الكتاب: فضائل أهل البيت عليهم السلام من كتاب فضائل الصحابة.المؤلّف: أبو عبدالله أحمد بن حنبل ( ت 241 هـ ).المحقّق: محمّد كاظم المحمودي.الناشر: المجمع العلمي للتقريب بين المذاهب ـ طهران.الطبعة: الأولى ـ سنة 1425 هـ / 2004 م.
يَرِد الكتاب في خمسة عناوين:
ـ أخبار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ وزهده.
ـ نسب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ .
ـ فضائل عليٍّ .
ـ فضائل فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله.
ـ فضائل الحسن والحسين عليهما السلام.
وقد ضمّ هذا الكتاب بين دفّتَيه ما يقرب من ( 400 ) صفحة، احتوت:
أ) (457) حديثاً في فضائل أهل البيت عليهم السلام.
ب) (8) فهارس، هي على التوالي: فهرس الآيات القرآنيّة، فهرس الأحاديث والآثار، فهرس الأسامي والكنى، فهرس الوقائع والأيّام والأزمنة والأطعمة والحيوانات والأشياء، فهرس الأشعار، فهرس الأماكن، فهرس مصادر الكتاب ـ وقد بلغت ( 292 ) مصدراً ـ، فهرس مطالب الكتاب.
وقد كان الكتاب جولةً ممتعةً نافعةً تُعطي لقارئه مؤشّراتٍ مهمّةً في السيرة النبويّة، وتعريفاتٍ ضروريّة للعترة الحمّديّة، وموازينَ عقائديّةً في الأفضليّة.
المصدر.[1]
فضائل
-
- عضو جديد
- مشاركات: 332
- اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am
كتاب الطبقات الكبير لمحمد بن سعد بن منيع البصري الزهري المشهور بابن سعد، من أهم الكتب التي ألفت في الطبقات وتراجم الرجال، ولم يسبقه في هذا الموضوع إلا «كتاب الطبقات» لشيخه الواقدي، غير أن كتاب الواقدي لم يصل إلينا، ويُقال إن ابن سعد أفاد منه كثيراً.
يعد كتاب الطبقات الكبير مرجعًا في السيرة النبوية والتراجم والتواريخ، حيث تناول فيه مصنفه السيرة النبوية المطهرة، عارضًا لمن كان يفتي بالمدينة المنورة، ولجمع القرآن الكريم، ثم قدم تراجم للصحابة ومَن بعدهم من التابعين وبعض الفقهاء والعلماء. ومن منهج المصنف في الكتاب أنه يذكر اسم العلم المترجم له، ونسبه، وإسلامه، ومآثره، وما ورد في فضله في ترجمة مطولة، وقد بلغ عدد الأعلام المترجم لهم 4725 علمًا، ويُعد هذا الكتاب من أقدم الكتب التي وصلت إلينا من كتب التواريخ الجامعة لرواة السنة النبوية من ثقات وضعفاء، وهو مرتب على الطبقات، وقد تكلم على الرواة جرحًا وتعديلًا.
محتويات
[أخف]
صورة لغلاف نسخة أخرى من الكتاب
هو: محمد بن سعد بن مَنِيع (بفتح أوّله وكسر النون وسكون المثناة تحت الياء ثم عين مهملة)[1][2] البصري الزهري، ولم يتجاوز جميعُ من ترجمه جدّه منيعاً.
وأما نسبه، فالأكثر على أنه مولى لبني هاشم،[3][4][5][6][7][8][9][10]، وفسّر هذا الولاء تلميذه الحسين بن الفهم، فقال: «هو مولى الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب».[11] ولا يعني هذا أنّه هو نفسه مولى للحسين بن عبد الله، فقد يكون جدّه هو المولى، وربما أبوه،[12] لأن هذا الفرع من البيت العبّاسي قد انقرض بموت الحسين بن عبد الله، فقد توفّي الحسين سنة 140هـ، ولم يخلف بعده سوى ابنه عبد الله ومات ولم يعقب.[13]
ويُشار إلى ابن سعد بأنه زهري،[14][15][16] نسبة إلى زهرة بن كلاب من قبيلة قريش، وهذا الاضطراب في نسبته يسبب حيرة من ولائه بين بني هاشم وبني زهرة، لكن الراجح هو اللقب الأول؛ لأن تلامذته هم الذين نسبوه إلى ذلك النسب، وتلامذته هم أعرف الناس به، ويُحتمل أنه انتسب إلى بني زهرة ثم إلى بني هاشم أو العكس.
ويُكنَّى ابن سعد بـأبي عبد الله،[17] وهذه الكنية لا تدل على أنه تزوج ورزق ولداً سماه عبد الله، لا سيما أنه لا يوجد ما يشير إلى أسرته وعائلته في جميع المصادر التي ترجمت له. كما يُعرف بلقب كاتب الواقدي،[18] وصاحب الواقدي،[19] والأول أكثر استعمالاً، وقد يكتفي بعضهم بلفظ الكاتب،[20] وانفرد السمعاني بقوله: «ويعرف بـغلام الواقدي»،[21]، وقد لُقّب بهذه الألقاب بسبب ملازمته لشيخه محمد بن عمر الواقدي.
اسم الكتاب و نسبته للمؤلف[عدل]
صورة عن الصفحة الأولى من المجلد الأول للنسخة الخطية المحفوظة بمكتبة أحمد الثالث في إسطنبول
اسم الكتاب[عدل]
ذكر العلماء كتاب الطبقات الكبير باسمين:
نسبته للمؤلف[عدل]
لم يرد في المراجع أن هناك أدنى شك أن هذا الكتاب، كتاب الطبقات الكبير، لمحمد بن سعد، ومما يدل على ذلك أمور عدة، منها:
ينقسم كتاب الطبقات إلى قسمين رئيسين[عدل]
القسم الأول[عدل]
يتعلق بسيرة النبي محمد، وقد أبدع ابن سعد في هذا القسم، وظهر فيه- بالإضافة إلى كونه من المحدّثين- بشخصية المؤرخ البصير المطلع، حيث تناول فيه كل ما يتعلق بالسيرة النبوية، وخدم هذا الموضوع بمقدمات وممهدات لفترة ما قبل النبوة والرسالة، وأضاف فصولاً وأبواباً يندر أن تجدها مجتمعة (هكذا) عند غيره، بأسلوب سهل سلس محبوك الفصول والأبواب، مدعوماً بالروايات المسندة التي سمعها من شيوخه، أو مما استقاه من مصادر أخرى سبقته[32]. ويمكن إجمال موضوعات هذا القسم في النقاط الآتية:
1. الأمور المتعلقة برسول الله قبل مولده، من نسبـه الشـريف، وعلاقته بالأنبيـاء قبله- بدءاً بآدم عليه السلام، ثم من بعده ممّن له صلة برسالة النبي، فذكر إدريس ونوحاً وإبراهيم وإسماعيل عليهم السلام- ثم أسرته، وزواج والديه، والحمل به، ووفاة والده، وولادته وما يتعلق بها من أسمائه وكنيته ومرضعاته، ثم وفاة أمّه آمنة، وكفالة عمّه أبي طالب له[33].
2. أحواله قبل البعثة، وما يتعلق بذلك من تواريخ وأحداث مرت به، وفيه[34]
4. هجرته وما وقع فيها من أحداث، وما فعله حين قدم المدينة من مؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وبناء المسجد، وما جرى فيها من نزول بعض الأحكام كصيام رمضان وزكاة الفطر وصـلاة العيدين والأضحية ونحوها[36].
5. كتابتـه للملوك والعظماء ووجهـاء الناس في عصره، يدعوهم للإسلام[37].
6. وفادات العرب عليه، وذكر فيه اثنين وسبعين (72) وفداً[38].
7. صفته الخَلْقية والخُلقية، وأحواله في معيشته، ونسائه، وعبادته ولباسه، وأدواته، ودوابه، وخدمه، ومواليه ، وبيوته، وصدقاته، والآبار التي شرب منها[39].
8. مغازيه وسراياه، وعمره، وحجة الوداع[40].
9. مرضه ووفاته، وما حصل أثناء ذلك من أمور، مع ذكر من رثى النبي[41]. وهذه السيرة المطولة بمثابة مدخل لكتاب الطبقات، وهي جزء أساسي لا ينفك عمّا يأتي بعدُ من إحداث منهجية تقسيم الرجال والنساء إلى طبقات، وتقديم بعضهم على بعض، وإضفاء المصطلحات والألقاب المميزة لدرجاتهم حسب قربهم وبعدهم عن الرسول.
يتعلق بطبقات الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وقد أفصح عن ذلك مؤلِّف الكتاب حيث قال في أوّل الطبقات:" تسمية من أحصينا من أصحاب رسول الله، من المهاجرين والأنصار وغيرهم، ومن كان بعدهم من أبنائهم وأتباعهم من أهل الفقه والعلم والرواية للحديث، وما انتهى إلينا من أسمائهم وأنسابهم وكناهم وصفاتهم طبقة طبقة "[42]. وراعى ابن سعد في ترتيبه للطبقات عدة جوانب: نوعي، وزماني، ومكاني، ونسبي، وعلو الرواية والإسناد[43]. وقسم تـراجم الطبقات إلى قسمين: قسم للرجـال، ويمثل مـعظم الكتاب[44]، وآخر للنساء يمثل جزءاً يسيراً من الكتاب[45]. وجعل الصحابة خمس طبقات، مراعياً في تقسيمه هذا السبق في الإسلام والفضل، ثم راعى في إيراد التراجم داخل كل طبقة عنصر النسب والشرف[46].
طبقات الصحابة[عدل]
الطبقة الأولى[عدل]
وهم أهل بدر، بدأهم برسول الله، ثم الأقرب فالأقرب إليه في النسب، فذكر من شهدها من بني هاشم ومواليهم[47]، ثم من شهدها من بني عبد شمس وحلفائهم ومواليهم[48]، ثم من شهدها من بني أسد بن عبد العزى وحلفائهم[49]، ثم من شهدها من بني عبد الدار وعبد ابن قصي[50] ثم من شهدها من بني زهرة وحلفائهم[51]، ثم من شهدها من بني تيم بن مرة ومواليهم[52]، وهكذا حتى أنهى بطون قريش. ثم بدأ بذكر الأنصار؛ فبدأ بالأوس قبل الخزرج، حتى أنهى بطون الأوس، ويذكر مع كل بطن مواليهم وحلفاءهم[53]، ثم بدأ بذكر بطون الخزرج وحلفائهم ومواليهم[54]، وأنهى الحديث عن الطبقة الأولى بالحديث عن النقباء الإثنى عشر في بيعة العقبة[55].
الطبقة الثانية[عدل]
وهم من لم يشهد بدراً ولهم إسلام قديم، وقد هاجر عامتهم إلى الحبشة، وشهدوا أحداً وما بعدها[56]. وسلك في ترتيبهم المسلك السابق في الطبقة الأولى.
الطبقة الثالثة[عدل]
وهم من شهد الخندق وما بعدها، ومن أسلم فيما بين الخندق وفتح مكة[57]. واتّبع في ترتيبهم نفس الترتيب السابق.
الطبقة الرابعة[عدل]
وهم من أسلم عند فتح مكة، وما بعد ذلك[58].
الطبقة الخامسة[عدل]
وهم من قبض رسول الله وهم أحداث الأسنان، ولم يغز منهم أحد مع الرسول، وقد حفظ عامتهم ما حدثوا به عنه، ومنهم من أدركه ورآه ولم يحدث عنه شيئاً[59]. وبعد انتهاء ابن سعد من ذكر طبقات الصحابة، والقائمة أساساً على العنصر الزماني، أتبعهم بذكر طبقات التابعين ومن بعدهم، مراعياً في ذلك عنصراً آخر، وهو العنصر المكاني، حيث رتبهم بحسب البلدان التي نزلوها واستقروا بها[60]. فبدأ بالمدينة النبوية باعتبارها دار الهجرة، وعاصمة الإسلام، ثم مكة، فالطائف، فاليمن، فاليمامة، فالبحرين[61]، ثم الكوفة[62]، والبصرة[63]، وواسط، والمدائن، وبغداد، وخراسان، والرّي، وهمدان، وقم، والأنبار، ثم الشـام والجزيرة، والعواصم والثغور، ثم مصـر، وأيلـة، وإفريقيـة والأندلس[64].
منهج ابن سعد في ايراد أخباره[عدل]
طريقة المؤلف في تسلسل الأبواب والأحداث والوقائع[عدل]
أورد ابن سعد في هذا القسم طائفة من تراجم المهاجرين، ثم أعقبهم بتراجـم الأنصار، ومن الملاحظ أن ابن سـعد راعى في ترتيبهم الأسبقية إلى الإسلام، حيث بدأ بالبدريين قبل غيرهم، وفي داخل طبقات البدريين أنفسهم راعى ترتيباً آخر هو عنصر النسب، حيث رتبهم حسب قربهم من النسب النبوي الشريف، فقدم المهاجرين على الأنصار بناءً على هذا الأساس [65]. وفي المهاجرين بدأ ببني هاشم، وأول من ذكره فيهم حمزة بن عبد المطلب عم النبي، وختم بطون قريش ببني فهر بن مالك بن النضر، وأول من ذكره فيهم أبا عبيدة بن الجراح[66].
وفي الأنصار بدأ بالأوس ثم الخزرج، فبدأ ببني عبد الأشهل مقدما فيهم سعد بن معاذ البدري العقبي النقبي[67]، ثم بني حارثة، ثم بني ظفر ... وهكذا حتى أتى على آخر بطون الأوس، ويذكر مع كل بطن مواليهم وحلفائهم غالباً[68]. وبعد أن أنهى بطون الأوس بدأ بذكر بطون الخزرج، فبدأ ببني غنم بن مالك بن النجار مقدماً فيهم الصحابي الجليل أبا أيوب الأنصاري[69]، ثم بني عمرو بن مالك بن النجار، ثم بني عامر بن مالك بن النجار ... وهكذا حتى أتى على آخر بطون الخزرج، ويذكر مع كل بطن مواليهم وحلفائهم غالباً[70]. وبعد أن أنهى بطون الأوس والخزرج أفرد باباً خاصاً للنقباء الاثنى عشر الذين اختارهم رسول الله من الأنصار ليلة العقبة بمنى[71].
وجعل ابن سعد الصحابة الكرام المحور الأساسي الذي يربط بين الأحداث والوقائع التي جرت في عهدهم، فهو يذكر في ترجمة الصحابي ما وقع له من أحداث ووقائع، ويقتصر في تلك الأحداث على ما يخدم ترجمة ذلك الصحابي دون إسهاب في ذكر أحداث تلك الوقائع، إذ هي تأتي تبعاً للترجمة. ومن أبرز تلك الوقائع التي ذكرها المؤلف موزعة ضمن تلك التراجم: غزوة مؤتة (وكانت بين المسلمين والروم)[72]، وحادثة سقيفة بني ساعدة (وفيها كان اجتماع المهاجرين والأنصار لاختيار الخليفة بعد وفاة رسول الله)[73]، ويوم اليمامة (وهو أشهر معارك حروب الردة)[74]، ومعركة القادسية (وكانت بين المسلمين والفرس)[75]، وعام عمـواس (وهي الواقعة التي استشهد فيها عدد كبير من الصحابة بالشـام بسبب الطاعون)[76]، ويوم صفين (وهي الواقعة التي جرت بين علي بن أبي طالب ومعاوية)[77]، وغزو القسطنطينية( وكانت في عهد معاوية)[78]، وغيرها.
ويذكر ابن سعد في تراجم الصحابة من شهد منهم تلك الوقائع والأحداث، أو من كان له فيها رأي بارز، أو من قُتل بها، هذا بالإضافة إلى عنايته بصفة خاصة بذكر المشاهد التي شهدها صاحب الترجمة مع رسول الله من غزوات ونحوها، حتى لا تكاد تخلو ترجمة من ذلك. وقد تنوعت التراجم في كتاب الطبقات من حيث الطول والتوسط والاختصار الشديد، وذلك حسب توفر عناصر الترجمة لدى المؤلف، وشهرة المترجم له أو عدمها.
ويمكن إجمال عناصر الترجمة في النقاط التالية :
وأما بالنسبة لترتيبه للنصوص داخل تلك التراجم، فلم يظهر لي أن المؤلف اتبع في ذلك منهجاً معيناً، وذلك أن موضوع الطبقات يختلف عن مقاصد التأليف الأخرى كالتأليف على طريقة الجوامع والسنن والمصنفات ونحوها ، فهو ينتقي من المتون ما يتعلق بترجمة الصحابي غالباً، ويمكن إجمال الملحوظات في هذا الباب على النحو التالي:
فإنه بعد انتهاءه من سرد الإسناد المفرد أو الإسناد الجمعي يسوق المتن بتمامه، والمتون هذه على نوعين: متن لإسناد مفرد، وهو الغالب على الكتاب، ومتن لأسانيد مجموعة قد ينبه على أن حديث بعضهم دخل في حديث بعض[112]، وأغلب الأحيان لا ينبه على ذلك.
وممكن إجمال طريقته في إيراد المتون في النقاط التالية:
بالرغم من كون كتاب ابن سعد من كتب الطبقات التي تعنى بتراجم الصحابة- وغيرهم-، فإن مؤلّفه اعتنى بالإسناد عناية بالغة، واعتمده في أغلب المادة التي ساقها، وبالأخص في طبقات الصحابة ويمكن إبراز معالم سياقه للأسانيد في النقاط التالية:
ويمكن تقسيم مصادره إلى قسمين رئيسين، قسم قد أفصح المؤلِّف عن مصادره فيه، وقسم آخر لم يصرّح فيه بمصادره، وهو الأكثر، وإنما يظهر ذلك من خلال رواياته عن شيوخه ممّن كانت لهم تصانيف وكتب. وقد اعتمد ابن سعد في المادة التي أوردها على الأسانيد في الغالب، سواء كانت تلك المصادر ممّا صرّح باسمها أو لم يصرّح بذلك.
القسم الأول: المصادر التي صرّح بأسمائها[عدل]
ذكر ابن سعد في أوّل طبقات الصحابة قائمة بأسماء الرواة وهؤلاء- على الترتيب الذي ذُكِر- هم:
القسم الثاني : المصادر التي لم يصرح بأسمائها[عدل]
وهي أكثر من المصادر التي صرح بها، وقد قاربوا ثلاثمائة شيخ، وفيهم طائفة ممن عُرف بالتصنيف، كيزيد بن هارون[130]، ووكيع بن الجراح[131]، وإسماعيل بن علية[132]، وروح بن عبادة[133]، وأبي داود الطيالسي[134]، وسعيد بن منصور [135]وغيرهم.
