الجزء الثاني

كل مايخص القصص والعبر
أضف رد جديد
بائعة الورد
عضو جديد
مشاركات: 45
اشترك في: السبت فبراير 02, 2008 9:33 pm

الجزء الثاني

مشاركة بواسطة بائعة الورد »

ألم عائشة تضاعف ، وهي تشـــاهد والدها تقسّمه الحيرة ، بين ما آلت إليه حال أمها ، بسبب موقف الدكتور فيصل ، وبين رغبته في أن يساعدها ، للخروج من هذا الوضع ، بنقلها إلى مستشفى خاص ، رغم ضعف إمكاناته المادية . انتبهت إلى أن حيرته تضاعفت ، بعد رواية أمها لقصة أم خالد . تسترجع المشهد لبضع دقائق مضت ، حين كــــان والدها ، يشرق وجهه بالأمل ، وتكسو محيّاه علامات الارتياح ، لوجود طبيب سعودي . تلحظ الآن ، شعوراً بالمرارة ، يجعله يوالي ارتشاف الماء ، من زجاجة مياه صحية لم تفارق يده ، منذ أن تجادل مع العاملين في قسم الطوارئ ، حول موقف الدكتور فيصل . سمعته يردد في جداله معهم : " تصوّروا .. يصفنا بالتخلف ، لأن زوجتي امرأة تستحي ، وتراقب ربها ، ولا تريد أن يقوم بتوليدها .. إلا طبيبة . هل يعقل أن يكون هذا الدكتور وأمثاله ، من نفس مجتمعنا ، ويدينون بدينه ..؟ " . أحست أن صدمتها من تعامل الطبيب ، وخيبة أمل والدها به ، أشد أذى على نفسها ، مما اعترى والدتها من انزعاج ، لعدم وجود طبيبة تـــتولى توليدها .
هــذا المــوقف ليس الأول ، الذي يصدمها فيه تعامل بعض السعوديين . العام الماضي ، روت لها زوجة خالها ، التي كانت عائدة من رحلة خارجية ، موقف راكب سعودي ، رفض أن يتنازل لهم عن مكانه ، ليلتئم شمل الأسرة ، وتبرع بذلك شخص هندي . تتذكر أن زوجة خالها ، قالت بسخرية ، تعليقاً على ذلك الموقف : " لا .. وبعد ، لابس قميص ( تي شيرت ) ، كاتب عليه : ارفــع رأسك .. أنت سعودي . على ويش ..؟ على زين الطبائع ..! " .
ابتسمت في سرها ، إذْ صادف تعليق زوجة خالها ، قناعة داخلية لديها ، بأن هذا الشعار ، ينطوي على إحساس مزيف بالتفوق .. ولا يخلو من نبرة عنصرية ، تكرّس فوقية فارغة .

استغرقت في التفكير ، تتأمل والديها الموزعين بين عناءين : الرهاب النفسي لوالدتها من الأطباء الذكور ، وعجز والدها عن تحقيق رغبة أمها . مادياً .. بسبب ضيق ذات اليد ، ومعنوياً بسبب صلف الدكتور وعجرفته . عادت بها الذاكرة إلى سنوات مضت ، إلى حلم صغير لابنة التاسعة . أمنية طفلة باحت بها .. في لحظة براءة ، لأم اشتكت إلى ربها .. في خلوتها ، عجزها ، وقلة حيلتها . كادت أن تفلت منها ابــــــتسامة ، في أجـــــــواء الأسى هذه ، حــــــــــين تذكرت قولتها القديمة لأمها : " ماما .. لما أكبر أصير دكتورة ، وأكشف عليك " . أحست أن هذه الأمنية ، صارت أكثر إلحاحاً .. الآن ، لتكون حقيقة . شريط الذكريات انقطع فجأة ، على صوت ممرضة تزيح ستارة غرفة الفحص ، وهي تدفع سريراً بعجلات .. وتقول :
- " يا الله ماما ، نروح القسم ، فيه تنويم " .

تناظروا فيما بينهم . الأب لزم الصمت ، أما عائشة فاصطنعت ابتسامة ، لتشجع والدتها على النهوض ، وصارت تهز رأسها ، وتشير إلى السرير الذي تمسك به الممرضة . أدركت والدة عائشة أن صمت زوجها ، ينطوي على موافقة ضمنية على رأي ابنتها .. بالاستجابة للممرضة . أصلحت من ملابسها ، ونهضت واستقرت على السرير .
دفعت الممرضة السرير باتجاه باب خشبي من درفتين ، لونه أزرق فاتح ، بمستطيل زجاجي .. يمتد عمودياً وسط كل درفة . من خلال الزجاج ، يبدو ممر طويل ، يلمع بلاط أرضيته البلاستيكية ، من شدة النظافة . حين انطبقت درفتا الباب ، لحظة تجاوزوه .. اختنقت الأصوات ، التي كانت تملأ قسم الطوارئ ، فخيّم الهدوء ، إلاّ من وقع أقدام ، لرجل يسرع الخطو ، في آخر الممر .
نحيب أم أحمد المتقطع ، صار هو الأعلى ، مع ابتعاد وقع خطوات الرجل . صار صوتها كذلك ، يرتفع احتجاجاً ، فيدوي في المكان.. معترضة على ذهابها لقسم الولادة . الممرضة التي يبدو أنها قد تأثرت بحالتها النفسية ، وشاهدت انفعال الدكتور فيصل في حديثه معهم ، أشفقت عليها ، وسعت لتهدئتها .. بعــــبارات من نوع : " ماما .. ليش فيه خوف .. كله بسيط ، هذا فيه بنج ، ما فيه ألم . إن شاء الله .. الله يخلي ولادة طبيعي " .

