ما معنى " و هم بها " ؟؟ ( يوسف : 24 )
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ" ( يوسف :24 )
- بماذا يفسر ( المخطّئون ) الآية الكريمة ؟
يستدل البعض من هذه الآية على عدم عصمة الأنبياء عليهم السلام ، من خلال قوله تعالى "وهمَّ بها" أي همّ بالمخالطة ، وأنّ همّه بها كان كهمّها به ، ولولا أنّ رأى برهان ربّه لفعل الفاحشة ، فيجعلون ( همت به - وهم بها ) فعلين متحققين ، إلا أن يوسف (ع) انصرف عن الفاحشة بعد أن رأى برهان ربه .
وقد يقولون البعض : أنه (ع) انجذب إلى المعصية وعزم أن ينال منها ما كانت تريد نيله منه .
يُرد على كلامهم من خلال الأمور الآتية :
- ما معنى الهم ؟
في لسان العرب : همّ بالشىء يهم همّاً : نواه وأراده وعزم عليه ، قال سبحانه : "وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا" .
ويستخدم ( الهم ) أحياناً بمعنى خطور الشيء في البال ، إلا أنه استعمال نادر لا يُحمل عليه صريح الكتاب .
- هل الهم في الموردين بنفس المعنى ؟
(الهم) في الموردين من الآية الكريمة بمعنى واحد ، فهمّ امرأة العزيز كان بنحو العزم والإرادة ، وكذلك يجب حمل الهم في المورد الآخر لا على خطور الشيء بالبال ، لأنه يلزم التفكيك بين اللفظين في المعنى من دون قرينة .
- هل تحقق كلا الهمّين ؟
أما (همّ) امرأة العزيز فمتحقق حتماً ، ولكن (همّ) يوسف (ع) امتنع بتحقق رؤيته برهان ربه "وهم بها لولا أن رأى برهان ربه" فلم يتحقق أي (همّ) من يوسف (ع) .
- أين جواب جملة الشرط في ( لولا أن رأى برهان ربه ) ؟
مما لا شك فيه أن ( لولا ) الابتدائية تحتاج إلى جواب ، يكون الجواب مذكوراً غالباً ، كما في مقولة عمر المشهورة : "لولا علي لهلك عمر" .
وقد يحذف جوابها لدلالة القرينة عليه أو انفهامه من السياق ، كقوله سبحانه "وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ" .
وربما يحذف الجواب لدلالة الجملة المتقدمة ، كما في الآية "ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه" ..
فالآية تضمنت جملة مطلقة وهي "ولقد همت به" ، والأخرى مقيدة "وهم بها لولا أن رأى برهان ربه" ، وتقديرها : لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها ..
فقوله "وهم بها" لا يدل على تحقق الفعل لأنها ليست جملة منفصلة عما بعدها ، وإنما هي قائمة محل الجواب فتكون مشروطة ومعلقة مثله .
- كلام العلامة الطباطبائي :
للفائدة نختم الموضوع بنقل كلام العلامة الطباطبائي رحمه الله في ( الميزان ) حول قوله عز وجل "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه كان من عبادنا المخلَصين" ، قال :
الأنسب أنّ المراد بالسوء هو الهم بها والميل إليها ، كما أنّ المراد بالفحشاء اقتراف الفاحشة وهي الزنا ، ثم قال : ومن لطيف الإشارة ما في قوله : "لِنَصرف عنه السوء والفحشاء" حيث جعل السوء والفحشاء مصروفين عنه لا هو مصروفاً عنهما ، لما في الثاني من الدلالة على أنّه كان فيه ما يقتضي اقترافه لهما المحوج إلى صرفه عن ذلك ، وهو ينافي شهادته تعالى بأنّه من عباده المخلَصين ، وهم الذين أخلصهم الله لنفسه فلا يشاركهم فيه شيء ، ولا يطيعون غيره من تسويل شيطان أو تزيين نفس أو أي داع من دون الله سبحانه .
ثم قال : وقوله "إنّه من عبادنا المخلصين" في مقام التعليل لقوله "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء" ، والمعنى عاملنا يوسف كذلك ، لأنه من عبادنا المخلصين ، ويظهر من الآية أن من شأن المخلصين أن يروا برهان رّبهم وأن الله سبحانه يصرف كل سوء وفحشاء عنهم فلا يقترفون معصيته ولا يهمون بها بما يريهم الله من برهانه ، وهذه هي العصمة الإلهية" .
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ" ( يوسف :24 )
- بماذا يفسر ( المخطّئون ) الآية الكريمة ؟
يستدل البعض من هذه الآية على عدم عصمة الأنبياء عليهم السلام ، من خلال قوله تعالى "وهمَّ بها" أي همّ بالمخالطة ، وأنّ همّه بها كان كهمّها به ، ولولا أنّ رأى برهان ربّه لفعل الفاحشة ، فيجعلون ( همت به - وهم بها ) فعلين متحققين ، إلا أن يوسف (ع) انصرف عن الفاحشة بعد أن رأى برهان ربه .
وقد يقولون البعض : أنه (ع) انجذب إلى المعصية وعزم أن ينال منها ما كانت تريد نيله منه .
يُرد على كلامهم من خلال الأمور الآتية :
- ما معنى الهم ؟
في لسان العرب : همّ بالشىء يهم همّاً : نواه وأراده وعزم عليه ، قال سبحانه : "وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا" .
ويستخدم ( الهم ) أحياناً بمعنى خطور الشيء في البال ، إلا أنه استعمال نادر لا يُحمل عليه صريح الكتاب .
- هل الهم في الموردين بنفس المعنى ؟
(الهم) في الموردين من الآية الكريمة بمعنى واحد ، فهمّ امرأة العزيز كان بنحو العزم والإرادة ، وكذلك يجب حمل الهم في المورد الآخر لا على خطور الشيء بالبال ، لأنه يلزم التفكيك بين اللفظين في المعنى من دون قرينة .
- هل تحقق كلا الهمّين ؟
أما (همّ) امرأة العزيز فمتحقق حتماً ، ولكن (همّ) يوسف (ع) امتنع بتحقق رؤيته برهان ربه "وهم بها لولا أن رأى برهان ربه" فلم يتحقق أي (همّ) من يوسف (ع) .
- أين جواب جملة الشرط في ( لولا أن رأى برهان ربه ) ؟
مما لا شك فيه أن ( لولا ) الابتدائية تحتاج إلى جواب ، يكون الجواب مذكوراً غالباً ، كما في مقولة عمر المشهورة : "لولا علي لهلك عمر" .
وقد يحذف جوابها لدلالة القرينة عليه أو انفهامه من السياق ، كقوله سبحانه "وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ" .
وربما يحذف الجواب لدلالة الجملة المتقدمة ، كما في الآية "ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه" ..
فالآية تضمنت جملة مطلقة وهي "ولقد همت به" ، والأخرى مقيدة "وهم بها لولا أن رأى برهان ربه" ، وتقديرها : لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها ..
فقوله "وهم بها" لا يدل على تحقق الفعل لأنها ليست جملة منفصلة عما بعدها ، وإنما هي قائمة محل الجواب فتكون مشروطة ومعلقة مثله .
- كلام العلامة الطباطبائي :
للفائدة نختم الموضوع بنقل كلام العلامة الطباطبائي رحمه الله في ( الميزان ) حول قوله عز وجل "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه كان من عبادنا المخلَصين" ، قال :
الأنسب أنّ المراد بالسوء هو الهم بها والميل إليها ، كما أنّ المراد بالفحشاء اقتراف الفاحشة وهي الزنا ، ثم قال : ومن لطيف الإشارة ما في قوله : "لِنَصرف عنه السوء والفحشاء" حيث جعل السوء والفحشاء مصروفين عنه لا هو مصروفاً عنهما ، لما في الثاني من الدلالة على أنّه كان فيه ما يقتضي اقترافه لهما المحوج إلى صرفه عن ذلك ، وهو ينافي شهادته تعالى بأنّه من عباده المخلَصين ، وهم الذين أخلصهم الله لنفسه فلا يشاركهم فيه شيء ، ولا يطيعون غيره من تسويل شيطان أو تزيين نفس أو أي داع من دون الله سبحانه .
ثم قال : وقوله "إنّه من عبادنا المخلصين" في مقام التعليل لقوله "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء" ، والمعنى عاملنا يوسف كذلك ، لأنه من عبادنا المخلصين ، ويظهر من الآية أن من شأن المخلصين أن يروا برهان رّبهم وأن الله سبحانه يصرف كل سوء وفحشاء عنهم فلا يقترفون معصيته ولا يهمون بها بما يريهم الله من برهانه ، وهذه هي العصمة الإلهية" .