شبهات.. وردود
الجزء الثاني
الطبعة الثالثة 1422 هـ. الموافق 2002م.
الباب الثاني
النصوص والآثار
/ صفحة 9 /
فصول هذا الكتاب:
وبعد.. فقد حان الوقت لعرض طائفة من النصوص التي حفلت بها الكتب التاريخية والحديثية. والتي تضمنت الكثير مما يدل على مهاجمة بيت الزهراء، وهتك حرمتها، حيث تناولتها أيدي المهاجمين بالضرب والأذى..
والظاهر: أن ذلك قد تكرر منهم، بتكرر مهاجماتهم لأهل بيت النبوة، فنتج عن ذلك كله إسقاط جنينها، وفوزها بدرجة الشهادة. وأجد أنني في غنى عن التأكيد على النقاط التالية:
1 - إن هذه القضية لا يمكن استيفاء التقصي فيها، فلا بد من الاقتصار على ما لا يرتاب فيه المنصف.. وإلا، فإن المؤلفات كثيرة تعد بالألوف، ولا يسعنا استقصاؤها جميعا.
2 - إنه حتى أولئك الذين تصدوا لتنقية التراث من شوائب يرون أنها قد علقت به لم يعتبروا هذا الحدث واحدا منها، فها هو العلامة المتبحر السيد محسن الأمين مثلا، الذي تصدى لتهذيب مجالس العزاء، بالاعتماد على المصادر الموثوقة على حد تعبيره - وقد ذكر منها: كتاب سليم بن قيس - قد ذكر هذه الأحداث، وقررها، ونظم فيها الأشعار. فاستمع إليه حيث يقول:
" ولما ألفنا المجالس السنية هذبناها والحمد لله من جميع ذلك،
/ صفحة 10 /
وميزنا القشر من اللباب، والخطأ من الصواب الخ.. " (1).
وقال:
".. لما ألفنا لواعج الأشجان صارت قراءة المقتل فيه. وصارت قراءة الذاكرين في المجالس السنية، فخلصت الأحاديث، وصفت من تلك العيوب "(2).
لكن ما جرى على الزهراء موجود في معظمه في الكتب الموافقة للمواصفات التي شرطها على نفسه لجمع هذه المجالس وتهذيبها.
وهذا يعني: أنه يرتضي ذلك، ولا يعتبره موضع نقاش.
3 - لقد ذكرنا في قسم النصوص عدة فصول لا بد من ضم بعضها إلى بعض، فلاحظ ما يلي:
أ - فصل يتضمن حوالي أربعين رواية من بينها ما هو صحيح، ومعتبر. يتحدث عما لاقته الزهراء عليها السلام من مصائب وبلايا بعد وفاة أبيها.
ب - وآخر يتضمن أشعار الشعراء حيث ذكرنا مجموعة صالحة منها.
ج - ثم ذكرنا نصوصا كثيرة في فصل ثالث أيضا، تتحدث عن المحسن.
د - هذا بالإضافة إلى فصل الاحتجاجات المذهبية بهذا الأمر عبر العصور.
ــــــــــــــــــــ
(1) أعيان الشيعة: ج 10 ص 173.
(2) أعيان الشيعة: ج 1 ص 343. (*)
/ صفحة 11 /
هـ - ذكرنا فصلا آخر، بعنوان الحدث في كلمات المحدثين، والمؤرخين، ذكرنا فيه أيضا عشرات النصوص التي تؤكد ما حصل للزهراء من أذى بعد وفاة أبيها.
فإذا ضممنا كل ذلك بعضه إلى بعض، فسوف يتحصل لدينا قدر كبير من النصوص لا يمكن أبدا أن تكون جميعها مكذوبة وموضوعة، وهو معنى التواتر.
ولو أردنا أن نقنع أنفسنا بزيفها وبطلانها، وهي بهذه الكثرة الكاثرة، فلن نستطيع أن نقتنع بأية حقيقة دينية أو تاريخية أخرى... أوفقل: إننا سنجد أنفسنا في موقع العجز عن الاقتناع بكثير منها.
4 - وقد يلاحظ وجود بعض التشابه فيما بين بعض النصوص، الأمر الذي يوحي بعدم لزوم إعادة كتابة النص. ولكننا إنما أعدنا كتابته، من أجل الإلفات إلى وجود اختلاف أو خصوصية جديدة في الرواية، أو في المروي عنه.
وقد حصل ذلك في موارد يسيرة قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة فليلاحظ ذلك.
5 - إننا قد ذكرنا عددا يسيرا جدا من النصوص التي أوردها بعض المتأخرين من المؤلفين، لأننا وجدناها تشتمل على خصوصيات
لم نوفق للبحث عنها في كتب المتقدمين، فليلاحظ ذلك أيضا.
6 - وأخيرا.. فإنه إذا كان البعض يستند في " فتاواه أحيانا إلى خبر واحد ممدوح أو موثق أو ضعيف لا مقتضي - عنده - للكذب فيه، ويريد من الناس في جميع أقطار الأرض أن يعملوا بمقتضاه، فهل يعقل: أن يرفض أو يشكك في ثبوت مضمون هذا القدر العظيم من
/ صفحة 12 /
النصوص، والذي يمكن أن يجد روافد مستمرة تؤكد مضمونه، وترسخ اليقين بصدوره.
ومهما يكن من أمر، فإننا نضيف ما يأتي إلى ما تقدم، ونعتذر للقارئ الكريم على الاكتفاء بهذا القدر. وبإمكان كل واحد أن يجد المفيد، والمزيد، والتجربة أدل دليل.
فإلى ما يلي من مطالب ومن الله نستمد العون، وعليه نتوكل.
الفصل الأول
ظلم الزهراء (ع)
في الشعر العربي عبر القرون
/ صفحة 15 /
الشعر سند تاريخي:
إننا نرى: أن الشعراء قد أفاضوا في ما تعرضت له الزهراء، من ظلم، واضطهاد، وضرب، وإسقاط الجنين. منذ القرون الأولى، وإلى يومنا هذا، وهم يجعلون ذلك مبررا لانتقاداتهم لمن شارك في ذلك، أو تصدى له.
وبعض هؤلاء الشعراء معاصر للأئمة (ع)، أو أن عصره قريب من عصرهم.
وهذا يعتبر سندا تاريخيا قويا، بل قوته تزيد في تأكيد ثبوت مضمونه على روايات النقلة من المحدثين والمؤرخين، ونحن نذكر هنا باقة من الشعر في تلك العصور المتلاحقة، وإلى يومنا هذا..
فنقول:
1 - السيد الحميري (ت 173هـ.):
إن السيد الحميري رحمه الله معاصر للإمامين الصادق والكاظم (ع) وهو يقول:
/ صفحة 16 /
ضربت واهتضمت من حقها * وأذيقت بعده طعم السلع (1)
قطع الله يدي ضاربها * ويد الراضي بذاك المتبع
لا عفا الله له عنه، ولا * كف عنه هول يوم المطلع (2)
2 - البرقي: (ت 245هـ.):
وقال البرقي، وهو عبد الله بن عمار:
وكلا النار من بيت ومن حطب * والمضرمان لمن فيه يسبان
وليس في البيت إلا كل طاهرة * من النساء وصديق وسبطان
فلم أقل غدرا الخ.. (3).
3 - القاضي النعمان (ت 363هـ.):
وقد نظم القاضي النعمان - وهو إسماعيلي النحلة - ما جرى بعد وفاة رسول الله (ع) في ضمن أرجوزته الجامعة في العقائد فقال:
فبايعاه جهرة وقالا * بل أنت خير من نراه حالا
ــــــــــــــــــــ
(1) السلع: الشق والجرح.
(2) الصراط المستقيم: ج 3 ص 13.
(3) الصراط المستقيم: ج 3 ص 13. (*)
/ صفحة 17 /
وقام منهم أهل قتلى بدر * وغيرها وأهل حقد الأسر
فبايعوا، وهم رؤوس قومهم * فبايع الناس له من يومهم
إلا قليلا منهم قد علموا * ما كان من نبيهم فاعتصموا
وقصدوا إمامهم عليا * فقال: لستم فاعلين شيا
قالوا: بلى نفعل، قال: انطلقوا * من فوركم هذا إذن فحلقوا
رؤوسكم كلكم لتعرفوا * من بينهم بذلكم وانصرفوا
إلي كيما أنصب القتالا * حتى يكون ربنا تعالى
يحكم فينا بيننا بحكمه... * ففشلوا لما رأوا من عزمه
ولم يكن يأتيه إلا سبعة * واستحسن الباقون أخذ البيعة
وكنت قد سميتهم فقالا * لست أرى عليكم قتالا
لأنكم في قلة قليلة * ليس لكم بجمعهم من حيلة
فجلسوا إليه حتى ينظروا * ماذا يرى في أمرهم ويأمر
فجاءهم عمر في جماعة * إذ لم يروا لمن أقام طاعة
حتى أتوا باب البتول فاطمة * وهي لهم قالية مصارمة
فوقفت عن (1) دونه تعذلهم * فكسر الباب لهم أولهم
فاقتحموا حجابها فعولت * فضربوها بينهم فأسقطت
فسمع القول بذاك فابتدر * إليهم الزبير - قالوا - فعثر
فبدر السيف إليهم فكسر * وأطبقوا على الزبير فأسر
ــــــــــــــــــــ
(1) لعل الصحيح: من. (*)
/ صفحة 18 /
فخرج الوصي في باقيهم * إذ لم يروا دفاعهم ينجيهم
فاكتنفوهم ومضوا في ضيق * حتى أتوا بهم إلى عتيق
إلى أن قال:
يا حسرة من ذاك في فؤادي * كالنار يذكي حرها اعتقادي
وقتلهم فاطمة الزهراء * أضرم حر النار في أحشائي
لأن في المشهور عند الناس * بأنها ماتت من النفاس
وأمرت أن يدفنوها ليلا * وأن يعمى قبرها لكي لا
يحضرها منهم سوى ابن عمها * ورهطه ثم مضت بغمها
صلى عليها ربها من ماضية * وهي عن الأمة غير راضية
فبايعوا كرها له تقية * والله قد رخص للبرية
لأنه الرؤوف بالعباد * في الكفر للكره بلا اعتقاد
إلى أن قال:
وقد روي في ذاك فيما ثبتا * بأنه قال له لما أتى:
بايع: فقال: إن أنا لم أفعل * قال: إذن آمرهم أن تقتل
فاشهد الله على استضعافه * وبايع الغاصب في خلافه
خوفا من القتل، وبايع النفر * له على الكره لخوف من حضر
فإن يكونوا استضعفوا الأمينا * فقبله ما استضعفت هارونا
أمة موسى إذ أرادوا قتله * فقد أرادت قتل ذاك قبله
وسلكوا سبيلها في الفعل * في الأوصياء مثل حذو النعل
/ صفحة 19 /
بالنعل والقذة إذ تمثلوا * كمثل ما قال النبي المرسل (1)
4 - مهيار الديلمي (ت 428هـ.):
وقال الشاعر الفذ مهيار الديلمي رحمه الله في جملة قصيدة له:
كيف لم تقطع يد * مد إليك ابن صهاك
فرحوا يوم أهانوك * بما ساء أباك (2)
5 - علي بن المقرب (ت 629هـ.):
وقال الأمير علي بن مقرب الأحسائي، وهو من الأدباء البلغاء المعروفين:
يا ليت شعري فمن أنوح منهم * ومن له ينهل فيض أدمعي
أللوصي حين في محرابه * عمم بالسيف ولما يركع
أم للبتول فاطم إذ منعت * عن إرثها الحق بأمر مجمع
وقول من قال لها يا هذه * لقد طلبت باطلا فارتدعي
أبوك قد قال بأعلى صوته * مصرحا في مجمع فمجمع
نحن جميع الأنبياء لا نرى * أبناءنا لإرثنا من موضع
ــــــــــــــــــــ
(1) الأرجوزة المختارة: ص 88 / 92.
(2) ديوان مهيار: ج 2 ص 367 (368. وشرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي: ج 16 ص 235 و 236. (*)
/ صفحة 20 /
وما تركناه يكون مغنما * فارضي بما قال أبوك واسمعي
قالت فهاتوا نحلتي من والدي * خير الأنام الشافع المشفع
قالوا فهل عندك من بينة * نسمع معناها جميعا ونعي
فقالت ابناي وبعلي حيدر * أبوهما أبصر به وأسمع
فأبطلوا إشهادهم ولم يكن * نص الكتاب عندهم بمقنع
ولم تزل مهضومة مظلومة * برد دعواها ورض الأضلع
أم للذي أودت به جعدتهم * يومئذ بكأس سم منقع (1)
6 - الخليعي (ت 750هـ.):
وقال الشيخ علي بن عبد العزيز الخليعي الحلي في جملة قصيدة له:
يا رب من نوزعت ميراث والدها * مثلي ومن طولبت بالحقد والإحن
ومن ترى جرعت في ولده اغصص * كابن مرجانة الملعون جرعني
ومن ترى كذبت قبلي وقد علموا * أن الإله من الأرجاس طهرني
ــــــــــــــــــــ
(1) أدب الطف: ج 4 ص 32 عن إثبات الهداة. (*)
/ صفحة 21 /
وهل لبنت نبي أضرمت شعل * كما أطيف به بيتي ليحرقني (1)
7 - علاء الدين الحلي (المقتول سنة 786هـ.):
وقال العالم الفاضل والأديب الكامل علاء الدين الشيخ علي بن الحسين الحلي الشفهيني المعاصر للشهيد الأول، وقد شرح الشهيد رحمه الله بعض قصائده:
وأجمعوا الأمر فيما بينهم وغوت * لهم أمانيهم، والجهل، والأمل
أن يحرقوا منزل الزهراء فاطمة * فيا له حادث مستصعب جلل
بيت به خمسة جبريل سادسهم * من غير ما سبب بالنار يشتعل
وأخرج المرتضى من عقر منزله... الخ (2)
ــــــــــــــــــــ
(1) المنتخب للطريحي: ص 161.
(2) الغدير: ج 6 ص 391. (*)
/ صفحة 22 /
8 - مغامس الحلي (أواخر المئة التاسعة):
وقال الشيخ مغامس الحلي، في جملة قصيدة له:
والطهر فاطمة زوى ميراثها * شر الأنام ودمعها مسكوب
من بعدما رمت الجنين بضربة * فقضت (بذاك)(1) وحقها مغصوب(2)
9 - مفلح الصيمري (ت 900هـ.):
وقال العلم العلامة الفقيه الكبير والأديب الجليل الشيخ مفلح الصيمري في جملة قصيدة له:
وقادوا عليا في حمائل سيفه * وعمار دقوا ضلعه وتهجموا
على بيت بنت المصطفى وإمامهم * ينادي ألا في بيتها النار أضرموا
وتغصب ميراث النبي محمد * وتوجع ضربا بالسياط وتلطم (3)
ــــــــــــــــــــ
(1) زدنا هذه الكلمة ليستقيم الوزن.
(2) المنتخب للطريحي: ص 293.
(3) المنتخب للطريحي: ص 137. (*)
/ صفحة 23 /
10 - الحر العاملي: (ت 1104هـ.):
وللمحدث الفقيه العلامة الشيخ الحر العاملي صاحب الموسوعة الحديثية المعروفة بوسائل الشيعة منظومة يقول فيها:
أولادها خمس حسين والحسن * وزينب من أم كلثوم أسن
ومحسن أسقط في يوم عمر * من فتحه الباب كما قد اشتهر
ونالها بعد النبي إذ مضى * وانقاد طوعا راضيا عن القضا
لذاك ما يوجع كل قلب * ويستهان منه كل خطب
حزن وذل واضطهاد ظالم * ووحشة لاحت على المعالم
إلى أن قال عن سبب موتها:
سببه قيل (1): حضور الأجل * وقيل: من ضربة ذاك الرجل
إذ سقطت لوقتها جنينها * ولم تزل تبدي له أنينها (2).
ــــــــــــــــــــ
(1) في المخطوطة: وسنة بعد حضور الأجل.
(2) أرجوزة في تواريخ النبي والأئمة: ص 13 و 14. (مخطوط) في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات. راجع: تراجم أعلام النساء: ج 2 ص 316 و 317. (*)
/ صفحة 24 /
11 - الصالح الفتوني العاملي (ت 1190هـ.):
وقال الشيخ محمد مهدي الفتوني النباطي العاملي، وهو عالم شاعر إمام في الفقه والحديث والتفسير:
يا سيدي يا رسول الله قم لترى * في الآل فوق الذي قد كنت تخبره
هذا علي نفوا عنه خلافته * وأنكر النص فيه منه منكره
قادوه نحو فلان كي يبايعه * بالكره منه وأيدي الجور تقهره
من أجل ذاك قضى بالسيف مضطهدا * شبيره وقضى بالسم شبره
كأنه لم يكن صنوا النبي ولم * يكن من الرجس باريه يطهره
وتلك فاطمة لم يرع حرمتها * من دق ضلعا لها بالباب يكسره
وذا حسينك مقتول بلا سبب * مبضع الجسم داميه معفره (1)
ــــــــــــــــــــ
(2) أدب الطف ج 5 ص 329 و 330 عن المجموع الرائق: ج 2 ص 323 (مخطوط) في مكتبة الإمام الصادق في الكاظمية - العراق. (*)
/ صفحة 25 /
12 - السيد حيدر الحلي (ت 1304هـ.):
وقال الشاعر المفلق والأديب المحلق، طليعة شعراء العراق في عصره، السيد حيدر الحلي في جملة قصيدة له:
فلا وصفحك إن القوم ما صفحوا * ولا وحلمك إن القوم ما حلموا
فحمل أمك قدما أسقطوا حنقا * وطفل جدك في سهم الردى فطموا (1)
13 - السيد باقر الهندي (ت 1329هـ.):
وقال العالم الجليل والشاعر الكبير السيد باقر بن السيد محمد الهندي:
لست تدري لم أحرقوا الباب * بالنار أرادوا إطفاء ذاك النور
لست تدري ما صدر فاطم ما المسمار * ما حال ضلعها المكسور
ما سقوط الجنين ما حمرة العين * وما بال قرطها المنثور
ــــــــــــــــــــ
(1) أدب الطف: ج 8 ص 26، وديوان السيد حيدر الحلي. (*)
/ صفحة 26 /
دخلوا الدار وهي حسرى بمرأى * من علي ذاك الأبي الغيور
واستداروا بغيا على أسد الله * فأضحى يقاد قود البعير
والبتول الزهراء في إثرهم تعثر * في ذيل بردها المجرور
بأنين أورى القلوب ضراما * وحنين أذاب صم الصخور
ودعتهم: خلوا ابن عمي عليا * أو لأشكو إلى السميع البصير
ما رعوها بل روعوها ومروا * بعلي ملببا كالأسير
إلى أن قال:
وعلي يرى ويسمع والسيف * رهيف والباع غير قصير
قيدته وصية من أخيه * حملته ما ليس بالمقدور
أفصبرا يا صاحب الأمر والخطب * جليل يذيب قلب الصبور
/ صفحة 27 /
كم مصاب يطول فيه بياني * قد عرى الطهر في الزمان القصير
كيف من بعد حمرة العين منها * يا ابن طه تهنى بطرف قرير
فابك وازفر لها فإن عداها * منعوها من البكا والزفير
وكأني به يقول ويبكي * بسلو نزر ودمع غزير
لا تراني اتخذت لا وعلاها * بعد بيت الأحزان بيت السرور
فمتى يا ابن فاطم تنشر الطاغوت * والجبت قبل يوم النشور (1)
14 - العلامة القزويني (ت 1335هـ.):
قال الفاضل العلامة السيد محمد بن السيد مهدي القزويني الحلي النجفي.
قال سليم قلت يا سلمان * هل دخلوا ولم يك استئذان
فقال إي وعزة الجبار * ليس على الزهراء من خمار
ــــــــــــــــــــ
(1) رياض المدح والرثاء: ص 197 و 198. (*)
/ صفحة 28 /
لكنها لاذت وراء الباب * رعاية للستر والحجاب
فمذ رأوها عصروها عصرة * كادت بروحي أن تموت حسرة
تصيح يا فضة اسنديني * فقد وربي قتلوا جنيني
فأسقطت بنت الهدى واحزنا * جنينها ذاك المسمى محسنا (1)
15 - حافظ إبراهيم (ت 1351 ه?. ق):
وقال حافظ إبراهيم شاعر النيل:
وقولة لعلي قالها عمر * أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حرقت دارك لا أبقي عليك بها * إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها * أمام فارس عدنان وحاميها (2)
قال آية الله العظمى العلامة المظفر رحمه الله:
ظن هذا الشاعر أن هذا من شجاعة عمر. وهو خطأ. ولم يعلم: أن عمر لم تثبت له قدم في المقامات المشهورة، ولم تمتد له يد
ــــــــــــــــــــ
(1) رياض المدح والرثاء: ص 6.
(2) ديوان حافظ إبراهيم: / 1 ص 75 (ط دار الكتب المصرية - مصر). (*)
/ صفحة 29 /
في حروب النبي الكثيرة ! ! فما ذاك إلا لأمانه من علي (ع)، بوصية النبي (ص) له بالصبر. ولو هم به لهام على وجهه الخ.."(1).
16 - المحقق الأصفهاني (ت 1361هـ.):
وقال الفيلسوف الكبير والمرجع الديني والمحقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني في أرجوزة من ديوانه المعروف ب?ـ"الأنوار القدسية":
وما أصابها من المصاب * مفتاح بابه حديث الباب
إن حديث الباب ذو شجون * بما جنت به يد الخؤون
أيهجم العدا على بيت الهدى * ومهبط الوحي، ومنتدى الندى
أيضرم النار بباب دارها * وآية النور على منارها
وبابها باب نبي الرحمة * وباب أبواب نجاة الأمة
بل بابها باب العلي الأعلى * فثم وجه الله قد تجلى
ما اكتسبوا بالنار غير العار * ومن ورائه عذاب النار
ما أجهل القوم فإن النار لا * تطفئ نور الله جل وعلا
* * *
إذ رض تلك الأضلع الزكية * رزية لا مثلها رزية
* * *
(1) دلائل الصدق: ج 3 ق 1 ص 54. (*)
/ صفحة 30 /
ومن نبوع الدم من ثدييها * يعرف عظم ما جرى عليها
وجاوزوا الحد بلطم الخد * شلت يد الطغيان والتعدي
فاحمرت العين، وعين المعرفة * تذرف بالدمع على تلك الصفة
ولا تزيل حمرة العين سوى * بيض السيوف يوم ينشر اللوا
وللسياط رنة صداها * في مسمع الدهر فما أشجاها
والأثر الباقي كمثل الدملج * في عضد الزهراء أقوى الحجج
ومن سواد متنها اسود الفضا * يا ساعد الله الإمام المرتضى
ووكز نعل السيف في جنبيها * أتى بكل ما أتى عليها
ولست أدري خبر المسمار * سل صدرها خزانة الأسرار
* * *
والباب والجدار والدماء * شهود صدق ما بها خفاء
لقد جنى الجاني على جنينها * فاندكت الجبال من حنينها
* * *
أتمنع المكروبة المقروحة * عن البكا خوفا من الفضيحة
بالله ينبغي لها تبكي دما * ما دامت الأرض ودارت السما
/ صفحة 31 /
لفقد عزها، أبيها السامي * ولاهتضامها وذل الحامي
* * *
كيف يرد قولها بالزور * إذ هو رد آية التطهير
أيؤخذ الدين من الأعرابي * وينبذ المنصوص في الكتاب
فاستلبوا ما ملكت يداها * وارتكبوا الخزية منتهاها
يا ويلهم قد سألوها البينة * على خلاف السنة المبينة
وردهم شهادة الشهود * أكبر شاهد على المقصود
ولم يكن سد الثغور عرضا * بل سد بابها وباب المرتضى
صدوا عن الحق وسدوا بابه * كأنهم قد أمنوا عذابه
* * *
ما دفنت ليلا بستر وخفا * إلا لوجدها على أهل الجفا
ما سمع السامع فيما سمعا * مجهولة بالقدر والقبر معا
يا ويلهم من غضب الجبار * بظلمهم ريحانة المختار (1)
ــــــــــــــــــــ
(1) الأنوار القدسية ص 42 - 44. (*)
/ صفحة 32 /
17 - كاشف الغطاء (ت 1373هـ.):
وقال العالم العلم الحجة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله في جملة قصيدة له:
وفي الطفوف سقوط السقط منجدلا * من سقط المحسن خلف الباب منهجه
وبالخيام ضرام النار من حطب * بباب دار ابنة الهادي تأججه (1)
وهناك آخرون من الأعيان والأعلام، الذين يمكن الاستشهاد بما أنشأوه في هذا المجال، ولكننا نكتفي هنا بهذا القدر والله المستعان.