كانت الممرضة ، أثناء حديثها مع أم أحمد ، تربّت على كتفها بهدوء ، أو تضع كفها على جبينها . حديثها اللطيف ، ولمساتها الحانية ، جذبت انتباه عائشة ، فاختلست نظرة إلى بطاقتها الشخصية ، المعلقة على صدر معطفها . استطاعت أن تلتقط اسمها الأول : روزماري . أثار الاسم فضولها :
- ( سستر ) .. أنتِ من أندونيسيا ..؟
ردّت بابتسامة :
- " لا ... أنا فلبين " .
فاجأها الرد . كأنما كانت تتمنى أن تكون من أندونيسيا ، رغم أن ملامحها ، واسمها لا يدلان على ذلك . في ذهنها .. ارتبطت اندونيسيا بالإسلام ، والفلبين بالمسيحية . همست لنفسها : " من الفـــلبين .. ليست مسلمة ، تعاملها طيب ، يا الله .. خسارة " .
أبقت في نفسها أملاً .. أن تكون من مسلمي الفلبين ، لكنها استحت أن تسألها عن دينــها ، وأحست بحاجز نفسي ، انتصب بينهما ، يمنعها من استمرار التواصل معها .. حين داخلها شك بأنها مسيحية . لا تدري لماذا ينتابها مثل هذا الشعور .. مع غير المسلمين ، رغم أنها ، ليست المرّة الأولى ، التي تقــابل فيها شخصاً غير مسلم ، بأخلاق حسنة . كما أنها .. تصادف حالات كثيرة ، لا يكون تعامل المسلمين فيها جيداً . هذا الوضع ، سبب لها إرباكاً ، وشعوراً بالإحباط . إنها حاجتنا أن ننسجم مع إيماننا وقناعاتنا ، وأن ننفر من التناقض : أليس التعامل الحسن ، خلقاً إسلامياً ؟ .

كانت سارحة ، تقلب في ذهنها معنى اسمها : ( روزماري ) .. وتود لو سألتها ماذا يعــــــني . ربما يفصح ذلــــــك عن دينها .. الذي ما زالت في شك منه ، وقد يفسر لها .. كما تعتقد ، علاقة ذلك ، بسلوكها اللطيف .. دون أن تتعرض لحرج السؤال المباشر . عزّت نفسها بخاطر آخـر : " حتى لو لم تكن مسلمة .. تعاملها طيب " . قطعت عليها الممرضة أفكارها ، حين بادرتها :
- " ليه ماما .. فيه خوف من ولادة " ..؟
- " لا .. ماما ما فيه خوف . ماما ما تبغى دكتور رجال يسوّي ولادة " .
فتحت عينيها بدهشة .. وقالت :
- " بَسْ ..! ما فيه مشكلة ، أنا أكلم دكتورة " .

كانوا عند مدخل قسم الولادة .. ووضع أم أحمد النفسي قد ازداد سوءاً ، حين طلبت منهم الانتظار ، لتتولى بحث الأمر . عائشة ووالدها التزموا الصمت ، لكن والدتها ، صارت تلهج بالدعاء لها بالجنة ..! سحبت الممرضة الملف ، المعلق بذراع السرير المعدني ، وأسرعت إلى مكتب رئيسة جهاز التمريض .
أبو أحمد علق مازحاً .. ليخفف عنها ، ويضفي جواً من المرح :
- تدعين لها من قلب .. يا أم أحمد ، تراها مسيحية .. كأنك تغيرت ..!
لم ترد .. لكنه أضاف باسماً :
- أيّام إعصار ( كاترينا ) ، لما كنت تدعين على الأمريكان ، بالموت والغرق ، كنت لما أقول لك : مساكين .. ما لهم علاقة بــ ( بوش ) وحكومته الملاعين ، قلت لي : خلهم .. كفار ، يستاهلون ..!
- الأمريكان يكرهوننا .. أنت ناسي إني ما دعيت عليهم ، لأنهم كفار ، لكن لأنهم يسجنون الشباب السعوديين في غوانتانامو .. ويقتلونهم ، ثم يقولون إنهم انتحروا .. وبعدين الممرضة هذي طيبة .. ما علي منها ، دينها لها ، أنا يهمني التعامل الطيب !
استمر في مشاكستها ، بأسلوب ، لا يخلو من الدعابة والاستفزاز :
- ما شاء الله .. هذا شيء جديد ..!
- لا .. أنا سمعت الشيخ في صلاة التراويح .. في رمضان ، يقول إن الإسلام يأمر بالإحسان ، والتعامل الطيب مع الكفار ، الذين لا يأتي منهم ضرر أو أذى .
- الله يجعلها سبب خير ..

