ونجد هنا من المناسب أن نتعرّض بإيجاز لبعض الآيات التي قد يوحي ظاهرها اضطراباً في موقف الرسول تجاه الوحي أو الرسالة:
الآية الأولى: قوله تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾(1).
عن ابن عباس في رواية عطاء نزلت هذه الآية في وفد ثقيف، أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فسألوه شططاً، وقالوا متِّعنا باللاّت سنةً، حرِّم وادينا كما حرّمت مكّة شجرها وطيرها ووحشها، فأبى ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ولم يجبهم فكرّروا ذلك الالتماس وقالوا: انّا نحبّ أن تعرف العرب فضلنا عليهم، فإن كرهت ما نقول وخشيت أن تقول العرب: أعطيتهم ما لم تعطنا فقل: الله أمرني بذلك، فأمسك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عنهم وداخلهم الطمع، فصاح عليهم عمر وقال: أما ترون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد أمسك عن الكلام كراهية لما تذكرونه؟ فأنزل الله هذه الآية(2).
وقال الحسن: الكفّار أخذوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليلة بمكة قبل الهجرة وقالوا: كفّ يا محمد عن ذمّ آلهتنا وشتمها، فلو كان ذلك حقّاً كان فلان وفلان بهذا الأمر أحقّ منك، فوقع في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يكفّ عن شتم آلهتهم.
وعن سعيد بن جبير انّه (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يستلم الحجر فتمنعه قريش ويقولون لا ندعك تستلم آلهتنا، فوقع في نفسه أن يفعل ذلك مع كراهية. فنزلت هذه الآية(3).
وهناك روايات أخرى في سبب النزول.
ولو أغمضنا النظر عن هذه الروايات المختلفة التي لم تثبت صحة واحدة منها بخصوصها. فالذي يلوح من الآية الكريمة انّه كان هناك طلب من الكفار من النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) على خلاف تعاليم الله سبحانه وتعالى، أمّا ما هو موقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالذات؟ وكيف تعامل مع هذا الطلب؟ فهو ما سوف نتحدّث عنه بإيجاز...
وقبل ذلك نقول: إنّ هذه الآية الكريمة - على كل تقدير - لا ترتبط ببحثنا الحالي في الوحي حول مدى وضوح الوحي الإلهي في نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) - خلافاً لمن يتوهم ذلك - لأنّ الآية صريحة في أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) محافظ على وعيه تماماً وانّه يميّز الوحي الإلهي غاية ما هناك انّه كاد يميل باختياره الى الكفار ومداراتهم.
إذن الآية الكريمة تؤكد وعي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) واختياره التام، لذلك رتّبت ثبوت العقاب الشديد عليه لو حصل منه الزيغ. وليس فيها أية إشارة الى عدم وضوح الرؤية عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ولا الى الهلوسة والاضطراب النفسي وأمثال ذلك مما يوجب الشك في الوحي إليه، بل الآية الكريمة - باعتبار آخر - تؤكد صدق انتساب ما يقوله النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) الى الوحي الإلهي، وانّه بمجرّد احتمال خطور (الزيغ) في نفسه نزل تحذيره والتلويح له بشدّة العذاب.
فهذه الآية اجنبية تماماً عن آية سورة النجم واسطورة الغرانيق، التي تضمّنت الهلوسة أو فقد الوعي والاختيار أمام تسلّط الشيطان عليه - على اختلاف صيغ الرواية المزعومة - فلا يصح الاستدلال والاستشهاد بها على ما يرومه أعداء الإسلام.
نعم الآية الكريمة ترتبط بموضوع عصمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأنّه هل هو معصوم أو لا؟ وهل ما صدر منه وأوجب نزول هذه الآية مناف للعصمة أو لا؟
ونحن نشير هنا الى هذا الموضوع استطراداً فنقول:
أولاً: لاشك أنّ الآية الكريمة نزّهت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن صدور الفرية منه والزيغ، فهي نصّت على أنّه (صلى الله عليه وآله وسلّم) لم تصدر منه الفرية ولم يجبهم الى ما أرادوه منه.
نعم من خلال الآية قد يطرح تساؤل عن معنى عصمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) وانّه هل العصمة تقتضي عدم صدور الفعل القبيح من المعصوم بقرار مستقل منه دائماً أو لا مانع من تدخّل التسديد الإلهي المباشر أحياناً، ومن ناحية أخرى ما هي طبيعة هذا التسديد الإلهي، هل هو إرادة إلهية مانعة من وقوع ما أراده النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو ما خطر في باله، أو هو تسديد إلهي فطري للرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) مانع من التأثر بهذه المؤثرات التي ينهار أمامها غير المعصوم الفاقد للتسديد؟ وقد تصدت البحوث العقائدية للإجابة على هذه التساؤلات وتحديد الموقف الصحيح منها، فنوكل البحث اليها.
