شاهد على ما حدث
د. عبدعلي محمد حسن - 25/07/2011م
الدكتور عبدعلي محمد حسن - نائب وفاقي مستقيل
لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن تقدم سلطة ما مهما امتلكت من القوة، على هدم رسم مسجد، فضلا عن هدم مجموعة من المساجد ذات التاريخ الموغل في القدم. ولكن توقعي خاب حين رأيت الجرافات ومن عليها، محمية بمجموعة من العساكر المسلحين، تقدم بكل إصرار على هدم مجموعة من المساجد في منطقة واحدة، وبدون سابق إنذار، سويت بعضها بالأرض وأزيلت آثارها، أما محتوياتها من المصاحف والكتب الإسلامية وكتب الأدعية ففد أصبحت كوما احترق بعضها ورفع إلي حيث ترمى الأنقاض بعضها.
ولأني أحد الشهود الذين رأوا تلك المساجد قائمة قبل أن يعاد بناء بعضها في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وكانت آثار مسجدية بعضها واضحة في خمسينيات القرن الماضي، وكنت آنذاك طفلا مميزا أرافق الكبار في كثير من الأمسيات لأداء الصلاة في بعضها. وشهدت أيضاً كيف هب أبناء القرية في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي لإعادة بنائها وجعلها عامرة بذكر الله، ثم شهدت كثيراً من صلات الجماعة وتعظيم شعائر الله فيها، ثم شهدت الجرافات وهي تزيل هذه المساجد من قعورها محاولة منها لطمس آثارها وإخفاء معالمها. نعم عشرة مساجد في منطقة واحدة تسمى بربورة هدمت وأزيلت آثارها، وهذه المنطقة جزء من قرية النويدرات في بلادي الحبيبة البحرين، وليست في فلسطين التي يحتلها اليهود أعداء الإسلام. فواعجبا والله كيف تتجرأ سلطة على هدم مسجد يذكر فيه اسم الله، وواعجبا كيف أفنى من أفتى بجواز ذلك، وإني لأعجب والله ممن شاهد أو سمع هذا الحدث فلم ينكره ويتبرأ منه.
ولا أظن أنه من السياسة الرشيدة ولا من الحكمة وحسن التدبير، التمادي في هذا الصنيع البشع، أو تبريره وتزيينه لأصحاب السلطة ومن يملكون زمام الأمور، فذلك فعل يصيب الناس المؤمنين في أعماق قلوبهم، ولا يمكن لهذه القلوب أن تطيب من جراحاتها طالما بقي ذلك الفعل ماثلا للنواظر، ولهذا فإني إذ أستنكر هذا العمل وأرى فيه تعديا على الله ورسوله وعلى الحقوق العامة للناس المكفولة بالشرائع الدينية والقوانين الوضعية، لأدعو من كل قلبي المسؤولين أن يبادروا بتدارك الأمر وإعادة بناء ما هدموه، والاستغفار والتوبة لله، قبل يوم يسأل فيه من منع مساجد الله أن يعبد فيها وسعى في خرابها.
( حسبنا الله ونعم والوكيل نعم المولى ونعم النصير )
(إنا لله وإنا إليه راجعون )