أقـــبلت الممرضة تحمل الملف معها . كانت تمشي بسكينة ، دون انفعالات ظاهرة على وجهها . حين اقتربت ، قالت بهدوء .. وهي تعيد الملف إلى مكانه :
- " خلاص ماما .. ما فيه دكتور رجّال ، دكتورة ميمونة يسوّي ولادة " .
صرخت أم أحمد من المفاجأة ، وصارت تردد : " يا بعد عمري ، يا بعد عمري " ، ثم التفتت إلى ابنتها :
- إيش اسمها يا ( عيّوش ) ..؟
- روزماري ..
- يا بعد عمري يا روز ..

ابتسمت الممرضة ، وهي تدفع السرير إلى داخل القسم .. من رد فعلها الشديد . كانت تراقب أم أحمد ، وقد تحول وجهها من قطعة أسى مغموسة بالدمع ، إلى مساحة من البهجة . يتطاير الفرح من كل قسماته ، وتومض في وسطه ابتسامة ، افتر عنها ثغرها المرصع بثناياها البيض .. المتراصة بانتظام . أدركت أن هذه الفرحة الكبيرة ، كانت بسبب ما قامت به ، من أجل أن تتولى توليدها طبيبة . لم تزد على أن ابتسمت ابتسامة خفيفة ، ورمقتها بنظرة رضا ، ثم طلبت من زوجها أبي أحمد ، أن يبقى في غرفة انتـــظار جانبية ، لأنه ليس مسموحاً للرجال ، من غير العاملين ، بتـــجاوز هـــذه المنطقة .
فرحة أم أحمد ، بما فعلته الممرضة من أجلها ، لم تقف عند حـــــــــد الدعاء لها ، والتعبير عن شكرها العميق ، لما قامت به .. أو حتى القبلة العنيفة ، التي طبعتها على خدها . ثمة امتنان يتوارى في اللاوعي ، ترغب في ترجمته إلى ســـلوك واعي .. قـــــالت لعائشة :
- اسأليها .. عن معنى اسمها . إن الله رزقني بنيّة ، لأسميها عليها .
ضحكت عائشة ، ونقلت للممرضة ، التي كانت تجهز سرير التنويم .. ما تقوله أمها . ابتسمت الممرضة ابتسامة عريضة وقالت ببهجة واضحة :
- " روزماري .. أووه هذا ( كريستيان نيم ) ..!

لم تكن لغة عائشة الإنجليزية .. تسعفها ، لتفهم ماذا تقصد ، وكانت على وشك أن تسألها توضيحاً لكلامها ، عندما دخلت امرأة منقبة ، ترتدي معطفاً أبيضاً . فهمت عائشة ووالدتها ، من مخاطبة الممرضة لها بالدكتورة ، أنها قد تكون طبيبة من قسم الولادة . عرفت بنفسها :
- أنا الدكتورة ميمونة .. مناوبة الليلة في قسم الولادة .. أنت ستكونين مريضتي وتحت متابعتي .
- يعني أنتِ التي ستولّدينني يا دكتورة ..؟
- نعم .. الدكتور عبد العزيز ، كبــــير الأطباء ، كان في الطوارئ ، وأتصل بي ، وطلب مني أن تكوني مريضتي .. كأنه ألمح إلى وجود مشكلة .
خجلت أن تتحدث عن حالتها .. ولم ترد . نظرت عائشة إلى أمها ، تستأذنها بالــكلام :
- أمي يا دكتورة ، عندها مشكلة مع الأطباء الرجال . حالتها النفسية تسوء ، إذا كشف عليها طبيب . كانت على وشك أن تنهار ، لمّا رفض طبيب في الطوارئ اسمه فيصل ، أن تتولى توليدها دكتورة ، وقال ما فيه طبيبات ..
- حصل خير . الممرضة روز شرحت حالتها لرئيسة الممرضات في القسم ، وهي بدورها اتصلت على الطوارئ ، وصادف وجود كبير الأطباء ، مع الدكتور بشير ، وتم تكليفي بمتابعة حالتها .
قاطعت الأم ، وسألت بلهفة :
- يعني أكيد يا دكتورة .. دكتور فيصل هذا ما له علاقة ..؟
- الدكتور عبد العزيز ، كبير الأطباء ، هو صاحب القرار .. وهو إنسان رائع ، ومن خيرة الأطباء السعوديين .. ويتفهم مثل هذه الحالات .