وعلى كل تقدير، هذه الآية لا تخدش في مقام الرسول ومكانته عند ربه، التي تسمو به عن الإفتراء عليه كيف! وقد حذر القرآن من ذلك أشدّ التحذير، كما في قوله تعالى ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾(4). فكيف يلتئم هذا التحذير مع فرضية إقدامه على الافتراء؟! وكذلك مع حكمة الله ودقّة اختياره لرُسله من بين عباده ﴿اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾(5).
ثانياً: يُفهم من الآية الكريمة نفسها أن استقامة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كانت باختياره وقراره الشخصي ولم يكن مجبراً عليها، وإلاّ لم يكن لتحذيره (صلى الله عليه وآله وسلّم) بقوله تعالى: ﴿إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾(6) معنى ومدلول، فما معنى أن يحذّر الله نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلّم) من الافتراء والتقوّل ونحو ذلك ثم لمّا يعزم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) على ذلك يمنعه الله سبحانه من ارتكابه؟!
ثالثاً: انّ نسبة التثبيت لله سبحانه لا تعني فقدان اختياره (صلى الله عليه وآله وسلّم) في ذلك، شأن كثير من الآيات التي تنسب أفعال الإنسان لله سبحانه مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى﴾(7) فهو لا يعني انّ الرمي لم يكن فعلاً اختيارياً للرامي، وكذلك الآيات التي تتحدث عن الهدى والضلال مثل قوله تعالى: ﴿فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء﴾(8) فانّها لا تعني قسرهم على الضلال والهدى، لأن الإرادة الالهية في كل ذلك لم تكن هي العلّة التامة، ولا سالبة للاختيار.
ومن خلال ما ذكرناه اتضح أن استقامة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كانت بقراره واختياره من دون أن يكون مجبوراً على ذلك، ولعلّ هذا التحذير مجرد تذكير للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) الذي كان يرغب في صيغة تخفّف من شدّة عنادهم، لما عرف عنه من الرأفة والرحمة وحرصه الشديد على إيمانهم، كما أشار إليه القرآن الكريم في مواضع متعددة، مثل قوله تعالى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾(9)،﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ﴾(10)،﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾(11).
ولا يعني هذا ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد عزم على التلاعب بالوحي وتغييره. ولعلّ المقصود الحقيقي بالتحذير المذكور غير النبي، لبيان مدى خطورة الافتراء على الله تعالى.
1- سورة الإسراء: 73 - 75.
2- التفسير الكبير: 21 20.
3- يراجع التفسير الكبير: 21 20.
4- سورة الحاقة: 44 - 46.
5- سورة الأنعام: 124.
6- سورة الإسراء: 75.
7- سورة الأنفال: 17.
8- سورة إبراهيم: 4.
9- سورة فاطر: 8.
10- سورة الكهف: 6.
11- سورة الشعراء: 3.
قال الزمخشري: والسبب في نزول هذه الآية انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لما أعرض عنه قومه وشاقّوه وخالفه عشيرته ولم يشايعوه على ما جاء به تمنّى لفرط ضجره من إعراضهم ولحرصه وتهالكه على إسلامهم أن لا ينزل عليه ما ينفّرهم، لعلّه يتّخذ ذلك طريقاً الى استمالتهم واستنزالهم عن غيّهم وعنادهم، فاستمرّ به ما تمنّاه حتى نزلت عليه سورة النجم وهو في نادي قومه، وذلك التمني في نفسه، فأخذ يقرؤها فلمّا بلغ قوله (ومناة الثالثة الأخرى)(2) ألقى الشيطان في أمنيّته التي تمنّاها، أي: وسوس إليه بما شيّعها به، فسبق لسانه على سبيل السهو والغلط الى أن قال (تلك الغرانيق العلى وانّ شفاعتهن لترتجى)... إلخ(3).
وقد روى هذه القصّة الطبري والبزّار والطبراني وابن مردويه وغيرهم.
ولكن علماء الشيعة ومجموعة أخرى من علماء الجمهور رفضوا ذلك... قال الفخر الرازي في تفسيره بعد أن أشار إلى هذه الروايات: "هذا رواية عامّة المفسّرين الظاهريين، أمّا أهل التحقيق فقد قالوا هذه الرواية باطلة موضوعة واحتجوا عليه بالقرآن والسنّة والمعقول... إلخ"(4).
ونحن عندما ندرس هذه الآيات الكريمة دراسةً موضوعية متأنية نجد مدلولها أجنبياً عن آيات سورة النجم وقضية الغرانيق المزعومة، وذلك أن اسطورة الغرانيق رويت بصيغتين مختلفتين في المضمون..
فمدلول الصيغة الأولى: انّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) تعمّد تغيير الوحي والافتراء بهدف التقرب للمشركين واستمالتهم.
وهو - كما تراه - خلاف ظهور الآيات الكريمة، وقد أوضحنا بطلانه.
ومدلول الصيغة الثانية: انّ الشيطان خدعه أو تحدّث على لسانه.
