بسم الله الرحمن الرحيم
من هو المنتظر حقيقةً ؟؟؟
أنطلق من حديث للإمام الكاظم عليه السلام حيث قال:
" إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة ، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة عليهم السلام وأما الباطنة فالعقول " الكافي، محمد بن يعقوب الكليني ج1 ص16.
إنّ الحجة الباطنة هي المقدَّمة على الحجّة الظاهرة وهي الرابطة بين الإنسان والحجة الظاهرة فهي التي تدلُّه على اللأنبياء والرسل والإمام .فالعقل قبل الدين وبالباطن عرف الظاهر وأن العقل أهم ما في الإنسان ولذلك ورد في الحديث (أن الله خلق العقل فقال له : أقبل فأقبل و قال له : أدبر فأدبر فقال و عزتي و جلالي ما خلقت خلقاً أعظم منك و لا أطوع منك بك أبدأ و بك أُعيد لك الثواب و عليك العقاب )
فمن وقف معانداً الحجّة الباطنة فهو بطبيعة الحال سيعاند الحجة الظاهرة ، ومن تلاعب مع الحجّة الباطنة وتعامل معها باللهو لا بالجد فهو كذلك فهو يتلاعب مع الحجة الباطنة ولا ينظر إليها بحزمٍ وجدّ وهذا الأمر لا يختص بهاتين الحجتين بل تشمل سائر الحجج كالقرآن الكريم ، فانظر كيف تتعامل مع القرآن الكريم فتعاملك مع القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف يكون كذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم :
(إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما) وعدم الإفتراق يشمل الحجّة الباطنة والحجّة الظاهرة .
العدل والظلم:
سؤالٌ يطرح نفسه وهو: كيف تتهيأ مقدمات ظهور الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، هل مع انتشار الظلم والجور أم ماذا ؟
البعض ربّما يعتمد على قول النبي صلى الله عليه وآله ( به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً) فيعتقد بأنّ انتشار الظلم هو مبدأ لتحقق العدل فلا بدّ أولاً أن يخيّم الظلم على كل البسيطة لتتهيأ الأرضية للقسط والعدل .
أقول :
وهذا المعتقد غير صحيح ، فليس انتشار الظلم هو الشرط لانتشار العدل بل إنّ الظلم والعدل يسيران على خطّين موازيين لا يلتقيان أبداً ، فهذان الأمران بينهما نزاع مستمر من بدو الخلق فهما كالغيمين أحدهما أعلى من الثاني وكلاهما في حال الإمتلاء حتى يسيطر الأعلى على الأسفل فينفجر ويشقّ أمامه فينزل الغيث ، والصراع بين الحق والباطل لا ينقطع ولكن الزبد يذهب جفاءً وما ينفع الناس فيمكث في الأرض .
الظهور حركة مستمر بدأ من بداية الخلق وهو في حال الوصول إلى نهايته وكماله ، فالأنبياء كانوا بصدد يحقق ذلك وبدأوا به (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(التوبة/33). فمن تلك اللحظة بدأ العدل في الإمتلاء ودوّت كلمة لا إله إلا الله على الأرض في قبال كلمة الكفر والشرك واستمر بمجيء الأنبياء واحداً تلو الآخر وهذان الأمران كانا يتسايران معاً ، فوزانهما وزان الفطرة والنفس.
الفطرة والنفس:
الفطرة دائماً تميل إلى العدل والإحسان والخير والصلاح والنفس تميل إلى الظلم والطغيان والشر والفساد ، والإنسان واقع بينهما في حيرة من أمره وله الخيار أياً منهما شاء فالحجّة الباطنة لابدّ من إصلاحها أوّلاً كيف يتهيأ الإنسان للحجّة الظاهرة فيقبلها، ولذلك ترى القرآن الكريم يصرّح (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)(الأنعام/158).
فمن لم يصلح نفسه كيف يمكنه أن يتأقلم مع المصلح ويتجاوب معه . قال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ، وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ، وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}(سبأ/51-53). فالحجّة الباطنة هي المكان القريب .
وقال تعالى : (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ،إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ، وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ، وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ، إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}(يس/7-11). كلّ ذلك لأن هناك خللاً في الحجة الباطنة فقد سدّوا على أنفسهم الطريق ولا مرّد .
الدليل على الارتباط بالحجة الباطنة :
هناك معايير كثيرة أهمّها ما أكّد عليه أئمتنا عليهم السلام في أحاديثهم (صدق الحديث و أداء الأمانة) فعن أحمد بن محمد الهمداني عن أبي جعفر الثاني عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحج والمعروف، وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث، وأداء الأمانة) أمالي الصدوق ص182، بحار الأنوار: ج68 ص9. وعن محمد بن يحيى عن أبي طالب رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شيء قد اعتاده، فلو تركه استوحش، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته) الكافي: ج2 ص105، بحار الأنوار: ج68 ص8.