ــــــــــــــــــــ
(1) مقتل الحسين للمقرم: ص 389. (*)
الفصل الثاني
النصوص والآثار عن المعصومين الأربعة عشر
/ صفحة 35 /
أحاديث مظلومية الزهراء:
هناك روايات كثيرة واردة عن المعصومين، تصرح بمظلومية الزهراء (ع) في ما يرتبط بالهجوم على بيتها، وقصد إحراقه، بل ومباشرة الاحراق بالفعل، ثم ضربها، وإسقاط جنينها، وسائر ما جرى عليها في هذا الهجوم، وهي روايات متواترة، حتى لو لم يضم إليها ما رواه الآخرون، وما أثبته المؤرخون وغيرهم. وهو أيضا كثير وكثير جدا، بل ومتواتر أيضا. كما تقدمت الإشارة إليه.
ونحن نذكر هنا هذه الطائفة الكبيرة من النصوص المروية عن خصوص المعصومين (ع)، ليتضح هذا الأمر: فإلى ما يلي من روايات وآثار شريفة، والله هو الموفق والمسدد.. فنقول:
روايتان أمام القارئ:
في الأمالي للطوسي قال:
وبالإسناد عنه، عن شيخه، عن والده (رض)، قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن عمران، الزيات قال: حدثني أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي، قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن منقر، عن زياد بن المنذر، قال: حدثنا
/ صفحة 36 /
شرحبيل، عن أم الفضل بنت العباس، قالت:
لما ثقل رسول الله (ص) في مرضه الذي توفي فيه، أفاق ونحن نبكي، فقال: ما الذي يبكيكم ؟ قلنا: يا رسول الله نبكي لغير خصلة نبكي لفراقك إيانا، ولانقطاع خبر السماء عنا، ونبكي الأمة من بعدك.
فقال: (صلى الله عليه وآله وسلم): أما إنكم المقهورون والمستضعفون من بعدي(1).
ما روي في الكتب المقدسة:
1 - أبو بكر الشيرازي فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين (ع)، عن مقاتل، عن عطاء في قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب}.
كان في التوراة: يا موسى إني اخترتك واخترت لك وزيرا هو أخوك - يعني هارون - لأبيك وأمك، كما اخترت لمحمد إليا، هو أخوه، ووزيره ووصيه، والخليفة من بعده طوبى لكما من أخوين، وطوبى لهما من أخوين، إليا أبو السبطين الحسن والحسين، ومحسن الثالث من ولده كما جعلت لأخيك هارون شبرا وشبيرا ومشبرا (2).
ــــــــــــــــــــ
(1) أمالي الطوسي: ج 1 ص 122 وراجع: ص 191 ط مؤسسة الوفاء - بيروت وطبقات ابن سعد ج 8 ص 278 وراجع: أنساب الأشراف: ج 1 ص 551، ومسند أحمد: ج 6 ص 339، والخصائص الكبرى: / 2 ص 135، والأمالي للمفيد: ص 215، والبحار: ج 28 ص 40.
(2) البحار: ج 38 ص 145 ح 112 عن المناقب. (*)
/ صفحة 37 /
ملاحظة:
قد بدأنا بهاتين الروايتين رغم معرفتنا بأن الأولى عامة، إلى درجة لا مجال لعدها في جملة الروايات التي نحن بصدد عرضها، والثانية ليست مروية عن المعصومين لأننا أردنا:
أولا: أن نشير إلى وجود كثير من النصوص التي تتضمن هذا المعنى. أعني استذلال أهل بيت النبوة وقهرهم.
وأردنا ثانيا: أن نهيئ القارئ للدخول والتعرف على أجواء التعدي، والاستذلال، والقهر والاستضعاف لأهل بيت النبوة صلوات الله عليهم.
وثالثا وأخيرا: لأن هذا الحديث الثاني مروي عن بعض كتب الله المنزلة، ولأجل ذلك أدخلناه في ترقيم الأحاديث وهو أيضا يدل على وجود المحسن المظلوم، الذي يحاول البعض أن يتنكر حتى لوجوده.
ما روي عن رسول الله:
2 - روى سليم بن قيس، عن عبد الله بن العباس، أنه حدثه - وكان جابر بن عبد الله إلى جانبه -: أن النبي (ص) قال لعلي، بعد خطبة طويلة:
إن قريشا ستظاهر عليكم، وتجتمع كلمتهم على ظلمك وقهرك، فإن وجدت أعوانا فجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فكف يدك، واحقن دمك، أما إن الشهادة من ورائك، لعن الله قاتلك.
/ صفحة 38 /
ثم أقبل (ص) على ابنته (ع)، فقال: إنك أول من يلحقني من أهل بيتي، وأنت سيدة نساء أهل الجنة، وسترين بعدي ظلما وغيظا، حتى تضربي، ويكسر ضلع من أضلاعك، لعن الله قاتلك الخ " (1).
3 - وروى إبراهيم بن محمد الجويني الشافعي، بسنده إلى علي بن أحمد بن موسى الدقاق وعلي بن بابويه أيضا، عن: علي بن أحمد بن موسى الدقاق، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن النوفلي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أن رسول الله (ص) كان جالسا، إذ أقبل الحسن (ع)، فلما رآه بكى، ثم قال: إلي إلي يا بني.. ثم أقبل الحسين.. ثم أقبلت فاطمة.. ثم أقبل أمير المؤمنين. فسأله أصحابه.. فأجابهم، فكان مما قاله لهم:
"وأما ابنتي فاطمة، فإنها سيدة نساء العالمين.. إلى أن قال: وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي. كأني بها وقد دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصب حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمداه، فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة، باكية...
إلى أن قال:
ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة...
إلى أن قال:
فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم علي محزونة مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة، يقول رسول الله (ص) عند ذلك:
ــــــــــــــــــــ
(2) كتاب سليم بن قيس (بتحقيق الأنصاري): ج 2 ص 907. (*)
/ صفحة 39 /
اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلل من أذلها، وخلد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها. فتقول الملائكة عند ذلك: آمين..(1).
وقد قال شيخ الإسلام العلامة المجلسي عند إيراده هذه الرواية:
" روى الصدوق في الأمالي بإسناد معتبر عن ابن عباس الخ.. (2).
ووصف البعض هذا السند بقوله: كأنه كالموثق وذلك للاختلاف في توثيق وتضعيف: " عبد الله بن عبد الرحمن الأصم (3) ".
4 - قال العلامة المجلسي (ره): وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي - جد والد الشيخ البهائي - نقلا عن خط الشهيد رفع الله درجته، نقلا عن مصباح الشيخ أبي منصور طاب ثراه قال: روي أنه دخل النبي (ص) يوما إلى فاطمة (ع) فهيأت له طعاما من تمر وقرص وسمن، فاجتمعوا على الأكل هو وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع)، فلما أكلوا سجد رسول الله (ص) وأطال سجوده، ثم ضحك، ثم بكى، ثم جلس
ــــــــــــــــــــ
(1) فرائد السمطين: ج 2 ص 34 و 35 والأمالي للشيخ الصدوق ص 99 - 101 وإثبات الهداة: ج 1 ص 280 / 281، وإرشاد القلوب: ص 295، وبحار الأنوار: ج 28 ص 37 / 39، و ج 43 ص 172 و 173، والعوالم: ج 11 ص 391 و 392، وفي هامشه عن غاية المرام ص 48 وعن: المحتضر ص 109، وراجع: جلاء العيون للمجلسي: ج 1 ص 186 / 188 وبشارة المصطفى ص 197 / 200 والفضائل لابن شاذان: ص 8 / 11، تحقيق المحدث الأرموي (ط جامعة طهران سنة 1393 ه?. ق.).
(2) جلاء العيون: ج 2 ص 186 - 188.
(2) راجع: معجم رجال الحديث: ج 10 ص 342. (*)
/ صفحة 40 /
وكان أجرأهم في الكلام علي (ع) فقال: يا رسول الله رأينا منك اليوم ما لم نره قبل ذلك ؟ !
فقال (ص): إني لما أكلت معكم فرحت وسررت بسلامتكم واجتماعكم فسجدت لله تعالى شكرا.
فهبط جبرئيل (ع) يقول: سجدت شكرا لفرحك بأهلك ؟
فقلت: نعم.
فقال: ألا أخبرك بما يجري عليهم بعدك ؟
فقلت: بلى يا أخي يا جبرئيل.
فقال: أما ابنتك فهي أول أهلك لحاقا بك، بعد أن تظلم، ويؤخذ حقها، وتمنع إرثها، ويظلم بعلها، ويكسر ضلعها، وأما ابن عمك فيظلم، ويمنع حقه، ويقتل، وأما الحسن فإنه يظلم، ويمنع حقه، ويقتل بالسم، وأما الحسين فإنه يظلم، ويمنع حقه، وتقتل عترته، وتطأه الخيول، وينهب رحله، وتسبى نساؤه وذراريه، ويدفن مرملا بدمه، ويدفنه الغرباء.
فبكيت، وقلت: وهل يزوره أحد ؟
قال: يزوره الغرباء.
قلت: فما لمن زاره من الثواب ؟
قال: يكتب له ثواب ألف حجة وألف عمرة، كلها معك، فضحك (1).
ــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار: ج 98 ص 44. (*)
/ صفحة 41 /
5 - وسأل عمر بن الخطاب حذيفة بن اليمان عن قول النبي (ص) في الفتنة التي تموج بالناس كموج السفينة في البحر. قال حذيفة: تلك الفتنة التي بينك وبينها باب (مغلق).
قال عمر: الباب يا حذيفة يفتح أو يكسر ؟
قال حذيفة: بل يكسر.
قال عمر: إن كسر الباب، فذلك أحرى (أجدر) ألا يسد إلى يوم القيامة " (1).
ثم نسبوا إلى حذيفة قوله في تأويل الرواية: أن المقصود بالباب الذي يكسر هو قتل عمر بن الخطاب، وفتح باب الفتنة بتولي عثمان(2).
ونقول:
لو صحت نسبة ذلك إلى حذيفة، فإن هذا اجتهاد غير دقيق بل خاطئ، وذلك لأن الشورى التي ابتكرها عمر، كانت ستأتي بعثمان، سواء مات عمر بن الخطاب قتلا، أو مات حتف أنفه. على أنه إنما ابتكرها بعدما طعنه الطاعن في بطنه.
ولم يكن استخلاف عثمان هو سبب الفتنة التي بقيت إلى يومنا هذا، وإلى يوم القيامة، بل كانت هي قضية الإمامة التي
ــــــــــــــــــــ
(1) بدء الإسلام وشرائع الدين لابن سلام الإباضي: ص 107 وصحيح البخاري: ج 1 ص 67 و 164 و 212 (ط سنة 1309). وسنن ابن ماجة: ج 2 ص 1306، ودلائل النبوة للبيهقي: ج 6 ص 386.
(2) بدء الإسلام وشرائع الدين لابن سلام الإباضي: ص 107 وصحيح البخاري: ج 1 ص 67 و 164 و 212 (ط سنة 1309). وسنن ابن ماجة: ج 2 ص 1306، ودلائل النبوة للبيهقي: ج 6 ص 386. (*)
/ صفحة 42 /
اغتصبت بطريقة العنف الذي تجلى بالهجوم على بيت فاطمة وكسر بابها، واستخراج علي (ع) ليبايع مقهورا. ومعروف: أن أعظم خلاف بين الأمة هو خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان، على حد تعبير الشهرستاني وغيره.
ما روي عن الإمام علي (ع):
6 - روى سليم بن قيس: أن عمر بن الخطاب أغرم جميع عماله أنصاف أموالهم، ولم يغرم قنفذ العدوي شيئا - وكان من عماله - ورد عليه ما أخذ منه، وهو عشرون ألف درهم، ولم يأخذ منه عشره، ولا نصف عشره.
قال أبان: قال سليم: فلقيت عليا، صلوات الله عليه وآله، فسألته عما صنع عمر!!
فقال: هل تدري لم كف عن قنفذ، ولم يغرمه شيئا؟!
قلت: لا.
قال: لأنه هو الذي ضرب فاطمة صلوات الله عليها بالسوط حين جاءت لتحول بيني وبينهم، فماتت صلوات الله عليها، وإن أثر السوط لفي عضدها مثل الدملج (1).
7 - قال أبان: قال سليم: انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول
ــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار: ج 30 ص 302 و 303، وكتاب سليم بن قيس: ج 2 ص 674 و 674، والعوالم: ج 11 ص 413. (*)
/ صفحة 43 /
الله (ص) ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان، وأبي ذر، والمقداد، ومحمد بن أبي بكر، وعمر بن أبي سلمة، وقيس بن سعد بن عبادة،
فقال العباس لعلي (ع): ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذا كما غرم جميع عماله؟!
فنظر علي (ع) إلى من حوله، ثم اغرورقت عيناه، ثم قال:
شكر له ضربة ضربها فاطمة (ع) بالسوط، فماتت وفي عضدها أثره كأنه الدملج، الخ (1).
8 - عن سليم، عن ابن عباس، قال:
" دخلت على علي (ع) بذي قار، فأخرج لي صحيفة، وقال لي: يا ابن عباس، هذه صحيفة أملاها علي رسول الله (ص)، وخطي بيده(2).
فقلت: يا أمير المؤمنين، اقرأها علي. فقرأها، فإذا فيها كل شئ كان منذ قبض رسول الله (ص) إلى مقتل الحسين (ع)، وكيف يقتل، ومن يقتله، ومن ينصره، ومن يستشهد معه.
فبكى بكاء شديدا، وأبكاني.
فكان مما قرأه علي: كيف يصنع به، وكيف تستشهد فاطمة، وكيف يستشهد الحسن. وكيف تغدر به الأمة... الخ " (3).
ــــــــــــــــــــ
(1) راجع: المصادر المتقدمة.
(2) لعل الصحيح: بيدي.
(1) كتاب سليم بن قيس، بتحقيق الأنصاري: ج 2 ص 915 والفضائل لابن شاذان: ص 141، والبحار: ج 28 ص 73.(*)
/ صفحة 44 /
9 - روي عن علي (ع) عند دفن الزهراء قوله: " وستنبؤك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها، فأحفها السؤال، واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها، لم تجد إلى بثه سبيلا.. الخ " (1).
فإن كلامه (ع) هذا وإن كان لا صراحة فيه بما جرى على الزهراء (ع)، ولكنه يدل على أن ثمة مظالم بقيت تعتلج بصدرها عليها السلام، ولم تجد إلى بثها سبيلا. وهذه الأمور هي غير فدك، والإرث وغصب الخلافة، لأن هذه الأمور قد أعلنتها عليها السلام، وبثتها بكل وضوح، واحتجت لها، وألقت خطبا جليلة في بيانها.
10 - ما ذكره الشيخ الكفعمي المتوفي سنة 905 ه?. ق. في كتابه المصباح الذي جمعه من حوالي مئتين وأربعين كتابا، وقال: إنه جمعه " من كتب معتمد على صحتها، مأمور بالتمسك بوثقى عروتها، ولا يغيرها كر العصرين، ولا مر الملوين.
كتب كمثل الشمس يكتب ضوؤها * ومحلها فوق الرفيع الأرفع (2)
فقد أورد رحمه الله في كتابه هذا دعاء عن ابن عباس، عن علي (ع)، كان علي (ع) يقنت به في صلاته. وقد وصفه في هامش المصباح بقوله: " هذا الدعاء عظيم الشأن، رفيع المنزلة ". وقال فيه علي (ع)، كما روي عنه: أن الداعي به كالرامي مع النبي (ص) في بدر وأحد وحنين بألف ألف سهم..
ــــــــــــــــــــ
(1) الكافي: ج 1 ص 459، ومرآة العقول: ج 5 ص 329، ونهج البلاغة: الخطبة رقم 202.
(2) مصباح الكفعمي: ص 4. (*)
/ صفحة 45 /
ومما جاء في هذا الدعاء قوله عن بيت النبوة: " وقتلا أطفاله، وأخليا منبره من وصيه، ووارث علمه، وجحدوا إمامته... إلى أن قال: وبطن فتقوه، وجنين أسقطه، وضلع دقوه (1) وصك مزقوه الخ... " (2).
وقد جاء في تعليقته على المصباح، والمطبوعة في هامش المصباح نفسه.
ونقله عنه قال العلامة المجلسي صاحب البحار:
"... قال الشيخ العالم أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر في كتابه رشح البلاء:
قوله: فقد أخربا بيت النبوة إلى آخره، إشارة إلى ما فعله الأول والثاني مع علي (ع) وفاطمة (ع) من الايذاء، وإرادة إحراق بيت علي بالنار، وقادوه كالجمل المخشوش. وضغطا فاطمة (ع) في بابها، حتى أسقطت بمحسن، وأمرت أن تدفن ليلا، ولا يحضر الأول والثاني جنازتها الخ.. " (3).
وقال: " والضلع المدقوق، والصك الممزوق إشارة إلى ما فعلاه مع فاطمة (ع)، من مزق صكها، ودق ضلعها " (4).
11 - محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن أحمد بن
ــــــــــــــــــــ
(1) في البحار: كسروه.
(2) راجع: البحار: ج 82 ص 261، والمصباح للكفعمي: ص 553، والبلد الأمين: ص 551 و 552، وعلم اليقين: ص 701.
(3) حواشي المصباح، للشيخ الكفعمي ص 553، والبحار: ج 82 ص 261.
(4) المصدر السابق ص 555، والبحار: ج 82 ص 261. (*)
/ صفحة 46 /
إدريس، ومحمد بن يحيى العطار، جميعا عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري، عن أبي عبد الله الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، عن ابن عميرة، عن محمد بن عتبة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (ع).
قال: " بينا أنا، وفاطمة، والحسن، والحسين عند رسول الله (ص) إذ التفت إلينا فبكى، فقلت: وما ذاك يا رسول الله ؟ !
قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدها " (1).
ووصف المجلسي إسناد هذه الرواية بأنه " معتبر " فراجع (2).
12 - عن أحمد بن الخصيب، عن جعفر بن محمد بن المفضل، عن محمد بن سنان الزاهري، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن مديح بن هارون بن سعد، قال: سمعت أبا الطفيل عامر بن واثلة، عن أمير المؤمنين، أنه قال لعمر في جملة كلام له:
".. وهي النار التي أضرمتموها على باب داري لتحرقوني وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وابني الحسن والحسين، وابنتي زينب، وأم كلثوم الخ.. (3).
ــــــــــــــــــــ
(1) الأمالي للشيخ الصدوق: ص 118، وبحار الأنوار: ج 28 ص 51، وليراجع ج 44 ص 149 وإثبات الهداة: ج 1 ص 281، وعوالم العلوم: ج 11 ص 397، وجلاء العيون: ج 1 ص 189، ووفاة الصديقة الزهراء للسيد عبد الرزاق المقرم: ص 60، والمناقب لابن شهر آشوب: ج 2 ص 209، انتشارات علامة - قم.
(2) جلاء العيون، ج 1 ص 189.
(3) الهداية الكبرى: ص 163. (*)
/ صفحة 47 /
13 - ومما يدل على ممارسة أسلوب العنف ضد علي (ع)، والإتيان به للبيعة عنوة، ما كتبه معاوية له (ع)، وما أجابه به، فقد قال له معاوية: إنه أبطأ على الخلفاء، فكان يقاد إلى البيعة كأنه الجمل الشارد حتى يبايع وهو كاره (1).
وقال له: في جملة ما قال: " لقد حسدت أبا بكر والتويت عليه، ورمت إفساد أمره، وقعدت في بيتك، واستغويت عصابة من الناس، حتى تأخروا عن بيعته ".
إلى أن قال:
"وما من هؤلاء إلا بغيت عليه، وتلكأت في بيعته، حتى حملت إليه قهرا تساق بخزائم الاقتسار كما يساق الفحل المخشوش " (2).
فأجابه أمير المؤمنين (ع) برسالة جاء فيها: " وقلت: إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع. ولعمرو الله لقد أردت أن تذم فمدحت، وأن تفضح فافتضحت. وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما، ما لم يكن شاكا في دينه الخ.."(3).
والرواية تدل على أنهم دخلوا إلى بيته، واستخرجوه منه بالقوة، الأمر الذي يؤكد عدم مراعاتهم لحرمة الزهراء، التي ستدفعهم عن ذلك بكل ما تستطيع، وقد فعلت ذلك حسبما صرحت به الروايات.. وإن لم تصرح هذه الرواية بتعرضهم للزهراء (ع) مباشرة..
ــــــــــــــــــــ
(1) الفتوح لابن أعثم: ج 3 ص 474.
(2) شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 15 ص 186، وإحقاق الحق للتستري: ج 2 ص 368، و 369.
(3) نهج البلاغة الكتاب رقم 28. راجع: نهج السعادة، وإحقاق الحق، ج 2 ص 369. (*)
/ صفحة 48 /
14 - وقد ذكر الديلمي أن الزهراء (ع) قد ذكرت بالتفصيل ما جرى عليها، فكان مما قالته (ع):
"... ثم ينفذون إلى دارنا قنفذا، ومعه عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، ليخرجوا ابن عمي عليا إلى سقيفة بني ساعدة لبيعتهم الخاسرة، فلا يخرج إليهم، متشاغلا بما أوصاه به رسول الله (ص)، وبأزواجه، وبتأليف القرآن، وقضاء ثمانين ألف درهم وصاه بقضائها عنه: عدات، ودينا.
فجمعوا الحطب الجزل على بابنا، وأتوا بالنار ليحرقوه، ويحرقونا، فوقفت بعضادة الباب، وناشدتهم بالله وبأبي: أن يكفوا عنا، وينصرونا.
فأخذ عمر السوط من يد قنفذ - مولى أبي بكر - فضرب به عضدي، فالتوى السوط على عضدي حتى صار كالدملج، وركل الباب برجله، فرده علي وأنا حامل، فسقطت لوجهي، والنار تسعر، وتسفع وجهي، فضربني بيده، حتى انتثر قرطي من أذني، وجاءني المخاض، فأسقطت محسنا قتيلا بغير جرم، فهذه أمة تصلي علي؟!.. وقد تبرأ الله ورسوله منهم، وتبرأت منهم ".
فعمل أمير المؤمنين (ع) بوصيتها ولم يعلم أحدا بها فأصنع في البقيع ليلة دفنت فاطمة (ع) أربعون قبرا جددا.
ثم إن المسلمين لما علموا بوفاة فاطمة ودفنها، جاؤا إلى أمير المؤمنين (ع) يعزونه بها، فقالوا: يا أخا رسول الله (ص)، لو أمرت بتجهيزها وحفر تربتها.
/ صفحة 49 /
فقال (ع): ووريت ولحقت بأبيها (ص).
فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، تموت ابنة نبينا محمد (ص) ولم يخلف فينا ولدا غيرها، ولا نصلي عليها ! وإن هذا لشئ عظيم!!
فقال (ع): حسبكم ما جنيتم على الله وعلى رسوله (ص) وعلى آل بيته، ولم أكن - والله - لأعصيها في وصيتها التي أوصت بها في أن لا يصلي عليها أحد منكم، ولا بعد العهد فأعذر.
فنفض القوم أثوابهم، وقالوا: لا بد لنا من الصلاة على ابنة رسول الله (ص)، ومضوا من فورهم إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا جددا، فاشتبه عليهم قبرها (ع) بين تلك القبور.
فضج الناس ولام بعضهم بعضا، وقالوا: لم تحضروا وفاة بنت نبيكم، ولا الصلاة عليها، ولا تعرفون قبرها فتزورونه ؟.
فقال أبو بكر: هاتوا من ثقاة المسلمين من ينبش هذه القبور، حتى تجدوا قبرها فنصلي عليها ونزورها.
فبلغ ذلك أمير المؤمنين (ع)، فخرج من داره مغضبا، وقد احمر وجهه، وقامت عيناه، درت أوداجه، وعلى يده قباه الأصفر - الذي لم يكن يلبسه إلا في يوم كريهة - يتوكأ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع، فسبق الناس النذير، فقال لهم: هذا علي قد أقبل كما ترون يقسم بالله لإن بعث من هذه القبور حجر واحد ليضعن السيف على غابر هذه الأمة، فولى القوم هاربين، قطعا، قطعا (1).
ــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار: ج 30 ص 348 - 350، عن إرشاد القلوب للديلمي. (*)
/ صفحة 50 /
15 - ومن الأشعار التي روى المحدثون والمؤرخون أن الزهراء (ع) قد رثت بها النبي الأكرم (ص):
ماذا على من شم تربة أحمد * أن لا يشم مدى الزمان غواليا (1)
صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام صرن لياليا
فاليوم أخشع للذليل، وأتقي * ضيمي، وأدفع ظالمي بردائيا (2)
فلو كان المقصود بالمصائب هو مصابها بوفاة أبيها فقط، لكان الأحرى أن تقتصر على التعبير "بمصيبة"، بصيغة المفرد، ولم يكن محل لذكر الخشوع للذليل، ودفع الظالمين بالرداء.
كما أن قولها (ع): " وأدفع ظالمي بردائيا "، أو " بالراح " الوارد في قولها الآخر المروي عنها:
فاليوم أخضع للذليل، وأتقي * ذلي، وأدفع ظالمي بالراح (3)
يشير إلى أن الظلم لها لم يقتصر على اغتصاب إرثها وفدك، فإن ذلك لا يحتاج إلى دفع الظالم بالراح والرداء، بل هي ذهبت وطالبت، واحتجت. وكل ذلك مذكور ومسطور، وهو أيضا معروف ومشهور.
أضف إلى ما تقدم: إن استعمال الراح والرداء في دفع الظالم
ــــــــــــــــــــ
(1) الغالية: المسك.
(2) مصادر هذا الشعر كثيرة في كتب المسلمين، ولذا فنحن نكتفي هنا بالإشارة إلى: المناقب لابن شهر آشوب ج 1 ص 299.
(3) المناقب لابن شهر آشوب، ج 1 ص 300 وغيره. (*)
/ صفحة 51 /
يشير إلى جهد جسدي قامت به (ع)، ولم يقتصر الأمر على الخطابة والاحتجاج، إلا أن يكون واردا على سبيل الكناية والمجاز.
ما روي عن الإمام الحسن المجتبى (ع):
16 - وروي عن الشعبي، وأبي مخنف، ويزيد بن حبيب المصري، حديث احتجاج الإمام الحسن المجتبى على عمرو بن العاص، والوليد بن عقبة، وعمرو بن عثمان، وعتبة بن أبي سفيان عند معاوية.
وهو حديث طويل، وقد جاء فيه، قوله (ع) للمغيرة بن شعبة:
"... وأنت الذي ضربت فاطمة بنت رسول الله (ص)، حتى أدميتها، وألقت ما في بطنها، استذلالا منك لرسول الله (ص)، ومخالفة منك لأمره، وانتهاكا لحرمته، وقد قال لها رسول الله (ص): يا فاطمة، أنت سيدة نساء أهل الجنة الخ.."(1).
وقد قال العلامة الجليل الشيخ الطبرسي في مقدمة كتابه "الاحتجاج":
" ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده، إما لوجود الإجماع عليه، أو موافقته لما دلت العقول إليه، أو لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف، إلا ما أوردته عن أبي محمد الحسن العسكري (ع)، فإنه ليس في الاشتهار على حد ما سواه، وإن كان مشتملا على مثل الذي قدمناه، ولأجل ذلك ذكرت إسناده في أول خبر من ذلك الخ.."(2).
ــــــــــــــــــــ
(1) الاحتجاج: ج 1 ص 414، والبحار: ج 43 ص 197، ومرآة العقول: ج 5 ص 321. وضياء العالمين (مخطوط) ج 2 ق 3 ص 64.
(2) الاحتجاج: ج 1 ص 4. (*)
/ صفحة 52 /
وقال العلامة المتبحر الشيخ الطهراني في الذريعة ":
وكلامه هذا صريح في أن كل ما أرسله فيه هو من المستفيض المشهور المجمع عليه بين المخالف والمؤالف، فهو من الكتب المعتبرة التي اعتمد عليها العلماء الأعلام كالعلامة المجلسي والمحدث الحر العاملي وأضرابهما (1).
ما روي عن السجاد (ع):
17 - قال محمد بن جرير بن رستم الطبري:
قال وأخبرنا مخول بن إبراهيم النهدي، قال حدثنا مطر بن أرقم، قال حدثنا أبو حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (ع) قال:
لما قبض (ص)، وبويع أبو بكر، تخلف علي (ع). فقال عمر لأبي بكر: ألا ترسل إلى هذا الرجل المتخلف فيجئ فيبايع ؟
قال: يا قنفذ، إذهب إلى علي، وقل له: يقول لك خليفة رسول الله (ص): تعال بايع.
فرفع علي (ع) صوته، وقال: سبحان الله، ما أسرع ما كذبتم على رسول الله (ص)! قال: فرجع، فأخبره.
ثم قال عمر: ألا تبعث إلى هذا الرجل المتخلف فيجئ يبايع ؟
فقال لقنفذ: إذهب إلى علي فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: تعال بايع.
ــــــــــــــــــــ
(1) الذريعة: ج 1 ص 282. (*)
/ صفحة 53 /
فذهب قنفذ، فضرب الباب.
فقال: من هذا ؟
قال: أنا قنفذ.
فقال: ما جاء بك ؟
قال: يقول لك أمير المؤمنين: تعال فبايع.
فرفع علي (ع) صوته، وقال: سبحانه الله ! لقد ادعى ما ليس له !
فجاء فأخبره.
فقام عمر، فقال: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل حتى نجئ إليه.
فمضى إليه جماعة، فضربوا الباب، فلما سمع علي (ع) أصواتهم لم يتكلم، وتكلمت امرأة فقالت: من هؤلاء ؟
فقالوا: قولي لعلي: يخرج ويبايع.
فرفعت فاطمة (ع) صوتها فقالت: يا رسول الله ما لقينا من أبي بكر وعمر بعدك. فلما سمعوا صوتها بكى كثير ممن كان معه. ثم انصرفوا.
وثبت عمر في ناس معه، فأخرجوه وانطلقوا به إلى أبي بكر حتى أجلسوه بين يديه فقال أبو بكر: بايع.
قال: فإن لم أفعل ؟
/ صفحة 54 /
قال: إذا والله الذي لا إله إلا هو تضرب عنقك.
قال: فإن تفعلوا فأنا عبد الله وأخو رسوله.
قال: بايع.
قال: فإن لم أفعل ؟
قال: إذا والله الذي لا إله إلا هو تضرب عنقك.
فالتفت علي (ع) إلى القبر وقال: يا ابن أم، إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني، ثم بايع، وقام (1).
ما روي عن أحدهما: الباقر أو الصادق (ع):
18 - وروى العلامة العياشي رحمه الله عن أحدهما (ع) حديثا مطولا جاء في آخره قوله (ع):
فأرسل أبو بكر إليه: أن تعال فبايع.
فقال علي: لا أخرج حتى أجمع القرآن.
فأرسل إليه مرة أخرى، فقال: لا أخرج حتى أفرغ.
فأرسل إليه الثالثة ابن عم له يقال له قنفذ، فقامت فاطمة بنت رسول الله (ص) عليها (كذا) تحول بينه وبين علي (ع)، فضربها، فانطلق قنفذ وليس معه علي.
ــــــــــــــــــــ
(1) المسترشد في إمامة علي بن أبي طالب: ص 65 و 66. (*)
/ صفحة 55 /
فخشي أن يجمع علي الناس، فأمر بحطب، فجعل حوالي بيته، ثم انطلق عمر بنار، فأراد أن يحرق على علي بيته، وفاطمة، والحسن والحسين، صلوات الله عليهم.
فلما رأى علي ذلك خرج فبايع كارها غير طائع " (1).
19 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (ع)، قالا:
" إن فاطمة (ع) لما أن كان من أمرهم ما كان، أخذت بتلابيب عمر، فجذبته إليها، ثم قالت: أما والله يا ابن الخطاب، لولا أني أكره أن يصيب البلاء من لا ذنب له لعلمت أني سأقسم على الله، ثم أجده سريع الإجابة " (2).
قال شيخ الإسلام المجلسي مفسرا قوله: كان من أمرهم ما كان: " أي من دخولهم دار فاطمة الخ.."(3).
ما روي عن الإمام الباقر (ع):
20 - عن إبراهيم بن أحمد الطبري، عن علي بن عمر بن حسن بن علي السياري، عن محمد بن زكريا الغلابي، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد
ــــــــــــــــــــ
(1) تفسير العياشي: ج 2 ص 307 و 308، وبحار الأنوار: ج 28 ص 231، والبرهان في تفسير القرآن: ج 2 ص 434.
(2) الكافي: ج 1 ص 460.
(3) مرآة العقول: ج 5 ص 342. (*)
/ صفحة 56 /
بن علي بن الحسين (ع)، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن عمار بن ياسر، قال في حديث:
وحملت بالحسن، فلما رزقته حملت بعد أربعين يوما بالحسين، ثم رزقت زينب، وأم كلثوم، وحملت بمحسن، فلما قبض رسول الله (ص)، وجرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها، وأخرج ابن عمها أمير المؤمنين، وما لحقها من الرجل، أسقطت به ولدا تماما.
وكان ذلك أصل مرضها ووفاتها صلوات الله عليها (1).
21 - وذكر محمد بن جرير بن رستم الطبري، أن عليا (ع) لما بويع أبو بكر قعد عن القوم. فصاروا إلى داره، وأرادوا أن يضرموها عليه، وعلى فاطمة (ع) نارا، فخرج الزبير بسيفه حتى كسروه.
رواه محمد بن هارون، عن أبان بن عثمان، قال: حدثني سعيد بن قدامة، عن زائدة بن قدامة:
إن أبا بكر دعا عليا (ع) إلى البيعة، فامتنع، وقال: (ثم يذكر احتجاج علي عليهم، ثم يقول:) فسألت زائدة بن قدامة: عمن سمعت هذا الحديث ؟
قال: من أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين(ع) (2).
22 - " عن أبي الجارود، عن أبي جعفر، قال: سألته: متى يقوم قائمكم ؟
فأجابه جوابا مطولا تحدث فيه عن " الحطب الذي جمعاه
ــــــــــــــــــــ
(1) دلائل الإمامة: ص 26 و 27، وراجع: العوالم: ج 11 ص 504.
(2) المسترشد في إمامة علي بن أبي طالب (ع): ص 64 و 65. (*)
/ صفحة 57 /
ليحرقا به عليا، وفاطمة، والحسن، والحسين، وذلك الحطب عندنا نتوارثه.. " (1).
ما روي عن الإمام الصادق (ع):
23 - عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن علي بن عبد الرحمن الأصم، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (ع):
لما أسري بالنبي (ص) قيل له: إن الله يختبرك في ثلاث وصار يعددها... إلى أن قال:
وأما ابنتك فتظلم، وتحرم، ويؤخذ حقها غصبا، الذي تجعله لها، وتضرب وهي حامل، ويدخل عليها وعلى حريمها، ومنزلها بغير إذن، ثم يمسها هوان وذل، ثم لا تجد مانعا وتطرح ما في بطنها من الضرب، وتموت من ذلك الضرب..
إلى أن تقول الرواية: وأول من يحكم فيه "محسن" بن علي في قاتله، ثم في قنفذ، فيؤتيان هو وصاحبه الخ... (2).
24 - عن أبي الحسن بن شاذان، عن أبيه، عن محمد بن
ــــــــــــــــــــ
(1) دلائل الإمامة: ص 242.
(2) كامل الزيارات: ص 232 - 335، والبحار ج 28 ص 62 - 64 وراجع: ج 53 ص 23. وراجع: عوالم العلوم: ج 11 ص 398، وجلاء العيون للمجلسي: ج 1 ص 184 - 186. (*)
/ صفحة 58 /
الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسين بن الصفار، عن محمد بن زياد، عن مفضل بن عمر، عن يونس بن يعقوب، عن الصادق (ع)، أنه قال في حديث طويل: " يا يونس، قال جدي رسول الله (ص): ملعون من يظلم بعدي فاطمة ابنتي، ويغصبها حقها ويقتلها " (1).
25 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم، عن جده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع)، عن آبائه، قال:
" قال أمير المؤمنين (ع): إن أسقاطكم إذا لقوكم يوم القيامة، ولم تسموهم يقول السقط لأبيه: ألا سميتني ؟ ! وقد سمى رسول الله (ص) " محسنا " قبل أن يولد (2) " وهو مذكور في حديث الأربعمائة أيضا. ولاحظ الخصال للصدوق.
قال المجلسي إسناد هذا الحديث معتبر (3).
26 - إبراهيم بن سعيد الثقفي، قال: حدثني أحمد بن عمرو البجلي، قال: حدثنا أحمد بن حبيب العامري، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع)، قال: " والله، ما بايع علي حتى رأى الدخان قد دخل بيته " (4).
27 - عن الحسين بن حمدان، عن محمد بن إسماعيل، وعلي
ــــــــــــــــــــ
(1) كنز الفوائد: ج 1 ص 149 / 150، وروضات الجنات: ج 6 ص 182.
(2) الكافي: ج 6 ص 18، وعوالم العلوم: ج 11 ص 411. والبحار: ج 43، ص 195، و ج 101 ص 128 و ج 10 ص 112، والخصال: ج 2 ص 434، وعلل الشرائع: ج 2 ص 464، وجلاء العيون: ج 1 ص 222.
(3) جلاء العيون: ج 1 ص 222.
(4) البحار: ج 28، ص 269 و 390 و 411، وفي هامشه عن الغارات للثقفي. وراجع: الشافي للسيد المرتضى، رحمه الله ج 3 ص 241، وتلخيص الشافي ج 3 ص 76. (*)
/ صفحة 59 /
بن عبد الله الحسني، عن أبي شعيب، ومحمد بن نصير، عن عمر بن الفرات، عن محمد بن المفضل، عن المفضل بن عمر، قال:
سألت سيدي الصادق (ع): هل للمأمور المنتظر المهدي (ع) من وقت موقت يعلمه الناس ؟ !
فقال: حاش لله أن يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا.. إلى أن تقول الرواية:
وضرب سلمان الفارسي، وإشعال النار على باب أمير المؤمنين، وفاطمة، والحسن والحسين ; لإحراقهم بها، وضرب يد الصديقة الكبرى فاطمة بالسوط، ورفس بطنها، وإسقاطها محسنا..
إلى أن قال: وتقص عليه قصة أبي بكر، وإنفاذه خالد بن الوليد، وقنفذا، وعمر بن الخطاب، وجمعه الناس لإخراج أمير المؤمنين (ع) من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة..
إلى أن قال: وقول عمر: أخرج يا علي إلى ما أجمع عليه (المسلمون) وإلا قتلناك.
وقول فضة جارية فاطمة: إن أمير المؤمنين (ع) مشغول، والحق له إن أنصفتم من أنفسكم، وأنصفتموه. (وسب عمر لها).
وجمعهم الجزل والحطب على الباب لإحراق بيت أمير المؤمنين، وفاطمة، والحسن، والحسين، وزينب، وأم كلثوم، وفضة.
وإضرامهم النار على الباب، وخروج فاطمة إليهم، وخطابها لهم من وراء الباب.
/ صفحة 60 /
وقولها: ويحك يا عمر، ما هذه الجرأة على الله ورسوله ؟ تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتنفيه (تفنيه) وتطفئ نور الله ؟ والله متم نوره، وانتهاره لها.
وقوله: كفي يا فاطمة فليس محمد حاضرا، ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله، وما علي إلا كأحد المسلمين فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر، أو أحرقكم جميعا.
فقالت وهي باكية: اللهم إليك أشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك، وارتداد أمته علينا، ومنعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل.
فقال لها عمر: دعي عنك يا فاطمة حمقات النساء، فلم يكن الله ليجمع لكم النبوة والخلافة، وأخذت النار في خشب الباب.
وإدخال (وأدخل) قنفذ يده لعنه الله يروم فتح الباب.
وضرب عمر لها بالسوط على عضدها، حتى صار كالدملج الأسود. وركل الباب برجله حتى أصاب بطنها وهي حامل بالمحسن لستة أشهر، وإسقاطها إياه.
وهجوم عمر، وقنفذ، وخالد بن الوليد، وصفقة عمر على خدها حتى بدا (أبرى) قرطاها تحت خمارها، وهي تجهر بالبكاء، وتقول: " وا أبتاه، وا رسول الله، ابنتك فاطمة تكذب، وتضرب ويقتل جنين في بطنها ".
وخروج أمير المؤمنين (ع) من داخل الدار محمر العين حاسرا
/ صفحة 61 /
حتى ألقى ملاءته عليها، وضمها إلى صدره، وقوله لها: يا بنت رسول الله، قد علمت أن أباك بعثه الله رحمة للعالمين... إلى أن قال: ثم قال: يا ابن الخطاب لك الويل من يومك هذا وما بعده وما يليه، أخرج قبل أن أشهر سيفي فأفني غابر الأمة.
فخرج عمر، وخالد بن الوليد، وقنفذ، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فصاروا من خارج الدار، وصاح أمير المؤمنين بفضة يا فضة، مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء، فقد جاءها المخاض من الرفسة، ورد الباب، فأسقط محسنا.
فقال أمير المؤمنين: فإنه لاحق بجده رسول الله (ص) فيشكو إليه.
وتستمر الرواية في هذا الموضوع، ثم تقول: " ويأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (ع)، وهن صارخات، وأمه فاطمة تقول: " هذا يومكم الذي كنتم توعدون ".
إلى أن قالت الرواية:
" ثم قال المفضل: يا مولاي، ما تقول في قوله تعالى: {وإذا الموؤدة سئلت، بأي ذنب قتلت}.
قال: يا مفضل، والموؤدة - والله - محسن، لأنه منا لا غير، فمن قال غير هذا فكذبوه.
قال المفضل: يا مولاي: ثم ماذا ؟
قال الصادق (ع): تقوم فاطمة بنت رسول الله (ص)، فتقول:
/ صفحة 62 /
اللهم أنجز وعدك وموعدك لي في من ظلمني، وغصبني، وضربني، وجزعني بكل أولادي " (1).
28 - وفي حديث آخر: أن الإمام الصادق (ع)، قال للمفضل:
" ولا كيوم محنتنا بكربلاء، وإن كان يوم السقيفة، وإحراق النار على باب أمير المؤمنين، والحسن، والحسين، وفاطمة، وزينب، وأم كلثوم، وفضة، وقتل " محسن " بالرفسة أعظم وأدهى وأمر، لأنه أصل يوم العذاب (2).
29 - روى رئيس الشيعة الشيخ المفيد في الاختصاص، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، والعباس بن معروف، عن عبد
الله بن المغيرة، قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني، قال:
صحبت أبا عبد الله (ع) في طريق مكة من المدينة... ثم ذكر حديثا طويلا ذكر له فيه أبو عبد الله (ع):
" قاتل أمير المؤمنين (ع)، وقاتل فاطمة (ع)، وقاتل المحسن، وقاتل الحسن والحسين الخ..".
ــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار: ج 53 ص 14 و 18 و 19 و 23، والعوالم ج 11 ص 441 - 443، والهداية الكبرى للخصيبي: ص 392 و 407 و 408 و 417، وعن حلية الأبرار ج 2 ص 652. وراجع فاطمة بهجة قلب المصطفى: ج 2 ص 532، عن نوائب الدهور، للسيد الميرجهاني: ص 192.
(2) فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى ج 2 ص 532، عن نوائب الدهور، للسيد الميرجهاني ص 194، والهداية الكبرى للخصيبي ص 417، (ط بيروت). (*)
/ صفحة 63 /
ورواه في كامل الزيارات بسند آخر عن عبد الله الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني، وفيه: "وقاتل فاطمة ومحسن" فراجع(1).
30 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا كان يوم القيامة يدعى محمد (ص)، فيكسى حلة وردية... إلى أن قال: ثم ينادى من بطنان العرش، من قبل رب العزة، والأفق الأعلى: نعم الأب أبوك يا محمد، وهو إبراهيم، ونعم الأخ أخوك وهو علي بن أبي طالب (ع) ونعم السبطان سبطاك وهما الحسن والحسين، ونعم الجنين جنينك، وهو محسن، ونعم الأئمة الراشدون الخ.." (2).
31 - أبو محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (ع) قال: لما قبض رسول الله، وجلس أبو بكر مجلسه بعث إلى وكيل فاطمة صلوات الله عليها، فأخرجه.. ثم تذكر الرواية: إن أبا بكر كتب لها كتابا برد فدك إليها، فلقيها عمر، فقال: يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك؟
فقالت: كتاب كتب لي أبو بكر برد فدك.
فقال: هلميه إلي.
فأبت أن تدفعه إليه فرفسها برجله، وكانت حاملة بابن اسمه
ــــــــــــــــــــ
(1) الاختصاص: ص 343 و 344، وكامل الزيارات: ص 326 و 327. والبحار: ج 25، ص 373. وفي هامش الاختصاص أشار إلى البحار: ج 8 ص 213 وإلى بصائر الدرجات.
(2) تفسير القمي: ج 1 ص 128، والبحار: ج 7 ص 328 و 329، و ج 23 ص 130 و 131 و ج 12 ص 6 و 7، ونور الثقلين: ج 1 ص 348، والبرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 328 و 329. (*)
/ صفحة 64 /
المحسن، فأسقطت المحسن من بطنها، ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت (1).
ثم أخذ الكتاب فخرقه. فمضت. ومكثت خمسة وسبعين يوما مريضة مما ضربها عمر، ثم قبضت.
فلما حضرتها الوفاة دعت عليا صلوات الله عليه فقالت: إما تضمن وإلا أوصيت إلى الزبير، فقال علي (ع): أنا أضمن وصيتك يا بنت محمد، قالت: سألتك بحق رسول الله (ص) إذا أنا مت ألا يشهداني، ولا يصليا علي.
قال: فلك ذلك، فلما قبضت (ع) دفنها ليلا في بيتها، وأصبح أهل المدينة يريدون حضور جنازتها وأبو بكر وعمر كذلك، فخرج إليهما علي (ع)، فقالا له: ما فعلت بابنة محمد أخذت في جهازها يا أبا الحسن ؟
فقال علي (ع): قد والله دفنتها. قالا: فما حملك على أن دفنتها ولم تعلمنا بموتها.
قال: هي أمرتني.
فقال عمر: والله لقد هممت بنبشها والصلاة عليها.
فقال علي (ع): أما والله ما دام قلبي بين جوانحي وذو الفقار في يدي، إنك لا تصل إلى نبشها، فأنت أعلم.
فقال أبو بكر: اذهب، فإنه أحق بها منا.
ــــــــــــــــــــ
(1) بالبناء للمجهول أي كسرت. (*)
/ صفحة 65 /
وانصرف الناس (1).
32 - محمد بن هارون التلعكبري، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو علي محمد بن همام بن سهيل، قال: روى أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد الأشعري القمي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال:
ولدت فاطمة (ع) في جمادى الآخرة في العشرين منه، سنة خمس وأربعين من مولد النبي (ص).. إلى أن قال: وكان سبب وفاتها أن قنفذا مولى الرجل لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسنا. ومرضت من ذلك مرضا شديدا، ولم تدع أحدا ممن آذاها يدخل عليها.
وكان رجلان من أصحاب النبي سألا أمير المؤمنين أن يشفع لهما. فسألها، فأجابت.
ولما دخلا عليها قالا لها: كيف أنت يا بنت رسول الله؟!
فقالت: بخير والحمد لله..
ثم قالت لهما: أما سمعتما النبي (ص) يقول: فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ؟
قالا: بلى.
ــــــــــــــــــــ
(1) الاختصاص: ص 185 و 184، والبحار: ج 29 ص 192 ووفاة الصديقة الزهراء للمقرم: ص 78. (*)
/ صفحة 66 /
قالت: والله لقد آذيتماني.
فخرجا من عندها وهي ساخطة عليهما " (1).
وسند الرواية صحيح.
33 - وقال الشيخ الطبرسي: وروي عن الصادق (ع) أنه قال: لما استخرج أمير المؤمنين (ع) من منزله، خرجت فاطمة صلوات الله عليها خلفه، فما بقيت امرأة هاشمية إلا خرجت معها، حتى انتهت قريبا من القبر، فقالت لهم: خلوا ابن عمي فوالله لئن لم تخلوا عنه الخ.. (2).
فهذا الحديث أيضا يدل عن أنهم دخلوا عليه البيت واستخرجوه منه بالقوة والقهر، وذلك بالرغم عن فاطمة (ع)، ومن دون رعاية لحرمتها.
34 - وقال القاضي عبد الجبار المتوفي سنة 415 ه?. ق. والمعاصر للشيخ المفيد رحمه الله (ت 413) إن الشيعة قد ادعوا رواية رووها عن جعفر بن محمد (ع) وغيره: إن عمر ضرب فاطمة بالسوط (3).
ولا ندري أن كان يشير إلى هذه الروايات التي ذكرناها، أو إلى غيرها، فلأجل ذلك أفردنا كلامه بالنقل.
ــــــــــــــــــــ
(1) دلائل الإمامة: ص 45. وراجع: البحار: ج 43 ص 170، وعوالم العلوم: ج 11 ص 411 و 504.
(2) الاحتجاج: ج 1 ص 222 والمسترشد في إمامة علي بن أبي طالب (ع) ص 67.
(3) المغني للقاضي عبد الجبار: ج 20 ق 1 ص 335، والشافي للسيد المرتضى: ج 4 ص 110 / 119 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 16 ص 271. (*)
/ صفحة 67 /
ما روي عن الإمام الكاظم (ع):
35 - ونقل العلامة المجلسي رحمه الله تعالى، عن كتاب الطرف للعلامة الجليل السيد ابن طاووس، نقلا عن كتاب الوصية للشيخ عيسى بن المستفاد الضرير، عن موسى بن جعفر عن أبيه، قال:
لما حضرت رسول الله (ص) الوفاة دعا الأنصار، وقال: يا معشر الأنصار، قد حان الفراق.. إلى أن قال: ألا إن فاطمة بابها بابي، وبيتها بيتي، فمن هتكه، فقد هتك حجاب الله ".
قال عيسى: فبكى أبو الحسن (ع) طويلا، وقطع بقية كلامه، وقال: هتك - والله - حجاب الله، هتك - والله - حجاب الله، هتك - والله - حجاب الله، يا أمه صلوات الله عليها(1).
36 - عن هارون بن موسى، عن أحمد بن محمد بن عمار العجلي الكوفي، عن عيسى الضرير، عن الكاظم (ع)، قال:
قلت لأبي: فما كان بعد خروج الملائكة عن رسول الله (ص) ؟ !
قال: فقال: ثم دعا عليا وفاطمة، والحسن، والحسين (ع)، وقال لمن في بيته: أخرجوا عني... إلى أن تقول الرواية إنه (ص) قد قال لعلي:
ــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار: ج 22 ص 476 و 477، وفي هامشه عن الطرف لابن طاووس: ص 18 - 21.(*)
/ صفحة 68 /
" واعلم يا علي، إني راض عمن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربي وملائكته.
يا علي ويل لمن ظلمها، وويل لمن ابتزها حقها، وويل لمن هتك حرمتها، وويل لمن أحرق بابها، وويل لمن آذى خليلها، وويل لمن شاقها وبارزها.
اللهم إني منهم برئ، وهم مني براء.
ثم سماهم رسول الله (ص)، وضم فاطمة إليه، وعليا، والحسن، والحسين (ع)، وقال:
اللهم إني لهم ولمن شايعهم سلم، وزعيم بأنهم يدخلون الجنة، وعدو وحرب لمن عاداهم وظلمهم، وتقدمهم، أو تأخر عنهم وعن شيعتهم، زعيم بأنهم يدخلون النار.
ثم - والله - يا فاطمة لا أرضى حتى ترضي.
ثم - لا والله - لا أرضى حتى ترضي.
ثم - لا والله - لا أرضى حتى ترضي..(1)".
37 - عن محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه، عن أبي الحسن (ع):
إن فاطمة (ع) صديقة شهيدة، وإن بنات الأنبياء لا
ــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار: ج 22 ص 484 و 485 وفي هامشه عن خصائص الأئمة: ص 72، وعوالم العلوم: ج 11 ص 400 وعن الطرف: ص 29 - 34، وعن مصباح الأنوار. (*)
/ صفحة 69 /
يطمئن " (1).
قال المجلسيان الأول والثاني، وهما من أعاظم علمائنا: هذا الحديث صحيح (2).
38 - وروى العلامة الجليل العابد الزاهد، السيد ابن طاووس بإسناده عن الإمام الكاظم (ع)، عن أبيه (ع) قال:
قال رسول الله (ص): يا علي، ما أنت صانع لو قد تآمر القوم عليك بعدي، وتقدموا عليك، وبعث إليك (..) يدعوك إلى البيعة، ثم لببت بثوبك تقاد، كما يقاد الشارد من الإبل، مذموما مخذولا، محزونا مهموما. وبعد ذلك ينزل بهذه الذل (3) الخ..
ما روي عن الإمام الرضا (ع):
39 - قال العالم العابد الزاهد السيد ابن طاووس رحمه الله:
دعاء آخر لمولانا الرضا (ع) في سجدة الشكر، رويناه بإسنادنا إلى سعد بن عبد الله في كتاب فضل الدعاء، قال أبو جعفر، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا.
وبكير بن صالح، عن سليمان بن جعفر، عن الرضا، قالا: دخلنا عليه وهو ساجد في سجدة الشكر، فأطال في سجوده، ثم رفع رأسه، فقلنا له: أطلت السجود؟!
ــــــــــــــــــــ
(1) الكافي: ج 1 ص 458، وعوالم العلوم: ج 11 ص 260، والرسائل الاعتقادية للخواجوئي: ص 302 و 301.
(2) مرآة العقول: ج 5 ص 315، وروضة المتقين: ج 5 ص 342.
(3) البحار: ح 22 ص 493. (*)
/ صفحة 70 /
فقال: من دعا في سجدة الشكر بهذا الدعاء، كان كالرامي مع رسول الله (ص) يوم بدر.
قال: قلنا: فنكتبه ؟
قال: اكتبا، إذا أنتما سجدتما سجدة الشكر، فتقولا:... ثم ذكر الدعاء وفيه الفقرة التالية: ".. واستهزءا برسولك، وقتلا ابن نبيك الخ.."(1).
ما روي عن الإمام الجواد (ع):
40 - عن محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن زكريا بن آدم، قال:
إني لعند الرضا إذ جئ بأبي جعفر عليه السلام، وسنه أقل من أربع سنين، فضرب بيده إلى الأرض، ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر ; فقال له الرضا عليه السلام:
بنفسي أنت، فلم طال فكرك؟!
فقال: فيما صنع بأمي فاطمة، أما والله..
ــــــــــــــــــــ
(1) مهج الدعوات: ص 257 و 258، والمصباح للشيخ الكفعمي: ص 553 و 554، وبحار الأنوار: ج 30 ص 393، و ج 83 ص 223، ومسند الإمام الرضا (ع) للعطاردي: ج 2 ص 65. (*)
/ صفحة 71 /
ثم ذكر عليه السلام ما سوف يعاقب به من فعل ذلك. (1)
ونقول:
وهذه الرواية وإن لم تكن صريحة في تفاصيل ما جرى، ولكنها أيضا تعبر عن أنها عليها السلام - شخصيا - قد تعرضت لظلم فاحش.
ما روي عن الإمام العسكري (ع):
41 - عن السيد ابن طاووس في زوائد الفوائد، وعن كتاب المختصر للشيخ حسن بن سليمان، عن خط علي بن مظاهر الواسطي بإسناد متصل عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي.
ثم نقله عن كتاب المختصر، وقال في آخره: نقلته من خط محمد بن علي بن طي، وفيه:
إن ابن أبي العلاء الهمداني، ويحيى بن محمد بن حويج تنازعا في أمر ابن الخطاب، فتحاكما إلى أحمد بن إسحاق القمي، صاحب الإمام الحسن العسكري، فروى لهم عن الإمام العسكري، عن أبيه (ع): أن حذيفة روى عن النبي (ص) حديثا مطولا يخبر النبي (ص) فيه حذيفة بن اليمان عن أمور ستجري بعده، ثم قال حذيفة وهو يذكر أنه رأى تصديق ما سمعه:
ــــــــــــــــــــ
(1) البحار: ح 50 ص 59 عن دلائل الإمامة للطبري. (*)
/ صفحة 72 /
".. وحرف القرآن، وأحرق بيت الوحي... إلى أن قال: ولطم وجه الزكية.."(1).
ــــــــــــــــــــ
(1) البحار: ج 95 ص 351، و 353 و 354 و ج 31 ص 126، وعن المحتضر للشيخ حسن بن سليمان: ص 44 - 55 (كما في هامش البحار) وذكر في الهامش أيضا: أن الطبري قد رواه في دلائل الإمامة، في الفصل المتعلق بأمير المؤمنين (ع)، ورواه الشيخ هاشم بن محمد (من علماء القرن السادس) في كتاب مصباح الأنوار. والجزائري في الأنوار النعمانية بإسناد آخر. فراجع.(*)
الفصل الثالث
ظلم الزهراء (ع) في الاحتجاجات المذهبية عبر الأجيال
/ صفحة 75 /
توطئة وبيان:
ثم إن قضية التعدي على الزهراء (عليها السلام) بالضرب، ومهاجمة بيتها، ومحاولة إحراقه، ومباشرة ذلك بالفعل، بل وإسقاط جنينها، وغير ذلك من أمور، - إن كل ذلك - قد دخل في مجالات الحجاج والاحتجاج المذهبي، منذ الصدر الأول، وإلى يومنا هذا..
ونحن نذكر عينات من احتجاجات المتكلمين وغيرهم من أعيان الطائفة على خصومهم عبر العصور المتلاحقة. ليظهر أن هذه المفردات لم يخترعها قراء العزاء لاستنزاف دموع الناس بالكلمة الصادقة والكاذبة على حد تعبير البعض. ونترك أمر تقصي ذلك إلى من يشاء.
فنقول:
وعلى الله نتوكل، ومنه نستمد الحول والقوة والسداد.
1 - القاضي عبد الجبار (ت 415هـ).
قال القاضي عبد الجبار، وهو من أعاظم المعتزلة، ردا على الشيعة:
"... ومن جملة ما ذكروه من الطعن ادعاؤهم: أن فاطمة (ع)
/ صفحة 76 /
لغضبها على أبي بكر وعمر أوصت أن لا يصليا عليها، وأن تدفن سرا منهما، فدفنت ليلا وادعوا برواية رووها عن جعفر بن محمد وغيره:
أن عمر ضرب فاطمة بسوط، وضرب الزبير بالسيف.
وذكروا: أن عمر قصد منزلها، وعلي، والزبير، والمقداد، وجماعة ممن تخلف عن أبي بكر يجتمعون هناك، فقال لها: ما أجد بعد أبيك أحب إلي منك. وأيم الله، لئن اجتمع هؤلاء النفر عندك ليحرقن عليهم، فمنعت القوم من الاجتماع، ولم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر إلى غير ذلك من الروايات البعيدة.
الجواب: إنا لا نصدق بذلك... " (1).
وقال: ".. فأما ما ذكروه من حديث عمر في باب الاحراق، فلو صح لم يكن طعنا على عمر، لأن له أن يهدد من امتنع عن المبايعة(2).
2 - السيد المرتضى علم الهدى (ت 436هـ).
وقال السيد المرتضى علم الهدى، ردا على كلام القاضي:
" قد بينا: أن خبر الإحراق قد رواه غير الشيعة ممن لا يتهم على القوم ". إلى أن قال: " والذي اعتذر به من حديث الاحراق إذا صح طريف، وأي عذر لمن أراد أن يحرق على أمير المؤمنين، وفاطمة (ع) منزلهما ؟ ! (3) ".
ــــــــــــــــــــ
(1) المغني للقاضي عبد الجبار: ج 20 ق 1 ص 335، وراجع: الشافي للسيد المرتضى: ج 4 ص 110، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 16 ص 271.
(2) المغني: ج 2 ق 1 ص 337، والشافي ج 4 ص 112 و 119.
(3) الشافي للسيد المرتضى: ج 4 ص 119 و 120. (*)
/ صفحة 77 /
وقال: ردا على إنكار عبد الجبار ضرب فاطمة (ع) والهجوم على دارها، والتهديد بالاحراق، وقوله: لا نصدق ذلك ولا نجوزه:
" فإنك لم تسند إنكارك إلى حجة أو شبهة فنتكلم عليها. والدفع لما يروى بغير حجة لا يلتفت إليه " (1).
وحين ادعى عبد الجبار: إن أخبار ضرب فاطمة (ع) كروايات الحلول، أجابه السيد المرتضى رحمه الله بقوله:
" ألست تعلم: أن هذا المذهب يذهب إليه أصحاب الحلول، والعقل دال على بطلان قولهم؟!
فهل العقل دال على استحالة ما روي من ضرب فاطمة (ع) ؟ !
فإن قال: هما سيان.
قيل له: فبين استحالة ذلك في العقل، كما بينت استحالة الحلول، وقد ثبت مرادك. ومعلوم عجزك عن ذلك " (2).
وقال:
"... وبعد، فلا فرق بين أن يهدد بالاحراق للعلة التي ذكرها، وبين ضرب فاطمة لمثل هذه العلة، فإن إحراق المنازل أعظم من ضربة بالسوط... فلا وجه لامتعاض صاحب الكتاب من ضربة سوط، وتكذيب ناقلها " (3).
ــــــــــــــــــــ
(1) الشافي للسيد المرتضى: ج 4 ص 110 - 113. ونقول هنا للسيد المرتضى رحمه الله: ما أشبه الليلة بالبارحة!!
(2) الشافي: ج 4 ص 117.
(3) الشافي: ج 4 ص 120. (*)
/ صفحة 78 /
3 - الشيخ الطوسي (ت 460هـ).
وقال شيخ الطائفة، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله تعالى.
" ومما أنكر عليه: ضربهم لفاطمة (ع)، وقد روي: أنهم ضربوها بالسياط، والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة: أن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت، فسمي السقط (محسنا). والرواية بذلك مشهورة عندهم. وما أرادوا من إحراق البيت عليها - حين التجأ إليها قوم، وامتنعوا من بيعته.
وليس لأحد أن ينكر الرواية بذلك، لأنا قد بينا الرواية الواردة من جهة العامة من طريق البلاذري وغيره، ورواية الشيعة مستفيضة به، لا يختلفون في ذلك.
وليس لأحد أن يقول: إنه لو صح ذلك لم يكن طعنا، لأن للإمام أن يهدد من امتنع من بيعته إرادة للخلاف على المسلمين.
وذلك: أنه لا يجوز أن يقوم عذر في إحراق الدار على فاطمة (ع) وأمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهما السلام). وهل في مثل ذلك عذر يسمع ؟
وإنما يكون مخالفا للمسلمين وخارقا لإجماعهم إذا كان الإجماع قد تقرر وثبت، وإنما يصح ذلك ويثبت متى كان أمير المؤمنين ومن قعد عن بيعته ممن انحاز إلى بيت فاطمة (ع) داخلا فيه غير خارج عنه.
وأي إجماع يصح مع خلاف أمير المؤمنين (عليه السلام) - وحده، فضلا عن أن يبايعه على ذلك غيره. ؟ ومن قال هذا من الجبائي
/ صفحة 79 /
وغيره - بانت عداوته، وعصبيته، لأن قصة الاحراق جرت قبل مبايعة أمير المؤمنين (عليه السلام) والجماعة الذين كانوا معه في منزله، وهم إنما يدعون الإجماع - فيما بعد - لما بايع الممتنعون... فبان: أن الذي أنكرناه منكر (1) ".
وقال الشيخ الطوسي أيضا:
وقد روى البلاذري، عن المدائني، عن مسلمة بن محارب، عن سليمان التميمي عن أبي عون: أن أبا بكر أرسل إلى علي (عليه السلام) يريده على البيعة، فلم يبايع - ومعه قبس - فتلقه فاطمة (عليها السلام) على الباب، فقالت: يا ابن الخطاب، أتراك محرقا علي بابي ؟
قال: نعم (2) وذلك أقوى فيما جاء به أبوك. وجاء علي (ع)، فبايع.
قال الشيخ الطوسي: وهذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة، وإنما الطريف أن يرويه شيوخ محدثي العامة، لكنهم كانوا يروون ما سمعوا بالسلامة. وربما تنبهوا على ما في بعض ما يروونه عليهم، فكفوا منه، وأي اختيار لمن يحرق عليه بابه حتى يبايع؟(3).
ــــــــــــــــــــ
(1) تلخيص الشافي: ج 3 ص 156 و 157.
(2) تلخيص الشافي: ج 3 ص 76، والشافي للسيد المرتضى: ج 3 ص 261. وراجع: البحار: ج 28 ص 389 و 411، وهامش ص 268، وأنساب الأشراف: ج 1 ص 586. وراجع: المصادر التالية، فإن بعضها أبدل كلمة: بابي، بكلمة: بيتي: العقد الفريد: ج 4 ص 259 و 260، وكنز العمال: ج 3 ص 149، والرياض النضرة: ج 1 ص 167، والمختصر في أخبار البشر: ج 1 ص 156، والطرائف: ص 239، وتاريخ الخميس: ج 1 ص 178، ونهج الحق: ص 271، ونفحات اللاهوت، ص 79، وراجع: العوالم ج 11 ص 602 و 408، والشافي لابن حمزة: ج 4 ص 174.
(3) تلخيص الشافي: ج 3 ص 76. (*)
/ صفحة 80 /
4 - أبو الصلاح الحلبي (ت 474).
قال الفقيه الكبير والمتكلم النحرير الشيخ أبو الصلاح الحلبي رحمه الله:
" وقصدهم عليا (ع) بالأذى، لتخلفه عنهم، والإغلاظ له في الخطاب، والمبالغة في الوعيد، وإحضار الحطب لتحريق منزله، والهجوم عليه، بالرجال من غير إذنه، والإتيان به ملببا، واضطرارهم بذلك زوجته وبناته، ونساءه، وحامته من بنات هاشم وغيرهم إلى الخروج من بيوتهم، وتجريد السيوف من حوله، وتوعده بالقتل إن امتنع من بيعتهم " (1).
5 - عبد الجليل القزويني (ت حدود 560).
وقال عبد الجليل القزويني، في كتابه الذي رد فيه على كتاب " بعض فضائح الروافض "، ما ترجمته:
".. يقولون: إن عمر ضرب على بطن فاطمة، وقتل جنينا في بطنها كان الرسول سماه محسنا.."
فجوابه: ".. إن هذا الخبر صحيح. وقد نقله الشيعة وأهل السنة في كتبهم. ولكن قد روي عن المصطفى (ص) قوله: " إنما الأعمال بالنيات "، فإن كان قصد عمر هو أخذ علي للبيعة، ولم يقصد إسقاط الجنين، ولعل عمر لم يكن يعلم أن فاطمة كانت خلف الباب، فيكون قتله للجنين خطأ لا عن عمد.
ــــــــــــــــــــ
(1) تقريب المعارف: ص 233. (*)
/ صفحة 81 /
وحتى لو كان قد قتله عمدا، فإنه لم يكن معصوما. والله هو الذي يحكم فيه، وليس لنا نحن ذلك، ولا يمكن أن يقال، أكثر من ذلك هنا. والله أعلم بأعمال عباده وبضمائرهم، وسرائرهم ".
وقال: " يقولون: إن عمر وعثمان منعا فاطمة الزهراء من البكاء على أبيها الخ.."(1).
ويقول في موضع آخر:
" إن عمر مزق صحيفة فاطمة حول فدك، وضربها على بطنها، ثم منعوها من البكاء على أبيها " (2).
ونقول:
إن الاعتذار المذكور عن قتل المحسن غريب وعجيب، أمام هذا السيل الهائل من الروايات المصرحة بمعرفته بوجودها خلف الباب، حتى لقد جاء في بعضها أنه قد ضرب أصابعها حين أمسكت الباب لتمنعهم من فتحه، وأخبرته أنها حاسرة حتى لا يدخل عليها بيتها.
ثم هو قد رفسها، ولطمها، وضربها هو وقنفذ وغيرهما.
فما ندري ! كيف يمكن اعتبار قتل المحسن خطأ، إلا أن يكون للخطأ مفهوم ومعنى آخر، لا يدركه غير كاتب تلك الكلمات، ومنشئها.
ومهما يكن من أمر، فإننا إنما نقلنا عنه هذه الفقرات، لدلالتها بوضوح على أن ضربها، وإهانتها، وكسر الباب، والدخول عليها في
ــــــــــــــــــــ
(1) الفقرات المتقدمة مترجمة من كتاب النقض لعبد الجليل القزويني: ص 298.
(2) المصدر السابق: ص 302. (*)
/ صفحة 82 /
بيتها عنوة، وإسقاط جنينها كان أمرا مسلما، يحتج به فريق، ويتمحل له المبررات والتوجيهات مهما كانت تافهة وباردة فريق آخر.
ونحن لو أردنا أن نعتمد هذا النوع من التبريرات، فلن نعثر بعد هذا على وجه الأرض على مجرم يدان بجريمته، ويستحق العقوبة.
ولربما تمكن البعض من إيجاد العذر لإبليس، الذي حاول الغزالي التخفيف عنه، وصرف الناس عن لعنه، حين قال: " ولا بأس بالسكوت عن لعنه " (1).
نعم، لقد قال ذلك، وهو يحاول تبرئة يزيد الخمور والفجور من جريمة قتل الحسين (عليه السلام).
فاقرأ، واعجب، فما عشت أراك الدهر عجبا.
6 - يحيى بن محمد العلوي البصري.
قال المعتزلي (المتوفي سنة 656 هـ) نقلا عن أستاذه أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي البصري: " فإن قلتم: إن بيت فاطمة إنما دخل، وسترها إنما كشف حفظا لنظام الإسلام، وكي لا ينتشر الأمر، ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطاعة، ولزوم الجماعة..
قيل لكم: وكذلك ستر عائشة إنما كشف، وهودجها إنما هتك لأنها نشرت حبل الطاعة، وشقت عصا المسلمين، وأراقت دماء المسلمين.. إلى أن قال:
ــــــــــــــــــــ
(1) إحياء علوم الدين: ج 3 ص 125 (ط دار المعرفة). (*)
/ صفحة 83 /
فكيف صار هتك عائشة من الكبائر، التي يجب معها التخليد في النار، والبراءة من فاعله، من أوكد عرى الإيمان. وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها، وجمع حطب ببابها، وتهددها بالتحريق من أوكد عرى الدين، وأثبت دعائم الإسلام، ومما أعز الله به المسلمين، وأطفأ نار الفتنة، والحرمتان واحدة، والستران واحد ؟.
وما نحب أن نقول لكم: إن حرمة فاطمة أعظم، ومكانها أرفع، وصيانتها لأجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولى، فإنها بضعة منه، وجزء من لحمه ودمه، وليست كالزوجة الأجنبية، التي لا نسب بينها وبين الزوج.
إلى أن قال:
وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة، وقد أجمع المسلمون كلهم - من يحبها، ومن لا يحبها منهم -: أنها سيدة نساء العالمين؟!
قال: وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله (ص) في زوجته، وحفظ أم حبيبة في أخيها، ولم تلزم الصحابة أنفسها حفظ رسول الله (ص) في أهل بيته (1).
7 - السيد ابن طاووس (ت 664هـ).
ويحتج العالم العابد الزاهد صاحب الكرامات الباهرة السيد رضي الدين علي بن طاووس على أهل المذاهب الأخرى بما جرى على الزهراء (عليها السلام)، ويروي لهم رواياتهم التي أثبتوها في مصادرهم - حسبما أشرنا إليه في مواضعه - فكان مما ألزمهم به قوله:
ــــــــــــــــــــ
(1) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي: ج 20 ص 16 و 17. (*)
/ صفحة 84 /
" وقد تقدم ذكر بعض ذلك من صحاحهم عند ذكر تأخرهم مع علي (ع) عن بيعة أبي بكر، وعند ذكر اجتماعهم، لما أراد أبو بكر وعمر تحريق علي والعباس بالنار"(1).
ويقول: ومن طرائف الأحاديث المذكورة ما ذكره الطبري، والواقدي، وصاحب الغرر المقدم ذكرهم من القصد إلى بيت فاطمة، وعلي، والحسن والحسين (ع) بالاحراق. أين هذه الأفعال المنكرة من تلك الوصايا المتكررة من نبيهم محمد (ص).."(2).
إلى أن قال:
ومن أطرف الطرائف قصدهم لإحراق علي والعباس بالنار في قوله:
"فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهما، وقد كان في البيت فاطمة".
وفي رواية أخرى: أنه كان معهم في البيت الزبير، والحسن، والحسين (ع)، وجماعة من بني هاشم، لأجل تأخرهم عن بيعة أبي بكر، وطعنهم فيها.
أما ينظر أهل العقول الصحيحة من المسلمين: أن محمدا (ص) كان أفضل الخلائق عندهم، ونبوته أهم النبوات، ومبايعته أوجب المبايعات. ومع هذا فإنه بعث إلى قوم يعبدون الأصنام والأحجار، وغيرهم من أصناف الملحدين والكفار، وما سمعناه أنه استحل، ولا استجاز، ولا رضي أن يأمر بإحراق من تأخر عن نبوته وبيعته.
فكيف بلغت العداوة لأهل بيته والحسد لهم، والاهمال لوصيته
ــــــــــــــــــــ
(1) الطرائف: ص 274.
(2) الطرائف: ص 245. (*)
/ صفحة 85 /
بهم إلى أن يواجهوا ويتهددوا أن يحرقوا بالنار؟
وقد شهدت العقول أن بيعته كانت على هذه الصفات، وأن إكراه الناس عليها بخلاف الشرائع والنبوات، والعادات".
ثم يذكر رواية ابن مسعود قال: " كنا مع رسول الله (ص) فمررنا بقرية نمل، فأحرقت، فقال النبي: لا ينبغي لبشر أن يعذب بعذاب الله تعالى.
" قال عبد المحمود ": وكيف كان أهل بيت النبوة أهون من النمل؟!
وكيف ذكروا: أنهم يعذبونهم بعذاب الله تعالى من الحريق بالنار؟! والله، إن هذه الأمور من أعظم عجائب الدهور"(1).
وقال رحمه الله: ".. فأما علي (ع)، فقد عرفت ما جرى عليه من الدفع عن خلافته ومنزلته. وما بلغوا إليه من القصد لإحراقه بالنار، وكسر حرمته"(2).
وقال السيد ابن طاووس أيضا:
" أقول: وما كفاه ذلك حتى بعث عمر إلى باب أبيك علي وأمك فاطمة وعندهما العباس وجماعة من بني هاشم، وهم مشغولون بموت جدك محمد (ص) والمأتم، فأمر أن يحرقوا بالنار إن لم يخرجوا للبيعة على ما ذكره صاحب كتاب العقد في الجزء الرابع منه وجماعة
ــــــــــــــــــــ
(1) الطرائف: ص 245 و 246.
(2) الطرائف ص 195. (*)
/ صفحة 86 /
ممن لا يتهم في روايتهم. وهو شئ لم يبلغه إليه أحد فيما أعلم قبله ولا بعده من الأنبياء والأوصياء، ولا الملوك المعروفين بالقسوة والجفاء، ولا ملوك الكفار، أنهم بعثوا من يحرقوا الذين تأخروا عن بيعتهم بحريق النار، مضافا إلى تهديد القتل والضرب.
أقول: ولا بلغنا أن أحدا من الملوك كان لهم نبي أو ملك، كان لهم سلطان قد أغناهم بعد الفقر وخلصهم من الذل والضر، ودلهم على سعادة الدنيا والآخرة، وفتح عليهم بنبوته بلاد الجبابرة، ثم مات وخلف فيهم بنتا واحدة من ظهره، وقال لهم: " إنها سيدة نساء العالمين " وطفلين معها منها لهما دون سبع سنين أو قريب من ذلك، فتكون مجازات ذلك النبي أو الملك من رعيته أنهم ينفدون نارا ليحرقوا ولديه، ونفس ابنته، وهما في مقام روحه ومهجته"(1).
وقال أيضا وهو يحتج على الآخرين:
" وذكر الواقدي: أن عمر جاء إلى علي في عصابة منهم أسيد بن الحصين (الصحيح: حضير)، وسلمة بن سلامة الأشهلي، فقال: أخرجوا، أو لنحرقنها عليكم.." (2).
ــــــــــــــــــــ
(1) كشف المحجة: ص 120 و 121.
(2) الطرائف: ص 238 و 239 وإحقاق الحق للتستري: ج 2 ص 370. (*)
/ صفحة 87 /
8 - نصير الدين الطوسي (ت 672 ه?. ق.).
9 - العلامة الحلي (ت 726 ه?. ق.).
10 - شمس الدين الاسفراييني (ت 826 ه?. ق).
11 - القوشجي (ت 879 ه?. ق.).
قال الإمام المحقق نصير الدين الطوسي محمد بن محمد بن الحسن رحمه الله: " وبعث إلى بيت أمير المؤمنين لما امتنع عن البيعة، فأضرم فيه النار، وفيه فاطمة (ع)، وجماعة من بني هاشم " (1).
وزاد العلامة الحلي قوله: " وأخرجوا عليا عليه السلام كرها وكان معه الزبير في البيت، فكسروا سيفه، وأخرجوا من الدار من أخرجوا، وضربت فاطمة، وألقت جنينا اسمه محسن"(2).
وقال أيضا: وهو يعدد المؤاخذات على الخليفة الثاني: ".. قصد بيت النبوة بالاحراق"(3).
ونلاحظ: أن شمس الدين الاسفراييني في كتابه تسديد العقائد في شرح تجريد القواعد ويعرف بالشرح القديم، والقوشجي في شرحه للتجريد لم ينكرا كلام المحقق الطوسي. ولا شككا في صحة الرواية كما هو دأبهما في الموارد الأخرى، بل اكتفى بتوجيه تأخر علي عن بيعة أبي بكر، بدعوى طرو عذر ونحو ذلك، فراجع (4).
ــــــــــــــــــــ
(1) شرح تجريد الاعتقاد (مطبوع ضمن كشف المراد) ص 402، ونهج الحق ص 271 و 272.
(2) كشف المراد: ص 402، و 403.
(3) نهج الحق: ص 275 و 276.
(4) شرح التجريد للقوشجي، ص 482 و 483 (ط حجرية). (*)
/ صفحة 88 /
مع أن القوشجي مشهود له بالتعصب حتى وصفه بعض كبار علماء الإمامية: " بالمتعصب العنود اللدود"(1).
وقال عنه في مورد آخر: " وهذا منه مكابرة محضة، صرفة بحتة، لأن تخلفهم عن جيشه (2) وولايته مشهور في الطرفين، مذكور في الطريقين، غير قابل للمنع، والشريف لما كان منصفا فسلمه وأوله.
والقوشجي لما كان مكابرا عنودا، لجوجا لدودا منعه. كما هو دأبه في المواضع جلها، بل كلها، حيث يعجز عن الجواب"(3).
وثمة موارد أخرى يحدث فيها عن خصوصية القوشجي هذه(4).
12 - الفاضل المقداد (ت 826هـ).
وقال الفقيه المتكلم المحقق الشيخ المقداد السيوري: " إن عليا (عليه السلام) وجماعة لما امتنعوا عن البيعة، والتجأوا إلى بيت فاطمة (ع) منكرين بيعته بعث إليها عمر حتى ضربها على بطنها، وأسقطت سقطا اسمه محسن، وأضرم النار ليحرق عليهم البيت، وفيه فاطمة (ع)، وجماعة من بني هاشم، فأخرجوا عليا (ع) قهرا بحمائل سيفه يقاد.
لا يقال: هذا الخبر يختص الشيعة بروايته، فيجوز أن يكون موضوعا للتشنيع.
ــــــــــــــــــــ
(1) الرسائل الاعتقادية للخواجوئي، ص 409.
(2) أي جيش أسامة.
(3) الرسائل الاعتقادية للخواجوئي: ص 412.
(4) راجع المصدر السابق ص 473 و 471. (*)
/ صفحة 89 /
لأننا نقول: ورد أيضا من طريق الخصم، رواه البلاذري، وابن عبد البر، وغيرهما.
ويؤيده قوله عند موته: ليتني تركت بيت فاطمة لم أكشفه"(1).
ونقول:
إن إصرار كبار علماء المذهب وأساطينه حسبما ظهر مما نقلناه عنهم على الاستدلال في علم الكلام على خصومهم بهذا الأمر، وإرساله إرسال المسلمات. وعدم قدرة الآخرين على التخلص والتملص منه، يدل دلالة ظاهرة على أن إنكار هذا الأمر أو التشكيك فيه من البعض غير مقبول بل غير معقول. ولا سيما مع هذا الكم الهائل من النصوص ومع تواتر الروايات عن المعصومين، الأمر الذي يقطع كل عذر، ويمنع أي تعلل أو تبرير.
13 - البياضي العاملي (ت 877هـ)
وقال العلامة الفقيه، والمتكلم النبيه، الشيخ زين الدين البياضي:
ومنها ما رواه البلاذري، واشتهر في الشيعة: أنه حصر فاطمة في الباب، حتى أسقطت محسنا، مع علم كل أحد بقول أبيها لها:
فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني (2).
" قالوا: عائشة لم تكن ابنة محمد، وحين عقر جملها حمت
ــــــــــــــــــــ
(1) اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية: ص 302.
(2) الصراط المستقيم: ج 3 ص 12، والمطبوع من كتاب البلاذري يبدأ بما بعد الشورى، ولم يطبع كاملا. (*)
/ صفحة 90 /
المسلمين لحرمة زوجها، فتطايرت الرؤوس والأكف حولها. وما فعل بفاطمة من النكير أعظم من عقر البعير، فكيف لم يتحم المسلمون لها"(1).
وقال: " طلب هو وعمر إحراق بيت أمير المؤمنين (ع) لما امتنع هو وجماعة من البيعة. ذكره الواقدي في روايته، والطبري في تاريخه، ونحوه ذكر ابن عبد ربه"(2).
14 - الغروي والهروي.
وقال الفقيه المتكلم، محمد بن علي ابن أبي جمهور الأحسائي في مناظرته مع الفاضل الهروي، والتي جرت سنة 878 ه?. وهي مناظرة مشهورة بين الطائفة (3).
" وأراد إحراق بيت فاطمة لما امتنع علي، وبعض بني هاشم من البيعة، وضغطها بالباب حتى أجهضت جنينا.
وضربها قنفذ بالسيف عن أمره حتى أنها ماتت، وألم السياط وأثرها بجنبها، وغير ذلك من الأشياء المنكرة.
فقال: إن ذلك من رواياتكم وطرقكم، فلا يقوم بها حجة على غيركم.
فقلت: أما الإرث... إلى أن قال:
ــــــــــــــــــــ
(1) الصراط المستقيم: ج 3 ص 13.
(2) الصراط المستقيم: ج 2 ص 301.
(3) راجع: الذريعة: ج 22 ص 285 و 286. وروضات الجنات: ج 7 ص 27، ولؤلؤة البحرين: ص 166. (*)
/ صفحة 91 /
وأما حديث الاحراق، والضرب، وإجهاض الجنين، فبعضه مروي عنكم، وهو العزم على الإحراق، رواه الطبري، والواقدي، وابن قتيبة"(1).
15 - المحقق الكركي (ت 940هـ)
وقال المحقق الكركي: " والطلب إلى البيعة بالإهانة والتهديد بتحريق البيت، وجمع الحطب عند الباب، وإسقاط فاطمة محسنا، ولذا ذكروا - كما رواه أصحابنا - إغراء للباقين بالظلم لهم والانتقام منهم (2).
وقال: " فضلا عن الزامهم له (ع) بها، والتشديد عليه، والتهديد بتحريق البيت، وجمع الحطب عند الباب، كما رواه المحدثون والمؤرخون، مثل الواقدي وغيره"(3).
وقال أيضا: " إنه قد روى نقلة الأخبار، ومدونوا التواريخ، ومن تصفح كتب السير علم صحة ذلك: أن عمر لما بايع صاحبه، وتخلف علي (ع) عن البيعة جاء إلى بيت فاطمة (ع) لطلب علي إلى البيعة، وتكلم بكلمات غليظة، وأمر بالحطب ليحرق البيت على من فيه، وقد كان فيه أمير المؤمنين (ع) وزوجته وأبناؤه وممن انحاز إليهم الزبير، وجماعة من بني هاشم "(4).
ــــــــــــــــــــ
(1) مناظرة الغروي والهروي: ص 47 و 48 ط سنة 1397 ه?.
(2) نفحات اللاهوت: ص 130.
(3) المصدر السابق: ص 65.
(4) المصدر السابق: ص 78. (*)
/ صفحة 92 /
وقال: " ولو أن رسول الله أوصى لهما بالأمر، ونص عليهما بالإمامة لما جاز لهما عقوبة الممتنع من البيعة بالتحريق، وكان من أداني القوم وأصاغرهم، فكيف وهما إنما يدعيان الخلافة الخ.. " (1).
16 - ابن مخدوم (ت 976هـ).
وقال العالم الخبير أبو الفتح ابن مخدوم العربشاهي في شرحه للباب الحادي عشر في مقام الايراد على خلافة أبي بكر:
".. وأيضا بعث إلى بيت أمير المؤمنين (ع) لما امتنع عن البيعة، فأضرم فيه النار، وفيه سيدة نساء العالمين"(2).
17 - الشهيد القاضي التستري (ت 1019هـ).
وبعد أن ذكر الشهيد السعيد والمتكلم النحرير القاضي نور الله التستري بعض النصوص الدالة على سقوط الجنين. وإرادة إحراق بيت الزهراء، وغير ذلك: قال: ".. وما ظنك بأمر يدفع فيه صدور المهاجرين، وتكسر سيوفهم، وتشهر فيه السيوف على رؤوس المسلمين، ويقصد إحراق بيوت ساداتهم إلى غير ذلك.
وكيف لا يكون ذلك إكراها، لولا عمى الأفئدة، فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور الخ.."(3).
ــــــــــــــــــــ
(1) المصدر السابق.
(2) مفتاح الباب: ص 199، تحقيق الدكتور مهدي محقق.
(3) إحقاق الحق: ج 2 ص 374. (*)
/ صفحة 93 /
18 - ابن سعد الجزائري (ت 1021هـ).
وقال المحقق الجليل الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري رحمه الله وهو من أجلاء علماء عصره.
" ومنها: أنه بعث إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام لما امتنع من البيعة، وأمر أن تضرم فيه النار، وكشفوه. وفيه فاطمة، وجماعة من بني هاشم، وأخرجوا عليا. وضربوا فاطمة (عليها السلام)، فألقت جنينا"(1).
إلى أن قال: " كيف وإنما خرج كرها، بعد طول المجادلة، وكثرة الاحتجاج، والمناشدة، وصعوبة التهديد والمجالدة. وإضرام النار في الدار، وضرب المعصومة بنت المختار، وإزعاج السادة الأطهار"(2).
19 - الحر العاملي (ت 1104هـ).
وقال المحدث الجليل، والفقيه المتكلم، صاحب الموسوعة الحديثية الرائدة، " وسائل الشيعة "، وهو يتحدث عن أبي بكر، وعما ينفي أهليته للخلافة:
" ومنها: أنه طلب هو وعمر إحراق بيت أمير المؤمنين لما امتنع هو وجماعة عن البيعة.
ــــــــــــــــــــ
(1) الإمامة: ص 81. (مخطوط) توجد نسخة مصورة عنه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات.
(2) المصدر السابق. (*)
/ صفحة 94 /
ذكره الواقدي في روايته، والطبري في تاريخه، ونحوه ذكر ابن عبد ربه. وهو من أعيانهم وكذا مصنف كتاب أنفاس الجواهر الخ.."(1).
وله كلمات متنوعة ومتفرقة عديدة في مقام الاحتجاج والاستدلال لا نجد ضرورة لنقلها فمن أرادها فليراجعها(2).
20 - العلامة المجلسي (ت 1110 هـ).
وقال العلامة المتبحر شيخ الإسلام المولى الشيخ محمد باقر (المجلسي الثاني) في مقام الايراد على خلافة عمر بن الخطاب:
"..الطعن السابع عشر: إنه هم بإحراق بيت فاطمة (عليها السلام) وكان فيه أمير المؤمنين، وفاطمة، والحسنان. وهددهم، وآذاهم"(3).
وقال المجلسي أيضا:
".. إذ تبين بالمتفق عليه من أخبارهم وأخبارنا: أن عمر هم بإحراق بيت فاطمة (ع) بأمر أبي بكر، أو برضاه، وقد كان فيه أمير المؤمنين، وفاطمة، والحسنان صلوات الله عليهم وهددهم وآذاهم.
مع أن رفعة شأنهم عند الله، وعند رسول الله مما لا ينكره إلا من خرج عن الإسلام " (4).
ــــــــــــــــــــ
(1) إثبات الهداة: ج 2 ص 368.
(2) راجع: إثبات الهداة: ص 334 و 361 و 376 و 377.
(3) البحار: ج 31 ص 59.
(4) البحار: ج 28 ص 408 و 409. (*)
/ صفحة 95 /
21 - أبو الحسن الفتوني (ت 1138هـ).
قال الشريف أبو الحسن الفتوني، وهو من أعاظم علماء عصره (1):
" فالآن نشرع في بيان نبذ مما جرى عليها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من التعدي والتفريط، بحيث أجهرت بالشكوى، وأظهرت الوجد والغضب على المعتدين عليها، حتى أنها أوصت بمنعهم عن حضور جنازتها، إذ لا يخفى حينئذ على كل منصف، متذكر لما ذكرناه في شأنها: أن صدور مثل هذا عنهم قدح صريح فيهم، حيث لم يبالوا - أولا - بما ورد في حقها، ولم يخافوا - ثانيا- من غضب الله ورسوله ".
ثم يستمر في الاستدلال.. ثم يذكر رواية عن بكاء النبي (ص) حين حضرته الوفاة، فسئل عن ذلك، فقال: أبكي لذريتي، وما يصنع بهم شرار أمتي من بعدي، وكأني بفاطمة وقد ظلمت من بعدي، وهي تنادي: يا أبتاه، يا أبتاه، فلا يعينها أحد من أمتي.
ثم يقول:
" هذا الكلام من النبي (ص) إشارة إلى ما سيأتي في المقالة الرابعة، من المقصد الثاني، مفصلا صريحا، من بيان هجوم عمر وجماعة معه، بأمر أبي بكر على بيت فاطمة، لإخراج علي والزبير منه للبيعة. وكذا إلى منعها عن فدك، والخمس، وبقية إرثها من أبيها (ص).
ــــــــــــــــــــ
(1) مرآة الأنوار (المطبوع كمقدمة لتفسير البرهان للسيد هاشم البحراني)، ولؤلؤة البحرين: ص 107. (*)
/ صفحة 96 /
ولا بأس إن ذكرنا مجملا من ذلك ها هنا:
نقل جماعة سيأتي في الموضع المذكور ذكر أساميهم، والكتب التي نقلوا فيها، منهم الطبري، والجوهري، والقتيبي، والسيوطي، وابن عبد ربه، والواقدي، وغيرهم خلق كثير:
أن عمر بن الخطاب وجماعة معه، منهم خالد بن الوليد، أتوا بأمر أبي بكر إلى بيت فاطمة، وفيه علي والزبير، وغيرهما، فدقوا الباب، وناداهم عمر، فأبوا أن يخرجوا.
فلما سمعت فاطمة أصواتهم نادت بأعلى صوتها باكية: يا أبتاه، يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، وابن أبي قحافة.
وفي رواية القتيبي، وجمع غيره:
أنهم لما أبوا أن يخرجوا دعا عمر بالحطب، وقال: والذي نفس عمر بيده، لتخرجن، أو لأحرقنها عليكم على ما فيها.
فقيل له: إن فيها فاطمة؟!
فقال: وإن..
وفي رواية ابن عبد ربه: أن فاطمة قالت له: يا ابن الخطاب، أجئتنا لتحرق دارنا ؟ قال: نعم.
وفي رواية زيد بن أسلم: أنها قالت: تحرق علي، وعلى ولدي؟
قال: إي والله، أو ليخرجن، وليبايعن.
ثم إن القوم الذين كانوا مع عمر لما سمعوا صوتها وبكاءها
/ صفحة 97 /
انصرف أكثرهم باكين، وبقي عمر وقوم معه، فأخرجوا عليا.
حتى في رواية أكثرهم: أن عمر دخل البيت، وأخرج الزبير، ثم عليا. واجتمع الناس ينظرون، وصرخت فاطمة وولولت، حتى خرجت إلى باب حجرتها، وقالت: ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت نبيكم.
وقد ذكر الشهرستاني في كتاب الملل والنحل: أن النظام نقل:
أن عمر ضرب بطن فاطمة ذلك اليوم، حتى ألقت المحسن من بطنها، وكان يصيح: أحرقوها بمن فيها.
وفي روايات أهل البيت (عليهم السلام): أن عمر دفع باب البيت ليدخل، وكانت فاطمة وراء الباب، فأصابت بطنها، فأسقطت من ذلك جنينها المسمى بالمحسن. وماتت بذلك الوجع.
وفي بعض رواياته: أنه ضربها بالسوط على ظهرها.
وفي رواية: أن قنفذ ضربها بأمره ".
ثم يذكر رحمه الله خلاصة عما جاء في كتاب سليم بن قيس، ويذكر أيضا قول الإمام الحسن للمغيرة بن شعبة.
ثم يقول:
" وكفى ما ذكروه في ثبوت دخول بيتها، الذي هو من بيوت النبي (ص) بغير إذنها، وفي تحقق الأذى، لا سيما مع التهديد بالاحراق، حتى أن في الإستيعاب، وكتاب الغرر وغيرهما، عن زيد
/ صفحة 98 /
بن أسلم، أنه قال: كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى دار فاطمة.
وسيأتي بعض الأخبار في المقالة الرابعة من المقصد الثاني (1).
وقال رحمه الله أيضا:
" ثبوت أذية الرجلين لفاطمة غاية الأذى يوم مطالبة علي بالبيعة، حتى الهجوم على بيتها، ودخوله بغير إذن، بل ضربها، وجمع الحطب لإحراقه، وكذا أذيتها في أخذ فدك منها، ومنع إرثها، وقطع الخمس، ونحو ذلك، ووقوع المنازعة بينها وبين من آذاها، وتحقق غضبها، وسخطها على من عاندها، إلى أن ماتت على ذلك، فمما لا شك فيه عندنا معشر الإمامية، بحسب ما ثبت وتواتر من أخبار ذريتها الأئمة الأطهار، والصحابة الأخيار كما هو مسطور في كتبهم، بل باعتراف جماعة من غيرهم أيضا كما سيأتي بعض ذلك، سوى ما مر من أخبار مخالفيهم.
