ثواب من مات منتظراً :
رُوِيَ عَنِ الإمام الرِّضَا ( عليه السَّلام ) ، عَنْ آبَائِهِ ( عليهم السلام ) أنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : " أَفْضَلُ أَعْمَالِ أُمَّتِي انْتِظَارُ فَرَجِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ
وَ رَوَى السِّنْدِيُّ عَنْ جَدِّهِ ، أنَّهُ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) : مَا تَقُولُ فِيمَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ ، مُنْتَظِراً لَهُ ؟
قَالَ : " هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِمِ فِي فُسْطَاطِهِ " .
ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْئَةً ، ثُمَّ قَالَ : " هُوَ كَمَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) "
قَالَ : " هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِمِ فِي فُسْطَاطِهِ " .
ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْئَةً ، ثُمَّ قَالَ : " هُوَ كَمَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) "
وَ عَنْ عَلَاءِ بْنِ سَيَابَةَ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) : " مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مُنْتَظِراً لَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْقَائِمِ ( عليه السَّلام ) " [4] .
سِمات المنتظر :
لمعرفة سمات المنتظر للإمام المهدي ( عجَّل الله فرَجَه ) لا بُدَّ لنا أولاً من معرفة معنى الانتظار و المنتظِر ، حيث أن معرفة المعنى الصحيح لهذين المصطلحين يعتبر مقدمة ضرورية لمعرفة سمات المنتظر ، و ذلك لأن الفهم الخاطيء للمصطلحين المذكورين يشكل عقبة كبرى في هذا المجال .
الفهم الخاطئ لمعنى الانتظار :
مما يؤسف له هو أن بعض الناس فهم معنى الانتظار فهماً خاطئاً حيث تصور هؤلاء بأن المراد بالانتظار هو التسليم للأمر الواقع و الرضا به أياً كان هذا الواقع ، و الوقوف أمام التيارات الفكرية الجارفة وقوف المشاهد المتفرج ، و مجارات الأحداث كيفما إتفقت دونما خشية من الإنجراف مع موجات الفساد العارمة ، بل و مسايرتها لأنها من الواقع الذي لا يمكن الوقوف في وجهه ، ضناً منهم بأنهم غير مسؤولين عن شيء أبداً ، و ليس عليهم سوى الصبر و الرضا بالواقع المُّر حتى يظهر الإمام المهدي ( عجَّل الله فرَجَه ) فهو المأمور برفع الظلم عن شعوب العالم و إقامة دولة الحق .
و الأسوأ من هذا هو ما فهمه البعض من أن معنى الإنتظار هو الامتناع عن أي عمل إصلاحي تربوي أو إجتماعي أو سياسي من شأنه إصلاح ما فسد من أمر الأمة ، أو تغيير الفاسد إلى الحَسن ، أو الحسن إلى الأحسن .
و كذلك ترى البعض يمتنع عن أي عمل استنكاري يقاوم المنكر و الفساد و الظلم ، كل ذلك بحجة أن مثل هذه الأمور سوف تؤخر قيام دولة الإمام المهدي ( عليه السَّلام ) الذي لا يظهر إلا بعد أن تمتلئ الأرض ظلماً و جوراً ، و ذلك لما ورد في الحديث عن النبي ( صلى الله عليه و آله ) أنَّهُ قال : " ... يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً " [5] ، زاعمين بأنه لا بُدَّ أن تمتلئ الأرض ظلماً و جوراً حتى يظهر الإمام ( عليه السَّلام ) فيملأها قسطاً و عدلاً !
لكن أدنى مراجعة للأحاديث الشريفة تكشف لنا أن هذا الفهم لا يتطابق مع روح الإسلام و تعاليمه البناءة ، و هو فهم خاطئ يغاير التعاليم الإسلامية و النصوص الدينية الصريحة .
الفهم الصحيح لمعنى الانتظار :
إذا راجعنا الأحاديث التي تتحدث عن الانتظار و حقيقته ، و المنتظر الحقيقي و وظيفته ، فسوف نعرف بأن " الإنتظار " إنما هو مدرسة نموذجية تصنع الأبطال المتميزين ، فتلميذها المتخرج منها بدرجة امتياز هو " المنتظِر " .
و المنتظر يتروَّض في مدرسة الإنتظار و يتربى فيها تربية كاملة تجعله يتحمل أعلى مراتب المسؤولية ، و هذه التربية تمكنه من أن يتحلى بكل صفات المؤمن الصادق الذي لا تأخذه في الله لومة لائم .
و متى استطاع هذا التلميذ " المنتظر " من إجتياز المراحل التربوية العالية و النموذجية من خلال جهاد النفس و الورع و التقوى و الأخلاق الإسلامية ، عندها يكون عبداً صالحاً مطيعاً لله و رسوله ( صلى الله عليه و آله ) و الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) ، و مقتدياً بإمام زمانه ( عليه السَّلام ) فيصح أن يُطلق عليه لقب " المنتظِر " و يكون مؤهلاً لأن يكون من أعوان الإمام المهدي المنتظَر و أنصاره ( عليه السَّلام ) حال غيبته و لدى ظهوره .
__________________