يحكى أنه كان هناك امرأة مسنة ، وعلى مدى عامين كاملين كانت تذهب خلالهما إلى ضفة نهر بإناءين كبيرين مربوطين بعمود خشبي ويتدليان منه ، وهي تحملهما على كتفيها فتملؤهما ماءاً وتعود بهما ثانية إلى البيت ، إلا أن إحدى الإناءين يوجد به شرخ والإناء الآخر بحالة تامة وسليمة ، وفي كل مرة وعند رجوعها من النهر إلى البيت ترجع بإناء مملوء ونصف الإناء فقط بسبب وجود ذلك الشرخ في إحدى الإناءين ولمدة عامين كاملين كان هذا يحدث مع هذه السيدة المسنة.
وبالطبع كان الإناء السليم مزهواً بعمله الكامل ، أما الإناء المشروخ كان محتقراً لنفسه لعدم قدرته وعجزه عن إتمام مهمته ووظيفته وما هو مطلوب منه ، وفى يوم من الأيام وبعد عامين كاملين من المرارة والإحساس بالعجز والفشل تكلم الإناء المشروخ مع السيدة العجوز قائلاً " كم أنا خجل جداَ من نفسي لأني عاجز عن إيصال الماء كاملاً بسبب شرخي وتسرب الماء على الطريق عند الرجوع للمنـزل" عندها ابتسمت المرأة العجوز وقالت: "ألم تلاحظ الزهور التي على جانب الطريق من ناحيتك وليست موجودة على الجانب الآخر؟".
أنا أعلم تماماً عن الماء الذي يُفقد منك ولهذا الغرض غرست البذور على طول الطريق من جهتك حتى ترويها أنت في الطريق أثناء عودتنا للمنزل" ولمدة عامين متواصلين كم أنا قطفت من هذه الزهور الجميلة لأزين بها منزلي" ولو لم يكن بما أنت فيه ، ما كان لي ولا لغيري أن نجد هذا الجمال من الزهور لنزين به منازلنا كلٌ كل لديه ضعفه ، فالشروخ والضعف دائماً تضع الحياة وحياة الآخرين متكاملة ومتداخلة ببعضها البعض وبطريقة عجيبة ومثيرة ، يجب تقبل بعضنا البعض على ما نحن فيه على الجميع منا عدم الشعور بالعجز أو النقص ولا النظر إلى ما هو أرفع وأعلى منا ، بل يجب النظر إلى هو أصلح وأنفع وأحسن للحياة ، حيث يوجد هناك فيها من هو في حاجة إلى المعروف والإحسان.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ، ودمتم بصحة وعافية وسلام ، ولا نسونا من صالح الدعاء.
خالص تحياتي