعلي ابن يقطين يقول: اللهم اشهد اللهم اشهد واغفرلي.
عاد ابن يقطين الوزير الى المدينة بالوسيلة نفسها التي نقلته للكوفة واستأذن على الامام عليه السلام فاذن له مرحباً ودخل عليه فقبله.
طلب الامام عليه السلام من ابن يقطين الوزير في بلاط هارون أي حيث تحدق به الاخطار من كل جانب طلب منه ان يضمن للامام خصلة واحدة ويضمن الامام له ثلاث خصال تدفع عنه كل تلك الاخطار سأله عنها فقال عليه السلام الثلاث اللواتي اضمنهن لك ان لايصيبك حر الحديد ابداً بقتل ولا فاقة ولا سجن وحبس! فسأله عن الخصلة التي يضمنها هو للامام مقابل ذلك فقال تضمن ان لا يأتيك ولي ابداً الا اكرمته! فضمن عليّ الخصلة وضمن عليه السلام له الثلاث فلم تصبه كثرة الوشايات به لدى هارون العباسي باي سوء!
الموجودون الآن
المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد