غزوة بدر الكبرى ( انتصار المسلمين الأول )
كم يسعد الإنسان عندما يحقق ما تصبو إليه نفسه من انتصارات في حياته العلمية والعملية أو بتخلص من ظالم ظلمه ( الخ .. والأمثلة كثيرة ) .. ولكن كيف سيكون انتصارنا لعقيدتنا وكم هي الفرحة التي ستملئ قلوبنا إن كنا مشاركين وقد تهيأت الفرص لذلك .
تلك كانت أمنية المسلمين الأوائل الذين آمنوا واتبعوا النبي المرسل برسالته من قبل الله تعالي بتحقيق نصر مبين على من كانت نفوسهم غير راضية للتسليم والطاعة لأمر الواحد الأحد ، لذا كانت وسيلتهم للتعبير عن رفضهم لقبول الدين الإسلامي هي انتهاك حرمات تلك الفئة المؤمنة ونهب أموالهم وإبعادهم عن ساحة الحياة بأكملها .
ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون بتحقيق مشيئة الله بنصره لأوليائه على يد فئة قليلة مؤمنة ادخرت كل ما تملك لنصرة هذا الدين الحنيف .. فكانت المواجهة الحقيقية على أرض الواقع في أول غزوة بين المسلمين والمشركين في اليوم السابع عشر من شهر رمضان سنة 2 هجرية في غزوة " بدر" .
تشير المصادر بأن سبب الغزوة يعود إلى أن المشركين قد حاصروا المسلمين بنهب أموالهم ومصادرتها من بعد إبعادهم وتشريدهم من مكة المكرمة ليختار الله ورسوله المدينة المنورة المكان المستقر لهم فيها ، فلم يبقى للمسلمين إلا أن ينتهزوا فرصة ملائمة لكي يستعيدوا ما فقدوه من أموال وغيرها .. فقد وردت الأنباء بأن قافلة لقريش سترجع من الشام إلى مكة المكرمة مرورا بالمدينة المنورة محملة بالبضائع .. عندها قرر النبي محمد (ص) بأن يقابل تلك الإساءة بمثلها ويسترجع ما قد نهبوه من المسلمين ، ولكن عيون قريش كانت في كل مكان فعلمت بذلك وأسرعت لتنقذ القافلة بمن فيها ووصلت إلى مكة دون مواجهة .
لم يستسغ المشركين هذا التصرف من المسلمين لأنهم عرفوا بأنهم قادرون على مواجهتهم في أية لحظة .. لذا قرروا أن يتواجه الطرفان في أول مواجهة لهم .
احتدم القتال وقتل من قتل من الطرفين ، فكانت الهزيمة المخزية لجنود الشرك بالله والنصر المبين لجنود الله ورسوله على يد فئة قليلة لا يتجاوز عددهم الــ 313 مسلما هذا إلى جانب الإعجاز الإلهي متمثلا بالمد الملائكي من الله ، وزفاف البشرى السارة للمسلمين وعهدا بالنصر من الله لصبرهم وثباتهم ولاطمئنان قلوبهم ودحر كيد الكفار والمنافقين في مقابل تلك الألوف التي حشدتها قريش للمواجهة مصداقا لقوله تعالى في سورة آل عمران (من الآية 123 إلى الآية 127) : بسم الله الرحمن الرحيم "ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين" صدق الله العلـّي العظيم .
تلك كان الانتصار الأول للمسلمين بوجود خير الأنام الرسول الأعظم محمد (ص) وهو بين أضلعهم مع بدء الدعوة الإسلامية .. ولكن يحتاج المسلمون إلى ثبات وعزيمة للمواصلة على الصراط المستقيم والنهج القويم الذي تركه لنا الرسول (ص) متمثلا بالتمسك بالقرآن الكريم والعترة الطاهرة من أهل بيت العصمة منتظرين جميعا لظهور صاحب العصر والزمان المهدي المنتظر (عج) لينشر العدل والقسط على أرجاء المعمورة كما أشار إليه القرآن الكريم في سورة الأنبياء - آية رقم 105 : بسم الله الرحمن الرحيم " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" صدق الله العلـّي العظيم .
بقلم : أم سيد يوسف