الشفاعة في الإسلام
أما الشفاعة اصطلاحا:السؤال في التجاوز عن الذنوب ، أي عبارة عن طلبه من المشفوع إليه أمرا للمشفوع له، فشفاعة النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) اوغيره عبارة عن دعائه الله تعالى لأجل الغير وطلبه منه غفران الذنوب وقضاء الحوائج ، فالشفاعة نوع من الدعاء والرجاء .
الشفاعة في القران الكريم:
جاء ذكر الشفاعة في كتاب الله العزيز في كثير من الموارد منها :
1- قال تعالى : {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً }مريم87
2- قال تعالى : {يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً }طه109
3- قال تعالى : {قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }الزمر44
4-قال تعالى : {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }الزخرف86
أوصاف وتعريفات الشفاعة :
1- كفر النعمة: جاء في قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ }البقرة254
إذ المنفي هنا استحقاق الكافرين للشفاعة .
2- أتباع الشيطان: جاء في قوله تعالى :
{...يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }الأعراف53
3- المكذبون بيوم القيامة: جاء في قوله تعالى :
{فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ }المدثر48
4-الذين اتخذوا دينهم لعب ولهو : جاء في قوله تعالى :
{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }الأنعام70
5-الظالمون : جاء في قوله تعالى :
{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ }غافر18
6-المشركون :
{وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ }الروم13
الشفاعة في السنة المطهرة :
إن مسالة الشفاعة قد تختلف عن الكثير من المسائل العقائدية الأخرى ،التي كثر الكلام والجدل حولها ، في إنها جاءت بعبارة واضحة وصريحة في القران الكريم كما ورد بنفس الوضوح في أحاديث الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) وأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) واليك هذه الأحاديث :
1- عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) :
(( أعطيت خمسا لم يعطهن احد قبلي ... وأعطيت الشفاعة ولم يعط نبي قبلي ...))
2- قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (( ... فمن سال لي الوسيلة حلت له الشفاعة )).
3- قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (( ... إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي )).
4- قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (( ... اشفعوا تشفعوا ويقضي الله عز وجل على لسان نبيه ما شاء )).
5- عن انس بن مالك قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) :
(( أنا أول شفيع في الجنة ...))
المشمولون في الشفاعة :
فقد سئل الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام ) عن : المؤمن هل له شفاعة ؟ قال: (نعم ) فقال رجل من القوم : هل يحتاج المؤمن إلى شفاعة محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ؟ قال
نعم ، إن للمؤمنين خطايا وذنوبا وما من احد إلا يحتاج إلى شفاعة محمد يومئذ ) .ثانيا :المؤمنون الذين يدخلون النار :
قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) : ((إن الله يخرج قوما من النار بالشفاعة ))
الشفعاء :
هل حدد القران الكريم الشفعاء ؟ وهل اخبر عن أسمائهم أو عن صفاتهم ؟ إن التدبر في آيات القران الكريم يوضح إن الله سبحانه وتعالى لم يحدد في الآيات القرآنية الشريفة وفي آيات الشفاعة اسم احد من الشافعين ، لكن القران الكريم أشار إلى مجموعة من الصفات التي إن توفرت في احد فهو من الشفعاء بعد أن يأذن الله له في ذلك .
ونجد من خلال دلالة الآيات القرآنية الشريفة إن الأنبياء يشفعون ، والملائكة يشفعون ، والمؤمنون الصالحون يشفعون أيضا ، والعمل الصالح يشفع صاحبه كذلك .
قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (( يشفع النبيون والملائكة والمؤمنون . فيقول الجبار: بقيت شفاعتي )) .
و قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (( يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ) .والى جانب ذلك فان تعلم القران الكريم يعطي لصاحبه الأهلية لأن يشفع ، قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (( من تعلم القران فاستظهره فاحل حلاله وحرم حرامه ادخله الله به الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت له النار ...)) .
وجاء في نهج البلاغة ( انه من شفع له القران يوم القيامة شفع فيه ) .
وان العمل الصالح والالتزام بالتعاليم الإسلامية يعطي لصاحبة الأهلية لأن يشفع ، قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (( إن أقربكم مني غدا أوجبكم علي شفاعة : أصدقكم لسانا ، وأدامكم لأمانتكم ، وأحسنكم خلقا ، وأقربكم من الناس )) .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : (( الشفعاء خمسة : القران ، والرحم ، والأمانة ،ونبيكم ، وأهل بيت نبيكم )) .
وجاء عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في دعائه :
(( اللهم اجعل نبينا صلواتك عليه وعلى اله يوم القيامة اقرب النبيين منك مجلسا وأمنهم منك شفاعة ...)) .
وسنستعرض بإيجاز الآيات القرآنية الشريفة التي تعطي الدلالة الواضحة على كل صنف من أولئك الشفعاء :
أ-الأنبياء :فالآية الشريفة التالية تؤكد إن الأنبياء يشفعون قال تعالى :
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }النساء64
وفي الآية أعلاه قيود دقيقة لابد من الالتفات إليها وهي : جاء في تفسير ( إذ ظلموا أنفسهم ) أي بخسوها حقها بإدخال الضرر عليها بفعل المعصية من استحقاق العقاب وتفويت الثواب بفعل الطاعة ، وقيل ( إذ ظلموا أنفسهم ) بالكفر والنفاق ( جاءوك ) تائبين مقبلين عليك مؤمنين بك ( فاستغفروا الله ) لذنوبهم ونزعوا عما هم عليه ،
( واستغفر لهم الرسول ) أي سالت الله أن يغفر ذنوبهم ( لوجدوا الله ) أي لوجود مغفرة الله لذنوبهم .
والى جانب الآية المتقدمة فالآية التالية توضح أيضا شفاعة الرسل قال تعالى :
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً{88} لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً{89} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً{90} أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً{91} وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً }
والآية تشير إلى الرسل الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى البشر فقال الكافرون : إنهم أبناء الله ، لكن القران الكريم يصرح بأنهم عباد الله أكرمهم بالرسالة وإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى سبحانه ... وقد تنطبق هذه الآية على الملائكة فقد تكرر في القران الكريم وفي مواضع عديدة الإشارة إلى قول الكافرين والمشركين بان الملائكة بنات الله ، تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا .
ب-الملائكة :وأما شفاعة الملائكة فقد تدل عليها الآية قال تعالى :
{تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الشورى5
( ويستغفرون لمن في الأرض ) أي يسالون ربهم المغفرة لذنوبهم من في الأرض من أهل الإيمان به .
ج - المؤمنون الصالحون : وكذلك الذين شهدوا بالحق هم المؤمنون الصالحون الذين جعلهم الله شهودا على أممهم مع الأنبياء والأوصياء ، وقد جعل الله المؤمنين مع الشهداء قال تعالى : { والذين امنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم ...}
وقد جاءت الآية مؤكدة لهذه الآيات ومبينة لها ، فقد روى الصدوق بسنده عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه واله وسلم ) قوله:(( ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل فيشفعون : الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء .)) .
والحمد لله رب العالمـين