وبعد هذا العرض لمصادر ابن سعد في كتابه هناك جملة من الملحوظات على تلك المصادر، وهي:
ظل كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد حبيس الرفوف والمكتبات العالمية لعدة قرون، شأنه في ذلك شأن باقي كتب التراث، إلى أن جاءت النهضة العلمية الحديثة وما لحق بها من ظهور الطباعة، وتحرك للنشاط الاستشراقي الذي أولى عناية خاصة بالتراث الإسلامي، بدافع استعماري في المقام الأول.[بحاجة لمصدر] فكان كتاب الطبقات من الكتب الأولى التي طبعت ضمن هذا النشاط وقد تم إخراجه إلى حيز الوجود لأوّل مرة بإشراف المستشرق الألماني إدوارد سخاو، وحقّقه بالاشتراك مع:" بروكلمان، وهورفتس، وليبرت، ومايسنر، وميتفوخ، وشفالي، وتسترستين"، وحقق الكتاب عن خمس مخطوطات، واستغرقت طباعته أربعة عشر عاماً من سنة 1904-1918م في ليدن بهولندا، فخرج في ثمانية أجزاء، يشمل كل منها قسمين، ما عدا الجزأين الخامس والثامن، فلم يشملهما تقسيم، وأما المجلد التاسع، فخصّص للفهارس، ظهر القسم الأوّل منه سنة 1920م، ثم صدر القسم الثاني بعد ثمان سنوات، أي سنة 1928م، وبه فهارس الأماكن، والقبائل، وكلمات الرسول، والقوافي، وآيات القرآن. وفي عام 1940م ظهر القسم الثالث من المجلد التاسع، وهو عمل المستشرق جوتشالك، وفيه فهرس لأسماء الأشخاص الذين ورد ذكرهم في الكتاب. وبهذا يكون الكتاب قد تم طبعه في خلال ستة وثلاثين عاماً، من 1904م إلى 1940م[136]. وقد بذلوا جهداً واضـحاً في ضبط الكتاب، والتعليق على النص، وإثبات الفروق، وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلوها في إخراج هذا الكتاب - لا سيما محاولاتهم لاستكمال نسخه-، فقد سقط منه ما يعادل مجلدين أو أكثر[137].
ثم أعيدت طباعته في القاهرة عن دار التحرير عام 1388هـ عن طبعة ليدن، وترجمت معها هوامش المستشرقين[138]، وتعليقاتهم ومقدماتهم.
ثم أعيدت طباعته في لبنان سنة 1957م اعتماداً على طبعة المستشرقين (أيضاً)، بإشراف إحسان عباس، وحذفت الهوامش والتعليقات، وفي هذه الطبعة تصحيفات كثيرة، وهي دون طبعة ليدن في الجودة والدقة، ولم يستدرك فيها شيء مما فات المستشرقين[139].
ثم قام بعض الباحثين بإكمال النقص الموجود وتحقيقه، فقام الدكتور زياد منصور بإخراج طبقة تابعي المدينة فمن بعدهم. من ربع الطبقة الثالثة إلى منتصف الطبقة السادسة- في رسالة تقدم بها لنيل درجة الماجستير بالجامعة الإسلامية، وطبع بنفس الجامعة سنة 1403هـ. ثم قام الدكتور محمد بن صامل السُّلمي بإخراج الطبقة الخامسة من الصحابة في رسالة علمية تقدم بها إلى جامعة أم القرى لنيل درجة الدكتوراه وذلك سنة 1409هـ[140]. ثم جاء بعده الدكتور عبد العزيز السلومي ، فقام بإخراج الطبقة الرابعة من الصحابة ، في رسالة علمية تقدم بها لنيل درجة الدكتوراه وذلك بجامعة أم القرى ، سنة 1412هـ[141]. وقد طبـع الكتاب كاملاً بدار إحيـاء التراث العربي، ببيروت، وذلك سنة 1417هـ، وتضّمن السّقـط الذي قام بتحقيقـه الأساتذة المشار إليهم آنفاً. وأما مخطوطاته، فلا تخلو مكتبة من مكتبات العالم من نسخة أو قطعة منه، وقد ذكر له الدكتور فؤاد سزكين ستّ عشر نسخة موزعة في مكتبات العالم، ولا تكاد توجد له نسخة كاملة خالية من السقط والخروم[142]. ولعل من أكمل تلك النسخ نسخة مكتبةأحمد الثالث[143] الموجودة بتركيا( استانبول)، في مجموعة من القرن السابع، وتتكون في أصلها من أحد عشر جزءاً، فقد منها الثاني والعاشر، وهي نسخة جيدة مسندة عليها سماعات مقابلة على الأصل المنقول عنه، وعليها علامات المقابلة، وخطها نسخي واضح مشكول، وقد دون في هامشها بعض تفسير الغريب، ولم يدون عليها اسم الناسخ، وعلى الورقة الأولى من كل جزء ختم تملك المكتبة. والجزآن الأول والثالث من رواية الحارث بن أبي أسامة، أما الخامس والسادس والسابع والثامن فمن رواية الحسين بن الفهم، والتاسع من روايتهما معاً[144].
اهتمام العلماء بالكتاب وثناؤهم عليه[عدل]
تضافرت أقوال العلماء في الثناء على كتاب الطبقات وتعظيمه، فيما يلي بعض من أقوال الأئمة الأعلام في ذلك: فيقول الخطيب البغدادي: "وصنف كتاباً كبيراً في طبقات الصحابة والتابعين، والخالفين إلى وقته فأجاد فيه وأحسن"[145]. وكذا قال السمعاني[146]، وابن خلّكان[147]. ويقول أبو عمر بن الصلاح الشهرزوري:" وكتاب الطبقات الكبير لمحمد بن سعد كاتب الواقدي كتاب حفيل كثير الفوائد"[148]. ويقول الذهبي: " وكان من أوعية العلم، ومن نظر في الطبقات خضع لعلمه"[149]. ويقول ابن كثير: "ومن أجلّ الكتب في هذا- يعني معرفة الطبقات -طبقات محمد بن سعد كاتب الواقدي "[150]. ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في معرض الحديث عن طبقات ابن سعد:" وكتابه أجمع ما جمع في ذلك "[151]. ويقول السّخاوي: "والطبقات الكبير كتاب حفيل جليل كثير الفائدة"[152]. وتظهر أهمية كتاب الطبقات في كونه حوى كثيراً من الفنون العلمية في شتى الميادين المتخصصة، مما أهّله ليكون مرجعاً أساسياً لدى العلماء والباحثين، فهو مرجع أساسي في سيرة المصطفى وغزواته، ومعرفة دلائل نبوّته وشمائله، وهو مرجع أساسي في معرفة السنن والآثار لاشتماله على كمّ هائل من أقوال الصحابة والتابعين- بالإضافة إلى الأحاديث-، وهو مرجع أساسي في معرفة تراجم الرواة وأحوالهم وأنسابهم، ومنزلتهم في ميزان الجرح والتعديل، هذا فضلاً عن كونه مرجعاً أصلياً في علم الطبقات. فهو كتاب ينهل منه المحدّث والفقيه والمفسّر والمؤرخ والنسّابة والواعظ والداعية، وغيرهم. ولأجل هذا وغيره فقد اهتم العلماء بكتاب الطبقات اهتماماً كبيراً ، ولم يترددوا في النقل عنه والاعتماد عليه على نطاق واسع كل حسب تخصصه وحاجته، ومن أبرز هؤلاء:
فهؤلاء طائفة من مشاهير العلماء الأعلام ممّن أفاد من كتاب الطبقات، ونقل عنه، وبعضهم جعله من موارده الأساسية. وقد اختصر ابن منظور كتاب الطبقات وسماه "مختار الطبقات"[179]، وكذا اختصره السيوطي في كتاب سماه: "إنجاز الوعد المنتقي من طبقات ابن سعد"[180].
مراجع[عدل]
مراجع
يعد كتاب الطبقات الكبير مرجعًا في السيرة النبوية والتراجم والتواريخ، حيث تناول فيه مصنفه السيرة النبوية المطهرة، عارضًا لمن كان يفتي بالمدينة المنورة، ولجمع القرآن الكريم، ثم قدم تراجم للصحابة ومَن بعدهم من التابعين وبعض الفقهاء والعلماء. ومن منهج المصنف في الكتاب أنه يذكر اسم العلم المترجم له، ونسبه، وإسلامه، ومآثره، وما ورد في فضله في ترجمة مطولة، وقد بلغ عدد الأعلام المترجم لهم 4725 علمًا، ويُعد هذا الكتاب من أقدم الكتب التي وصلت إلينا من كتب التواريخ الجامعة لرواة السنة النبوية من ثقات وضعفاء، وهو مرتب على الطبقات، وقد تكلم على الرواة جرحًا وتعديلًا.
محتويات
[أخف]
- 1 اسم المؤلف ونسبه ولقبه وكنيته
- 2 اسم الكتاب و نسبته للمؤلف
- 3 موضوعه
- 4 منهج ابن سعد في ايراد أخباره
- 5 مصادر الكتاب
- 6 نسخ الكتاب المطبوعة
- 7 اهتمام العلماء بالكتاب وثناؤهم عليه
- 8 مراجع
- 9 وصلات خارجية
- مقالة مفصلة: محمد بن سعد البغدادي
صورة لغلاف نسخة أخرى من الكتاب
هو: محمد بن سعد بن مَنِيع (بفتح أوّله وكسر النون وسكون المثناة تحت الياء ثم عين مهملة)[1][2] البصري الزهري، ولم يتجاوز جميعُ من ترجمه جدّه منيعاً.
وأما نسبه، فالأكثر على أنه مولى لبني هاشم،[3][4][5][6][7][8][9][10]، وفسّر هذا الولاء تلميذه الحسين بن الفهم، فقال: «هو مولى الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب».[11] ولا يعني هذا أنّه هو نفسه مولى للحسين بن عبد الله، فقد يكون جدّه هو المولى، وربما أبوه،[12] لأن هذا الفرع من البيت العبّاسي قد انقرض بموت الحسين بن عبد الله، فقد توفّي الحسين سنة 140هـ، ولم يخلف بعده سوى ابنه عبد الله ومات ولم يعقب.[13]
ويُشار إلى ابن سعد بأنه زهري،[14][15][16] نسبة إلى زهرة بن كلاب من قبيلة قريش، وهذا الاضطراب في نسبته يسبب حيرة من ولائه بين بني هاشم وبني زهرة، لكن الراجح هو اللقب الأول؛ لأن تلامذته هم الذين نسبوه إلى ذلك النسب، وتلامذته هم أعرف الناس به، ويُحتمل أنه انتسب إلى بني زهرة ثم إلى بني هاشم أو العكس.
ويُكنَّى ابن سعد بـأبي عبد الله،[17] وهذه الكنية لا تدل على أنه تزوج ورزق ولداً سماه عبد الله، لا سيما أنه لا يوجد ما يشير إلى أسرته وعائلته في جميع المصادر التي ترجمت له. كما يُعرف بلقب كاتب الواقدي،[18] وصاحب الواقدي،[19] والأول أكثر استعمالاً، وقد يكتفي بعضهم بلفظ الكاتب،[20] وانفرد السمعاني بقوله: «ويعرف بـغلام الواقدي»،[21]، وقد لُقّب بهذه الألقاب بسبب ملازمته لشيخه محمد بن عمر الواقدي.
اسم الكتاب و نسبته للمؤلف[عدل]
صورة عن الصفحة الأولى من المجلد الأول للنسخة الخطية المحفوظة بمكتبة أحمد الثالث في إسطنبول
اسم الكتاب[عدل]
ذكر العلماء كتاب الطبقات الكبير باسمين:
- الاسم الأول: الطبقات الكبير، حيث جاء هذا الاسم مثبتاً هكذا في أكثر من نسخة من نسخ الكتاب الخطية،[22]، كما جاء هذا الاسم أيضاً في عدد من المصادر المطبوعة.[23]
- الاسم الثاني: الطبقـات الكبرى، حيث جـاء مسمى هكذا في بعض المصادر،[24] وهذه التسمية أشهر من الأولى.
نسبته للمؤلف[عدل]
لم يرد في المراجع أن هناك أدنى شك أن هذا الكتاب، كتاب الطبقات الكبير، لمحمد بن سعد، ومما يدل على ذلك أمور عدة، منها:
- استفاضة هذا الكتاب وشهرته لدى أهل العلم قديماً وحديثاً، حتى إنهم لا يذكرون هذا الكتاب إلا مقروناً بابن سعد غالباً.
- جاء في ترجمة ابن سعد التي كتبها تلميذه الحسين بن الفهم: «وهو الذي ألّف هذا الكتاب، كتاب الطبقات، واستخرجه وصنَّفه وروي عنه».[29]
- أن كل من ترجم لابن سعد ذكر هذا الكتاب ونسبه إليه.
- إسناد الكتاب المثبت على النّسخ الخطية،[30] وكذا في أول النسخ المطبوعة،[31] ينتهي إلى محمد بن سعد مؤلّف كتاب الطبقات.
- الأسانيد الواردة في الكتاب عن شيوخه هي الأسانيد نفسها التي يرويها عنه تلامذته، وهم: الحارث بن أبي أسامة، والبلاذري، وابن أبي الدنيا، والحسين بن الفهم.
ينقسم كتاب الطبقات إلى قسمين رئيسين[عدل]
القسم الأول[عدل]
يتعلق بسيرة النبي محمد، وقد أبدع ابن سعد في هذا القسم، وظهر فيه- بالإضافة إلى كونه من المحدّثين- بشخصية المؤرخ البصير المطلع، حيث تناول فيه كل ما يتعلق بالسيرة النبوية، وخدم هذا الموضوع بمقدمات وممهدات لفترة ما قبل النبوة والرسالة، وأضاف فصولاً وأبواباً يندر أن تجدها مجتمعة (هكذا) عند غيره، بأسلوب سهل سلس محبوك الفصول والأبواب، مدعوماً بالروايات المسندة التي سمعها من شيوخه، أو مما استقاه من مصادر أخرى سبقته[32]. ويمكن إجمال موضوعات هذا القسم في النقاط الآتية:
1. الأمور المتعلقة برسول الله قبل مولده، من نسبـه الشـريف، وعلاقته بالأنبيـاء قبله- بدءاً بآدم عليه السلام، ثم من بعده ممّن له صلة برسالة النبي، فذكر إدريس ونوحاً وإبراهيم وإسماعيل عليهم السلام- ثم أسرته، وزواج والديه، والحمل به، ووفاة والده، وولادته وما يتعلق بها من أسمائه وكنيته ومرضعاته، ثم وفاة أمّه آمنة، وكفالة عمّه أبي طالب له[33].
2. أحواله قبل البعثة، وما يتعلق بذلك من تواريخ وأحداث مرت به، وفيه[34]
- ذكر رعيه الغنم بمكة.
- ذكر حضوره حرب الفجار.
- ذكر حضوره حلف الفضول.
- ذكر خروجه إلى الشام المرّة الثانية.
- ذكر زواجه بخديجة رضي الله عنها.
- ذكر أولاده وتسميتهم.
- ذكر إبراهيم بن محمد.
- ذكر حضوره هدم قريش الكعبة، وبناءها.
- ذكر نبوة رسول الله.
- ذكر من تسمّى في الجاهلية بمحمد رجاء أن تدركه النبوة.
- ذكر علامات النبـوة بعد نزول الوحي، سـواء ما كان في مكـة أو المدينة.
4. هجرته وما وقع فيها من أحداث، وما فعله حين قدم المدينة من مؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وبناء المسجد، وما جرى فيها من نزول بعض الأحكام كصيام رمضان وزكاة الفطر وصـلاة العيدين والأضحية ونحوها[36].
5. كتابتـه للملوك والعظماء ووجهـاء الناس في عصره، يدعوهم للإسلام[37].
6. وفادات العرب عليه، وذكر فيه اثنين وسبعين (72) وفداً[38].
7. صفته الخَلْقية والخُلقية، وأحواله في معيشته، ونسائه، وعبادته ولباسه، وأدواته، ودوابه، وخدمه، ومواليه ، وبيوته، وصدقاته، والآبار التي شرب منها[39].
8. مغازيه وسراياه، وعمره، وحجة الوداع[40].
9. مرضه ووفاته، وما حصل أثناء ذلك من أمور، مع ذكر من رثى النبي[41]. وهذه السيرة المطولة بمثابة مدخل لكتاب الطبقات، وهي جزء أساسي لا ينفك عمّا يأتي بعدُ من إحداث منهجية تقسيم الرجال والنساء إلى طبقات، وتقديم بعضهم على بعض، وإضفاء المصطلحات والألقاب المميزة لدرجاتهم حسب قربهم وبعدهم عن الرسول.
- الأول: الجانب التاريخي، حيث سرد فيه الأحداث والوقائع بتسلسل زمني.
- الثاني: الجانب المتعلق بصاحب السيرة، حيث جعله المحور الذي يربط بين هذه الأحداث والوقائع.
يتعلق بطبقات الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وقد أفصح عن ذلك مؤلِّف الكتاب حيث قال في أوّل الطبقات:" تسمية من أحصينا من أصحاب رسول الله، من المهاجرين والأنصار وغيرهم، ومن كان بعدهم من أبنائهم وأتباعهم من أهل الفقه والعلم والرواية للحديث، وما انتهى إلينا من أسمائهم وأنسابهم وكناهم وصفاتهم طبقة طبقة "[42]. وراعى ابن سعد في ترتيبه للطبقات عدة جوانب: نوعي، وزماني، ومكاني، ونسبي، وعلو الرواية والإسناد[43]. وقسم تـراجم الطبقات إلى قسمين: قسم للرجـال، ويمثل مـعظم الكتاب[44]، وآخر للنساء يمثل جزءاً يسيراً من الكتاب[45]. وجعل الصحابة خمس طبقات، مراعياً في تقسيمه هذا السبق في الإسلام والفضل، ثم راعى في إيراد التراجم داخل كل طبقة عنصر النسب والشرف[46].
طبقات الصحابة[عدل]
الطبقة الأولى[عدل]
وهم أهل بدر، بدأهم برسول الله، ثم الأقرب فالأقرب إليه في النسب، فذكر من شهدها من بني هاشم ومواليهم[47]، ثم من شهدها من بني عبد شمس وحلفائهم ومواليهم[48]، ثم من شهدها من بني أسد بن عبد العزى وحلفائهم[49]، ثم من شهدها من بني عبد الدار وعبد ابن قصي[50] ثم من شهدها من بني زهرة وحلفائهم[51]، ثم من شهدها من بني تيم بن مرة ومواليهم[52]، وهكذا حتى أنهى بطون قريش. ثم بدأ بذكر الأنصار؛ فبدأ بالأوس قبل الخزرج، حتى أنهى بطون الأوس، ويذكر مع كل بطن مواليهم وحلفاءهم[53]، ثم بدأ بذكر بطون الخزرج وحلفائهم ومواليهم[54]، وأنهى الحديث عن الطبقة الأولى بالحديث عن النقباء الإثنى عشر في بيعة العقبة[55].