أخبرتهم الطبيبة أن دلالات الفحص الأولى ، تشير إلى أن الولادة لن تكون طبيعية ، وأنها قد تحتاج إلى عملية قيصرية ، خاصة وأن الأشعة فوق الصوتية تبيّن ، ولكن بشكل غير مؤكد ، أنها قد تكون حاملاً بتوأم . ثم أضافت ، موجهة الحديث لعائشة :
- قد تتأخر ولادتــــها عدة ساعات .. ستكون تحت المراقبة ، ولن تكون بحاجة لمرافق . خذي من الممرضة رقم هاتف القسم ، ورقم التحويلة .. واتصلوا في الصباح للاطمئنان ، وعندما يحين موعد الزيارة بعد الظهر ، تستطيعون الحضور .

عادت عائشة ووالدها إلى البيت . حينما رجعت الظهر من المدرسة ، كان الخبر السار بانتظارها . في غرفتها وجدت على وسادتها رسالة من والدها : ورقة بيضاء ، رسم عليها شكلاً لوجه يبتسم ، وتحته كتب هذه العبارة : " انضم اليوم عضوان إلى ( قبيلتنا ) " . فهمت الرسالة : أمها ولدت توأم . هذه واحدة من دعابات والدها ، الذي قال مرّة ، لما ذهبوا إلى أحد المطاعم ، ولم يجدوا مقاعد كافية لجميع أفراد العائلة .. أنه في المستقبل ، سوف يـــفتح مطعماً ، ويغير قــــسم العائلات ، إلى قسم ( القبائل ) .
لم تسعها الفـــرحة . أخذت تقفز ، وتدور حول نفسها .. وتدندن . اتجهت إلى الهاتف ، واتصلت بالمستشفى . جاءها الرد ، فطلبت التحويلة .. ثم تتابع الرنين عدة مرات ، دون إجابة . كررت الاتصال أكثر من مرّة ، وفي المرّة الرابعة ، سمعت صوتاً مختلفاً على الطرف الآخر .. سألت :
- ممكن أكلم أم أحمد ..؟
- فيه واحدة في السرير الثاني .. اسمها مها ، هل هي التي تقصدين ..؟
- نعم ..
- نائمة ..!

أغلقت الخط ، واستبد بها قلق . أخذت تحدث نفسها .. مترددة : هل تتصل بوالدها ، أو تنتظر وصوله ؟ لا تدري هل هو الخوف على أمها ، أم الفضول .. هو ما يلح عليها بالاتصال . لم يطل ترددها ، فالتقطت جوالها واتصلت . فوجئت بأنه مغلق . نظرت إلى ساعتها ، وقالت .. وهي تهز رأسها : " وقت الصلاة " . اعتاد والــدها أن يغلق جوّاله ، وقت الصلاة . رأت أن تنتهزها فرصة ، لتغير ملابس المدرسة ، وتصلي .. ثم تعاود الاتصال بوالدها . سيكون وقتها ، قد فرغ من الصلاة ، وأعاد فتح جواله . كانت قد انتهت من صلاتها ، حين دق جوالها بنغمة مميزة . همست في سرها : " هذا البابا " .. ردت مازحة :
- أهلاً بشيخ ( القبيلة ) ..!
- يا لعّابة ..
قالها وهو يغالب الضحك .
واصلت معابثتها له :
- كيف حال حرمكم المصون .. أيها الأمير ؟
- أنا في الطريق . سوف نتناول غداءنا ونذهب . كلمتُ والدتك الصباح .. ولادتها قيصرية ، وهي طيبة ، لكنها في ورطة ..!
ردّت بوجل :
- بسْم الله عليها .. عسى ما شر ؟!
- أبداً .. صحتها جيدة ، لكنها متورطة .. بالعهد الذي قطعته على نفسها .
- أي عهد ..؟
- بأن تسمي واحدة من البنتين ، على الممرضة روز ماري ..
- يعني التوأم بنتين ..؟ دم .. دم يلاللىّ ..!

جالت في البيت ، على إخوانها وأخواتها ، تغني وتهزج ، تبشرهم بولادة أمها لتوأم :
- ولدت أمي بنتين جميلتين .. مثل القمر .

اتصلت بخالاتها وعماتها وبناتهن ، وأرسلت رسائل جوال لعدد من الصديقات . خلال ربع ساعة ، كان الخبر قد انتشر ، مثل نور القمر ، على حد تعبيرها .. بين دائرة كبيرة ، من الأقارب والأصدقاء . حين وصل الأب ، تناولوا غداءهم بسرعة ، ثم انطلقوا إلى المستشفى ، يرافقهم الابن الأكبر أحمد .. الذي يصغرها بما يزيد قليلاً .. عن العام . تداولت هي وأحمد في السيارة ، أثناء الطريق .. أسماء كثيرة . في الأخير علق والدهما :
- اختاروا اسماً واحداً فقط . والدتكم جادة في تسمية واحدة من البنات ، على الممرضة .

وصلوا المستشفى قبل بداية موعد الزيارة بخمس دقائق . مسؤول الأمن كان واقفاً بالباب ، يمنع الدخول قبل بدء الموعد تماماً . رفض قطعياً طلب والدها ، استجابة لتوسلاتها .. بأن يسمح لهم بالدخول ، وكان حازماً :
- النظام يا الطيب .. ما فيه دخول قبل الموعد .