وأما المخالفون، فأمرهم عجيب غريب في هذا الباب، لأن عامة قدماء محدثيهم سطروا في كتبهم جميع ما نقلناه عنهم، وأكثروا طرحها ؟ (كذا). بل أكثرها موجودة في كتبهم المعتبرة، بل صحاحهم المعتمدة عندهم، لا سيما الصحيحين، اللذين هما عندهم تاليا كتاب الله في الاعتماد، كما صرحوا به.
وقد عرفت، ما فيها من الدلالة صريحا، حتى على صريح طردها، ومنعها عن ميراثها، وفدكها، وخمسها، ودوام سخطها لذلك إلى موتها.
مع موافقة مضمونها لما هو معلوم بين من دفنها سرا، وإخفاء
ــــــــــــــــــــ
(1) ضياء العالمين (مخطوط): ج 2 ق 3 ص 60 - 64. (*)
/ صفحة 99 /
قبرها، بحيث أنهم إلى الآن مختلفون في موضعه.. ".
إلى أن قال رحمه الله وهو يتحدث عن بعضهم الذي لم يمكنه إنكار أصل القضية:
" أسقط من بعض ما نقله ما كان صريحا في دوام غضبها. بل موه في النقل بذكر ما يشعر بعدم الغضب، غفلة منه عن أن مثل هذا لا ينفع في مقابل تلك المعارضات القوية كثرة، وسندا، ودلالة.. الخ " (1).
وقال رحمه الله:
".. إن الذي يظهر من روايات القوم، التي نقلناها من كتبهم، موافقة لما روي عن ذريتها الأئمة وغيرهم هو أن أسباب الأذية لم تكن شيئا واحدا. بل كانت متعددة، تواترت منهم عليها من حين وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله) إلى أن توفيت هي: من الهجوم على بابها، بل على داخل بيتها بغير إذنها، وسائر ما ذكرناه، حتى لو فرضنا أنه لم يصدر منهم غير محض إظهار الاهانة يوم مطالبة علي للبيعة الخ.." (2).
22 - الخواجوئي المازندراني (ت 1173هـ).
وقال الفاضل المحقق الخواجوئي المازندراني في رسالته " طريق الإرشاد "، وهو من أكابر علماء الإمامية في عصره:
" وأما إيذاؤهم فاطمة (عليها السلام)، فمشهور، وفي كتب
ــــــــــــــــــــ
(1) ضياء العالمين (مخطوط): ج 2 ق 3 ص 96 و 97.
(2) ضياء العالمين (مخطوط): ج 2 ق 3 ص 107 و 108. (*)
/ صفحة 100 /
الجمهور مسطور. بعث أبو بكر إلى بيت أمير المؤمنين (عليه السلام)، لما امتنع عن البيعة، فأضرم فيه النار، وفيه فاطمة (ع)، وجماعة من بني هاشم، وأخرجوا عليا (ع)، وضربوا فاطمة (ع) فألقت فيه جنينها.
وأما جواب القوشجي عن هذا بأن تأخر علي عن بيعة أبي بكر لم يكن عن شقاق ومخالفة، وإنما كان لعذر، وطرو أمر.
ففيه: أن لو كان الأمر كذلك، فأي وجه لإضرام النار في بيته، وإخراجه منه عنفا.
إلى أن قال: هذا التأخر إن كان لعذر يسوغ معه التأخر عن البيعة فالأمر على ما عرفته من وجوب الإهمال والاعتذار، وحينئذ فلا وجه لإخراجه عنفا، وإحراق بيته بالنار.
وإن لم يكن كذلك فكيف يسوغ لمثل علي (ع) أن يتخلف بلا عذر عن بيعة إمام يعتقد صلاحيته للإمامة ؟ ومن مات وليس في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية. كما رواه ميمون بن مهران، الخ.."(1).
ويقول أيضا وهو يتابع مناقشة ما قاله القوشجي:
".. ثم أي تقصير في ذلك لفاطمة (ع) الطاهرة؟ أو بم استحقت الضرب إلى حد ألقت جنينها؟!
وبعد اللتيا والتي، ففيه تصريح في المطلوب لأنه لما سلم صحة الرواية، ولم يقدح فيها (2).
ــــــــــــــــــــ
(1) الرسائل الاعتقادية: ص 444.
(2) المقصود هو القوشجي. (*)
/ صفحة 101 /
وفيها دلالة صريحة على ضربهم فاطمة ضربا شديدا. وقد سبق أن إيذاءها إيذاء رسول الله الخ.."(1).
وقال أيضا بعد أن ذكر طائفة مما رواه الجمهور في حق أهل البيت (ع) وفي حق السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها:
" كيف يروي الجمهور هذه الروايات، ثم يظلمونها، ويؤذونها، ويأخذون حقها، وينسبونها إلى الكذب ودعوى الباطل، ويكسرون ضلعها، ويجهضون ولدها من بطنها"(2).
وقال أيضا:
".. فانظر أيها العاقل الرشيد، وصاحب الرأي السديد، كيف يروي الجمهور هذه الروايات. ثم يظلمونها، ويأخذون حقها، ويكسرون ضلعها، ويجهضون ولدها من بطنها، فليحذر المقلد..
إلى أن قال رحمه الله: هذا، وورد في طريقنا: أنها (ع) كانت معصومة صديقة شهيدة رضية الخ.."(3).
23 - الشيخ يوسف البحراني (ت 1186 هـ).
قال الفقيه الكبير المحدث الشيخ يوسف البحراني في معرض الاحتجاج أيضا:
ــــــــــــــــــــ
(1) الرسائل الاعتقادية: ص 446.
(2) (رسالة: طريق الإرشاد) للخواجوئي المازندراني (ضمن الرسائل الاعتقادية): ص 465.
(3) الرسائل الاعتقادية: ص 301. (*)
/ صفحة 102 /
".. وأخرجه قهرا، منقادا، يساق بين جملة العالمين، وأدار الحطب على بيته ليحرقه عليه، وعلى من فيه".
وقال: ".. وضرب الزهراء (ع) حتى أسقطها جنينها، ولطمها حتى خرت لوجهها، وجبينها، وخرجت لوعتها وحنينها"(1).
24 - الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت 1228 ه?. ق).
قال الإمام العلم الشيخ جعفر كاشف الغطاء الكبير، وهو يستدل على عدم صحة خلافة أبي بكر:
".. ومنه إحراق بيت فاطمة الزهراء لما جلس فيه علي (ع)، ومعه الحسنان، وامتنع (ع) عن المبايعة، نقله جماعة من أهل السنة، منهم: الطبري، والواقدي، وابن حزامة (كذا) عن زيد بن أسلم، وابن عبد ربه، وهو من أعيانهم، وروي في كتاب المحاسن وغير ذلك"(2).
وقال وهو يورد إشكالاته على الخليفة الثاني: ".. ومنه قصد بيت النبوة وذرية الرسول بالاحراق"(3).
25 - السيد عبد الله شبر (ت 1242 ه?. ق.).
وقال العلامة المتبحر السيد عبد الله شبر، في جملة مؤاخذاته على عمر بن الخطاب:
ــــــــــــــــــــ
(1) راجع: الحدائق الناضرة: ج 5 ص 180.
(2) كشف الغطاء ص 18.
(3) المصدر السابق. (*)
/ صفحة 103 /
" إنه هم بإحراق بيت فاطمة (ع)، وقد كان فيه أمير المؤمنين (ع) وفاطمة (ع)، والحسنان وآذاهم الخ.."(1).
26 - السيد محمد قلي الموسوي (ت 1260 هـ).
وللسيد محمد قلي الموسوي النيشابوري الهندي، والد صاحب عبقات الأنوار كتاب اسمه تشييد المطاعن أورد فيه عشرات الصفحات المشتملة على النصوص الكثيرة. فكان منها ما ترجمته:
أن عمر قد هدد فاطمة بالاحراق، وجمع الحطب حول بيتها.
كما رواه ثقاة أهل السنة، وأعاظم معتمديهم، وأكابر محدثيهم، من المتقدمين والمتأخرين، كالطبري، والواقدي، وعثمان بن أبي شيبة، وابن عبد ربه، وابن جراية، ومصنف المحاسن وأنفاس الجواهر، وعبد البر بن أبي شيبة، والبلاذري، وابن عبد البر صاحب الإستيعاب، وأبي بكر الجوهري، صاحب كتاب السقيفة، والقاضي جمال الدين واصل، وأبو الفداء: إسماعيل بن علي بن محمود صاحب كتاب: المختصر، وابن قتيبة، وإبراهيم بن عبد الله اليمني الشافعي صاحب كتاب الاكتفاء، والسيوطي صاحب كتاب جمع الجوامع، وملا علي المتقي صاحب كنز العمال، وشاه ولي الله الدهلوي.."(2).
ــــــــــــــــــــ
(1) حق اليقين: ص 187 و 188.
(2) تشييد المطاعن: ج 1 ص 433 و 434 وقبلها وبعدها عشرات الصفحات المليئة بالاستدلالات والنصوص، وكتاب تشييد المطاعن قد ألف ردا على كتاب: التحفة الاثني عشرية للدهلوي. (*)
/ صفحة 104 /
ثم ذكر كلمات هؤلاء..
وقال أيضا:
وقوع إحراق بيت الزهراء، ورد في الروايات، وتؤيده القرائن الصادقة الموجودة في كتب أهل السنة.
27 - السيد محمد المهدي الحسيني القزويني (ت 1300 هـ).
ويقول العالم العلم والآية الكبرى السيد محمد بن المهدي بن الحسن الحسيني القزويني، وهو من أعاظم العلماء وكبار مراجع التقليد في عصره:
" فلم يكفهم ذلك كله حتى أنهم قهروا عليا وبني هاشم على البيعة، وأضرموا النار على بيوت آل محمد. ووقفت دونها فاطمة فلم تقدر على منعهم. ولما فتحت الباب صكوا عليها الباب، وكسروا ضلعها وأسقطوا جنينها المحسن، وكسروا سيف الزبير في صحن الدار، وقادوا عليا بحمائل سيفه، كما يقاد الجمل المخشوش، كما نص على ذلك الطبري، والواقدي، وابن جراية في النور، وابن عبد ربه، ومصنف كتاب نفائس الجواهر لابن سهلويه وهو في المدرات النظامية ببغداد وعمر بن شيبة في كتابه وغيرهم. وذلك بعد تأخر علي عن البيعة ستة أشهر. مضافا إلى منعهم فاطمة ميراث أبيها، وغصبهم فدكا والعوالي فيها، ورد دعواها ورد شهادة علي والحسنين وأم أيمن، وتمزيق صكها المرسوم من النبي الأمين الذي هو بركة العالمين وغير ذلك مما صدر من المؤذيات لفاطمة، وتحريجهم على بكائها حتى اتخاذها بيت الأحزان، ومرضها من جهتهم، ودفنها سرا، وموتها وهي
/ صفحة 105 /
واجدة كما صرح البخاري وغيره، فإذا ثبت هذا كله.. " (1).
28 - السيد الخونساري (ت 1313 ه?. ق.).
وقال العلم العلامة المتتبع السيد الخونساري رحمه الله معلقا على أحاديث: فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذاها:
".. فلم أدر من آذاها، ومن أبغضها، ومن أسقط جنينها، ومن رفع أنينها، ومن لطم وجهها، ومن ضرب جنبها"(2).
29 - آية الله المظفر (ت 1375 ه?. ق.).
وقال العلامة آية الله الشيخ محمد حسن المظفر:
"... وبالجملة، يكفي في ثبوت قصد الاحراق رواية جملة من علمائهم له، بل رواية الواحد منهم له، لا سيما مع تواتره عند الشيعة، ولا يحتاج إلى رواية البخاري ومسلم وأمثالهم ممن أجهده العداء لآل محمد (ص)، والولاء لأعدائهم، وأدام التزلف إلى ملوكهم وأمرائهم، وحسن السمعة عند عوامهم " (3).
وقال: " من عرف سيرة عمر وغلظته مع رسول الله (ص) قولا وفعلا لا يستبعد منه وقوع الإحراق، فضلا عن مقدماته ".
وقال: " على أن الإحراق لو وقع ليس بأعظم من غصب
ــــــــــــــــــــ
(1) الصوارم الماضية، ص 56، (مخطوط) توجد نسخة مصورة منه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات في بيروت.
(2) روضات الجنات: ج 1 ص 358.
(3) دلائل الصدق: ج 3 ق 1 ص 91. (*)
/ صفحة 106 /
الخلافة " (1).
30 - السيد شرف الدين (ت 1377 ه?. ق.)
قدمنا في فصل سابق بعض الحديث عن احتجاجات الإمام العلم السيد عبد الحسين شرف الدين على الآخرين، بالتهديد بالاحراق، الثابت بالتواتر القطعي (2). وبأن أبا بكر قد كشف بيت فاطمة، وغير ذلك، فلا نعيد.
31 - الشهيد الصدر (ت 1400 ه?. ق).
وقال المفكر الإسلامي الكبير الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر تغمده الله برحمته:
".. إن عمر الذي هجم عليك في بيتك المكي، الذي أقامه النبي مركزا لدعوته قد هجم على آل محمد (ص) في دارهم، وأشعل النار فيها أو كاد " (3).
وقال: " سيرة الخليفة وأصحابه مع علي، التي بلغت من الشدة: أن عمر هدد بحرق بيته، وإن كانت فاطمة فيه.
ومعنى هذا: إعلان أن فاطمة وغير فاطمة من آلها، ليس لهم حرمة تمنعهم عن أن يتخذ معهم نفس الطريقة التي سار عليها مع سعد بن عبادة، حين أمر الناس بقتله"(4).
ــــــــــــــــــــ
(1) المصدر السابق، ص 89 و 90.
(2) المراجعات: ص 357، (ط سنة 1413 هـ) انتشارات أسوة - قم - ايران.
(3) فدك في التاريخ: ص 26 (ط سنة 1987 م) الدار العالمية للطباعة والنشر والتوزيع.
(4) المصدر السابق ص 91. (*)
الفصل الرابع
المحسن في النصوص والآثار
/ صفحة 111 /
هل مات المحسن صغيرا ؟
إن من الواضح: أن موضوع قتل المحسن سيحرج علماء وأعلام طائفة عظيمة من المسلمين تدين بالولاء لأولئك الذين كان لهم دور في ما جرى على الزهراء.
نعم سيحرجهم ذلك مع أتباعهم ومؤيديهم أولا وسيحرجهم - ثانيا - في مجالات الحجاج والاستدلال مع غيرهم.
فكان لا بد من أن يجدوا حلا لهذه المعضلة التي تواجههم.
فحاول بعضهم إنكار وجود المحسن من الأساس، قال عمر أبو النصر:
" اختلف المؤرخون في وجوده كما قدمنا - وإن كان اليعقوبي والمسعودي وغيرهما يؤكدون وجوده " (1).
ثم يقول: " ينكر بعض المؤرخين وجود المحسن. ولكن غيرهم يثبته، كالمسعودي وأبو الفداء (2). وقد تجد لذلك تلميحات قليلة ونادرة أخرى، لسنا في مجال ملاحقتها.
وحيث أن هذا الإنكار يعتبر مجازفة خطيرة، ولا يجد مبررات تكفي للاصرار عليه، كما أنه لا مجال لإنكار الهجوم على بيت
ــــــــــــــــــــ
(1) فاطمة بنت رسول الله محمد (ص): ص 94 (ط بيروت).
(2) المصدر السابق: هامش ص 93. (*)
/ صفحة 112 /
الزهراء، ثم إخراج علي أمير المؤمنين من ذلك البيت بالعنف. لذا، فقد اتجهت الأنظار إلى محاولات من نوع آخر تهدف إلى إبعاد شبح العنف أو وسائله عن أن تنالها ذهنية الناس العاديين.
وكان من مفردات هذا الاتجاه سكوت فريق من الناس عن ذكر المحسن، مع إمكان الاعتذار عن هذا السكوت بأنه إنما يتصدى للحديث عمن عاش من أبناء علي وفاطمة(ع).
ولكن ذلك كله لما لم يكن كافيا في تحقيق النتائج المرجوة.
فإن وجود محسن في جملة أولاد الزهراء (ع)، كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار. وليس من السهل تجاهله، أو إنكاره، فقد لجأ البعض إلى إبعاد الشبهة عن أولئك الذين تسببوا في قتل هذا الجنين المظلوم. وتجرؤا على سيدة نساء العالمين. ولكن بطريقة ذكية، تحمل في طياتها إنكارا مبطنا، وإبطالا لمقولة حصول الإسقاط، من حيث نفي موضوعه.
فادعوا: أن محسنا قد ولد في عهد النبي (ص)، فسماه النبي (ص) "محسنا".
ويذكرون في كيفية ذلك ما من شأنه أن يلحق الاهانة بعلي (ع) حيث تظهر الرواية: إصرار علي (ع) ثلاث مرات على أن يسمي
المولود حربا، وإصرار الرسول (ص) على خلافه..
حيث يراد الايحاء بأن عليا (ع) كان يعيش خلقية الرجل المحارب، فلا يفكر بما سوى ذلك. وتكون نتيجة ذلك بصورة ظاهرها العفوية هي أنه (ع) كان يقتل الناس في الحروب، لأن لديه شهوة قتل الناس.
/ صفحة 113 /
فلم تكن القضية إذن، قضية تضحية، وفداء، واندفاع ديني، من منطق الاحساس بالتكليف الشرعي الإلهي، فحقد الناس على علي (ع) يصبح وجيها وفي محله..
ومهما يكن من أمر، فإن ابن شهر آشوب المازندراني اعتبر دعوى ولادة المحسن في زمان النبي (ص) - سقطا - صادرة من جماعة من السفساف حملهم على ابتكارها العناد، فهو يقول:
" وجماعة: من السفساف (1)، حملهم العناد على أن قالوا:
كان أبو بكر أشجع من علي.
وإن مرحبا قتله محمد بن مسلمة.
وإن ذا الثدية قتل بمصر.
وأن في أداء سورة براءة كان أبو بكر أميرا على علي، وربما قالوا: قرأها أنس بن مالك.
وأن " محسنا " ولدته فاطمة في زمن النبي سقطا..
وإن النبي.. إلى أن قال:
ومن ركب الباطل زلت قدمه: {وزين لهم الشيطان أعمالهم، فصدهم عن السبيل، وكانوا مستبصرين..} (2) وجماعة جاهروهم بالعداوة..(3) ".
ــــــــــــــــــــ
(1) السفاسف جمع سفساف، وهو الردئ.
(2) سورة العنكبوت، آية 38.
(3) مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 16. (*)
/ صفحة 114 /
وهكذا.. يتضح: أن هؤلاء قد حاولوا أن يجمعوا بين مقولة كون المحسن سقطا، وبين كون الآخرين فوق الشبهات، وأتقى وأجل من أن يرتكبوا جريمة كهذه. فقرروا: أن هذا المولود سقط بلا شك، ولكنه سقط في زمن رسول الله (ص)..
ثم جاءت الرواية الصحيحة السند - عندهم - لتؤكد هذا المعنى، وتقول:
روى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، ورواه غيره بسند صحيح (1)، قال:
حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هاني بن هاني، عن علي، قال:
" لما ولد الحسن سميته حربا، فجاء رسول الله (ص)، فقال: أروني ابني، ما سميتموه ؟
قال: قلت: حربا.
قال: بل هو حسن.
فلما ولد الحسين سميته حربا، فجاء رسول الله (ص)، فقال:
أروني ابني ما سميتموه ؟
قال: قلت: حربا.
قال: بل هو حسين.
ــــــــــــــــــــ
(1) أي صحيح وفق معايير أهل السنة. راجع: شرح المواهب للزرقاني ج 4 ص 239. (*)
/ صفحة 115 /
فلما ولد الثالث سميته حربا.
فجاء النبي (ص)، فقال: أروني ابني، ما سميتموه ؟
قلت: حربا.
قال: بل هو محسن.
ثم قال: سميتهم بأسماء ولد هارون: شبر: وشبير، ومشبر (1).
ــــــــــــــــــــ
(1) مسند الإمام أحمد ج 1 ص 98، و 118 وتاريخ دمشق: (ترجمة الإمام الحسين بتحقيق المحمودي) ص 18، والسنن الكبرى: ج 6 ص 166، و ج 7 ص 63، وتهذيب تاريخ دمشق: ج 4 ص 204، عن أحمد، والطبراني، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن حبان، والحاكم، والدولابي، والأدب المفرد: ص 121، وأسد الغابة: ج 2 ص 18، و ج 4 ص 308، والإصابة: ج 3 ص 471، والمعجم الكبير للطبراني: ج 3 ص 28 و 96 و 97 والذرية الطاهرة: ص 97، والاستيعاب: (مطبوع بهامش الإصابة)، ج 1 ص 369. ونهاية الإرب: 18 ص 213، والرياض المستطابة: ص 293، وتاريخ الخميس: ج 1 ص 418، ومنتخب كنز العمال (مطبوع بهامش مسند أحمد)، ج 5 ص 108، ومختصر تاريخ دمشق: ج 7 ص 7 و 117، ومستدرك الحاكم: ج 3 ص 165 و 166، ومجمع الزوائد: ج 8 ص 52، عن البزار والطبراني، في الكبير وأحمد، وقال: رجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هاني بن هاني، وهو ثقة. وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامش المستدرك) وصححه وذخائر العقبى: ص 119 عن أحمد، وأبي حاتم، وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج 3 ص 144، وراجع هوامشه، والتبيين في أنساب القرشيين: ص 133، و 192، وكفاية الطالب: ص 208، وتذكرة الخواص: ص 193، وشرح المواهب للزرقاني: ج 4 ص 339، والبداية والنهاية: ج 7 ص 332 وتاج العروس: ج 3 ص 389، وعن كنز العمال: ج 6 ص 221. وترجمة الإمام الحسن (ع) " من القسم غير المطبوع من الطبقات الكبرى لابن سعد ": ص 34، والاحسان في تقريب صحيح ابن حبان: ج 15 ص 410، وكشف الأستار عن مسند البزار: ج 2 ص 216، وموارد الظمآن: ص 551، عن السيرة الحلبية: ج 3 ص 292. (*)
/ صفحة 116 /
التابعون من أولي الأربة:
ثم قرر الآخرون مضمون هذه الرواية، وأرسلوه إرسال المسلمات في كتبهم ومؤلفاتهم، ونحن نعرض هنا ما توفر لدينا من أقوالهم التي تعترف بوجود المحسن، ولكنها تزعم أنه مات صغيرا، ونلفت النظر إلى أن دعوى موته صغيرا لا تلازم بالضرورة التزامهم بأنه مات في زمن النبي (ص)، بل هي لا تنافي القول الآخر بأنه مات سقطا.
والنصوص هي التالية:
1 - قال الطبري، وابن الأثير: ".. وقد ذكر أنه كان له منها ابن آخر، يقال له: " محسن " وأنه توفي صغيرا " (1).
2 - قال يونس: سمعت ابن إسحاق يقول: " فولدت فاطمة لعلي حسنا، وحسينا، ومحسنا، فذهب محسن صغيرا.. "(2).
3 - وقال ابن إسحاق: فولدت فاطمة لعلي حسنا، وحسينا ومحسنا، مات صغيرا " (3).
4 - وقال حسام الدين حميد بن أحمد المحلي: " الحسن والحسين صلوات الله عليهما والمحسن درج صغيرا " (4).
5 - قال القسطلاني: " وولدت حسنا، وحسينا، ومحسنا.
ــــــــــــــــــــ
(1) الكامل لابن الأثير: ج 3 ص 397، وتاريخ الأمم والملوك: ج 5 ص 153.
(2) دلائل النبوة للبيهقي: ج 3 ص 161.
(3) البداية والنهاية: ج 3 ص 346.
(4) الحدائق الوردية: ج 1 ص 52. (*)
/ صفحة 117 /
مات محسن صغيرا.. الخ " (1).
6 - وقال ابن حزم الأندلسي: " تزوج فاطمة علي بن أبي طالب، فولدت له الحسن، والحسين، والمحسن. مات المحسن صغيرا"(2).