الطبقة الثانية[عدل]
وهم من لم يشهد بدراً ولهم إسلام قديم، وقد هاجر عامتهم إلى الحبشة، وشهدوا أحداً وما بعدها[56]. وسلك في ترتيبهم المسلك السابق في الطبقة الأولى.
الطبقة الثالثة[عدل]
وهم من شهد الخندق وما بعدها، ومن أسلم فيما بين الخندق وفتح مكة[57]. واتّبع في ترتيبهم نفس الترتيب السابق.
الطبقة الرابعة[عدل]
وهم من أسلم عند فتح مكة، وما بعد ذلك[58].
الطبقة الخامسة[عدل]
وهم من قبض رسول الله وهم أحداث الأسنان، ولم يغز منهم أحد مع الرسول، وقد حفظ عامتهم ما حدثوا به عنه، ومنهم من أدركه ورآه ولم يحدث عنه شيئاً[59]. وبعد انتهاء ابن سعد من ذكر طبقات الصحابة، والقائمة أساساً على العنصر الزماني، أتبعهم بذكر طبقات التابعين ومن بعدهم، مراعياً في ذلك عنصراً آخر، وهو العنصر المكاني، حيث رتبهم بحسب البلدان التي نزلوها واستقروا بها[60]. فبدأ بالمدينة النبوية باعتبارها دار الهجرة، وعاصمة الإسلام، ثم مكة، فالطائف، فاليمن، فاليمامة، فالبحرين[61]، ثم الكوفة[62]، والبصرة[63]، وواسط، والمدائن، وبغداد، وخراسان، والرّي، وهمدان، وقم، والأنبار، ثم الشـام والجزيرة، والعواصم والثغور، ثم مصـر، وأيلـة، وإفريقيـة والأندلس[64].
منهج ابن سعد في ايراد أخباره[عدل]
طريقة المؤلف في تسلسل الأبواب والأحداث والوقائع[عدل]
أورد ابن سعد في هذا القسم طائفة من تراجم المهاجرين، ثم أعقبهم بتراجـم الأنصار، ومن الملاحظ أن ابن سـعد راعى في ترتيبهم الأسبقية إلى الإسلام، حيث بدأ بالبدريين قبل غيرهم، وفي داخل طبقات البدريين أنفسهم راعى ترتيباً آخر هو عنصر النسب، حيث رتبهم حسب قربهم من النسب النبوي الشريف، فقدم المهاجرين على الأنصار بناءً على هذا الأساس [65]. وفي المهاجرين بدأ ببني هاشم، وأول من ذكره فيهم حمزة بن عبد المطلب عم النبي، وختم بطون قريش ببني فهر بن مالك بن النضر، وأول من ذكره فيهم أبا عبيدة بن الجراح[66].
وفي الأنصار بدأ بالأوس ثم الخزرج، فبدأ ببني عبد الأشهل مقدما فيهم سعد بن معاذ البدري العقبي النقبي[67]، ثم بني حارثة، ثم بني ظفر ... وهكذا حتى أتى على آخر بطون الأوس، ويذكر مع كل بطن مواليهم وحلفائهم غالباً[68]. وبعد أن أنهى بطون الأوس بدأ بذكر بطون الخزرج، فبدأ ببني غنم بن مالك بن النجار مقدماً فيهم الصحابي الجليل أبا أيوب الأنصاري[69]، ثم بني عمرو بن مالك بن النجار، ثم بني عامر بن مالك بن النجار ... وهكذا حتى أتى على آخر بطون الخزرج، ويذكر مع كل بطن مواليهم وحلفائهم غالباً[70]. وبعد أن أنهى بطون الأوس والخزرج أفرد باباً خاصاً للنقباء الاثنى عشر الذين اختارهم رسول الله من الأنصار ليلة العقبة بمنى[71].
وجعل ابن سعد الصحابة الكرام المحور الأساسي الذي يربط بين الأحداث والوقائع التي جرت في عهدهم، فهو يذكر في ترجمة الصحابي ما وقع له من أحداث ووقائع، ويقتصر في تلك الأحداث على ما يخدم ترجمة ذلك الصحابي دون إسهاب في ذكر أحداث تلك الوقائع، إذ هي تأتي تبعاً للترجمة. ومن أبرز تلك الوقائع التي ذكرها المؤلف موزعة ضمن تلك التراجم: غزوة مؤتة (وكانت بين المسلمين والروم)[72]، وحادثة سقيفة بني ساعدة (وفيها كان اجتماع المهاجرين والأنصار لاختيار الخليفة بعد وفاة رسول الله)[73]، ويوم اليمامة (وهو أشهر معارك حروب الردة)[74]، ومعركة القادسية (وكانت بين المسلمين والفرس)[75]، وعام عمـواس (وهي الواقعة التي استشهد فيها عدد كبير من الصحابة بالشـام بسبب الطاعون)[76]، ويوم صفين (وهي الواقعة التي جرت بين علي بن أبي طالب ومعاوية)[77]، وغزو القسطنطينية( وكانت في عهد معاوية)[78]، وغيرها.
ويذكر ابن سعد في تراجم الصحابة من شهد منهم تلك الوقائع والأحداث، أو من كان له فيها رأي بارز، أو من قُتل بها، هذا بالإضافة إلى عنايته بصفة خاصة بذكر المشاهد التي شهدها صاحب الترجمة مع رسول الله من غزوات ونحوها، حتى لا تكاد تخلو ترجمة من ذلك. وقد تنوعت التراجم في كتاب الطبقات من حيث الطول والتوسط والاختصار الشديد، وذلك حسب توفر عناصر الترجمة لدى المؤلف، وشهرة المترجم له أو عدمها.
ويمكن إجمال عناصر الترجمة في النقاط التالية :
- إذا كانت الترجمة مطولة قسم الكلام فيها على موضوعات وجعل لها عناوين، كما فعل في تراجم الخلفاء الأربعة. ففي ترجمة عمر بن الخطاب مثلاً بعد أن ذكر اسمه ونسبه وأولاده ونساءه ومنزله أفرد عنوانا خاصاً في ذكر إسلام عمر[79]، ثم عنواناً آخر في ذكر هجرته وإخائه[80]، ثم عنواناً آخر في ذكر استخلافه[81]، ولم يلتزم هذا التقسيم في بعض التراجم المطولة، كترجمة سعد بن معاذ مثلاً[82]، وترجمة معاذ بن جبل[83]، وغيرهما.
- يذكر اسم المترجم ونسبه، ويرفعه إلى آبائه وأجداده، ويذكر أمه وينسبها أيضاً، وينبه على أمه هل هي من المبايعات أو المهاجرات، أو يسكت[84].
- يذكر ما للمترجم من نسوة وأولاد[85].
- اهتم بذكر كنى الصحابة، حتى أنه يورد أحياناً إسناداً بكامله من أجل التنصيص على كنية المترجم[86].
- يهتم كثيراً بوقت إسلام المترجم له، وهل هو من السـابقين الأولين ممن أسلم قبل دخول رسول الله دار الأرقم، أو بعد ذلك، ويورد في ذلك نصوصاً مسندة[87].
- يهتم كثيراً بذكر منازل المهاجرين بالمدينة، وعلى من نزلوا، وقد انفرد في ذلك بجملة من المنازل لم يذكرها غيره[88].
- يذكر إن كان صاحب الترجمة من مهاجرة الحبشة في الهجرة الأولى أو الثانية، أو كلاهما[89].
- اعتنى بشكل خاص بذكر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وينص في كل ترجمة على ذلك، ويورد في ذلك نصوصاً مسندة، أوينقل عن غيره[90].
- اعتنى بشكل خاص بذكر المشاهد التي شهدها المترجم مهما كانت ترجمته قصيرة[91].
- يذكر وفاة المترجم له، وكم كان عمره عند موته، ويسوق أحياناً لأجل ذلك عدة روايات مع الترجيح عند الاختلاف كما فعل في تحديد سن عمر بن الخطاب عند موته[92].
- يذكر كيف غسّل، ومن صلّى عليه، وكم كبّر عليه، ومن نزل في قبره، ولم يلتزم بذلك في جميع التراجم[93].
- يعتني بذكر ثناء الصحابة على المتوفي إذا كان مشهوراً وذا مكانة خاصة كما فعل في ترجمة عمر، حيث ساق في ذلك نصوصاً كثيرة عن جمع من الصحابة[94].
- يعرض أحياناً لوصية المترجم، ويذكر ما جاء فيها، وقد يفرد لها باباً خاصاً[95].
- إن كان للمتوفي عقب نص على ذلك، وكذا إذا لم يكن له عقب[96].
- يعتني بذكر صفات المترجم الخَلْقية، كطوله أو قصره، أو وجهه وشعره، ونحو ذلك[97].
- يذكر أحياناً ما يتعلق بسيرة المترجم من زهده وورعه وعبادته، ونحو ذلك سيما إذا كان مشهوراً[98].
- يذكر أحياناً بعض ما يتعلق بلبـاس المترجم له، كلبس الخاتم مثلاً، ومن أي شيء هو، والعبارة التي نقشت عليه[99].
- إذا كان المترجم من الموالي نبّه على ذلك، وغالباً ما يصدر به الترجمة وكذا يفعل إذا كان المترجم من الحلفاء[100].
- أولى عنـايـة خـاصـة بـذكـر الأوائـل ممن أسـلم[101]، أو هاجر[102]، أو استشهد[103]، أو بايع[104].
- يذكر أحياناً بعض الوقائع والأحداث التي شارك فيها المترجم، أو كان له فيها رأي بارز، أو قتل بها[105].
- يذكر أحياناً رواية المترجم له عن بعض الصحابة، لا سيما عن الخلفاء الأربعة، أو بعضهم[106].
وأما بالنسبة لترتيبه للنصوص داخل تلك التراجم، فلم يظهر لي أن المؤلف اتبع في ذلك منهجاً معيناً، وذلك أن موضوع الطبقات يختلف عن مقاصد التأليف الأخرى كالتأليف على طريقة الجوامع والسنن والمصنفات ونحوها ، فهو ينتقي من المتون ما يتعلق بترجمة الصحابي غالباً، ويمكن إجمال الملحوظات في هذا الباب على النحو التالي:
- الأحاديث والآثار الواردة في كتاب الطبقات ليست مقصودة بذاتها إنما جاء بها المؤلف لتخدم عناصر الترجمة عنده على النحو الذي ذكر سابقاً.
- تتفاوت النصوص عنده كثرة وقلة، حسبما يتوفر لديه من مادة في تلك الترجمة، ففي ترجمة عمر بن الخطاب مثلاً في النصف الأخير منها - ذكر ثلاثة وستين نصاً، وفي ترجمة سعد بن معاذ ذكر ثمانية وأربعين نصـاً، ويقل هذا العدد في أغلب التراجـم ليصـل إلى نص أو نصين[107].
- لم يلتزم المؤلف بجمع النصوص وضمها تحت عنوان واحد في التراجم المطولة، حيث فعل ذلك في تراجم الخلفاء الأربعة مثلاً، وتركه في كثير من التراجم، كترجمة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل[108]، وأبي عبيدة بن الجراح[109]، وسعد بن معاذ[110]، وغيرهم.
- لم يلتزم بذكر الروايات الصحيحة دون غيرها، بل يورد الصحيح والحسن والضعيف والواهي، وهذه لم يلتزم فيها بترتيب معين أيضاً، فقد يبدأ بالصحيح ثم الضعيف أو العكس.
- تنوّعت الرويات عنده من مراسيل، وموقوفات، وبلاغات، ومقاطيع، دون إلتزام بترتيبها في الذكر.
- يورد أحياناً تحت بعض التراجم أحاديث لا علاقة لها بالترجمة فيما يظهر[111].
فإنه بعد انتهاءه من سرد الإسناد المفرد أو الإسناد الجمعي يسوق المتن بتمامه، والمتون هذه على نوعين: متن لإسناد مفرد، وهو الغالب على الكتاب، ومتن لأسانيد مجموعة قد ينبه على أن حديث بعضهم دخل في حديث بعض[112]، وأغلب الأحيان لا ينبه على ذلك.
وممكن إجمال طريقته في إيراد المتون في النقاط التالية:
- يحافظ على ألفاظ شيوخه في المتون، كقوله:" أخبرنا وكيع بن الجراح ومحمد بن عبد الله الأسدي، عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن سـالم، عن ابن عمر:" أن عمر كـفّن في ثلاثة أثواب"، قال وكيع: ثوبين سحوليين، وقال محمد بن عبد الله الأسـدي: صحاريين، وقميـص كان يلبسـه"، وكقوله:" أخبرنا يزيد بن هارون قال: ... " فساق خبراً في اجتماع أصحاب الشـورى ثم قال:" قال يزيـد: فيما أعلم".
- لم يستخدم الألفاظ الاصطلاحية في الإحالة على المتون إلا نادراً كقوله" مثله"،[113].
- يشير أحياناً إلى ما وقع في المتن مخالفا للترجمة التي من أجلها ساق ذلك المتن، كقوله في ترجمة سواء بن غزية:" أخبرنا إسماعيل بن إبراهـيم، عن أيوب، عن الحسن: أن رسول الله رأى سواء بن عمـرو"، فقال ابن سـعد معقـباً على ذلك:" هكذا قال إسماعيل "[114].
- يشير أحياناً إلى الشك الواقع في متن الحديث، وينص على الراوي الذي شك في ذلك، كقوله في ترجمة حارثة بن سراقة عند ما ساق حديث أنس يرفعه: » يا أم حارثة إنها ليست بجنّة واحدة، ولكنها جنـان كثيـرة، وإن حارثة لفي أفضـلها، أو قال: في أعلى الفردوس «، قال ابن سعد شك يزيد بن هارون[115].
- يعتني أحياناً بذكر اختلاف الألفاظ بين الرواة، وينسب كل لفظ إلى قائله، كقوله- عند سياقه لخبر وفاة إحدى بنات رسول الله وفيه:" فلما ماتت "- قال يزيد: زينب بنت رسول الله، وقال عفّان: رقية بنت رسول الله، وقال سليمان بن حرب: ابنة لرسول الله[116].
- يعتني أحياناً ببيان ما يقع في المتن من غريب أو مبهم أو مهمل، ونحوه[117].
- يقوم أحياناً بتقطيع الحديث إلى عدة أطراف على حسب تعلقه بالترجمة، كتقطيعه لحديث أنس بن مالك يرفعه:" أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم لكتاب الله أُبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أميناً، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح"، حيث ذكر طرفاً منه في ترجمة أبي عبيدة بن الجراح[118]، وطرفاً في ترجمة أبي بن كعب[119]، وطرفا في ترجمة معاذ بن جبل[120].
- تعرض ابن سعد لنقد النصوص والترجيح بين النقول والروايات في مواطن متعددة في كتابه، وهذا النقد إما منه استقلالا، ويستخدم في التعبير عن ذلك عبارة" هذا وهل "[121]، وهي بمعنى الغلط والسهو[122]، وأكثر ما يستعملها في موضوع شهود الصحابة للغزوات مع رسول الله، أو ينقل عن شيخه الواقدي تعقباته على النصوص كقوله:" وهو الثبت عندنا"، أو " وهذا أثبت الأقاويل عندنا" ونحوها[123]، وغالباً ما يقره على ذلك، ومن الأمثلة على ذلك عندما تعرض للروايات الواردة في تحديد سن عمر بن الخطاب عند موته، حيث ذكر رواية معاوية( توفي عمر وهو ابن ثلاث وستين ) - وهي في صحيح مسلم، فأعقبها بقوله:" ولا يعرف هذا الحديث عندنا بالمدينة"، ثم ساق بعد ذلك رواية زيد بن أسلم عن أبيه( توفي عمر وهو ابن ستين سنة)، وأعقبها بقوله:" وهذا أثبت الأقاويل عندنا".
بالرغم من كون كتاب ابن سعد من كتب الطبقات التي تعنى بتراجم الصحابة- وغيرهم-، فإن مؤلّفه اعتنى بالإسناد عناية بالغة، واعتمده في أغلب المادة التي ساقها، وبالأخص في طبقات الصحابة ويمكن إبراز معالم سياقه للأسانيد في النقاط التالية:
- استخدم صيغ الأداء المعروفة لدى المحدثين، فيصدر الأحاديث بكلمة( أخبرنا) غالباً في روايته عن شيوخه المباشرين، وأما في طبقة شيوخ شيوخه فيستخدم غالباً كلمة( حدّثنا) أو( حدّثني)، وقليلاً ما يستخدم كلمة( سمعت).
- يحافظ في الغالب على كلمة( قال) قبل صيغ الأداء.
- إذا جمع بين إسنادين أو أكثر من شيوخه، فإنه يصدّر الأول بقوله(أخبرنا)، ويعطف عليه اسم الآخر، دون إعادة لصيغة السماع.
- غالباً ما يذكر اسم الراوي واسم أبيه، وقد التزم هذا في شيخه محمد بن عمر- هو الواقدي-، ولم ينسبه في كتابه هذا ولو مرة واحدة، حتى عابه بذلك ابن الصلاح حيث قال: " ... وهو ثقة غير أنه كثير الرواية فيه عن الضعفاء، ومنهم الواقدي، وهو محمد ابن عمر الذي لا ينسبه".
- يذكر أحياناً الكنية التي اشتهر بها الراوي، أو نسبته التي عرف بها، لا سيما في طبقة شيوخه، كقوله:" أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي"، وقوله:" أخبرنا أبو معاوية الضرير "، وقوله:" أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي"، وقوله:" أخبرنا إسحاق بن سليمان الرازي".
- يعتني أحياناً ببيان الأسماء التي تشترك مع غيرها في الاسم الأول والثاني، كقوله:" أخبرنا سليمان بن داود بن حصين"، ليميزه عن( سليمان ابن داود الطيالسي) صاحب المسند وإذا كان الراوي ليس يمشهور عرفه أكثر، كقوله مثلاً:" أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الملك بن زيد (من ولد سعيد بن زيد)".
- يعتني أحياناً ببيان الأسماء المهملة، كقوله:" أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال: أخبرنا عبد الملك (يعني ابن أبي سليمان)".
- لم يستخدم ابن سعد التحويل بين الأسانيد- المعروفة لدى المحدثين- عند تعدد المتابعات، بل يعبر عن ذلك بقوله:( قالا) أو ( قالوا) أو جميعاً).
- إذا كانت النصوص التي أوردها عن شيوخ ساق أسانيده إليهم في أول الطبقات[124]، كالواقدي وابن إسحاق وموسى بن عقبة وأبي معشر، فإنه لا يعيد تلك الأسانيد، وإنما يعبر عنها بقوله:(قالوا )، وقد تكررت هذه الكلمة كثيراً في كتاب الطبقات.
- استخدم ابن سعد الإسناد الجمعي في سياقه لمتن واحد على نطاق واسع دون تمييز لفظ هذا عن لفظ ذاك، وهو في ذلك مقلد لشيخه الواقدي، وهذا الصنيع قد أنكره العلماء على الواقدي[125]، وهو من المآخذ البارزة على ابن سعد؛ لأن من ذكر حديثهم في سياق واحد ليسوا على مرتبة واحدة في ميزان الجرح والتعديل، بل فيهم جماعة من الضعفاء والمجهولين- وفي مقدمتهم شيخه الواقدي-، وهذا المنهج استخدمه ابن سعد في الأحاديث والآثار التي يرويـها عن شـيوخه، بالإضافة إلى أسانيد شيخه الواقدي. ولعل السبب في هذا الصنيع من ابن سعد جمعه بين أسلوب الإخباريين وطريقة المحدثين.
- يقرن في إسناده بين اثنين أو أكثر من شيوخه في مواطن متعددة، وأكثر ما وقفت عليـه من ذلك في هذا القـسم قرنه بين أربعـة شيوخ.
- أسانيده رباعية في الغالب، ومنها ما هو خماسي، أو سداسي وقليل منها ثلاثي.
- يعتني ببيان ما سمعه من شيوخه مباشرة، وما سمعه عنهم بواسطة، كقوله:" حدثنا سفيان بن عيينة قال: سمعت جعفر بن محمد يخبر عن أبيه، لعله إن شاء الله عن جابر"، ثم ساقه بعد ذلك فقال:"أخبرنا بعض أصحابنا، عن سفيان بن عيينة أنه سمع هذا الحديث عن جـعفر بن محمد، عن أبيـه، عن جـابر بن عبد الله، ولم يشك".
- إذا وقع شك في صحابي الحديث حكاه كما هو، كقوله في ترجمة أبي طلحة الأنصاري:" أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا: أخبرنا سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر أو عن أنس بن مالك".
- لا يذكر أحياناً الواسطة بينه وبين من نقل عنه الخبر، كقوله:"أُخبرت عن هشيم"[126]، وقوله:" أخبرنا بعض أصحابنا، عن سفيان بن عيينة".
ويمكن تقسيم مصادره إلى قسمين رئيسين، قسم قد أفصح المؤلِّف عن مصادره فيه، وقسم آخر لم يصرّح فيه بمصادره، وهو الأكثر، وإنما يظهر ذلك من خلال رواياته عن شيوخه ممّن كانت لهم تصانيف وكتب. وقد اعتمد ابن سعد في المادة التي أوردها على الأسانيد في الغالب، سواء كانت تلك المصادر ممّا صرّح باسمها أو لم يصرّح بذلك.
القسم الأول: المصادر التي صرّح بأسمائها[عدل]
ذكر ابن سعد في أوّل طبقات الصحابة قائمة بأسماء الرواة وهؤلاء- على الترتيب الذي ذُكِر- هم:
- محمد بن عمر الواقدي.
- محمد بن إسحاق.
- أبو معشر نحيح المدني.
- موسى بن عقبة.
- عبد الله بن محمد بن عُمارة الأنصاري.
- أبو نعيم الفضل بن دكين .
- معن بن عيسى القزّاز.
- هشام بن محمد بن السائب الكلبي.
القسم الثاني : المصادر التي لم يصرح بأسمائها[عدل]
وهي أكثر من المصادر التي صرح بها، وقد قاربوا ثلاثمائة شيخ، وفيهم طائفة ممن عُرف بالتصنيف، كيزيد بن هارون[130]، ووكيع بن الجراح[131]، وإسماعيل بن علية[132]، وروح بن عبادة[133]، وأبي داود الطيالسي[134]، وسعيد بن منصور [135]وغيرهم.
وبعد هذا العرض لمصادر ابن سعد في كتابه هناك جملة من الملحوظات على تلك المصادر، وهي:
- أن ابن سعد نظر لمصادره حسب الأقاليم والفنون التي أتقنها الرواة، وتتبع الأخبار من مظانها.
- اعتمد في كل فن على رجاله المتخصصين فيه، فالمغازي والسير يرجع فيها إلى موسى بن عقبة، وابن اسحاق، والواقدي، وأبي معشر، والأنساب يرجع فيها إلى عبدالله بن محمد بن عمارة الأنصاري، وهشام الكلبي، وفي الأخبار يرجع إلى المدائني، وغيره، وهكذا.
- تنوع تلك المصادر واشتمالها على كثير من الفنون من مغازٍ وسير، ومناقب، وتواريخ وأحداث، وأنساب، وجرح وتعديل، وفقه وتفسير، وغيرها.
- أن أغلب مصادر ابن سعد من المحدثين، وأكثرهم من الثقات، بل فيهم طائفة من كبار الأئمة الحفّاظ.
- اعتماد ابن سعد في نقله عن تلك المصادر على الإسناد، غالباً.
ظل كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد حبيس الرفوف والمكتبات العالمية لعدة قرون، شأنه في ذلك شأن باقي كتب التراث، إلى أن جاءت النهضة العلمية الحديثة وما لحق بها من ظهور الطباعة، وتحرك للنشاط الاستشراقي الذي أولى عناية خاصة بالتراث الإسلامي، بدافع استعماري في المقام الأول.[بحاجة لمصدر] فكان كتاب الطبقات من الكتب الأولى التي طبعت ضمن هذا النشاط وقد تم إخراجه إلى حيز الوجود لأوّل مرة بإشراف المستشرق الألماني إدوارد سخاو، وحقّقه بالاشتراك مع:" بروكلمان، وهورفتس، وليبرت، ومايسنر، وميتفوخ، وشفالي، وتسترستين"، وحقق الكتاب عن خمس مخطوطات، واستغرقت طباعته أربعة عشر عاماً من سنة 1904-1918م في ليدن بهولندا، فخرج في ثمانية أجزاء، يشمل كل منها قسمين، ما عدا الجزأين الخامس والثامن، فلم يشملهما تقسيم، وأما المجلد التاسع، فخصّص للفهارس، ظهر القسم الأوّل منه سنة 1920م، ثم صدر القسم الثاني بعد ثمان سنوات، أي سنة 1928م، وبه فهارس الأماكن، والقبائل، وكلمات الرسول، والقوافي، وآيات القرآن. وفي عام 1940م ظهر القسم الثالث من المجلد التاسع، وهو عمل المستشرق جوتشالك، وفيه فهرس لأسماء الأشخاص الذين ورد ذكرهم في الكتاب. وبهذا يكون الكتاب قد تم طبعه في خلال ستة وثلاثين عاماً، من 1904م إلى 1940م[136]. وقد بذلوا جهداً واضـحاً في ضبط الكتاب، والتعليق على النص، وإثبات الفروق، وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلوها في إخراج هذا الكتاب - لا سيما محاولاتهم لاستكمال نسخه-، فقد سقط منه ما يعادل مجلدين أو أكثر[137].
ثم أعيدت طباعته في القاهرة عن دار التحرير عام 1388هـ عن طبعة ليدن، وترجمت معها هوامش المستشرقين[138]، وتعليقاتهم ومقدماتهم.
ثم أعيدت طباعته في لبنان سنة 1957م اعتماداً على طبعة المستشرقين (أيضاً)، بإشراف إحسان عباس، وحذفت الهوامش والتعليقات، وفي هذه الطبعة تصحيفات كثيرة، وهي دون طبعة ليدن في الجودة والدقة، ولم يستدرك فيها شيء مما فات المستشرقين[139].
ثم قام بعض الباحثين بإكمال النقص الموجود وتحقيقه، فقام الدكتور زياد منصور بإخراج طبقة تابعي المدينة فمن بعدهم. من ربع الطبقة الثالثة إلى منتصف الطبقة السادسة- في رسالة تقدم بها لنيل درجة الماجستير بالجامعة الإسلامية، وطبع بنفس الجامعة سنة 1403هـ. ثم قام الدكتور محمد بن صامل السُّلمي بإخراج الطبقة الخامسة من الصحابة في رسالة علمية تقدم بها إلى جامعة أم القرى لنيل درجة الدكتوراه وذلك سنة 1409هـ[140]. ثم جاء بعده الدكتور عبد العزيز السلومي ، فقام بإخراج الطبقة الرابعة من الصحابة ، في رسالة علمية تقدم بها لنيل درجة الدكتوراه وذلك بجامعة أم القرى ، سنة 1412هـ[141]. وقد طبـع الكتاب كاملاً بدار إحيـاء التراث العربي، ببيروت، وذلك سنة 1417هـ، وتضّمن السّقـط الذي قام بتحقيقـه الأساتذة المشار إليهم آنفاً. وأما مخطوطاته، فلا تخلو مكتبة من مكتبات العالم من نسخة أو قطعة منه، وقد ذكر له الدكتور فؤاد سزكين ستّ عشر نسخة موزعة في مكتبات العالم، ولا تكاد توجد له نسخة كاملة خالية من السقط والخروم[142]. ولعل من أكمل تلك النسخ نسخة مكتبةأحمد الثالث[143] الموجودة بتركيا( استانبول)، في مجموعة من القرن السابع، وتتكون في أصلها من أحد عشر جزءاً، فقد منها الثاني والعاشر، وهي نسخة جيدة مسندة عليها سماعات مقابلة على الأصل المنقول عنه، وعليها علامات المقابلة، وخطها نسخي واضح مشكول، وقد دون في هامشها بعض تفسير الغريب، ولم يدون عليها اسم الناسخ، وعلى الورقة الأولى من كل جزء ختم تملك المكتبة. والجزآن الأول والثالث من رواية الحارث بن أبي أسامة، أما الخامس والسادس والسابع والثامن فمن رواية الحسين بن الفهم، والتاسع من روايتهما معاً[144].
اهتمام العلماء بالكتاب وثناؤهم عليه[عدل]
تضافرت أقوال العلماء في الثناء على كتاب الطبقات وتعظيمه، فيما يلي بعض من أقوال الأئمة الأعلام في ذلك: فيقول الخطيب البغدادي: "وصنف كتاباً كبيراً في طبقات الصحابة والتابعين، والخالفين إلى وقته فأجاد فيه وأحسن"[145]. وكذا قال السمعاني[146]، وابن خلّكان[147]. ويقول أبو عمر بن الصلاح الشهرزوري:" وكتاب الطبقات الكبير لمحمد بن سعد كاتب الواقدي كتاب حفيل كثير الفوائد"[148]. ويقول الذهبي: " وكان من أوعية العلم، ومن نظر في الطبقات خضع لعلمه"[149]. ويقول ابن كثير: "ومن أجلّ الكتب في هذا- يعني معرفة الطبقات -طبقات محمد بن سعد كاتب الواقدي "[150]. ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في معرض الحديث عن طبقات ابن سعد:" وكتابه أجمع ما جمع في ذلك "[151]. ويقول السّخاوي: "والطبقات الكبير كتاب حفيل جليل كثير الفائدة"[152]. وتظهر أهمية كتاب الطبقات في كونه حوى كثيراً من الفنون العلمية في شتى الميادين المتخصصة، مما أهّله ليكون مرجعاً أساسياً لدى العلماء والباحثين، فهو مرجع أساسي في سيرة المصطفى وغزواته، ومعرفة دلائل نبوّته وشمائله، وهو مرجع أساسي في معرفة السنن والآثار لاشتماله على كمّ هائل من أقوال الصحابة والتابعين- بالإضافة إلى الأحاديث-، وهو مرجع أساسي في معرفة تراجم الرواة وأحوالهم وأنسابهم، ومنزلتهم في ميزان الجرح والتعديل، هذا فضلاً عن كونه مرجعاً أصلياً في علم الطبقات. فهو كتاب ينهل منه المحدّث والفقيه والمفسّر والمؤرخ والنسّابة والواعظ والداعية، وغيرهم. ولأجل هذا وغيره فقد اهتم العلماء بكتاب الطبقات اهتماماً كبيراً ، ولم يترددوا في النقل عنه والاعتماد عليه على نطاق واسع كل حسب تخصصه وحاجته، ومن أبرز هؤلاء:
- أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت279هـ). وهو من تلامذة ابن سعد، وله عدة مؤلفات، من أبرزها وأوسعها كتاب" أنساب الأشراف "، وقد روى في كتابه هذا عن ابن سعد كثيراً، وجعله من موارده الأساسية[153]، وروى عنه أيضاً في كتابه فتوح البلدان[154].
- محمد بن جرير الطبري ( ت 310هـ )، وله عدة مؤلفات، من أبرزها وأعظمها" تاريخ الأمم والملوك "، ومن مصادره المعتمدة في كتابه هذا كتاب الطبقات لابن سعد، وقد تحمله عن طريق شيخه الحارث بن أبي أسـامة- وهو أحد رواة الطبقات الأساسيين- وقد أكثر من النقل عنه[155].
- أبو عمر يوسف بن عبد البرّ (ت463هـ)، وله عدة مؤلفات، من أجلها كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، وكتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب، وقد صرح في مقدمة كتابه الاستيعاب أنه روى كتاب الطبقات للواقدي من طريق تلميذه محمد بن سعد برواية أبي بكر ابن أبي الدنيا عنه[156]، وهذا مما يدل على أن ابن سعد فرّغ كتاب شيخه الطبقات كلّه أو أكثره.
- أبو بكر أحمد بن علي (الخطيب البغدادي) (ت 463هـ )، صاحب التصانيف المشهورة النافعة، وأشهر كتبه وأضخمها تاريخ بغداد، وقد أكثر من النقل عن طبقات ابن سعد[157]، يقول الأستاذ أكرم ضياء العمري:" كان الخطيب يمتلك نسخة من كتاب الطبقات قدم بها دمشق، وينقل عنه في تاريخ بغداد في (258) موضعاً، من ثمانية طرق، تجتمع عند ثلاثة من رواة كتاب الطبقات لابن سعد، هم: الحسين بن الفهم (127 رواية)، وأبو بكر بن أبي الدنيا (90 رواية)، والحارث بن محمد (39 رواية) ... كما نقل الخطيب عن كتاب الطبقات مباشرة في موضعين ربما ليبين أنه ينقل عن الكتاب الذي يمتلك حق روايته بالسماع ...وتتعلق المقتطفات بتراجم الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وتدل المقارنة على أنها من كتاب الطبقات لابن سعد"[158].
- أبو القاسم علي بن الحسن بن عساكر الدمشقي (ت 571هـ) ومن أجلّ تصانيفه وأوسعها كتاب "تاريخ دمشق" والمطبوع في سبعين مجلداً، وقد وصل إليه كتاب الطبقات عن طريق تلامذة ابن سعد، وهم: الحسين بن الفهم[159]، والحارث بن أبي أسامة[160]، وأبو بكر بن أبي الدنيا[161]، وروى من طريق هؤلاء أكثر كتاب الطبقات، وضمنه تاريخ دمشق.[162].
- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي (ابن الجوزي) (ت597هـ)، وهو مشـهور بكثرة التصنيف حتى زادت مؤلفـات على خمسمائة مصنف في شتى أنواع العلوم[163]، وقد نقل عن كتاب الطبقات لابن سعد في عدد من مؤلفاته -إما رواية أو أخذاً من كتابه مباشرة-، ومنها: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم[164]، وكتاب تلبيس إبليس[165]، وكتاب الثبات عند الممات، ومناقب عمر بن الخطاب، وغيرها.
- أبو الفتح محمد بن محمد المعروف بابن سيد الناس (ت734هـ)، ومن أهم مؤلفاته " عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير ". وقد صرّح في آخر كتابه هذا أن كتاب الطبقات الكبير أحد موارده الأسـاسية وساق إسـناده إليه من طريق أحمد بن معروف الحنشـّاب، عن الحـارث بن أبي أسـامة، عن محمد بن سـعد[166]، وكثيراً ما ينقل عن ابن سعد بقوله: "روينا عن ابن سعد" أو "قال ابن سعد" أو "ذكر ابن سعد"[167].
- أبو الحجاج يوسف المزّي (ت742هـ)، وله عدة مؤلفات جليلة ، ولعل المناسب منها في الموضوع الذي نحن بصدده- وهو طبقات الصحابة والتابعين فمن بعده - كتابه العظيم "تهذيب الكمال في أسماء الرجال"، وهو في التعريف برجال الكتب الستة، وقد أفاد فيه كثيراً من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد[168]، لا سيما فيما يتعلق بالكلام عن أحوال الرواة جرحاً وتعديلاً ، وأحوالهم ، ووفياتهم ، ونحو ذلك.
- شمس الدين الذهبي (ت748هـ)، وله مؤلفات نفيسة، وهو من المكثرين من التصنيف، بلغت مؤلفاته أكثر من مائتي مصنّف[169]، في شتّى أنواع الفنون.
- عماد الدين ابن كثير (ت774هـ)، ومن مؤلفاته النافعة كتاب التفسير، وكتاب البداية والنهاية، وهما من أشهر كتبه وأجودها، وقد نقل في كتابه الثاني عن طبقات ابن سعد في مواطن كثيرة، لا سيما في تراجم الصحابة[174].
- ابن حجر العسقلاني (ت852هـ)، صاحب التصانيف المفيدة والكتب الجامعة[175]، كفتح الباري بشرح صحيح البخاري، والإصابة في معرفة الصحابة، وتهذيب التهذيب، وغيرها. وقد وصل كتاب الطبقات الكبرى إلى الحافظ بن حجر من رواية الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي والحسين بن الفهم ملفقاً، كما نصّ هو على ذلك في كتابه المعجم المفهرس[176]، وساق أسانيده إليهما.
- أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي ( ت874هـ).
فهؤلاء طائفة من مشاهير العلماء الأعلام ممّن أفاد من كتاب الطبقات، ونقل عنه، وبعضهم جعله من موارده الأساسية. وقد اختصر ابن منظور كتاب الطبقات وسماه "مختار الطبقات"[179]، وكذا اختصره السيوطي في كتاب سماه: "إنجاز الوعد المنتقي من طبقات ابن سعد"[180].
مراجع[عدل]
مراجع
- ^ توضيح المشتبه لابن ناصر الدين (8/293)
- ^ المغني في ضبط الأسماء (ص243)
- ^ تاريخ بغداد 5/321
- ^ تهذيب الكمال 25/255
- ^ تذكرة الحفّاظ 2/425
- ^ الوافي بالوفيات 3/88
- ^ تهذيب التهذيب 3/571
- ^ النجوم الزاهرة 2/258، ومنهم تلميذاه ابن أبي الدنيا والبلاذري
- ^ التـدوين في أخبـار قزوين 3/152
- ^ أنسـاب الأشـراف للبلاذري 2/348 و 6/100
-
- عضو جديد
- مشاركات: 332
- اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am
كتاب سُليم بن قيس الهلالي هو كتاب ألَّفه أبو صادق سُليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي يتحدَّث عن الحوادث التي وقعت عقيب وفاة النبي محمد. وسُليم من أجلَّة أصحاب الأئمة عند الشيعة الإثني عشريَّة فقد عاصر أربعةً من أئمتهم، وهم علي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين وعلي بن الحسين السجَّاد، كما أدرك الخامس منهم وهو محمد بن علي الباقر. فقد ذكر ذلك من رجاليي الشيعة: البرقي والطوسي وابن النديم. [1] وقد أورده في أصحابهم - أي في أصحاب الأئمة - كلُّ من تعرَّض لترجمته من الرجاليين.
ولذا فإنَّ الكتاب ذو شأنٍ عند الشيعة، وليس هو كذلك عند السنَّة الذين لهم طعون وإيرادات واعتراضات على هذا الكتاب وما ورد فيه من معارف.
محتويات
[أخف]
أصله من بني هلال بن عامر بطن من عامر بن صعصعة، من هوازن من قيس بن عيلان، من العدنانية الذين كانوا يقطنون الحجاز، وما زال قسم من عشيرتهم إلى عصرنا في المنطقة. [2]
ولد سُليم قبل الهجرة بسنتين [3]، وكان عمره عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتي عشرة سنة. ولم يأت المدينة زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا زمن أبي بكر، وإنما دخلها شابا في أوائل خلافة عمر بن الخطاب قبل السنة 16 الهجرية.
مخطوطات الكتاب[عدل]
يقصد المحقق بالنسخ المخطوطة، هي ما ورد النص عليها في كتب المؤلفين، أو هي موجودة في المكتبات العامة أو الخاصة، أو ورد ذكرها في مخطوطات الكتاب.
وقد بلغت 68 نسخة، وهي موجودة في مختلف البلدان: في مكة والمدينة المنورة وصنعاء والنجف وكربلاء والحلة وبغداد والبصرة والكوفة ودمشق من البلاد العربية. وفي إصفهان وطهران ومشهد وقم وشيراز ويزد وزنجان من البلاد الإيرانية. وفي لكنو وفيض آباد وبمباي من البلاد الهندية.
وقد أورد المحقق فهرسا بنسخه، وهي:
1. نسخة الشيخ الحر العاملي الأولى، تاريخها 1087هـ، في مكتبة السيد الحكيم بالنجف في مجموعة رقمها 316.
2. نسخة عتيقة انتسخ عليها نسخة الشيخ الحر، كتبت بأمر السيد حيدرا، مذكورة في النسخة 1.
3. نسخة سقيمة قوبل عليها نسخة الشيخ الحر، وهي مذكورة أيضا في آخر النسخة 1.
4. نسخة العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي، ذكرها في روضة المتقين: ج 12 ص 201، ج 14 ص 371.
5. نسخة العلامة المجلسي الأولى، ذكرها في أول بحار الأنوار: ج 1 ص 15، 76.
6. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الأولى، تاريخها 1353هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف رقمها 3230.
7. نسخة الشيخ أبي علي الحائري، ذكرها في منتهى المقال: ص 153، والذريعة: ج 2 ص 157.
8. نسخة المير حامد حسين صاحب العبقات في لكنهو، رقمها في فهرست المكتبة: 7728، وذكرها في استقصاء الإفحام: ج 1 ص 860، ج 2 ص 332، 361، وفي الذريعة: ج 2 ص 157.
9. نسخة الخواجة الكابلي، ذكرها في استقصاء الإفحام: ج 1 ص 363.
10. نسخة حيدر علي الفيض آبادي، ذكرها في منتهى الكلام: ج 3 ص 12.
11. نسخة صاحب الروضات، ذكرها في روضات الجنات: ج 4 ص 67، والظاهر أنها انتقلت إلى النجف.
12. نسخة مكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء بالنجف، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 156.
13. نسخة المحدث النوري، تاريخها 1270هـ، ذكرها في نفس الرحمن: ص 65، والذريعة: ج 2 ص 157 وجاء ذكرها في فهرست مكتبته: ج 1 ص 147.
14. نسخة الشيخ عبد الحميد الكرهرودي، التي انتخب عنها عدة أحاديث وطبعها قبل طبع أصل كتاب سليم.
15. نسخة مكتبة السيد الروضاتي الخاصة بإصفهان، تاريخها 1288هـ.
16. نسخة مكتبة الشيخ علي حيدر الخاصة بقم، في مجموعة رقمها 296، تاريخها 1059هـ.
17. نسخة مكتبة كلية الإلهيات بمشهد، في مجموعة رقمها 456، تاريخها 1082هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 1 ص 362.
18. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، رقمها 2035، ذكرها في فهرست المكتبة القديم: ج 5 ص 150.
19. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، في مجموعة رقمها 8130، تاريخها 1346هـ، ذكرها في الفهرست الألفبائي للمكتبة: ص 312.
20. نسخة قديمة انتسخ عليها نسخة آستان قدس رقم 8130، مذكورة في النسخة 19.
21. نسخة المشكاة في مكتبة جامعة طهران، في مجموعة رقمها 575، تاريخها 1160هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 5 ص 1485.
22. نسخة أخرى للمشكاة في مكتبة جامعة طهران، رقمها 669، ذكر في فهرست المكتبة: ج 5 ص 1486.
23. نسخة انتسخ عليها نسخة المشكاة رقم 669، ذكر فيها.
24. نسخة كلية الحقوق في مكتبة جامعة طهران، رقمها 178 ج، ذكرها في فهرست مكتبة الحقوق: ص 420.
25. نسخة مكتبة جامعة طهران، رقمها 2200، تاريخها 1252هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 9 ص 883.
26. نسخة مكتبة جامعة طهران، رقمها 6808، تاريخها 1282هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 16 ص 365.
27. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الثانية، تاريخها 1346هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف رقمها 3219.
28. نسخة مكتبة مدرسة إمام العصر بشيراز، في مجموعة رقمها 256، تاريخها 1112هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 1 ص 109.
29. نسخة مكتبة مجلس الشورى الجديد بطهران في مجموعة رقمها 652، تاريخها 1306هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 2 ص 5. وهي نسخة مكتبة السيد محمد مهدي راجه بفيض آباد الهند انتقلت إلى طهران، وقد ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 159.
30. نسخة مكتبة مدرسة السيد الخوئي بمشهد، في مجموعة رقمها 87، تاريخها 1337هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ص 56.
31. نسخة الشيخ الرازي صاحب كتاب (نزهة الكرام) من علماء القرن السابع، ذكرها في كتابه: ص 557، 558.
32. نسخة الشيخ ابن حاتم الدمشقي المتوفى 676هـ، ذكرها في كتابه (الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم) (مخطوط) وروى فيه من أحاديثها.
33. نسخة الشيخ الحر العاملي الثانية، ذكرها في أول كتابه إثبات الهداة: ج 1 ص 29، وأورد من أحاديثها في ج 1 ص 661، ج 2 ص 509.
34. نسخة العلامة المجلسي الثانية، تاريخها 609هـ، ذكرها في تكملة الرجال: ج 1 ص 467.
35. نسخة خزانة الحاج علي محمد النجف آبادي بالنجف، تاريخها 1048هـ، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 157.
36. نسخة السيد أبو القاسم الخوانساري في بمبئي بالهند، ذكرها في الذريعة: ج 17 ص 276.
37. نسخة المير محمد أشرف صاحب فضائل السادات، ذكرها في ص 510 من كتابه، وروى من أحاديثها في ص 291.
38. نسخة كلية الحقوق في مكتبة جامعة طهران، رقمها 29 د، تاريخها 1107هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ص 420.
39. نسخة مكتبة ملك بطهران، رقمها 729، تاريخها 1282هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: القسم العربي: ج 1 ص 587.
40. نسخة ذكرها أخو صاحب الروضات، جاء ذكرها في النسخة 15.
41. نسخة السيد الجلالي، تاريخها 1385هـ، ذكرها في دائرة المعارف الشيعية: ج 5 ص 42.
42. نسخة السيد نصر الله المستنبط، ذكرها في النسخة 40، وفي فهرس تراث أهل البيت عليهم السلام: ص 135.
43. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الثالثة، تاريخها 1362هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف في مجموعة رقمها 3222.
44. نسخة محمد جعفر الخرم آبادي بإصفهان تاريخها 1078هـ، ذكرها في فهرس تراث أهل البيت عليهم السلام: ص 136.
45. نسخة مكتبة مجلس الشورى القديم بطهران، رقمها 5366، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 16 ص 274.
46. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، رقمها 9719، تاريخها 1080هـ.
47. نسخة صحيحة انتسخ عليها نسخة آستان قدس بمشهد رقم 9719.
48. نسخة مكتبة مجلس الشورى القديم بطهران، رقمها 7699، تاريخها 1310هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 26 ص 192.
49. نسخة أبي عبد الله المجتهد الموسوي، ذكرها في النسخة 47.
50. نسخة الحموئي الخراساني، من القرن العاشر، ذكرها في كتابه (منهاج الفاضلين)، وروى من أحاديثها في ص 228، 233، 236، 239، 240، 241، 242، 259.
51. نسخة ذكرت في النسخ: 15، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 26.
52. نسخة برواية إبراهيم بن عمر اليماني، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 157.
53. نسخة برواية عبد الرزاق عن معمر بن راشد، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 157.
54. نسخة الشيخ الطوسي، ذكرها في الفهرست: ص 81.
55. نسخة الشيخ النجاشي، ذكرها في رجاله: ص 6.
56. نسخة الشيخ الكشي، ذكرها في رجاله: ج 1 ص 321.
57. نسخة العلامة البياضي المتوفى 877هـ، ذكرها في الصراط المستقيم: ج 1 ص 4.
58. نسخة الشهيد الثاني (سنة 965هـ)، ذكرها في روضات الجنات: ج 4 ص 69.
59. نسخة الفاضل التفريشي، ذكرها في نقد الرجال: ص 159.
60. نسخة الميرزا الأسترآبادي، ذكرها في منهج المقال: ص 15.
61. نسخة المحدث البحراني، ذكرها في غاية المرام: ص 549 واللوامع النورانية: ص 237.
62. نسخة السيد إعجاز حسين الكنتوري، ذكرها في كشف الحجب: ص 445، والذريعة: ج 17 ص 68.
63. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الرابعة، تاريخها 1361هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف في مجموعة رقمها 3215.
64. نسخة العلامة الأميني، التي كتبها بيده، جاء ذكرها في مقدمة (الغدير): ج 1 ص 79 وفي متن الكتاب: ج 1 ص 66.
65. نسخة قوبل عليها الطبعة الأولى من الكتاب، ذكرها في ص 179 من تلك الطبعة.
66. نسخة السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي المتوفى 1334هـ، التي انتخب منها عدة أحاديث قبل طبع الكتاب. ذكرها في الذريعة: ج 22 ص 411.
67. نسخة مكتبة السيد محمد باقر الطباطبائي بكربلاء في مجموعة رقمها 288، ذكرها في فهرست المكتبة: ص 170.
68. نسخة الشيخ يعقوب المنصوري، التي ترجع تاريخها إلى 12 قرنا، وهي مكتوبة على جلد الغزال، وفقدت في سنة 1400هـ في الحرب العراقية الإيرانية في خرمشهر.
طبعات الكتاب[عدل]
ذكر المحقق أن الكتاب طُبع لأول مرة قبل أكثر من ستين عاما، كما طبع منتخبه قبل إخراج أصله، وطبعت ترجمته بالأردية لأول مرة قبل ثلاثين عاما، وطبعت ترجمته بالفارسية لأول مرة قبل عشرين عاما، وطبعت ترجمته بالإنجليزية قبل سنة.
وهذا مجمل طبعاته:
1. طبعة النجف، المكتبة الحيدرية، على نسخة الشيخ الحر والمقابلة على نسخة أخرى وبمقدمة موجزة للسيد محمد صادق آل بحر العلوم في سنة 1361هـ، في القطع الرقعي في 192 صفحة، ومرة أخرى بمقدمة مفصلة للسيد بحر العلوم بالإضافة إلى ما حققها الشيخ شير محمد الهمداني في سنة 1366هـ في 212 صفحة، ومرة أخرى في 236 صفحة، ومرة أخرى في 270 صفحة في القطعين الرقعي والوزيري. وجددت هذه الطبعة في النجف عدة مرات. كما وجددت هذه الطبعة بقم عدة مرات وقام بها دار الكتب الإسلامية حدود سنة 1395هـ. وجددت هذه الطبعة في بيروت عدة مرات وقام بها دار الفنون ومكتبة الإيمان في سنة 1400هـ، ومؤسسة الأعلمي في سنة 1412هـ.
2. طبعة بيروت، مؤسسة البعثة، بمقدمة السيد علاء الدين الموسوي، وإبقاء المتن كما كان في الطبعة النجفية، في سنة 1407هـ، في القطع الوزيري، في 215 صفحة. وجددت المؤسسة طبعه بطهران في سنة 1408هـ، في 328 صفحة بإضافة الفهارس.
3. طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، بتحقيق محمد باقر الأنصاري، سنة 1415هـ، ثلاث مجلدات في القطع الوزيري: المجلد الأول إلى ص 552 وهو المقدمة، والمجلد الثاني إلى ص 957 وهو متن الكتاب، والمجلد الثالث إلى ص 1472 وهو التخريجات والفهارس. وجددت المؤسسة طبعه في سنة 1416هـ مع إضافة ملحق يحوي بعض المعلومات الجديدة.
4. هذه الطبعة التي بأيدينا، وهي طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، في 640 صفحة، سنة 1420هـ، مجلد واحد في القطع الوزيري. وهو تلخيص لمقدمة الطبعة السابقة، وإبقاء المتن كما كان مع حذف كثير من الهوامش، وتلخيص في التخريجات السابقة وإضافة التخريج الموضوعي وحذف كثير من الفهارس.
حققه الشيخ محمد باقر الأنصاري الزنجاني وقد طبعه عدة مرات، والنسخة التي بأيدينا هي طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، في 640 صفحة، سنة 1420هـ، مجلد واحد[4]. وللوقوف على الكتاب يمكن الاطلاع على نسخة إلكترونية منه في موقع الميزان.[5]
مكانة الكتاب عند الشيعة[عدل]
الكتاب معتمد عند الغالبيَّة من الشيعة، والقول بالتشكيك فيه عندهم ليس إلَّا قولاً شاذاً لا يُعتدُّ به في قبال ما تسالمت عليه الطائفة من الاعتماد عليه وكونه من الأصول القديمة المعتبرة.
قال السيد الخوئي بقي الكلام في جهات:
الجهة الأولى: أن سليم بن قيس في نفسه ثقة جليل القدر عظيم الشأن ويكفي في ذلك شهادة البرقي بأنه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين المؤيدة بما ذكره النعماني في شأن كتابه وقد أورده العلامة في القسم الأول وحكم بعدالته وأما ابن داود فقد ذكره في القسمين الول والثاني ولا نعرف لذلك وجها صحيحا.
الجهة الثانية: أن كتاب سليم بن قيس على ما ذكره النعماني من الأصول المعتبرة بل من أكبرها وإن جميع ما فيه صحيح قد صدر من المعصوم أو ممن لابد من تصديقه وقبول روايته وعده صاحب الوسائل في الخاتمة في الفائدة الرابعة من الكتب المعتمدة التي قامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلفيها أو علمت صحة نسبتها اليهم بحيث لم يبق فيه شك.
وجوه التشكيك بكتاب سليم ومناقشتها[عدل]
قال السيد الخوئي : ولكن قد يناقش في صحة هذا الكتاب بوجوه:
الوجه الأول: أنه موضوع وعلامة ذلك اشتماله على قصة وعظ محمد بن أبي بكر أباه عند موته مع أن عمر محمد وقتئذ كان أقل من ثلاث سنين، واشتماله على أن الأئمة ثلاثة عشر.
ويرد هذا الوجه: أولا أنه لم يثبت ذلك والسند في ذلك ما ذكره ابن الغضائري وقدتقدم غير مرة: أنه لا طريق إلى اثبات صحة نسبة الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري كيف وقد ذكر صاحب الوسائل في ترجمة سليم بن قيس: والذي وصل إلينا من نسخة الكتاب ليس فيه شيء فاسد ولا شيء مما استدل به على الوضع ولعل الموضوع الفاسد غيره ولذلك لم يشتهر، ولم يصل إلينا (انتهى).
وقال الميرزا الاسترآبادي في رجاله الكبير: أن ما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب المذكور فيه أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند الموت وأن الأئمة ثلاثة عشر مع النبي صلى الله عليه وآله، وشئ من ذلك لا يقتضى الوضع (انتهى).
وقال الفاضل التفريشي في هامش النقد: قال بعض الأفاضل: رأيت فيما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند موته وأن الأئمة ثلاثة عشر من ولد إسماعيل وهم رسول الله صلى الله عليه وآله مع الأئمة الاثني عشر ولا محذور في أحد هذين (انتهى).
وأني لم أجد في جميع ما وصل إلي من نسخ هذا الكتاب إلا كما نقل هذا الفاضل والصدق مبين في وجه أحاديث هذا الكتاب من أوله إلى آخره فكأَن ما نقل ابن الغضائري محمول على الاشتباه. (انتهى كلام الفاضل التفريشي).
قال السيد الخوئي : ومما يدل على صحة ما ذكره صاحب الوسائل والفاضلان التفريشي والاسترابادي: أن النعماني روى في كتاب الغيبة بإسناده عن سليم بن قيس في كتابه حديثا طويلا، وفيه: (فقال علي : ألستم تعلمون أن الله عزوجل أنزل في سورة الحج: (وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ...) الحج/78. فقام سلمان () عند نزولها فقال يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيهم إبراهيم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: عنى الله بذلك ثلاثة عشر إنسانا أنا وأخي عليا وأحد عشر من ولده (الحديث).
أيضا بإسناده عنه قال: لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين نزل قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه حسن الهيئة والسمت معه كتاب حتى أتى أمير المؤمنين فسلم عليه.. (إلى أن قال): وفي ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خير خلق الله.. (إلى أن قال) رسول الله اسمه محمد صلى الله عليه وآله وأحب من خلق الله إلى الله بعده علي ابن عمه لأمه وأبيه ثم أحد عشر رجلا من ولد محمد وولده أولهم يسمى باسم ابني هارون شبرا وشبيرا وتسعة من ولد أصغرهما واحد بعد واحد، آخرهم الذي يصلي عيسى خلفه.