كانوا في مقدمة الزوار المنتظرين ، عند باب المستشفى ، ولحظة فتح رجل الأمن الباب ، وضعت علبة الشـــوكلاته في يد أحمد .. شقيقها ، واندفعت مثل السهم ، إلى الداخل . تبسم والدها ، وهو يراها تهرول نحو المصعد ، وكتم ضحكة ، وهو يسمع تعليق شقيقها : " بابا .. أوقف المهبولة هذي " .
في الغرفة .. التفوا حول سرير الوالدة ، وكان التوأم في حاضنة إلى جانبها . الدعوات بالسلامة ، والتغزل بحلاوة البنتين وجمالهما .. والتعبير عن الدهشة بقدوم التوأم ، اختلط بأصوات أخــرى ، داخل الغرفة . كانوا أول الواصلين إلى قســــم الولادة .. الأطباء والطبيبات لم ينهوا بعد ، جولتهم الإعتيادية على مرضاهم . عائشة كانت الأكثر انفعالاً بالحدث . أخذت تحاول أن تخرج إحدى البنتين ، لتحملها بين يديها ، ووالدتها تصرخ عليها .. لتمنعها ، وتؤكد أن التعليمات تمنع إخراجهما من الحاضنة . في هذه اللحظة انزاحت الستارة ، التي تفصل بين أسِرّة المريضات ، ودخلت الطبيبة . ألقت السلام ، وقالت :
- الحمد لله .. العملية كانت سهلة يا أم أحمد ، والبنات حالتهن ممتازة .. ومثل الأقمار ، ما شاء الله .. تبارك الله .
ردّت أم أحمد .. ووهج ابتسامة يكسو وجهها :
- جزاك الله خيراً يا دكتورة ميمونة .. جهدك ودورك ما ينكر .
- أبداً .. لم أقم إلا بالواجب . بالمناسبة .. هل سمّيتوا الحلوات ..؟
تبادلوا النظرات .. ثم قالت أم أحمد ، وقد برقت عيناها :
- واحدة منهن .. خلاص ، اتفقنا نسميها ميمونة ..
قالتها .. والتفتت إلى الجانب الآخر من ا لسرير ، حيث يصطف زوجها وأولادها .. وغمزت لهم بعينها . لمعت عينا الطبيبة بالسرور من خلف نقابها .. وقالت بامتنان :
- والله .. ؟ هذا شرف كبير لي ..!
عائشة التقطت طرف الحديث ، وقالت :
- اسمك محل اتفاق يا دكتورة .. لكن الوالدة ، تريد أن تسمي البنت الثانية على الممرضة روز ، لكنها محرجة ، لأن الاســــــم غير عربي .. وغريب . وأتذكر إني لما ســـــــــألت الممرضة عنـــــــــه ، قـــــــالت إنـــه " كريستيان نيم " .. ولم أفهم قصدها ..!
- أووه .. قصدك الممرضة روز ماري . صحيح اسمها مسيحي .

نظرت أم أحمد إلى زوجها ، الذي كان قد رفع حاجبيه بتعجب .. كأنما يريد أن يوصل لها رسالة . فهمت حركة وجهه : الاسم ليس غير عربي فقط ، بل له دلالات غير إسلامية .. كذلك . بدت على وجهها أثار الخيبة ، ولم تعلق . عائشة بادرت ، لكي تنقذ الموقف .. فــــسألت الطبيبة ، إن كانت تقترح اسماً آخر . الطبيبة .. التي رأت الإحباط في وجه الأم ، وأدركت رغبتها في التعبير عن امتنانها للممرضة . إضافة إلى إحساسها العميق هي شخصياً ، بالعرفان لها ، بتسميتها إحدى بناتها عليها .. أرادت أن تتخذ موقفاً مسانداً لرغبتها .. فقالت :
- هناك حـــل وسط ، تتحقق من خلاله رغبة أم أحمد . نأخذ نصف اسم الممرضة روزمــاري ، وتسمون البنت مارية ، تيمناً باسم زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم ، مارية القبطية .
وقع الاقتراح في نفوسهم جميعهم ، موقعاً حسناً ، ظهر على أسارير وجوههم ، التي انفرجت ، وعبّرت أم أحمد عن ذلك ، بشعور تلقائي :
- والله إنك يا دكتورة وجه خير .. وميمونة على اسمك ..