وقد يتوهم انسجام ذلك مع ظهور الآيات الكريمة، ولكن هذا غير صحيح بعد ملاحظة ما يلي:
أولاً: انّا لا نجد الشيطان مسلّطاً على الإنسان العادي من الناس حتى غير المؤمن بحيث يؤثر على حواسّه، فكيف يفترض سيطرته على الأنبياء والرسل، مع انّهم من الناحية التكوينية العضوية كباقي الناس؟
ثانياً: انّ الآية تفرض الحالة دائمية تلاحق الأنبياء والمرسلين وانّها ليست نادرة، لذلك استخدمت صيغة الحصر، وليس من المعقول فرض هذه السيطرة الدائمة للشيطان على الأنبياء والرّسل. مع ملاحظة مسؤولياتهم الخطيرة ورعاية الله وتسديده لهم.
ثالثاً: انّ التمنّي قد يُراد منه أحد معان.
أ: طلب المستحيل أو شبهه.
ب: التلاوة كما ورد فيه قول الشاعر:
ج: إرادة الشيء أو تشهّي حصول الأمر المرغوب فيه(6).
أمّا المعنى الأول فهو غير معقول هنا، لذلك لم يذكره أحد. وأمّا المعنى الثاني فهو لا ينسجم مع الآية الكريمة ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى..﴾(7) إذ من المعلوم ندرة الأنبياء والرّسل أصحاب الكتب التي يقرؤونها، بينما الآية تتحدث عنهم كلهم أو نسبة كبيرة منهم على الأقل. ويقوى الإشكال بالنسبة للأنبياء - غير الرسل - بناءً على الرأي القائل: انّ النبي غير الرسول.
فلا يبقى إلاّ المعنى الثالث فيكون معنى الآية - والله العالِم - انّ الأنبياء والرسل حيث يرغبون ويحرصون على هداية الناس فيضع الشيطان العراقيل والمعوقات أمام مساعيهم الاصلاحية، ونتيجة لهذا الصراع بين الخير والشر، يفتتن كثير من الناس، ويزداد المؤمنون إيماناً، كما تحدثت بذلك آيات أخرى ﴿يضلّ به كثيراً ويهدي به كثيراً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ﴾(8).
رابعاً: إنّ هذا كلّه يبتني على فرضية صحة اسطورة الغرانيق إذ لا يحتمل أنّ هناك قضية أخرى أوجبت نزول هذه الآيات، بل الذين يذهبون الى هذا التفسير - المرفوض عندنا - يعتبرونها مشيرة الى قضية الغرانيق، ونحن قد أثبتنا فيما سبق ومن خلال عدة شواهد عدم صحة قضية الغرانيق وعدم انسجامها مع مدلول الآيات المتقدمة. وانّها اسطورة حاكتها أصابع الظالمين(9).
هذا، ونلاحظ انّ مجموعة من علماء الجمهور رفضوا هذه الروايات، قال الرازي في معرض ردّه على هذه الروايات بالسنّة: وأمّا السنّة فهي ما روي عن محمد بن إسحاق بن خزيمة انّه سئل عن هذه القصّة؟ فقال: هذا وضع من الزنادقة، وصنّف فيه كتاباً. وقال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ثم أخذ يتكلّم انّ الرواة مطعون فيهم(10).
الأسئلة
1 - اذكر خمسة معان للوحي.
2 - كيف تردّ الاستشهاد بالآية الكريمة ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً﴾ على صحة اسطورة الغرانيق؟
3 - كيف تردّ الاستشهاد بآية التمني على صحة اسطورة الغرانيق؟
4 - كيف تناقش الرأي القائل ان ادعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) الارتباط بالله بهدف تهيئة ارضية لدى قومه لقبول افكاره الاصلاحية؟
5 - هل ان سعي الإنسان للانخراط في المجتمع لمجرّد توفير مصالحه الذاتية؟
6 - ما هو سبب احتياج الإنسان للوحي الإلهي؟
1- سورة الحج: 52 - 54.
2- سورة النجم: 20.
3- الكشّاف: 3 164.
4- التفسير الكبير: 23 50.
5- لسان العرب: 15 294.
6- يراجع المصدر.
7- سورة الحج: 52.
8- سورة البقرة: 26.
9- ولا غرابة في ذلك ما دام (خليفة المسلمين) يتطاول على النبي 9 ويزداد غيظاً عندما يسمع اسمه ينادى به في الأذان كلّ يوم خمس مرّات، ويعزم على دفنه والقضاء عليه، كما في المحاورة المعروفة بين المغيرة بن شعبة ومعاوية بن أبي سفيان. والخليفة الآخر - الوليد بن يزيد بن عبد الملك - يتطاول على كتاب الله عزّوجلّ ويجعله غرضاً ليرميه بالنشّاب وهو يقول:
تهدّدني بجبار عنيد *** فها أنذاك جبّار عنيد
إذا ما جئت ربّك يوم حشر *** فقل يارب مزّقني الوليد
الى غير ذلك من الممارسات والمواقف المخزية، ولا نستغرب من (علماء) يلتزمون هذا الرأي مطاوعين لرغبات أولئك (الخلفاء) أو حجبتهم الغشاوة عن رؤية الحقيقة.
10- التفسير الكبير: 23 50.