غزة الذبيحة
شعبَ الفضائيات أنتم أيها العربُ
هل ترقصون لأنَّ القدس تُغتصبُ ؟!
فوق المسارح أحييتم برامجها
لهواً وغزة غطَّى وجهَها اللهبُ
أين أناشيد (نحن العُرْبُ) أم سقطت
تلك الشعارات والراياتُ والنُّصُبُ ؟
أين الإذاعات أين نخوة العربي
أين المصير وأين العِرق والنسبُ؟
أين الأسنَّة والبتّارُ يسبقها
أين ( أعِدُّوا ) إذا ماحلَّتِ النُّشُبُ ؟
أين التي لم نعد كالأمس نذكرها
كرامةُ العيشِ أم ولّت بها السُّحُبُ ؟
الخيل والليل والبيداء هل كذبت
أم أنَّ من كذبت في نقلها الكتبُ ؟!
تئنُّ ذاكرة التاريخ ماوجدت
شبلاً غيورا جسوراً زادُهُ الأدبُ
ويوشك القبر قبرٌ ماعرفتُ لمن ؟
يقوم صاحبه من نومه يثب
ليحمل الراية الحمراء منطلقا
يهزُّهُ دمعه الرقراقُ والغضب
أستغفر الله هذا بعض من حُلُمي
ولا على المرء في أحلامه عتبُ
ومن يعش في زمان كله خَنَعٌ
يَسُءْ به حُلُمٌ .... ويكثرِ التعبُ
الراسخون حُفاةٌ في خنادقهم
والمرجفون هم الأبطالُ والنُّجُبُ !!
طوبى لمن يقطع الدنيا وغربتها
كأنها رحلةٌ قد زادها التعب
وألف أُفِّ لمن أغواه زخرفها
فلا يدوم بها جاهٌ ولا ذهبُ
ياأمتي أين أنتِ من مصائبنا
دروبنا حُمُرٌ بالبؤسِ تختضبُ
القدس .. لبنان .. فبغداد
وانطلقِ في كل قُطْرٍ سيبدو الخوف والشغبُ
فلستُ مُحْصٍ لآلامٍ يغصُّ بها
حلقي لينقذَني من موجها الهرب
ولامفراًّ وإنْ أمعنتُ في هربي
أين المفرُّ وكلِّي بتُّ ألتهبُ
قوميّتي لاأراها غيرَ أغنيةٍ
هزيلةَ اللحن لم يبق بها طربُ
فلسطين صارت ميدانا يذكّرنا
بذلِّنا حين تحلو لنا الخُطَبُ
تبكي قدسنا من هول صدمتها
إلى الاقصى تشاكيه فينتحبُ
حتى النخيل الذي قد مات منتصبا
أماتهُ - من دواهي حالنا - العَجَبُ
تلك الشوارع أطفال بلا أملٍ
من المعاناة كم ذاقوا وكم شربوا !
أترابهم في بقاع الأرض ماعرفوا
للخوف معنى ولم يرمَ لهم سغبُ
عاشوا الطفولة بل ذاقوا حلاوتها
مع الفراشات قد أضناهم اللعبُ
هي الشوارع غرقى في كآبتها
فأمْسُها الآن مذهولٌ ومكتئبُ
ليلٌ ذبيحٌ وأنفاسٌ بلا نَفَسٍ
وصرخةٌ كلما أبعدتَ تقتربُ
وغيمةٌ رافقت موتاً وقُنبلةً
على مصاحبة الأعشاب تنقلبُ
وبعض مجدٍ رمالُ الغدر قد عجزت
عن دفنه وغداً قد يُعرف السببُ !
القصيدة مهداة من الدكتور الفلسطيني يوسف الموسى
لمهرجان يوم القدس العالمي 25
كتبها شاعر عراقي