خرجت الدكتورة ، بعد أن أملت عليها عدداً من التعليمات ، بخصوص حالتها الصحية . أكدت على وجوب الالتزام ببرنامج دوائي ، لعلاج التهاب بكتيري ، أظهر الفحص المخبري وجوده ، في عنق الرحم .. ثم قالت في ختام حديثها :
- الالتزام بأخذ الدواء ، كما هو محدد .. مهم . الإهمال قد يؤثر في قدرتك على الإنجاب .. وبالمناسبة ، ممنوع الحمل ، قبل 3 سنوات .. على الأقل ، لأن ولادتك قيصرية .
بعد أن أنهت حديثها ، مالت عليها عائشة ، وهمست في أذنها . فتناولت القلم من جيب معطفها ، وانتزعت ورقة من دفتر الوصفات الدوائية ، وكتبت فيها ، ثم أعطتها إياها .
عندما خرجت ، وأغلقت الستارة خلفها ، التفتت عائشة إلى والدتها مبتسمة ، دون أن تفصح عن الذي دار بينها وبين الطبيبة .. وقالت :
- ولا يهمك .. إذا حملتِ بعد 3 سنوات ، أكون قرّبت أتخرج من كلية الطب . وقتها .. أنا سأشرف على الولادة .
ابتسمت أم أحمد وأبو أحمد . أما أحمد ، الذي اعتاد على مناكفة أخته ، فقد عبر عن سخريته ، بطريقته الخاصة ، حين أخرج لسانه ، وقال : " بالمشمش " . لم يعجب أم أحمد تعليق أحمد على كلام شقيقته .. فقالت :
- إذا كانت تريد أن تكون مثل الدكتورة ميمونة .. أنعم وأكرم .

انطلقت بعدها أم أحمد ، تثني على الدكتورة ميمونة ، وعلى التزامها وأخلاقها . وصــــفت بكثــــير من الإعجاب ، كيف أن الفريق الذي كان معها في غرفة العمليات ، كله من النساء ، بما في ذلك طبيبة التخدير . حديث أم أحمد عن الدكتورة ميمونة ، والفريق النسائي العــــامل معها ، يمثل تحولاً كبيراً في موقفها . بقدر ما كان يعذبها ، اضطرارها للّجوء إلى أطباء رجال للفحص أو العلاج ، كانت تنفر كثيراً من فكرة شائعة ، عمّا يــدور في المستشفيات من اختلاط ، بين الرجال والنساء ، من أفراد الطاقم الطبي .. يتجاوز حدود الحاجة ، إلى ما تسميه إحدى صديقاتها : " قلة الحياء " .
لم تكن عائشة تحتاج أكثر من ثناء أمها على الدكتورة ميمونة ، لتزداد إعجاباً بها ، ويزيد تعلقها بشخصيتها . كلام أمها ، حمل أيضاً ، موافقة ضمنية على دور للمرأة ، كانت ترفضه ، وتتوجس منه ، بل وتعتبره كذلك معيباً .. وتدعو الله أن يحفظها منه . لا تذكر كم من المرّات ، قالت أمها : " بسم الله عليك " ، حينما تفصح عن أمنيتها بأن تكون طبيبة . جاء كلام أمها عن الــدكتورة ميمونة ، ليعزز الحلم الأمنية ، ويمنحه دافعاً و شرعية .

عام مضى . البنتان التوأم كبرتا ، وأصبحتا قمرين حقيقيين . ليس جمالهما ورقتهما ، هو ما يجعلهما موضوعاً لحديث أهل البيت المستمر .. بـــل اسماهما أيضاً . اسم مارية ، ما يفتأ يذكّر الأم ، بمعاناتها مع الأطباء الرجال ، وبتلك الليلة بالذات ، وذلك القدر الجميل ، الذي ساق الممرضة روزماري لتتدخل ، وتضع نهاية سعيدة ، لليلة امتلأت بالعناء . أبو أحمد ، يتأمل طفلتيه ، ويتذكر بمرارة الدكتور فيصل ، وخيبته في طبيب سعودي ، توقع أن يـــكون أكـــــثر تفهماً من غيره . ما زال غير مدرك ، لماذا تقف بعض النخب ضد أهلهم ومجتمعهم ..؟ أمّا عائشة فلها شأن آخر . لقد نجحت هذا العام من الثانوية العامة بتقدير ممتاز ، وبمعدل فوق 95% . اسم أختها ميمونة .. التوأم الأخرى ، أقرب إلى قلبها ، ولا يكاد يغادر ذهنها . ليس لسبب معين ، لكنها تستذكر بكثير من الأمـــل ، من خلال اسم أختها ، الدكتورة ميمونة .. لتعزز حلمها وأمنيتها ، بأن تكون طبيبة . خاصة أن أمها تحمل للطبيبة شعوراً ايجابياً ، وذكريات طيبة . قالت مداعبة والدتها ، بشيء من المكر :
- يعني يا ماما ، أنـــــت ما تذكرك أختي مارية ، إلا بالممرضة روز ..؟ طيب ميمونة .. ما تذكرك بالدكتورة ميمونة .. أو مالها فضل ..؟
- يا حبي لها الدكتورة ميمونة .. الله يكثر من أمثالها ..
- أنت جادة يا ماما .. ودّك إن الله يكثر من أمثالها ..؟

نظرت الأم إلى ابنتها ، نظرة تعجب ، وشعرت أنها تخفي شيئاً ، وتهدف من استثارتها بهذه الطريقة ، إلى الوصول إلى أمرٍ ما . وقفتها الغريبة زادت من حيرتها . عائشة .. كانت تضع يدها خلف ظهرها ، ثم فاجأت أمها بإبراز ما كانت تخفيه ، وقالت :
- حبيبتي ماما .. هذا إشعار نجاحي من الثانوية . نسبتي تؤهلني لدخول كلية الطب . ما تبغيني أكون مثل الدكتورة ميمونة .. أحل مشكلتك ، ومشاكل كثير من الأمهات أمثالك ..؟