وقال: أعقب هؤلاء كلهم حاشا المحسن، فلا عقب له، مات صغيرا جدا إثر ولادته (3).
7 - وقال البدخشاني الحارثي: " أما أولادها، فإنها ولدت ثلاثة بنين: الحسن، والحسين، ومحسن. أما الحسن والحسين، فسيجئ ذكرهما، وأما محسن فمات رضيعا "(4).
8 - وقال المحب الطبري: " الحسن والحسين، وقد استوعبنا ذكرهما في مناقب ذوي القربى، ولهما عقب، ومحسن، مات صغيرا، أمهم فاطمة"(5).
9 - وقال المحب الطبري أيضا: " وقال غيره (أي غير الليث بن سعد): ولدت حسنا، وحسينا، ومحسنا، فهلك محسن صغيرا، وأم كلثوم الخ.." (6).
10- قال ابن المرتضى عن فاطمة (ع): " وولدت له الحسن،
ــــــــــــــــــــ
(1) المواهب اللدنية: ج 1 ص 198.
(2) جمهرة أنساب العرب: ص 16. وراجع: ص 37.
(3) جمهرة أنساب العرب ص 37.
(4) نزل الأبرار: ص 134.
(5) الرياض النضرة، المجلد الثاني، ج 4 ص 239، وذخائر العقبى ص 116 و 117.
(6) ذخائر العقبى: ص 55 وإرشاد الساري: ج 6 ص 141. (*)
/ صفحة 118 /
والحسين، ومحسنا، مات صغيرا " (1).
وقال: " وأولاده الحسن، والحسين، ومحسن من فاطمة (ع)، ثم محمد بن الحنفية "(2).
11 - وقال المناوي: ".. قال الليث: فولدت له حسنا، وحسينا، ومحسنا - مات صغيرا - وأم كلثوم.. الخ " (3).
ويظهر أن عبارة: " مات صغيرا "، هي من إضافات المناوي، حيث أن الآخرين قد نقلوا كلام الليث ولم يذكروا هذه العبارة.
12 - وقال ابن فندق وهو يعدد أولاد أمير المؤمنين (ع) من فاطمة: " الحسن بن علي، والحسين بن علي، والمحسن بن علي (ع)، هلك صغيرا "(4).
13 - وقال البري التلمساني: " ولدت فاطمة لعلي (رض): الحسن، والحسين، ومحسنا، درج صغيرا " (5).
14 - وعنونه ابن الأثير في جملة الصحابة، فقال: " محسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي. أمه فاطمة بنت رسول الله (ص).. ثم ذكر تسمية رسول الله (ص)، له ثم قال: " وتوفي المحسن صغيرا، أخرجه أبو موسى "(6).
ــــــــــــــــــــ
(1) البحر الزخار: ج 1 ص 208.
(2) البحر الزخار: ج 1 ص 221.
(3) إتحاف السائل: ص 33.
(4) لباب الأنساب والألقاب، والأعقاب: ج 1 ص 337.
(5) الجوهرة في نسب الإمام علي وآله: ص 19.
(6) أسد الغابة: ج 4 ص 308. (*)
/ صفحة 119 /
15 - وقال العسقلاني عن المحسن: " استدركه ابن فتحون على ابن عبد البر، وقال: أراه مات صغيرا " (1).
ولا ندري لماذا لا يقول: أراه مات سقطا.
16 - وقال ابن قدامة المقدسي: " محسن بن علي بن أبي طالب، لا نعرفه إلا في الحديث الذي يرويه هاني بن هاني عن علي (ثم ذكر قصة تسمية المحسن بحرب، ثم تسمية النبي (ص) له، ثم قال): " والظاهر أنه مات طفلا " (2).
وقال: " ولدت لعلي (رض): الحسن، والحسين، وأم كلثوم، وزينب.
وروي أنها ولدت ابنا ثالثا، سماه رسول الله (ص) محسنا، وقال: سميتهم بأسماء ولد هارون: شبر، وشبير، ومشبر"(3).
17 - وقد ولدت من علي رضي الله عنهما: سيدنا الحسن، وسيدنا الحسين، وسيدتنا السيدة زينب، وسيدنا محسن، الذي مات صغيرا"(4).
18 - قال ابن الجوزي: ".. وزاد ابن إسحاق في أولاد فاطمة من علي: محسنا، قال: ومات صغيرا"(5).
ــــــــــــــــــــ
(1) الإصابة ج 4 ص 471.
(2) التبيين في أنساب القرشيين: ص 133.
(3) المصدر السابق ص 91 و 92.
(4) تاريخ الهجرة النبوية ص 58.
(5) صفة الصفوة ج 2 ص 9. (*)
/ صفحة 120 /
19 - وقال السخاوي: ".. وللرابعة (1) من علي، التي لم تتزوج غيره: الحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم، وزينب، فمحسن مات صغيرا.." (2).
20 - وقال العامري: " فصل في ذكر أولادها، وتنزيل بطونهم، هم: حسن، وحسين، ومحسن، وأم كلثوم وزينب.. إلى أن قال: إنه
(ص) سمى أولاد فاطمة حسنا وحسينا ومحسنا بأولاد هارون بن عمران (ع)، وهلك محسن صغيرا"(3).
21 - وقال الشبلنجي: ".. وأما أولادها رضي الله عنها فالحسن، والحسين، ومحسن، وهذا مات صغيرا"(4).
22 - "وقال غيره(5): " ولدت حسنا، وحسينا، ومحسنا، فهلك محسن صغيرا"(6).
23 - وقال ابن كثير: " فأول زوجة تزوجها علي (رض) فاطمة بنت رسول الله (ص) بنى بها بعد وقعة بدر، فولدت له الحسن وحسينا، ويقال: ومحسنا ومات وهو صغير الخ.." (7).
24 - وقال عماد الدين إسماعيل أبي الفدا: ".. وولد له منها
ــــــــــــــــــــ
(1) أي من بنات النبي (ص)، وهي الزهراء (ع).
(2) التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، ج 1 ص 19.
(3) راجع: الرياض المستطابة للعامري اليمني: ص 292 و 293.
(4) نور الأبصار: ص 147.
(5) أي غير الليث بن سعد.
(6) تاريخ الخميس: ج 1 ص 279.
(7) البداية والنهاية: ج 7 ص 332. (*)
/ صفحة 121 /
الحسن، والحسين، ومحسن، ومات صغيرا وزينب الخ.. " (1).
25 - روى الدولابي عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير قال: "سمعت ابن إسحاق يقول: ولدت فاطمة بنت رسول الله (ص) لعلي بن أبي طالب: حسنا، وحسينا، ومحسنا. فذهب محسن صغيرا وولدت أم كلثوم وزينب"(2).
26 - وقال ابن قتيبة: " ولدت لعلي: الحسن، والحسين، ومحسنا، وأم كلثوم الخ..(3).
وقال أيضا: "وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير"(4).
27 - قال النويري: " وقد قيل: إنها ولدت ابنا اسمه محسن توفي صغيرا"(5).
وقال في مورد آخر: "فولدت (رض) له حسنا، وحسينا، ومحسنا. فذهب محسن صغيرا"(6).
وقال: "فجميع أولاد علي (رض) خمسة عشر ذكرا، وهم الحسن والحسين، ومحسن على خلاف فيه.."(7).
28 - قال سبط ابن الجوزي: " وقد زاد ابن إسحاق في أولاد
ــــــــــــــــــــ
(1) المختصر في أخبار البشر: ج 1 ص 181.
(2) الذرية الطاهرة: ص 90 و 155.
(3) المعارف ص 143 و 210.
(4) المعارف ص 211.
(5) نهاية الإرب: ج 20 ص 221.
(6) نهاية الإرب: ج 18 ص 213.
(7) نهاية الإرب: ج 20 ص 223. (*)
/ صفحة 122 /
فاطمة من علي (ع) محسنا، مات صغيرا " (1).
29 - قال القسطلاني: " ولدت لعلي، حسنا، وحسينا، ومحسنا، فمات صغيرا " (2).
30 - وقال سبط ابن الجوزي: " وهذا يدل على ما ذكره الزبير بن بكار: أن فاطمة جاءت من علي بولد آخر اسمه محسن مات طفلا (3).
31 - وقال القندوزي: " ولدت حسنا وحسينا، ومحسنا، فهلك محسن صغيرا"(4).
32 - وقال ابن سيد الناس: " فولدت له حسنا، وحسينا، ومحسنا، مات صغيرا، وأم كلثوم وزينب (ع) الخ..(5)".
33 - وقال خواند أمير: " روى ابن إسحاق والليث بن سعد رضي الله عنهما: أنه كان لفاطمة ولدان آخران، اسمهما محسن، ورقية، وقد ماتا صغيرين"(6).
34 - وقال اليعقوبي: " كان له من الولد الذكور أربعة عشر ذكرا، الحسن، والحسين، ومحسن، مات صغيرا " (7).
ــــــــــــــــــــ
(1) تذكرة الخواص: ص 322.
(2) راجع: شرح المواهب للزرقاني: ج 4 / 339.
(3) تذكرة الخواص ص 193.
(4) ينابيع المودة: ص 201 والعوالم: ج 11 ص 539.
(5) عيون الأثر: ج 2 ص 290.
(6) حبيب السير: ج 1 ص 436.
(7) تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 213. (*)
/ صفحة 123 /
35 - وقال المقدسي: ".. فأما محسن بن علي: فإنه هلك صغيرا " (1).
36 - وقال ابن خير الله العمري الموصلي (الخطيب): "..
وذكر في التبيين أنها ولدت ثالثا غير الحسن، والحسين، فسماه النبي (ص) محسنا"(2).
ذكر المحسن، دون ذكر سبب موته:
إن من الواضح: أن الكثيرين قد ذكروا المحسن في ولد علي وفاطمة (ع)، ولم يشيروا إلى مصيره.. فلا ينافي ذلك أنه كان سقطا.
أما الذين لم يذكروه في عداد أولاده (ع)، فلا يعني عدم ذكرهم له أنهم ينكرون وجوده ; لأن مقصودهم إنما هو ذكر الذين عاشوا من أولادهما (ع).
ونذكر من هؤلاء:
1 - قال الفيروز آبادي: " شبر كبقم. وشبير كقمير، ومشبر كمحدث: أبناء هارون (ع)، قيل: وبأسمائهم سمى النبي (ص): الحسن، والحسين، والمحسن"(3).
2 - قال الزبيدي: " قيل: وبأسمائهم سمى النبي (ص) أولاده: الحسن، والحسين، والمحسن. الأخير بالتشديد، كذا جاء في بعض الروايات.
ــــــــــــــــــــ
(1) البدء والتاريخ: ج 5 ص 75.
(2) الروضة الفيحاء في تواريخ النساء: ص 252.
(3) القاموس المحيط: ج 2 ص 55 وعنه في البحار: ج 43 ص 238. (*)
/ صفحة 124 /
وقال ابن بري: ووجدت ابن خالويه قد ذكر شرح هذه الأسماء، فقال: شبر وشبير، ومشبر هم أولاد هارون (ع). ومعناها بالعربية: حسن، وحسين، ومحسن ".
3 - ثم قال: " وبها سمى علي (رض) أولاده: شبرا، وشبيرا، ومشبرا. يعني: حسنا وحسينا ومحسنا " (1).
4 - " ذكر أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة الإصبهاني رحمه الله في كتاب المعرفة: أن عليا تزوج فاطمة بالمدينة، بعد سنة من الهجرة. وابتنى بها بعد ذلك بنحو من سنة. وولدت لعلي: الحسن، والحسين، ومحسنا، وأم كلثوم الكبرى، وزينب الكبرى"(2).
5 - وقال ابن الأثير عن ابن عباس في حديث له: " وفاطمة، وكانت تحت علي، وولدت له حسنا، وحسينا، ومحسنا، وزينب"(3).
6 - عن الليث بن سعد، قال: " تزوج علي فاطمة فولدت له حسنا، وحسينا، ومحسنا، وزينب، وأم كلثوم"(4).
7 - وقال الذهبي: " قال ابن عبد البر: دخل بها بعد وقعة أحد،
ــــــــــــــــــــ
(1) تاج العروس: ج 3 ص 389، ولسان العرب: ج 4 ص 393.
(2) دلائل النبوة للبيهقي: ج 3 ص 162، وراجع: البحار: ج 43، ص 213 وعوالم العلوم: ج 11 ص 480.
(3) جامع الأصول: ج 12، ص 9 و 10. وقال: أخرجه رزين وضياء العالمين (مخطوط): ج 4 ق 3 ص 2 عنه.
(4) ذخائر العقبى: ص 55 وإرشاد الساري: ج 6 ص 141، والعوالم: ج 11 ص 539. (*)
/ صفحة 125 /
فولدت له الحسن، والحسين، ومحسنا، وأم كلثوم، وزينب " (1).
8 - وعنونه العسقلاني في الصحابة فقال: " المحسن بتشديد السين المهملة، ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي، سبط النبي(ص)" (2).
ثم ذكر كلام ابن فتحون الآتي:
9 - وقال شمس الدين محمد بن طولون: " ولعلي (رض) من الولد: الحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم الخ.."(3).
10 - وقال النووي: " ولعلي (رض) من الولد: الحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم الكبرى، وزينب الكبرى، كلهم من فاطمة"(4).
11 - قال الديار بكري: " عن الليث بن سعد قال، تزوج علي فاطمة فولدت له حسنا، وحسينا ومحسنا وزينب الخ.."(5).
12 - قال ابن كثير: ".. فولدت له حسنا، وبه كان يكنى، وحسينا وهو المقتول شهيدا بأرض العراق. قلت: ويقال: ومحسنا، الخ.." (6).
13 - وقال ابن حبان: " كان لعلي بن أبي طالب خمسة
ــــــــــــــــــــ
(1) سير أعلام النبلاء: ج 2 ص 119.
(2) الإصابة: ج 3 ص 471.
(3) الأئمة الاثنا عشر: ص 58.
(4) تهذيب الأسماء: ج 1 ص 349.
(5) تاريخ الخميس: ج 1 ص 278 / 279.
(6) البداية والنهاية: ج 5 ص 293. (*)
/ صفحة 126 /
وعشرون ولدا، من الولد: الحسن، والحسن، ومحسن، وأم كلثوم الخ... " (1).
14 - " كان أولاد علي من فاطمة ثلاثة ذكور: حسن، وحسين، ومحسن، وبنتين: زينب، وأم كلثوم. وكلهم أعقوا ما عدا محسنا"(2).
15 - كان له من الولد أربعة عشر ذكرا، منهم: الحسن، الحسين، ومحسن، من فاطمة بنت رسول الله (ص)"(3).
16 - عن الليث بن سعد، قال: " تزوج علي فاطمة (ع)، فولدت له حسنا، وحسينا، ومحسنا، وزينب، وأم كلثوم، ورقية"(4).
17 - "وفي بغية الطالب: أولاده رضي الله عنهم أربعة عشر ذكرا، وثماني عشرة أنثى بالاتفاق. واختلف في الذكور إلى عشرين، وفي الإناث إلى اثنين وعشرين. أما الذكور، فالحسن، والحسين، ومحسن"(5).
18 - وقال محمد بن الشحنة: ".. وولد لعلي من الذكور أربعة عشر ولدا، وبنات كثيرة، فمن فاطمة (رض): الحسن، والحسين، ومحسن، وزينب"(6).
19 - وقال الخوارزمي: " وولدت لعلي (ع)، الحسن والحسين،
ــــــــــــــــــــ
(1) الثقات: ج 2 ص 304.
(2) شرح بهجة المحافل للاشخر اليمني ج 2 ص 138.
(3) مآثر الإنافة: ج 1 ص 100.
(4) ذخائر العقبى ص وعوالم العلوم: ج 11 ص 539.
(5) نور الأبصار: ص 103.
(6) روضة المناظر: ج 7 ص 195 (مطبوع بهامش الكامل في التاريخ). (*)
/ صفحة 127 /
والمحسن، وأم كلثوم الكبرى الخ.. " (1).
20 - وقال عمر أبو النصر: " رزقت فاطمة بنت الرسول من البنين من زوجها الإمام علي بن أبي طالب خمسة أولاد: الحسن، والحسين، والمحسن، وزينب الكبرى، وأم كلثوم الكبرى"(2).
21 - وقال المازندراني: " كناها: أم الحسن، وأم الحسين، وأم المحسن، وأم الأئمة، وأم أبيها الخ.."(3).
22 - وقال الشيخ عباس القمي: ".. يذكر المسعودي في مروج الذهب، وابن قتيبة في المعارف، ونور الدين العباس الموسوي الشامي في (أزهار بستان الناظرين): أن محسنا يعد في أولاد أمير المؤمنين عليه السلام"(4).
23 - وفي حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام)، يذكر فيه النداء من بطنان العرش، يقول: " ونعم السبط سبطاك، وهما الحسن والحسين. ونعم الجنين جنينك، وهو المحسن"(5).
24 - وفي نص عن التوراة: " إليا، أبو السبطين: الحسن، والحسين، ومحسن، الثالث من ولده. كما جعلت لأخيك هارون:
ــــــــــــــــــــ
(1) عوالم العلوم: ج 1 ص 272، عن مقتل الحسين للخوارزمي ص 83.
(2) فاطمة بنت رسول الله محمد (ص)، ص 93.
(3) مناقب آل أبي طالب، ج 3 ص 132، والبحار: ج 43 ص 16 و 17، وعن الهداية الكبرى، ص 176 وضياء العالمين (مخطوط) ج 2 ق 3 ص 11 عن المناقب وعوالم العلوم: ج 11 ص 69.
(4) منتهى الآمال: ج 1 ص 263.
(5) تفسير القمي: ج 1 ص 128 والبحار: ج 7 ص 328 و 329 و ج 23 ص 130 و 131 و ج 12 ص 6 و 7 وتفسير نور الثقلين: ج 1 ص 348 والبرهان (تفسير): ج 1 ص 328 و 329.(*)
/ صفحة 128 /
شبرا، شبيرا، ومشبرا " (1).
إسقاط المحسن مجردا عن ذكر السبب:
1 - الكافي، العدة، عن أحمد بن محمد، عن القاسم عن جده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، عن آبائه (ع)، قال: قال أمير المؤمنين (ع): إن أسقاطكم إذا لقوكم يوم القيامة ولم تسموهم يقول السقط لأبيه: ألا سميتني ؟ وقد سمى رسول الله (ص) محسنا قبل أن يولد"(2).
2 - ويقول البعض: ".. ولد لأمير المؤمنين (ع) من فاطمة: الحسن (ع)، والحسين (ع)، والمحسن، سقط، وأم كلثوم الخ.."(3).
3 - وقال كمال الدين بن طلحة الشافعي رحمه الله: " الفصل الحادي عشر، في ذكر أولاده (ع): اعلم أيدك الله بروح منه: أن أقوال الناس اختلفت في عدد أولاده (ع) ذكورا وإناثا، فمنهم من أكثر، فعد منهم السقط، ولم يسقط ذكر نسبه. ومنهم من أسقطه ولم ير أن يحتسب في العدة به، فجاء قول كل واحد بمقتضى ما اعتمده في ذلك، وبحسبه"(4).
ــــــــــــــــــــ
(1) البحار: ج 38 ص 145 عن المناقب.
(2) الكافي: ج 6 ص 18، وعوالم العلوم: ج 11 ص 411، والبحار: ج 43 ص 195، و ج 10 ص 112، و ج 101 ص 118، وراجع: الخصال: ج 2 ص 634 وعلل الشرائع ج 2 ص 464، وجلاء العيون: ج 1 ص 222.
(3) تاريخ أهل البيت، نقلا عن الأئمة: الباقر والصادق، والرضا، والعسكري: ص 93.
(4) كشف الغمة، للإربلي: ج 2 ص 67 عنه. (*)
/ صفحة 129 /
4 - قال الصبان: " ولدت فاطمة من علي ستة: ثلاثة ذكور، وثلاثة إناث. فالذكور الحسن، والحسين والمحسن، - بضم الميم وفتح الحاء، وتشديد السين، مكسورة - والإناث: زينب.. إلى أن قال: فأما الحسن، والحسين فأعقبا الكثير الطيب، وسيأتي الكلام عليهما. وأما المحسن فأدرج سقطا.. (1) ".
ونقول:
ويقصد من عبارته الأخيرة: "فأدرج سقطا.."!! مات سقطا، لأن كلمة درج معناها: مات.
5 - قال ابن أبي الثلج: " ولد لأمير المؤمنين (ع) من فاطمة (ع): الحسن، والحسين، ومحسن، سقط (2)".
6 - " وذكر قوم آخرون زيادة على ذلك، وذكروا فيهم محسنا شقيقا للحسن والحسين (ع)، كان سقطا " (3).
7 - وقال الطبرسي وهو يعدد أولاد أمير المؤمنين (ع): "الحسن، والحسين عليهما السلام، والمحسن الذي أسقط"(4).
8 - وقال المامقاني: ".. ولدت له حسنا وحسينا ومحسنا، وزينبا وأم كلثوم. وأسقطت محسنا"(5).
ــــــــــــــــــــ
(1) إسعاف الراغبين: (مطبوع بهامش نور الأبصار) ص 86.
(2) تاريخ الأئمة: ص 16 (مطبوع ضمن مجموعة رسائل نفيسة) انتشارات بصيرتي، قم - ايران.
(3) كشف الغمة للإربلي: ج 2 ص 67، عن كمال الدين بن طلحة رحمه الله.
(4) تاج المواليد: ص 18.
(5) تنقيح المقال: ج 3 ص 82. (*)
/ صفحة 130 /
9 - وقال الطبرسي: " كان لفاطمة (ع) خمسة أولاد ذكر وأنثى: الحسن والحسين عليهما السلام، وزينب الكبرى، وزينب الصغرى، المكناة بأم كلثوم (رض)، وولد ذكر قد أسقطته فاطمة (ع) بعد النبي (عليه التحية والسلام). وقد كان رسول الله (ص) سماه - وهو حمل - محسنا " (1).
10 - قال ابن الصباغ المالكي: ".. وذكروا: أن فيهم محسنا شقيقا للحسن والحسين عليهما السلام، ذكرته الشيعة، وأنه كان سقطا.." (2).
11 - وقال الصفوري الشافعي: " كان الحسن أول أولاد فاطمة الخمسة: الحسن والحسين، والمحسن كان سقطا، وزينب الكبرى وزينب الصغرى"(3).
12 - وقال الشيخ المفيد: "... وفي الشيعة من يذكر، أن فاطمة (صلوات الله عليها) أسقطت بعد النبي (ص) ولدا ذكرا، كان سماه رسول الله (ص) - وهو حمل - محسنا"(4).
13 - وقريب منه ما ذكره الفضل بن الحسن الطبرسي (5).
ــــــــــــــــــــ
(1) تاج المواليد: ص 23 و 24 (مطبوع ضمن رسائل نفيسة، انتشارات بصيرتي، قم - ايران).
(2) الفصول المهمة، ص 126، والبحار ج 32 ص 90.
(3) نزهة المجالس: ج 2 ص 184 و 194.
(4) الإرشاد للشيخ المفيد: ج 1 ص 355 وكشف الغمة للإربلي: ج 2 ص 67، والبحار: ج 42، ص 90.
(5) إعلام الورى: ص 203. (*)
/ صفحة 131 /
14 - وذكر ذلك أيضا العلامة الحلي في اختصاره للارشاد (1).
15 - وقريب منه أيضا ما ذكره ابن البطريق (2) فراجع.
وفي كشف الغمة وفي العمدة بدل قوله " وفي الشيعة " قال: " وفي رواية: أن فاطمة الخ.. ".
16 - وقال جمال الدين المحدث الهروي بعد أن عد محسنا في جملة أولاد علي: "وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير، والحق أنه كان سقطا"(3).
17 - وقال ابن طلحة: " من أكثر ; فعد السقط، يقصد بذلك المحسن"(4).
18 - وقال إبراهيم الطرابلسي الحنفي في الشجرة التي صنعها للناصر، واستنسخت لخزانة صلاح الدين الأيوبي:
".. محسن بن فاطمة (ع)، أسقط. وقيل: درج صغيرا. والصحيح أن فاطمة أسقطت جنينا " (5).