وروى أيضا بإسناده عنه حديثا طويلا وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال لعلي : قد سألت فافهم الجواب (إلى أن قال): قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ومن شركائي؟ قال صلى الله عليه وآله: الذين قرنهم الله بنفسه وبي فقال: (يا آيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) (الآية) (إلى أن قال): قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله سمهم لي، فقال: ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن ، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين ، ثم ابن له على اسمك يا علي ثم ابن له محمد بن علي عليهما السلام ثم أقبل على الحسين وقال سيولد محمد بن علي في حياتك فأقرئه مني السلام ثم تكملة اثني عشر اماما (الحديث).
وروى بإسناده عنه أيضا أن عليا ، قال لطلحة في حديث طويل عند تفاخر المهاجرين والأنصار: يا طلحة أليس قد شهد رسول الله صلى الله عليه وآله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة بعده ولا تختلف؟ إلى أن قال: وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر المؤمنين بطاعتهم إلى يوم القيامة فسماني أولهم ثم ابني هذا حسن ثم ابني هذا حسين ثم تسعة من ولد ابني هذا حسين (الحديث).
وروى بإسناده عنه أيضا حديثا طويلا فيه قال علي بن أبى طالب أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فما بال أقوام يعيروني بقرابتي وقد سمعوني أقول فيهم ما أقول من تفضيل الله إِياهم إلى أن قال: نظر الله إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم، ثم نظر نظرة فاختار عليا أخي وزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي إلى أن قال: ثم أن الله نظر نظرة ثالثة فاختار من أهل بيتي بعدي وهم خيار أمتي أحد عشر إماما بعد أخي واحدا بعد واحد (الحديث).
وروى محمد بن يعقوب بسندين صحيحين وبسند آخر عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول: كنا عند معاوية أنا والحسن والحسين وعبدالله بن عباس وعمر بن أم سلمة فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا أولى بالمؤمنين من انفسهم ثم أخي علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا استشهد علي فالحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم ابنى الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي، ثم ابنه محمد بن علي، أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم تكملة اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين.. إلى أن قال قال سليم وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله(الكافي: الجزء 1 كتاب الحجة 4 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم، عليهم السلام 126 الحديث 4). ورواه النعماني في كتاب الغيبة عن محمد بن يعقوب نحوه، ورواه الصدوق في الخصال في أبواب الاثنى عشر، الحديث 41. بسندين صحيحين عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي نحوه، وروى أيضا فيه الحديث 38 عن أبيه قال حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى بن أبي خلف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبان بن تغلب عن سليم ابن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وإذا الحسين على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: أنت سيد ابن سيد أنت إمام ابن إمام أبو الائمة أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.
قال السيد الخوئي رضوان الله عليه: وبما ذكرناه يظهر أن ما نسبه ابن الغضائري إلى كتاب سليم بن قيس من رواية أن الائمة ثلاثة عشر لا صحة له غاية الأمر أن النسخة التي وصلت إليه كانت مشتملة على ذلك وقد شهد الشيخ المفيد أن في النسخة تخليطا وتدليسا وبذلك يظهر الحال فيما ذكره النجاشي في ترجمة هبة الله بن أحمد بن محمد من أنه عمل كتابا لأبي الحسين العلوي الزيدي وذكر الأئمة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام واحتج بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي: أن الائمة اثنا عشر من ولد أمير المؤمنين .
وأما وعظ محمد بن أبى بكر أباه عند موته: فلو صح فهو وإن لم يمكن عادة إلا أنه يمكن أن يكون على نحو الكرامة وخرق العادة. وعلى ذلك فلا وجه لدعوى وضع كتاب سليم بن قيس أصلا. وثانيا: إن اشتمال كتاب على أمر باطل في مورد أو موردين لا يدل على وضعه، كيف ويوجد ذلك في أكثر الكتب حتى كتاب الكافي الذي هو أمتن كتب الحديث وأتقنها.
الوجه الثاني: أن راوي كتاب سليم بن قيس هو أبان بن أبي عياش وهو ضعيف على ما مر فلايصح الاعتماد على الكتاب بل قد مر عن العقيقي أنه لم يروه عن سليم بن قيس غير أبان بن أبي عياش.
والجواب عن ذلك أن ما ذكره العقيقي باطل جزما فقد روي عن سليم بن قيس في الكافي وغيره من غير طريق أبان. وأما ما ذكره ابن الغضائري من انحصار راوي كتاب سليم بن قيس بأبان، فيرده ما ذكره النجاشي والشيخ من رواية حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر الصنعاني عنه كتابه.
الوجه الثالث: أن راوي كتاب سليم بن قيس، أبان بن أبي عياش وهو ضعيف وإبراهيم بن عمر الصنعاني، وقد ضعفه ابن الغضائري، فلا يمكن الاعتماد على كتاب سليم بن قيس.
والجواب: أن إبراهيم بن عمر وثقه النجاشي ولا يعارضه تضعيف ابن الغضائري على ما مر الكلام في ترجمته. هذا، والصحيح أنه لا طريق لنا إلى كتاب سليم بن قيس المروي بطريق حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر عنه، وذلك فإن في الطريق محمد بن علي الصيرفي أبا سمينة وهو ضعيف كذاب.
الجهة الثالثة: قد عرفت أن للشيخ إلى كتاب سليم طريقين في احدهما حماد بن عيسى، وعثمان بن عيسى، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم وفى الثاني حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم. وأما النجاشي فالظاهر أن في عبارته سقطا وجملة (عن أبان بن أبي عياش، عن سليم) قد سقطت بعد قوله: (وعثمان بن عيسى). وكيف كان فلا يصح ما ذكره ابن الغضائري من اختلاف سند هذا الكتاب فتارة يروى عن عمر بن أذينة، عن إبراهيم بن عمر الصنعاني، عن أبان بن أبى عياش عن سليم، وتارة يروي عن عمر عن أبان بلا واسطة. وذلك فان عمر بن أذينة غير مذكور في الطريق وإبراهيم بن عمر روى عن سليم بلا واسطة.
ثم إن بعض أهل الفن قداستغرب رواية إبراهيم بن عمر عن سليم بلا واسطة واستظهر سقوط الواسطة وأن الصحيح رواية إبراهيم عن ابن أذينة عن أبان، عن سليم، كما في الكافي: الجزء2 كتاب الإيمان والكفر 1 في بابي دعائم الكفر وصفة النفاق 167 و168 الحديث 1.
قال السيد الخوئي : هذا الاستغراب غريب! فإن رواية إبراهيم بن عمر، عن سليم مع الواسطة أحيانا لا ينافي روايته عنه كتابا بلا واسطة، فإن إبراهيم بن عمر من أصحاب الباقر ، فيمكن أن يروي عن سليم بلا واسطة، ودعوى أن ما في الكافي رواية عن كتاب سليم أيضا دعوى بلا بينة وتخرص على الغيب، بل الظاهر أن لسليم أحاديث من غير كتابه، والشاهد على ذلك: ما قدمناه عن ابن شهر آشوب من أنه صاحب الأحاديث، له كتاب ويشهد له أيضا: أن النعماني بعد ما روى عدة روايات عن كتاب سليم، روى رواية عن محمد بن يعقوب بإسناده عن سليم، وقد تقدمت الروايات ويظهر من ذلك أن رواية محمد بن يعقوب لم تكن موجودة في كتاب سليم.
قال السيد الخوئي : بقى هنا أمران:
الأول: أن ابن الغضائري ذكر في كلامه رواية سليم بن قيس عن أبي عبد الله والحسن والحسين وعلي بن الحسين عليهم السلام، وهذا غريب جدا! فإن سليم بن قيس لم يدرك الصادق ، بل الظاهر من الرواية الأولى المتقدمة عن الكشي أنه مات في زمن علي بن الحسين ، ولكن الرواية ضعيفة وقد صرح الشيخ في رجاله بأنه من المدركين للباقر .
الثاني: أن المذكور في روايتي الكشي المتقدمتين، رواية إسحاق بن إبراهيم بن عمر اليماني عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس وهاتان الروايتان مع أنهما ضعيفتان، ولا أقل من جهة الحسن بن علي بن كيسان فيهما تحريف لا محالة، فان الراوي عن ابن أذينة هو إبراهيم بن عمر اليماني لا ابنه إسحاق، بل لا وجود لإسحاق بن إبراهيم، ومن المطمئن به أن التحريف من النساخ، والصحيح فيه: الحسن بن علي بن كيسان، عن أبي اسحاق إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابن أذينة. وكيفما كان فطريق الشيخ إلى كتاب سليم بن قيس بكلا سنديه ضعيف ولا أقل من جهة محمد بن علي الصيرفي (أبى سمينة).
لا يوجد عند المسلمين بعد كتاب الله ومواريث الأنبياء التي عند أهل البيت عليهم السلام كتاب أقدم من كتاب سليم بن قيس [16].
يعتبر كثير من الشيعة هذا الكتاب من أهم المراجع في ادعاءالخلاف بين الصحابة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول الشيعة بأنها ميزة عظيمة لهذا النص التاريخي العقائدي، فمؤلفه أول من فكر في تدوين العقائد وتاريخ المذهب الشيعي. ويقولون أيضا بأنه قد خاطر بحياته في جمعه وتأليفه ثم نسخه وحفظه، والوصية به وإيصاله إلى من بعده. ويعتقدون أيضا بأنه يتفرد عن جيله، وينهض بمسؤولية هذا الأمر الخطير، ويقدم للأمة الإسلامية أقدم قصة للوجه الآخر لتاريخها.
ويقولون أيضا عن الكتاب:[17] ويكفي كتاب سليم أنه تراث علمي ممتاز من أقدم ما وصلنا في الثقافة الإسلامية، ولكن مع ذلك له ميزات هامة ضاعفت من قيمته، نجملها في النقاط التالية:
يعتقد علماء السنة أن ما ورد في هذا الكتاب هو تزوير للتاريخ ويؤيدون بهذا بغموض صاحب الكتاب واختفائه عن الاحداث التي يرويها.
ويعتمد المؤلف في نقله للتاريخ على محمد بن أبي بكر ابن الخليفة الأول للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في نقل الأحداث التي حدثت بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، وكان عمر محمد بن أبي بكر حين وفاة ابيه سنتين ونصف وهذا من أكبر الماخذ على هذا الكتاب وسليم بن قيس، فكيف يعقل ان تنقل هذه الاحداث عن طفل يبلغ من العمر سنتين ونصف. كما ينقل أيضا عن سلمان الفارسي رغم أنه لم يكن بالمدينة حين دخلها عام 16 هـ.
ورغم أن شخصية سليم بن قيس لم تظهر في التاريخ إلا في هذا الكتاب ورغم أنه يكتب عن مرحلة تاريخية لم يشهدها ولم يشهدها من يروي عنه وهو محمد بن أبي بكر الصديق، حيث أن سليم بن قيس دخل المدينة في عهد عمر بن الخطاب الخليفة الثاني ويروي سليم بن قيس ما حدث قبلها.
ولذا فإنَّ الكتاب ذو شأنٍ عند الشيعة، وليس هو كذلك عند السنَّة الذين لهم طعون وإيرادات واعتراضات على هذا الكتاب وما ورد فيه من معارف.
محتويات
[أخف]
- 1 صاحب الكتاب
- 2 مخطوطات الكتاب
- 3 طبعات الكتاب
- 4 مكانة الكتاب عند الشيعة
- 5 رأي العلماء السنة في الكتاب وصاحبه
- 6 المصادر
- 7 مراجع
أصله من بني هلال بن عامر بطن من عامر بن صعصعة، من هوازن من قيس بن عيلان، من العدنانية الذين كانوا يقطنون الحجاز، وما زال قسم من عشيرتهم إلى عصرنا في المنطقة. [2]
ولد سُليم قبل الهجرة بسنتين [3]، وكان عمره عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتي عشرة سنة. ولم يأت المدينة زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا زمن أبي بكر، وإنما دخلها شابا في أوائل خلافة عمر بن الخطاب قبل السنة 16 الهجرية.
مخطوطات الكتاب[عدل]
يقصد المحقق بالنسخ المخطوطة، هي ما ورد النص عليها في كتب المؤلفين، أو هي موجودة في المكتبات العامة أو الخاصة، أو ورد ذكرها في مخطوطات الكتاب.
وقد بلغت 68 نسخة، وهي موجودة في مختلف البلدان: في مكة والمدينة المنورة وصنعاء والنجف وكربلاء والحلة وبغداد والبصرة والكوفة ودمشق من البلاد العربية. وفي إصفهان وطهران ومشهد وقم وشيراز ويزد وزنجان من البلاد الإيرانية. وفي لكنو وفيض آباد وبمباي من البلاد الهندية.
وقد أورد المحقق فهرسا بنسخه، وهي:
1. نسخة الشيخ الحر العاملي الأولى، تاريخها 1087هـ، في مكتبة السيد الحكيم بالنجف في مجموعة رقمها 316.
2. نسخة عتيقة انتسخ عليها نسخة الشيخ الحر، كتبت بأمر السيد حيدرا، مذكورة في النسخة 1.
3. نسخة سقيمة قوبل عليها نسخة الشيخ الحر، وهي مذكورة أيضا في آخر النسخة 1.
4. نسخة العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي، ذكرها في روضة المتقين: ج 12 ص 201، ج 14 ص 371.
5. نسخة العلامة المجلسي الأولى، ذكرها في أول بحار الأنوار: ج 1 ص 15، 76.
6. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الأولى، تاريخها 1353هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف رقمها 3230.
7. نسخة الشيخ أبي علي الحائري، ذكرها في منتهى المقال: ص 153، والذريعة: ج 2 ص 157.
8. نسخة المير حامد حسين صاحب العبقات في لكنهو، رقمها في فهرست المكتبة: 7728، وذكرها في استقصاء الإفحام: ج 1 ص 860، ج 2 ص 332، 361، وفي الذريعة: ج 2 ص 157.
9. نسخة الخواجة الكابلي، ذكرها في استقصاء الإفحام: ج 1 ص 363.
10. نسخة حيدر علي الفيض آبادي، ذكرها في منتهى الكلام: ج 3 ص 12.
11. نسخة صاحب الروضات، ذكرها في روضات الجنات: ج 4 ص 67، والظاهر أنها انتقلت إلى النجف.
12. نسخة مكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء بالنجف، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 156.
13. نسخة المحدث النوري، تاريخها 1270هـ، ذكرها في نفس الرحمن: ص 65، والذريعة: ج 2 ص 157 وجاء ذكرها في فهرست مكتبته: ج 1 ص 147.
14. نسخة الشيخ عبد الحميد الكرهرودي، التي انتخب عنها عدة أحاديث وطبعها قبل طبع أصل كتاب سليم.
15. نسخة مكتبة السيد الروضاتي الخاصة بإصفهان، تاريخها 1288هـ.
16. نسخة مكتبة الشيخ علي حيدر الخاصة بقم، في مجموعة رقمها 296، تاريخها 1059هـ.
17. نسخة مكتبة كلية الإلهيات بمشهد، في مجموعة رقمها 456، تاريخها 1082هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 1 ص 362.
18. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، رقمها 2035، ذكرها في فهرست المكتبة القديم: ج 5 ص 150.
19. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، في مجموعة رقمها 8130، تاريخها 1346هـ، ذكرها في الفهرست الألفبائي للمكتبة: ص 312.
20. نسخة قديمة انتسخ عليها نسخة آستان قدس رقم 8130، مذكورة في النسخة 19.
21. نسخة المشكاة في مكتبة جامعة طهران، في مجموعة رقمها 575، تاريخها 1160هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 5 ص 1485.
22. نسخة أخرى للمشكاة في مكتبة جامعة طهران، رقمها 669، ذكر في فهرست المكتبة: ج 5 ص 1486.
23. نسخة انتسخ عليها نسخة المشكاة رقم 669، ذكر فيها.
24. نسخة كلية الحقوق في مكتبة جامعة طهران، رقمها 178 ج، ذكرها في فهرست مكتبة الحقوق: ص 420.
25. نسخة مكتبة جامعة طهران، رقمها 2200، تاريخها 1252هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 9 ص 883.
26. نسخة مكتبة جامعة طهران، رقمها 6808، تاريخها 1282هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 16 ص 365.
27. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الثانية، تاريخها 1346هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف رقمها 3219.
28. نسخة مكتبة مدرسة إمام العصر بشيراز، في مجموعة رقمها 256، تاريخها 1112هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 1 ص 109.
29. نسخة مكتبة مجلس الشورى الجديد بطهران في مجموعة رقمها 652، تاريخها 1306هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 2 ص 5. وهي نسخة مكتبة السيد محمد مهدي راجه بفيض آباد الهند انتقلت إلى طهران، وقد ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 159.
30. نسخة مكتبة مدرسة السيد الخوئي بمشهد، في مجموعة رقمها 87، تاريخها 1337هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ص 56.
31. نسخة الشيخ الرازي صاحب كتاب (نزهة الكرام) من علماء القرن السابع، ذكرها في كتابه: ص 557، 558.
32. نسخة الشيخ ابن حاتم الدمشقي المتوفى 676هـ، ذكرها في كتابه (الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم) (مخطوط) وروى فيه من أحاديثها.
33. نسخة الشيخ الحر العاملي الثانية، ذكرها في أول كتابه إثبات الهداة: ج 1 ص 29، وأورد من أحاديثها في ج 1 ص 661، ج 2 ص 509.
34. نسخة العلامة المجلسي الثانية، تاريخها 609هـ، ذكرها في تكملة الرجال: ج 1 ص 467.
35. نسخة خزانة الحاج علي محمد النجف آبادي بالنجف، تاريخها 1048هـ، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 157.
36. نسخة السيد أبو القاسم الخوانساري في بمبئي بالهند، ذكرها في الذريعة: ج 17 ص 276.
37. نسخة المير محمد أشرف صاحب فضائل السادات، ذكرها في ص 510 من كتابه، وروى من أحاديثها في ص 291.
38. نسخة كلية الحقوق في مكتبة جامعة طهران، رقمها 29 د، تاريخها 1107هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ص 420.
39. نسخة مكتبة ملك بطهران، رقمها 729، تاريخها 1282هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: القسم العربي: ج 1 ص 587.
40. نسخة ذكرها أخو صاحب الروضات، جاء ذكرها في النسخة 15.
41. نسخة السيد الجلالي، تاريخها 1385هـ، ذكرها في دائرة المعارف الشيعية: ج 5 ص 42.
42. نسخة السيد نصر الله المستنبط، ذكرها في النسخة 40، وفي فهرس تراث أهل البيت عليهم السلام: ص 135.
43. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الثالثة، تاريخها 1362هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف في مجموعة رقمها 3222.
44. نسخة محمد جعفر الخرم آبادي بإصفهان تاريخها 1078هـ، ذكرها في فهرس تراث أهل البيت عليهم السلام: ص 136.
45. نسخة مكتبة مجلس الشورى القديم بطهران، رقمها 5366، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 16 ص 274.
46. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، رقمها 9719، تاريخها 1080هـ.
47. نسخة صحيحة انتسخ عليها نسخة آستان قدس بمشهد رقم 9719.
48. نسخة مكتبة مجلس الشورى القديم بطهران، رقمها 7699، تاريخها 1310هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 26 ص 192.
49. نسخة أبي عبد الله المجتهد الموسوي، ذكرها في النسخة 47.
50. نسخة الحموئي الخراساني، من القرن العاشر، ذكرها في كتابه (منهاج الفاضلين)، وروى من أحاديثها في ص 228، 233، 236، 239، 240، 241، 242، 259.
51. نسخة ذكرت في النسخ: 15، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 26.
52. نسخة برواية إبراهيم بن عمر اليماني، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 157.
53. نسخة برواية عبد الرزاق عن معمر بن راشد، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 157.
54. نسخة الشيخ الطوسي، ذكرها في الفهرست: ص 81.
55. نسخة الشيخ النجاشي، ذكرها في رجاله: ص 6.
56. نسخة الشيخ الكشي، ذكرها في رجاله: ج 1 ص 321.
57. نسخة العلامة البياضي المتوفى 877هـ، ذكرها في الصراط المستقيم: ج 1 ص 4.
58. نسخة الشهيد الثاني (سنة 965هـ)، ذكرها في روضات الجنات: ج 4 ص 69.
59. نسخة الفاضل التفريشي، ذكرها في نقد الرجال: ص 159.
60. نسخة الميرزا الأسترآبادي، ذكرها في منهج المقال: ص 15.
61. نسخة المحدث البحراني، ذكرها في غاية المرام: ص 549 واللوامع النورانية: ص 237.
62. نسخة السيد إعجاز حسين الكنتوري، ذكرها في كشف الحجب: ص 445، والذريعة: ج 17 ص 68.
63. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الرابعة، تاريخها 1361هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف في مجموعة رقمها 3215.
64. نسخة العلامة الأميني، التي كتبها بيده، جاء ذكرها في مقدمة (الغدير): ج 1 ص 79 وفي متن الكتاب: ج 1 ص 66.
65. نسخة قوبل عليها الطبعة الأولى من الكتاب، ذكرها في ص 179 من تلك الطبعة.
66. نسخة السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي المتوفى 1334هـ، التي انتخب منها عدة أحاديث قبل طبع الكتاب. ذكرها في الذريعة: ج 22 ص 411.
67. نسخة مكتبة السيد محمد باقر الطباطبائي بكربلاء في مجموعة رقمها 288، ذكرها في فهرست المكتبة: ص 170.
68. نسخة الشيخ يعقوب المنصوري، التي ترجع تاريخها إلى 12 قرنا، وهي مكتوبة على جلد الغزال، وفقدت في سنة 1400هـ في الحرب العراقية الإيرانية في خرمشهر.
طبعات الكتاب[عدل]
ذكر المحقق أن الكتاب طُبع لأول مرة قبل أكثر من ستين عاما، كما طبع منتخبه قبل إخراج أصله، وطبعت ترجمته بالأردية لأول مرة قبل ثلاثين عاما، وطبعت ترجمته بالفارسية لأول مرة قبل عشرين عاما، وطبعت ترجمته بالإنجليزية قبل سنة.
وهذا مجمل طبعاته:
1. طبعة النجف، المكتبة الحيدرية، على نسخة الشيخ الحر والمقابلة على نسخة أخرى وبمقدمة موجزة للسيد محمد صادق آل بحر العلوم في سنة 1361هـ، في القطع الرقعي في 192 صفحة، ومرة أخرى بمقدمة مفصلة للسيد بحر العلوم بالإضافة إلى ما حققها الشيخ شير محمد الهمداني في سنة 1366هـ في 212 صفحة، ومرة أخرى في 236 صفحة، ومرة أخرى في 270 صفحة في القطعين الرقعي والوزيري. وجددت هذه الطبعة في النجف عدة مرات. كما وجددت هذه الطبعة بقم عدة مرات وقام بها دار الكتب الإسلامية حدود سنة 1395هـ. وجددت هذه الطبعة في بيروت عدة مرات وقام بها دار الفنون ومكتبة الإيمان في سنة 1400هـ، ومؤسسة الأعلمي في سنة 1412هـ.
2. طبعة بيروت، مؤسسة البعثة، بمقدمة السيد علاء الدين الموسوي، وإبقاء المتن كما كان في الطبعة النجفية، في سنة 1407هـ، في القطع الوزيري، في 215 صفحة. وجددت المؤسسة طبعه بطهران في سنة 1408هـ، في 328 صفحة بإضافة الفهارس.
3. طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، بتحقيق محمد باقر الأنصاري، سنة 1415هـ، ثلاث مجلدات في القطع الوزيري: المجلد الأول إلى ص 552 وهو المقدمة، والمجلد الثاني إلى ص 957 وهو متن الكتاب، والمجلد الثالث إلى ص 1472 وهو التخريجات والفهارس. وجددت المؤسسة طبعه في سنة 1416هـ مع إضافة ملحق يحوي بعض المعلومات الجديدة.
4. هذه الطبعة التي بأيدينا، وهي طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، في 640 صفحة، سنة 1420هـ، مجلد واحد في القطع الوزيري. وهو تلخيص لمقدمة الطبعة السابقة، وإبقاء المتن كما كان مع حذف كثير من الهوامش، وتلخيص في التخريجات السابقة وإضافة التخريج الموضوعي وحذف كثير من الفهارس.
حققه الشيخ محمد باقر الأنصاري الزنجاني وقد طبعه عدة مرات، والنسخة التي بأيدينا هي طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، في 640 صفحة، سنة 1420هـ، مجلد واحد[4]. وللوقوف على الكتاب يمكن الاطلاع على نسخة إلكترونية منه في موقع الميزان.[5]
مكانة الكتاب عند الشيعة[عدل]
الكتاب معتمد عند الغالبيَّة من الشيعة، والقول بالتشكيك فيه عندهم ليس إلَّا قولاً شاذاً لا يُعتدُّ به في قبال ما تسالمت عليه الطائفة من الاعتماد عليه وكونه من الأصول القديمة المعتبرة.
- شذَّ محمَّد بن محمَّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد عن عموم الإماميَّة بتعرُّضه للتشكيك بالكتاب في آخر كتابه تصحيح اعتقادات الإمامية إذ قال أنَّ: «هذا الكتاب غير موثوق به وقد حصل فيه تخليط وتدليس فينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكل ما فيه ولا يعول على جملته والتقليد لروايته وليفزع إلى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه على الصحيح منها والله الموفق للصواب».[6]
- وقال ابن أبي زينب النعماني في كتابه الغيبة أنَّه «ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلافٌ أنَّ كتاب سُليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم حملة حديث أهل البيت عليهم السلام وأقدمها، وأنَّ جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وسمع منهما وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها وتعول عليها».[7]
- أورد محمد باقر المجلسي كل مطالب كتاب سُليم وفرَّقها في مجلَّدات موسوعته الكبيرة بحار الأنوار وعدَّه من مصادر هذه الموسوعة، وقال فيه أنَّه: «كتاب سليم بن قيس الهلالي في غاية الاشتهار، (...) والحقُّ أنَّه من الأصول المعتبرة».[8]
- اعتمد هاشم البحراني على كتاب سُليم، وعدَّه من الكتب المعتمدة والمشهورة عند أهل التشيُّع، فقال: «هو كتاب مشهور معتمد، نقل منه المصنفون في كتبهم».[9]
- وثَّق حسين النوري الطبرسي وذكره غير مرَّة بالثناء والتعظيم، فقال أنَّه «كتاب مشهور معروف نقل عنه أجلة المحدثين»،[10] وأنَّه «من الأصول المعروفة، وللأصحاب إليه طرق كثيرة».[11]
- ذكر حسن الصدر كتاب سُليم بن قيس بالثناء والتعظيم عند ذكره لأوائل الكتب الشيعيَّة التي دوَّنت الأحاديث، وذلك في كتابه الشيعة وفنون الإسلام إذ قال: «وسُليم بن قيس الهلالي أبو صادق، صاحب أمير المؤمنين (...) له كتابٌ جليل عظيم».[12]
- نقل عبد الحسين الأميني بعض المطالب عن كتاب سليم وأوردها في موسوعته الغدير في السنة والكتاب والأدب، وصرَّح بكون الكتاب معتمداً إذ قال: «كتاب سُليم من الأصول المشهورة المتداولة في العصور القديمة المعتمد عليها عند محدِّثي الفريقين وحملة التاريخ».[13]
- صرَّح علي الحسيني الميلاني بكون الكتاب معتبراً في معرض إجابته على سؤال بهذا الخصوص، فكان جوابه: «هو عندي معتبر».[14]
- تبع ياسر الحبيب ما سبقه إليه غيره، فقال أنَّ «لا مناص لأحدٍ من الإذعان بأن كتاب سليم بن قيس الهلالي الذي يرويه عنه أبان بن أبي عياش هو من أصح كتبنا المعتبرة، فقد امتدحه أئمتنا صلوات الله عليهم، واعتمد عليه علماؤنا منذ سالف الزمان، وما زالوا».[15]
قال السيد الخوئي بقي الكلام في جهات:
الجهة الأولى: أن سليم بن قيس في نفسه ثقة جليل القدر عظيم الشأن ويكفي في ذلك شهادة البرقي بأنه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين المؤيدة بما ذكره النعماني في شأن كتابه وقد أورده العلامة في القسم الأول وحكم بعدالته وأما ابن داود فقد ذكره في القسمين الول والثاني ولا نعرف لذلك وجها صحيحا.
الجهة الثانية: أن كتاب سليم بن قيس على ما ذكره النعماني من الأصول المعتبرة بل من أكبرها وإن جميع ما فيه صحيح قد صدر من المعصوم أو ممن لابد من تصديقه وقبول روايته وعده صاحب الوسائل في الخاتمة في الفائدة الرابعة من الكتب المعتمدة التي قامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلفيها أو علمت صحة نسبتها اليهم بحيث لم يبق فيه شك.
وجوه التشكيك بكتاب سليم ومناقشتها[عدل]
قال السيد الخوئي : ولكن قد يناقش في صحة هذا الكتاب بوجوه:
الوجه الأول: أنه موضوع وعلامة ذلك اشتماله على قصة وعظ محمد بن أبي بكر أباه عند موته مع أن عمر محمد وقتئذ كان أقل من ثلاث سنين، واشتماله على أن الأئمة ثلاثة عشر.
ويرد هذا الوجه: أولا أنه لم يثبت ذلك والسند في ذلك ما ذكره ابن الغضائري وقدتقدم غير مرة: أنه لا طريق إلى اثبات صحة نسبة الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري كيف وقد ذكر صاحب الوسائل في ترجمة سليم بن قيس: والذي وصل إلينا من نسخة الكتاب ليس فيه شيء فاسد ولا شيء مما استدل به على الوضع ولعل الموضوع الفاسد غيره ولذلك لم يشتهر، ولم يصل إلينا (انتهى).
وقال الميرزا الاسترآبادي في رجاله الكبير: أن ما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب المذكور فيه أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند الموت وأن الأئمة ثلاثة عشر مع النبي صلى الله عليه وآله، وشئ من ذلك لا يقتضى الوضع (انتهى).
وقال الفاضل التفريشي في هامش النقد: قال بعض الأفاضل: رأيت فيما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند موته وأن الأئمة ثلاثة عشر من ولد إسماعيل وهم رسول الله صلى الله عليه وآله مع الأئمة الاثني عشر ولا محذور في أحد هذين (انتهى).
وأني لم أجد في جميع ما وصل إلي من نسخ هذا الكتاب إلا كما نقل هذا الفاضل والصدق مبين في وجه أحاديث هذا الكتاب من أوله إلى آخره فكأَن ما نقل ابن الغضائري محمول على الاشتباه. (انتهى كلام الفاضل التفريشي).
قال السيد الخوئي : ومما يدل على صحة ما ذكره صاحب الوسائل والفاضلان التفريشي والاسترابادي: أن النعماني روى في كتاب الغيبة بإسناده عن سليم بن قيس في كتابه حديثا طويلا، وفيه: (فقال علي : ألستم تعلمون أن الله عزوجل أنزل في سورة الحج: (وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ...) الحج/78. فقام سلمان () عند نزولها فقال يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيهم إبراهيم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: عنى الله بذلك ثلاثة عشر إنسانا أنا وأخي عليا وأحد عشر من ولده (الحديث).
أيضا بإسناده عنه قال: لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين نزل قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه حسن الهيئة والسمت معه كتاب حتى أتى أمير المؤمنين فسلم عليه.. (إلى أن قال): وفي ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خير خلق الله.. (إلى أن قال) رسول الله اسمه محمد صلى الله عليه وآله وأحب من خلق الله إلى الله بعده علي ابن عمه لأمه وأبيه ثم أحد عشر رجلا من ولد محمد وولده أولهم يسمى باسم ابني هارون شبرا وشبيرا وتسعة من ولد أصغرهما واحد بعد واحد، آخرهم الذي يصلي عيسى خلفه.
وروى أيضا بإسناده عنه حديثا طويلا وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال لعلي : قد سألت فافهم الجواب (إلى أن قال): قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ومن شركائي؟ قال صلى الله عليه وآله: الذين قرنهم الله بنفسه وبي فقال: (يا آيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) (الآية) (إلى أن قال): قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله سمهم لي، فقال: ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن ، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين ، ثم ابن له على اسمك يا علي ثم ابن له محمد بن علي عليهما السلام ثم أقبل على الحسين وقال سيولد محمد بن علي في حياتك فأقرئه مني السلام ثم تكملة اثني عشر اماما (الحديث).
وروى بإسناده عنه أيضا أن عليا ، قال لطلحة في حديث طويل عند تفاخر المهاجرين والأنصار: يا طلحة أليس قد شهد رسول الله صلى الله عليه وآله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة بعده ولا تختلف؟ إلى أن قال: وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر المؤمنين بطاعتهم إلى يوم القيامة فسماني أولهم ثم ابني هذا حسن ثم ابني هذا حسين ثم تسعة من ولد ابني هذا حسين (الحديث).
وروى بإسناده عنه أيضا حديثا طويلا فيه قال علي بن أبى طالب أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فما بال أقوام يعيروني بقرابتي وقد سمعوني أقول فيهم ما أقول من تفضيل الله إِياهم إلى أن قال: نظر الله إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم، ثم نظر نظرة فاختار عليا أخي وزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي إلى أن قال: ثم أن الله نظر نظرة ثالثة فاختار من أهل بيتي بعدي وهم خيار أمتي أحد عشر إماما بعد أخي واحدا بعد واحد (الحديث).
وروى محمد بن يعقوب بسندين صحيحين وبسند آخر عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول: كنا عند معاوية أنا والحسن والحسين وعبدالله بن عباس وعمر بن أم سلمة فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا أولى بالمؤمنين من انفسهم ثم أخي علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا استشهد علي فالحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم ابنى الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي، ثم ابنه محمد بن علي، أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم تكملة اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين.. إلى أن قال قال سليم وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله(الكافي: الجزء 1 كتاب الحجة 4 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم، عليهم السلام 126 الحديث 4). ورواه النعماني في كتاب الغيبة عن محمد بن يعقوب نحوه، ورواه الصدوق في الخصال في أبواب الاثنى عشر، الحديث 41. بسندين صحيحين عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي نحوه، وروى أيضا فيه الحديث 38 عن أبيه قال حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى بن أبي خلف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبان بن تغلب عن سليم ابن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وإذا الحسين على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: أنت سيد ابن سيد أنت إمام ابن إمام أبو الائمة أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.
قال السيد الخوئي رضوان الله عليه: وبما ذكرناه يظهر أن ما نسبه ابن الغضائري إلى كتاب سليم بن قيس من رواية أن الائمة ثلاثة عشر لا صحة له غاية الأمر أن النسخة التي وصلت إليه كانت مشتملة على ذلك وقد شهد الشيخ المفيد أن في النسخة تخليطا وتدليسا وبذلك يظهر الحال فيما ذكره النجاشي في ترجمة هبة الله بن أحمد بن محمد من أنه عمل كتابا لأبي الحسين العلوي الزيدي وذكر الأئمة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام واحتج بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي: أن الائمة اثنا عشر من ولد أمير المؤمنين .
وأما وعظ محمد بن أبى بكر أباه عند موته: فلو صح فهو وإن لم يمكن عادة إلا أنه يمكن أن يكون على نحو الكرامة وخرق العادة. وعلى ذلك فلا وجه لدعوى وضع كتاب سليم بن قيس أصلا. وثانيا: إن اشتمال كتاب على أمر باطل في مورد أو موردين لا يدل على وضعه، كيف ويوجد ذلك في أكثر الكتب حتى كتاب الكافي الذي هو أمتن كتب الحديث وأتقنها.
الوجه الثاني: أن راوي كتاب سليم بن قيس هو أبان بن أبي عياش وهو ضعيف على ما مر فلايصح الاعتماد على الكتاب بل قد مر عن العقيقي أنه لم يروه عن سليم بن قيس غير أبان بن أبي عياش.
والجواب عن ذلك أن ما ذكره العقيقي باطل جزما فقد روي عن سليم بن قيس في الكافي وغيره من غير طريق أبان. وأما ما ذكره ابن الغضائري من انحصار راوي كتاب سليم بن قيس بأبان، فيرده ما ذكره النجاشي والشيخ من رواية حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر الصنعاني عنه كتابه.
الوجه الثالث: أن راوي كتاب سليم بن قيس، أبان بن أبي عياش وهو ضعيف وإبراهيم بن عمر الصنعاني، وقد ضعفه ابن الغضائري، فلا يمكن الاعتماد على كتاب سليم بن قيس.