لم تجد الأم ما ترد به على ابنتها ، سوى أن تقول لها ، أن الأمر بيد والدها . ردّت عائــشة ، على اعتذار والدتها ، وربطه بقرار والدها وموافقته ، بأنها هي ، وليس غيرها ، من يستطيع أن يقنعه ، إن كانت هي موافقة .. ومقتنعة بالهدف ، الذي تسعى من أجله ، لتكون طبيبة . ردت والدتها :
- ما عندي مانع أكلم الوالد . صحيح أنا بعد التجربة الأخيرة .. وموقف الدكتورة ميمونة ، صرت أقدر الحاجة ، لأهمية وجود طبيبة لعلاج النساء ، خصوصاً من هم مثلي . لكني .. أيضاً تهمني مصلحتك ومستقبلك ، وخائفة عليك ..!

انشق ثغر عائشة عن ابتسامة عريضة ، فقذفت بإشعار النجاح من يدها ، وقفزت في الهواء .. وهي تردد صيحات فرح .. ثم اتجهت إلى أمها وضمتها :
- يا عــــمري ، يا أحلى ماما . إن شاء الله إني أكون عند حسن ظنكم . أنا قلت لها ، إنك لن تخذليني ..!
لم تفهم والدتها قصدها ، لكن عائشة نظرت إلى ساعتها ، ثم سارعت وأخرجت من جيبها ، ورقة وصفة دوائية ، مدون عليها رقم . أخذت تتصل به .. وهي تقول بصوت مسموع : " إن شاء الله الوقت مناسب " :
- السلام عليكم .. دكتورة ميمونة ، كيف حالك ؟ أنا عائشة ، أخت التوأم ميمونة ومارية .. عرفتيني ..؟
- وعليكم والسلام ، أهلاً .. أهلاً ، أكيد عرفتك ..
- أبشرك .. نجحت من الثانوية بمجموع مرتفع ، الحمد لله . الماما تســـلم عليك ، وتراها وافقت على تسجيلي في كلية الطب .

مدّت عائشة الجوّال لوالدتها ، التي أخذتها المفاجأة . الآن فقط .. فهمت قصة الحديث الهامس بين ابنتها والدكتورة ميمونة ، والكتابة على ورقة الوصفة الدوائية .. قبل عام ، حين مرت عليها الدكتورة بعد الولادة ، في غرفتها في المستشفى .. للاطمئنان عليها ، وإعطائها التعليمات . تحدثت مع الدكتورة ميمونة ، وكررت شكرها وامتنانها العميق لما قامت به تجاهها . اعتذرت عن ارتباكها ، لأن عائشة فاجأتها بهذا الاتصال ، الذي يبدو أنها كانت تخطط له منذ زمن .. وأختارت له ، لحظة حاسمة مثل هذه . تحدثت كذلك ، عن توأمها الجميل .. وكيف أن اسميهما زاداهما حلاوة ، ملمحة إلى اسم الدكتورة .

الدكتورة ميمونة شكرتها على تأييدها لرغبة ابنتها عائشة ، في دراسة الطب ، ووعدت أن تقف معها وتساندها ، أثناء دراستها في الكلية . تمنت أيضاً ، أن تزورها في المستشفى ، ومعها توأمها مارية وميمونة .. لتراهما :
- لقد شوّقتني لرؤية سَميِّتي ميمونة ، وتوأمها الأخرى .. الأَمّورة مارية . أنا متأكدة أن روزماري ستفرح بهما كثيراً . بالمناسبة ، فهي ممتنة جداً ، لتسميتك مارية عليها ، وقد ترك ذلك انطباعاً جيداً لديها.