فإذا انتشر أداء الأمانة بين الناس فقد قرب الظهور ، فيجب أن ننظر الناس كيف يتعاملون مع الحجّة الباطنة .
تكرار التأريخ :
الإنتظار لا يختص بنا نحن بل جميع الأمم التي خسرت أنبيائها جرّاء عدم سماعها لتعاليمهم صارت منتظرة ومترقبة للمصلحين ، فمن أصلح منهم حجته الباطنة تمكّن من قبول المصلحين ومن لم يطع العقل والفطرة خسر ولم يستفد من الحجّة الظاهرة .
(َإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)الصف/6). فهذا الإنكار للحجّة الظاهرة لم يكن إلا نتيجة طبيعية لعدم تبعيتهم للحجة الباطنة .
وقال تعالى : (َلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)البقرة/89).
(هذه الاية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك وتعالى، الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه يعنى رسول الله صلى الله عليه واله كما يعرفون ابنائهم لان الله عزوجل قد انزل عليهم في التوراة والانجيل والزبور صفة محمد صلى الله عليه واله وصفة اصحابه ومبعثه ومهاجرته، وهو قوله تعالى:
محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التورة ومثلهم في الانجيل فهذه صفة رسول الله صلى الله عليه واله في التوراة والانجيل وصفة اصحابه فلما بعثه الله عزوجل عرفه اهل الكتاب كما قال جل جلاله، فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبى صلى الله عليه واله ايها العرب هذا اوان نبى يخرج بمكة ويكون مهاجرته بمدينة وهو اخر الانبياء ..فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به )
فكما أن الكثير يذهب إلى مسجد الكوفة والسهلة ومسجد جمكران لرؤية الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه فكذلك أهل الكتاب جاؤوا لرؤية الرسول واستقرّ اليهود في خيبر وهم ينتظرون ولكن حيث أنّهم لم يطيعوا حجتهم الباطنة ، لم يتمكنوا من تسليم أمرهم للحجة الظاهرة وهو الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم فوقع اللعن الإلهي عليهم .
فيجب أن نقلل الفواصل الأخلاقية بيننا وبين الحجّة عجل الله تعالى فرجه لا الفواصل المكانية فالمهم إصلاح النفس وتزكيتها والتخلق بالأخلاق الحسنة فالمتخلقون بالأخلاق الحسنة هم القريبون من ولي العصر أرواحنا فداه فالبعيد ربّما يكون هو القريب والقريب هو البعيد ومنتظر أبي صالح لابد من إصلاح نفسه أولاً .
والحمد لله ربّ العالمين
من هو المنتظر حقيقةً ؟؟؟
أنطلق من حديث للإمام الكاظم عليه السلام حيث قال:
" إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة ، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة عليهم السلام وأما الباطنة فالعقول " الكافي، محمد بن يعقوب الكليني ج1 ص16.
إنّ الحجة الباطنة هي المقدَّمة على الحجّة الظاهرة وهي الرابطة بين الإنسان والحجة الظاهرة فهي التي تدلُّه على اللأنبياء والرسل والإمام .فالعقل قبل الدين وبالباطن عرف الظاهر وأن العقل أهم ما في الإنسان ولذلك ورد في الحديث (أن الله خلق العقل فقال له : أقبل فأقبل و قال له : أدبر فأدبر فقال و عزتي و جلالي ما خلقت خلقاً أعظم منك و لا أطوع منك بك أبدأ و بك أُعيد لك الثواب و عليك العقاب )
فمن وقف معانداً الحجّة الباطنة فهو بطبيعة الحال سيعاند الحجة الظاهرة ، ومن تلاعب مع الحجّة الباطنة وتعامل معها باللهو لا بالجد فهو كذلك فهو يتلاعب مع الحجة الباطنة ولا ينظر إليها بحزمٍ وجدّ وهذا الأمر لا يختص بهاتين الحجتين بل تشمل سائر الحجج كالقرآن الكريم ، فانظر كيف تتعامل مع القرآن الكريم فتعاملك مع القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف يكون كذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم :
(إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما) وعدم الإفتراق يشمل الحجّة الباطنة والحجّة الظاهرة .
العدل والظلم:
سؤالٌ يطرح نفسه وهو: كيف تتهيأ مقدمات ظهور الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، هل مع انتشار الظلم والجور أم ماذا ؟
البعض ربّما يعتمد على قول النبي صلى الله عليه وآله ( به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً) فيعتقد بأنّ انتشار الظلم هو مبدأ لتحقق العدل فلا بدّ أولاً أن يخيّم الظلم على كل البسيطة لتتهيأ الأرضية للقسط والعدل .
أقول :
وهذا المعتقد غير صحيح ، فليس انتشار الظلم هو الشرط لانتشار العدل بل إنّ الظلم والعدل يسيران على خطّين موازيين لا يلتقيان أبداً ، فهذان الأمران بينهما نزاع مستمر من بدو الخلق فهما كالغيمين أحدهما أعلى من الثاني وكلاهما في حال الإمتلاء حتى يسيطر الأعلى على الأسفل فينفجر ويشقّ أمامه فينزل الغيث ، والصراع بين الحق والباطل لا ينقطع ولكن الزبد يذهب جفاءً وما ينفع الناس فيمكث في الأرض .