19 - وقال الحمزاوي المالكي: " وأما المحسن، فأدرج سقطا " (6).
ــــــــــــــــــــ
(1) المستجاد من كتاب الإرشاد: ص 140 (مطبوع ضمن مجموعة رسائل نفيسة). نشر مكتبة بصيرتي، قم - ايران.
(2) العمدة: ص 30.
(3) كتاب الأربعين: ص 68 وراجع: ص 67.
(4) مطالب السؤل: ص 45.
(5) أولاد الإمام علي للسيد مهدي السويج: ص 46 عن الشجرة المشار إليها: ص 6.
(6) المصدر السابق عن مشارق الأنوار للحمزاوي: ص 132. (*)
/ صفحة 132 /
20 - ونقل السيد مهدي السويج ذلك عن عدة مصادر، ومنها: مناقب الحسن والحسين للجوهري، وصاحب جوهرة الكلام، والأنوار لأبي القاسم (1).
ذكر السقط مع سبب الاسقاط:
1 - قد تقدم أن المقدسي ينسب إسقاط المحسن، بسبب ضرب عمر للزهراء (ع) إلى الشيعة.
2 - " قال: ومنها ما رواه البلاذري، واشتهر بين الشيعة: أنه حصر فاطمة في الباب، حتى أسقطت محسنا، مع علم كل أحد بقول أبيها: بضعة مني، من آذاها فقد آذاني"(2).
3 - وقال عماد الدين الطبري (من علماء القرن السابع)، ما ترجمته: "وقالوا: إن فاطمة (ع)، أسقطت محسنا، بسبب ضرب عمر لها على بطنها"(3).
4 - وقال السيد تاج الدين علي بن أحمد الحسيني (وهو من أعلام القرن الحادي عشر هجري): "سبب وفاتها هي من الضرب الذي أصابها، وأسقطت بعده الجنين"(4).
ــــــــــــــــــــ
(1) أولاد الإمام علي (ع): ص 46.
(2) إثبات الهداة: ج 2 ص 370 والصراط المستقيم للبياضي رحمه الله، ج 3 ص 12.
(3) كامل بهائي (فارسي): ص 309.
(4) التتمة في تواريخ الأئمة: ص 28 (ط سنة 1412 هـ) توزيع دار الكتاب الإسلامي بيروت.(*)
/ صفحة 133 /
وقال: وهو يعدد أولاد علي عليه السلام " والسقط الذي سماه النبي صلى الله عليه وآله في حياته - وهو حمل - محسنا"(1).
5 - وقال علي بن محمد العمري النسابة: " ولم يحتسبوا بمحسن، لأنه ولد ميتا. وقد روت الشيعة خبر المحسن، والرفسة.
ووجدت بعض كتب أهل النسب يحتوي على ذكر المحسن، ولم يذكر الرفسة من جهة أعول عليها"(2).
6 - وعند البعض: " وأولادها: الحسن، والحسين، والمحسن سقط. وفي معارف القتيبي: أن محسنا فسد من زخم قنفذ العدوي"(3).
وقال في مورد آخر: " فولد من فاطمة (ع): الحسن، والحسين، والمحسن سقط"(4).
7 - وعنه (ع): " ويأتي محسن مخضبا، ومحمولا، تحمله خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت أسد.. إلى أن قال: وجبرئيل يصيح - يعني محسنا - ويقول: إني مظلوم فانتصر، فيأخذ رسول الله محسنا على يديه، رافعا له إلى السماء، وهو يقول الخ.."(5).
ــــــــــــــــــــ
(1) المصدر السابق: ص 39.
(2) المجدي في أنساب الطالبيين: ص 12.
(3) المناقب لابن شهر آشوب. ج 3 ص 407 (ط دار الأضواء)، والبحار ج 43 ص 237 و 233، والعوالم: ج 11 ص 539.
(4) مناقب آل أبي طالب - لابن شهر آشوب. وراجع: البحار: ج 42، ص 91.
(5) فاطمة الزهراء: بهجة قلب المصطفى، ج 2 ص 532، نوائب الدهور: ص 192. (*)
/ صفحة 134 /
8 - وعنه (ع)، في حديث: ".. وقاتل فاطمة (ع)، وقاتل المحسن " (1).
9 - وعنه (ع): " فرفسها برجله، وكانت حاملة بابن اسمه المحسن، فأسقطت المحسن من بطنها"(2).
10 - وعنه (ع): " وكان سبب وفاتها: أن قنفذا مولى الرجل لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسنا"(3).
11 - وفي دعاء الإمام الرضا (ع) في سجدة الشكر: ".. وقتلا ابن نبيك"(4) أي المحسن.
12 - وقال ابن سعد الجزائري: " وضربوا فاطمة (ع)، فألقت جنينا " (5).
13 - وقال الفتوني العاملي: ".. وفي روايات أهل البيت: أن عمر دفع الباب ليدخل. وكانت فاطمة وراء الباب، فأصابت بطنها، فأسقطت من ذلك جنينها المسمى بالمحسن"(6).
ــــــــــــــــــــ
(1) الاختصاص: ص 343 و 344 وكامل الزيارات: ص 326 و 327 والبحار: ج 25 ص 373، وعن بصائر الدرجات.
(2) الاختصاص: ص 184 و 185، والبحار، ج 29 ص 192، ووفاة الصديقة الزهراء للمقرم: ص 78.
(3) دلائل الإمامة: ص 45، وراجع: البحار: ج 43 ص 170 وعوالم العلوم: ج 11 ص 411، و 504.
(4) مهج الدعوات: ص 257 و 258، والمصباح للكفعمي: ص 553 و 554 وبحار الأنوار: ج 3 ص 393 و ج 83، ص 223، ومسند الإمام الرضا للعطاردي: ج 2 ص 65.
(5) الإمامة: ص 81 (مخطوط).
(6) ضياء العالمين (مخطوط) ج 2 ق 3 ص 62 - 64. (*)
/ صفحة 135 /
14 - وقال الخواجوئي المازندراني: "... وضربوا فاطمة (ع)، فألقت فيه جنينها"(1).
15 - وقال: " أي تقصير في ذلك لفاطمة (ع) الطاهرة ؟ وبم استحقت الضرب إلى حد ألقت فيه جنينها ؟ "(2).
16 - وقال: " ويكسرون ضلعها، ويجهضون ولدها من بطنها"(3).
17 - وقال الشيخ يوسف البحراني: "... ضرب الزهراء (ع) حتى أسقطها جنينها"(4).
18 - وذكر ذلك بالتفصيل السيد محمد قلي الموسوي فراجع (5).
19 - وقال المرجع الكبير السيد محمد المهدي القزويني: " ولما فتحت الباب صكوا عليها الباب، وكسروا ضلعها، وأسقطوا جنينها المحسن"(6).
20 - وقال السيد الخوانساري، في حديث له عن الزهراء: " ومن أسقط جنينها، ومن رفع أنينها الخ " (7).
ــــــــــــــــــــ
(1) الرسائل الاعتقادية: (للخواجوئي) ص 444.
(2) الرسائل الاعتقادية: ص 446.
(3) طريق الإرشاد: (مطبوعة ضمن الرسائل الاعتقادية) للخواجوئي: ص 465 والرسائل الاعتقادية نفسها: ص 301.
(4) الحدائق الناضرة: ج 5 ص 180.
(5) تشييد المطاعن: ج 1 ذكر ذلك بالتفصيل في عشرات الصفحات.
(6) الصوارم الماضية: (مخطوط) ص 56.
(7) روضات الجنات: ج 1 ص 358. (*)
/ صفحة 136 /
21 - وقال الشيخ الطوسي: " والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة: أن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت، فسمي السقط " محسنا " والرواية بذلك مشهورة عندهم"(1).
22 - وقال عبد الجليل القزويني: ".. أن عمر ضرب بطن فاطمة، وقتل جنينا في بطنها، كان الرسول سماه محسنا "(2).
23 - وقال الفاضل المقداد: " بعث إليها عمر حتى ضربها على بطنها، وأسقطت سقطا، اسمه محسن " (3).
24 - وقال البياضي: " اشتهر في الشيعة: أنه حصر فاطمة في الباب، حتى أسقطت محسنا "(4).
25 - وقال ابن أبي جمهور: ".. وضغطها بالباب حتى أسقطت جنينا".
وقال: " أما حديث الاحراق، والضرب، وإجهاض الجنين فبعضه مروي عنكم الخ.."(5).
26 - وقال المحقق الكركي معترضا عليهم: "... وجمع الحطب عند الباب، وإسقاط فاطمة محسنا"(6).
27 - وذكر القاضي التستري بعض ما يدل على إسقاط
ــــــــــــــــــــ
(1) تلخيص الشافي: ج 3 ص 156 و 157.
(2) النقض: ص 298.
(3) اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية، ص 302.
(4) الصراط المستقيم: ج 3 ص 12.
(5) مناظرة الغروي والهروي: ص 47 و 48، (ط سنة 1397 ه?. ق.).
(6) نفحات اللاهوت: ص 130. (*)
/ صفحة 137 /
الجنين، فراجع كلامه (1).
28 - وقال الحسيني: ".. فاندفعوا نحو الباب، ودفعوه نحوها، وكانت حاملا فأسقطت ولدا كان رسول الله قد سماه محسنا " (2).
وسيأتي لنا كلام مع الحسيني هنا.
29 - وقال المسعودي: " وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسنا"(3).
30 - وعن النظام أنه قال: " إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين (المحسن) من بطنها "(4).
31 - ونقل ابن أبي الحديد المعتزلي عن الشيعة قولهم: "إن عمر ضغطها بين الباب والجدار فصاحت: يا أبتاه يا رسول الله، وألقت جنينا ميتا"(5).
32 - وقال القاضي النعمان: " فضربوها بينهم فأسقطت " (6).
ــــــــــــــــــــ
(1) إحقاق الحق: ج 2 ص 374.
(2) سيرة الأئمة الاثني عشر: ج 1 ص 132.
(3) إثبات الوصية: ص 143، والبحار: ج 28 ص 308 و 309.
(4) الملل والنحل،: ج 1 ص 57، وعوالم العلوم: ج 11 ص 416، والبحار: ج 28 هامش ص 271 و 281 وبهج الصباغة: ج 5 ص 15، والوافي بالوفيات: ج 6 ص 17، وبيت الأحزان: ص 124.
(5) شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج 2 ص 60.
(6) الأرجوزة المختارة: ص 88 - 92. (*)
/ صفحة 138 /
33 - وقال مغامس الحلي:
من بعد ما رمت الجنين بضربة * فقضت بذاك وحقها مغصوب (1)
34 - وقال الشيخ الحر العاملي:
أولادها خمس: حسين وحسن * وزينب وأم كلثوم أسن
ومحسن أسقط في يوم عمر * من فتحه الباب كما قد اشتهر
إلى أن قال عن سبب موتها (ع):
إذ أسقطت لوقتها جنينها * ولم تزل تبدي له أنينها (2)
35 - وقال المحقق الأصفهاني:
وفي جنين المجد ما يدمي الحشا * وهل لهم إخفاء أمر قد فشا
والباب والجدار والدماء * شهود صدق ما بها خفاء
لقد جنى الجاني على جنينها * فاندكت الجبال من حنينها (3)
36 - وفي رواية عن النبي (ص): "وكسر جنبها، وأسقطت جنينها"، إلى أن قال: "وخلد في نارك من ضرب جنبها، حتى ألقت ولدها" (4).
ــــــــــــــــــــ
(1) المنتخب للطريحي: ص 293.
(2) أرجوزة في تواريخ النبي والأئمة (ص): ص 13 و 14 (مخطوط) يوجد صورة عنه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات في بيروت. تراجع أعلام النساء: ج 2 ص 316 و 317.
(3) الأنوار القدسية: ص 42 - 44.
(4) فرائد السمطين: ج 2 ص 34 و 35، والأمالي للشيخ الصدوق: ص 99 - 101، وإثبات الهداة: ج 1 ص 280 - 281، وإرشاد القلوب للديلمي: ص 295، وبحار الأنوار: ج 28 ص 37 - 39، و ج 43 ص 172 و 173، والعوالم: ج 11، ص 391 و 392، وجلاء العيون: ج 1 ص 186 - 188، وبشارة المصطفى: ص 197 - 200، وعن الفضائل لابن شاذان، ص 8 - 11، تحقيق الأرموي، وغاية المرام: ص 48 والمحتضر ص 109. (*)
/ صفحة 139 /
37 - وجاء في الزيارة: " المقتول ولدها " (1).
38 - وقال الكفعمي: إن سبب موتها (ع): أنها ضربت وأسقطت (2).
39 - وقال سليم بن قيس: " ودفعها، فكسر ضلعها من جنبها، فألقت جنينا من بطنها " (3).
40 - وقال الكنجي عن الشيخ المفيد: " زاد على الجمهور: أن فاطمة (ع) أسقطت بعد النبي ذكرا. وكان سماه رسول الله (ص) محسنا(4).
41 - وقال المقدس الأردبيلي: ".. وقد ضربها عمر نفسه على بطنها، وضربها غلامه بالسوط على كتفها. وكان ذلك سبب سقط جنينها " (5).
ــــــــــــــــــــ
(1) إقبال الأعمال: ص 625، والبحار: ج 97 ص 199 / 200.
(2) المصباح ص 522.
(3) سليم بن قيس: ص 597 - 590، والاحتجاج: ج 1 ص 210 - 216، وجلاء العيون: ج 1. وراجع: مرآة العقول: ج 5 ص 319 و 320، والبحار: ج 28 ص 268، و 270 و ج 43 ص 197 - 200، والعوالم: ج 11 ص 400 و 404، وضياء العالمين: ج 2 ق 3 ص 63 و 64.
(4) كفاية الطالب: ص 413.
(5) حديقة الشيعة: ص 265 و 266. (*)
/ صفحة 140 /
42 - وفي رسالة عمر لمعاوية: "... واشتد بها المخاض، ودخلت البيت، فأسقطت سقطا سماه علي محسنا"(1).
43 - نقل الصدوق عن بعض المشايخ في تفسير قوله: " إن لك كنزا في الجنة "، " إن هذا الكنز هو ولده المحسن، وهو السقط الذي ألقته فاطمة لما ضغطت بين البابين"(2).
44 - وفي رواية عن الإمام الصادق (ع): " وتضرب وهي حامل.. إلى أن قال: وتطرح ما في بطنها من الضرب ". إلى أن تقول الرواية: " وأول من يحكم فيه محسن بن علي في قاتله، ثم في قنفذ " (3).
45 - وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق (ع): "ورفس بطنها، وإسقاطها محسنا".
وتقول الرواية أيضا: "وركل الباب برجله، حتى أصاب بطنها، وهي حامل بالمحسن لستة أشهر، وإسقاطها إياه".
وتقول: "وتضرب، ويقتل جنين في بطنها".
وجاء فيها أيضا: " فقد جاءها المخاص من الرفسة، ورد الباب، فأسقطت محسنا...
ــــــــــــــــــــ
(1) البحار: ج 30 ص 294 و 295.
(2) معاني الأخبار: ص 205 - 207، والبحار: ج 39، ص 41 و 42.
(3) كامل الزيارات: ص 332 - 335، والبحار: ج 28 ص 62 - 64، وراجع: ج 53 ص 23، وراجع: عوالم العلوم: ج 11 ص 398، وجلاء العيون للمجلسي: ج 1 ص 184 - 186. (*)
/ صفحة 141 /
إلى أن تقول الرواية: " ويأتي محسن، تحمله خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت أسد الخ..".
إلى أن تقول الرواية: ".. والموؤدة - والله - محسن الخ.."(1).
46 - وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (ع): "وقتل محسن بالرفسة أعظم وأمر"(2).
47 - وقال أبو السعادات، أسعد بن عبد القاهر: " ضغطا فاطمة (ع) في بابها، حتى أسقطت المحسن"(3).
48 - وعن علي (ع): أنه كان يقنت في صلاته بدعاء جاء فيه: "وجنين أسقطوه، وضلع دقوه، وصك مزقوه"(4).
49 - وفي رواية ذكرها الديلمي عن الزهراء، أنها قالت: "وركل الباب برجله، فرده علي، وأنا حامل، فسقطت لوجهي.. إلى أن قالت: وجاءني المخاض، فأسقطت محسنا قتيلا بغير جرم"(5).
50 - وعن الإمام الحسن، وهو يخاطب المغيرة: " وأنت الذي ضربت فاطمة بنت رسول الله (ص) حتى أدميتها، وألقت ما في
ــــــــــــــــــــ
(1) البحار: ج 53 ص 14 - 23. والعوالم: ج 11 ص 441 - 443، والهداية الكبرى: ص 392، وحلية الأبرار: ج 2 ص 652.
(2) فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى: ج 2 ص 532، عن نوائب الدهور: ص 194، والهداية الكبرى: ص 417.
(3) هامش كتاب المصباح للشيخ الكفعمي: ص 553 والبحار: 82 ص 261.
(4) المصباح للكفعمي: ص 553، والبلد الأمين: ص 551 و 552، وعلم اليقين: ص 701. والبحار: ج 2 ص 261.
(5) بحار الأنوار: ج 30 ص 348 - 350، عن إرشاد القلوب للديلمي. (*)
/ صفحة 142 /
بطنها، استذلالا منك لرسول الله الخ " (1).
51 - وعن الإمام الباقر (ع): " وحملت بمحسن، فلما قبض رسول الله، وجرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها، وأخرج ابن عمها أمير المؤمنين، وما لحقها من الرجل، أسقطت به ولدا تماما الخ.." (2).
52 - وقال المجلسي الأول: "وسقط بالضرب غلام اسمه محسن" (3).
53 - وقال المجلسي الثاني: " عصروها وراء الباب، فألقت ما في بطنها، من سماه رسول الله (ص) محسنا"(4).
وقال: " فأسقطت لذلك جنينا، كان سماه رسول الله (ص) محسنا " (5).
وقال: " قد استفاض في رواياتنا، بل في رواياتهم أيضا: أنه روع فاطمة (ع) حتى ألقت ما في بطنها "(6).
وقال: " وضغطا فاطمة (ع) في بابها حتى سقطت بمحسن"(7).
ــــــــــــــــــــ
(1) الاحتجاج: ج 1 ص 414، والبحار: ج 43 ص 197، ومرآة العقول: ج 5 ص 321، وضياء العالمين: (مخطوط) ج 2 ق 3 ص 321.
(2) دلائل الإمامة: ص 26 و 27، وراجع: العوالم: ج 11 ص 504.
(3) روضة المتقين: ج 5 ص 342.
(4) جلاء العيون: ج 1 ص 193.
(5) مرآة العقول: ج 5 ص 318، وتراجم أعلام النساء: ج 2 ص 321.
(6) البحار: ج 28 ص 209 و 210.
(7) البحار: ج 82 ص 264. (*)
/ صفحة 143 /
54 - وقال الكاشاني: " وكان ذلك الضرب أقوى سبب في إسقاط جنينها. وقد كان رسول الله (ص) سماه محسنا " (1).
55 - وقال الطريحي: " حين عصرها خالد بن الوليد، فأسقطت محسنا " (2).
56 - وقال صاحب كتاب مؤتمر علماء بغداد: ".. وعصر عمر فاطمة بين الحائط والباب عصرة شديدة قاسية حتى أسقطت جنينها"(3).
المقدسي.. وإسقاط المحسن:
قال المقدسي: " حفدة رسول الله (ص): عبد الله بن عثمان، علي بن أبي العاص وأمامة بنت أبي العاص، والحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم، وزينب، ثمانية نفر "(4).
وقال أيضا: " كان له من الولد ثمانية وعشرون ولدا، أحد عشر ذكرا، وسبعة عشر أنثى، منهم من فاطمة (ع) خمسة: الحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم الكبرى، وزينب الكبرى الخ.."(5).
وقد تقدم قوله أيضا: ".. فأما محسن بن علي فإنه هلك
ــــــــــــــــــــ
(1) نوادر الأخبار: ص 183 وعلم اليقين: ص 686 و 688، وراجع: عوالم العلوم: ج 11 ص 414.
(2) المنتخب للطريحي: ص 136.
(3) مؤتمر علماء بغداد: ص 135 - 137.
(4) البدء والتاريخ: ج 5 ص 20 و 21.
(5) البدء والتاريخ: ج 5 ص 73. (*)
/ صفحة 144 /
صغيرا " (1).
57 - وقال: " وولدت محسنا. وهو الذي تزعم الشيعة أنها أسقطته من ضربة عمر. وكثير من أهل الآثار لا يعرفون محسنا " (2).
وظاهر كلامه:
1 - أن الشيعة عموما يقولون: إن عمر قد ضرب فاطمة فأسقطت محسنا..
2 - أنه هو نفسه يعد محسنا من أحفاد النبي (ص)، ومن أولاد فاطمة، ويقول: إنه مات صغيرا كما ظهر من عباراته الآنفة.
3 - أن قوله: كثير من أهل الآثار لا يعرفون محسنا، قد قلنا: إنه غير دقيق لأن أهل الآثار إنما تتجه عنايتهم إلى ذكر من عاشوا لا إلى ذكر من سقط وهو حمل.
سقوط المحسن بسبب الجزع على الرسول (ص):
58 - قال عمر أبو النصر: " يقول مؤلف كتاب: الإسناد في معرفة حجج الله على العباد، إن فاطمة (رض) أسقطت المحسن بعد وفاة رسول الله، ولعلها أسقطته من فرط جزعها واضطرابها " (3).
ــــــــــــــــــــ
(1) البدء والتاريخ: ج 5 ص 75.
(2) البدء والتاريخ: ج 5 ص 20.
(3) فاطمة بنت رسول الله محمد (ص): 94، صادر عن مكتب عمر أبي نصر للتأليف والترجمة والصحافة - بيروت - لبنان.(*)
/ صفحة 145 /
ونظن أن الفقرة الأخيرة هي من كلام عمر أبي النصر، لا من كلام مؤلف كتاب " الإسناد في معرفة حجج الله ". (والظاهر أن الصحيح هو: الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، وهو كتاب الإرشاد للمفيد رحمه الله).
ومهما يكن من أمر فإن من الواضح: أن هذه إهانة صريحة للزهراء، بأنها (ع) قد جزعت من قضاء الله سبحانه إلى هذه الدرجة.
مع أنها (ع) أتقى وأبر من أن يتوهم في حقها الجزع الذي يصل بها إلى حد التفريط بجنينها وقتله، وهي المرأة الصابرة المحتسبة، التي تقول لنسوة بني هاشم حين اجتمعن، وجعلن يذكرن النبي (ص): " اتركن التعداد، وعليكن بالدعاء " (1).
وقد أوصى رسول الله (ص) فاطمة (ع)، فقال: " إذا أنا مت فلا تخمشي علي وجها، ولا ترخي علي شعرا، ولا تنادي بالويل، ولا تقيمي علي نائحة "(2).
وقد أوصاها أيضا في هذه المناسبة بقوله: " توكلي على الله، واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء " (3).
ولم تكن الزهراء (ع) لتخالف أمر أبيها، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين. ولا يمكن أن نتصورها تعصي الله انسياقا وراء عواطفها..
ــــــــــــــــــــ
(1) البحار: ج 22، ص 522، عن الكافي. ومناقب ابن شهر آشوب، ج 1 ص 294.
(2) البحار: ج 22 ص 496، وفي هامشه عن الكافي: ج 2 ص 66.
(3) البحار: ج 22 ص 502، وفي هامشه عن أمالي الشيخ الطوسي: ص 32 و 33. (*)
/ صفحة 146 /
ولكن الحاقدين والموتورين قد حاولوا تصوير فاطمة (ع) بصورة المرأة الجازعة التي تدعو بالويل، وتقيم النوائح، ويصل بها الجزع حدا تقتل ولدها وتسقط جنينها، حتى لقد " روي أنها ما زالت بعد أبيها رسول الله (ص) معصبة الرأس ناحلة الجسم منهدة الركن، باكية العين محترقة القلب يغشى عليها ساعة بعد ساعة وتقول لولديها الخ.."(1).