انتظمت عائشة في دراستها في كلية الطب . البيت كله صار يؤيدها ويساندها . أمها الرافضة الخائفة ، خصصت لها غرفة خاصة في البيت . الوالد المتردد ، صار يطوف على المكتبات ، يوفر لها الكتب والمراجع . أما شقيقها أحمد ، الذي كان كل ما تفعله وتحلم به أخته ، محل استهزاء وسخرية منه .. فقد أصبح مصدراً رئيساً ، لدعم لم تكن تتوقعه .
أحمد صار متابعاً منتظماً لمنتديات الإنترنت . لا يمر يوم أو يومان ، إلا ويزود عائشة بأوراق ، طبعها من بعض منتديات الانترنت ، بعضها يتكلم عن أهمية دعم عمل المرأة في القطاع الصحي ، لتخدم بنات جنسها ، وأخرى عن وجوب توفير بيئة مناسبة للطالبات في الكلـيات الطبية ، والعاملات في القطاع الصحي .. تمنع التحرشات والمضايقات ، التي قد تقع عليهن . أكثر ما لفت نظرها ، كتابات لصاحب معرّف ، في أحد منتديات الانترنت الشهيرة ، رمز لنفسه باسم " شهاب الإسلام " . كانت كتابات شهاب الإسلام ، تفيض حَمَيّة وحماساً ، في الدفاع عن حــــــــــق المرأة ، بأن يتولى علاجها وتطبيبها ، امرأة مثلها ، وضرورة وجــود بيئة عمل ( نظيفة ) في المستشفيات ، تؤدي المرأة العاملة فيها ، وظيفتها ورسالتها .
في سنتها الأولى في الكلية ، مثلت لها هذه الكتابات ، بالإضافة إلى ما تلقاه من دعم أهلها .. سنداً معنوياً غير عادي . خاصة .. وأن والديها تعرضا لانتقادات كثيرة من أقارب ومعارف ، لسماحهم لابنتهم بالدراسة في كلية ( موبوءة ) بالاختلاط ، كما يقولون . أو بتعبير إحدى قريباتهم : " ريحتها فايحة " ..!
جارتهم .. وهي امرأة متعلمة ، كثيراً ما تفخر بأن زوجها رجل الأعمال ، يملك مركزاً طبياً ، كل العاملات فيه من النساء . قالت لوالدتها مرّة ، على مسمع جمع من نساء ، كن مجتمعات عندها .. في إحدى المناسبات ، أن آخـــــر شيء كانت تــــتوقعه ، هــــو أن ( تفرط ) أم أحمد بأخلاق ابنتها عائشة ، وتسمح لها بدخول كلية الطب . كاد كلام المرأة يصيبها بيأس . هل هذا رأيها ، أم موقف سببه الغيرة . لأنها قبلت في كلية الطب ، ولم تقبل ابنتها . كانت تتوقع .. بحكم نشاط زوجها التجاري .. الذي له علاقة بطبيعة دراسة الطب ، أن تكون أكثر إدراكاً من غيرها ، لحاجة المرأة ، لامرأة مثلها ، تتولى علاجها . " قليل من الناس من يتخلى عن هواه وحظ نفسه ، ويتجرد لذات المبدأ " .. همست لنفسها .

نجاح عائشة المميز ، في عاميها الأوّلين في الكلية ، رغم الصعوبات ، وتحقيقها نتائج ممتازة في سنتها الـثالثة .. عزز من موقفها ، وزاد ثقتها بنفسها . صارت الكلية ، خياراً لا رجعة عنه ، وحملات التثبيط ، وموجات الإحباط .. أصبحت تاريخاً ، تتأمله بكثير من السخرية . ليس هذا فحسب ، بل غدت جزءاً مهماً ، من نشاط تجمع طالبي ، يقوده عدد من الطالبات ، يسعى لدعم استقلالية المرأة ، ضد سياسات تهدف لاستغلالها ، وتوظيفها في ( أجندات ) خاصة .. كما ذكرت مرّة ، في نقاش لها مع والدها .
لم تعد الكلية ، يوم دراسي طويل .. ممل ومضنٍ . على مائدة الأكل .. في نهاية الأسبوع ، صار مألوفاً ، أن تتوقف عائشة عن تناول طعامها ، وترد على اتصال هاتفي من زميلة ، وتكرر عبارات من نوع : نكافح ، نناضل ، ننتزع حقوقنا . لم تفهم والدتها ، ماذا تعني بالضبط ، حين سمعتها ذات مرّة تقول ، في واحد من حواراتها على الهاتف ، مع صديقة لها من الكلية : " أرأيت كيف بدا زميلنا التافه اليوم ، حينما تصرفنا معه بأسلوب ، أدرك من خلاله أن المرأة .. وطالبة الطب خصوصاً ، ليست ( لحماً معروضاً ) .. يتذوقه بعينه أو بكلامه ..! " . كلامها كان مثيراً للاستفهام .. فاستفسرت منها . أخبرتها ، أن زميلاً لهن " استخف دمه " ، على حد تعبيرها .. فأوقفناه عند حدّه . كانت واثقة أن ابنتها تسير في الطريق الصحيح . همست في سرها : " أنا فرّطت بأخلاق بنتي ..؟ يا حبي لك والله .. يا عيوش " .
صورة العضو الرمزية
...|زمردة|...
مشاركات: 2487
اشترك في: الاثنين ديسمبر 18, 2006 7:16 pm

رد: الجزء الثاني

مشاركة بواسطة ...|زمردة|... »

بارك الله بكم شكراً لكم على مجهودكم الطيب


موضــوع متميــز
صورة
.....مخنوٍقة يمّـه، وٍ أحس الخنقة هدّتنـيْ . . !
....مكسوٍرٍقلبيْ . . وٍ ع'ـَينيّ مدرٍي وٍش فيهآ !
وٍ دموٍع'ـَيْ آلليْ غ'ـَصْب ع'ـَن ع'ـَينيْ بگتنيّ. .
....ملّيت أغ'ـَمّض جفوٍنيّ { . . لجل أدآرٍيهــآ !

أضف رد جديد

العودة إلى ”القصص والحكايات“

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائر واحد