والجواب: أن إبراهيم بن عمر وثقه النجاشي ولا يعارضه تضعيف ابن الغضائري على ما مر الكلام في ترجمته. هذا، والصحيح أنه لا طريق لنا إلى كتاب سليم بن قيس المروي بطريق حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر عنه، وذلك فإن في الطريق محمد بن علي الصيرفي أبا سمينة وهو ضعيف كذاب.
الجهة الثالثة: قد عرفت أن للشيخ إلى كتاب سليم طريقين في احدهما حماد بن عيسى، وعثمان بن عيسى، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم وفى الثاني حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم. وأما النجاشي فالظاهر أن في عبارته سقطا وجملة (عن أبان بن أبي عياش، عن سليم) قد سقطت بعد قوله: (وعثمان بن عيسى). وكيف كان فلا يصح ما ذكره ابن الغضائري من اختلاف سند هذا الكتاب فتارة يروى عن عمر بن أذينة، عن إبراهيم بن عمر الصنعاني، عن أبان بن أبى عياش عن سليم، وتارة يروي عن عمر عن أبان بلا واسطة. وذلك فان عمر بن أذينة غير مذكور في الطريق وإبراهيم بن عمر روى عن سليم بلا واسطة.
ثم إن بعض أهل الفن قداستغرب رواية إبراهيم بن عمر عن سليم بلا واسطة واستظهر سقوط الواسطة وأن الصحيح رواية إبراهيم عن ابن أذينة عن أبان، عن سليم، كما في الكافي: الجزء2 كتاب الإيمان والكفر 1 في بابي دعائم الكفر وصفة النفاق 167 و168 الحديث 1.
قال السيد الخوئي : هذا الاستغراب غريب! فإن رواية إبراهيم بن عمر، عن سليم مع الواسطة أحيانا لا ينافي روايته عنه كتابا بلا واسطة، فإن إبراهيم بن عمر من أصحاب الباقر ، فيمكن أن يروي عن سليم بلا واسطة، ودعوى أن ما في الكافي رواية عن كتاب سليم أيضا دعوى بلا بينة وتخرص على الغيب، بل الظاهر أن لسليم أحاديث من غير كتابه، والشاهد على ذلك: ما قدمناه عن ابن شهر آشوب من أنه صاحب الأحاديث، له كتاب ويشهد له أيضا: أن النعماني بعد ما روى عدة روايات عن كتاب سليم، روى رواية عن محمد بن يعقوب بإسناده عن سليم، وقد تقدمت الروايات ويظهر من ذلك أن رواية محمد بن يعقوب لم تكن موجودة في كتاب سليم.
قال السيد الخوئي : بقى هنا أمران:
الأول: أن ابن الغضائري ذكر في كلامه رواية سليم بن قيس عن أبي عبد الله والحسن والحسين وعلي بن الحسين عليهم السلام، وهذا غريب جدا! فإن سليم بن قيس لم يدرك الصادق ، بل الظاهر من الرواية الأولى المتقدمة عن الكشي أنه مات في زمن علي بن الحسين ، ولكن الرواية ضعيفة وقد صرح الشيخ في رجاله بأنه من المدركين للباقر .
الثاني: أن المذكور في روايتي الكشي المتقدمتين، رواية إسحاق بن إبراهيم بن عمر اليماني عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس وهاتان الروايتان مع أنهما ضعيفتان، ولا أقل من جهة الحسن بن علي بن كيسان فيهما تحريف لا محالة، فان الراوي عن ابن أذينة هو إبراهيم بن عمر اليماني لا ابنه إسحاق، بل لا وجود لإسحاق بن إبراهيم، ومن المطمئن به أن التحريف من النساخ، والصحيح فيه: الحسن بن علي بن كيسان، عن أبي اسحاق إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابن أذينة. وكيفما كان فطريق الشيخ إلى كتاب سليم بن قيس بكلا سنديه ضعيف ولا أقل من جهة محمد بن علي الصيرفي (أبى سمينة).
لا يوجد عند المسلمين بعد كتاب الله ومواريث الأنبياء التي عند أهل البيت عليهم السلام كتاب أقدم من كتاب سليم بن قيس [16].
يعتبر كثير من الشيعة هذا الكتاب من أهم المراجع في ادعاءالخلاف بين الصحابة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول الشيعة بأنها ميزة عظيمة لهذا النص التاريخي العقائدي، فمؤلفه أول من فكر في تدوين العقائد وتاريخ المذهب الشيعي. ويقولون أيضا بأنه قد خاطر بحياته في جمعه وتأليفه ثم نسخه وحفظه، والوصية به وإيصاله إلى من بعده. ويعتقدون أيضا بأنه يتفرد عن جيله، وينهض بمسؤولية هذا الأمر الخطير، ويقدم للأمة الإسلامية أقدم قصة للوجه الآخر لتاريخها.
ويقولون أيضا عن الكتاب:[17] ويكفي كتاب سليم أنه تراث علمي ممتاز من أقدم ما وصلنا في الثقافة الإسلامية، ولكن مع ذلك له ميزات هامة ضاعفت من قيمته، نجملها في النقاط التالية:
- الميزة الأولى: أن موضوعه عقائد الإسلام وتاريخه: فقد اختار المؤلف مسائل في الدرجة الأولى من الأهمية مثلت الحققية المقابلة لما فعلته وقالته ودونته دولة الخلافة القرشية. لقد كشف سليم في كتابه عن الوقائع التي حدثت في مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد وفاته، وكيف وصل زعماء قريش إلى السلطة.
- الميزة الثانية: الفترة التي أرخ سليم أحداثها: وهي أكثر الفترات حساسية وتأثير على عقائد المسلمين على الإطلاق. ذلك أن جميع عقائد المسلمين ومذاهبهم قد تكونت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بسبب ما حدث عند وفاته وبعد وفاته من اختلاف! فجميع ما طرح من عقائد وأحكام خلال أربعة عشر قرناً إلى يومنا هذا، يرجع إلى تلك الفترة الحساسة! وقد أرخ سليم بن قيس لتلك الفترة، فكان عمله فريداً من نوعه، وبهذا احتل مكانة الدرجة الأولى بعد أحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام، الذين قاموا بكشف حقائق تلك الفترة.
- الميزة الثالثة: صراحته رغم ظروف تأليفه الخانقة: فقد كتبه سليم في عصر المنع المطلق من تدوين أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى ما يتعلق منها بالسنن والأحكام الشرعية! وفي تلك الظروف الخانقة، قام سليم بن قيس بتسجيل هذه الحقائق التاريخية والعقائدية وتدوينها في كتاب، وكان يجمع أحاديثه من الأئمة الأطهار عليهم السلام والصحابة الأبرار ويكتبها في كتابه على خوف ووجل. ومن جهة أخرى فقد دون سليم مخالفات حكام عصره الذين كان يعيش معهم، واستطاع أن يخفي ذلك عن عيونهم. وقد كان لحرصه على كتابه، يحمله معه في أسفاره وتنقلاته العديدة.
- الميزة الرابعة: الدقة والإتقان: إن كتاب سليم بعد التدقيق والمقايسة مع المصادر الأخرى، يعتبر من مصادر الدرجة الأولى في دقته، وهذه ميزة تزيد من قيمة كتابه المبارك. لهذا كله، لا بد أن ننظر إلى كتاب سليم باعتباره أول نص متقن في أهم الموضوعات الإسلامية، تم تدوينه في فترة حساسة وظروف صعبة.
يعتقد علماء السنة أن ما ورد في هذا الكتاب هو تزوير للتاريخ ويؤيدون بهذا بغموض صاحب الكتاب واختفائه عن الاحداث التي يرويها.
ويعتمد المؤلف في نقله للتاريخ على محمد بن أبي بكر ابن الخليفة الأول للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في نقل الأحداث التي حدثت بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، وكان عمر محمد بن أبي بكر حين وفاة ابيه سنتين ونصف وهذا من أكبر الماخذ على هذا الكتاب وسليم بن قيس، فكيف يعقل ان تنقل هذه الاحداث عن طفل يبلغ من العمر سنتين ونصف. كما ينقل أيضا عن سلمان الفارسي رغم أنه لم يكن بالمدينة حين دخلها عام 16 هـ.
ورغم أن شخصية سليم بن قيس لم تظهر في التاريخ إلا في هذا الكتاب ورغم أنه يكتب عن مرحلة تاريخية لم يشهدها ولم يشهدها من يروي عنه وهو محمد بن أبي بكر الصديق، حيث أن سليم بن قيس دخل المدينة في عهد عمر بن الخطاب الخليفة الثاني ويروي سليم بن قيس ما حدث قبلها.
-
- عضو جديد
- مشاركات: 332
- اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am
منشأ الطعن في كتاب سليم :
ما قاله محمد بن أبي بكر لأبيه عند موته : فقد جاء في كتاب سليم : أن سليما التقى بعبد الرحمان بن غنم فأخبره عما قاله معاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة عند حضور أجلهم، حيث ذكروا : أنهم رأوا رسول الله (ص) وعليا (ع) عند موتهم فبشرا كل واحد منهم بالنار.
ثم التقى سليم بمحمد بن أبي بكر، فأخبره بما قاله أبو بكر أيضا عند موته، ثم أخبره محمد بن أبي بكر، بأن عبد الله بن عمر قد سمع من أبيه عند موته مثل ذلك، وذكر له تفاصيل عما جرى بينه وبين أبيه.
وهي من الأمور الجليلة التي لا يعقلها طفل عمره سنتان أو ثلاثة، بل يحتاج إلى وعي كامل، ومعرفة وتدبر للأمور. ثم أخبر محمد سليما أيضا بأنه أتى أمير المؤمنين (ع) فحدثه بما سمعه من أبيه، وبما حدثه به ابن عمر عن أبيه، فقال له أمير المؤمنين : " قد حدثني عما قاله هؤلاء الخمسة (1) من هو أصدق منك ومن ابن عمر، يريد بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله قبل موته أو بعده بالمنام، أو أخبره الملك الذي يحدث الأئمة عليهم السلام. وبعد شهادة محمد بن أبي بكر بمصر التقي سليم بأمير المؤمنين ، وسأله عما أخبره محمد بن أبي بكر، فقال : " صدق محمد، أما إنه شهيد حي يرزق "، ثم قرر كلام محمد بأن أوصياءه كلهم محدثون ".
أما تفاصيل ما جرى بين محمد وبين أبيه عند موت أبيه فهو في كتاب سليم بن قيس نفسه [5] فليراجعه من أراد.
ومهما يكن من أمر فإن وجود حديث معضل في كتاب لا يبرر الخدشة في الكتاب كله، مع احتمال وجود تصحيف أو سهو من الكاتب نفسه بأن يكون المقصود هو عبد الرحمان بن أبي بكر، أو غير ذلك من احتمالات. وفي الكتب المعتبرة موارد كثيرة من هذا القبيل ولم يقدح ذلك في اعتبارها.
ما قاله محمد بن أبي بكر لأبيه عند موته : فقد جاء في كتاب سليم : أن سليما التقى بعبد الرحمان بن غنم فأخبره عما قاله معاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة عند حضور أجلهم، حيث ذكروا : أنهم رأوا رسول الله (ص) وعليا (ع) عند موتهم فبشرا كل واحد منهم بالنار.
ثم التقى سليم بمحمد بن أبي بكر، فأخبره بما قاله أبو بكر أيضا عند موته، ثم أخبره محمد بن أبي بكر، بأن عبد الله بن عمر قد سمع من أبيه عند موته مثل ذلك، وذكر له تفاصيل عما جرى بينه وبين أبيه.
وهي من الأمور الجليلة التي لا يعقلها طفل عمره سنتان أو ثلاثة، بل يحتاج إلى وعي كامل، ومعرفة وتدبر للأمور. ثم أخبر محمد سليما أيضا بأنه أتى أمير المؤمنين (ع) فحدثه بما سمعه من أبيه، وبما حدثه به ابن عمر عن أبيه، فقال له أمير المؤمنين : " قد حدثني عما قاله هؤلاء الخمسة (1) من هو أصدق منك ومن ابن عمر، يريد بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله قبل موته أو بعده بالمنام، أو أخبره الملك الذي يحدث الأئمة عليهم السلام. وبعد شهادة محمد بن أبي بكر بمصر التقي سليم بأمير المؤمنين ، وسأله عما أخبره محمد بن أبي بكر، فقال : " صدق محمد، أما إنه شهيد حي يرزق "، ثم قرر كلام محمد بأن أوصياءه كلهم محدثون ".
أما تفاصيل ما جرى بين محمد وبين أبيه عند موت أبيه فهو في كتاب سليم بن قيس نفسه [5] فليراجعه من أراد.
ومهما يكن من أمر فإن وجود حديث معضل في كتاب لا يبرر الخدشة في الكتاب كله، مع احتمال وجود تصحيف أو سهو من الكاتب نفسه بأن يكون المقصود هو عبد الرحمان بن أبي بكر، أو غير ذلك من احتمالات. وفي الكتب المعتبرة موارد كثيرة من هذا القبيل ولم يقدح ذلك في اعتبارها.
-
- عضو جديد
- مشاركات: 332
- اشترك في: الاثنين نوفمبر 21, 2011 12:52 am
الكتاب: مزارات أهل البيت عليهم السلام وتأريخها. المؤلّف: محمّد حسين الحسيني الجلالي. الناشر: مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت. الطبعة: الأولى سنة 1409 هـ / 1988 م، الثالثة سنة 1415 هـ / 1995 م.
الأوّل ـ بحوث في: مشروعية الزيارة، وورودها في السنّة النبوية المطهّرة، وبناء القبور، وقدسيّة العتبات، وآداب الزيارة وتشريعها، ومزارات أهل البيت عليهم السلام.
الثاني ـ تحقيقات تاريخيّة آثاريّة للمزارات في: الحجاز (المدينة المنوّرة) ـ المرقد النبويّ الشريف، زيارة الصدّيقة الزهراء، زيارة أئمّة البقيع عليهم السلام، مسجد قبا، مسجد الغدير، مرقد حمزة .. ثمّ في العراق: النجف، كربلاء المقدّسة، الكاظميّة، سامرّاء. ثمّ في إيران: مشهد الإمام الرضا ، قمّ المقدّسة مرقد السيّدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى الكاظم عليه و، الري، شيراز. ثمّ في الشام ـ دمشق: مرقدة العقيلة زينب الكبرى ، رأس الإمام الحسين ، مرقد السيّدة رقيّة بنت الحسين عليهما السلام، مقامات آل البيت عليهم السلام، مشهد الرؤوس، مشهد السقط في حلب وكذا مشهد النقطة. ثمّ في الأردن: قبر الشهيد جعفر الطيّار بن أبي طالب عليهما السلام والرضوان. ثمّ في القدس: آثار ومساجد وقبور ومقامات. ثمّ في مصر ـ القاهرة: مزار للسيّدة زينب سلام الله عليها، مزار رأس الإمام الحسين سلام الله عليه، قبر السيّدة نفيسة حفيدة الإمام الحسن المجتبى ، قبر الشهيد محمّد بن أبي بكر رضوان الله عليه وقبر مالك الأشتر رضوان الله عليه.
أمّا الفصل الثالث ـ فقد خصّصه السيّد المؤلّف لنصوص الزيارات، ابتداءً من زيارة رسول الله صلّى الله عليه وآله والصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء ، ثمّ زيارة أئمّة البقيع في المدينة المنوّرة، وزيارات أئمّة الحقّ والهدى أوصياء رسول الله وخلفائه، بالإضافة إلى زيارة السيّدة زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام، والشهيد مسلم بن عقيل، وأبي الفضل العبّاس والسيّدة المعصومة، وزيارة أولاد الأئمّة، وزيارة بعض الأصحاب المنتجبين: كهانئ بن عروة، وسلمان الفارسي، وحِجر بن عَدِيّ. إلى ذلك زيارة المرأة الصالحة فاطمة بنت أسد رضوان الله عليها والدة الإمام عليّ ، وما يُدعى في الروضة النبويّة الشريفة وعند إسطوانة أبي لبابة، وفي مسجد الكوفة ومسجد السهلة.
المصدر.[1]
الأوّل ـ بحوث في: مشروعية الزيارة، وورودها في السنّة النبوية المطهّرة، وبناء القبور، وقدسيّة العتبات، وآداب الزيارة وتشريعها، ومزارات أهل البيت عليهم السلام.
الثاني ـ تحقيقات تاريخيّة آثاريّة للمزارات في: الحجاز (المدينة المنوّرة) ـ المرقد النبويّ الشريف، زيارة الصدّيقة الزهراء، زيارة أئمّة البقيع عليهم السلام، مسجد قبا، مسجد الغدير، مرقد حمزة .. ثمّ في العراق: النجف، كربلاء المقدّسة، الكاظميّة، سامرّاء. ثمّ في إيران: مشهد الإمام الرضا ، قمّ المقدّسة مرقد السيّدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى الكاظم عليه و، الري، شيراز. ثمّ في الشام ـ دمشق: مرقدة العقيلة زينب الكبرى ، رأس الإمام الحسين ، مرقد السيّدة رقيّة بنت الحسين عليهما السلام، مقامات آل البيت عليهم السلام، مشهد الرؤوس، مشهد السقط في حلب وكذا مشهد النقطة. ثمّ في الأردن: قبر الشهيد جعفر الطيّار بن أبي طالب عليهما السلام والرضوان. ثمّ في القدس: آثار ومساجد وقبور ومقامات. ثمّ في مصر ـ القاهرة: مزار للسيّدة زينب سلام الله عليها، مزار رأس الإمام الحسين سلام الله عليه، قبر السيّدة نفيسة حفيدة الإمام الحسن المجتبى ، قبر الشهيد محمّد بن أبي بكر رضوان الله عليه وقبر مالك الأشتر رضوان الله عليه.
أمّا الفصل الثالث ـ فقد خصّصه السيّد المؤلّف لنصوص الزيارات، ابتداءً من زيارة رسول الله صلّى الله عليه وآله والصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء ، ثمّ زيارة أئمّة البقيع في المدينة المنوّرة، وزيارات أئمّة الحقّ والهدى أوصياء رسول الله وخلفائه، بالإضافة إلى زيارة السيّدة زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام، والشهيد مسلم بن عقيل، وأبي الفضل العبّاس والسيّدة المعصومة، وزيارة أولاد الأئمّة، وزيارة بعض الأصحاب المنتجبين: كهانئ بن عروة، وسلمان الفارسي، وحِجر بن عَدِيّ. إلى ذلك زيارة المرأة الصالحة فاطمة بنت أسد رضوان الله عليها والدة الإمام عليّ ، وما يُدعى في الروضة النبويّة الشريفة وعند إسطوانة أبي لبابة، وفي مسجد الكوفة ومسجد السهلة.
المصدر.[1]
الموجودون الآن
المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين فقط