الظهور حركة مستمر بدأ من بداية الخلق وهو في حال الوصول إلى نهايته وكماله ، فالأنبياء كانوا بصدد يحقق ذلك وبدأوا به (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(التوبة/33). فمن تلك اللحظة بدأ العدل في الإمتلاء ودوّت كلمة لا إله إلا الله على الأرض في قبال كلمة الكفر والشرك واستمر بمجيء الأنبياء واحداً تلو الآخر وهذان الأمران كانا يتسايران معاً ، فوزانهما وزان الفطرة والنفس.
الفطرة والنفس:
الفطرة دائماً تميل إلى العدل والإحسان والخير والصلاح والنفس تميل إلى الظلم والطغيان والشر والفساد ، والإنسان واقع بينهما في حيرة من أمره وله الخيار أياً منهما شاء فالحجّة الباطنة لابدّ من إصلاحها أوّلاً كيف يتهيأ الإنسان للحجّة الظاهرة فيقبلها، ولذلك ترى القرآن الكريم يصرّح (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)(الأنعام/158).
فمن لم يصلح نفسه كيف يمكنه أن يتأقلم مع المصلح ويتجاوب معه . قال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ، وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ، وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}(سبأ/51-53). فالحجّة الباطنة هي المكان القريب .
وقال تعالى : (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ،إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ، وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ، وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ، إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}(يس/7-11). كلّ ذلك لأن هناك خللاً في الحجة الباطنة فقد سدّوا على أنفسهم الطريق ولا مرّد .
الدليل على الارتباط بالحجة الباطنة :
هناك معايير كثيرة أهمّها ما أكّد عليه أئمتنا عليهم السلام في أحاديثهم (صدق الحديث و أداء الأمانة) فعن أحمد بن محمد الهمداني عن أبي جعفر الثاني عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحج والمعروف، وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث، وأداء الأمانة) أمالي الصدوق ص182، بحار الأنوار: ج68 ص9. وعن محمد بن يحيى عن أبي طالب رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإن ذلك شيء قد اعتاده، فلو تركه استوحش، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته) الكافي: ج2 ص105، بحار الأنوار: ج68 ص8.
فإذا انتشر أداء الأمانة بين الناس فقد قرب الظهور ، فيجب أن ننظر الناس كيف يتعاملون مع الحجّة الباطنة .
تكرار التأريخ :
الإنتظار لا يختص بنا نحن بل جميع الأمم التي خسرت أنبيائها جرّاء عدم سماعها لتعاليمهم صارت منتظرة ومترقبة للمصلحين ، فمن أصلح منهم حجته الباطنة تمكّن من قبول المصلحين ومن لم يطع العقل والفطرة خسر ولم يستفد من الحجّة الظاهرة .
(َإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)الصف/6). فهذا الإنكار للحجّة الظاهرة لم يكن إلا نتيجة طبيعية لعدم تبعيتهم للحجة الباطنة .
وقال تعالى : (َلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)البقرة/89).
(هذه الاية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك وتعالى، الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه يعنى رسول الله صلى الله عليه واله كما يعرفون ابنائهم لان الله عزوجل قد انزل عليهم في التوراة والانجيل والزبور صفة محمد صلى الله عليه واله وصفة اصحابه ومبعثه ومهاجرته، وهو قوله تعالى:
محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التورة ومثلهم في الانجيل فهذه صفة رسول الله صلى الله عليه واله في التوراة والانجيل وصفة اصحابه فلما بعثه الله عزوجل عرفه اهل الكتاب كما قال جل جلاله، فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبى صلى الله عليه واله ايها العرب هذا اوان نبى يخرج بمكة ويكون مهاجرته بمدينة وهو اخر الانبياء ..فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به )
فكما أن الكثير يذهب إلى مسجد الكوفة والسهلة ومسجد جمكران لرؤية الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه فكذلك أهل الكتاب جاؤوا لرؤية الرسول واستقرّ اليهود في خيبر وهم ينتظرون ولكن حيث أنّهم لم يطيعوا حجتهم الباطنة ، لم يتمكنوا من تسليم أمرهم للحجة الظاهرة وهو الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم فوقع اللعن الإلهي عليهم .
فيجب أن نقلل الفواصل الأخلاقية بيننا وبين الحجّة عجل الله تعالى فرجه لا الفواصل المكانية فالمهم إصلاح النفس وتزكيتها والتخلق بالأخلاق الحسنة فالمتخلقون بالأخلاق الحسنة هم القريبون من ولي العصر أرواحنا فداه فالبعيد ربّما يكون هو القريب والقريب هو البعيد ومنتظر أبي صالح لابد من إصلاح نفسه أولاً .
والحمد لله ربّ العالمين